يرى القديس أغسطينوس[21] في المياه التي إكتنفت السيد المسيح إلى النفس تعبيرًا عما حدث عند الصليب، فقد هاج الكل عليه كأمواج البحر وفي إتضاعه خضع بإرادته لأجلنا، قائلاً: "دخلت إلى أعماق المياه والسيل غمرني" (مز ظ¦ظ©: ظ¢). لم يقاوم الكلمات العنيفة ولا التصرفات القاسية بل في صبر أحتملها، "وأطاع حتى الموت موت الصليب" (في ظ¢: ظ¨).
المخلص الذي سار على المياه (مت ظ،ظ¤: ظ¢ظ¦)، إنحنى بنفسه إلى المياه حتى تكتنفه إلى حين وتحيط به، فيحمل مؤمنيه على المياه خلال سفينة صليبه وينطلق بهم إلى ميناء أورشليم السماوية بأمان.
مرة أخرى يقول: حين أعيت فيَّ نفسي ذكرت الرب، فجاءت إليك صلاتي إلى هيكل قدسك" [ظ§]. فقد يونان كل رجاء في ذراع بشري للخلاص إذ صار كمن قبض عليه في جوف الحوت، ليس من يخلصه سوى الرب، لذلك يقول: "ذكرت الرب" . وكأنه بالمرتل القائل: "أبي وأمي قد تركاني والرب ضمني". وكما يقول القديس چيروم: [وجدت نفسي قد أُغلق عليها في أحشاء الحوت فصار رجائي كله في الرب].
هذه العبارة أيضًا تنطبق على يوناننا المتألم الذي صرخ بالجسد: "نفسي حزينة جدًا حتى الموت" (مت ظ¢ظ¦: ظ£ظ¨)، "يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس" (مت ظ¢ظ¦: ظ£ظ©). هذا الثقل الذي إحتمله السيد لأجلنا إنما لكي يمارس عمله الكهنوتي خلال ذبيحته الكفارية فيطلب من الآب عنا: "جاءت إليك صلاتي إلى هيكل قدسك"، وكما يقول القديس چيروم: [إنه ككاهن يترجى تحرير الشعب في جسده].