منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 13 - 05 - 2012, 05:14 AM
الصورة الرمزية Magdy Monir
 
Magdy Monir
..::| VIP |::..

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Magdy Monir غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 12
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 57
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 51,018

موضوع متكامل عن حياة ومعجزات البابا كيرلس السادس
بطريرك الكرازة المرقسية الـــــ 116


موضوع متكامل عن حياة ومعجزات البابا كيرلس السادس بطريرك الكرازة المرقسية الـــــ 116




بقلم:

حنا يوسف عطا - شقيق قداسة البابا كيرلس


والقس رافائيل أفامينا (الشماس روفائيل صبحى) - الشماس الخاص لقداسته

إهداء

بسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد أمين
إهــــــــداء

إلى أبناء المغبوط مثلث الرحمات البابا كيرلس السادس:
أطفالاً وشباناً وشيوخاً رجالاً ونساء اكليروس وعلمانيين وكل محبيه، والذين تذوقوا بركات السماء،ومنحهم الله نعمة بقوة ابتهالاته وتضرعاته التى رفعها إلى عرش النعمة وشع عليهم نور الرضا والسعادة.

فكرت كثيراً قبل أن أكتب قصة حياة رجل الله التقى المجاهد الصابر الثابت على الرجاء، وإذ تيقنت كل شئ من الأول بتدقيق رأيت أن أكتب إليكم لتعرفوا صحةالكلام، تخليداً لذكراه الطاهرة وعزاء لقلوبنا، وشجعنى على هذا العمل الابن الوفى والحبيب حقاً الذى تربى فى حضن أبيه منذ كان شماساً بدير مارمينا بمصرالقديمة، يرعاه أبونا القمص مينا البراموسى المتوحد حتى المرحلة الجامعية حتى صار شماساً خاصاً للبابا المعظم الأنبا كيرلس السادس، خمس سنين أعقبها دخولهدير مارمينا بمريوط راهباً باسم القس رافائيل. تغذى بالروحيات وتأهل فى النعمة ، ونال بركة رضاه حتى صار حقاً اليشع تلميذ ايليا، إذ حرص أن يسجل لنفسهمذكرات عظيمة الشأن لم يبخل بها على أبناء البابا كيرلس السادس ، بل شاء أن ينشر فضائله وروائح جهاده ليفوح عبيرها ويتنسمه الجميع بركة ونعمة يذكرهاالسلف للخلف.

وقد رأيت أن تكون هذه القصة - قصة حياة البابا كيرلس منذ نشأته حتى ارتقائه السدة المرقسية- جزء من الكتاب الذى عزم على طبعه الابن المبارك القسرافائيل مسجلاً فيه أحلى وأسعد الأيام التى خدم فيها تحت رعايته، لتعم الفائدة ، ويتجلى نور حياته أمام الجميع ليمجدوا الله إلهنا، نسأل أن يعطيه الله مجداً مؤثلاًفى أحضان الأبرار والقديسين، وأن ينفعنا ببركة ابتهالاته التى يقدمها عنا فى الكنيسة المنتصرة أمام عرش النعمة، نوراً وهدى يملأ قلوبنا عزاء ورجاء.

حنا يوسف عطا
شقيق قداسة البابا


إهداء القس رافائيل أفامينا

أبى ...
سيدى ...
إلى روحك المتهللة فى السماء مع شفيعك مارمينا.
إلى روحك المصلية كل حين تشفع فى أبناء مارمرقس فى مصر والسودان وأثيوبيا وسائر أفريقيا والمهجر.
يا من تلذذت نفسى بالحياة معه راهباً ثم بطريركاً.
يا من تلذذت نفسى بالوقوف أمامك على مذبح الله الذى لم تفارقه يوماً من أيام حياتك إلا لمرضك.
يا من رحلت عنى ، ولكن لم تتركنى إلا فى رحاب حبيبنا مارمينا.
إلى روحك أقدم هذه الكلمات ...
أقدمها إلى شعبك الذى أحبك لعظم فضائلك وتواضعك.
إلى شعبك المتعطش أن يعرف كل شئ عن باباه كيرلس ...
إلى محبى الفضيلة أقدم مثلاً للفضيلة ...

إلى محبى القداسة أقدم مثلاً لعزاء الله لقديسيه.
اذكرنى أمام الفادى لكى أكون مستحقاً أن أتنعم بلقياك فى سماء مجدك.

القس رافائيل أفامينا
(الشماس روفائيل صبحى)
الشماس الخاص للبابا كيرلس

رد مع اقتباس
قديم 13 - 05 - 2012, 05:16 AM   رقم المشاركة : ( 2 )
Magdy Monir
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية Magdy Monir

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 12
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 57
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 51,018

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Magdy Monir غير متواجد حالياً

افتراضي


موضوع متكامل عن حياة ومعجزات البابا كيرلس السادس بطريرك الكرازة المرقسية الـــــ 116



الجزء الأول:
من الطفولة إلى الرسامة (من عام 1902م إلى عام 1959م)

بقلم: حنا يوسف عطا - شقيق قداسة الباب


المدرسة الأولى

ينتمى البابا إلى عائلة زيكى التى نزحت من الزوك الغربية فى صعيد مصر فى أواخر عهد المماليك، إلى بلدة طوخ النصارى بالمنوفية . وكان والداه "يوسف"شماساً مشهوداً له بحسن السيرة وجمال الصوت والخط. وكان يحلو له أن يقضى وقت فراغه فى رحاب البيعة ، ليعلم الشمامسة الصغار الألحان والكتابة والحساب،أو يقوم بنسخ الكتب بخطه الجميل.. وكان متمسكاً بتعاليم الكنيسة مواظباً على الصلاة حريصاً على الأصوام. والمتعة العائلية سهرة يلتف فيها الأبناء حول والدهميقرأ لهم فى الكتاب المقدس ويقص عليهم سير القديسين. والأم مثالية فى معاملة أبنائها حريصة على أن تؤلف فى قلوبهم وتنمى محبتهم لبعض. وقلما تعاقبأحدهم. وكانت سير القديسين حلوة فى أفواههم ، وصورهم التى تملأ أركان البيت ، ماثلة أمام عيونهم ، فيقدسونهم ويحفظون مواعيد أعيادهم ويحتفلون بها ، إمابكنائسهم أو بالمنزل. ويحرصون على زيارة كنيسة العذراء ببلدتهم طوخ النصارى فى 21 بؤونة من كل سنة ، وبكنيستها ببلدى العطف بالبحيرة فى 15 مسرىوكذا عيد الشهيد العظيم مارجرجس. أما عيد الشهيد مارمينا العجايبى فكان له أثر عميق فى نفوسهم وأحب الأعياد إلى قلب عازر. يذهبون سنوياً لبلدة أبيارغربية فى عيده، ويمكثون بالدير أسبوعياً. وقد انطبعت هذه الأمور على قلب عازر، وتركت أحسن الأثر فى نفسه.

عمل الوالد لدى أحد كبار الملاك وكيلاً عاماً لجميع أعماله بالغربية والمنوفية والبحيرة ، وازدهرت على يديه تجارة هذا الرجل وفلاحته، فأحبه وأجله.
وأستقر فى مدينة دمنهور، وأنجب ثلاثة أبناء : حنا ثم عازر (البابا كيرلس السادس) فى 2 أغسطس سنة 1902، وميخائيل (القمص ميخائيل). وجعل من بيتهمحطة رحال الكثيرين خاصة الرهبان الذين كان يطيب لهم الإقامة به لما يلاقون من كرم الوفادة.

إنه من نصيبنا
كان من بين المترددين شيخ متقدم فى الأيام ، كلت عيناه كبر سنه، يدعى القمص تادرس البراموسى، وكان يطوف البلاد مع قائد له يدعى ساويرس ليجمع عوائدالدير السنوية ممن اعتادوا ان يقدموها. وكان عازر وهو لم يتجاوز الرابعة من عمره يأنس بهذا الراهب، ويرتاح لبهاء طلعته وجمال لحيته البضاء، ويمضى كلأوقاته يمرح بجواره. وفى ليلة نام على ركبتيه فجاءت والدته تعتذر للراهب ، وتحمل الصبى عنه فقال لها دعيه لأنه من نصيبنا. وقد كان ، فصار عازر حقاً منيومها من نصيبهم، فكان لا يحلو له أن يلبس بدلة جديدة إلا إذا لبس فوقها مريلة من القماش الأسود اللامع، مثل التى يلبسها أبونا تادرس. وقد أحزن هذا الإصرارالشديد والديه فى بادئ الأمر ، ولكنهما سلما فى النهاية بالأمر الواقع.

نعم لقد صار من نصيبهم. أذكر أن عازر كان يحتج على والديه عندما يرى المائدة ممدودة وعليها عديد من أنواع الطعام. كان يقول: لماذا نأكل نحن هذه الأطعمة،والآخرون يأكلون الخبز الجاف؟ . وحدث فى يوم رفاع الصوم الكبير ، أن ازدحمت المائدة بأطايب الطعام ، فثار عازر وقال لأمه أمام أبيه: "إننا نأكل كل يوم منهذا الطعام الفاخر ، وبجوارنا عائلة "الكردى" (رجل تركى أقعده الكبر يعيش عيشة الكفاف مع عائلته) فقيرة محتاجة، ألا يحسن إهداء هذا الطعام لهم من أجلالمسيح الذى سنصوم له باكراً، ونكتفى نحن بوجبة متواضعة". انشرح قلب والديه لهذا الشعور النبيل. وعندما ذهبوا إلى عائلة الكردى بالطعام ، استقبلتهم بالدهشةوالاستفسار، ولما علموا أن صاحب هذه الفكرة هو عازر قبلوه ودعوا له.

نعم لقد صار من نصيبهم: كان بالبلدة كتاب لفقيه ظريف يدعى الشيخ أحمد علوش، زار عائلة عاززر، واقترح على والده أن يرسله أثناء عطلة الدراسة للكتاب.فوافق والده على ذلك ، وواظب عازر على الكتاب، ووجد فيه متعة جميلة، إذ اقترح الفقيه عليه يوماً أن يحضر معه "إنجيلاً" ليدرس فيه، فأعطاه أبوه إنجيل يوحنامكتوباً بحروف كبيرة. وكم دهش الجميع فقد حفظ عازر والفقيه إنجيل يوحنا.

***

انتقلت أسرة عازر إلى الإسكندرية حيث عمل والده وكيلاً لدائرة "أحمد يحيى باشا" والد "أمين يحيى باشا" و "عبد الفتاح يحيى باشا"رئيس وزراء سابق . وكانتالدائرة مركزاً من مراكز الحركة الوطنية ، ومقراً لرجال الوفد بالإسكندرية . وكان لعازر دور فى هذا الميدان ، أظهر فيه حبه لوطنه وتفانيه فى خدمته.
بعد إتمام عازر دراسته الثانوية التحق بشركة "كوكس شيبنج للملاحة"، وكان رئيسة المباشر رجلاً لبانياً، صديقاً حميماً اسمه "الفريد فاضل" كان يعمل إلى وقتقريب مديراً بشركة مصر للسياحة . وكان المدير العام استرالياً. متشدداً فى معاملته للموظفين ، فخافوه وتجنبوا مقابلته، وكان هو يعلم ذلك ، وكان يقف أحياناً فىالصباح على رأس السلم فى مواجهة الباب العمومى (مبنى البنك الأهلى بشارع صلاح سالم الآن) وذلك مراقبة حضور الموظفين.

وكانت أعمال عازر تبدأ الساعة التاسعة صباحاً ، فكان يمر على الكنيسة المرقسية كل صباح قبل ذهابه للعمل، وتصادف دخوله يوماً، فوجد المدير العام واقفاً علىالسلم ، فصعد وحياه، فسأله عن سبب تأخره فى الحضور فعرفه أن عمله يبدأ الساعة التاسعة كل يوم ، وتركه وشأنه. فقال المدير لرئيسه المباشر: إن هذا الشابعلمنى كيف أحترمه ، وأعجبنى فيه رباطة جاشه، وحسن تصرفه ، ولم يتجنب مقابلتى كما يفعل زملاؤه.

