تعال بنا إذاً لندخل البستان ونتأمل في ذلك المنظر فأننا لا نجده مفرحاً بل محزناً هناك تقع عيوننا على مشهد يجرح القلب ويذيب الفؤاد ، هناك نبصر السيد المسيح ( آدم الجديد ) في البستان يعمل لا لكي يتنعم ، كما كان ( آدم الأول ) في جنه عدن ، بل يجاهد ليقدم الخلاص للبشر . فما اعظم الفرق بين هذين البستانين ، فالأول توفرت فيه كل أسباب الراحة والسرور ، والثاني أفعم بعلامات الحزن والكآبة بستان خصب وبستان مجدب ، بستان يستريح فيه المخلوق وبستان يتعب فيه الخالق ، بستان أبتدأ فيه شقاء الإنسانية وبستان خرجت منه ينابيع السعادة لبني آدم ، بستان فيه سقطنا وبستان فيه قمنا ، بستان فيه دين آدم ، وبستان فيه وفي يسوع عنه دينه .
قال القديس أوغسطينوس : يا لحكم الله غير المدرك : يخطئ الأثيم ويعاقب الكريم ، يجرم الطالح ويجلد الصالح ، وما يرتكبه المنافق يحتمله الصديق ، وما يستقرضه العبد يدفعه الرب ، وما يلقيه المخلوق يلقاه الخالق .