منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 21 - 07 - 2012, 10:01 PM
الصورة الرمزية magdy-f
 
magdy-f Male
..::| الاشراف العام |::..

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  magdy-f غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 348
تـاريخ التسجيـل : Jun 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : egypt
المشاركـــــــات : 18,593


الفتاة التي كرست حياتها لمخلصها
يذكرني تكريس مريم بقصة فتاة فقدت حريتها وسيقت للبيع في إحدى أسواق الرق بأمريكا، وكان فقدانها الحرية أقسى مما تستطيع حمله، فهي أشبه الكل بالوحش الأسير المجروح، أو المجنون الذي ذهب لبه، تلتهب عيناها بشواظ من نار الحقد والمقت والسخط والكراهية على مستعرضيها، وقد اشتدت المزايدة بين راغبي شرائها حتى بلغت حدا عجز إزاءه الجميع إلا رجل هاديء لطيف القسمات أبي ألا أن يشتريها بأي ثمن، وقد تم له ما أراد، غير أنه ما أن دنا منها ليمسك بيدها حتى صرخت في وجهه بصوت مخيف مفزع: ابعد عني أيها الرجل فلن أبرح هذا المكان إلا جثة هامدة، فأجابها وقد تندت عيناه بالدموع: إني أرثي لك يا فتاتي، وأقدر جيدًا معنى ألمك وحزنك وثورتك، وكل قلب نبيل يرى فيك ضياع الحرية والكرامة والشرف والمحبة والجود والإخاء الإنساني وكل المعاني العظيمة التي يعتز بها البشر لا يملك إلا أن يتألم ويفزع ويحزن، لست أحد جلاديك ومعذبيك الآدميين، إنما أنا رسول محبته إليك، ذاك الذي مات من أجلى ومن أجلك على الصليب، فمحا الفروق التي أنشأتها الخطية واستبد الإنسان، أيتها الأخت أنت حرة من هذه الساعة، حرة كهذا النور وهذا الهواء الذي نموج فيه ونمرح، حرة أمام الله وهؤلاء الشهود... واستدار الرجل يسير، ولكن الفتاة التي أذهلتها هذه الكلمات أمسكت به وصاحت بدموع: أيها الملاك بين الناس لن أتركك. إن عبودية في كنف حماك لهي أفضل شرف وأمجد حرية. وأبت أن تتركه وسارت معه لتخدمه كأفضل ما تكون الخدمة المسيحية ... على هذا الغرار عاشت مريم لمخلصها، فقدمت له كل ما تملك يداها وقلبها، كرست له مالها ووقتها ومحبتها.
مالها
هي الفتاة التي أشرفت على كل ما يحتاج إليه المسيح من طعام وشراب ولباس ولعلها هي التي نسجت له القميص الذي اقترع عليه يوم الصليب، وهي الفتاة التي كانت تحرص على أن يظل الصندوق عامرًا حتى ولو سرق منه يهوذا ما سرق، كان المال أحد الوزنات التي تملكها هذه الفتاة، ولقد أجادت استعماله مع زميلاتها الفتيات.
أيتها السيدات الثريات ما أحوجكن إلى تعلم هذا الدرس، قد لا تستطعن أن تخرجن بأنفسكن للخدمة كالسيد وتلاميذه، وقد لا يكون لكن من الظروف والمجهود والاستعداد ما يمكنكن من التبشير والتعليم والوعظ، وقد لا تكون هذه بعض نصيبكن من هبات الله ووزناته، ولكنكن تستطعن أن توفرن على كل خادم تعب التفكير في حاجات الجسد والانشغال بها. أريد أن تقفن من الخدمة موقفًا مثيلاً لموقف ولدين من أبيهما الخادم. كان جون استرلنج واعظًا غيورًا متجولاً، يريد لكلمة الله أن تسمع في كل مكان، وقد قضى مرة أسبوعًا يعظ في خدمة ناجحة على جمع كبير في كنيسة من كبريات الكنائس، وقد اقترح أحد المتقدمين في حضور هذه الخدمات على المجتمعين جمع مبلغ من المال لمعونة هذا الواعظ، فأجاب راعي الكنيسة: إن هذا كان يسره لو أن استرلنج يقبل معونة، وذكر الراعي أن لهذا الخادم ولدين، كان يتمنى أبوهما أن يخرج أحدهما للخدمة، غير أنهما لم يشعرا بدعوتها، وانصرفا إلى التجارة فوفقا فيها توفيقًا كبيرًا، وطلبا من والداهما أن يجول كما يريد شرقًا وغربًا لخدمة الله، وأن يصرف ما يشاء في رحلاته، وألا ينتظر من أحد أي مساعدة مالية، وإنهما كفيلان بتوفير كل ما يحتاج إليه، ولقد قضى هذا الرجل خدمته يتابعه ولداه في كل مكان بكل رغباته واحتياجاته المادية.
وقتها
وتكريس الوقت فيما أظن أصعب وأقسى من تكريس المال، فلقد رأيت كثيرين يقدمون أموالهم بعواطف بعضها سام وبعضها خفيض ولكنها على أي حال لن ترقى إلى ذلك الانصراف الكلي لخدمة السيد، كانت مريم ومن معها متابعات السيد أينما رحل، شأنهن شأن النساء اليهوديات المتعبدات اللواتي كن، كما يحدثنا جيروم، يتتلمذان للربيين، ويسرن وراءهم في روح عميقة من التبعد والولاء والخدمة.