أمانته
كلف يوماً أن يشرف على الإجراءات الجمركية الخاصة بحاجيات أحد كبار القواد الإنجليز العائد إلى بلده. وفوجئ عازر عند فتح حقائب القائد فى صالة التفتيش،بوجود حافظة نقود القائد فى طيات ملابسه، فسلمها له المفتش وكان يدعى "إبراهيم يوسف" بعد أن حرزها، وبعد ذلك عاد عازر إلى الشركة وطمأن المدير العامعلى إنهاء الإجراءات، وسلمه حافظة النقود وأختامها سليمة، وكان القائد يجلس إلى جوار المدير فانفرجت أسارير وجهه، وأخذها منه شاكراً ، وقدم له مائة جنيهإسترلينى مكافأة له على أمانته فرفض بأدب رغم إلحاحهما عليه بشدة، ثم حياهما وانصرف.

وفى صبح اليوم التالى زف إليه رئيسه المباشر بشرى صدور قرار بزيادة مرتبه عشرة جنيهات دفعة واحدة. وكان لهذا القرار صدى كبيراً بين زملائه، إذ لم يمضعلى منح العلاوات الدورية سوى شهور قلائل.
وهكذا تدرج عازر فى عمله ، محوطاً بالتقدير والثقة من الجميع وأصبح يتقاضى مرتباً كبيراً يحسده عليه أقرانه.

الاستعداد للرهبنة
كان حبه لله واضحاً فى سلوكه فى هذه الفترة من عمره فقد كان:
* يقضى وقت فراغه فى الكنيسة مواظباً على حضور القداسات والصلوات.
* يمضى الليل فى حجرته ساهراً يقرأ الكتب المقدسة ، أو يصلى.

* يبغض المزاح : فكان يستاء عندما يجد أفراد أسرته يضيعون وقتهم فى سمر ومزاح. وما كان يتركهم فى مزاحهم إلا بعض الوقت ثم يعود إليهم ويقول بوجهباسم : ملأتم الهواء كلاماً. ويحول الجلسة إلى تأمل فى تعاليم الله ، ويخرجون منها بالكثير من الفوائد.
* يمنع أهل منزله من دخول حجرته أو معرفة محتوياتها إذ كان يعتبر حياته فيها تدريب على حياة القلالى والوحدة.
سارت أموره فى هذا الطريق ، ولم يدرك أحد أنه يعد العدة لحياة جديدة أفضل. وفى غفلة منا جميعاً كان قد جهز ملابس الرهبنة ، واللوازم الأخرى التى سيحتاجإليها فى حياته الجديدة.


الاستقالة
فوجئت يوماً بمحادثة تليفونية يطالبنى فيها محدثى بالحضور لمقابلة مدير عام الشركة التى يعمل بها عازر، فأثار هذا الطلب مخاوفى إذ أن فى عهدة شقيقى أموالاًطائلة تصل أحياناً إلى آلاف الجنيهات لتصريف الأعمال اليومية الخاصة بالشركة. ولكن محدثى - وهو رجل صديق- طمأننى على ذلك . وتوجهت لمقابلة المديرالعام الذى فاجأنى بخبر غريب، أن عازر قدم له استقالته وأنها جاءت فى عبارة موجزة :
"بما أن لدى أعمال هامة لا يسعنى أن أتخلى عنها ، فلذلك أقدم استقالتى من العمل، وأرجو أن يتم قبولها حتى نهاية يونيو 1927".

سألنى المدير : " أى عمل هذا الذى فضله عازر على عمله هنا، وعلى مركزه الممتاز". فأكدت له جهلى بأمر هذه الاستقالة ووعدته باستطلاع الأمر.
وعند المساء- وفى جلسة عائلية - سألنا عازر عن سر هذه الاستقالة فقال: "أيهما أفضل حياة البر والقداسة والسعادة الحقة، أم حياة الشقاء والكد والتعب فيما لاينفع . وماذا يفيد الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه ، أو ماذا يعطى فداء نفسه".
أشعلت هذه الكلمات نار حرب لا هوادة فيها. تضافر الأهل والأقارب والأصدقاء لاقتلاع هذه الفكرة من قلبه ناصحين إياه بالحرص على ما وهبه الله من توفيق.ولكنهم لم يفلحوا، وانتصر هو على إغرائهم ونصحهم وإشفاقهم. وحالفه التوفيق فى كل خطواته حتى تم له ما أراد ، وأصبح راهباً بدير البراموس، ولدخوله الديروانتظامه فى سلك الرهبنة قصة أخرى.

التعديل الأخير تم بواسطة Magdy Monir ; 13 - 05 - 2012 الساعة 06:01 AM
  رد مع اقتباس
قديم 13 - 05 - 2012, 05:18 AM   رقم المشاركة : ( 3 )
Magdy Monir
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية Magdy Monir

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 12
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 57
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 51,018

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Magdy Monir غير متواجد حالياً

افتراضي

عازر يطرق باب الرهبنة

موضوع متكامل عن حياة ومعجزات البابا كيرلس السادس بطريرك الكرازة المرقسية الـــــ 116

ذهب عازر لمقابلة الأنبا يؤانس الذى كان وقتها مطراناً للبحيرة والمنوفية ووكيلاً للكرازة المرقسية، والتمس منه أن يقبله راهباً.
فسأله: من تكون ، ومن أى البلاد ؟ فلما علم أنه من عائلة زيكى - العائلة الصديقة منذ زمن بعيد - وأنه ابن يوسف عطا ، قال له: "أين أبوك وشقيقك؟ ولماذا لميخبراننى برغبتك هذه ؟ لاشك أنهما يرفضان هذه الرغبة. فإن لم يحضرا معك ويوافقا على طلبك، فلن أقبل رهبنتك البتة".
عاد عازر إلى البيت حزيناً هذه الليلة، وظن الأهل أن هناك عراكاً نفسياً فى داخله نتيجة تضارب رغباته ، وظنوا أن الفرصة مهيأة ليثنوه عن عزمه ، وليستمرفى عمله. فعرفوه أن مدير الشركة وعد أن يمنحه علاوة استثنائية من أول يوليو وأعادوا على مسامعه نصائحهم المعهودة. ولكنه أظهر تصميمه على ما أراد، وانهاعتزم أمراً سيتم بإذن الله . وأبان لهم أن مرجع حزنه هو ما جرى بينه وبين الأنبا يؤانس.

ولما كان والده يعرف عنه أنه لا يتراجع عما اعتزم، وانه يقابل الصعاب بصدر رحب، وقلب ثابت ، اقترح عليه أن يذهب إلى الكنيسة ويتقدم إلى الأسرارالمقدسة، ثم يصنع بعد ذلك ما يرتاح إليه ضميره ، ولن يعارض فيه أحد .
كان أب اعترافه القمص يوحنا جرجس الكبير ، وكان رجل ذو مشورة صالحة ، محبوباً من شعبه : شبابه وشيوخه، وكان يدعو عازر "بعازر المبروك" لحسنسيرته ، فقابله والده، وكان اليوم يوم جمعة أحاطه علماً بما انتواه ابنه فتناقش القمص يوحنا مع عازر فى الأمر وقربه من الأسرار الإلهية.
وبعد انتهاء القداس أخبر والده صراحة انه من صالح عازر من الخير له مساعدته على إتمام قصده، لأنه يعلم طريقه جيداً ، ورسم لنفسه طريقاً مستقيماً عن زمنبعيد ، وهو به عليم. وأكد لوالده أنه سيقف بجانب عازر لتحقيق أمنيته ، وأن قلبه يحدثه أن الله هو الذى اختار له هذا الطريق المبارك.

وإزاء ذلك صاحبه والده إلى الأنبا يؤانس فظهرت عليه علامات الرضا، ولكنه ؟أخذ يناقش عازر بحزم وشدة مبيناً له متاعب الرهبنة ومشقتها، ووعورة طريقها،وما سيحيق له من آلام وإهانات وما سيلحقه من تجارب وحروب متنوعة ، وانه لن ينعم يوماً بالراحة وخلو البال. فأجابه عازر "كل هذه رسمتها أمامى ، كما أنىمارست طريق الرهبنة بكل حرص منذ خمس سنوات فى بيت أبى ، وكل ما سوف يصادفنى لن يكون جديداً علىّ" . فقال له: "يا ابنى إنى أرى أولاد المدن لايحتملون مشقة الرهبنة ، والقليل منهم هو الذى ينجح فى هذه الطريق" فأجاب عازر " رجائى بالله قوى. وأنا أؤمن لو باركتنى ، وسألت لأجلى القوة والتوفيقسوف انجح، والمسيح نفسه ليس بظالم ولا ينسى تعب المحبة".

وهنا باركه الأنبا يؤانس وقال له سأهيئ لك سبيل الانخراط فى الرهبنة ، فتهلل عازر فرحاً ، وانحنى أماه ساجداً عدة مرات ، وعاد مع والده موفور السعادة. فقللنا " من انا الحقير؟ وأين أنا من مقام أولاد الملوك مكسيموس ودوماديوس اللذين تركا ملك العالم لينالا الملك الدائم ، زهداً فى الممالك والمال ومحبة فى ملكالسموات. ياليتنى تراباً تحت أقدامهما".
والحقيقة أنها كانت ليلة قاسية بالنسبة لنا جميعاً.

فى انتظار السفر للدير
لازم عازر الأباء الرهبان الذين كانوا يدرسون بالكلية اللاهوتية بالإسكندرية ، منتظراً يوم الانطلاق إلى الدير، باب السماء، وبقى مدة صوم الرسل ملازماً الكنيسةليلاً ونهاراً . وفى يوم عيد الرسل 12 يوليو 1927 ذهب إلى الكنيسة باكراً يحمل على كتفه قفة مملؤة فطيراً أعدته العائلة بمناسبة عيد رئيس الملائكة الجليلميخائيل ورفض أن يحملها أحد عنه، أو يستقل عربة مستكثرين عليه أن يحمل القفة ، وهو يرتدى بدلة وطربوشاً، ويسير هكذا فى الطريق ويراه الناس على هذاالحال، ولكنه قال لهم : ألم يحمل رسل المسيح الأطهار كل منهم قفة مملؤة من الكسر مما فضل من الخمس خبزات ؟. ولما وصل الكنيسة وزع الفطير معلناًاغتباطه برضا الله ، وقبوله ليسلك طريق الرهبنة.

ثم أعد ملفاً ضمه أوراقاً خاصة به على ضوء ما يتبع عند قبول إنسان فى عمل جديد وان لم يطلب منه هذا، ولكنه صمم عليه.

الذهاب إلى الدير
بعد انتهاء الدراسة بالكلية اللاهوتية عاد الرهبان كل إلى ديره . واستدعاه الأنبا يؤانس . وحدد له ميعاد السفر إلى دير البراموس مع القس بشارة البراموسى (نيافةالأنبا مرقس مطران أبو تيج) ، وزوده بخطاب توصية لأمين الدير لقبوله فى سلك الرهبنة، وزكاه بشهادة حسنة عنه وعن عائلته . وأوصى القس بشارة بأنه عندعودته فى أول أكتوبر سنة 1927 تكون الأمور قد تكشفت أمام عازر ، فاحفظوا له ملابسه فى القصر الملحق بالدير ليستخدمها إذا ما أراد العودة.


دخوله الدير
فى صباح يوم 27 يوليو سنة 1927 بكر عازر ورتب متاعه وتوجه إلى محطة السكة الحديد وكان فى توديعه الكثيرون من أهله وأصدقائه ومحبيه. ومن بينهمرئيسه المباشر فى الشركة التى كان يعمل بها السيد/الفريد فاضل الذى أبلغه تحية مدير عام الشركة، وانه محتفظ له بعمله ويستطيع العودة إليه فى أى وقت يشاءدون عائق، فضحك عازر كثيراً شاكراً له حسن صنيعه. وأستقل القطار إلى محطة الخطاطبة. ثم استقل قطار شركة الملح والصودا - الخاص بنقل النطرونوالملح من بير هوكر للخطاطبة - ووصلوا بير هوكر عند الغروب (بير هوكر أو الهوكرية هى قرية صغيرة قريبة من منطقة أديرة وادى النطرون). وكان فىانتظارهم رهبان من الدير ومعهم دواب لنقل الأمتعة .. ووصلوا الدير الساعة الثامنة مساءاً فاستقبلهم الرهبان بحفاوة وغسلوا لهم أرجلهم. كما هى عادة الرهبان.وقدم القس بشارة لأمين الدير "القمص شنوده" مرافقه عازر على أنه زائر من الإسكندرية من أبناء الأنبا يؤانس لذا أنزله بقصر الدير، وأدار له ماكينة النور لينيرالقصر، وقدموا له العشاء.

