![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() كانت الحانة على أطراف الطريق..تعجّ بالضوضاء. .برائحة النبيذ المعتّق.. وبأعين الرجال التي اعتادت أن تلتهمها كأنها لا شيء سوى جسد يُباع لمن يدفع أكثر.. لم تكن تذكر آخر مرة ناداها أحد باسمها.. فقد كانت مجرد "زانية الحانة".. مجرد امرأة سقطت في الوحل ولم تخرج.. لكنها ذات ليلة..وهي تنظر إلى صورتها المنعكسة في كأس الشراب..لم ترَ ملامحها.. بل رأت امرأة غريبة..منهكة..محطمة..امرأة لا تعرفها.. شعرت بشيء يكسرها من الداخل.. "هل هذا كل ما أنا عليه؟".. حين خرجت من الحانة تلك الليلة..لم تعد إليها مجددًا.. مضت أيامها بين بكاء طويل وصمت أشد.. كانت قد سمعت ذات مرة أن هناك بيتًا للأبناء ..بيتًا لا يُطرد منه أحد.. فجمعت شتات نفسها ومضت إليه..الكنيسة.. لكنها ما إن وضعت قدمها على العتبة.. حتى لسعتها الهمسات كالسياط: "مش دي زانية الحانة؟ إيه اللي جابها هنا؟!".. خفضت رأسها..كأن الماضي يرفض أن يتركها.. حاولت أن تقنع نفسها أنها تغيرت..أنها صارت شخصًا جديدًا.. لكن ماذا يفيد التغيير إن كان الجميع يرونها كما كانت؟.. استجمعت البقايا المتناثرة من شجاعتها.. وسارت بصمت حتى جلست في آخر مقعد بالكنيسة.. تلملم نفسها من نظراتهم وتخفي دموعها في طيات ملابسها.. لكن قلبها كان ينبض بعنف حين رأت الكاهن يقترب منها.. "هل سمع همساتهم؟ هل جاء ليطلب منى المغادرة؟ هل سأُطرد حتى من هنا؟".. لكن حين رفعت وجهها نحوه.. لم تجد في عينيه سوى دفء لم تعرفه من قبل.. ثم سمعت منه كلمات لم تسمعها من أحد: "نورتي بيت أبوكي".. في تلك اللحظة..تلاشت كل الأصوات من حولها.. سقطت كل الألقاب التي ألصقها بها الناس.. لم تعد "زانية الحانة"..لم تعد خاطئة تُطاردها الهمسات.. بل أصبحت ابنة..ابنة عادت إلى بيت أبيها.. ورفعت رأسها لأول مرة منذ سنين.. |
![]() |
|