v عندما جلس الرب على الجبل مع تلاميذه رأى الجموع قادمة إليه، فنزل من الجبل وأشبعهم في الأماكن السفلية للجبل. إذ كيف كان يمكن له أن يهرب إلى هناك مرة أخرى لو لم يكن قد نزل قبلاً من الجبل؟
يحمل ذلك معنى، نزول الرب من العلا ليُطعِمَ الجموع ويصعد...
لقد جاء الآن لا ليملك في الحال، إنما يملك بالمعنى الذي نُصَلِّي من أجله: "ليأتِ ملكوتك". إنه يملك على الدوام مع الآب بكونه ابن الله، الكلمة الذي به كان كل شيء. لكن الأنبياء يخبروننا عن ملكوته الذي فيه هو المسيح الذي صار إنسانًا ويجعل مؤمنيه مسيحيين...
يمتد ملكوته ويُعلن عندما يُعلن مجد قديسيه بعد أن تتم الدينونة بواسطته، الدينونة التي تحدث عنها قبلاً، إن ابن الإنسان يتممها. ذلك الذي يقول عنه الرسول: "عندما يُسلَّم ملكوت الله للآب" (انظر 1 كو 15: 24). وقد أشار عليه بنفسه قائلاً: "تعالوا يا مباركي أبي، رثوا الملكوت المُعَدّ لكم منذ بدء العالم" (مت 25: 34).
لكن التلاميذ والجموع التي آمنت به ظنوا أنه قد جاء لكي يملك حالاً، لهذا أرادوا أن يختطفوه ويجعلوه ملكًا (يو 6: 15). أرادوا أن يسبقوا الزمن الذي أخفاه بنفسه لكي يعلنه في الوقت المناسب.
القديس أغسطينوس