منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01 - 02 - 2021, 04:27 PM   رقم المشاركة : ( 21 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,213,304

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى

46. بعد هذا حل بالكنيسة الاضطهاد [95] الذى حدث أيام مكسميانوس، وعندما اقتيد الشهداء إلى الإسكندرية تبعهم أيضا أنطونيوس تاركا صومعته، وقائلا: لنذهب نحن أيضا حتى إذا دعينا كافحنا أو نظرنا المكافحين. وقد تاق إلى الاستشهاد، ولكنه إذ لم يشأ تسليم نفسه، خدم المعترفين في المناجم وفي السجون. وكان في شدة الغيرة في ساحة القضاء، لكي يبعث الهمة في نفوس الذين دعوا للجهاد. أما الذين دعوا للاستشهاد، فكان يقبلهم ويسندهم في طريقهم حتى يكملوا. وإذ رأى القاضي عدم خوف أنطونيوس ورفاقه، وغيرتهم في هذا الصدد، أمر بأن لا يظهر راهب في ساحة القضاء، أو يبقي في المدينة علي الإطلاق، ولذلك وجد جميع الباقين أنه من الأصلح أن يختبئوا في ذلك اليوم. أما أنطونيوس فلم يبال كثيرا بذلك الأمر، حتى أنه غسل ثوبه، ووقف طول اليوم التالي في مكان مرتفع أمامهم، وظهر في أحسن حالة أمام الوالي. ولذلك فعندما تعجب من هذا جميع الباقين، ورآه الوالي ومر به بحلته الملكية، وقف غير خائف مظهراً استعدادنا نحن المسيحيين، لأنه كما قدمت كان يصلي أن يكون هو نفسه شهيداً، ولذلك يبدو عليه كأنه حزين لعدم حمل شهادته. لكن الرب حفظه لأجل فائدتنا وفائدة الآخرين. لكي يكون معلما للكثيرين عن النسك الذي تعلمه من الكتب المقدسة، لأن الكثيرين رغبوا أن يقتدوا بطرقة بمجرد رؤيتهم لطريقة حياته، هكذا خدم المعترفين ثانية. وتعب في خدمته كأنه شريكهم في الأسر.

47. وعندما توقف الاضطهاد أخيراً، وحمل المغبوط الأسقف بطرس[96] شهادته، انصرف أنطونيوس، واعتزل ثانية في صومعته، وبقي هنالك. وكان كل يوم شهيدا أمام ضميره مناضلاً في جهاد الإيمان وصار نسكه أشد صرامة لأنه كان دائم الصوم، يلبس لباسا من الشعر في الداخل، أما اللباس الخارجي فكان من الجلد، وهكذا احتفظ به إلى نهاية حياته، وكان لا يستحم بالماء ليتخلص من القذارة، ولا يغسل قدميه، بل كان لا يطيق أن يضعها في الماء، إلا عند الضرورة. ولم يره أحد غير لابس ثيابه، ولا رؤى جسده عرياناً إلا بعد موته، عند دفنه.

48. لذلك فعندما اعتزل أنطونيوس، اعتزم أن يحدد وقتا لا يخرج بعده ولا يقبل أي شخص أتاه مرتنيان ـ ضابط حربي ـ وأقلق راحته، لأنه كانت له ابنة معذبة بروح شرير. وإذ ظل يقرع الباب طويلا، وطلب منه أن يخرج ويصلى إلى الله من أجل ابنته، ولم يحتمل أنطونيوس أن يفتح، بل تطلع إليه من أعلي وقال: “يا إنسان لماذا تناديني ؟ أنا أيضا إنسان مثلك. ولكن إذا آمنت بالمسيح الذي أعبده فاذهب وحسب إيمانك لله فيكون لك”. وللحال انصرف مؤمنا وداعيا المسيح، فخرج إبليس من ابنته. وأشياء كثيرة أخري عن طريق أنطونيوس عملها الرب الذي قال “اسألوا تعطوا”[97]، لأن الكثيرين من المتألمين كانوا ينامون خارج صومعته عندما كان يرفض فتح بابه، فشفوا بإيمانهم وصلواتهم الصادقة.
  رد مع اقتباس
قديم 01 - 02 - 2021, 04:28 PM   رقم المشاركة : ( 22 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,213,304

