منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 31 - 08 - 2018, 04:34 AM
 
souad jaalouk Female
..::| مشرفة |::..

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  souad jaalouk غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 123471
تـاريخ التسجيـل : Jun 2017
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : لبنان
المشاركـــــــات : 16,432

قصة اليوم: ألمجنون والعاقل

في يومٍ من الأيام وكان نهاره في طريقه إلى النوم بعد أن أنهكه البشر، التقى عاقلٌ بمجنون. كان العاقل جالساً على رصيف مقهى يرتشف قهوة مرّةً بطعم الحياة متأمّلاً بالموتى الحزانى المارّين أمامه، يبتسمون ويضحكون ويتكلمون بمواضيع لا موضوع لها. وعلى الجهة الأخرى من الرصيف كان يجلس مجنونٌ- معروفٌ في المحلّة- يحدّق في العاقل ويكلّم نفسه ويضحك مِمّا أثار حشرية العاقل فذهب إليه وجلس إلى جانبه على الرصيف وبدأ يحادثه.

لماذا تنظر إلي وتضحك ؟
أجاب المجنون: رز بحليب ....وهو يضحك
العاقل: لماذا تضحك؟
ألمجنون: أضحك عليك فأنا أفرح في مراقبة المجانين
العاقل: ماذا؟ أنا المجنون ؟ من قال لك ذلك؟ أنا مثقف وأحمل شهادات وزنها من وزنك.

ألمجنون: نعم أنت مجنون، فهل سمعت عن مجنون يقرّ بجنونه؟ وتحمل شهادات؟ أنا أيضاً أحمل شهادات. الفرق بيني وبينك أن شهاداتك صارت ثقلاً على عقلك وكتفيك تعذّبك لأنها بنت داخلك عالماً لا وجود له في الحقيقة فصرت معذّباً، أما أنا فرميت شهاداتي تحت أقدامي فتحررت وارتفعت قامةً، وصرت أرى أفقاً أبعد، مما أعطاني بصيرة الفهم لذا أضحك. أضحك على نفسي وعليك وعلى ثقافتك وعلى الناس والعالم والماضي والآتي. أضحك لأني تحررت من لعنة العقل ،أنا صرت حراً أما أنت فما زلت عبداً؛ عبداً لما يجب أن تفعل أو لا تفعل، تقول أو لا تقول ،ما يجوز أو لا يجوز.
ما يقوله الناس أو لا يقولونه ....
هنا شعر العاقل أنه أمام سرٍ كبير وأمام إنسانٍ هاربٍ من جنون الحياة. فقال له : أخبرني قصتك.
أجاب المجنون ضاحكاً: رز بحليب ....
أرجوك أخبرني قصتك، أنا أبحث كل يومٍ عن نافذة نور، عن جواب، عن حكمة، عن تعزية أشحذها من الناس. أخبرني قصتك أيها السيد.
المجنون: تريد حكمة من مجنون؟ وضحك ثم ضحك وهمّ أن يقف مردداً رز بحلييييب. ...... لكن عطش العاقل لجوابٍ جعله يُمسك بيده ويُجلسه قائلا لن أدعك تذهب قبل أن تُخبرني قصتك.
هنا دّمعت عينا المجنون ونظر إلى الأرض محاولاً إخفاء حقيقته وكرامته وكرامة الله فيه؛ غلبت العاطفة على "اللاعقل" وغلبت روح الإنسان على روح "الجن" فتنهد عميقاً ثم قال : لن تريحك قصتي يا بُني، دعني أذهب إلى لَيْلي.
هنا دمّع العاقل وقال له : أتوسّل إليك أن تُخبرني. أنا أبحث عن جواب وأنا متأكد أنك تملك الجواب.
حسناً، سأخبرك قصتي قال الرجل.
كنت أباً لعائلة من ثلاثة أولاد. أحِمل دكتوراه في الإقتصاد ودكتوراه في الفلسفة وزوجتي كانت طبيبة. عملنا ليلاً نهاراً وحرمنا أنفسنا من كل شيء لنعطي أولادنا كل شيء. هكذا فعل آباؤنا ولكن ما لم أدركه أنا وزوجتي أن جيل أولادنا ليس كجيلنا، لا بل طَرد النعمةَ من حياته بعد أن طرد الله وَعَبَد ذاته. توفيّت زوجتي منذ ست سنوات وهنا اكتشفت أني يتيم. صرت عبئاً على ذاتي لأن ذاتي انكسرت. صرت عبئاً على أولادي مع أني أعيش في بيتي وهم متزوجون وكنت قد بنيت لكل واحد منهم شقة كبيرة بعد أن علّمتهم وزوّجتهم ودفعت تكاليف أعراسهم وسياراتهم.
بعد ستة أشهرٍ على وفاة زوجتي قلّت زياراتهم وإن زاروني كنت أعلم مُسبقاً سبب الزيارة وهو الكلام عن الميراث. لست أملك كلاماً أصف فيه آلامي عندما بدأت أرى أولادي غرباء وأرى زوجاتهم سيدات على حياتهم وحياتي وبيتي. قلت لهم يا أبنائي أنا لا أزال حياً، بعد أن أموت كل ما هو لي سيكون لكم ولأولادكم..... قلّت زياراتهم أكثر - كي لا أقول صارت شبه معدومة -وصاروا يضغطون عليّ بأن يحرموني من رؤية أولادهم الصغار. قلت في نفسي علّي إن أعطيتهم الميراث يستفيق ضميرهم ويجعلوني جزءاً من حياتهم وحياة أولادهم ففعلت ذلك فصاروا في فرحٍ عظيم دام ثلاثة أشهر ثم نبذوني مجدداً.
بعد أربعة أشهر أتوا لزيارتي ففرحت جداً ولكن ليتهم لم يأتوا. سبب الزيارة كان أن بيتي كبير عليّ وليس من سبب أن أشغله وحدي وثمة صعوبة أن يهتموا بي فكان قرارهم إرسالي إلى مأوى عجزة وبيع البيت لدفع المصاريف. هنا وقعت في صمتٍ وعمقِ ألمٍ وشعرت أن قلبي سيتوقف، إلا أن زوجتي لم تسمح بذلك فحضرت بطيفها وغمرتني وضغطت على عينيَّ بقوة لتحبس دموعي قائلةً : إياك أن تبكي، يقول لك الله: إياك أن تبكي؛ من أجل كرامته وكرامة صورته فيك ومن أجل كرامة شيبتك وأيضاً من أجل كرامتي. هنا صرت في تعزيةٍ وغربةٍ وصمتٍ وابتسامة.