وفى الصباح سلم القس بشارة خطاب الأنبا يؤانس لأمين الدير. وعرف منه أن عازر طالب رهبنة. وليس بزائر. فدق جرس الدير وحضر جميع الرهبان عندسماع دقاته ليستطلعوا الخبر. فأعلمهم أمين الدير بما كان فاستبشروا خيراً وقالوا ان هذا أول طالب رهبنة يقابل بهذه الحفاوة، لابد أن يكون له شأن يذكر.
أرشده الأمين إلى قلاية خصصها له ليقيم فيها. وكانت خالية متروكة من زمن تحتاج إلى الكثير من النظافة، كما أرشده إلى المكان الذى يوضع فيه الخبزز، ليأخذمنه من هو فى حاجة إليه. ثم تركه ومضى.
فقام عازر واخذ حجر الجبس قبل حرقة ودقه جيداً فى أرضية القلاية، ورشه بالماء، فصار متماسكاً جداً. وأخرج من حقيبته ورقاً سميكاً أحضره معه، وفرش بهأرضية القلاية ، ورتب مكاناً لنومه، ومكاناً لجلوسه ورتب حقائبه لتصبح كمائدة تتوسط المكان. وأرتدى جلباباً أسوداً وطاقية، وأصبح وكأنه ولد راهباً منذ زمان.

كان القس بشارة متلهفاً على الاطمئنان على عازر إذ لم يقدم له أحد فى الدير أية مساعدة . ولكن أمين الدير نبهه أن يتركه وشأنه حيناً من الزمن لتظهر آثار مالقيه من معاملة فى نفسه، وليعلم قدرته على تحمل صعاب الطريق الجديد.
أما عازر فكان مواظباً على الصلوات، فإذا ما دق جرس نصف الليل ، فإنه يقوم متوجهاً إلى الكنيسة ليشترك فى التسبحة والصلاة، ويعود إلى قلايته نحو الساعةالسابعة صباحاً دون أن يختلط بالرهبان.

تلمذته
وفى مساء أحد السبوت ، وقد مضى على عازر عدة أيام ، ولم يسأل عنه أحد. قال أمين الدير للقس بشارة ، والقمص بشاى، والقمص باسيليوس والقمص عبدالمسيح المسعودى. وكلهم من شيوخ الدير، هيا بنا نفتقد الأخ طالب الرهبنة لنى كيف حاله. فذهبوا إلى قلايته فوجدوا أمامها نظيفاً مكنوساً مرشوشاً. ولما دخلواالقلاية أعجبهم ترتيبها الجميل، وتعجبوا مما رأوا، فقال لهم القمص عبد المسيح المسعودى "أصله حارت ومستنى السيل" أى انه أعد ذاته لقبول سيل نعمة الله،وعند انصرافهم ، ودعهم عازر بملء الاحترام ، فقال له القمص عبد المسيح "يا ابنى أن عمة الرهبنة هى بتسليم القلب لله وهى أعظم المقتنيات، وأثمن من كنوزالأرض وخيراتها والراهب الذى افتقر باختياره وجهز نفسه ليكون جندياً أميناً للمسيح لهو أعظم من ملوك الأرض وحكامها قوة ومكانة. . وقد اتسع قلبى لك ،وأسأل ربى يسوع المسيح أن يوفقك، ويفتح لك باب النعمة، ويهديك إلى سبيل البر، ويملأ قلبك اطمئناناً لتسير فى غربة الحياة أمناً ، فلا تخاف شراً ، والله معك ،وعصاه وعكازه يهديانك" فسجد له عازر وقبل يديه، أما هو فقد احتضنه وقبله، وقال له : " منذ هذه الساعة قد وهبك لى الرب لتكون ابناً مباركاً" فتهلل الأباءفرحين.

ومنذ ذلك الوقت ابتدأت تلمذته للقمص عبد المسيح المسعودى الذى كشف له الكثير من أسرار الرهبنة، وطرقها المستقيمة ، وتدرج على يديه فى النعمة، وصارعازر مضرب الأمثال فى الدير لطاعته وعبادته ووداعته ولاختياره أشق الأعمال كما أولى شيوخ الدير الذين تقدمت بهم الأيام عناية خاصة : يغسل لهم ملابسهموينظف قلاليهم ، ويهتم بمأكلهم . وكان سعيد بهذا العمل ، ولكنه ما كان يزور أحداً إلا لخدمته. وكان الأباء الشيوخ يباركون جهوده، ويسألون الله لأجله.
وكان أمين الدير يرتب الخدمة أول كل شهر بين الرهبان القادرين على العمل، وكان نصيب عازر أن يدير المطبخ مع راهبين آخرين، وكان ذلك فى بدء صومالطاهرة العذراء أم النور أول مسرى 1927. فقام عازر ونظف الأوانى النحاسية ، ورمم كوانين المطبخ، واعتنى بمياه الشرب، وكان بالدير جرار كبيرة ، فغسلهاجيداً حتى صارت صالحة لحفظ مياه الشرب وملأ جرة لكل شيخ من الأباء غير القادرين على الذهاب إلى طلمبة المياه وقد صادف هذا العمل ارتياحاً عظيماً منالآباء الذين قدروا له حسن صنيعه وكان رائده القمص عبد المسيح المسعودى يرشده، ويحثه على الاجتهاد دون أن يسمعه كلمة مديح، بل كان يحدثه عن فضائلالأباء الأولين، مبيناً عظم تواضعهم، وكيف كان الواحد منهم يملأ للرهبان جرارهم كل ليلة، بما يجلبونه من آبار بعيدة عن الدير أميالاً كثيرة ، ويرجون الله أنيتقبل أتعابهم رائحة بخور حمد وشكر.

والى جانب اهتمام عازر بخدمة الآباء الشيوخ كان يقوم بطحن الغلال وعمل الخبز وعجن القربان. كل هذا بجانب مداومته على الصلاة والتناول من الأسرار،ودراسة الكتب المقدسة وكتابات الآباء.
مضت شهور الصيف واحتفل الرهبان بمستهل سنة الشهداء. واستعد الأباء طلبة الكلية اللاهوتية للعودة إلى الإسكندرية، فاستحضر أمين الدير عازر وعرفه بميعادسفرهم ، فقل له: "تصحبهم السلامة، ورائدهم التوفيق، أما أنا فاسمح لى أن أسير فى الطريق الذى بدأته، ويقينى أن الله لا يترك طالبيه" فقال له : " أما ترسللذويك خطاباً تطمئنهم عليك" فقال له : " لم يرسل يوسف لأبيه خطاباً عندما دعاه ليحضر لمصر بل قال لاخوته اخبروا أبى بما رأت عيونكم وما سمعته آذانكم .وها أنا ذا الضعيف أتشبه بما فعله يوسف. وارجوا من آبائى المسافرين أن يعلموا أهلى بما منحنى الله من نعمة على يد آبائى".

وبعد ذلك أشار عليه القمص عبد المسيح أن يصدر مجلة دينية باسم مجلة ميناء الخلاص. فاضطلع عازر بهذا العمل وكان يكتبها بخط يده وكان عدد النسخ لا يقلعن خمسين نسخة مكونة من اثنى عشرة صفحة، مبوبة تبويباً حسناً. وكان يرسلها شهرياً لتوزع بين الأخوة والأحباء، ونجح هذا العمل الذى كلفه الكثير من الجهدوالدرس والبحث. وقد استمر فى كتابة هذه المجلة عدة سنوات.

الراهب أرمانيوس
كان الراهب أرمانيوس (الأنبا مكاريوس رئيس دير البراموس المتنيح) مكلفاً بتوصيل البريد يومياً إلى بير هوكر مستخدماً بغلاً حرون صعب القيادة، فأوقعه يوماًعلى الأرض وهرب فى الجبل. وتعب الراهب فى البحث عنه طول اليوم ، حتى نفذت قواه وعاد إلى الدير متأخراً فوجد الرهبان ينتظرون مجيئه قلقين عليه،ولكن أحدهم - وكان مشهوراً بالغيرة الشديدة على ممتلكات الدير - سأله عن البغل وكيف جاء بدونها، وطلب منه ألا يدخل الدير إلا ومعه البغل فتقدم عازر -رغم حداثة عهده بالدير- وقال له: يا أبى دعه يدخل ويستريح ، وسوف يجد أحد الأعراب البغل ويحضره للدير كما هى عادتهم. ولكن هذا الأخ لم يقتنع وظل فىثورته، فنصحه الرهبان بالهدوء وعرفوه أن رأى عازر رأى حكيم، فضلاً عن أنه قد أكد له أنه سيشترى دابة أخرى على حسابه ، وما هى إلا لحظات حتى دقالجرس ، وإذ بالباب أحد العربان ومعه الدابة الجموح، فأخذوها منه ، ومنحوه عطايا كان من أجملها منحة عازر.

وفى الصباح وهم يتشاورون فى أمر إحضار البريد وإرساله إلى بير هوكر ، تطوع عازر لأداء هذه المهمة ، وحاول أمين الدير أن يثنيه عن عزمه ، فأصربالأكثر ، وقال انه متمرن على ركوب الخيل. وركب البغل الذى أخذ يشب ويجمح ليوقعه كما اعتاد، وكلن عازر ساسها حتى جعلها مطية ذلول.

  رد مع اقتباس
قديم 13 - 05 - 2012, 05:20 AM   رقم المشاركة : ( 4 )
Magdy Monir
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية Magdy Monir

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 12
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 57
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 51,018

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Magdy Monir غير متواجد حالياً

افتراضي



رهبنته

موضوع متكامل عن حياة ومعجزات البابا كيرلس السادس بطريرك الكرازة المرقسية الـــــ 116

بعد أن اكتسب عازر رضا الرهبان كبيرهم وصغيرهم وبعد أن اطمأن شيوخهم إلى طهارة سيرته وقوة عزيمته، وفى يوم 25 نوفمبر سنة 1928 مع بدء الصوم الكبير،زكوه جميعاً ليكون راهباً بينهم. فابتدأوا بصلاة عشية ، ثم صلاة نصف الليل، وسجد عازر أما الهيكل بكنيسة العذراء الأثرية، ، وعن يمينه جسد الأنبا موسى الأسود ،وعن يساره جسد أنبا إيسذوروس قس القلالى. وتمت طقوس رهبنته ودعوا اسمه مينا وحضر القداس فى الصباح. وبعد ذلك طافوا به أرجاء الكنيسة بالشموع، والصلبانوتبارك من أيقونات القديسين ، وتقدم إليه القمص يعقوب البراموسى- شقيق القمص عبد المسيح المسعودى- الشيخ الصامت الذى لا يتحدث مع أحد ، ولا يرغب فىأنه يحدثه أحد، وكلن محبته للراهب مينا، ورغم أنه كان يظهر له عدم رضاه بخدمته له - هذه المحبة دفعته إلى أن يتكلم، وباركه قائلاً: "يا ابنى ليباركك الرب، ويؤهلكللنعمة، وينجح طريقك لتسير فى فلاح وتوفيق، ويفيض عليك من روحه القدوس لتكون أميناً إلى النفس الأخير على الوزنات التى سيسلمها لك يسوع لتتاجر ، وتربح
" وكانت هذه الكلمات مصدر سعادة الأباء ، وقالوا جميعهم "أمين اسشوبى" (نعم ليكون هذا).

دخل الراهب مينا حياة جديدة. ووضع رجله على أول درجة فى سلم جهاده بعد الرهبنة، ووضع لنفسه قانوناً سار عليه مدى حياته هو : "أن يحب الكل، وهو بعيد عنالكل" وظل يمارس العبادات الشاقة بإرشاد أبيه الروحى، فداوم على الصلوات ، والأصوام، والتقرب من الأسرار المقدسة ، كما كان وديعاً متسامحاً لا يسلم نفسه للغضبمهما قابل من صعاب أو لقى من إهانات، دافعاً الإساءة بالإحسان.
تعاون مع أخوته الرهبان فى كل أمر ، فكان يخفف عن الشيوخ أثقال الأعمال، ويتولى خدمة الضعيف، ويعتنى بالمريض، ولم يكن يبغى فى هذا كله مديحاً أو مجداًزائفاً ، بل تمسكاً بالوصية المقدسة.

