. سأل يسوع تلاميذه هذا السؤال من قبل : " من يقول الناس أني أنا؟ فقالوا :البعض يقولون انك يحيى المغطس ( المعمدان ) ، والبعض إلياس ( إيليا ) ، وآخرون يقولون انك واحد من الأنبياء …" (مرقس 8: 27- 29) . ومن خلال هذه الآيات نرى أنه من الواضح أن يسوع نفسه قد شجع الحرية الفكرية على الدوام ، ولم يعرف عنه يوما ما أنه أرغم إنسانا على الإيمان به، أو اعتناق دينه ورسالته ، فهو لم يقبل أن يكون إيمان أحدا به قائما على أسنة الرماح والسيوف ، بل تاركا الفرصة كلها لإرادة الإنسان الحرة الآية وهبت له وميزته عن سائر مخلوقات الخالق الكريم
: ولهذا نحن نذكر ما قاله الفيلسوف البريطاني "كليف لويس " في هذا الصدد إذا قال أن المسيح أعلن انه الله عز وجل - وهناك احتمالان لهذا
. الاحتمال الأول : إما أن هذا القول صحيح أو أنه كاذب . فإن كان القول صحيحا وإن المسيح يسوع فعلا هو رب وإله واحد أحد لا شريك له ، فهناك احتمالان: يمكن أن ترفض أنت ألوهيته أو يمكن أن تقبله إلها لك وسيدا على حياتك. فان رفضته هو فعلا الله الذي لا إله إلا هو ، تكن بهذا قد عرضت نفسك للهلاك ، أما إن قبلته فإنك ستهنأ بنصيب في جنة النعيم وتنجو من عذاب الجحيم
. الاحتمال الثاني : أن يكون هذا القول كاذب فإن كان المسيح كاذبا ، ولم يكن هو الله فهناك احتمالان : أن المسيح لم يكن يعر ف أن ما يقوله كذب ، فيكون مخدوعا عن إخلاص إذ أنه يدعى ما ليس له إذا فهو غير عاقل - بالاحترام نقول ما قاله كليف لويس - وهو ليس كذلك بالطبع الاحتمال الآخر أن كان القول كاذبا . أن المسيح عرف أن ما يقوله كذب وأنه أعلن عن نفسه أنه إله بسبق الإصرار وعن قصد - فيكون كاذبا ، مرائيا ، أحمق لأنه مات بسبب إدعاء كاذب وهذا الاحتمال الآخر غير وارد طبعا ، لأن المسيح لم يخطئ ... لقد كانت تعاليمه كاملة مكملة لتعاليم موسى والأنبياء . لم يعد النظر فيما سبقوه ، لم يتراجع أو يغير ما علم به ، لم يخمن ، ولم يظن ، لم يفترض لكنه تكلم دوما بثقة مطلقة على خلاف كل سائر الأنبياء والرسل والمعلمين البشر .
.