منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 15 - 12 - 2022, 09:12 AM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,213,304

قداسة البابا شودة الثالث | روحانية الصوم

قداسة البابا شودة الثالث


روحانية الصوم

أهنئ أخوتي المسلمين في مصر، وفي العالم العربي والإسلامي كله، بحلول شهر رمضان، شهر الصوم، الذي هو فترة روحية يرتفع فيها الإنسان فوق مستوى الجسد، ويرتفع أيضًا فوق مستوى المادة.. وتتفرغ فيها الروح للعبادة.. وهذه هي حكمة الصوم.
والصوم الحقيقي، هو الذي يتدرب فيه الصائم على ضبط النفس فإذا ما اتفق ذلك خلال الصوم، يصير ضبط النفس -بالنسبة إليه- هو منهج حياة، يستمر معه.
وشهر رمضان هو فترة نلتقي فيها معًا -مسلمين ومسيحيين- في حفلات إفطار رمضانية، نتناول فيها الطعام معًا، ونتبادل عبارات المودة والحب.. ويكون لهذا تأثيره العميق في نفوس الجميع.

والصوم ليس مجرد فضيلة للجسد، بعيدًا عن الروح!!

فكل عمل لا تشترك فيه الروح، يعتبر فضيلة على الإطلاق، أن عمل الجسد في الصوم، هو تمهيد لعمل الروح، أو هو تعبير عن مشاعر الروح.. الروح تسمو فوق مستوى المادة والطعام، وفوق مستوى الجسد.. فتقود الجسد معها في موكب نصرتها، وتشركه في رغباتها الروحية. ويعبر الجسد عن ذلك بممارسة الصوم.
إننا أن قصرنا تعريفنا للصوم على أنه إذلال للجسد بالجوع والامتناع عما يشتهيه، نكون قد أخذنا من الصوم سلبياته، وتركنا عمله الايجابي الروحي، وهو الأساس.
الصوم ليس مجرد جوع للجسد، بل بالأكثر هو غذاء للروح..

ليس الصوم هو تعذيب للجسد كما يطن البعض.. إنما الصوم هو تسامي الجسد، لكي يصل إلى المستوى الذي يتعاون فيه مع الروح.
والصائم الحقيقي ليس هدفه أن يعذب جسده، بل هو يقصد عدم السلوك حسب شهوات الجسد، فيكون إنسانًا روحيًا وليس جسدانيًا.. الصوم هو روح زاهدة، تشرك الجسد معها في الزهد والصوم ليس هو الجسد الجائع، بل هو الجسد الزاهد، أو على الأقل الجسد الذي يتدرب على الزهد في فترة معينة.
ليس هو حالة الجسد الذي يجوع ويشتهي أن يأكل.. بل الجسد الذي يتدرب على التخلص من شهوة الأكل.. وبالتالي يفقد الأكل قيمته في نظره، من فرط اهتمامه بطعام آخر هو طعام الروح.
الصوم فترة ترتفع فيها الروح، وتجذب الجسد معها..

تخلصه من أحمال وأثقال، وتجذبه معها إلى فوق، لكي يعمل معها من أجل الله بلا عائق، والجسد الروحي يكون سعيدًا بذلك..
الصوم هو فترة روحية، يقضيها الجسد والروح معًا في عمل روحي يشترك فيه الاثنان معًا في الصلاة والتسبيح والعشرة الإلهية.
فيصلي الإنسان ليس فقط بجسد صائم، إنما أيضًا بنفس صائمة.
بفكر صائم وقلب صائم عن الشهوات والرغبات، وبروح صائمة عن محبة المادة والماديات، في حياة مع الله تتغذى بمحبته ووصاياه..
الصوم بهذا الشكل هو الوسيلة الصالحة للعمل الروحي.. وهو -الجو الروحي الذي يحيا فيه الإنسان جميعه- بقلبه ونفسه، وجسده وروحه، وبحواسه وفكره وعواطفه.. كل ذلك في مشاعر مقدسة..
الصوم ليس مجرد علاقة بين الإنسان والطعام بل هو فترة مقدسة يشعر فيها الإنسان بعلاقته مع الله..

والصوم الذي ليس هدفه القربى من الله، هو صوم باطل..
الله هو الهدف. فنحن من أجل الله نأكل، ومن أجله نصوم.. من أجل الله نأكل، لكي ينال هذا الجسد قوة يستطيع بها أن يخدم الله، وان يكون أمينًا في واجباته التي كلفه بها الله من نحو الناس.. ونحن من أجل الله نجوع، لكي نخضع الجسد فلا نخطئ إلى الله. ولكي يكون الجسد تحت سيطرتنا، ولا نكون نحن تحت سيطرة الجسد، ولكيلا تكون رغبات الجسد وشهواته هي قائدنا في تصرفاتنا.. إنما نسلك حب الروح.
لهذا كله، هناك فضائل لابد أن يرتبط بها الصوم، ليكون مقبولًا عند الله.. وأولى هذه الفضائل هي التوبة..