كما اعتنى بمكتبة الدير ورتب كتبها ولازم قراءة الكتب المقدسة وتعاليم الآباء، فتفتحت أمامه أبواب المعرفة، وانجلت أمامه الغوامض. وقد انكب على كتابات مار اسحقالسريانى العظيم فى العارفين، فأرشدته كيف يسلك الطريق الملوكى. ومن شدة شغبه بهذه الكتابات نسخها فى خمس مجلدات جلدها تجليداً حسناً، حسبما تعلم من راهبمتقدم فى الأيام اسمه القمص باخوم كان الأب مينا يخدمه. ولما رأى أنه قد استفاد كثيراً لما نسخ هذا الكتاب ، عاود نسخه أربع مرات، طمعاً فى زيادة المعرفة والتعمقفى الدرس ولنفع الآخرين.
كما استرشد فى حياته أيضاً بأقوال قديسين كثيرين مثل الأنبا أنطونيوس ، والأنبا شنوده رئيس المتوحدين ، والقديس مكاريوس وغيرهم كثير من المعلمين العظام.

كما كان يتولى عمل القربان بصفة مستديمة مولياً إياه عناية خاصة ، وكان يستخلص الدقيق الذى يعجن منه على ثلاث أو أربع مراحل حتى يصير نقياً خالياً من كلشائبة ويخبزه بنفسه.

  رد مع اقتباس
قديم 13 - 05 - 2012, 05:25 AM   رقم المشاركة : ( 5 )
Magdy Monir
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية Magdy Monir

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 12
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 57
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 51,018

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Magdy Monir غير متواجد حالياً

افتراضي

القس مينا


موضوع متكامل عن حياة ومعجزات البابا كيرلس السادس بطريرك الكرازة المرقسية الـــــ 116


فى يوم الأحد المبارك الموافق 18 يوليو سنة 1931 رسم الراهب مينا قساً باسم القس "مينا" . وصلى قداس الرسامة الأنبا ديمتريوس مطران المنوفية الأسبق.وكان من بين الحاضرين المرحوم / يوسف جرجس سكرتير البابا فى ذلك الوقت (وقد ظل سكرتيراً للبطريركية حتى توفى سنة 1972)، وكذلك شقيقاه ميخائيل(القمص ميخائيل) ، وكاتب هذه السطور وأيضاً المعلم ميخائيل كبير مرتلى الكنيسة المرقسية فى ذلك الوقت.
وقد ظل القس مينا يبكى طوال القداس، وأبكانا معه ، وبعد ذلك طافوا به الكنيسة الأثرية بالدفوف والألحان ، وأمامه الصلبان. وقد خرجت بعد نوال البركة العظيمةفرحاً لأنى شعرت بالعزاء يملأ قلبى.

وقد استأذنت البابا فى ذلك الوقت فى أن استحضر بعض الأشجار لزراعتها فى حديقة الدير لتكون تذكار رسامة القس مينا ، فأذن لى، وطلب منى أن أوزعها علىالأديرة الأربعة الموجودة بوادى النطرون . وقد تم ذلك فى أشهر أمشير التالى.

فى كلية الرهبان اللاهوتية بحلوان
وقع عليه الاختيار للدراسة فى كلية لرهبان اللاهوتية بحلوان، فأطاع مرغماً ، لنه قد احب حياة العزلة فى الدير فانتظم فى الكلية وأظهر تفوقاً ملحوظاً. واختار لهزميلاً أنس إليه وارتاحت نفسه لمصاحبته هو القمص كيرلس الأنبا بولا ( المتنيح الأنبا كيرلس مطران البلينا) . وقد رتبا معاً أن يقوما برفع بخور عشية كل ليلة،وإقامة القداس فى الصباح الباكر قبل بدء الدراسة، وسار هذا النظام أياماً، وكان القس مينا يتعهد بخبز القربان . ولكن هذا الترتيب لم يعجب البعض، فقاموا فىالليل وهدموا فرن القربان سراً. ولما قام القس مينا - كعادته - وعجن القربان، وعند الثالثة فجراً ذهب ليخبزه، فإذا به يجد الفرن قد هدم ، فأيقظ على الفور القسكيرلس ، وتشاوروا معاً لإيجاد حل لهذه المشكلة ، وجاءت فكرة للقس مينا نفذها فى الحال، ذهب إلى صاحب مخبز إفرنجى كان فى مواجهة بيت الرهبان ، وطلبمنه أن يخبز القربان عنده ، فرحب الرجل بالطلب. وقام القس مينا بخبز القربان بنفسه بإتقان أثار إعجاب صاحب المخبز. وأقيم القداس كالمعتاد ، ثم عرض هووصديقه القس كيرلس الأنبا بولا الأمر على مدير الكلية المتنيح القمص ميخائيل مينا، فقعد مجمعاً من الآباء الرهبان ، وأقروا عمل قداس يومى. بالمناوبة بينجميع الآباء من كل الأديرة بالترتيب، فاستقر هذا النظام، وأصبح متمماً لبرنامج الدراسة وصارت العشية فرصة سانحة للأباء لإلقاء كلمة الوعظ.

وقد سر المسئولون سروراً بالغاً لهذه الفكرة، واثنوا على القس مينا والقس كيرلس.

ترشيحه للأسقفية
كان الأنبا يؤانس موجوداً فى الكلية ، وكانت نوبة رفع بخور عشية على القس مينا فوقف وقفة متمكن، وألقى عظة استغرقت ساعة كاملة ، أعجب بها البابا وسرمن كلماته التى أفعمها بأقوال القديسين، وبالأخص أقوال مار اسحق العظيم فى العارفين. وبعد انتهاء كلمته تقدم بطلب البركة كما يقتضيه النظام. فأثنى عليه ثناءمستطاباً، وبارك جهوده، ودعى له أن يكون عاموداً فى هيكل الرب. وفى محادثة مع مدير الكلية المتنيح القمص ميخائيل مينا أبدى البابا رغبته فى رسامة مطرانللغربية والبحيرة ، وصرح له أنه يود لو رسم القس مينا البراموسى أسقفاً لهذا الكرسى. زف القمص ميخائيل البشرى إلى القس مينا ظناً منه أنها ستنال منهاستحساناً ولكن القس مينا عاد إلى قلايته مهموماً، وقابل صديقه وأخاه القس كيرلس الأنبا بولا وأسر إليه بعزمه على السفر إلى دير القديس الأنبا شنوده رئيسالمتوحدين بسوهاج ليحيا هناك حياة الوحدة. وتعب معه القس كيرلس الليل كله لكى يرجعه عما اعتزم . ويسلم الأمر لله ويطيع ويقبل هذه الموهبة ولكنه أصر علىما انتوى.

وفى الصباح استقل القطار إلى سوهاج، ومنها توجه إلى الدير. وسبب هذا الاختفاء انزعاجاً ليس بقليل. إذ كتم القس كيرلس الأمر عن كل أحد. وأستدعى شقيقه.وسئل عن مستقر القس مينا، فاندهش لهذا السؤال إذ كان خالى الذهن تماماً . وطلب إليه البحث عنه، لئلا ينال غضب البابا. رجع أخوه للقس كيرلس الأنبا بولا،وتوسل إليه بدموع أن يكشف له سر اختفاء أخيه، فتحنن قلبه ، وعرفه الحقيقة.
وبعد جهود مشكورة بذلها أحد التجار بسوهاج رجع القس مينا ليقابل الأنبا يؤانس. وكان العتاب واللوم الذى لقاه القس مينا قاسياً للغاية. ولكنه احتمل فى صبر، ثمكشف له مكنونات قلبه ألا وهى رغبته فى الوحدة.

وقد قدر له البابا هذه الرغبة، وصرح له بالرجوع إلى الدير ليستريح وعليه بعد ذلك أن يتبع الطريق الذى يرسمه له أبوه ورائده القمص عبد المسيح المسعودى.
  رد مع اقتباس
قديم 13 - 05 - 2012, 05:56 AM   رقم المشاركة : ( 6 )
Magdy Monir
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية Magdy Monir

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 12
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 57
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 51,018

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Magdy Monir غير متواجد حالياً

افتراضي

الوحدة



موضوع متكامل عن حياة ومعجزات البابا كيرلس السادس بطريرك الكرازة المرقسية الـــــ 116

العودة إلى الدير


عاد القس مينا للدير متهللاً ، واجتمع مجمع الرهبان، وحاولوا إقناعه بالعدول عن ولوج الوحدة . خوفاً عليه من مخاطرها الروحية، وقالوا له: "أنت ابن الثلاثينسنة عمراً وسنوات رهبنتك خمسة ، فهل تريد أن تسلك طريق الوحدة الذى فشل فيه قبلك رهبان جاهدوا ثلاثين وأربعين سنة؟ العلك تريد الهروب من المسئوليةسواء كانت بالكلية، أو بالدير هذا فضلاً عن مخاطر جسدية تجعلنا تخشى عليك الإقامة فى مغارة منفرداً بالصحراء، حيث ستهاجمك وحوشها، وحياتها السامةالمهلكة . ولهذا كله نحن لا نوافق البتة على سلوكك هذا الطريق الوعر".

صبر القس مينا على هذه الحملة العنيفة ، ثم ابتدأ يتكلم بهدوء قائلاً: "آبائى واخوتى، إنى اعتز بمحبتكم وغيرتكم على المحبوبة لى . ولكن أتقدم إليكم بالتماس الابنالطائع الخاضع لرأى آبائه الذين ساروا فى طريق العبادة شوطاً بعيداً، ويعلمون من أسرار هذا الطريق التى تتوق نفسى إليها أكثر مما أعلم. ويقينى أن اسم الربيسوع يهيئ لى المسير فى هذا الطريق الضيق المؤدى للحياة لكل طالبيه بضمير نقى، وفكر خال من جميع الشهوات فاطمئنوا كل الاطمئنان ، وسأكون الابنالخاضع بكل قوتى للإرشاد والنصيحة ولن أقدم على عمل أو أسير خطوة دون ان استرشد برأى أبى ورائدى الذى تفضل الله وملأ قلبه محبة ، وحناناً لشخصىالضعيف".

هنا اتجهت الأنظار نحو القمص عبد المسيح المسعودى ليسمعوا رأيه فى الأمر. أما هو فأجاب وقال: "أما من جهة القس مينا ، وخطورة وجوده بالمغارة فاطمئنوابالله. لأنه وليه القوى" وهو بقدرته سيمسك بيده، ويهديه الطريق، وقد اطمأن قلبى لتصرفاته، لأنه يسير فى طريقه بحكمة الشيوخ ، وبقلب مؤمن، وإنى أرىبعين الإيمان أن القس مينا سينجح فى طريقه ، لأنه مفروز من بطن أمه لهذه النعمة، فلا تقفوا فى طريقه حجر عثرة".
وهنا انبرى له شيخ من الأباء غيور، وخاطبه بحدة بدافع محبته للقس مينا ، وقال له: "يا أبانا الست أنت ابن الأربعين سنة فى طريق الرهبنة هل فكرت يوماً أنتسير فى طريق الوحدة؟ أليس من أبنائنا من هم شيوخ بالدير، فهل فكر فى هذا الطريق أحد. أرجوك أن تترك هذا الراهب الصغير وشانه، وانصحه أن يرجع إلىالكلية حتى ينال شهادتها، ويعود لخدمة الدير، حتى يشاء الله ويعطيه رتبة حسنة كمن سبقوه من الآباء".

فأجاب القمص عبد المسيح بروح الوداعة: "دع ابنك القس مينا يسير فى طريقه ، ولا يغلبنك عاطفة الشفقة ، والمحبة فتمنع عنه نعم الله".
ازداد هذا الشيخ المحب حماساً ، وقال له : "لماذا لم تسر أنت هذا الطريق، وكيف تدفع غيرك للمسير فيه ، وهو الطريق الشاق الضيق الذى لا يقوى على السيرفيه إلا من أعانه الله، وأيده بروحه القدوس". فقال القمص عبد المسيح: "إننى احتكم فى هذا الأمر للأخوة، وسأنزل وسينزل القس مينا معى لقرار الأباء".
ساد الصمت برهة. ثم قام القمص شنوده والقمص باسيليوس ، والقمص باخوم، والقمص جورجيوس، والقمص لوقا، وقالوا بلسان واحد "فلتكن مشيئة الرب. وليسلمالقس مينا لعناية الله وإرشاد أبيه القمص عبد المسيح، والله أمين، وعادل سيهديه إلى سبيل البر ويقوده إلى طريق السلامة".

