![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
|
عندما أخذ الكلب الطفلة واختفى في صباح 17 أغسطس 1980، كانت عائلة تشامبرلين تستعد لقضاء ليلة هادئة بمنتزه في الصحراء الأسترالية. بدا كل شيء طبيعيًا؛ الخيمة منصوبة، الريح دافئة، والرضيعة أزاريا تشامبرلين، البالغة من العمر تسعة أسابيع فقط، تغط في نومٍ عميق بين أغطيتها الصغيرة، غير مدركة أن القدر يتهيأ ليُغَيّر حياة أسرتها إلى الأبد. لكن في تلك الليلة… وقع ما لم يخطر ببال أحد. عندما اقتربت الأم ليندي تشامبرلين من الخيمة لتطمئن على صغيرتها، رأت ظلًّا يتحرّك ثم لمحت دينغو—أحد كلاب أستراليا البرية—وهو يهرب مبتعدًا. صرخت صرختها الشهيرة التي دوّت في المكان وتحولت لاحقًا إلى جملة خالدة في الإعلام العالمي: "الدينغو أخذ طفلي!" انطلقت عمليات البحث في الصحراء، وشارك فيها مئات المتطوعين، لكن أزاريا لم يُعثر عليها أبدًا. بعد أسبوع، اكتُشف قميصها الملطـخ بالدماء وحفاظها مدفونَين قرب أحد أوكار الدينغو، مما دعم رواية الأسرة… لكن العالم لم يصدق. في البداية، أكّدت التحقيقات أن الدينغو هو المسؤول. لكن ضغط الشرطة، والشكوك، والخوف من اللوم، دفع السلطات لإعادة فتح القضية. وهنا انقلبت القصة رأسًا على عقب. الإعلام كان قاسيًا… والجمهور أكثر قـسوة. جاءت الاتـهامات من كل اتجاه: لماذا لم تبكِ ليندي أمام الكاميرات؟ لماذا بدت “هادئة”؟ بدأت النيابة تستخدم أدلة وُصفت لاحقًا بأنها كارثية: ما قيل إنه "دم جنين" في سيارة العائلة… واتضح أنه مجرد مادة عازلة من المصنع. ما اعتُبر بصمات يد على ملابس الرضيعة… واتضح أنه رمل أحمر صحراوي. وما قيل إنه قطـع بالمقص في ملابس أزاريا… وتبيّن أنه ناتج عن عضّ الدينغو. ومع ذلك… وفي واحدة من أكثر اللحظات ظلمًا في التاريخ القضائي الأسترالي، حُكم على ليندي بالسجن المؤبّد. أما زوجها مايكل تشامبرلين فدانوه كشريك بعد الواقعة. دخلت ليندي السجن بقلبٍ مكـسور… أمٌ فقدت طفلتها، ثم اتُّـهمت بقتـلها، ثم جُردت من حريتها وكرامتها. بعد أكثر من ثلاث سنوات خلف القضبان، جاء الفرج من مصدر غير متوقع. في عام 1986، وأثناء بحث عن رجل بريطاني سقط في منطقة وعرة، عثر أحد رجال البحث على سترة أزاريا المفقودة بالقرب من وكر دينغو آخر. كان هذا هو الدليل القاطع الذي هدم القضية من أساسها. تم الإفراج عن ليندي فورًا، وأعيد فتح التحقيق. لاحقًا، أكدت لجنة تحقيق ملكية عام 1987 وجود “أخطاء خطيرة” في القضية، وتم إلغاء الإدانة بالكامل عام 1988. مُنحت العائلة تعويضًا قدره 1.3 مليون دولار أسترالي، لكنه لم يكن كافيًا ليمحو سنوات الألم والظـلم والوصم الاجتماعي. ثم جاء الحكم النهائي في 2012—بعد أكثر من 30 عامًا من الجدل—ليقول أخيرًا الحقيقة التي صرخَت بها الأم منذ البداية: أزاريا تشامبرلين ماتت نتيجة هجوم دينغو. تحوّلت القضية إلى رمز عالمي يذكّر بأن: العدالة قد تخطئ أحيانًا بشكلٍ قاتل. الإعلام قادر على تشويه الحقائق وتدمير حياة الأبرياء. المشاعر لا يمكن أن تكون دليلًا على الذنب أو البراءة. الطبيعة—بجمالها وقسوتها—قد تخطف الأحبة في لحظة. ورغم مرور العقود، تبقى قصة أزاريا درسًا مؤلمًا عن هشاشة الإنسان، خطأ القضاء، وظلم الشك، وانتصار الحقيقة—حتى لو تأخر وصولها. |
|