يدعونا الرب إلى العمق الروحي لكي نكتشف ونتلذَّذ بعلاقة شخصيّة معه. إذ يقول: "تلذَّذ بالرب فيعطيك سؤل قلبك". (مزمور 4:37) هل تعلم - عزيزي القارئ - أن المؤمن الجسدي مهما درس الكتاب وحفظ الآيات فإنَّه يملأ فكره بمجرّد عقيدة. لأنَّ الله بالنسبة له هو مجرّد مفهوم، ولا يوجد عمق في العلاقة الشخصيّة معه. لكن يقول المزمور: "ذوقوا وانظروا ما أطيبَ الرب." (مزمور 8:34) وهنا يقول سفر نشيد الأنشاد بلسان العروس: "ليقبلّني بقبلات فمه، لأنَّ حبَّك أطيبُ من الخمر... اجذبْني وراءك فنجري. أدخلَني الملكُ إلى حجاله (أي إلى قدس الأقداس) نبتهج ونفرح بك. نذكر حبَّك أكثر من الخمر بالحق يحبونك". (1:1 و4) فهناك مَن يريد أن يضمَّك إلى قلبه إلى حضنه. وفي هذه الخلوة المقدسة معه تختبر حبّه وحنانه.
ذهب حفيدي سامي معي في زيارة إلى مصر مؤخّرًا وهو يبلغ سبع سنوات من العمر. وقضينا معًا وقتًا ممتعًا... لكن لم أصطحِبْه معي إلى لبنان. لذا حين عدتُ إلى هيوستن من هناك، جلبتُ له ولباقي الأحفاد أوراقًا نقدية ذات الألف ليرة لبنانية (وهي لا قيمةَ لها لأن الدولار الواحد يساوي ما بين تسعين ومئة ألف ل. ل) فسُرَّ جدًّا وأخذ الوريقة هذه إلى مدرسة الأحد ليفتخر بها أمام رفاقه. وبعد أيام أتى إلينا فقلت له: ماذا تريد؟ هل ألف ليرة أخرى؟ قال لي: لا. فأنا لا أريد إلا أن تحضُنَني يا جدّي. اشتقتُ لك! ما أحلى قلبَ الأطفال! هكذا أيضًا اشتاق الأب لابنه الضال. "رآه أبوه فتحنَّن وركض ووقع على عنقه وقبّله." (لوقا 20:15) هكذا هو الرب إلهنا، يحّبنا أن نأتي إليه ليباركَنا ويسكبَ محبّته علينا.