فصرخ القس مينا بصوت الفرح والتهليل: "ليكن اسم الرب مباركاً ها مطانية يا آبائى واخوتى". وسجد لهم ثلاث سجدات اعترفا بمحبته الغالية لهم.

فى المغارة
عاين القس مينا المغارة التى تقرر توحده فيها وهى تبعد عن الدير مسافة ساعة سيراً على الأقدام ، وكانت من قبل سكناً للقمص صرابمون البراموسى رئيس الديرسابقاً، وهى عبارة عن متسع 6×8 متر نقر فى الصخر لعمق ثلاث أمتار، فوجدها تحتاج إلى ترميم ، فنقل إليها جبس من الموجود بالدير بكثرة إذ كان الرهبانيحرقونه ويقومون بطحنه بطاحونة خاصة ونقل إليها الماء، وابتدأ فى ترميم السقف والأرضية والحوائط بمهارة وحذق، وجعل لها باباً يرفع إلى أعلا ، وبعد أنأصبحت صالحة للسكن نقل إليها جميع حاجاته، وطاولة من الخشب ، وجرار فخار للماء، وبعض الأوانى. كما أخذ بعض البقول والدقيق، ولم يأخذ خبزاً حتى لايبقى عنده أكثر من قوت يومه. ثم ودعه الأباء ، وهم يدعون له بالتوفيق، وأخذ عليهم العهود ألا يزوره أحد ، وألا يهتم به أحد. وتعهد هو - كما أمره أبوه - أنيحضر للدير مساء كل سبت ليغسل ملابسه وملابس الأباء الذين أقعدتهم الشيخوخة ، وليتمكن من التقرب من الأسرار المقدسة صباح الأحد.

أستقر القس مينا بالمغارة، ورتب إقامته فيها كترتيب القلاية بالدير ومارس العبادة طبقاً لطريق الوحدة: من مداومة الصلاة وعمل المطانيات ونسخ الكتب، وكانتساعات عمله اليومى عشرون ساعة.
وفى نهاية الأسبوع الأول عاد إلى الدير، وحضر العشية ، وجلس مع آبائه الرهبان ، وحدثهم عن قوة الله التى تسنده. ولما تواترت أسئلة الأباء عما رآه ، وما كابدهمن مشقات قال لهم: "إنى لم أجاهد حتى الدم ، فاطمئنوا". ثم انفرد بعد ذلك بأبيه القمص عبد المسيح كاشفاً له خفايا قلبه، إذ قد عاهده قبل التوحد فى المغارة ألايخالف له رأياً، ولا يخفى عنه أمراً. وكان الرجل يشجع قلبه ويزوده بالنصائح.

واستمر الحال على هذا المنوال، واستراحت قلوب أباء الدير من جهته، إذ كانوا يرونه والسعادة بادية على وجهه ، ولم لا ، وقد صار شريكاً للملائكة فى تسبيح الله، وتمجيد اسمه القدوس.
وكانوا ينتظرون مقدمه إلى الدير كل يوم سبت ليأنسوا به ، ويطمئنوا عليه. وكم كان منظره خاشعاً وهو عائد إلى مغارته حاملاُ الماء والزاد، مرتدياً (زعبوطاً)خشن الملمس، وبيده عصاه يتوكأ عليها أو يعلق عليها حاجاته.

مع مدير كلية اللاهوت بنيويورك
فى أحد الأيام من عام 1933 سمع القس مينا طرقاً على باب مغارته لأول مرة منذ توحده ، وفتح الباب ونظر وإذ بالاعرابى الذى اعتاد أن يراه من حين إلى آخر،معه رجلان أحدهما مصرى والأخر أجنبى، ، فبش لهما. ودعاهما للدخول. فنزلا سلم المغارة بحذر، وأجلسهما على بطانية فرشت فوقها ملاءة بيضاء جديدة نظيفة. وعرفاه بنفسهما: فأحدهما دكتور حسن فؤاد مدير الآثار العربية فى ذاك الوقت، والآخر هو مدير كلية اللاهوت بنيويورك.

ولما دار بينهم الحديث شعر الزائر الأمريكى ان هذا المتوحد يعرف الإنجليزية ، وأراد ان يتحدث معه بها (أجاد الإنجليزية عندما كان يعمل بشركة كوكس شبنج).وكان الأب مينا قبل الرهبنة يجيدها كأحد أبنائها ولكنه اعتذر لضيفه بعدم قدرته على متابعة الحديث باللغة الإنجليزية التى هجرها من مدة طويلة.
قال له زائره : إنى جئت إلى مصر خصيصاً إذ شرعت فى وضع كتاب عن أصل الرهبنة ونشأتها فى مصر، وأنا أحاول التعرف على تعاليم أب الرهبان جميعاًالقديس أنطونيوس، وأباء برية شيهيت ، وأباء الكنيسة القبطية الأرثوذكسية العريقة. وقد بذلت جهداً كبيراً فى الاطلاع فى مكتبة البطريركية والمتحف القبطى، كمازرت أديرة وادى النطرون، واقتبست شذرات من هنا وهناك. ولكنى أرى أنها غير كافية . واليوم طلبت من زميلى الفاضل أن نتريض فى الصحراء خارج ديرالبراموس، وسرنا مسافة طويلة دون ما هدف حتى قابلنا هذا الاعرابى، وسألنا هل ترغبون فى زيارة العابد بالمغارة ولو أننا لا نعلم عنك شيئاً، لكن حبالاستطلاع قادنا نحوك.

فجلس القس مينا يروى حياة أباء الرهبنة مثل القديس أنطونيوس والأنبا بولا أول السواح ، والقديس مكاريوس أب برية شيهيت ، والقديس باخوميوس أب الشركة، ثم قرأ عليهما أجزاء من كتب مار اسحق السريانى ، موضحاً لهما فلسفة الرهبنة وطرقها، وكيف يعد الراهب نفسه لنوال المواهب.
واستمر هذا الحديث وقتاً طويلاً والباحث الأمريكى يدون ما يسمع. وفى النهاية قال له أن ما جمعته من معلومات فى شهرين لهو شئ ضئيل جداً بالنسبة إلى ماعرفته منك اليوم.
ولما عزما على الانصراف اخرج الباحث الأمريكى ما فى جيبه من ريالات وعملة فضية أما القس مينا ، قائلاً له : "أن هذه هدية رمزية تذكروننى بها" ولكن القسالمتوحد رفض قبول هذه العطية، وقال: "ما حاجتى إلى هذا المال أن محبته أصل لكل الشرور، وهو معوق طريق الوحدة.ز أرجوك أن ترد نقودك إلى جيبكمشكوراً ، وسيكون هذا مبعث سرورى وراحتى". فنزل الرجل على رغبته ، وأزداد إعجابه به، واحترامه له. أما مدير الآثار العربية فحيا القس مينا تحية حارة،وقال له : "يا أبى لقد رفعت رأس الرهبان ، وشرفت الرجل المصرى، فلك منى تحية حارة، وأرجو أن أبرهن عن عمق تقديرى واحترامى لك يوماً ما". وقدحدث على ما سأذكر فيما بعد. وانصرفا متأثرين بما رأيا، ولكنهما أسفا لرفض القس مينا أن تؤخذ له صورة ليضعها فى صدر الكتاب المزمع إصداره.


لقاء آخر
فى يوم من الأيام أراد الأنبا يؤانس أن يزور القس مينا المتوحد فى مغارته، وكانت تبعد عن الدير نحو الساعة مشياً على الأقدام. وأراد رئيس الدير ومن معه أنيثنوه عن عزمه تجنباً للمشقة، ولكنه لم يستجب لرجائهم وأثناء سيرهم فى الصحراء أرسل رئيس الدير راهباً للقس مينا ليطلب إليه المجىء لمقابلة الأنبا يؤانسفى منتصف الطريق، ويوفر عليه مؤونة التعب. فجاء القس مينا مسرعاً ليقابله، وسجد له وقال له يا سيدى لست مستحقاً أن تتعب لأجلى. ولكن الأنبا يؤانس فطنإلى أن رئيس الدير قد دبر حضور القس مينا، فقال له : لا بل أن أخذ بركة هذا المكان (أى المغارة) الذى صار أرض مقدسة بعرق وجهاد هذا المتوحد. فنزلالجميع على رغبته طائعين. فذهب إلى المغارة ونزل سلمها الضيق، وجلس على فراش القس مينا، وتذوق الخبز الذى كان يعمله يومياً. كما عرفه ترتيب حياتهاليومية. فباركه ودعى له بالتوفيق. وفى العودة إلى الدير سار بمعينه مسافة قصيرة فأشفق عليه الأنبا يؤانس ، وأمره بالرجوع إلى مغارته فأطاع.


الرهبان السبعة
فى أوائل عام 1936 قصد الدير، وكان ذلك اليوم هو سبت العازر وإذ به يرى حركة غير عادية حول الدير، خيول وجمال وجنود ، فدخل مستغرباً ، وعرف أنرئيس الدر حضر ومعه عمدة الوادى، وضابط بوليس وجنود ليطردوا بعض الرهبان، فوضع حاجاته جانباً ، ودخل قاعة الاستقبال بالقصر، فوجد رئيس الديرجالساً فى الصدارة وبجانبه العمده، وضابط البوليس والجنود، وبعض الأباء الرهبان.
فسجدأمام رئيس الدير، وحيا الجالسين، وقال: "يا أبانا إنى جئت لأهنئك بسلامة الوصول، وأسأل عن صحة ما سمعته حول طرد الأباء الرهبان السبعة" فقال له "ياابنى هذا أمر سيدنا، وأنا جئت لأنفذه" فأجابه : "أن سيدنا يحزنه، ويؤلمه طرد الرهبان فى ليلة أحد الشعانين المبارك، فلا يمكن أن يرضى بقطع رجاء أخوة فىالمسيح، وأنت رئيسنا وأب الرهبان وراعيهم ومسئول أمام الله عن المريض والتائه والضال، وبيدك سلطان قوى مستمد من قوانين الرهبنة ، وأحكامها الصارمةالتى تهدى الضال.

أرجوك باسم صاحب هذه الأيام المباركة أن ترجئ أمر طردهم حتى يتقدم أباء الدير بالتماس للبابا يقرر مصيرهم ومحاكمتهم داخل الدير، فلا تطردهم فى هذه الأيامالمقدسة".
ثار الرئيس لكبريائه، إذ كيف يتجاسر قس حديث الرهبنة - وأما هذا الجمع - أن يعترض أوامره ، وشيوخ الدير الأقدم منه لم يفتح أحدهم فاه بكلمة. فقال له"اسمع يا ابنى لا تعارضنى فيما أفعل ، حتى لا تكون خارجاً على طاعة سيدنا. كما انك رجل متوحد لا شأن لك فيما يجرى الآن".
ولكن القس مينا عاد ليقول له: "أسألك يا أبى من أجل المسيح الذى بذل نفسه عنا ان تتمهل، ولنتصرف بما يرضى أرواح آبائنا القديسين ، لأن تعاليمهم تشفع فىالمخالفين ، والخارجين على القانون، وتعطى كل واحد جزاءه دون أن تقطع رجاءه". فثار الرئيس وأمر الجنود أن يخرجوا الرهبان بالقوة، وأر القس مينا أن يبقىبالدير، ولا يعود إلى مغارته حتى يرفع أمره للبابا، لأنه ارتكب جريمة الاعتراض على أوامره .

