أن هذه المقابلة لم تكن مكسبًا على طول
الخط بالنسبة للبابا جريجوري السابع
الواقع أن هنري الرابع لم يستفد كثيرًا من مقابله كانوسا، كما أن هذه المقابلة لم تكن مكسبًا على طول الخط بالنسبة للبابا جريجوري السابع، حقيقة أن البابا خرج من هذه الجولة مرفوع الرأس بعد أن حقق سمو الباباوية، ولكن مسلك جريجوري نفسه العنيف أساء إلى نسبة كبيرة من نفوس الرأي العام المسيحي، فعاب كثيرون على البابا شدته وقسوته وهو رجل الدين الذي يجب أن يتسم بالرحمة والخلق السمح؛ فهو الأب الرحيم.
أما هنري الرابع فسرعان ما استكشف أن خسارته في كانوسا كانت كبيرة، لأن خضوعه للبابوية على ذلك الوجه لم يفده شيئًا في استرضاء أعدائه وخصومه الخارجين عليه في ألمانيا، بل أن أنصاره في لمبارديا في شمال إيطاليا أساءهم جداَ أن يقول الإمبراطور ما وجهه أمام البابا بهذا الشكل، فنادوا بخلعه وإحلال ابنه محله، هذا في الوقت الذي اعتبر أمراء المانيا فرار الملك سرًا إلى كانوسا خروجًا على العهد الذي أخذه على نفسه تنفيذًا لقرارات مجمع تريبور التي قضت بانزوائه في أحد الأديرة حتى يغفر له البابا.