القدّيس فوتيوس، على مل قيل، لما بلغه الخبر استفظعه وحاول التملّص بكل الطرق الممكنة. الوقت صعب والمهمة دقيقة وليس سهلاً على من التزم الدرس والتدّريس، أستاذاً ومفكّراً، أن يتخلى عن عالم نعم فيه بهدوء لا شك فيه، ليخوض غمار عالم صاخب مضطرب محفوف بالمخاطر كبطريركية القسطنطينية. لذا قال في رسالة إعلان إيمانه إلى نيقولاوس، بابا رومية، بعد ذلك بزمن، أنه رُفّع إلى البطريركية بغير إرادته وهو يشعر بأنه يقيم فيها بمثابة سجين. أنى يكن الأمر فإنه جرى ترفيع فوتيوس في سلم الرتب الكهنوتية في خلال أسبوع لأن الوقت كان قريباً من عيد الميلاد وكانت على البطريرك مهام تجدر ممارستها في أقرب وقت ممكن. على هذا جرى تنصيبه بطريركاً يوم الخامس والعشرين من كانون الأول عام 858م. لم يتح للقدّيس فوتيوس أن ينعم بالسلام طويلاً لأن المتطرفين من أنصار أغناطيوس ما لبثوا أن رصّوا صفوفهم وأعلنوا رفضهم للبطريرك الجديد رغم الضمانات التي سبق له أن أعطاها بشأن منزلة البطريرك المستقيل. هكذا بدأت متاعب فوتيوس التي فرضت عليه مواقف حرجة أملت عليه قرارات صعبة فأثارت بشأنه تساؤلات جمّة وجعلت منه رجل الملمّات عنوة. والحق أنه جمع، في أدائه، بين الوداعة والمواجهة والدقّة والرحابة والإحجام والإقدام والفضيلة والمسؤولية.