فأجاب القس مينا قائلاً: "يا أبى لقد وهبت نفسى لخدمة هؤلاء الأباء الذين طردوا بالقوة وبلا رحمة، وسأكون لهم عبداً حتى يعودوا إلى ديرهم أمين بقوة الله".
ارتاع رئيس الدير لما يعلمه من مكانة القس مينا عند البابا ، وشعر أن الحقيقة لابد وأن تظهر. فأوعز للمقدس اسحق ميخائيل وكيل الدير أن يثنى القس مينا عنعزمه، ويقنعه بأنه ما يجب أن تكون له صلة بهذه المسألة، ولا يقحم نفسه فيها. ولكن محاولة وكيل الدير ذهبت سدا.
طرد الرهبان السبعة، ولهم جميعاً ماض مجيد فى خدم الدير وخرج معهم القس مينا مواسياً ومشجعاً. وقصدوا القاهرة ، ونزلوا بمصر القديمة فى دير الملاك القبلى.وكان راعيه رجل فاضل هو المتنيح القمص داود (والد القمص ميخائيل داود) ، فرحب بقدومهم واستضافهم ليلة بالدير كما حضر الأستاذ راغب مفتاح لزيارة القسمينا لما علم بقدومه، وكان معه القمص يوحنا شنوده راعى كنيسة المعلقة ، ومرقص بك فهمى باشكاتب مديرية الجيزة، وكان قبلا باشكاتب مديرية البحيرة ، ولهصلة مودة بآل القس مينا. اهتموا جميعاً بأمر الرهبان ، واستأجروا لهم بيتاً من دورين به عشر غرف، فسكن كل راهب فى غرفة ، وجعلوا واحدة للمائدة ، وأخرىلاجتماعاتهم . وتولى القس مينا أمر شراء الحصر والبطاطين وبعض الأدوات الضرورية ، واستقروا فى مقرهم الجديد حتى يهيئ الله الأمر.

وهنا تظهر صورة حقيقية لعمل نعمة الله فى هذا الراهب الوديع ، كثير الحياء قليل الكلام ، يدل مظهره على المسكنة والضعف، ولكنه شجاع يدافع عن الحقبشهامة.
بادر رئيس الدير بالسفر إلى الإسكندرية لمقابلة البابا، واستأجر لهذا الغرض سيارة من الصحراء بمبلغ كبير حتى يمكنه الوصول للبابا قبل الرهبان وقدم شكواهضد القس مينا، وصوره أمامه بصورة الرجل الخارج على النظام وقوانين الرهبنة، وادعى عليه زوراً أنه هجم عليه ، وأراد ضربه بعصاة غليظة لولا مبادرةالجنود للحيلولة دون ذلك.
دهش البابا، وقال: "لا أكاد أصدق ما تقوله عن القس مينا ، لن كل تصرفاته بحكمة وتدبير، وأنت أول من يشهد له عندى بذلك، فكيف يكون هذا ؟ ثم استدعىشقيق القس مينا الذى كان دائم الاتصال بالبابا فلما حضر وجده على خلاف ما تعود ، وبادره قائلاً: " أن أخاك أتى عملاً يستحق عليه قانوناً" فأجابه: "يا سيدناأبناءك طائعين لإرادتك" . فقال له كيف يدخل فى شئون الدير، ويعترض رئيسه، ويعتدى عليه بالقول، وكاد أن يشجب رأسه بالعصا" . فأجابه "أنا اجهل الأمرولكن أؤكد انه دائماً عند حسن ظنكم به ، كما أن قلبى يحدثنى أن هذا الخبر غير صحيح، وعندما يفحص سيدنا الأمر ستظهر الحقيقة".

فقال له : "لقد أمرت بطرد سبعة من رهبان الدير ، ولما أراد رئيس الدير تنفيذ الأمر ، تعرض له القس مينا".
فأجابه: "إنى أتجاسر وأعرض على مسامعكم ما يجول بخاطرى ، إنى أحب دير البراموس ، الذى تحبه أنت ، وتدعوه دوماً دير البراموس البهى، دير البابا كيرلسالخامس، فيحز فى نفسى، ويحزن قلبى أنا الرجل العلمانى أن أسمع ان الدير طرد سبع شيوخ من الرهبان، وأنى أرجو أن يكون الحكم لك وحدك فى أولادك، ولاتسمح أن يسلموا لعدو الخير للسقوط ، وتقطع رجاءهم".
وبناء على أمر البابا سافر شقيق القس مينا إلى القاهرة ، وفى مصر القديمة قابل الرهبان، وكانت له بهم صلة مودة، وانفرد بالقس مينا، وعلم منه الحقيقة، فأخبرهبضرورة مقابلة البابا الذى حضر إلى القاهرة خصيصاً لمعالجة هذا الأمر . فصمم القس مينا على أن يقابل هو البابا بمفرده أولاً، وبعدها يذهب الرهبان لمقابلته بعدأن يكون البابا قد علم ببواطن الأمور منه ، واشترط ألا يبقى أخوه بالقاهرة، وأن يتركه لمشيئة الله ، فسافر مترقباً ما سيأتى به الغد.

ولما توجه القس مينا إلى البطريركية لمقابلة البابا ، أراد البعض مجاملة رئيس الدير، فقابلوا القس مينا مقابلة غير كريمة ، فلم يكترث بهم ، ودخل الكنيسة أولاًلتقديم الشكر لله ، وبعدها سيكون ما أراد الله . وكان البابا يصلى بالكنيسة الصغرى ، وبعد القداس تقدم إليه القس مينا، فقال له البابا سألقاك فى صالة الانتظار.
وهناك بادره البابا قائلاً فى حدة : "أنت مازلت على أول درجات العبادة، هل خدعك الشيطان، وأراد أن يبعدك عن طريق الخلاص"، فأجابه: "إن سيدى يسوعالمسيح أمين وعادل لا ينسى طالبيه ويحوطهم دائماً بملائكته".
فقال له: "هل تعاليم المسيح تسمح لك أن تتدخل فى أمور ليست لك؟ " فأجابه: "إن الله علمنا أن نجاهد عن الأمانة حتى الدم، والذى لا يدافع عن الحق يكون مثلشيطان. أنا ابن الدير، كيف أرى أموراً تخالف نواميس الدير وتسئ إليه وأقف مكتوف اليدين. لم أقاوم أبى رئيس الدير ولم أسئ إليه، بل بكل احترام وإجلالالتمست منه، من أجل خاطر المسيح الذى جند نفسه لخدمته، ألا يقطع رجاء هؤلاء الأباء ، وأن يحاكمهم بقانون الرهبنة ، ولا يبعدهم عن حظيرة الرجاء فىوقت تذكار دخول سيدنا ومخلصنا يسوع المسيح أورشليم منتصراً، والكل يفرحون. تضرعت إليه أن يرجئ طردهم من الدير حتى تنقضى جمعة الآلام ، وبعدالتماس مراحم سيدنا".

فقال البابا بشدة: "لماذا تتدخل أنت فى هذا الأمر، وأنت عابد بعيد عن الدير والرهبان؟ " .
فأجابه: "أنى كنت أستحق غضبك لو أهملت الدفاع عن شرف دير البراموس البهى، دير سيدنا، واترك سبعة شيوخ أفاضل لهم ماضى مجيد فى الدير، يطردونشر طردة، ويخورون ، وينقطع رجاؤهم فى مراحم الله، فى جمعة الآم الفادى".
"ألم تثر على رئيس الدير، وكنت تريد تحطيم رأسه بعصاك الغليظة؟" هكذا سأله البابا.
أجاب القس مينا: "حاشا لى يا سيدى أن يصدر هذا الأمر منى، أنى لم أطلب سوى أن ينظر فى أمر هؤلاء الرهبان بعين محبته ورعايته استناداً إلى قوانينالكنيسة". وبكى القس مينا ، فأبكى البابا.

وبعد ذلك هدأ البابا وارتاح جداً بعد هذا الحديث، وقال له : "يا أبونا مينا أنا راضى عنك، وقد عفوت عنهم، فعرفهم ان يحضروا ليأخذوا البركة ويرجعوا الديربسلام".
فقال القس مينا :" أنى التمس منكم أن تشعرهم بعطفك ، فتأمر أحد أبنائكم بإبلاغهم رضاك وصفحك".
وهكذا انتهى الأمر على خير ما كان يرجو القس مينا ويتمنى. وعاد إلى الأباء الرهبان ومعه بعض الحاجيات، اشتراها بما منحه البابا من مال لهم، واندهشالرهبان عندما علموا أن الأمر قد انتهى عند هذا الحد.
أوفد البابا الأنبا توماس مطران الغربية بهيبته، ومعه القمص صليب ميخائيل إلى هؤلاء الأباء، فحدثهم بخشونة أزعجتهم، ونظروا إلى القس مينا متسائلين، فقدخيب المطران آمالهم . فاستحضروا له كرسياً من الجيران ليجلس عليه، حتى لا تتسخ ملابسه الأنيقة، فابتدأ يوبخهم على خروجهم عن طاعة رئيس الدير فاحتجالأباء على قوله هذا لأنه يتكلم عن غير علم ، وأرادوا ان يقاطعوا جلسته ، ولكن القس مينا انبرى له، واخذ بكلمة بأقوال القديسين وتحدث معه عن التواضعوانسحاق الروح، وكيف يعمل لاختطاف الساقطين وذكر يوم كان راهباً معه بالكلية بحلوان، وكيف كان راهباً متواضعاً فقير الحال، ونبهه إلى ما هو عليه اليوم منعظمة وأبهة الملبس ، وانه يجب أن يستبدل ذلك كله بنعمة الله، وبانسكاب الروح، إذ أن هذه المظاهر ليست مقبولة أمام الله.

أثر هذا الكلام فى نفس المطران تأثيراً بالغاً، وأبكاه كثيراً وأسف على ما بدر منه، واستسمح الأباء الرهبان . وتصافحوا فى محبة ، ثم ودعوه فى النهاية بما يليقبمقامه كأمير من أمراء الكنيسة. ولم ينس هو أن يعطيهم نقوداً أمر بها البابا حتى يمكن لهم العودة إلى الدير.


  رد مع اقتباس
قديم 13 - 05 - 2012, 05:58 AM   رقم المشاركة : ( 7 )
Magdy Monir
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية Magdy Monir

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 12
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 57
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 51,018

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Magdy Monir غير متواجد حالياً

افتراضي

فى الطاحونة

موضوع متكامل عن حياة ومعجزات البابا كيرلس السادس بطريرك الكرازة المرقسية الـــــ 116


ذهبوا إلى البابا ليأذن لهم بالسفر، فصرح لهم وانصرفوا ولكن بقى القس مينا ملتمساً أمراً. فقال البابا: ماذا تريد؟
قال: "لقد عزمت بمشيئة الله أن أسكن فى الجبل الشرقى قريباً من دير الملاك القبلى فى طاحونة من طواحين الهواء ، منعزلة تصلح قلاية وقد وفقنى الله فىالحصول على ترخيص من مدير الآثار العربية بإيجار رمزى ، وأنى التمس التصريح بالإقامة فيها".
فقال له: "إن هذا الجبل مكمن للصوص، وإقامتك هناك فيها خطر على حياتك".
فأجاب قائلاً : "أن قلبى يحدثنى أنى سأنال نعمة التعزية فى هذا المكان، ومثله مثل مغارة وادى النطرون، لأنه بعيد عن العمران . فوافق البابا على طلبه".

انصرف القس مينا فرحاً، وذهب إلى مقره الجديد. وهو عبارة عن طاحونة مستديرة ارتفاعها ستة أمتار فى أقصى الجنوب الشرقى من الجبل، وتحتها واد سحيق.وأقام هناك أياماً مفترشاً الأرض ، وملتحفاً بالسماء وكان يبكر كل يوم أحد فى الذهاب إلى كنيسة الملاك القبلى ليحضرالتسبحة والقداس الإلهى وينصرف بعدالتوزيع مباشرة دون أن يحدث إنساناً . لاحظ ذلك القمص داود ، وحفظ الأمر فى نفسه حتى جاء مرقس بك فهمى ليصلى فى الدير، فلمح القس مينا بالكنيسة ،ولكنه لم يره بعد الصلاة ، فسأل القمص داود عنه، فقال: لابد أن نعلم أين يقيم، وكيف يعيش. وفى الأحد التالى استدعى القمص داود أحد أبنائه بالكنيسة، وقال لهاتبع القس مينا أينما ذهب لنعلم أين يقيم. فتبعه ذاك من بعيد دون أن يلمحه ، ورآه يقيم فى طاحونة لا سقف لها، ولا باب . وعاد واخبر بما رأى. فاتصل القمصداود بمرقس بك وأعلمه الأمر. فذهب إليه مع يعقوب بك مكارى المفتش فى "وزارة المعارف" والقمص يوحنا شنوده، فوجدوه جالساً على الأرض يسند ظهره إلىالحائط يقرأ فى كتاب الشيخ الروحانى. فاندهشوا ، وعتبوا عليه كثيراً لما رأوه على هذا الحال، فأجابهم : "ومن أنا ، ما أنا إلا دودة لا إنسان، وياليت الرب يعيننىلأتشبه بأولئك الأبرار الذين تاهوا فى البرارى، والجبال محبة فى اسم المسيح". وجلسوا معه أرضاً مدة ، ورجعوا يمجدون الله، وقلوبهم ممتلئة جنواً، وشفقة علىذلك الراهب المسكين الذى اختار هذا الطريق الصعب. وفى اليوم التالى حضروا الرجال وعملوا للطاحونة سقفاً وباباً وجعلوها دورين: الأول لإقامة الراهب مينا،والثانى ليكون هيكلاً. وهيأ الله له شماساً عجوزاً يدعى المقدس مليكة كان يطلع الجبل يومياً الساعة الثانية صباحاً صيفاً وشتاءاً دون إهمال.

