![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() وَوَقَفَ الشَّيْطَانُ ضِدَّ إِسْرَائِيلَ، وَأَغْوَى دَاوُدَ لِيُحْصِيَ إِسْرَائِيلَ. [1] من الذي وراء هذه الخطية؟ جاء في (2 صم 24: 1) "غضب الرب حمى على إسرائيل، فأهاج عليهم داود ليفعلها". كأن الرب حثَّ داود على ذلك، لأن غضبه حلَّ على الشعب. وفي سفر الأخبار يُقَال إن الشيطان وراء هذا التصرُّف. الاثنان حق، فالله سمح للشيطان أن يُجَرِّب داود. الله ليس مصدرًا للشر، بل يسمح به لتحقيق غاياته. يُقَدِّم الشيطان الغواية، لكن لا يُلزِم الإنسان بقبولها. يبرز هنا أن الشيطان لا يقف مكتوف الأيدي أمام خطة الله وأعماله المستمرة لتحقيق الخلاص، فقد أغوى قلب داود لكي ما يُبَدِّد خطط الله من نحو شعبه. أغواه الشيطان كما أغوت الحيّة حواء وآدم، وحاول أيضًا أن يُجَرِّب أيوب ليُحَطِّمه (أي 1، 2)، ورآه زكريا النبي في إحدى الرؤى التي شاهدها (زك 3: 1). إحصاء الشعب ليس بشرٍ في ذاته، إذ يليق بالراعي أن يعرف رعيته. ولكن من الواضح أن داود أخطأ في هذا العمل، وكان سببًا في غضب الله، لأنه عمل ذلك عن كبرياء قلب وقلة ثقة في الله، بالاعتماد على الأعداد. أجرى داود هذا التعداد بهدف الافتخار بقوة جيشه، ليتَّكل على إمكانيّاته العسكرية لا على الله. الدافع لعمله خطية وهي الغرور. كثيرًا ما تكون الخطية لا في تصرفاتنا الظاهرة، بل في دوافعنا الخفيّة. نحن متأكدون أن الله لا يتسبَّب في الخطية، "فهو لا يُجرِّب أحدًا"، لذلك عندما يُقَال أنه أهاج داود ليفعلها، يجب التوضيح أنه لأجل هدف حكيم ومُقدَّس سمح الله للشيطان أن يفعلها، وهنا نقتفي أثر هذا التيار الخاطئ في مصدره وأساسه. فليس غريبًا أن الشيطان، الذي هو عدو الله، وكل خير، أن يقف ضد الشعب؛ فهدفه هو تحطيم داود والشعب. وهنا نلاحظ الآتي: 1. من المُدهِش أن الشيطان يؤثر على داود ليفعل شيئًا خاطئًا، وهو الرجل الذي قلبه مثل قلب الله، إذ يُظَن أنه من أولئك الذين لا يمسهم الشرير. سمح الله بذلك لكي نَعْلم أن أَقْدَس القديسين يجب ألا يفكروا أنهم ليسوا في متناول تجارب الشيطان. وهذا يذكرنا بالقديس مقاريوس الكبير الذي قال له الشيطان: "لقد وصلتَ يا مقارة"، فاستمر يجيبه "لم أَصِلْ" إلى أن سلَّم روحه في يد خالقه، فقال "الآن وصلتُ". والآن لما نوى الشيطان أن يحيق أذى بإسرائيل أيّ طريق اتخَّذ؟ إنه لم "يهيج الله ضدهم ليبتلعهم"(أي 2: 3) ولكنه هيَّج داود أعز صديق لهم لكي يَحْصيهم وبذلك يُغضِب الله ويُثِيره ضدهم. 2. عندما يغوينا الشيطان لنخطئ ضد الله، يُصيبنا بأذى أكثر من شكواه ضدنا أمام الله. إنه يُحَطِّم الناس بأنفسهم وأياديهم. 3. أعظم ضرر يُمكن الشيطان أن يفعله بكنيسة الله هو أن يغوي قادتها بالكبرياء، لأنه لا يستطيع أحد أن يرى هذه الخطية في الجميع وبالأخص المُتقدِّمين في الكنيسة "وأما أنتم فليس هكذا. بل الكبير فيكم ليكن كالأصغر. والمُتقدِّم كالخادم" (لو 22: 26). v آمن داود بك، وأخذتَه من وراء الغنم، وجعلته ملكًا، وانتصر على جليات وقهر كل مضطهديه. هيَّج إبليس عليه قواته من كل جهة، ولأن يمينك أمسكَتْ بيده، ثابر ونال شجاعة. ألقى الشرير في قلبه أن يُحصي الأمة، فأدَّبه الرب بالرحمة، وقبله بمحبة (2 صم 24). جعله ملكًا، وملأه بروح النبوة، وفاضت ثروة كلماته وملأت كل الخليقة. صار ينبوعًا، تفجرَّت منه كلمات الروح القدس، وشربت منه الشعوب والعوالم، ولا زالوا عطشى إليها. القديس مار يعقوب السروجي |
![]() |
|