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى

49. وعندما رأى نفسه محاطا بالكثيرين، ولم يحتمل الانسحاب عنهم وفقاً لما قرره، وإذ امتلأ قلبه خوفا بسبب الآيات التي عملها به الرب، لئلا ينتفخ، أو يفتكر فيه أحد فوق ما ينبغي أن يفتكر، فكر في الأمر مليا، واعتزم الذهاب إلى طيبة العليا بين من لا يعرفونه. وإذ تقبل بضعة أرغفة من الأخوة جلس علي شاطئ النهر، لعله يجد سفينة يستقلها، حتى إذا اعتلاها صعد في النهر معهم. وبينما هو يفكر في هذه الأمور جاءه الصوت من فوق “يا أنطونيوس إلى أين تذهب ولماذا ؟” أما هو فلم يضطرب قط، ولكنه إذ تعود أن يسمع مثل هذا النداء كثيراً، أصغي وأجاب قائلا: “طالما كانت الجموع لا تسمح لي بالهدوء، فإنني أريد الذهاب إلى طيبة العليا بسبب المعطلات الكثيرة التي ألقاها هنا، سيما لأنهم يطلبون مني أمورا فوق طاقتي”. ولكن الصوت قال له: “حتى إن ذهبت إلي طيبة، أو حتى إن نزلت إلى بوكوليا[98]، كما يخطر ببالك، فسوف تحتمل أتعاباً أوفر، بل تتضاعف أتعابك الحالية. أما إن كنت ترغب حقيقة في الهدوء فارتحل الآن إلى الصحراء الداخلية”. وعندما قال أنطونيوس: “ومن يريني الطريق لأنني لا أعرفه”، أشار الصوت في الحال إلى بعض العرب كانوا مزمعين الذهاب في ذلك الطريق، وهكذا تقدم أنطونيوس واقترب منهم، وسألهم ليذهب في الصحراء، فقبلوه بكل ارتياح، كأنهم قد تلقوا الأمر من العناية الإلهية. وإذ ارتحل معهم ثلاثة أيام وثلاث ليال وصل إلى جبل عال جداً ، وعند سفح الجبل كان يجرى ينبوع صاف، مياهه عذبة وباردة جدا، وفي الخارج كان هنالك سهل وقليل من أشجار النخيل غير معتني بها.

50. عندئذ أحب أنطونيوس المكان الذي كان مسوقاً إليه من الله، إذ كان هو الموقع الذى تكلم معه على شاطئ النهر. وهكذا إذ تقبل أولاً بضعة أرغفة من زملائه المسافرين معه لبث في الجبل منفردا ولم يكن معه أحد. وإذ أعتبره بيتاً له لبث فيه بقية الأيام التالية. أما العرب فإذ رأوا غيرة أنطونيوس تعمدوا اتخاذ ذلك الطريق فيما بعد في أسفارهم، وأحضروا إليه أرغفة بكل فرح، وفي نفس الوقت كان يأخذ من النخيل قليلاً من البلح، ولما عرف الأخوة المكان بعد هذا حرصوا علي إمداده بالطعام كأبناء يعنون بأبيهم. وعندما رأي أنطونيوس أن الخبز سبب تعبا ومشقة للبعض منهم، فإنه لكي يوفر هذا علي الرهبان اعتزم أن يطلب من بعض الذين أتوا أن يحضروا إليه جاروفا وفأسا وقليلا من الحنطة، ولما أحضرت هذه بحث الأرض المحيطة بالجبل، وبالعثور علي بقعة صغيرة من الأرض الصالحة فلحها، ولما وجد كمية مياه وافرة للري زرعها. فعل هذا عاماً بعد عام، وحصل علي خبرة بهذه الكيفية، وفرح لأنه لم يعد عبئا علي أحد، ولأنه حفظ نفسه غير ثقيل علي أحد. وبعد ذلك ، إذ رأي أن الناس أتته، زرع قليلا من الخضراوات، حتى يجد كل من أتاه قليلا من الغذاء بعد عناء السفر الشاق.

علي أن وحوش البرية في بداية الأمر كانت تأتي بسبب الماء، وكثيرا ما أتلفت بذارةه وزراعته. أما هو فأمسك بأحدها برقة ولطف وقال لجميعها: “لماذا تسيئين إلي وأنا لم أسئ إلى أى واحد منك؟ انصرفي، وباسم الرب لا تقربي هذا المكان”. ومن ذلك الوقت فصاعدا لم تقترب من المكان، كأنها قد خشيت أمره .
  رد مع اقتباس
قديم 01 - 02 - 2021, 04:28 PM   رقم المشاركة : ( 23 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,213,304

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى

51. هكذا كان وحده في الجبل الداخلي، يصرف وقته في الصلاة والنسك. أما الأخوة الذين كانوا يخدمونه فطلبوا منه أن يأتوا كل شهر، ويحضروا له زيوتا وبقولا وزيتا، لأنه كان وقتئذ قد تقدم في السن. حينئذ صرف حياته هناك، واحتمل مصارعة “ليس مع لحم ودم”[99] كما هو مكتوب، بل مع الشياطين المقاومة كما علمنا ممن زاروه. لأنهم هناك سمعوا شغبا وأصواتاً كثيرة وقرقعة كأنها قرقعة أسلحة. وفي الليل رأوا الجبل مليئا بالوحوش البرية، كما رأوا أنطونيوس أيضا مجاهدا كأنه يجاهد ضد كائنات منظورة، ومصليا ضدها، وكل الذين أتوه شجعهم وإذ كان يجثو كان يجاهد ويصلى إلى الرب. ويقينا أنه كان أمراً عجيبا أن شخصاً في برية كهذه لم يخش لا الشياطين التي هاجمته، ولا وحشية الوحوش ذوات الأربع والزحافات، لأنها كانت كثيرة جدا، ولكنه حقا كما هو مكتوب “توكل علي الرب مثل جبل صهيون “[100] بإيمان لا يتزعزع ولا يضطرب، حتى أن الشياطين هربت منه بالأحرى، ووحوش البرية سألته كما هو مكتوب [101]