بعد أسبوع أخذوني طفلاً إلى عائلةً جديدة- مأوى عجزة- يخدمني فيها أبناء الناس. لم أستطع البقاء أكثر من أسبوع من أجل كرامتي وكرامة زوجتي وكرامة الله وصورته. تظاهرت بالجنون ثم هربت وجئت إلى هذه المدينة لأعيش حراً من ماضيّ، وحاضري، وها أنا منذ سنتين مدّعياً الجنون، أتنعّم بأجود الفضلات، أنام في أفخم الزواريب، إجلس كل يومٍ بالقرب من هذه المحطة منتظراً قطار الرحمة ليأخذني إلى حيث ينتمي البشر وحيث ينتظرني وَالديّ وزوجتي وينتظرني الله.
يا بُني ، أرجِعوا الله لحياتكم.
هنا أطبق العاقل على يد العجوز يقبّل أثر المسامير، وبكى، َبكى على شيبة الرجل وعلى كرامة الإنسان وعلى كرامة الله أيضاً. ثم قال له:أنت لست بمجنون ، فلماذا تتظاهر بالجنون؟ أجاب العجوز: أخاف أن يسألني الناس عن قصتي فأحرج أبنائي وأبناءهم في المستقبل. ثم سأله مجدداً: وما قصة الرز بحليب؟ لماذا تكرر هذه الكلمات؟ فابتسم العجوز وقال: لقد كان الرز بحليب الطعام المفضّل لأطفالي....
يا عمّ: لقد علمّتني ما لم تعلّمه لي كتب الأرض، هلّا شرّفتني بأن نأكل العشاء معاً؟ فضحك العجوز وأجاب : طعامي ليس بعد من طَعَامِكم يا بني، ثم وقف وركض مردداً : أسمع صوت القطار..... ثم اختفى بين المجانين.
هنا عاد المجنون إلى المقهى بعينين محمرّتين يكتب الحادثة، أما العاقل فاختفى في وسط زحام الموت يفتٰش عن قطار الرحمة ليقلّه من آخر محطة في عالم الموتى إلى أول محطة في بلدة الأحياء.

ألأب ثاوذورس داود
رد مع اقتباس
قديم 31 - 08 - 2018, 10:22 AM   رقم المشاركة : ( 2 )
walaa farouk Female
..::| الإدارة العامة |::..

الصورة الرمزية walaa farouk

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 122664
تـاريخ التسجيـل : Jun 2015
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 350,541

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

walaa farouk متواجد حالياً

افتراضي رد: قصة اليوم : المجنون والعاقل

ميرسى على القصة الجميلة
  رد مع اقتباس
قديم 31 - 08 - 2018, 11:27 AM   رقم المشاركة : ( 3 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,212,471

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: قصة اليوم : المجنون والعاقل

رووووووووووعة حببتي
ربنا يفرح قلبك
  رد مع اقتباس
قديم 17 - 09 - 2018, 09:05 AM   رقم المشاركة : ( 4 )
merona Male
..::| VIP |::..


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 98
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 2,815

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

merona غير متواجد حالياً

افتراضي رد: قصة اليوم : المجنون والعاقل

قصة في منتهي الروعة وعميقة وكل الصاقعة علي القلب الرب يباركك
  رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
الجاهل يؤكد، والعالم يشك، والعاقل يتروى
( المجنون المختل )
الراهب المجنون...
الأسد المجنون
العشق المجنون


الساعة الآن 08:26 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024