منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03 - 08 - 2022, 01:31 PM   رقم المشاركة : ( 11 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,207,016

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب العجب الذي هو شاول - بولس - أ. إيريس حبيب المصري



كتاب العجب الذي هو شاول - بولس - أ. إيريس حبيب المصري



المجمع الرسولي في أورشليم:

+ ووقف الجانبان وجهًا لوجه ينادي كل منهما بأنه مرتكن على وصية الله. فكيف الخروج من هذا المأزق؟ إن رب الكنيسة قد منح رسله الأطهار الحكمة والفطنة والرسوخ، وبنعتمه أصبح بولس الأداة العظمى لإتمام العمل اللازم لوجود الكنيسة الجامعة. فالكنيسة -في كل العصور- لم تكن محتاجه إلى مصارعين ذوي عزيمة فقط، بل احتاجت إلى جانبهم إلى أشخاص متزنين متعاطفين متبصرين. وهكذا تقرر أن يجتمع الكارزون كلهم في أورشليم. وبذلك عقدوا أول مجمع كنسي. وأسندوا الرياسة إلى يعقوب الرسول(1) بوصفه أسقف أورشليم، وكان يهوديًا عنيفًا. وتكلم بطرس أولًا فشهد كيف أن الله قد قبل الأمم مباشرة إلى حد حلول الروح القدس عليهم. وبعد ذلك نودي على بولس وبرنابا فسردا بالتفصيل عجب الله في الأمم وتفتّح قلوب هؤلاء الأمميين له. وليس من شك في أن بولس استخدم كل إمكانياته الروحية والذهنية في الدفاع عن حرية مجد أولاد الله.
+ أخيرًا وقف يعقوب وكأنَّى بالحاضرين قد حبسوا أنفاسهم انتظارًا لما سيقوله رئيس المجمع المعروف بانحيازه العنيف لليهودية. ويا لعجب عمل روح الله! فهذا الذي كان يستند إليه المنادون بالتهوّد قد أعلن صراحة بأن لا يثقلوا على الأمم بالختان! وهكذا انتهى نقاش المجمع بروح المحبة والتقدير المتبادل (أعمال 15: 1-35).
 
قديم 03 - 08 - 2022, 01:34 PM   رقم المشاركة : ( 12 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,207,016

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب العجب الذي هو شاول - بولس - أ. إيريس حبيب المصري



كتاب العجب الذي هو شاول - بولس - أ. إيريس حبيب المصري



حرية مجد أولاد الله:



+ على أنه من المؤسف أن هذا التناغم الحلو لم يجعل بولس يتقبّل رجاء برنابا باستصحاب مرقس حين عزما على العودة إلى البلاد التي كرزا فيها. وعندها افترق الزميلان: فأخذ برنابا مرقس وذهبا إلى قبرص بينما استصحب بولس سيلا وعادا إلى أنطاكية. وسار العمل في هدوء وطمأنينة وتعايش اليهود والأمميون في الحرية التي حررهم بها السيد المسيح. وفجأة جاء من أورشليم بعض ممن كانوا لا يزالون متهوّدين. وبما أنه لم يكن في استطاعتهم الخروج على الإجماع الرسولي فقد صمتوا ولكنهم تعالوا على الآخرين وقاطعوهم واحتملهم بولس لفترة ما ولكنه لم يستطع الصمت حين رأى بطرس يتذبذب. وليست هناك أية إشارة إلى ما جرى إذ ذاك. ثم بعد ذلك بعشر سنوات رواها بولس للغلاطيين في استماتته على تحرير المسيحية من أغلال الناموس. فجاءت رسالته هذه بوقًا للمعركة إذ وجد تأرجح أهل غلاطية. إذن فقد ظل الخطر يتهدد الكنيسة مدى سنوات. ولكن بولس لن يهدأ ولن يستكين ولن يدع عمل الفداء الواسع سعة الأفق أن يقمطوه بأقمطة الناموس الضيق، ولفوره لبس سلاح الله الكامل وواجه الخطر ببسالته المعهودة. ولكي ندرك السبب لعنف الصراع يجب أن نعرف أن الخطر كان يتهدد كيان الكنيسة، فلو أن رسول الأمم انهزم لتحوّلت المسيحية إلى مذهب منحصر داخل حدود فلسطين أو إلى ملحق لليهودية! أما الكنيسة الجامعة العظمى الممتدة من أقاصي الأرض إلى أقاصيها فما كان ليمكن أن تقوم.
+ ولنوضح ناحيتي المشكلة:
أ- الخلاص بأعمال الناموس،