52. كان إبليس، كما يقول داود في المزامير[102]، يراقب أنطونيوس ويحرق عليه أسنانه. أما أنطونيوس فكان متعزيا بالمخلص، واستمر سالماً من حيله ومكائده المختلفة. كان يسهر بالليل فيرسل عليه إبليس وحوشا برية. وخرجت كل ضبع تلك البرية تقريبا من مغايرها وأحاطت به، وكان في وسطها، يهدده كل واحد بالعض. وإذ رأى أن هذه حيلة من العدو قال لها كلها: “إن كان لك سلطان علي فإنني مستعد أن تلتهمينى، أما إن كنت قد أرسلت على من قبل الشياطين فلا تمكثي بل انصرفي لأنني عبد المسيح”. وعندما قال أنطونيوس هذه هربت أمام تلك الكلمة، كما لو أنها ضربت بالسياط.

53. وبعد ذلك بأيام قليلة، كان يعمل، لأنه حرص علي أن يؤدى عملاً شاقاً. فوقف واحد بالباب وشد الجديلة التي كان يعملها، لأنه اعتاد أن يصنع سلالاً يعطيها لمن أتوا بدلاً مما أحضروا إليه. وإذ انتصب رأى وحشا له شكل إنسان حتى فخديه، ولكن له سيقان وأقدام كالحمار. أما أنطونيوس فإنه إنما رسم ذاته وقال “أنا عبد للمسيح، فإن كنت قد أرسلت إلى فها أنذا هنا”. ولكن الوحش هرب هو وأرواحه الشريرة، حتى أنه بسبب سرعته سقط علي الأرض ومات. وكان موت الوحش إيذانا بسقوط الشياطين، لأنها بذلت كل جهد، بكل الطرق، لإبعاد أنطونيوس عن البرية فلم تقدر.
  رد مع اقتباس
قديم 01 - 02 - 2021, 04:28 PM   رقم المشاركة : ( 24 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,213,304

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى

54. وبعد مدة سأله الرهبان مرة لينزل ويزورهم في مساكنهم، فارتحل مع من أتوا إليه، وحملوا الأرغفة والماء علي جمل، لأن كل تلك البرية مقفرة، وليس فيها علي الإطلاق مياه صالحة للشرب سوى في ذلك الجبل الذي منه كانوا يستقون المياه، والذي كانت توجد فيه صومعة أنطونيوس. ولذلك فعندما أعوزتهم المياه في الطريق، واشتدت الحرارة، وصاروا جميعا في خطر شديد. لأنهم لما تجولوا في التخم المجاورة، ولم يجدوا ماء، ولم يستطيعوا أن، يتقدموا خطوة واحدة، بل استلقوا علي الأرض، وصرفوا الجمل بعد أن استولوا عليهم اليأس. أما الشيخ فإذ رأي أنهم جميعا قد أحدق بهم الخطر، أنَّ بحزن عميق، وابتعد عنهم مسافة قليلة، وجثا علي ركبتيه، وبسط يديه وصلي. وللحال جعل الرب المياه تتفجر حيث وقف يصلي، وهكذا شرب الجميع وانتعشوا. ملئوا أوعيتهم وبحثوا عن الجمل حتى وجدوه، لأن الحبل تصادف أن علق بحجر فربط به الجمل، فساقوه وسقوه ووضعوا الأوعية علي ظهره، وأتموا رحلتهم بسلام. وعندما أتي إلى الصوامع الخارجية حياه الجميع ناظرين إليه كأب، وهو أيضا كأنه آت إليهم بالإمداد من الجبل، حياهم بكلماته، وأعطاهم نصيبا من المساعدة. وصار فرح في الجبل ثانية، وغيرة نحو التقدم، وتعزية بالإيمان المتبادل. وقد فرح أنطونيوس أيضا عندما رأي غيرة الرهبان، لا سيما عندما وجد أن أخته قد شاخت في العذارية وأنها هي أيضا كانت تقود غيرها من العذارى.

55. وهكذا بعد بضعه أيام ذهب ثانية إلى الجبل. ومن ذلك الوقت لجأ إليه الكثيرون. وتجاسر غيرهم من المرضي علي الدخول. وكل الرهبان الذين أتوا إليه كان يقدم إليهم بصفة مستمرة هذه الوصية: “آمنوا بالرب وأحبوه، احفظوا أنفسكم من الأفكار القذرة والملذات الجسدية، وكما هو مكتوب في سفر الأمثال “لا تخدعوا بامتلاء البطن”[103] واظبوا علي الصلاة ، تجنبوا الغرور والخيلاء، رنموا المزامير عند النوم وعند الاستيقاظ، احفظوا في قلوبكم وصايا الكتاب المقدس، اذكروا أعمال القديسين، حتى إذا ما تذكرت نفوسكم الوصايا بقيت علي وفاق مع غيرة القديسين”.

