موت المؤمن قبل المعموديّة

[walaa farouk]

هناك سؤال بديهيّ يسأله الإنجيليّون المعمدانيّون ضدّ مفهوم الخلاص عبر ماء المعموديّة، وهو: ماذا لو مات مؤمن حقيقيّ بالمسيح قبل أن يتسنّى له أن يعتمد، ألا يخلص؟ هذا السؤال يبدو للوهلة الأولى شرعيًّا، لكنّه في العمق، يدلّ على الذهنيّة العقلانيّة للاهوت السكولاستيكيّ الغربيّ (البروتستانتيّ والكاثوليكيّ)، التي تبحث أمور الله بالمنطقّ البشريّ.

الجواب الذي يعطيه الكتاب المقدّس ليس، بالطبع حقوقيًّا، إنّما يشير بوضوح إلى عناية الله الخاصّة بكلّ إنسان يأتّي إلى العالم. فالربّ الذي يتأنّى علينا، وهو لا يشاء أن يهلك أناس، بل أن يقبل الجميع إلى التوبة (٢بطرس ٩:٣، حزقيال ١١:٣٣) والذي، كما يقول على لسان بولس الرسول، إنّه "يريد أنّ جميع الناس يخلصون، وإلى معرفة الحقّ يقبلون" (١تيموثاوس ٤:٢)، ألا يعرف كيف يحفظ عبيده المؤمنين به حتّى ينالوا عربون الخلاص.

حياة المؤمن الحقيقيّ هي في يد أبيه السماويّ، وإذ حصل أنّ الله سمح بموت مثل هذا المؤمن قبل أن يعتمد، كما يحصل أيضًا في حالة موت الأطفال قبل معموديّتهم، فالله الذي يعلم أمور الإنسان المستقبلة كلّها، قبل أن يُصوّر هذا الإنسان في الحشا، هو يرى أنّ هذا الموت قبل المعموديّة خير لذلك الإنسان لأنّ حياته لن تكون كفوءة لهذه النعمة الإلهيّة التي سيتلقّاها في المعموديّة. تاليًا معموديّته ستكون دينونة كبرى عليه بالطبع ليس الله الذي أماته، إنّما سمح به من دون أن يتدخّل، نتيجة حادث أرضيّ.