ب- الخلاص بالتسليم للإيمان بابن الله.
+ فما معنى أعمال الناموس؟ كانت الديانة اليهودية قد تداعت. فالوصايا التي أعطاها الله أخذ الكهنة والكتبة يضيفون إليها إضافات تزايدت بمرور الزمن. وبتزايدها ماتت الروح وتحولت إلى أوامر ونواهي ظاهرية شكلية حلّت محل الله الحي. ألم يقل عنهم رب المجد "إِنَّهُمْ يَحْزِمُونَ أَحْمَالًا ثَقِيلَةً عَسِرَةَ الْحَمْلِ وَيَضَعُونَهَا عَلَى أَكْتَافِ النَّاسِ"؟ (متى 23: 4) واستكمل هذه الكلمات بثماني ويلات أولها أنهم "يغْلِقُونَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ قُدَّامَ النَّاسِ..." (متى 23: 13-36). كذلك أعلن لهم أنهم تركوا وصية الله وتمسكوا بكلام الناس، "لأَنَّكُمْ تَرَكْتُمْ وَصِيَّةَ اللهِ وَتَتَمَسَّكُونَ بِتَقْلِيدِ النَّاسِ" (مرقس7 : 1-13) وبولس الذي عرف دقائق الناموس عرف أن من استطاع أن ينفذها كلها حرفيا نال الخلاص، ومن لم يستطع هلك. فأصبح الله قاضيًا قاسيًا من الصعب حصر شرائعه ومن الصعب تنفيذها. وهو لذلك قال لبطرس قدام الجميع: "إن كنت وأنت يهودي تعيش أمميًا لا يهوديًا فلماذا تُلزم الأمم أن يتهوّدوا"؟ وهكذا بدأ بولس الصراع للفصل بين المسيحية واليهودية منذ أن كان في أنطاكية واستمر يصارع في هذا السبيل مع الغلاطيين. وأكد أن الصليب قام حدًا فاصلًا بين أعمال الناموس وبين الحرية التي حررنا بها السيد المسيح الذي ليس فيه يهودي ولا يوناني ليس عبد ولا حر ليس ذكر ولا أنثى بل الجميع واحد فيه.
 
قديم 03 - 08 - 2022, 01:50 PM   رقم المشاركة : ( 13 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,207,016

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب العجب الذي هو شاول - بولس - أ. إيريس حبيب المصري

كتاب العجب الذي هو شاول - بولس - أ. إيريس حبيب المصري



بولس يتجه غربًا ويلتقي بالقديس لوقا في ترواس






الاتجاه غربًا:





+ وبينما بولس في أنطاكية امتلأ قلبه حنينًا لرؤية أحبائه القدامى فقصد إلى لسترة. وفي هذه الزيارة تخّير تيموثيئوس ليكون رفيقه ولم يمكث بها إلا قليلًا لأن النداء الذي يتردد داخله دفعه إلى السفر غربًا. فمرّ هو وتيموثيئوس مرورًا عابرًا بغلاطية، واستمّرا متّجهين غربًا. أخيرًا وصلا إلى ترواس وفي هذه المدينة التقى بشخص صار رفيقه وصديقه إلى آخر حياته، وهو لوقا الطبيب المحبوب كما أسماه هو فيما بعد. وهذه الصداقة أغنت العالم غنى دونه كنوز سليمان. لأن هذا الرفيق سجّل لنا تحرّكات بولس في سفر الأعمال. ولكن كيف نعرف أنهما تلاقيا في ترواس؟ نعرف ذلك من أن الرد لم يعد بصيغة المفرد بل أصبح بصيغة الجمع. ثم انتقل الأصدقاء بعد ذلك إلى تسالونيكي.

+ ووقف بولس ذات مساء على مرتفع في ترواس يتأمل الجبال الأوروبية عبر البحر. ولما أرخى الليل سدوله أدرك معنى اندفاعاته الملّحة نحو الاتجاه إلى الغرب: كان المعنى "أوروبا" - ففيها سيزرع صارية الصليب المقدس إذ قد ظهر له في حلم رجل مكدوني يقول له: "اعبر وأعنا". ولفوره تفهّم أن الله يناديه لهذا العمل الجديد. وفي الصباح أقلعوا إلى ساموثراكي ومنها إلى نيابوليس ثم فيلبي. وهكذا وصل الإنجيل إلى القارة الأوربية من الشرق. وجدير بنا أن نعرف أن بولس لم يتبع مخططًا وضعه هو لنفسه بل كان يسير خطوة بخطوة تحت إرشاد الروح القدس.
 
قديم 06 - 08 - 2022, 12:43 PM   رقم المشاركة : ( 14 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,207,016

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب العجب الذي هو شاول - بولس - أ. إيريس حبيب المصري