ومضى وقت حتى أصبحت الطاحونة مكاناً منسقاً جميلاً. وعمل مذبحاً من الخشب. وابتدأ بأول قداس حضره القمص يوحنا شنودة الذى ساهم فى احتياجات الهيكل،والقمص داود الذى زوده بالقربان. ومرقس بك فهمى، ويعقوب بك مكارى، وفرح الجميع فرحاً ليس بقليل.
وبعد ذلك عرفه الناس وذاع صيته ، وابتدأوا يتوافدون عليه من أنحاء متفرقة من البلاد لما رأوا استجابة الله لصلواته والمعجزات التى تمت ببركة دعواته فحددمواعيداً محددة يفتح فيها باب قلايته، وفى غيرها ما كان يقابل أحداً. ولما زاد عدد قاصديه اكثر فأكثر اضطر تحت ضغط الرجاء أن ينظم أوقات القداسات اليوميةليتمكن أكبر عدد ممكن من نوال البركة.


قصة استئجار الطاحونة
أما كيف استأجر الطاحونة .. فهو أمر تبدى فيه تدخل العناية الإلهية .
كان الراهب مينا أثناء وجوده مع الرهبان بمصر القديمة بعد أن يقوم بخدمتهم اليومية يصعد الجبل المبنى عند سفحه دير الملاك ميخائل، يتجول ويمضى وقتاًللعبادة. فصادفه خفير الآثار هناك يتأمل الطواحين، ويتنقل من واحدة إلى أخرى. فسأله عن خبره، فقال له: "أريد الإقامة فى هذا الجبل فى إحدى هذه الطواحين"فقل أن المكان منطقة آثار ومحظور على أى إنسان الإقامة فيه، إلا إذا حصل على تصريح بذلك من مدير الآثار العربية ، وإنه لم يسبق لإنسان أن حصل على مثلهذا التصريح" فسأله: وأين إدارة ا؟لآثار هذه ومن هو مديرها؟ فعرفه عنوانها واسم مديرها فتذكر ذلك الاسم وأنه هو الذى زاره فى سنة 1933 بالمغارة بوادىالنطرون.

فتوجه إلى دار الآثار العربية ، ودنى من ساعى مكتب المدير، وسأله عنه، فظنه يطلب مساعدة، فقال له: "يا عم اقعد هنا جنبى لما يخرج يمكن ربنا يحنن قلبهعليك" فجلس برهة وتجاذب معه الحديث فارتاح الساعى إليه وطمأنه أن سيساعده فى مقابلة المدير عند خروجه من مكتبه، ولكن القس مينا أقنعه بأن يدخل له،ويخبره بأن العابد الذى زاره مع الباحث الأمريكى بالمغارة بوادى النطرون يرغب فى مقابلته. ذهب الساعى وأخبر المدير بذلك، فقال لفوره وخرج لمقابلة القسمينا، وعانقه وأخذ بيده ليدخله مكتبه. وقص على إخوانه الذين كانوا فى مكتبه حكايته العجيبة ، وطلب منه أن ينزل داره ضيفاً كريماً، فشكره، وقال له : "لى عندكأمر أرجو أن تساعدنى فيه"، وعرض عليه الأمر. وما أن أتم كلامه حتى طلب سكرتيره، وأمره أن يحرر عقد إيجار الطاحونة التى حددها القس مينا، ودفع منجيبه الإيجار لمدة طويله، ونبه مفتش آثار المنطقة أن يزوره فى الجبل ويعطى أمراً لخفير الآثار أن يرعاه، ويقضى له كل احتياجاته . فشكره القس مينا علىحسن صنيعه، وانصرف مسبحاً الله.


زيارة للمتنيح القس إبراهيم لوقا
قصده يوماً أحد الكهنة كان شريكاً للمتنيح القمص إبراهيم لوقا فى الخدمة بكنيسة مارمرقس بمصر الجديدة ، وقال له: "يا أبى أن القمص إبراهيم لوقا يود أن تزورهفى بيته وتصلى له" فقال له: "أن أبانا القمص إبراهيم لوقا رجل عظيم، ومن أنا الحقير الذى يطلب منى أن أصلى له" ولكن بعد رجاء حار قبل أن يزوره فى منزلهبمصر الجديدة، فطلب منه الكاهن أن ينتظره عند باب دير الملاك القبلى، لأنه سيحضر فى الغد فى الساعة السابعة صباحاً بالسيارة ليتوجه معه إلى المنزل فتظاهرالقس مينا بالقبول، وسأله عن عنوان منزل القمص إبراهيم لوقا، وقال له : "الله يدبر وفى الساعة السابعة صباحاً كان رجل طويل القامة يلبس زعبوطاً ، وعلىرأسه شال أسود وبيده عصا، يقرع منزل القمص إبراهيم لوقا، ولما دخل حيث يرقد قبل يده وقال له: "يا أبى جئت لنوال بركتك" . فقال له: "بل أنا الذى التمسبركتك ، وبرجاء الإيمان أطلب منك أن تصلى لأجلى وتمسحنى بالزيت كقول الرسول" فصلى له القس مينا ، ودهنه بالزيت ، ثم انصرف مسرعاً غير مستجيبلتوسلات أحد بالبقاء بعض الوقت، وكان القمص إبراهيم يأمل أن يبقى لكرمه ويعيده بسيارته إلى مكانه. وكتب الله سلامة القمص إبراهيم لوقا ، وصار يتحدثبهذه الأعجوبة ووطد العزم أن يزوره فى الجبل ليشكره، ولكن هذه الزيارة تأجلت إلى حين.


نــــــــــبوءة
لما تنيح الأنبا يؤانس حزن القس مينا كثيراً ، وداوم على عمل ترحيم يومى له مدة أربعين يوماً، وفى تمامها كان نائماً فى الظهيرة ورأى إذ الأنبا يؤانس يأتى إليه،فاستغرب القس مينا صعوده الجبل وتحمله المشقة. ولما تقدم إليه وقال له: "أنظر يا أبونا مينا عصا الرعاية انكسرت منى أثناء صعودى الجبل فأنا حزين عليها جداً
" فقال له : "يتفضل سيدنا ويتركها لى قليلاً فأعطاها له فأصلحها وأعادها له ، ففرح بها كثيراً وتأملها بإمعان ، ثم قال : " خذها يا أبونا مينا قد وهبتها لك" فتسلمهامن يده فرحاً، واستيقظ من النوم متفكراً فى هذه الرؤية، وفى العصا والحديث الذى جرى.


تعمير دير الأنبا صموئيل
مرت الأيام، وكان الأنبا يوساب مطران جرجا قائم مقام البابا، وعرض عليه المتنيج الأنبا أثناسيوس مطران بنى سويف أمر دير الأنبا صموئيل، لأنه تحترعايته، وطلب الموافقة على تعيين القس مينا البراموسى رئيساً للدير كى يرعاه، ويهتم برهبانه ويدبر لهم احتياجاتهم ، لأنه دير ليست له أطيان أو عقارات، فوافقالأنبا يوساب على ذلك فكلف الأنبا أثناسيوس القس مينا القيام بهذه المهمة مرغماً، لأنه لا يريد أن يهجر قلايته. ثم سافر إلى الدير فى بلدة الزورة مركز مغاغة ،فوجد أن موقعه حسن لأنه على ترعة الإبراهيمية ولكنه مبنى باللبن (الطوب النى) ، والكنيسة قديمة وآيلة للسقوط ، ففكر فى إعادة بنائها فوراً ، وإقامة مركزللدير. وجاء إلى القاهرة وقابل كثيرين من محبيه وخاصة الابن المبارك حنا نسيم، وأظهر لهم رغبته ، وطلب منهم معاونته لتحقيقها . وفى الحال نظموا العمل فيهابينهم، وتم شحن صندلين كبيرين بالحديد والأسمنت والفحم الحجرى لحرق الطوب.

وصلت الأدوات وخزنها لحين البدء فى العمل، وفرح أهالى الزورة وأهالى دير الجرنوس بما رأوا والتفوا حول القس مينا ليساعدوه. فابتدأ بضرب الطوبوحريقه، وأزال الأنقاض وحفر الأساسات، وصب الأعمدة وأتم سقف الكنيسة وأقام مسكناً من طابقين. وصار العمل مثار حديث المنطقة كلها وأقبل الكثيرونيعضدونه ، ويقدمون له المعونة.
ولم يمض وقت طويل حتى صارت الكنيسة معدة للصلاة ، والمسكن جاهز للسكنى، ولما تم كل شئ حضر الأنبا أثناسيوس لتدشين الكنيسة وافتتحها باحتفال كبيرشهدته جموع كثيرة من كل المناطق المجاورة . وأقام قداساً حبرياً منح فيه القس مينا رتبة الإيغومانس (قمص).


دير الأنبا صموئيل بجبل القلمون
استقرت الأمور وابتدأ يفكر فى دير جبل القلمون الذى يبعد سبع ساعات عن الزورة. فأحاط الأهالى علماً بعزمه على زيارة الدير، فبادروا إلى تقديم العطايا وتجمعلديه الكثير من المؤن : كالقمح والعسل والجبن، وتحركت قافلة من سبعة جمال، ولما وصل الدير فرح الرهبان، ودقوا أجراس الكنيسة وأقام هناك أياماً ، عاينالدير ومبانيه وعمل ترتيب الترميم والبناء وتقدم المؤمنون من مديريتى الفيوم والمنيا بالمساعدات والمعونة. وتم ترميم مبانى الدير وتجديد الكنيسة ورتب وصولقافلة من الزورة للدير مرة كل خمسة عشر يوماً تحمل للرهبان احتياجاتهم. فازدهر الدير، ورجع إليه رهبانه الذين هجروه بسبب إهمال أمرهم فيما مضى.

لما اطمأن القمص مينا على استقرار أمور الدير ونجاح مهمته، ترك وكيلاً له بالزورة: القس مينا الصموئيلى الذى تربى فى كنف القمص مينا زمناً طويلاً بمصرالقديمة وقد منحه الأنبا أثناسيوس رتبة قس بمناسبة افتتاح الكنيسة ومقر الدير بالزورة.

موضوع متكامل عن حياة ومعجزات البابا كيرلس السادس بطريرك الكرازة المرقسية الـــــ 116
  رد مع اقتباس
قديم 13 - 05 - 2012, 06:01 AM   رقم المشاركة : ( 8 )
Magdy Monir
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية Magdy Monir

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 12
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 57
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 51,018

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Magdy Monir غير متواجد حالياً

افتراضي

نداء مارمينا



التخلى عن الطاحونة

موضوع متكامل عن حياة ومعجزات البابا كيرلس السادس بطريرك الكرازة المرقسية الـــــ 116
رجع القمص مينا إلى طاحونة وكانت الحرب الثانية على أشدها واتخذت قوات الحلفاء الجبل الشرقى - حيث يقيم القمص مينا- نقطة دفاعية عن مدينة القاهرة.وكان القمص مينا محل تقدير هذه القوات . ولما اشتدت وطأة الغارات الجوية، أشفق قائد القوة عليه وخشى ان يلحقه ضرر من جراء بقائه فى وسطهم، وطلب منهالنزول من الجبل والاحتماء المساكن ، فنزل على إرادته وأقام فترة من الزمن متنقلاً بين دير الملاك القبلى وكنيسة بابليون الدرج. ومن ثم فكر، وفكر محبه محبوهفى إقامة مكان ليقيم فيه يحتوى مسكناً صغيراً، وكنيسة باسم الشهيد العظيم مارمينا. وابتدأ فى تنفيذ الفكرة. فاشترى قطعة أرض لم تكن تتجاوز المائة والخمسينمتراً ، ثم زيدت إلى خمسمائة للتسع للكنيسة وملحقاتها الضرورية . وخططا المقاول حنا نسيم. وابتدأ العمل بنشاط حتى انتهى بناء الكنيسة وفوقها قلاية لإقامةالقمص مينا. وبعد فترة وجيزة تم بناء دير الشهيد العظيم مارمينا ليأوى إليه الغرباء من طلبة الكليات بالقاهرة، كما أنه صار مقصد طلاب البركة. وأصبح الديرخلية عامرة بالأبناء المباركين.


