وُلدت إلهام فضالي في قرية النويرة التابعة لمركز إهناسيا بمحافظة بني سويف، في ظروف صعبة فقد توفى والدها قبل ولادتها، لكنها حملت إرثه في القوة والإصرار على مواجهة الحياة. منذ نعومة أظافرها، أظهرت إلهام براعة فذة وتفوقًا دراسيًا لافتًا، فقد كانت الأولى على زملائها في الابتدائية والإعدادية والثانوية، وكأن روحها الباحثة عن العلم لا تعرف حدودًا.
أكملت إلهام دراستها الجامعية في الهندسة الإلكترونية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، حيث تخرجت عام 2013 حاملة معها شغفًا لا يُطفأ بالاكتشافات العلمية. لم يقتصر طموحها على حدود الوطن، بل سافرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية ضمن منحة تعليمية، درست فيها مادة فيزياء أشباه الموصلات، لتفتح أمامها آفاق الدراسات العليا والتعمق في أسرار الكون الصغير جدًا، عالم الإلكترونيات الدقيقة وعلوم النانو.
بعد ذلك، حصلت على منحة من المفوضية الأوروبية لإتمام دراسة الماجستير في الجامعة الكاثوليكية ببلجيكا، حيث كانت دراسة مزدوجة بين جامعة لوفان البلجيكية وجامعة تشالمرز للتكنولوجيا بالسويد، وتخصصت في علوم النانو تكنولوجي، تحديدًا الإلكترونيات الدقيقة، وتخرجت عام 2015، حاملةً معها خبرة عالمية واسعة وطموحًا لا يعرف التوقف.
بدأت إلهام رحلتها البحثية الاحترافية كباحثة في جامعة دلفت التقنية في هولندا لمدة عام ونصف، قبل أن تبدأ دراستها للدكتوراة في عام 2017 بجامعة آيندهوفن للتكنولوجيا الهولندية، حيث ركزت أبحاثها على فيزياء الأجهزة الإلكترونية، محاولةً فهم أعماق المادة وتطوير تكنولوجيا تغير من سرعة نقل البيانات في العالم الرقمي.
وفي عام 2020، حققت إنجازًا علميًا كبيرًا بحصولها على جائزة أفضل بحث في الفيزياء التطبيقية، عن فكرة بحثية ثورية تجمع بين فيزياء المواد والنانو تكنولوجي: الحصول على انبعاث ضوئي من خليط السليكون والسليكون جيرمان، وهو المكوّن الأساسي للشرائح الإلكترونية، بهدف تسريع عملية نقل البيانات لتصل إلى سرعة الضوء. لقد أثبتت إلهام فرضياتها النظرية عمليًا في المختبر، محققة توازنًا مذهلًا بين النظرية والتطبيق.
قصة إلهام فضالي ليست مجرد سيرة علمية، بل رسالة لكل من يواجه الصعاب: من رحم الظروف الصعبة يولد الإصرار، ومن التفوق والإبداع ينشأ التغيير الذي يمكن أن يصل للعالم. كما أنها تذكّرنا بأن العرب لديهم نماذج مشرفة من الباحثين والمبدعين، قد يكونون أفضل أحيانًا من أقرانهم الأجانب، لكنهم بحاجة إلى مد يد العون والدعم لتزدهر مواهبهم ويصل عطاؤهم إلى أوسع نطاق ممكن.