كتاب العجب الذي هو شاول - بولس - أ. إيريس حبيب المصري




إنه سبت في مدينة فيلبي





+ ...إنه سبت في مدينة فيلبي. وبحث الكارزون عن مجمع فلم يجدوا. فالقانون الذي وضعه الناموسيون يحتم وجود الرجال لإقامة مجمع ولكنهم لإدراكهم أن الإنسان إن أهمل الصلاة سيتوه عن الله سمحوا بالاجتماع في أي مكان مناسب. وفي فيلبي كان هذا المكان عند النهر. ولم يكن به غير النسوة وليس بينهم رجل واحد. فاجتمع بهن الكارزون ونادوا فيهن بكلمة الخلاص. وكانت أبرز شخصية بينهن ليديا بائعة الأرجوان.
+ ولنقف قليلًا في شيء من الذهول أمام التغيير الهائل الذي أصاب شاول الفريسي. فالشريعة الموسوية تحكم بأن عشرة رجال يكفون لإقامة مجمع في حين أن ألف امرأة -بل ومضاعفات الألف- لا تكفي! وهذا الفريسي ابن الفريسي الذي تشبّع في طفولته وفي شبابه بهذه التعاليم لم يتراجع -وهو في فيلبي- عن أن يتكلم في اجتماع كله نسوة! إنه لم يعد شاول إنه بولس رسول الأمم المنادي بحرية مجد أولاد الله والمصارع الباسل ضد التهوّد (مَنْ لنا ببولس في هذه الأيام؟!)
+ وهكذا شاء الرب أنه كما ظهر بعد قيامته للنسوة أولًا أن يتراءى للنسوة أولًا في أول مدينة أوربية. لقد حرر المرأة من لعنة الناموس ومنحها في تلك المدينة التي كانت أولى مدن أوروبا تتلقى البشارة. ومذاك، بل ومن قبل، وإلى الآن نرى أن المرأة هي قلب الكنيسة النابض. فقد وقف الرجل أمام الأضواء، وتكلم، ووعظ، ولكن المرأة داخل بيتها هي التي علّمت أولادها ومازالت تعلّمهم. وهي التي تستصحبهم معها إلى الكنيسة جيلًا بعد جيل، فترضعهم اللبن الروحي مع اللبن الجسدي. ولنذكر هنا أيضًا أن كنيسة ثياتيرا، إحدى الكنائس التي وجّه يوحنا الرائي الحديث إلى ملاكها، قد ساهمت ليديا بائعة الأرجوان في بنائها.

 
قديم 06 - 08 - 2022, 12:49 PM   رقم المشاركة : ( 15 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,207,016

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب العجب الذي هو شاول - بولس - أ. إيريس حبيب المصري

كتاب العجب الذي هو شاول - بولس - أ. إيريس حبيب المصري




السجن الداخلي لبولس




+ وهناك امرأة أخرى برزت في فيلبي بعد شهور من الالتقاء بليديا، هي جارية بائسة بها روح عرافة، يستغلها أسيادها للمال الذي تكسبهم إياه. وعلى الرغم من أن الأرواح المتصلة بها شريرة، فقد استشفّت هذه المسكينة حقيقة الكارزين. فتابعتهم أيامًا وهي تصرخ: "هؤلاء الناس هم عبيد العلي الذين ينادون لكم بطريق الخلاص". فتضجّر بولس وأخرج منها الروح النجس. وحين فقد أسيادها مورد رزقهم هاجوا هياجًا عنيفًا ضد الرسول الملتهب. وفي صباح اليوم التالي أوقفوا بولس وسيلا في المحكمة. فصدر عليهما الحكم بالضرب بالعصى وبطرحهما في السجن مع توصية السجّان بأن يضعهما في السجن الداخلي. وإمعانًا منه في استرضاء الحكام وضع أرجلهما في المقطرة. كان العالم الذي يعيش فيه رسول الأمم كله قسوة وبطش. بينما كان عالمه الداخلي كله مجد وبهاء. أليس يعيش مسيحه؟

+ ولو أننا تأملنا لوجدناه ضعيف البنية حسّاسًا، متوتر الأعصاب، ربطوه إلى عامود وجلدوه بعد أن كانوا قد خلعوا ثيابه، ثم رموا به في سجن عفن مظلم، ومع ذلك لا يتذمّر إطلاقًا. إنه يتمتع ببركات عظمى تملأه فرحًا. ومن العجب أن حياته كلها كانت سلسلة من الضيق والاضطهاد ونكران الجميل وسوء الظن، ومقابل هذا كله اسمعوه يكرر الهتاف: "افرحوا في الرب"، "افرحوا في الضيقات"، "لأن خفة ضيقتنا الوقتية". فدين السيد المسيح دين عجيب في كونه يخلق مثل هؤلاء الأبطال. وكأني به يردد لنفسه: "ماذا لو اضطهدني الناس فالله معي"، "ماذا لو فشلت عظتي هذه المرة فالله سيغلب يومًا ما"، "ماذا لو قتلوني؟ ذلك أفضل لأني سأكون مع السيد المسيح".
+ وبينما الكارزان في السجن كانا يترنمان بتسبيح الله. وسمع المسجونون ترانيمهم. وذهلوا من أن مسجونين في السجن الداخلي يترنّمان بدلًا من أن يشتما ويلعنا!
+ وقرب الفجر حدثت زلزلة عظيمة هزّت السجن وفتحت أبوابه، فارتعد السجّان وهمّ بأن يقتل نفسه. وإذا ببولس يطمئنه ويهدئ نفسه المضطربة. فلمست قلبه رهبة اللامرئي، وهكذا آمن واعتمد هو وأهل بيته.
+ وبعد ذلك بعشر سنوات كتب من سجنه في رومية رسالته إلى أهل فيلبي، ومنه ندرك عمق إيمان الفيليبيين. فالسيد المسيح بالنسبة لهم، لم يكن معلما لمبادئ نبيلة نشرها ثم مات. كلا، إنه الصديق الحاضر أبدًأ، الرب الحي المحيي الذي من أجله تقبّلوا العذاب بفرح.
+ ولنعد إلى حادثة السجن لنجد أن الولاة أرسلوا إلى السجان قائلين: "أَطْلِقْ ذَيْنِكَ الرَّجُلَيْنِ" (أع 16: 35). وهنا أيضًا نعجب من بولس، فبدلًا من أن يخرج فرحًا بالحرية، قال للسجان: "ضَرَبُونَا جَهْرًا غَيْرَ مَقْضِيٍّ عَلَيْنَا، وَنَحْنُ رَجُلاَنِ رُومَانِيَّانِ، وَأَلْقَوْنَا فِي السِّجْنِ. أَفَالآنَ يَطْرُدُونَنَا سِرًّا؟ كَلاَّ! بَلْ لِيَأْتُوا هُمْ أَنْفُسُهُمْ وَيُخْرِجُونَا" (أع 16: 37). وبالطبع اضطرب الولاة حين عرفوا أنهما رومانيان فنفذوا رغبة بولس. وعندها خرج الكارزان وذهبا إلى بيت ليديا، لأن هذه المرأة -باكورة المؤمنين بالسيد المسيح في أوروبا- استضافتهما في بيتها من البداية بأن قالت لهما: " «إِنْ كُنْتُمْ قَدْ حَكَمْتُمْ أَنِّي مُؤْمِنَةٌ بِالرَّبِّ، فَادْخُلُوابَيْتِي وَامْكُثُوا». فَأَلْزَمَتْنَا. " (أع 16: 15). فهل هناك وسيلة أروع من تلك التي اتخذتها ليديا؟ أليست فيها الدليل على أن إيمانها حي؟