رسم أحد المصورين صورة قدم مرفوعة لترقي درجات سلم كتب عليها: «التعود على الذهاب إلى بيت الله». وكتب في أسفل الصورة: «أكبر خطوة في حياة أي إنسان» وكم عجز كثيرون وثقلت أقدامهم عن بلوغ هذه الخطوة،... كان لوثر يحس أن اليوم الذي لا يقضي فيه ساعتين صباحًا على ركبتيه يوم ضائع، وكان يوحنا ويسلي يرى ضرورة قضاء أربع ساعات يوميًا في شركة تعبدية مع المولي حتى يشبع منه ويحدثه بمشكلاته، ونحن يا تري كم نعطي لله من أوقاتنا وكم نجلس في حضرته العلية، وكم نهمس في أذنيه بأشواقنا وآمالنا وآلامنا؟ أخشى أن أقول إن ما نواجه من جدب وإفلاس وضعف وفقر وعجز يرجع إلى قصر الشركة معه وضيق وقتها.
محبتها
لئن كان المال في هيكل مريم القدسي بمثابة الدار الخارجية، والقدس هو الوقت، فالمحبة هي قدس الأقداس، وهنا يطرح المرء قلمه في رهبة وتلعثم وعجز إزاء هذه المحبة النادرة العجيبة، بل هنا يقف المرء في انحناء وخشوع إزاء أنبل ما أراق القلب الإنساني من عواطف على الأرض، قد لا يكون لمريم عمق محبة العذراء، أو علو محبة يوحنا، أو طول محبة بولس، أو عرض محبة بطرس، ولكن من يجاريها في جزالة محبتها وفخامتها وعذوبتها ورعتها وقوة انبعاثها.. حين وقف منها توماس ميلر وحاول أن يدرك كنهها، وسر ما فيها من جمال ورغادة ونور لم يجد لها وصفا أصلح من ذلك الوصف الرمزي البديع الذي وضعه ماثيسون على لسان الكنيسة، وفيه يتمثلها فتاة يحاول رجل - هو العالم - وقد أخذ بجمالها وشذاها أن يردها عن سيدها ومحبها فتجيبه: «إن ما يعجبك في ليس شيئًا أصيلاً بل هو انعكاس... إنه الزرقة تتلون بها مياه البحر، والحمرة تصطبغ بها وجنة الورد، لقد طبعها في قلبي نور عظيم، نور المحبة، لقد رأيت واحدًا حولني، هو الذي أتبعه في الوديان وأرقي وراءه فوق التلال، قال الناس أنه ميت، ولكن هذا ليس حقًا، انه نور أيامي، والأزهار المبثوثة في طريقي، إنه اللحن الذي أتغنى به، ولو أمكنني أن أغني من الصباح حتى الليل لما رددت غير مقطع واحد: «أحبه. أحبه. أحبه».
وفي الجلجثة والبستان بدت هذه المحبة عجبًا حين اتشحت بالحزن وكساها ثوب الألم لقد انتصرت على كل عوامل الضعف البشري، وضربت أمثل الآيات في الوفاء والولاء والتكريس، لقد تابعت المجدلية المسيح في المحاكمة وعلى الصليب وفي القبر، وكامبل مورجان يؤكد بملاحظته الدقيقة، إنها قضت الليل كله تجاه القبر حتى ختم في صباح اليوم التالي، وفي يوم القيامة كانت أسبق الجميع إليه، بل كانت بين أورشليم والقبر جيئة وذهاباً لا تعرف استقراراً وبينما يرجع بطرس ويوحنا مندهشين متعجبين لا تترك هي القبر بل تسكب أمامه دموع المحبة الوفية الحزينة، كما أن رؤياها للملاكين، ومن ظنته البستاني، وحديثها معهما ومعه، يجلان في روعتهما وحقيقتهما عن أسمى خيال طرق فكرًا بشريًا،... لقد تعلمت من المجدلية كيف تنتصر المحبة على الخوف والرهبة، وكيف تعلو على الجبن والمصانعة، وكيف ننسى الأعياء والتعب، وكيف تنفرد بالولاء والشهادة المنتصرة في أدق الظروف، لقد تعلمت منها كيف أقف إلى جانب مخلصي، حتى ولو انفض الجميع من حوله، وبدا الليل قاتمًا حالكًا مظلمًا، وأن أسعى إليه لأعبر له عن ولائي، ولا انتظر غيري سعي أو لم يسع، وأن تكون محبتي متحركة نشطة ملتهبة لا تعرف السكون أو الصمت أو الجمود، وألا يؤثر فيَّ رجوع الجميع عنه حتى ولو كان بينهم أفضل تلاميذه، بل وأن يكون لي من قوة الحب، ما يشغلني عن منظر الملائكة مهما كان جميلاً، وعن حديثهم مهما كان عذباً، بل لقد تعلمت منها أن أنسى ضعفي وخوفي وقصوري ونقصي وانفرادي، وأن أشهد له وأعترف به وأسعى إليه، في أية حالة كنت وكانت الظروف حولي.
ضع هذه العبارات أمامك: «فأخذ يوسف الجسد ولفه بكتان نقي ووضعه في قبره الجديد.. وكانت هناك مريم المجدلية ومريم الأخرى جالستين تجاة القبر». «وفي أول الأسبوع جاءت مريم المجدلية إلى القبر والظلام باق». «فركضت وجاءت إلى سمعان بطرس وإلى التلميذ الآخر الذي كان يسوع يحبه وقالت لهما أخذوا السيد من القبر ولسنا نعلم أين وضعوه». «فمضى التلميذان أيضًا إلى موضعهما أما مريم فكانت واقفة عند القبر خارجًا تبكي». «فظنت تلك إنه البستاني فقالت له يا سيد إن كنت أنت قد حملته فقل لي أين وضعته وأنا آخذه».. ضعها أمامك ترى جلال محبة مريم وعظمتها.