ثم نصحهم بصفة خاصة بالتأمل دواما في كلمة الرسول “لا تغرب الشمس علي غيظكم”[104] وكان يعتقد أن هذه تشمل كل الخطايا بصفة عامة. فليس المقصود الغيظ فقط، بل يجب أن لا تغرب الشمس علي أية خطية من خطايانا لأنه حسن، بل ضروري، أن لا تغيب الشمس علي أي شر بنا نهارا ولا القمر علي آية خطية ليلاً، أو حتى علي أي فكر شرير. ولكي تستمر هذه الحالة فينا يحسن أن نسمع الرسول ونحفظ كلماته لأنه يقول “جربوا أنفسكم. امتحنوا أنفسكم”.[105]

إذا يجب علي كل واحد أن يستخلص من نفسه كل يوم قصة أعماله في الليل والنهار. وإن كان قد أخطأ فليكف عن الخطية، وإن لم يكن قد أخطأ وجب أن لا يفتخر. بل ليتمسك بالصالح دون إهمال، وأن لا يدين أخوته، أو يبرر نفسه “حتى يأتي الرب الذي يكشف الخفيات”[106] كما يقول المغبوط بولس الرسول. لأننا كثيرا ما فعلنا بغير قصد الأشياء التي لا نعرفها، ولكن الرب يري كل شئ. لذلك إذ نسلم الدينونة له لنعطف بعضنا علي بعض. لنحمل أثقال بعضنا بعضاً[107] ولكن لنمتحن أنفسنا ونسرع لملء ما نقص فينا.

واتقاء للخطية لنراع الآتي: لينتبه كل منا. ولنسجل أعمالنا والدوافع المحركة لنفوسنا، كأننا سوف نقصها بعضا علي بعض. واثقين من أننا إن كنا سوف نخجل تماماً من أن تعرف الخطية، وجب أن نكف عنها، وألا نبقي علي أية أفكار شريرة في عقولنا. من ذا الذي لا يكذب بعد ارتكاب الخطية بسبب الرغبة في تجنب معرفة الآخرين لها؟ وكما أننا إذا روقبنا من بعضنا البعض فإننا لا نرتكب الخطية المادية، هكذا إذا سجلنا أفكارنا، كأننا سنخبر بها بعضنا بعضاً. حفظنا أنفسنا بسهولة من الأفكار الرديئة بسبب الخجل لئلا تعرف.

لذلك فليكن ما نكتبه عن أنفسنا بمثابة أعين زملائنا النساك، حتى إذا ما خجلنا من أن نكتب خطايانا كأننا قد أمسكنا بها فلن نفكر قط فيما لا يليق. فإن رتبنا أنفسنا بهذه الكيفية أمكننا إخضاع الجسد لارضاء الرب. كما أمكننا أن ندوس علي حيل العدو.
  رد مع اقتباس
قديم 01 - 02 - 2021, 04:28 PM   رقم المشاركة : ( 25 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,213,304

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى

56. كانت هذه هي النصيحة التي أعطاها لمن آتو إليه. وكان يعطف علي المتألمين، ويصلي معهم، وكثيرا ما استجاب له الرب عن الكثيرين. ومع ذلك فإنه لم يفتخر إذا استجيب له، ولا تذمر إذا لم يستجيب. ولكنه كان يشكر الرب دواماً، ويطلب من المتألم أن يصبر ويعرف أن الشفاء لا يتوقف عليه ولا علي أي إنسان، بل هو من الرب وحده، الذي يفعل الخير وقتما يريد ولمن يريد. ولذلك كان المتألمون يقبلون كلمات الشيخ كأنها شفاء، عالمين بأنهم يجب أن لا يكونوا كسيري النفس، بل بالأحرى طوال الأناة. أما الذين كانوا يشفون فقد أمروا بتقديم الشكر لله وحده لا لأنطونيوس

57. كان هناك يشخص يدعي فرونتو وكان ضابطا في البلاط الملكي، ومصابا بمرض شديد، لأنه كان يعض لسانه، وكان يخشي أن يؤذي عينيه. وإذ أتي إلى الجبل طلب من أنطونيوس أن يصلي لأجله أما أنطونيوس فقال له: “انصرف فتشفي” ولكن أنطونيوس إذ كان منحصرا بالروح، وظل داخل صومعته بضعة أيام، قال له: “إن مكثت هنا لا يمكن أن تشفي، فاذهب وعندما تدخل أرض مصر سوف ترى الآية تمت فيك”. فآمن وانصرف. وحالما أبصرت عيناه أرض مصر شفيت أمراضه، وأصبح صحيحا وفقاً لكلمة أنطونيوس التي أعلنها له المخلص في الصلاة.