 
قديم 06 - 08 - 2022, 12:57 PM   رقم المشاركة : ( 16 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,207,016

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب العجب الذي هو شاول - بولس - أ. إيريس حبيب المصري

كتاب العجب الذي هو شاول - بولس - أ. إيريس حبيب المصري




أعجب كنيسة: تسالونيكي:
+ وانتقلا بولس برنابا من هناك إلى تسالونيكي. وكعادة بولس ذهب إلى المجمع أولًا. فآمن البعض ورفض البعض الآخر. وكان بين المستمعين عدد غير قليل من اليونانيين. ولم يستطع اليهود المقاومون أن يتقبّلوا صورة السيد المسيح المهان الذي انتهى على الصليب. فهيجوا الرعاع والمشاغبين والعاطلين ضده إلى درجة أن بولس لم يتمكن من الظهور في الشارع. وبعد شهرين من الفشل الظاهر اضطر إلى مغادرة المدينة. وهنا نرى القوة الباطنية للمسيحية إذ كان من المتوقع أن تموت الكنيسة التي ما كادت تتنفس حتى داهمها البطش. ولكن، ألم يقل السيد المسيح أن ملكوت الله يشبه البذرة؟ والبذرة تحتوي حياة مختبئة، تحّتم عليها حياتها المختبئة أن تنمو. والتسالونيكّيون صورة لأسرع نمو حدث في الكنيسة عامة. ففي شهرين فقط نشأت كنيستهم وبقيت. وحين كتب بولس رسالته إليهم قال فيها: "وَأَنْتُمْ صِرْتُمْ مُتَمَثِّلِينَ بِنَا وَبِالرَّبِّ، إِذْ قَبِلْتُمُ الْكَلِمَةَ فِي ضِيق كَثِيرٍ، بِفَرَحِ الرُّوحِ الْقُدُسِ، حَتَّى صِرْتُمْ قُدْوَةً لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ فِي مَكِدُونِيَّةَ وَفِي أَخَائِيَةَ. لأَنَّ مِنْ قِبَلِكُمْ قَدْ أُذِيعَتْ كَلِمَةُ الرَّبِّ، لَيْسَ فِي مَكِدُونِيَّةَ وفي َأَخَائِيَةَ فَقَطْ، بَلْ فِي كُلِّ مَكَانٍ أَيْضًا قَدْ ذَاعَ إِيمَانُكُمْ بِاللهِ" (تسالونيكي 1: 6-8).




+ فكم هو جدير بنا أن يتضاعف إيماننا بقوة البذرة الحية. فنحن نبذر بذار الحياة الأبدية وليس من قوة تستطيع أن توقفها: إنها تحتوي الحياة ذاتها. ولما اضطر بولس ومن معه إلى مغادرة تسالونيكي قسرًا ذهبوا إلى بيرية حيث قابله اليهود لأول مرة بالتعقّل وبفحص الكتب. وكان بينهم يونانيون أيضًا. ويقول عنهم الكتاب: "فَآمَنَ مِنْهُمْ كَثِيرُونَ، وَمِنَ النِّسَاءِ الْيُونَانِيَّاتِ الشَّرِيفَاتِ، وَمِنَ الرِّجَالِ عَدَدٌ لَيْسَ بِقَلِيل" (أعمال 17: 12)(1). على أن يهود تسالونيكي لم يكتفوا بإخراجه من مدينتهم بل تابعوه إلى بيرية وهيّجوا الجموع فيها، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. فخاف الأخوة وأرسلوه نحو البحر. والذين صاحبوه أوصلوه إلى أثينا.

