منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 17 - 06 - 2025, 01:02 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,342,218

ذلك هو الصليب الحي المقدس قبلة المسيحيين



على صخرة عند منحدرات الجلجثة جلستُ بالروح قبل أكثر من ألفي عام، أتأمل صليباً مضرجاً بالدماء، وآثار مسامير، ورقعة مكتوبة بلغات ثلاث: يسوع الناصري ملك اليهود (يو19: 19)، ذلك الجليليّ الذي مات بالجسد على الصليب، وأنزل جسده الطاهر ليدفن في قبر جديد بعد أن اهتزت قوى المسكونة لصلبه واعترفت الكائنات الحية وظواهر الطبيعة بألوهته من خلال ما جرى يوم صلبه (لو23: 44 ? 49)، فعادت بي التأملات إلى معطيات الوحي الإلهي في كتاب الحياة:


ها هو المرنم المزاميري داود بالوحي الإلهي يطلق عنان تسابيحه في فضاء السماويات الشاسع، وهو يتأمل البشرية الساقطة المتعبة، تحاول بين الحين والآخر أن تفتح على المجهول جفنيها علّها تمسك ببريق أملٍ مما طرق مسامعها من وعد الله للإنسان الأول بالخلاص، وهي في يأس وقنوط غارقة في متاهات لجة بحرٍ رهيب من حياة البؤس والشقاء والأوجاع والضياع بعيداً عن الله.


داود وقد تنبه لعلامات السماء تتلاحق مشيرة إلى واسطة الفداء، يرى بعين الروح أن المستحيل بنظر البشرية سيتحول إلى عزاء، والعار سيغدو غلبةً وانتماءً، وللمتعبين باب خلاصٍ، وسلما موصلاً إلى السماء :


داود يرى عصا موسى اليابسة تشق طريقا في البحر، لتكون أداة خلاصٍ لشعب عاش أجيالاً مرذولاً مهاناً وقد أتعبه العناء (خر14: 16)؛ ويرى تلك العصا المجردة في رفيديم تروي عطش التائهين في الصحراء، من جداولَ تنساب بأمر الخالق وعطفه وحنانه، إذ تفجّر في الصخرة ينابيع ماء (خر17: 5 و 6)؛

ويرى في برية مارّة شجرة يرميها موسى بأمر الرب في الماء المر فيتحول إلى أعذب ماء (خر15: 25)، ويرى خشبة منتصبة راية ترفع عليها حية من نحاس لتكون لكل ملدوغٍ مشرف على الهلاك شفاء (عد21: 9)؛ ويحس بالعصا التي امسكها بيده وهو يقترب من جوليات العاتي، كيف تبث في نفسه بقدرة رب الجنود إحساساً بالقوة والغلبة على ذلك الجبار، ليصرعه باسم الرب ويخلص شعبه من ذلك البلاء (1صم17: 40 و 50)؛
داود يبتهج بالروح لكل ذلك وهو يرى بعين الروح ابن داود بل رب داود في ملء الزمان معلقاً على خشبة ليفتدي الإنسان، فيتيقن أن واسطة الخلاص ستكون تلك الخشبة ذاتها، التي كانت تاريخاً ووسماً للدماء، إذ ستغدو بالمسيا المصلوب كفّارة وفداء، فيصرخ منتعشاً جذلاً بالروح: أعطيت خائفيك راية ترفعُ لأجل الحق لكي ينجو أحباؤك (مز60: 4).


داود نظر بالروح الخشبة سلم عبور نحو الخلاص، ومصدر ارتواء للعطاش، وبلسما يحول العلقم إلى عذوبة وطيب المذاق، وللمدنفين شفاء، وللمستضعفين قوة وبهاء، فأعلنها بارتفاع الفادي عليها خلاصاً للبشرية من سقطتها وعبورا إلى السماء، ونبع ماء حي من يشرب منه لا يعطش أبداً،

وعلاجاً شافيا لكل مقبل على الموت بلدغة الخطية، ونكهة عذبة لتذوق حلاوة يسوع المسيح؛ إنها شجرة الحياة التي تعطي ثمرها في حينه، وأوراقها لشفاء الأمم، ولا تكون بعدُ لعنةً (رؤ22: 2 و 3)؛ إنها الخشبة المقدسة التي تضرجت وارتوت بدماء الفادي لتكون راية الحق والإيمان في العهد الجديد، وأداة الفداء والخلاص للمؤمنين، ذلك هو الصليب الحي المقدس قبلة المسيحيين.


كم من أعمدةٍ إرتفعت صلبانا، وكم من ألسنةٍ إنطلقت تتحدّثُ إِفكاً وبهتانا،

وكم من مؤرخٍ سطّر ما يشتهي من ضلالاتٍ بالزور إمعانا، صليب الحقّ وحده كان ميزانا، هو وحده حملَ من وافانا، فافتدانا؛ عليه ارتفع الكلمة، إلهاً وإنسانا، إرتفع ليمحوَ الذنوبَ، مقرِّباً ذاته قربانا؛ فعلى الصليب تم الفداءُ وأهرقَ دمٌ مقدَّسٌ لمن تنازلَ من عليائِهِ يرعانا، فافتدانا.


بالأمس بلبل الله ألسنةً تجبّرت فتفرقوا في الأرضِ وحدانا (تك11: 1 ? 9)، وعلى الصليبِ لمَّ الشملَ مصالحاً، و( كونوا واحداً ) بمحبةٍ أوصانا (يو13: 34)، فميزانُ الحقِّ (صليب الفادي) هو الحدُّ الفاصلُ بين يبسِ الروحِ وما بالنعمةِ أغنانا؛

وهكذا، مجداً وعِزاً أضحى ما كانَ عاراً وإذلالاً في عَرفِ دنيانا، وهكذا، الفادي بحنانه ومحبتهِ، فخراً ونصراً وغلبةً أعطانا، إذ افتدانا؛ فلنبتهج مع داود، مفتخرين بالصليب مجدِنا ولمسيرتنا عُنوانا، ولنصرخ معه مهللين ومرددين: أعطيت خائفيك راية ترفع لأجل الحق، لكي ينجو أحباؤك (مز60: 4).

رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
بحبك قبلت الصليب، لتدفع دينًا لم تقترضه
على الصليب قبلت أيها المخلص آلام الحب
يد الله هي نفس اليد التي قبلت المسامير
فتاوى قتلت المسيحيين في «عيد الميلاد»
ما هو أصل وشم الصليب على اليد عند المسيحيين المصريين؟


الساعة الآن 01:44 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025