
هذا عن أبيه، أما عن أمه هيلانة فالأقوال عن نشأتها عديدة لعل أبرزها أنها الابنة الوحيدة ل"كول" الملك الإنجليزي الذي إليه يُعزى بناء أسوار مدينة كولشستر وتجميلها. منه، كما قيل، استعارت هذه المدينة أسمها. وهي الزوجة الأولى لقسطانس كلور وقسطنطين هو ابنها البكر. ويبدو من أفسافيوس القيصري صاحب "تاريخ الكنيسة"، أنها لم تصر مسيحية إلا بعد أن حقق قسطنطين، ابنها النصرة العجائبية على أعدائه. ويبدو انه سلكت في الكمال المسيحي بجد كبير، لا سيما في التقوى وعمل الإحسان. وروفيينوس المؤرخ يقول عن إيمانها وغيرتها المقدسة أنهما لا مثيل لهما. كذلك أكد القديس غريغوريوس الكبير، في القرن السادس الميلادي، أنها أشعلت النار عينها التي اشتعلت فيها، وذلك في قلوب الروم. كانت تتناسى قدرها كإمبراطورة فتبادر إلى مؤازرة الكنائس وتسلك بين الناس بلباس عادي متواضع. صارت أماً للمحتاجين والمضنوكين. بنت الكنائس وأغنتها بالزينة والآنية الثمينة. في كنف هذين الأبوين الفاضلين إذا نشأ قسطنطين فكان على مزايا كريمة ونبل في المسرى ورحابة في التعاطي مع الآخرين وإنصاف في العدل وعطف على المحتاجين، مستعداً لان يعفوا عن المتحاملين عليه بعد أن يكسر شوكتهم إلا إذا تمادوا. هذه المزايا بالإضافة إلى الرأفة بالمسيحيين اتسم بها قبل أن يعرف المسيح، فلما عرفه اخذ منه وازداد.