+ وهنا أيضًا نقف لنبهت، فزيارة بولس لهذه العاصمة كانت أفشل زيارة! ولكن لو دققنا قليلًا لعرفنا السبب. فقد كانت هذه المدينة - إلى جانب أصنامها العديدة - مركزًا للفلسفة الإنسانية حيث يرتكن الناس على عقلهم فقط، وحيث يتباهون بفصاحتهم وبلاغتهم فلم يستطيعوا استساغة ما وصفه رسول الأمم "بجهالة الله" التي أثبت أنها أحكم من حكمة الناس إلا أنه على الرغم من الفشل نجد أشخاصًا التصقوا به وآمنوا: "مِنْهُمْ دِيُونِيسِيُوسُ الأَرِيُوبَاغِيُّ، وَامْرَأَةٌ اسْمُهَا دَامَرِسُ (داماريس) وَآخَرُونَ مَعَهُمَا" (أع 17: 34). ولنلحظ دقة إبراز المرأة وإيمانها في هذا السفر العجيب، إنه إعلان عن محو اللعنة القديمة وتوكيد للنعمة التي شاء الخالق المبدع أن يمنحها للمرأة ليجعل منها خادمة له وحاملة لرسالته.

+ ومن اللائق بل من الجدير أن نذّكر أنفسنا باستمرار بجملة ذات أهمية وردت في حديث بولس إلى الأثينيين وهي: "وَصَنَعَ مِنْ دَمٍ وَاحِدٍ كُلَّ أُمَّةٍ مِنَ النَّاسِ يَسْكُنُونَ عَلَى كُلِّ وَجْهِ الأَرْضِ، وَحَتَمَ بِالأَوْقَاتِ الْمُعَيَّنَةِ وَبِحُدُودِ مَسْكَنِهِمْ،" (أع 17: 26). أليس في هذه الكلمات دليل آخر على أن الشعوب جميعًا -على اختلاف أجناسها- قد احتفظت في عمق أعماقها بالوعد الإلهي بالفداء؟(2).
 
قديم 06 - 08 - 2022, 01:05 PM   رقم المشاركة : ( 17 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,207,016

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب العجب الذي هو شاول - بولس - أ. إيريس حبيب المصري

كتاب العجب الذي هو شاول - بولس - أ. إيريس حبيب المصري




رفض أثينا للكرازة:
+ وغادر بولس أثينا، ولأول مرة نراه يشعر بالخيبة، وقصد إلى كورنثوس ليجد فيها سفينة تحمله إلى وطنه. وفي بادئ الأمر لم يهدف إلى تبشيرها. لأنها مدينة هي ممر بين الشرق والغرب، اشتهرت بمجونها وفسادها إلى درجة أن اسمها كان مرادفًا للانهيار الخُلقي. وبما أنه اضطر إلى الانتظار قصد إلى حي العمال ووجد به دكان صانع للخيام إذ كان هو خيّاميًا. فطلب عملًا، ورحّب به صاحبها -أكيلا- وتعاطف معه لفوره. وعرّفه بزوجته بريسكلا، وأعطاه ركنًا في دكانه وغرفة في بيته. وهكذا بدأت صداقة من أحلى الصداقات انتهت بإيمان الزوجين بالسيد المسيح، بل وبخدمتهما الكرازية وخدمتهما لبولس نفسه.
+ واحتدمت روحه في داخله وهو ينتظر السفينة. فبدأ كرازته في كورنثوس " فِي ضَعْفٍ، وَخَوْفٍ، وَرِعْدَةٍ " (1كو 2: 3) على حد تعبيره شخصيًا. وكان يعمل في النهار ويكرز في الليل. وفي السبوت كان يذهب إلى المجمع ليعلن فيه أن المسيا قد جاء بالفعل وتحققت فيه كل النبوات. ولكنهم لم يستطيعوا أن يحتملوا الكلام، وكعادتهم هاجوا وقاوموه، واحتملهم قدر إمكانه. أخيرًا "نَفَضَ ثِيَابَهُ وَقَالَ لَهُمْ: دَمُكُمْ عَلَى رُؤُوسِكُمْ! أَنَا بَرِيءٌ. مِنَ الآنَ أَذْهَبُ إِلَى الأُمَمِ" (أع 18: 6). وترك المجمع ودخل إلى بيت "يُوسْتُسُ" الذي أصبح من تلك الساعة مركز الكرازة، وكان بين مستمعيه السكارى واللصوص والزناة وخريجو السجون جنبًا إلى جنب مع المحتشمين الصالحين. ولكن قلوبهم جميعًا قد امتلأت من سلام الله وسطعت عيونهم بنور الرجاء. فقد ذاقوا وعرفوا ما أطيب الرب، هذا الذي جاء ليدعو خطاة إلى التوبة. وامتلأ بولس فرحًا وثقة، وتعجب من نفسه، كيف خامرته الخيبة.
+ ويا للعجب، فأولئك الذين تباهوا بأنهم شعب الله المختار، ومنهم قام الأنبياء ليعلنوا عن مجيء المسيا، قد قاومت غالبيتهم بولس في كل مكان. والشعوب الأخرى التي تعالوا عليها في تشامخ قد فرحت غالبيتها برسالة بولس وسارعت إلى الإيمان بالمسيا. إذن فليس من شك في أنه كان هناك حنين دفين داخل نفوس "الأمميين" إلى السيد المسيح برز لساعته عند سماعهم البشرى المفرحة.
+ وذات يوم وهو يشتغل في الدكان إذا بظل وقع عليه. فرفع بصره ليرى سيلا وتيموثيئوس عند الباب. أخيرًا وصلته أنباء عن تسالونيكي: أنباء منعشة مفرحة: "إن إيمانهم غير متزعزع، وهم شديدو التعاطف معك، ويتمنون رؤيتك، ولكنهم قلقون لأن بعض أحبائهم قد رقد". قال بولس: "يا لفرحتي بإيمانهم! وأنا أيضًا اشتهي أن أراهم! ولكني لا أستطيع لأن الكنيسة تنمو". وصمت قليلًا وقد قفز خياله إلى هؤلاء الأحبة، ثم قال بشيء من الفرح أيضًا: "ما دمت لا أستطيع رؤيتهم فسأكتب لهم".
 