فالصوم البعيد عن التوبة هو صوم غير مقبول.. والله -تبارك اسمه- يريد القلب النقي أكثر مما يريد الجسد الجائع.
والإنسان الذي يصوّم فمه عن الطعام، ولا يصوّم قلبه عن الخطايا، ولا يصوم لسانه عن الأباطيل، فصوم هذا الإنسان باطل بل أن الخطية التي يرتكبها الإنسان -وهو صائم- تكون عقوبتها أشد. لأنها تحمل كذلك الاستهانة بقدسية أيام الصوم.
لذلك على كل صائم أن يتأكد من أن الصوم قد حوّل حياته إلى مستوى أفضل.. ليس فقط بالامتناع عن خطايا كان يقع فيها قبلًا. بل أيضًا باكتساب فضائل جديدة قد تدرب عليها.
هذا ويكون من لوازم الصوم: التدريبات الروحية التي يكتسب بها الصائم صفات من حياة البر كانت تنقصه..

وليسأل الإنسان نفسه: كم من أصوام مرت عليه خلال ما مضى من سنوات، دون أن يكتسب فضائل جديدة تضاف إلى روحياته..؟! وإنما هو هو، لم يتغير فيه شيء!! ولم يدفعه صومه إلى درجات في حياة الروح، ينمو فيها سنة بعد سنة.
لماذا لا نراقب أنفسنا أثناء صومنا؟ ولماذا لا نحاسب أنفسنا: في أية درجة روحية نحن الآن؟ وماذا بذلناه من جهد لكي تكون علاقتنا بالله أكثر عمقًا وأكثر قربًا؟!.
وكما يرتبط الصوم بالتوبة، يرتبط أيضًا بالغذاء الروحي..

إن أخطر ما يتعب البعض في الصوم، أن يكون الجسد بلا غذاء، والروح أيضًا لا تجد ما تتغذى به، ويصبح الصوم مجرد فترة من الحرمان!! وهذا الحرمان يعطي صورة قاتمة عن الصوم.. فيشتهي البعض متى ينتهي الصوم ليأكلوا!!
وغذاء الروح معروف، وهو الصلاة والألحان والتسابيح، والتأمل في كلام الله وعمق وصاياه والتأمل في صفات الله وفي سير الأبرار، والتأمل في الفضائل. وغذاء الروح أيضًا: المشاعر الروحية، والتفكير في السماء وفي الأبدية.
والروح إذا تغذت، تستطيع أن تحمل الجسد، فيحتمل الجسد جوعه..
وترتبط بالصوم أيضًا: أعمال الرحمة وإطعام الجياع.

فالإنسان الذي جرب في الصوم قسوة الجوع، بالضرورة يشفق على الجياع، ويعطيهم شيئًا من طعامه.. ليس هذا فترة الصيام فقط وإنما تصبح فضيلة له أن يهتم بكل جوعان ويعطيه ليأكل.
وهكذا تدخل الرحمة في مشاعر الإنسان الصائم.. ولا تقتصر رحمته على إطعام الجياع فحسب، بل تشتمل الفقير واليتيم والمسكين، بكل أنواع الإحسان التي يقدر عليها.
وأخيرًا أقول يا أخوتي، أن أيام الصوم هي فترة تخزين روحي للعام كله، تفيض بروحياتها على باقي أيام السنة.

فالصوم ليس مجرد فترة تمر وتنتهي، وتنتهي معها فضائلها ومشاعرها!! كلا.. بل من عمق روحيات الصوم، يأخذ الصائم طاقة روحية تستمر معه بعد انقضاء الصوم أيضًا، وما تعوده خلال الصوم، وما درب نفسه عليه، يتحول بالوقت إلى جزء من طبعه لا يود أن يفقده.
والتوبة التي كانت له في صومه، ليس من السهل أن يزول تأثيرها، وكذلك ما أصلحه في نفسه من طباع وعادات.
فإن تخلصت من خطية في فترة الصوم، اثبت في ذلك، ولا تعد إلى ممارسة الخطيئة فيما بعد.
وليكن هذا الصوم مباركًا في حياتك، وفي حياة كل من يتصل بك، ويراك أمثولة يقتدي بها.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
قداسة البابا شودة الثالث| في العلم
قداسة البابا شودة الثالث | المعرفة
قداسة البابا شودة الثالث | كيف؟
قداسة البابا شودة الثالث الفضيلة
قداسة البابا شودة الثالث قصص تدل على ذكاء


الساعة الآن 10:48 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024