أين مُغريات هذا العالم بأسرها من اختبار هذه الحلاوة. فمَن يحسُّ بها مرّة واحدة لا يتوانى عن بذل كلّ جهدٍ لاستعادتها، ولو تعيّنَ عليه انتظارها والمثابرة في طلبها سنواتٍ مُكتَنَفًا بغياهب الظّلام. حينذاك نتعلّم من إيماننا كما من خبرة القدّيسين أنّ الرّبّ لم يتخلَّ عنّا، بل إنّه يحثُّنا على طلبه، ويمتحن عزيمتَنا وصبرَنا بجهادٍ أخير، رغبةً منه في أن يوشّحنا بأمجاد عُليا.
إذّاك نُدرِكُ أنّ الحياة المسيحيّة ليست مجرَّدَ جهادٍ مُضنٍ، نخوضُه لتتفتّح فينا نعمة المعموديّة، بل هي أيضًا انتظارٌ لذيذٌ مِلحاح للّذي يأتي على السّحاب “كي يأخذ لهُ مُلْكًا”، وسوف يورثنا معَه، كأنّه “بكرُ إخوةٍ كثيرين”.
“اَلرُّوحُ نَفْسُهُ أَيْضًا يَشْهَدُ لأَرْوَاحِنَا أَنَّنَا أَوْلاَدُ اللهِ. فَإِنْ كُنَّا أَوْلاَدًا فَإِنَّنَا وَرَثَةٌ أَيْضًا، وَرَثَةُ اللهِ وَوَارِثُونَ مَعَ الْمَسِيحِ. إِنْ كُنَّا نَتَأَلَّمُ مَعَهُ فلِكَيْ نَتَمَجَّدَ أَيْضًا مَعَهُ” (رو8: 16-17).