قديم 06 - 08 - 2022, 01:11 PM   رقم المشاركة : ( 18 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,207,016

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب العجب الذي هو شاول - بولس - أ. إيريس حبيب المصري

كتاب العجب الذي هو شاول - بولس - أ. إيريس حبيب المصري




الوصول إلى كورنثوس ونتائجه:
+ ونحن لا نستطيع أن نرفع ما يكفي من الشكر للروح القدس الذي ألهم رسول الأمم بهذه الفكرة التي أغنت العالم غنى يفوق جميع كنوز العالم. فهنا بدأت مرحلة جديدة من الجهاد في حياة بولس: إنه بدأ يستعين بالقلم إلى جانب اللسان. وهو قد كتب من قلبه مباشرة، وهذا يضفي على كتاباته النضارة وعنف الانفعالات والإخلاص بل واللمسة الشخصية. ومن فيض محبته وتواضعه يسجل أسماء العاملين معه كشركائه في الكتابة: من "بُولُسُ وَسِلْوَانُسُ(1) وَتِيمُوثَاوُسُ، إِلَى كَنِيسَةِ التَّسَالُونِيكِيِّينَ،..." (1 تسالونيكي 1: 1) وهو يعبّر للتسالونيكيين عن فرحته بهم وشكره الله عليهم. ثم يوجههم كبناء حكيم: "افْرَحُوا كُلَّ حِينٍ"، "صَلُّوا بِلاَ انْقِطَاعٍ"، "اشْكُرُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ،..."، "لاَ تُطْفِئُوا الرُّوحَ!" (1 تسالونيكي 5: 16-19)، "امْتَنِعُوا عَنْ كُلِّ شِبْهِ شَرّ" (1 تسالونيكي 5: 22). وبعد ذلك ينصحهم: "ثُمَّ لاَ أُرِيدُ أَنْ تَجْهَلُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ مِنْ جِهَةِ الرَّاقِدِينَ، لِكَيْ لاَ تَحْزَنُوا كَالْبَاقِينَ الَّذِينَ لاَ رَجَاءَ لَهُمْ. لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا نُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ مَاتَ وَقَامَ، فَكَذلِكَ الرَّاقِدُونَ بِيَسُوعَ، سَيُحْضِرُهُمُ اللهُ أَيْضًا مَعَهُ. فَإِنَّنَا نَقُولُ لَكُمْ هذَا بِكَلِمَةِ الرَّبِّ: إِنَّنَا نَحْنُ الأَحْيَاءَ الْبَاقِينَ إِلَى مَجِيءِ الرَّبِّ، لاَ نَسْبِقُ الرَّاقِدِينَ. لأَنَّ الرَّبّ نَفْسَهُ بِهُتَافٍ، بِصَوْتِ رَئِيسِ مَلاَئِكَةٍ وَبُوقِ اللهِ، سَوْفَ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَمْوَاتُ فِي الْمَسِيحِ سَيَقُومُونَ أَوَّلًا. ثُمَّ نَحْنُ الأَحْيَاءَ الْبَاقِينَ سَنُخْطَفُ جَمِيعًا مَعَهُمْ فِي السُّحُبِ لِمُلاَقَاةِ الرَّبِّ فِي الْهَوَاءِ، وَهكَذَا نَكُونُ كُلَّ حِينٍ مَعَ الرَّبِّ. لِذلِكَ عَزُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِهذَا الْكَلاَمِ" (1تسالونيكي 4: 13-18). وهو هنا يؤكد القيامة على الرغم من موت الأحياء، لأن أهل تسالونيكي كانوا يظنون أن السيد المسيح عتيد أن يأتي وأنهم جميعًا سيظلون أحياء على هذه الأرض إلى مجيئه الثاني،فلما رقد البعض منهم ساورهم القلق مما جعل الكاروز الغيور يؤكد لهم أن هذا الانتقال لا بد منه إلى أن يأتي الرب نفسه بهتاف.. لذلك "عزو بعضكم بعضًا".
+ وظل بولس في كورنثوس سنة ونصف بعد ذلك لكي يسهر على الكنيسة الناشئة وسط التيارات العنيفة والبلبلات الفلسفية المتباينة. على أنه كان لابد له من المسير: إنه طليعة الكارزين للعالم المتحضّر فلا يمكنه البقاء في مكان واحد. فرسم لهم الكهنة وأوصاهم بالتفصيل عما يجب أن يعملوه. ثم غادر كورنثوس في أوائل سنة 53 م.
 