58. وكانت هناك أيضا فتاه من “بوسيربس طرابلس[108]” مصابة بمرض شنيع جداً. لأنه كان يسيل من عينيها وأنفها وأذنيها سائل إذا سقط علي الأرض تحول في الحال إلى دود وكانت مشلولة، ومصابة بمرض في عينيها. وإذ سمع والداها، وكانا يؤمنان بالرب الذي شفي المرأة نازفة الدم[109]، أن رهبانا ذاهبين إلى أنطونيوس، طلبا منهم أن يسمحوا لهما بالسفر معهم برفقة ابنتهما. ولما سمحوا لهما بقي الوالدان وابنتهما خارج الجبل مع بفنوتيوس المعترف والراهب. أما الرهبان، فدخلوا إلى أنطونيوس، ولما أرادوا إخباره بحالة الفتاة سبقهم وقص عليهم أنباء آلام الفتاة، وكيف أنها سافرت معهم. وعندما طلبوا السماح لها بالدخول رفض أنطونيوس قائلا: “أذهبوا، وأن لم تجدوها قد ماتت فستجدونها شفيت. لأن إتمام ذلك ليس لي حتى تأتى إلى أنا الإنسان الشقي، لكن شفاءها هو عمل المخلص الذي يظهر رأفته في كل مكان لكل الذين يدعونه. لذلك أصغى الرب إليها عندما صلت، وقد أعلنت إلىَّ رحمته أنه سوف يشفي الفتاة حيث هي الآن”. وعندئذ تملكهم العجب. ولما خرجوا وجدوا والديها فرحين، والفتاه قد شفيت.
  رد مع اقتباس
قديم 01 - 02 - 2021, 04:28 PM   رقم المشاركة : ( 26 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,213,304

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى

59. وكان هناك أخوان قادمين إليه وأعوزتهما المياه في الطريق. فمات أحدهما، وكان الآخر علي وشك الموت، لأنه لم تكن له قوة علي استمرار المسير، بل رقد علي الأرض متوقعاً الموت. أما أنطونيوس فإذ كان جالسا علي الجبل، دعا راهبين تصادف وجودهما وأمرهما قائلا: “خذا جرة ماء واركضا في الطريق إلى مصر. لأن أحد الرجلين الذين كانا قادمين قد مات فعلاً، وسيموت الآخر إن لم تسرعا إليه. لأن هذا قد أعلن إلي وأنا أصلي”. لذلك ذهب الراهبان، ووجدوا واحداً ميتا فدفناه. وأنعشا الآخر بالماء، وأخذاه إلى الشيخ، لأن الطريق كان سفر يوم.

أما أن سأل أحد لماذا لم يتكلم قبل أن يموت الآخر، وجب أن لا يوجه سؤال كهذا. لأن قصاص الموت لم يكن من أنطونيوس، بل من الله الذي نقل الواحد وأعلن حالة الآخر. أما وجه العجب هنا فهو فقط في حالة أنطونيوس، لأنه إذ كان جالسا علي الجبل كان قلبه متيقظا وأعلن له الرب أشياء بعيدة .

60. ومرة أخري كان جالساً علي الجبل، وتطلع إلى فوق. فرأى في الهواء شخصا محمولاً إلى أعلي، وكان هنالك فرح عظيم بين الذين قابلوه. ولما تعجب وحسب أمثال هؤلاء مباركين صلي لكي يعرف حقيقة الأمر. ولحال جاءه الصوت: “هذه نفس أمون راهب نيترا[110] أما أمون هذا فكان قد لبث في النسك إلى سن الشيخوخة. وكانت المسافة من نيترا إلى الجبل الذي كان فيه أنطونيوس نحو سفر ثلاثة عشر يوماً. ولما رأى رفقاء أنطونيوس أنه منذهل سألوه ليعرفوا السبب، فعلموا أن أمون مات تواً. وكان اسمه ذائع الصيت لأنه طالما مكث هناك، وجرت علي يديه آيات كثيرة، هذه إحداهما: أراد آمون مرة أن يعبر نهر ليكوس (وكان وقتئذ في فيضانه) فطلب من زميله تيودوروس أن يبقي بعيداً، لكي لا يرى أحدهما الآخر عاريا عند اجتياز الماء عائمين. ولما انصرف تيودورس خجل أمون حتى من أن يري نفسه عارياً. وبينما كان متفكراً وهو ملئ بالخجل حمل إلى الشاطئ الآخر بغتة. أما تيودورس إذ كان رجلا صالحاً. فأقترب ورأى أن آمون عبر أولاً دون أن تسقط منه نقطة ماء. فسأله كيف عبر ولما رأي أن آمون لا يريد أن يخبره أمسك بقدميه. وصرح بأنه لن يطلقه قبل أن يعرف منه الحقيقة. ولما رأى أمون تصميم تيودوروس في إلحاحه، طلب منه أن لا يخبر أحداً قبل موته، وأخبره بأنه قد حمل، ووضع علي الشاطئ الآخر. وأنه لم يضع حتى قدميه علي الماء، وأن ذلك لم يكن ممكنا لأى إنسان بل للرب وحده، ومن يسمح هو لهم، كما فعل مع الرسول العظيم بطرس[111]، وعلي ذلك لم يخبر تيودورس بهذا إلا بعد موت أمون .

