![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() قِصَّةُ الرَّاعِي الصَّالِح بَينَما كانَ أَحدُ الرِّجالِ يَتَنزَّهُ على سَفحِ جَبَل، سَمِعَ أَنغامًا عَذبة، فَسارَ نَحوَ مَصدرِ هذِهِ الأَنغام. رَأى راعيًا جالسًا في ظِلِّ شَجَرةٍ كَبيرة، يُعزِفُ على النّاي، وَالأَغنامُ حَولَهُ تَلتَهِمُ العُشبَ الأَخضَرَ بِهُدوء. فَحَيَّا الرَّجُلُ الرّاعي، وَسَأَلَهُ عَن حالِ القَطيع، فَبَدَأَ الرّاعي يُحَدِّثُ زائِرَهُ عَنِ الخِرافِ وَخِصالِ كُلِّ واحِدٍ مِنها. تَعَجَّبَ الرَّجُلُ مِن كَلامِهِ، وَلم يُصَدِّق أَنَّ الرّاعي يَعرِفُ خِرافَهُ، وَأَنَّ خِرافَهُ تَعرِفُهُ، وَأَنَّهُ يَدعو كُلَّ واحِدٍ مِنها بِاسمِه. نَهَضَ الرّاعي مِن مَكانِهِ، وَنادى اسمًا، فَأَتاهُ خَروفٌ، وَبَقِيَ بَاقي القَطيعِ في مَكانِهِ. ثُمَّ نادى اسمًا ثانيًا، فَأَتاهُ خَروفٌ آخَر، وَبَقِيَ القَطيعُ في مَكانِهِ. ثُمَّ نادى اسمًا ثالِثًا، وَرابِعًا، حَتّى حَضَرَتِ الخِرافُ إِلَيهِ واحِدَةً واحِدَة، فَدُهِشَ الرَّجُلُ مِمّا رَأى. وَسَأَلَ الرَّاعي: كَيفَ تُميِّزُ الخِرافَ وَهيَ مُتَشابِهَة؟ فَابتَسَمَ الرّاعي، وَقال: "هَذا أَمرٌ في غايَةِ السُّهولَة؛ فَفي هَذا الخَروفِ قِطعَةُ صوفٍ مَقطوعَة، وَفي ذلِكَ نُقطَةٌ سوداء، وَفي هذِهِ النَّعجَةِ جُرح، وَتِلكَ مَقطوعَةُ الأُذُن...". فَسَأَلَهُ الرَّجُل: أَلَيسَ في القَطيعِ خَروفٌ كامِلٌ؟ فَابتَسَمَ الرّاعي، وَقال: "إِنَّ الخِرافَ الكامِلَةَ لا تَحتاجُ إِلَيَّ..." أَعطى الرّاعي لِكُلِّ خَروفٍ ذي عاهَةٍ اسمًا، وَأَحبَّهُ دونَ أَن يُجَرِّحَ مَشاعِرَه. أَمّا نَحن، فَكَم مِن مَرَّةٍ نادَينا شَخصًا ذَا عاهَةٍ بِعاهَتِهِ، وَجَرَحنا مَشاعِرَه؟ إِمّا بِإِعطائِهِ لَقَبًا، أَو حَتّى بِطَريقَةِ نَظرَتِنا إِلَيه؟ ما أَجمَلَ هذا الرّاعي، الَّذي لا يَبحثُ عن الكمالِ في خِرافِهِ، بَل عن الحُبِّ الَّذي يَربِطُهُ بِهِم، وَعنِ الثِّقَةِ الَّتي تُوحِّدُهُ مَعَهم. إنَّه صُورَةُ المَسيح، الرّاعيِ الصّالِح، الَّذي لا يُحِبُّنا لِأنَّنا كامِلون، بَل يُحِبُّنا وَيَقرُبُ مِنّا لأنَّنا مَجروحون وَمُحتَاجون وَمُشتَّتون. يَعرِفُنا بِاسمِنا، يَراهُ النّاسُ عاهَةً، وَيَراهُ هُوَ جُرحَ الحُبِّ فِي أعماقِنا. هَل نَعرِفُ أَنَّنا نَحتَجُ إِلى راعٍ؟ هَل نَسمَحُ لِلمَسيحِ أَن يَمسَحَ جِراحَنا، وَيَنظُرَ إِلَينا بِعَينِ الحَنان؟ هَل نَثِقُ أَنَّهُ لا يَنسى أَحدًا مِن خِرافِهِ، وَلَن يَدَعَ أَحدًا يَضيعُ مِن يَده؟ يا ربّ، اجعلنا خِرافًا في قَطيعِكَ، نَعرِفُ صوتَكَ وَنَتبعُكَ... آمين. |
![]() |
|