![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
من زق الدموع إلى ترنيمة الفجر في رحلة الروح، هناك مواسم تشبه الليل الطويل، حيث لا نرى سوى ظلمة الألم ، ولا نسمع سوى صوت بكائنا . إنه "مساء" النفس الذي وصفه المرنم قائلًا: " عِنْدَ الْمَسَاءِ يَبِيتُ الْبُكَاءُ، وَفِي الصَّبَاحِ تَرَنُّمٌ" (مزمور 30: 5) . في تلك اللحظة، نشعر أن كل شيء قد ضاع، وأن دموعنا مجرد قطرات ماء مالحة تسقط في فراغ النسيان. لكن في قلب هذا المساء الموحش، يكشف لنا الكتاب المقدس سرًا إلهيًا عظيمًا: لا توجد دمعة واحدة تضيع. فبينما نحن نظنها ضائعة، هناك إله يراقب تيهاننا. إنها الصلاة التي صرخ بها داود في عمق ألمه: "تَيَهَانِي رَاقَبْتَ. اجْعَلْ أَنْتَ دُمُوعِي فِي زِقِّكَ. أَمَا هِيَ فِي سِفْرِكَ؟" (مزمور 56: 8). كل شهقة ألم، وكل غصة حزن، لا تُحفظ فقط ، بل تُدوَّن بعناية فائقة في سجله الأبدي. وهنا يكمن عمق العلاقة بين الآيتين. إن "صباح الترنم" ليس مجرد حدث يأتي بعد انتهاء "مساء البكاء"؛ بل هو يولد من رحم هذا المساء. كيف؟ لأن الله لا يُبَدِّد أحزاننا، بل يستثمرها. تلك الدموع التي يجمعها في زِقِّه ، وتلك الآلام التي يدوّنها في سِفْرِه ، هي ليست مجرد ذكريات للألم، بل هي المادة الخام التي سيصنع منها فرحًا جديدًا. إنها البذور التي تُزرع في تربة الحزن المظلمة ، لتُزهر في فجر القيامة ترنيمة لا مثيل لها. فرح الصباح ليس فرح السذاجة التي لم تعرف الألم، بل هو فرح النضج الذي رأى ألمه محفوظًا ومُقدَّرًا في عيني الله. ترنيمتنا ليست مجرد نغمة سعيدة، بل هي قصة خلاص تُروى، قصة مكتوبة بمداد تلك الدموع التي ظنناها يومًا بلا معنى. لذلك، عندما تجد نفسك في مساء البكاء، لا تيأس . اعلم أنك في أقدس لحظاتك مع الله . أنت لا تبكي في فراغ، بل تبكي في حضرته ، وهو يحوّل مسرح ألمك إلى ورشة عمل إلهية. كل دمعة تُجمع هي وعد بفرح قادم، وكل سطر يُكتب في سِفْرِه هو ضمان بأن ترنيمة الفجر ستكون أعظم وأعمق بكثير مما تتخيل، لأنها ستكون ترنيمة منسوجة من نفس الخيوط التي بكيت بها. |
![]() |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
ترنيمة عند شق الفجر باكر |
ترنيمة عند شق الفجر باكر |
ترنيمة عند شق الفجر باكر |
ترنيمة عند شق الفجر باكر |
ترنيمة عند شق الفجر باكر |