أما الرهبان الذين تحدث إليهم أنطونيوس عن موت آمون فقد سجلوا يوم الوفاة، ولما وصل الأخوة من نيترا بعد ذلك بثلاثين يوما سألوهم فعلموا أن آمون رقد في اليوم والساعة التي رأي فيها الشيخ نفسه محمولا إلى فوق. فتعجب هؤلاء وغيرهم من طهارة نفس أنطونيوس. وكيف أنه علم في الحال ما حدث علي مسافة سفر ثلاثة عشر يوما. ورأي النفس وهي صاعدة.
  رد مع اقتباس
قديم 01 - 02 - 2021, 04:29 PM   رقم المشاركة : ( 27 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,213,304

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى

61. وأيضا إذ وجد الكونت أرخيلاوس في إحدى المرات في الجبل الخارجي طلب منه مجرد الصلاة من أجل بوليكراشيا من لاودكية، وهي فتاة شريفة مسيحية، وكانت تتألم آلاماً شديدة في معدتها وجنبها بسبب الإفراط في النسك، وكانت ضعيفة الجسد جداً لذلك صلي أنطونيوس. وسجل الكونت تاريخ تقديم الصلاة، ولما انصرف إلى لاودكية وجد الفتاه قد شفيت. وعندما سأل عن وقت شفائها من ضعفها قدم الورقة التي كتب عليها وقت الصلاة. وإذ قرأها تبين أنها شفيت في ذات الوقت فتعجب الجميع لما عرفوا أن الرب قد شفاها من آلامها في الوقت الذي كان أنطونيوس يصلي فيه ويتوسل إلى صلاح المخلص من أجلها.

62. أما عن الذين أتوا إليه فكثيرا ما كان يتنبأ عن سبب مجيئهم قبل وصولهم ببضعة أيام، أو بشهر في بعض الأحيان. فالبعض إنما جاءوا لمجرد رؤيته. وآخرون بسبب ما حل بهم من أمراض، وغيرهم لأنهم كانوا يتألمون من الأرواح الشريرة والجميع لم يحسبوا مشقه السفر تعباً أو خسارة ، لأن كل واحد عاد واثقا أنه نال فائدة. ولكن رغم أنهم قالوا مثل هذه الأقوال، ورأوا مثل هذه المناظر. فإنه اعتاد أن يطلب منهم بأن لا يتعجبوا منه من أجل هذا، بل بالأحرى يجب أن يتعجبوا من أن الرب منح لنا نحن البشر أن نعرفه علي قدر طاقتنا.

63. ومرة نزل إلى الصومعة الخارجية في مناسبة أخرى، وطلب منه أن يدخل سفينة مع الرهبان، فلاحظ هو وحدة رائحة كريهة جداً، أما الذين كانوا علي ظهر السفينة فقالوا أن الرائحة الكريهة منبعثة من السمك المملح في السفينة. فأجاب بأن الرائحة تختلف عن هذا. وبينما هو يتكلم صرخ شاب فيه روح شرير كان قد جاء واختبأ في السفينة. ولما وبخ الشيطان باسم الرب يسوع المسيح انصرف عنه، وشفى الشاب، وعرف الجميع أن الرائحة الكريهة منبعثة من الشيطان.
  رد مع اقتباس
قديم 01 - 02 - 2021, 04:29 PM   رقم المشاركة : ( 28 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,213,304

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى

64. وجاء أيضا شخص ذو مركز رفيع به شيطان، وكان الشيطان مرعبا جدا. حتى أن المريض لم يعلم أنه ذاهب إلى أنطونيوس، وكان يأكل حتى البراز الخارج من جسده، والذين أحضروه طلبوا من أنطونيوس أن يصلي من أجله، فشفق القديس علي الشاب وصلي لأجله، وسهر معه الليل كله، ونحو الفجر هجم الشاب علي أنطونيوس فجأة ودفعه، ولما غضب الذين جاءوا معه قال أنطونيوس”لا تغضبوا علي الشاب، لأنه ليس هو الذي عمل هذا بل الشيطان الذي فيه. وإذ وبخ الشيطان وأمر أن يذهب إلى أماكن مقفرة تهيج هياجا جنونيا. وفعل هذا. فاشكروا الرب لأن هجومه هكذا علامة علي انصراف الروح الشرير”. ولما قال أنطونيوس هذا عاد إلى الشاب صحيحا في الحال، ورجع إليه عقله أخيرا، وعرف أين هو وحيا الشيخ وشكر الله .

65. وقد روى الكثيرون من الرهبان ـ باتحاد في الرأي ـ أن أموراً كثيرة مماثلة تمت علي يديه. علي أن هذه لا تبدو عجيبة كثيرة كمسائل أخري معينة. لأنه في إحدى المرات عندما كان مزمعا أن يأكل وقام ليصلي نحو الساعة التاسعة أدرك بأنه قد أختطف بالروح. والعجيب أنه وقف ورأي نفسه كأنه خارج جسده، وأنه اقتيد في الهواء بواسطة أشخاص معينين. وبعد ذلك وقفت في الهواء كائنات أخرى مرعبة. وأرادت أن تعرقل مسيره، ولكن لما قاومها مرشدوه سألت عما إذا كان هو ليس مدينا لها. وعندما أرادت أن تخلص الديون منذ ولادته أوقفهم مرشدو أنطونيوس قائلين: “لقد مسح الرب خطاياه منذ ولادته، ولكن يمكنكم أن تحاسبوه منذ أن صار راهبا وكرس نفسه لله”.

