لنركّز انتباهنا على آخر متطلّبات يسوع: “حتّى حياته نفسها”. ألحياة، ألنّفس ذاتـها، هذا ما يطلبه الرّب. فإذا كنّا معتدّين، أو غير مبالين إلاّ برفاهيّتنا الشّخصيّة، وإذا أضحت ذواتنا محاور لوجود الآخرين والعالم، فلا يحقّ لنا لا أن نُدعى مسيحيّين، ولا أن نعتبر أنفسنا تلاميذاً للمسيح. إذ ينبغي أن نبذل ذواتنا بالعمل والحقّ، لا بالكلام وحسب. فإنّ حبّ الله يدعونا إلى حمل الصّليب عاليًا، وإلى الشّعور بثقل البشريّة كلّها، ونتمّم تصاميم إرادة الآب الصّريحة والمحبّة في آن، في الظّروف الخاصّة بحالة وعمل كلّ فرد. في المقطع الّذي نعلّق عليه، يتابع يسوع: “من لم يحمِل صليبه ويتبعني، لا يستطيع أن يكون لي تلميذًا”.
لنقبلنّ بلا خوف مشيئة الله، ولنأخذنّ بلا تردّد، القصد ببناء حياتنا كلّها بما يتطابق مع تعليم ومتطلّبات إيماننا. ولنكن واثقين أنّنا سوف نجد في ذلك المقاومة، والألم والعذاب ؛ لكن، إذا ما سلكنا بموجب الإيمان حقًّا، لن نكون تعساء مطلقًا. حتّى في الحزن، والوشايات، سوف نكون سعداء، وتلك السّعادة تدفعنا إلى حبّ الآخرين، لنشركهم في فرحنا الفائق الطبيعة.