قديم 15 - 08 - 2022, 11:38 AM   رقم المشاركة : ( 19 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,207,016

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب العجب الذي هو شاول - بولس - أ. إيريس حبيب المصري

كتاب العجب الذي هو شاول - بولس - أ. إيريس حبيب المصري




من أنطاكية إلى أفسس:

+ وكان هدفه النهائي من هذه الرحلة الوصول إلى أورشليم، ووصلها في وقت مناسب لعيد الفصح، ولكنه لم يعد يشعر بهزة الفرح في هذه العاصمة الذي صبغ جوّها قلوب المسيحيين بالتهّود الضيق! لذلك غادرها حالما انتهى العيد قاصدًا إلى أنطاكية: هذه المدينة التي أصبحت "المركز - الأم" للمسيحيين الأمميين والتي بدأ فيها كرازته، وخرج منها ليحمل البشارة إلى كافة الأمم. وكم كان يشتهي أن يبقى فيها مع أحبائه القدامى، ولكنه لا يستطيع فعمله واسع سعة الأفق الشامل للعالم كله، والأيام تمر سراعًا.
+ وبدأ ما يمكن أن نسميه رحلة راعوية(1): فمرّ بطرسوس مسقط رأسه، ومنها إلى لسترة موطن تيموثيئوس، ثم اجتاز بالتتابع في كورة غلاطية وفريجيا، وانتهى به المطاف إلى مدينة أفسس التي دخلها لأول مرة ليقتنصها لفاديه الحبيب. لقد كانت مدينة عظمى، وهي والكنائس الست التي ذكرها يوحنا الحبيب(2) كانت تؤلف وحدة مركزية. وحين دخلها رسول الأمم كانت من أقوى معاقل الوثنية، ترتكز شهرتها على المعبد الضخم المقام لعبادة أرطاميس (أو ديانا). فكانت لذلك مركزًا للسحر والشعوذة مما جعل بولس يشير إليها بقوله: "فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، مَعَ السَّلاَطِينِ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ عَلَى ظُلْمَةِ هذَا الدَّهْرِ، مَعَ أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ" (أفسس 6: 12).

+ ولنتأمل هذا الكارز بجسمه المريض ووحدته المزعجة في جرأته على أن يغزو مدينة كبرى بها نصف مليون من السكان! إن هذه الجرأة -في حد ذاتها- دليل أكيد على ضخامة إيمانه في حضرة الابن الوحيد لله الآب وفي سلطانه القاهر. ألم يوصف بأنه هو وزملاؤه بأنهم " أولئك الذين فتنوا المسكونة..." (أع 17: 6). وهذا الابن الأزلي هو هو اليوم كما كان لبولس، وهو -له المجد- يهيب بنا أن نجسر على أن نحمل صليبه ونتبعه.
+ ومن العجب أن كلمة الله ذاعت وانتشرت ليس في أفسس فقط بل وفي كل منطقة آسيا الصغرى حتى لقد احتاجوا إلى مزيد من القسوس وزادوا على ذلك بأن جمعوا كل كتب السحر والتدجيل وكوّموها في الميدان العام وأحرقوها. وقُدّر ثمن الكتب المحروقة بخمسين ألف قطعة من الفضة! ورفع بولس تمجيداته وتشكّراته لهذا الانتصار العظيم لمخلصه.
+ ولكن، ولكن الشيطان لا بُد له من أن يقاوم، وبالأخص أمام نصر مثل هذا. وكان شهر مايو: شهر الإلهة ديانا حين يكثر الزائرون من مختلف الجهات، وفي وسط المهرجانات جمع ديمتريوس زعيم صياغ التماثيل كل المشتغلين معه واستثارهم بعنف لأن هيكل معبودتهم ستُهدم عظمته،وما هي إلا لحظات حتى تجمّع جمهور ضخم صاخب هائج واندفع نحو دكان الخيّامين إذ كان أكيلا وبريسكلا قد جاءا لزيارة بولس. ومن نعمة الله أنه كان غائبًا ساعتئذ، فواجه الزائر هذا الجمهور الثائر ببسالة مذهلة حتى لقد قال عنها بولس فيما بعد إنهما وضعا عنقيهما لحياته (رومية 16: 3-5). وحين فشلوا في القبض على بولس ظلوا يصرخون مدة ساعتين: «عَظِيمَةٌ هِيَ أَرْطَامِيسُ الأَفَسُسِيِّينَ!». (أع 19: 34).
+ وهنا أيضًا نعجب من عمل الله. فهذه الثورة الجامحة تبخرّت كالفقاقيع بكلمة هادئة من كاتب المحفل اختتمها بقوله: "لأَنَّنَا فِي خَطَرٍ أَنْ نُحَاكَمَ مِنْ أَجْلِ فِتْنَةِ هذَا الْيَوْمِ. وَلَيْسَ عِلَّةٌ يُمْكِنُنَا مِنْ أَجْلِهَا أَنْ نُقَدِّمَ حِسَابًا عَنْ هذَا التَّجَمُّعِ. وَلَمَّا قَالَ هذَا صَرَفَ الْمَحْفِلَ" (أع 19: 22-41).
+ ومع أن بولس قد نجا بحياته إلا أنه من رسالته التي كتبها من أفسس أنه عانى الكثير من الضيق إذ قال: "إِنْ كُنْتُ كَإِنْسَانٍ قَدْ حَارَبْتُ وُحُوشًا فِي أَفَسُسَ..." (1كو 15: 32) بل لقد بئس من الحياة ذاتها لكثرة ما لحقه من الإهانات والتعذيب إلى درجة أنه قال إنه حُسب كوسخ وأقذار العالم!
ووسط هذه المصارعات العنيفة كان سنده الأوحد الرب المسيح.
+ لقد كان بولس في واقعه فقيرًا ضعيفًا. متوتر الأعصاب، مرهقًا، قليل النوم، مصابًا بشوكة في الجسد لازمته مدى حياته. ولكن ابن الله القوي الهادئ كان الملجأ الذي يهرب إليه، وإليه يلقي أيضًا بكل أموره، وهذا سر قوة بولس وسر جهاده بلا هوادة، وسر فرحه في وجه كل ضيق. وفي وسط هذا الضيق ومن أفسس بعث برسالتيه إلى الكورنثيين وبرسالته إلى أهل غلاطية. وكذلك برسالته المدهشة إلى أهل رومية.


