وقد شعر برغبة جامحة في العودة إلى الكنيسة والاشتراك في الصلاة الدائرة فيها. فلما همّ بالتوجه إلى هناك. وكل ذلك في الحلم. إذ بأربعين شهيداً مسلّحين يقفون في وجهه ويتهدّدونه. وهم كادوا أن يسحقوه لو لم يرأف به أحدهم. ويبدو أن الحلم كان حيّاً لدرجة أن غريغوريوس استفاق منه وهو يبكي. ثم قام ودخل الكنيسة مستسمحاً ربّه والشهداء القديسين الأربعين. هذه كانت أولى الصدمات التي تلقّاها في شبابه. ويبدو أن عدداً منها كان في انتظاره.على أن غريغوريوس، في شبابه،لم يلبث أن تحوّل إلى علم البلاغة فصار معلماً لها، ربما في خطى أبيه. وكان هذا، فيما يبدو، على حساب مسيحيته وخدمته كقارئ لأن الأجواء التي جعل نفسه فيها كانت أدنى إلى الوثنية. فكان أن القديس غريغوريوس اللاهوتي، صديقه وصديق أخيه باسيليوس، بعث إليه لائماً وداعياً إياه لان يعود إلى صوابه. "إذن، أنت مصمّم أن تدعى بليغاً بدل أن تدعى مسيحياً... فيا صاحبي، لا تقم طويلاً على ذلك. اصح قبل فوات الأوان! عد إلى نفسك واسأل الصفح من الله والمؤمنين". ومع أننا لا نعرف تماماً كم دامت هذه الفترة من حياته، إلا أنه ليس ما يشير إلى أنه أقلع عما عزم عليه انتصاحاً بما أتاه من صديقه.