![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
في صيف عام 1965، داخل أحد مختبرات شركة "DuPont" العملاقة، كانت العالمة الكيميائية ستيفاني كفوليك تعمل بصمت، تخلط البوليمرات وتجرب التركيبات... هدفها كان واضحًا: إيجاد ألياف صناعية خفيفة تُستخدم في إطارات السيارات لتحسين كفاءتها. لكن القدر كان يُحضّر لها شيئًا آخر تمامًا. في أحد الأيام، وبينما كانت تُجري تجاربها كالمعتاد، ظهرت في أنبوب الاختبار محلول غريب الشكل: لزج، غير شفاف، يشبه السائل الغائم. في عالم الكيمياء، هذا النوع من النتائج عادةً ما يُعتبر فاشلًا، ويتم التخلص منه فورًا. بل إن ملاحظاتها المخبرية أشارت إلى أنها كانت على وشك أن تتخلص منه. لكن شيئًا ما أوقفها. حدسها العلمي، وخبرتها الطويلة في الكيمياء البوليمرية، دفعاها لتجربة ما لن يجرؤ عليه كثيرون. قررت أن تقوم بـ غزل هذا السائل العجيب في جهاز خاص يُستخدم لتحويل المحاليل إلى ألياف. وهنا، حدث ما لم يكن في الحسبان... خرج من الجهاز خيط لا يشبه شيئًا رأته من قبل: خيط خفيف للغاية، لكن أقوى من الفولاذ بخمس مرات! كانت هذه بداية ميلاد مادة جديدة تُعرف اليوم باسم كيفلار (Kevlar) — مادة أحدثت ثورة في مجالات الحماية والدروع الواقية. ورغم أن كثيرين وصفوا اكتشافها بـ"الصدفة السعيدة"، فإن الحقيقة أن ستيفاني كانت تعمل بمنهجية دقيقة، وتجري تجاربها عند درجات حرارة منخفضة بعناية، وهي من اختارت ألا تتجاهل "الفشل" بل أن تغامر بفحصه، لتفتح بابًا لم يخطر ببال أحد. النتيجة؟ مادة تُستخدم اليوم في صناعة السترات الواقية من الرصا*ص، والخوذ العسكرية، وحمايات السيارات، وحتى في مهمات الفضاء. لقد أنقذت كيفلار حياة الآلاف من الجنود، وضباط الشرطة، والعاملين في البيئات الخط*رة حول العالم. في عام 1996، حصلت ستيفاني كفوليك على الميدالية الوطنية للتكنولوجيا تكريمًا لاكتشافها. لكنها كانت دائمًا ما تقول بتواضع: "لم أكن أحاول إنقاذ العالم… فقط كنت أستمع للعلم." وهكذا، من أنبوب اختبار كاد يُرمى في سلة المهملات، وُلد درع غير مرئي أنقذ أرواحًا لا تُعد ولا تُحصى. |
![]() |
|