وبعد ذلك عندما اتهمته ولم تستطع إثبات أية تهمة عليه أصبح طريقه خالياً وأزيلت عنه كل العراقيل. وللحال رأي نفسه كأنه قد أتي إلى جسده، وأصبح أنطونيوس كما كان من قبل. وإذ نسي الأكل صار يئن ويصلي بقية النهار وطول الليل، لأنه دهش إذ رأي كيف أن مصارعتنا مع خصوم أشداء، وكيف أننا يجب أن نجتاز الهواء بجهود شاقة، ثم نذكر أن هذا هو ما قاله الرسول “حسب رئيس سلطان الهواء”[112] لأن العدو له فيه سلطان ليحارب ويحاول تعطيل الذين يجوزون فيه. ولذلك قدم النصيحة بكل قوة “احملوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا أن تقاوموا في اليوم الشرير[113]. وذلك لكي يخزي المضاد إذ ليس له شئ رديء يقوله عنا [114] ونحن الذين تعلمنا هذا لنصغ إلى الرسول عندما يقول: “أفي الجسد لست أعلم أم خارج الجسد لست أعلم، الله يعلم” [115] أما أنطونيوس فقد رأي أنه أتي إلى الهواء، وصار يجاهد حتى تحرر.
  رد مع اقتباس
قديم 01 - 02 - 2021, 04:29 PM   رقم المشاركة : ( 29 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,213,304

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى

66. ثم أعطيت إليه أيضا هذه النعمة، وهى أنه عندما كان يجلس علي الجبل وحيداً. تحصل له حيرة في تأملاته، يعلن له هذا في الصلاة بواسطة العناية الإلهية، وتعلم الرجل السعيد من الله كما هو مكتوب.[116] وعندما كان يتناقش مرة مع بعض أشخاص أتوا إليه عن حالة النفس وعن طبيعة مركزها بعد هذه الحياة، ناداه واحد من فوق في الليلة التالية قائلا: “قم يا أنطونيوس وأفرح وأنظر” وإذ خرج (لأنه كان يعرف من ذا الذي يجب أن يطاع) تطلع إلى فوق فرأي واحداً واقفاً يصلي إلى السحاب، طويلا مرعبا، مزعجا، وآخرين صاعدين كأن لهم أجنحة. وبسط الشيخ يديه فصعد بعض الصاعدين بينما طار الباقون إلى فوق، وإذ خلا لهم الجو إلى السماء حملوا إلى فوق بلا عناء. عند ذلك صر المارد علي أسنانه، ولكنه شمت بأولئك الذين سقطوا. وللحال آتي الصوت إلى أنطونيوس: “أتفهم ما تري؟” فأنفتح ذهنه، وفهم أن هذا كان عبور النفوس وأن ذلك الكائن الطويل الذي وقف هو العدو الذي يحسد المؤمنين، وأن الذين أمسكهم وصدهم من العبور هم أتباعه، أما الذين عجز عن أن يمسكهم وهم يجتازون إلى فوق فهم الذين لم يخضعوا له.

وإذ رأي هذا، وكان يتذكره، كان يزداد جهادا كل يوم للتقدم إلى ما هو قدام. ثم أنه لم يكن يريد أن يتحدث عن هذه الرؤى. ولكنه عندما كان يصرف وقتا طويلا في الصلاة متعجبا ومتحررا، ويضغط عليه الذين معه بالأسئلة، كان يضطر إلى الكلام كأب لا يستطيع أن يخبئ شيئا عن أبنائه. وكان يعتقد أنه طالما كان ضميره خالصا فإن الشرح يقنعهم لكي يعرفوا أن النسك أثمر ثمار طيبة، وأن الرؤى كثيراً ما كانت عزاء عن أتعابهم.

67. يضاف إلى هذا أنه كان لين العريكة، متواضع الروح، لأنه مع وصوله إلى هذه الدرجة من السمو فقد حافظ علي قانون الكنيسة بكل تدقيق. وكان يميل إلى أن كل الأكليروس يجب أن يكرموا أكثر منه، وحتى إن جاءه شماس لطلب المساعدة كان يتناقش معه فيما ينفع، لأنه كثيرا ما سأل أسئلة، ورغب في أن يصغي لمن كانوا حاضرين. وأن قال أي واحد قولا نافعاً كان يعرف أنه قد استفاد.