 
قديم 15 - 08 - 2022, 12:02 PM   رقم المشاركة : ( 20 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,207,016

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب العجب الذي هو شاول - بولس - أ. إيريس حبيب المصري

كتاب العجب الذي هو شاول - بولس - أ. إيريس حبيب المصري

عناية لوقا ببولس:

+ واستمرّ "عبد يسوع المسيح" في عمله الرعوي ما بين آسيا الصغرى والطرف الجنوب الشرقي لأوروبا لغاية فبراير سنة 58. كانت الأيام تمرّ سراعًا. وكان من المتوقّع أن يفتر حماس شبابه، ولكن لا، فمن الواضح أنه ازداد اشتعالًا، فهو متلهف على توصيل الإيمان بفاديه الحبيب إلى "كل الأرض" إنه يمتد دائمًا إلى الأمام. إنه يتطلّع إلى الأفق البعيد، يتطلع إلى شواطئ أسبانيا ومضيق جبل طارق. وفيها يشتهي أن يرفع علم السيد المسيح، ولكن لا بد له من الذهاب إلى أورشليم أولًا ليعيّد الفصح هناك وليعطي ما جمعه "للقديسين".

+ وكان معه تيموثيئوس وتروفيموس (تُرُوفِيمُسُ) الأفسسي ولوقا وأربعة أصدقاء آخرين لا يذكر الكتاب اسمهم، فقصدوا إلى ميناء كورنثوس. ولكن أصحابه استشفّوا أن اليهود يهدفون إلى قتله على السفينة فقرروا السفر برًا. وانتعش بولس لأنه في صحبة أحباء، وسيّمر ببلاد يتلقاه فيها أحباب قدامى. ويبدو أن "شوكة الجسد" عاودته في فيلبي لأنه اضطر هو ولوقا إلى أن يبقيا فيها بينما ذهب الجميع إلى ترواس. ومن نعمة الله أنه كان آنذاك في فيلبي موطن ليديا بائعة الأرجوان وموطن السجّان وعائلته. وله فيها صداقات كثيرة. وليس من شك في أن صداقات المسيحيين تزداد وثوقًا بوجود ربهم في وسطهم وبالرجاء الثابت في أن صداقاتهم ستدوم إلى الأبد في الملكوت.

+ وهكذا اضطر بولس إلى أن يقضي عيد الفصح في فيلبي، ولكن هذا الفصح بالنسبة له لم يعد عيد يهودي. فقد تخطّى به بولس إلى المسيحية مؤكدًا أن السيد المسيح هو فصحنا.
 
موضوع مغلق

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
كتاب العذراء مريم والدة الإله - إيريس حبيب المصري
ان الله الذي غير شاول الى بولس
من كتاب : قصة الكنيسة القبطية / د. ايريس حبيب المصري ./ د. ايريس حبيب المصري .
كتاب قصة الكنيسة القبطية للمؤرخة إيريس حبيب المصري
يبحث عن دور (من كتاب خبرات في الحياة)


الساعة الآن 08:13 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024