![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
في الحقيقة أن تقدمة يسوع ذاته للموت أنشأت عهداً جديداً، والعهد يتضمن طقوساً وشريعة وشعب. فالعهد القديم أُنشئ بين الله وشعبه على يد موسى بواسطة دم الحيوانات (كما قلنا سابقاً في خروج 24: 8): [وأخذ موسى الدم ورشه على الشعب وقال: هوذا دم العهد الذي عاهدكم به الرب على جميع هذه الأقوال]، أما يسوع رب المجد الله المتجسد أنشأ عهداً جديداً بدمه الخاص، [دمٍ كريم كما من حمل بلا عيب ولا دنس دم المسيح] [1]، [دم المسيح الذي بروح أزلي قدم نفسه لله بلا عيب يطهر ضمائركم من أعمال ميتة لتخدموا الله الحي] [2]جـ – تقدمة يسوع تُنشئ عهداً جديداً والعهد القديم كان مبنياً على شريعة أُعطيت لموسى (الناموس بموسى أُعطى)، أما العهد الجديد فمبني على تعاليم الرب يسوع التي تُكتب لا على حجر بل في القلب [لأن هذا هو العهد الذي أعهدهُ مع بيت إسرائيل بعد تلك الأيام يقول الرب: أجعل نواميسي في أذهانهم وأكتبها على قلوبهم وأنا أكون لهم إلهاً وهم يكونون لي شعباً] [3] وتعاليم الرب يسوع ليست تعاليم كلامية تُحفظ في الفكر كمعلومة لها بريقها ورونقها وكمال إنسانيتها، بل هي قوة حياة تُحيي النفس أبدياً، فهي تُشكلها وتُغيرها على صورة ذاته، ولذلك تُصاحبها نعمة قوية ذات سلطان تعمل في القلب سراً، فتنقي القلب وتُحيي الأموات بالخطايا والذنوب، وترفع الإنسان لمستوى الشركة مع الله بالحب [أنتم الآن أنقياء لسبب الكلام الذي كلمتكم به [4]؛ الكلام الذي أكلمكم به هو روح وحياة [5]]، ولذلك قال في إنجيل يوحنا موضحاً أن [الناموس بموسى أُعطيَّ، أما النعمة والحق فبيسوع قد صارا] [6] وفي العهد القديم نشأ مع موسى شعب الله المكوَّن من الشعب الإسرائيلي الذي يُسمى كنيسة العهد القديم، وكان إسرائيل [7] الابن البكر [8] الذي من خلاله أظهر الله قدرته وسط باقي الشعوب ليُهيئ القلوب لإعلان العهد الجديد بدم حمل الله رافع خطية العالم، أما في العهد الجديد فنشأ بالمسيح شعب الله الجديد، جنس مختار كهنوت ملوكي أمة مقدسة بدم ابن الله الحي القدوس، وصار كل من يؤمن رعية مع القديسين وأهل بيت الله: [وأما أنتم فجنس مختار وكهنوت ملوكي، أمة مقدسة، شعب اقتناء، لكي تُخبِّروا بفضائل الذي دعاكم من الظلمة إلى نوره العجيب[9]؛ فلستم إذاً بعد غرباء ونزلاً بل رعية مع القديسين وأهل بيت الله [10]] فالرب يسوع المسيح ملك المجد، صليبه صار نبع الغفران للجميع، لكل من يؤمن، ويصير به الكل مُصَالح مع الله [وأنا أن ارتفعت عن الأرض أجذب إليَّ الجميع] [11] فالمسيح ابن الله الكلمة المتجسد لم يمت فقط عن الأمة اليهودية، بل عن الجميع كما قال القديس يوحنا الرسول: [فجمع رؤساء الكهنة والفريسيون مجمعاً وقالوا: ماذا نصنع فإن هذا الإنسان يعمل آياتٍ كثيرة، إن تركناه هكذا يؤمن الجميع به فيأتي الرومانيون ويأخذون موضعنا وأُمتنا، فقال لهم واحدٍ منهم وهو قيافا، كان رئيس للكهنة في تلك السنة: أنتم لستم تعرفون شيئاً ولا تفكرون أنهُ خيرٌ لنا أن يموت إنسان واحد عن الشعب ولا تهلك الأمة كلها. ولم يقل هذا من نفسهُ بل إذ كان رئيساً للكهنة في تلك السنة، تنبأ أن يسوع مزمع أن يموت عن الأمة وليس الأمة فقط بل ليجمع أبناء