يُوسُفُ كان أبوه يحبه أكثر من سائر بنيه لأنه ابن شيخوخته، وابن راحيل، ولأنه بالحق كان مُتميِّزًا في كل شيء؛ فصنع له قميصًا ملونًا، وكان في عينيه كالأمير، وكان هو التعويض الإلهي له عن الحرمان من عاطفة الأمومة (تك37). تعلَّم أن يتعايش مع الحرمان، كما تعلَّم أن يفرح ويشكر على التعويضات والمراحم الإلهية. وجد نفسه مُحاطًا بمشاعر البغضة من إخوته الذين عاملوه باحتقار وازدراء، حتى أولاد الجواري، وهو لا يعلم لماذا! كان يصطدم بسلوكيات إخوته وأخلاقياتهم الرديئة، وهو حساس ونقي ويخشى الرب منذ صباه، وهذا أضاف إلى آلامه ومعاناته، أنه يعيش وسط الفساد ولا يجد مبادئ البر والعدل في البيت. كان يعرف ما يليق وما لا يليق بقداسة الله، ولهذا كان مُضطرًا أن يأتي بنميمتهم الرديئة إلى أبيه. وهذا جعلهم يبغضونه أكثر. حلُم حُلمين، وكانا بمثابة إعلان من الله أنه سيملك مُلكًا ويتسلط تسلطًا، وأن إخوته سيسجدون له؛ فازدادوا أيضًا بغضًا له من أجل أحلامه ومن أجل كلامه. وفي كل هذا كان أبوه هو التعويض الرائع الذي رتبته له رحمة الله، ومن خلاله وجد الحب والحنان، والأمن والأمان، والشعور بالقيمة والكرامة، وكان راضيًا وشاكرًا.