الفتاة التي كوفئت أجل مكافأة

لا أظن أن هناك مكافأة أجل من تلك التي قالها مرقس في عبارته الخالدة، وهو يتحدث عن قيامة المسيح: «ظهر أولاً للمجدلية». ولم ظهر للمجدلية أولاً؟ ألا أنها كانت أحوج الكل إليه؟ تشتت التلاميذ وتعثروا، وكانوا يحتاجون إليه وإلى تعزيته، وإلى استرداد الثقة بمكانهم وموقفهم، فخصهم بحبه ومواساته وحدبه، كل على أساس حاجته من ذلك الحب والمواساة والحدب، ولأجل هذا ظهر لبطرس على انفراد، وظهر لتلميذي عمواس، وظهر للتلاميذ في أول الأسبوع التالي مجتمعين معاً، وأغلب الظن أنه ظهر خصيصًا من أجل توما الذي لم يكن حاضر الظهور الأول.. فهل ظهر أولاً للمجدلية لأن دموعها كانت أغزر، وحزنها أشد؟ قد يكون فأنا أعلم أن دموعي تأتي به من أقصى السموات، وأنا أعلم أن ضيقي يهز قلبه العظيم، وأنا أعلم أنه ما من دموع سكبها إنسان إلا وهزته هزا، وهل استطاع أن يرى أرملة نايين تودع ولدها الوحيد الى مثواه دون أن يقف في طريق الموت ليرد الولد إلى أمه؟ وهل استطاع أن يرى أخت لعازر تبكى دون أن يشاطرها البكاء؟ فهل يمكن أن يرى دموع مريم دون أن يسرع إليها؟ أنا أعلم أنه جاء ليمسح دموعها، وليرد إليها العزاء. وليبين لها أن يوم نصرته لا يصح أن يكون يوم دموعها ويوم القيامة لا يمكن أن يكون يوم البكاء..

ألا ما ألطف السيد وأروع حنانه! كم من مرة يأتينا ليكفكف دموعنا التي تعبر في الواقع عن أوهام خيالية وأحزان لا أساس لها، وهي أشبه الكل بدموع يعقوب قديمًا حين صاح لبنيه: «أعدمتموني الأولاد. يوسف مفقود وشمعون وبنيامين تأخذونه صار كل هذا علي». ولم يكن أحد من أولاده إلا في خير حال.

هناك من يظن أيضًا أن المسيح جاء ليكافيء المرأة في شخص مريم، ويرفع كرامتها المهانة الضائعة، لقد كفرت المرأة يوم الصليب عما فعلته يوم السقوط، إذ انفردت بالولاء له دون الرجل، ومن ثم كان الرسول الأول للتاريخ والأجيال ببشارة القيام امرأة لا رجلاً.. «فجاءت مريم المجدلية وأخبرت التلاميذ أنها رأت الرب وأنه قال لها هذا»... عندما تذكر النساء مجدهن الأثيل وخادمات هذا المجد ليتهن لا ينسين أن يضعن في الصف الأول مع أخلد البطلات مريم المجدلية.



رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
القديسة مريم المجدلية
تذكار القديسة مريم المجدلية من هي مريم المجدلية؟
قصة القديسة مريم المجدلية
القديسة مريم المجدلية
القديسة مريم المجدلية


الساعة الآن 06:47 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025