الله المتفرقين إلى واحد] [12] وعندما طُعن أحد الجنود الرب [ولكن واحداً من العسكر طعن جنبه بحربة فللوقت خرج دمٍ وماء][13] فأن بذلك وُلِدَت الكنيسة – كما شرحها الآباء – وُلِدَ شعب العهد الجديد، أي أن الكنيسة شعب الله الحي، وُلِدت من آلام يسوع الخلاصية، بسرّ الماء والدم، وُلِدَت من فيض محبة الله التي ظهرت لنا في موت يسوع المسيح، وهي تترعرع وتنمو بقدر ما تشترك في تلك المحبة وتُحققها في حياتها بالآلام وتذوق قوة القيامة [لأعرفه وقوة قيامته وشركة آلامه متشبهاً بموته][14] لقد عاش يسوع تلك المحبة بتقدمة ذاته على الصليب، ويطلب من كل من يُريد أن يتبعه ويتتلمذ لهُ أن يدخل في تيار محبته: [وقال للجميع (لم يستثني أحد) إن أراد أحد أن يأتي ورائي (يتبعني) فليُنكر نفسه، ويحمل صليبه كل يوم (وكل يوم يعني شريعة يومية دائمة لحياة المسيحي الحقيقي) ويتبعني] [15] وفي العشاء السري طلب يسوع من تلاميذه أن يأكلوا جسده ويشربوا دمه بالسرّ [خذوا كلوا، هذا هو جسدي.. اشربوا من هذا كلكم، هذا هو دمي]، لأن كل من يأكل – بالإيمان الحي الواعي – ذبيحة المسيح ابن الله الكلمة المتجسد والقائم بمجد عظيم، يدخل في جميع معاني هذه الذبيحة المقدسة جداً ويلتزم بكل متطلباتها، فيقدم حياته مع المسيح [مع المسيح صلبت] ويغفر ويحب كما غفر المسيح لصالبيه، وهكذا يتحقق فيه العهد الجديد الذي أنشأه المسيح يسوع ربنا بدمه الكريم بين الإنسان والله، وذلك عندما تسري في عروقه حياة الله، حياة المحبة والغفران، وهكذا يتحقق – عملياً – على مدى الزمن والتاريخ الخلاص الذي حققه يسوع بموته على الصليب. عموماً، فأن ذبيحة المسيح (حمل الله) على الصليب هي ذبيحة كاملة ونهائية للتكفير عن خطية الإنسان وخلاصه أبدياً، فالذبائح جميعها – في العهد القديم – لم تكن إلا رمزاً باهتاً لذبيحة المسيح النهائية والكاملة، فلم يكن الناموس بكل ذبائحه وفرائضه وأحكامه [بقادر أن يُحيي]، بل كان الناموس [مؤدبنا إلى المسيح لكي نتبرر بالإيمان] [16]، [لأنه لا يُمكن (مستحيل) أن دم ثيران وتيوس يرفع خطايا.. نحن مقدسون بتقديم جسد يسوع المسيح مرة واحدة. وكل كاهن يقوم كل يوم يخدم ويقدم مراراً كثيرة تلك الذبائح عينها التي لا تستطيع البتة أن تنزع الخطية، أما هذا (أي المسيح) فبعد ما قدم عن الخطايا ذبيحة واحدة جلس إلى الأبد عن يمين الله.. لأنه بقربان واحد قد أكمل إلى الأبد المقدسين] [17] ومن ثَمَّ فقد أَبطلت ذبيحة المسيح يسوع كل الذبائح القديمة تماماً وأنهت دورها الرمزي، تلك التي كانت تُقدَّم مراراً وتكراراً ولا تقدر أن تنزع الخطية لا من فكر الإنسان ولا من ضميره، لأنها كانت غير نافعه من جهة أنها غير قادرة على أن تقوم بتغيير جذري في حياة الإنسان ليدخل في سرّ حياة جديدة ليكون له ثقة للدخول للأقداس العُليا والوجود في حضرة الله الدائمة بصفته قد تبرأ من الخطية وانفك وأُعتق من سلطان الموت. |
![]() |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
وجه الحديث لهرون وبنيه عن بعض الذبائح والتقدمات |
شرائع الذبائح والتقدمات |
الذبائح الدموية والتقدمات الطعامية |
علماء الكتاب المقدس فيقولون إن تقديم الذبائح أمر وضعه الله |
أن دراسة الكتاب المقدس |