وعلاوة علي هذا فقد كانت طلعته تنم عن نعمة عظيمة وعجيبة وهذه النعمة أعطيت إليه أيضا من المخلص، لأنه كان إذا ما وجد وسط جماعة كبيرة من الرهبان، وأراد أحد أن يراه ممن لم يعرفوه سابقا، كان في الحال إذا ما مر بينهم يسرع إلى أنطونيوس كأنه قد انجذب بطلعته

ومع أنه لم يتميز عن الباقين في الطول أو العرض إلا أنه تميز عنهم في رصانة الأخلاق وطهارة النفس، لأنه إذ خلت نفسه من كل شائبة صارت هيئته الخارجية هادئة وهكذا حصل من فرح نفسه علي طلعة بهجة. وكانت تتبين حالة روحة من حركات جسمه، كما هو مكتوب “عندما يكون القلب فرحا يكون الوجه مشرقاً، وحينما يكون حزينا يكون الوجه مكتئباً[117]

هكذا عرف يعقوب الأفكار التى في قلب لابان وقال لزوجتيه: “أنا أرى أن وجه أبيكما ليس نحوي كأمس وأول من أمس. وهكذا عرف صموئيل داود لأنه كانت له عينان فرحتان وأسنان بيضاء كاللبن[118] وهكذا كان يعرف الناس أنطونيوس، لأنه لم ينزعج قط إذ كانت نفسه في سلام، ولم يكن ذليل النفس أبداً إذ كان قلبه جزلا.
  رد مع اقتباس
قديم 01 - 02 - 2021, 04:29 PM   رقم المشاركة : ( 30 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,213,304

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى

68. وكان عجيبا جدا في الإيمان والتقوى، لأنه لم يختلط قطعا بالمنشقين الميليتين[119]، إذ عرف شرهم وارتدادهم من البدء. ولا دخل في صداقة مع “المانيين “[120]، أو غيرهم من الهراطقة إلا إذا أراد أن يقدم لهم النصيحة لكي يرجعوا إلى التقوى. لأنه كان يعتقد ويؤكد أن الاختلاط بهؤلاء مضر، بل مدمر للنفس.

بنفس هذه الكيفية أيضا كره هرطقة الأريوسيين. وكان ينصح الجميع بأن لا يقتربوا منهم، ولا يعتنقوا عقيدتهم المنحرفة ومرة عندما جاءه بعض الأريوسيين وسألهم، وعرف فسادهم. طردهم من الجبل قائلا أن كلماتهم أشر من سم الأفاعي.

69. وفي إحدى المرات أيضا إذ أكد الأريوسيين كذبا أن آراء أنطونيوس تتفق مع آرائهم استاء منهم وغضب عليهم. وبعد ذلك استدعاه الأساقفة وكل الأخوة، فنزل من الجبل، ولدى دخوله الإسكندرية[121] شجب الأريوسيين قائلاً: إن هرطقتهم هي آخر الهرطقات، وممهدة للمسيح الكذاب. وعلم الشعب أن ابن الله ليس مخلوقا، ولا ظهر إلى الوجود من العدم، ولكنه هو الكلمة الأزلي، وحكمة الأب، ومساو له في الجوهر. ولذلك فمن الكفر أن يقال “أنه كان هناك وقت لم يكن موجودا”، لأن الكلمة كائن بالتساوى مع الآب دواما.

ولذلك فلا تكن لكم شركة قط مع الأريوسيين أشر الملحدين، لأنه لا شركة للنور مع الظلمة[122]، فأنتم مسيحيون صالحون، أما هم فعندما يقولون أن ابن الله الآب، كلمة الله مخلوق، فإنهم لا يخلفون عن الوثنيين، طالما كانوا يعبدون المخلوق دون الخالق[123]، بل ثقوا أن الخليقة نفسها غاضبة عليهم، لأنهم وضعوا الخالق رب الكل، الذى به وجدت كل الأشياء، في عداد تلك الأشياء التى خلقت.

70. لذلك فرح كل الشعب لما سمعوا أن الهراطقة المضادة للمسيحية قد شجبها شخص كهذا. وركض كل شعب المدينة ليروا أنطونيوس. وجاء إلى الكنيسة اليونانية ومن يدعون كهنتهم قائلين: “نطلب أن نرى رجل الله”. لأنهم هكذا لقبوه جميعاً، لأنه في ذلك المكان أيضا طهر الرب الكثيرون من الشياطين، وشفي المجانين. وطلب كثيرون من اليونانيين مجرد لمس الشيخ، معتقدين أنهم سيستفيدون. ويقيناً أنه اعتنق المسيحية في تلك الأيام القلية الكثيرون ممن كان يجوز أن يعتنقوها في سنة كاملة، وعندما ظن البعض أنه قد تعب من ازدحام الجماهير، وعلي هذا الأساس صرفهم عنه، قال دون أي اضطراب أن عددهم ليس أكثر من عدد الشياطين الذين صارع معهم في الجبل.
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
هدف أثناسيوس الرسولي من تصوير حياة معلمه الأنبا أنطونيوس
الروح القدس[1] للقديس أثناسيوس الرسولي
غاية التجسُّد للقديس أثناسيوس الرسولي
حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى
حياة القداسة - للقديس الأنبا انطونيوس الكبير


الساعة الآن 10:22 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024