🌺طبيعة نجم المجوس🌺

[walaa farouk]

✝ مشاهد من أحداث الميلاد✝
🌺طبيعة نجم المجوس🌺
( من عظة للقديس يوحنا ذهبي الفم عن المجوس)

† " فلما سمعوا من الملك ذهبوا. وإذا النجم الذي رأوه في المشرق يتقدمهم حتى جاء ووقف فوق ، حيث كان الصبي
فلما رأوا النجم فرحوا فرحا عظيماً جداً". ( أنجيل متى 2: 9 - 10)

يقول القديس يوحنا ذهبي الفم عن ذلك النجم :
+ لم يكن هذا النجم واحداً من النجوم الكثيرة، والأليق أن نقول (على حسب ظني) أنه لم يكن نجماً، لكنه كان قوة من القوات غير المرئية نقلت شكلها إلي ذلك المنظر.

والأدلة على ذلك واضحة :
1- أولاً: من مسيره :
لأنه لا يوجد نجم يمكن أن يسير بتلك الطريقة، فإن ذكرت النجوم الأخرى لوجدت أن حركتها من الغرب إلي الشرق، أما هذا النجم فقد اندفع في مسيره من الشمال إلى الجنوب لأنه هكذا يكون الإتجاه من بلاد فارس إلي فلسطين.

2- ثانياً: من جهة موعد ظهوره :
لأنه ما كان يظهر في الليل، بل في النهار إذ أشرقت الشمس، وليس هذا الظهور لقوة نجم ولا لقوة قمر ولا لتلك الكواكب كلها التي تستتر وتغيب إذا ظهر شعاع الشمس، أما هذا النجم فبإفراط لمعانه قد غلب أشعة الشمس، وكان أبين ظهورا منها واسطع لمعانا.

3- ثالثاً: تتضح تلك الحقيقة أيضاً من أنه كان يظهر حيناً ويستتر حيناً آخر، لأنه ظهر مرشداً إياهم إلي طريق فلسطين، ولما صاروا في أورشليم ستر ذاته، ولما تركوا هيرودس بعد سؤاله إياهم واعتزموا المسير إلي بيت لحم، عاد النجم فظهر لهم ثانية، وهذا الظهور واﻷختفاء ليس هو من حركة نجم عادي ولكنه من قوة أتم قياساً من غيرها لأنه لم يسر في طريق خاص لكنه كان إذا استدعي الأمر أن يسيروا سار ومتى أحتاجوا إلي أن يقفوا وقف، مدبرا كافة أحوال مسيرهم بما يوافقهم. لقد كان نظير عمود الغمام في قيادته لعسكر اليهود لما دخلوا أورشليم أحتجب النجم عنهم، حتى إذا ما فقدوا مرشدهم اضطروا أن يسألوا اليهود فيصير الأمر مشهوراً ومعروفا للكل وهكذا كان الظهور والاختفاء يحمل تدبيرا معيناً له حكمته.

4- رابعاً: بهبوطه إلى أسفل :
إن المتأمل لابد أن يتبين في وضوح خاصية أخري له في إرشاده إياهم ، لأنه ما كان ممكناً له أن يرشدهم بوقوفه في العلو ، وإنما بإنحداره إلي أسفل كان يعمل هذا العمل، إذ لايمكنه وهو في العلو أن يحدد موضعا ضيقا مثل كوخ يرقد فيه طفل صغير، وهذا المثال يمكن معرفته من حال القمر وهو أعظم من كثير من النجوم كيف يظهر لجميع القاطنين في المسكونة في إتساعها الهائل، ويظن عند كل واحد فيها أنه قريب منه.

+ فقل لي كيف أراهم النجم مكانا صغيراً
كموضوع كوخ ومزود ، لو لم يترك ذلك المكان العالي وينحدر إلي أسفل حتى وقف فوق هامة الصبي وهذا ما قد أومأ إليه البشير قائلا :
" وإذا النجم الذي رأوه في المشرق يتقدمهم حتى جاء ووقف فوق، حيث كان الصبي فلما رأوا النجم فرحوا فرحاً عظيماً جدا". (أنجيل متى 2: 9 - 10)

+إن النجم لما عرف الصبي وقف، وكان وقوفه هناك وهو نازل إلي أسفل شهادة عظيمة، وكان لها تأثيرها القوى على المجوس فاقتادهم للسجود للصبي، وما سجدوا له كإنسان عادي، فهذا واضح من الهدايا التي قدموها له والتي لا تتناسب مع طفل صغير في أقمطة.
أرأيت بأية دلائل قد أتضح أن هذا النجم لم يكن واحداً من النجوم العاديةً

+لماذا ظهر هذا النجم؟
ظهوره يرمز إلي زوال إختيار اليهود. بأن يزيل منهم كل حجة ﻷعتدادهم بنفسهم، داعياً المسكونة كلها للسجود له
وهكذا من مبدأ مجئ الرب قد فتح الباب للأمم مريدا أن يؤدب خاصته بالغرباء لأنه إذ كان قد أرسل إليهم أنبياء عديدين يشرحون لهم وصف مجيئه ومع ذلك ما أصغوا إليهم، لذلك جعل العجم (الفرس) أن يوافوا من أرض بعيدة طالبين رؤية المسلك، فليتعلم اليهود من كلام أهل فارس ما قد رفضوا أن يعرفوه من انبيائهم فإن كابروا وجادلوا بعد هذا أيضاً يعدمون كل عذر وحجة لأنه ماذا لهم أن يقولوه، وهم الذين رفضوا قبول المسيح على الرغم مما أرسل إليهم من أنبياء، بينما هؤلاء المجوس قد قبلوا الرب وسجدوا له من مجرد نظرهم إلي نجم واحد وكما بكتهم الرب بقبول المجوس له، بكتهم أيضاً بإيمان أهل نينوى اﻷممين لذلك قال لهم:
"رجال نينوى سيقومون في الدين مع هذا الجيل ويدينونه، لأنهم تابوا بمناداة يونان، وهوذا أعظم من يونان ههنا!"
(إنجيل متى 12: 41)
كذلك بكتهم بالمرأة السامرية، والمرأة الكنعانية، وملكة التيمن لأن كل اولئك صدقوا باﻷقل أما هؤلاء فلم يصدقوا ولا باﻷكثر.
(جزء من عظة لأبينا القديس يوحنا ذهبي الفم عن المجوس)