اتُّخذ الحق بدلاً من الشريعة، لأنها وجدت فيه كمالها. ولهذا أٌبطلت الشريعة ولم يبقَ حفظها واجباً على المهتدين حديثاً. فإسرائيل الجديد كان له دستوره الخاص. وصار هذا الجزء من العهد القديم وكأنه مهجور، لأنه يرتبط أساساً بالوضع التاريخي -لكن لا بمعنى النسبية التاريخية العامة، بمقدار ما هو بمعنى التدخل الإلهي والعناية الإلهية. فالرب أوجد الوضع الافتدائي الجديد ودشَّنه، فهو أوْجَدَ وضعاً جديداً في المنظور المقدّس للخلاص. كلّ ما انتمى إلى الحالة السابقة فَقَدَ معناه، وإذا ما احتفظ بهذا المعنى فكسابق تصوّر فقط. حتى إننا لا نستثني الوصايا العشر من هذه القاعدة لأن “الوصية الجديدة” قد نسختها. والآن يجب أن نستخدم العهد القديم من خلال علاقته بالكنيسة فقط. ففي التبرير القديم اقتصرت الكنيسة على أمَّة واحدة. أمَّا في التدبير الجديد فأُبطلت الفوارق القومية وزال التفريق بين اليوناني واليهودي وصار الجميع واحداً في المسيح الواحد. وبكلام آخر، لا يجوز أن نُبعد بعض أجزاء العهد القديم التي تتعلَّق بحياة الكنيسة، ولكن لا يحق لنا في الوقت ذاته أن نجعل منها نماذج كتابية لحياة الشعوب الزمنية. فإسرائيل القديم كان كنيسة مؤقتة، لكنه لم يكن نموذجاً للأمم. طبعاً، إننا نقدر أن نتعلَّم الشيء الكثير من الكتاب المقدس عن العدالة الاجتماعية التي كانت جزءاً من رسالة الملكوت الآتي، وعن التنظيم السياسي والاجتماعي والاقتصادي عند اليهود عبر العصور. وقد تكون هذه الأمور عوناً لنا في مناقشاتنا الاجتماعية.