![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
في عام 1925، وفي عمر لم يتجاوز الخامسة والعشرين، وقفت شابة بريطانية تُدعى سيسيليا باين على أعتاب ثورة علمية، لكنها لم تُقابل بالتصفيق… بل بالصمت. كانت فتاة شغوفة بالنجوم، تقرأ ضوءها كما يقرأ الشعراء القصائد. ومن خلال تحليل طيف الضوء القادم من النجوم، توصّلت إلى اكتشاف مذهل: الشمس، وسائر النجوم تقريبًا، لا تتكوّن من عناصر شبيهة بتلك الموجودة على الأرض كما كان يُعتقد، بل من الهيدروجين، العنصر الأخف والأبسط في الكون. كانت تلك الفكرة أشبه بالهرطقة العلمية آنذاك. لكن بدلًا من أن تُحتفى بها، واجهت الشك والسخرية. إذ نصحها الفلكي الشهير هنري نوريس راسل بعدم نشر هذا الاستنتاج في رسالتها للدكتوراه. قال لها إنه “جريء أكثر من اللازم”… فاستجابت. لم تكن تملك رفاهية التم*رد؛ كانت امرأة في زمنٍ لم يُسمح فيه حتى بمنحها شهادة تخرّج من جامعة كامبريدج لمجرد كونها أنثى! ولأن حلمها في العلم كان أكبر من القيود، غادرت إنجلترا إلى أمريكا، وهناك حصلت على أول دكتوراه في الفلك تُمنح لامرأة من كلية "رادكليف" التابعة لجامعة هارفارد. رسالتها، رغم تحفّظها، كانت تُعد حجر الأساس لعلم الفيزياء الفلكية الحديث. وبعد أربع سنوات فقط… نشر راسل نفس الاكتشاف الذي حذرها منه، ونُسب إليه المجد. عناوين الصحف مجّدته، وكتبه الدراسية أصبحت مرجعًا. أما سيسيليا، فواصلت العمل في الظل، بصمتٍ مشوب بالإصرار. لكن التاريخ لا ينسى من يترك فيه أثرًا، ولو بعد حين. فقد أصبحت سيسيليا باين لاحقًا أول امرأة تُرقّى إلى رتبة أستاذ داخل جامعة هارفارد، وأول امرأة تترأس قسمًا فيها. ومع ذلك، عندما تو*فيت عام 1979، لم تُذكر أعظم إنجازاتها في نعوات الصحف. لا احتفاء. لا تقدير. لا اسم. فقط الهيدروجين… في كل مكان. هل سمعتَ باسمها من قبل؟ كم من الاكتشافات العظيمة اختبأت خلف أصوات خُن*قت فقط لأنها لم تكن “مناسبة للمرحلة”؟ |
![]() |
|