![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
|
أن الخطأ ليس نهاية السطر بل فرصة لكتابة سطرٍ أفضل في زمنٍ لم تكن فيه الأخطاء تُغتفر بسهولة، وفي مكاتب تئنّ تحت ضجيج الآلات الكاتبة، كانت “بيت نيسمث غراهام” مجرد سكرتيرة بسيطة في بنك… امرأة عادية تخوض معركة يومية مع أكثر ما يكرهُه العاملون بالآلة الكاتبة: غلطة صغيرة تعني إعادة الصفحة كاملة من الصفر. كانت تشعر بالإحباط كل يوم، لكن عينيها لاحظتا مشهدًا بسيطًا سيغيّر حياتها وحياة الملايين: رسّامو البنك كانوا يصلحون أخطاءهم الفنية بلمسة طلاء أبيض. وهنا انقدحت الفكرة… لماذا لا نصلح الكلمات كما يصلح الفنانون الخطوط؟ عادت إلى منزلها، وأغلقت على نفسها باب المطبخ، وبدأت تخلط ألوان التمبرا البيضاء في خلاط صغير، تحركها يدان مرهقتان لكنهما مملوءتان بالأمل. وبعد محاولات لا تُحصى، خرج من تحت يديها سائل غريب… سائل يمحو الأخطاء لحظة وضعه. أطلقت عليه اسمًا بسيطًا: Mistake Out. كانت تخبئه في زجاجات صغيرة وتأخذه معها إلى العمل. وما إن جرّبته زميلاتها حتى انتشر كالنار في الهشيم… صار منقذًا يوميًا لكل من تكتب على الآلة الكاتبة. لكن النجاح لا يأتي بلا ثمن. في أحد الأيام، وبينما كانت تكتب رسالة رسمية لرئيسها، استخدمت سائلها لكنها نسيت أن تمحو من القالب كلمة “Mistake Out Company”… خرجت الرسالة باسم شركتها الوليدة. وعندما وصلت إلى مكتب المدير، لم يكلّف نفسه النظر إلى جهدها أو ابتكارها. كل ما رآه كان "إضاعة للوقت". وطردها من العمل. خرجت بيت من البنك مكـسورة، بلا راتب، بلا أمان… لكنها حملت معها شيئًا أهم: إيمانًا عميقًا بأن ما اخترعته ليس خطأ، بل بداية طريق لم تولد بعد. رهنت كل ما تملك، وكرّست وقتها لتطوير منتجها. وشيئًا فشيئًا، تحوّل ما بدأ في مطبخ متواضع إلى اختراع يهز عالم المكاتب. صار اسمه الجديد ليكويد بيبر Liquid Paper، وانتشر في الشركات والجامعات والبنوك… ملايين الزجاجات تُباع سنويًا. وفي عام 1979، وبعد عقود من الإصرار، اشترت شركة Gillette اختراعها مقابل 47.5 مليون دولار بالإضافة إلى نسبة من الأرباح. من “سكرتيرة مُهمَلة” إلى امرأة صنعت ثورة صغيرة غيرت حياة الجميع. بعد أشهر قليلة، رحلت بيت عن الدنيا… لكنها تركت وراءها أعظم إرث يمكن أن تقدمه روح مُتعبة لم تستسلم: علّمت العالم أن الخطأ ليس نهاية السطر بل فرصة لكتابة سطرٍ أفضل. |
![]() |
|