الحياة الأبدية ليست مجرد وعد ننتظره بعين الإيمان، بل هي روح حي، إنها روحه أسكنه داخل قلوبنا يعمل لحسابه. وقد ينشط الروح حتى يغطي كل منافذ وحركات الجسد، فلا يشتاق الجسد إلا إليه فالحياة الأبدية عند الذين عرفوها وعاشوها حياة تصغر دونها الحياة الحاضرة، يرتقي فيها المجدون من مجد إلى مجد، وتتغير أشكالهم الروحية عن صدق وتحقيق لكي تُعد لتكون على صورة خالقها بكل الحق: أيها الأحباء، الآن نحن أولاد الله، ولم يُظهر بعد ماذا سنكون. ولكن نعلم أنه إذا أظهر نكون مثله، لأننا سنراه كما هو فحالنا الآن كحال جماعة أو فرقة تمثيل تتدرب باهتمام بالغ على الأدوار التي أعطي لكل واحد أن يمثلها، فنجد الواحد فيها يظل ليل نهار يحفظ ويسمع دوره، ويقف أمام المرآة ويلقي دوره فلا يعجبه الأمر، فيعود ويحسن من أدائه وكلماته وحركاته. حقاً يا إخوة، ستباغتنا لحظة سيرفع فيها الستار؛ فإذ نحن فوق، نأخذ مواقعنا عن حقيقة وليس عن تمثيل. هنا نلبس الأقنعة، رضينا أم لم نرض.