![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يرى الآباءأن الله يُحدِّد عُمْرَ الإنسان بحكمته الإلهية التي تفوق الفكر البشري، كما وضع قوانين طبيعة تؤثر على عمره، وإن كان الله وهو واضع القوانين يمكن أن يتخطاها من أجل محبته للإنسان. توجد أيضًا عوامل كثيرة من بينها حياة الإنسان الروحية، فيسمح للبار كما للشرير بأن يعيش لمدة طويلة أو قصيرة لإعطاء كل فرصة لتوبة الإنسان وخلاص نفسه وتمتعه بالمجد هو أو الجماعة المنتمي إليها، أو التي حوله. v [الذين يؤخذون قبل الوقت، حيث يفيض الغمر على أساسهم] (راجع أي 22: 16)... كل إنسان يؤخذ من هذه الحياة في وقت سبق معرفته قبل الزمن بسلطان إلهي. لكن يلزم معرفة أن الله القدير، في خلقته لنا وتدبير أمورنا، يُعَيِّن حدود (حياتنا) حسب استحقاق كل أحدٍ. فقد يلزم الشرير أن يعيش وقتًا قصيرًا، لئلا يسيء إلى كثيرين يسلكون باستقامة، وقد يلزم أن يبقى الإنسان الصالح مدة أطول في الحياة، حتى يكون معينًا في أعمال صالحة لكثيرين. مرة أخرى فإن الشرير يلزم أن يبقى مدة أطول في الحياة حتى يضيف أعمالاً شريرة إلى أعماله. وهكذا البار قد يمارس حياة صادقة تتطهر بامتحانه، أو يلزم سحب الإنسان الصالح بأكثر سرعة، لئلا إن عاش أكثر، قد تفسد براءته. لكن ليوضع في الاعتبار إن رآفات الله هي التي تهب الخطاة فرصة للتوبة. على أي الأحوال قد تُوهَب لهم أزمنة ولا يرجعون، ليحملوا ثمار الندامة، بل يخدمون الشر، وبرحمة الله ينالون الأزمنة لعلهم يتخلون عن تصرفاتهم. بالرغم من أن الله القدير يعرف مسبقًا وقت موت كل أحدٍ، متى تنتهي حياته، لا يقدر أحد أن يموت قبل أوانه، بل في الوقت المُعيَّن لموته، فإنه إن كان قد أُضيف إلى حياة حزقيا خمسة عشر عامًا (2 مل 20؛ إش 38)، فإن زمن حياته بالحقيقة زاد عن النهاية التي كان يستحقها، وقد سبق فعرف الله وقته في هذه اللحظة والتي فيما بعد يسحبه من الحياة الحاضرة. هذا الأمر هكذا: ماذا يعني [يُقطَع الأشرار قبل أوانهم] سوى أن كل أولئك الذين يحبون الحياة الحاضرة يعدون أنفسهم لفترات أطول من تلك الحياة؟ وعندما يسحبهم الموت من الحياة الحاضرة، فإن الفترات الطويلة لحياتهم التي اعتادوا أن يتخيلوها تكون قد سُحبت منهم، إنها تُقطع إربًا. بحق قيل عن هؤلاء: "أساسهم قد أفاض بطوفان"... وُصف قايين إنه أول من أسس مدينة على الأرض (تك 4: 17)، وهو بهذا أكد بوضوح أنه غريب، حيث كان غريبًا عن الثبات في العالم الأبدي، فأنشأ أساسًا على الأرض. بكونه غريبًا عن الأمور العلوية وضع استقراره في أساسٍ لأمورٍ سفلية، ووضع استقرار قلبه في اللذة الأرضية. البابا غريغوريوس (الكبير) |
![]() |
|