![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المفهوم الروحي للعيد
في هذا العيد إذ تحتفل الكنيسة بيوم خميس العهد إنما ندخل معها إلى داخل العلية فنشاهد ليلة آلام الرب ونسير مع أحداث هذه الليلة الوداعية، فنرى السيد المسيح وقد قام عن العشاء الفصحي ليغسل أرجل التلاميذ وفي هذا يكسر ذاته فيقابل ذاتنا المتكبرة بسر اتضاعه الفائق ويشفي كبرياءنا. في هذه الليلة نجلس في رهبة وخشوع إلى مائدة الرب في سر العشاء الرباني فنرى " الحكمة- ذبحت ذبحها مزجت خمرها أيضا ترتبت مائدتها " (أم 9: 2) ويدخلنا العريس إلى سر محبته ويقدم جسده مكسورا ودمه مسفوكا " غسل بالخمر لباسه وبدم العنب ثوبه " (تك 49: 11)، فنراه يكسر جسده في هذا السر ويعطيه لنا قبل أن يكسره على الصليب " أدخلني بيت الخمر وعلمه فوقي محبة " (نش 4:2). بتجسد المسيح وتداخل الله مع الزمن فصار له يوم ولد فيه ويوم مات فيه ولكنه يعلو فوق الزمان، وإن كان قد مشى على الأرض لكنه لا يحده مكان، لذلك أوضح لتلاميذه أنه وإن كان سيتركهم لكن وجوده سيستمر معهم إنه فوق المكان والزمان، وهذا ما حققه في هذا السر، فإن كان تركهم بالجسد لكنه حاضر في الخبز والخمر في القداس الإلهي حيث يحدث التحول السري فتسمو طبيعة الخبز والخمر فوق الشكل المنظور ليحقق وعده الإلهي " إن اجتمع اثنين أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم " (مت 18: 20). في كل مرة نأكل جسد الرب ونشرب دمه ندخل في بركة ذبيحة الصليب لغفران الخطايا (مت 26: 26)، فنأخذ تلك الجمرة المطهرة التي نالها إشعياء النبي في الرؤيا (إش 6)، فننال قوة القيامة ونحن مازلنا في الجسد (يو 6: 51، 54) فتصير شهادة فينا نبشر بموت الرب ونخبر بقيامته. في كل مرة نأكل جسد الرب ونشرب دمه إنما هو تذكار واقعي متجدد للفداء، قد صنع المخلص الفداء على الصليب مرة ولم يكف عن صنعه، كذلك إذ قدم جسده ودمه على مائدة العشاء الرباني ولم يكف عن ذلك (عب 9: 4)، (1 كو 11: 26) فهو تذكار واقعي لذلك كانت دعوة المخلص (اصنعوا هذا لذكري...). في هذه الليلة تظهر شجرة الحياة، تلك التي حرم منها الإنسان قديما بسبب الخطية إذ حكم عليه بالموت (تك 2: 9) فهو يعطي الحياة لأنه يعطي ذاته، فهو شجرة الحياة التي في وسط فرودس الله (الكنيسة) (رؤ 22: 14). هذا هو الخبز الحي النازل من السماء الذي اشتاق إليه الإنسان منذ أن وضع الله في قلبه وقت أن أكل المن النازل من السماء، والآن له أن يأكل لا من المن القديم بل من المن المخفي (رؤ 2: 17)، أنه خبزنا الذي للغد وهب لنا أن نأخذه اليوم. أعطانا السيد المسيح أن نشاركه في الطبيعة الإلهية (2 بط 1: 3) ونثبت فيه، ونصير من لحمه وعظامه (أف 5: 30)، ففي سر التناول ترتبط الكنيسة وتتحد بعريسها اتحاد الرأس بالجسد فنصير واحدا معه (يو 6: 56) وهي تحقيقا لصلاته الوداعية في البستان أن نصير واحد فيه " ليكونوا هم أيضا واحدا فينا " (يو 17). نطلب من ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح الذي أعطانا عهده القدوس جسده ودمه في هذه الليلة الوداعية أن نال منه غفرانا لخطايانا وحياة أبدية، وأن يجعل هذا العيد عيدا مباركا. آمين. |
![]() |
|