الأمر بعودة الرهبان
صدر أمر بابوى يلزم الرهبان بالرجوع إلى أديرتهم ، ولا يبقى خارجها منهم إلا من كان له عمل يؤديه بالمدن. ولما كانت إقامة القمص مينا بالقاهرة هى لضرورةماسة مرتبطة برعاية دير الأنبا صموئيل بصفته رئيساً له. وبالتالى لا يمكنه العودة إلى دير البراموس، لذلك أرسل القمص إبراهيم لوقا وكان وكيلاً للبطريركية -خطاباً يعلمه فيه بحقيقة موقفه، ويطلب منه العمل على إصدار تصريح للإقامة فى القاهرة. حرك هذا الخطاب مشاعر القمص إبراهيم لوقا ، وبادر بزيارته وفرحبلقياه وسلمه التصريح.

تدشين الكنيسة
لما تم بناء الكنيسة على خير وجه وقام المتنيح الأنبا أثناسيوس بتدشينها ، وأقام قداساً حبرياً اشترك معه الأنبا ابرآم مطران الجيزة الأسبق الذى كانت تربطهبالقمص مينا صلة مودة منذ كانا زميلين بالكلية اللاهوتية بحلوان. وأصبحت الكنيسة وما حولها من مبان تشكل ديراً يدخله القادم لأول مرة فيظن أنه كان قائماً منذسنين.


رعاية المغتربين
اختص الأب مينا أبناءه طلبة الجامعة المغتربين بالرعاية ، وكان يهتم بأحوالهم بنفسه ، حتى شعر الجميع أنهم أسرة واحدة لهم أب حنون يدخل أعماق كل واحدمنهم، فيحل له مشاكله ويقوده لطريق النعمة. وبقدر ما كان رحيماً عليهم ومحباً محبة عميقة كان أيضاً صارماً، فقادهم فى معترك الحياة قيادة حكيمة . وكان يشترطفيمن يقبل الدير:
- أن يكون أرثوذكسياً مشهوداً له من كاهن بلدته.
- ان يخضع لترتيب المعيشة بالدير.
- أن يواظب على حضور القداسات ، والتقرب من الأسرار المقدسة.

تعال فقيراً

وصار للقمص مينا أبناء كثيرون ، منهم من حفظ الود، وتأصل فيهم الوفاء، بل أن من بين من شملتهم بركاته- عندما كان طالباً فى كلية الصيدلة ونال أجازتها،ففتح صيدلية فى بلدته- جاء إليه يوماً فظنه انه قد جاء ليستجم بالدير. ولكنه بعد أن مكث عدة أيام، جلس معه وعرفه أنه باع صيدليته، وترك كل شئ ليسلكطريق الرهبنة ، ويخدم الله. وقدم له النقود التى باع بها الصيدلية ليستعين بها على إتمام مشاريعه فقال له القمص مينا: " إن المسيح يقول من يأتى إلىّ لا أدعهخارجاً ، ولكنه لم يقل ويكون معه نقوده. فإن أردت أن تبع المسيح أترك كل شئ، وتعال اتبعه. تصرف فى نقودك كيفما شئت وتعال فقيراً لا تملك شيئاً، وتذوقحلاوة الفقر الاختيارى لتشعر بغنى المسيح". فنزل هذا الابن على أمره، وغاب أياماً ، ورجع إليه فقيراً لا يملك شيئاً.


إشعاع النعمة
أصبح دير مارمينا بمصر القديمة مصدر بركة عظيمة، فلا ينقطع وزاره صباحاً أو مساءاً . فمنه بزغت أنوار النعمة، واشتم الجميع رائحة المسيح الزكية،وجرت آيات ومعجزات كثيرة: فكم من مريض أتى للدير، ونظر الله إليه بعين الرحمة فنال نعمة الشفاء. وكم من متضايق بهموم الحياة دخل الدير يحمل أثقالاً ،خرج وقد أزاح الله عنه أتعابه وارتسم على قلبه نور الخلاص. وكم من معذب من الأرواح النجسة أتى وهو أسير، فعاد وهو حر، فكت عنه قيود الشر. بل انهفى إحدى الليالى تسلم الأب مينا برقية يطلب فيها صاحبها الصلاة لأجله، لأنه فى ضيقة شديدة.


الحاسدون
ولكن كلما زادت نعمة الله مع القمص مينا، كلما كثر حاسدوه ، فابتدأوا يكيدون له لدى البابا ، الذى أراد أن يرتاح من القيل والقال، ومن الشكوك التى كانت تساوره، فأمر بعودته إلى دير البراموس ، ويسلم دير الشهيد مارمينا للبطريركية ، ولكن الله هيأ له أبناءاً بررة لهم مكانة لدى البابا وهما: دكتور كمال رزق ، ودكتورحلمى يعقوب مكارى أمكنهما إقناع البابا بأن القمص مينا ابن بار، وان الله يتمجد فى كل أفعاله، وليس له مطمع فى الحياة إلا أن يتمكن من عبادة الله.

موضوع متكامل عن حياة ومعجزات البابا كيرلس السادس بطريرك الكرازة المرقسية الـــــ 116
  رد مع اقتباس
قديم 13 - 05 - 2012, 06:05 AM   رقم المشاركة : ( 9 )
Magdy Monir
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية Magdy Monir

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 12
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 57
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 51,018

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Magdy Monir غير متواجد حالياً

افتراضي

دعوة السماء


موضوع متكامل عن حياة ومعجزات البابا كيرلس السادس بطريرك الكرازة المرقسية الـــــ 116




مرت بالكنيسة أحداث كانت غمامة قاتمة شعر فيها المؤمنين بالأسى والحزن العميق. ولكن مراحم الله أدركتها لما رفعت أنظارها إلى فوق حيث المسيح ، الذىسمع صراخها قائلة : خلص يارب، ولا تسلم ميراثك للعار.
جاءت ساعة الخلاص لما استقر الرأى على انتخاب راع يسوس الكنيسة وكان يمسك بدفة السفينة المتنيح الأنبا أثناسيوس قائمقام البطريرك ، الذى أعانه الله علىأن يرسيها سالمة ، ويسلمها للربان الحكيم الذى اختاره الله.
واتفق الرأى على ترشيح رهبان مشهود لهم. فقدمت تزكيات لكل من : القمص دميان (المتنيح الأنبا توماس مطران عطبرة) ، القمص انجيليوس المحرقى (الأنبامكسيموس مطران القليوبية) والقمص تيموثاوس (الأنبا يوساب أسقف البلينا المتنيح) والقمص مينا بديرالشهيدة دميانة.

أما القمص مينا المتوحد فكان بعيداً عن هذا المعترك . ولكن الأنبا أثناسيوس قدم تزكية باسم القمص مينا دون أن يخطره. وانتهى الميعاد ، وقفل باب الترشيح،وطلب القائممقام القمص مينا ليحادثه تليفونياً، وبادره قائلاً:
- لماذا لم تقدم تزكية لترشيح نفسك يا أبونا مينا؟
- يا سيدنا حفظ الله حياتك ، والله يختار الراعى الصالح الذى يرعى شعبه ببر وطهارة قلب.
- كان يجب ألا يفوتك هذا الواجب.
- من أنا الدودة الصغيرة حتى أتطلع لهذه المهمة العظيمة الخطيرة. وأحمل هذه الأمانة العظمى التى تعطى لمن يختاره الله وليس لمن يشاء أو يبغى.

- لكنى ما زلت أنتظر منك الجواب ، لماذا لم تقدم تزكية ، وتترك الله يدبر ما يشاء.
- يا سيدنا أبائى الرهبان كثيرون وقدموا بتزكياتهم ، وكلهم أهل لهذا المنصب الخطير، أما أنا فتكفينى نعمة الله التى معى.
- يا أبونا مينا أنا قدمت تزكية باسمك فى الوقت المناسب.
- حفظ الله حياتك يا سيدنا رايح يروح فين الصعلوك بين الملوك.
- الله يرفع الفقير من المزبلة ويجلسه مع رؤساء شعبه.
- دامت حياتكم يا سيدنا والرب يدبر.
شدد القمص مينا على محبيه وعارفي فضل الله عليه، وحذرهم من عمل دعاية له سواء بالنشر أو بعقد الاجتماعات، ونزل الجميع على رغبته.

وفى الانتخابات التى جرت يوم الجمعة 17 أبريل سنة 1959 فاز ثلاث رهبان هم بالترتيب: القمص دميان المحرقى - القمص انجيليوس المحرقى - القمص ميناالبراموسى المتوحد.

القرعة الهيكلية
وفى يوم الأحد 19 ابريل سنة 1959م وهو اليوم المحدد لإجراء القرعة الهيكلية ، أقيم قداس حضره أحبار الكنيسة برئاسة المتنيح الأنبا أثناسيوس ، وفى مظروفختمه بالشمع الأحمر وضعت ثلاث ورقات تحمل كل منها أسم أحد المرشحين الفائزين فى الانتخاب أمام جميع الشعب وبحضور السيد دكتور رمزى ستينو.ووضع المظروف على المذبح ، وفى نهاية القداس فتح المظروف أمام أحبار الكنيسة والشعب جميعه . وسحب شماس صغير (يدعى "رفيق باسيلى" من طنطا)ورقة منه ، خرجت تحمل اسم ، "القمص مينا البراموسى المتوحد" . وهنا دقت أجراس الكاتدرائية دقات الفرح معلنة الاختيار الإلهى . كما فرح جميع الشعوبورفعوا أصواتهم بالتهليل والحمد لله. وقد أذيع نبأ الاختيار على جميع موجات الإذاعة.

وأبلغ النبأ للقمص مينا المتوحد فبكى كثيراً وهو يصلى ، ورفض أن تدق أجراس كنيسة الدير فرحاً بهذه المناسبة، بل أمر بالانتظار حتى ينهى القداس .وتوافدت على دير مارمينا بمصر القديمة جموع الشعب والأحبار فقل وهو خارج من الهيكل لاستقبالهم: "المجد لك يارب اخترتنى أنا الضعيف لتظهر قوتك فىضعفى من عندك القوة أعنى، لأنى أرتعب من عظمة موهبتك . أنت أمين وعادل لا تترك محبيك. من عندك القوة. من عندك العون يا إلهنا وفادينا".

زيارة الأديرة
تحتم طقوس الرسامة حضور المختار من الله من ديره الذى ترهبن فيه لذلك فقد توجه فى فجر السبت 9 مايو سنة 1959 إلى دير البراموس ومعه عدد كبير منالمطارنة وأعيان الشعب يستقلون عشرات السيارات. دخل الدير بين دقات الأجراس، واستقبله الأباء الرهبان استقبالاً جميلاً ، وهم يلبسون حللهم الكهنوتية ،ويرفعون الصلبان ويحملون المجامر . ودخل كنيسة كلية الظهر العذراء الأثرية بالدير، وسجد سجدات الخشوع من باب الكنيسة حتى حجاب الهيكل. وقبل أيقوناتالقديسين ، وتبارك من جس أنبا موسى الأسود وأنبا ايسوذورس قس القلالى، الموضوعين أمام الهيكل ثم قام بخدمة القداس ، وبعد ذلك أخذ بركة الدير بأن لم يتركفيه مكاناً إلا ودخله، وتأمل صنيع الله فاحص القلوب والكلى ، المحسن إلى المستقيمى القلوب.

وبعد أن استراح قليلاً ، زار أديرة السريان ، والأنبا بيشوى، وأبو مقار. وعاد قاصداً القاهرة فى سيارة وضعها تحت تصرفه الأستاذين ونيس وعياد فلتس، وركبمعه القائم مقام البابوى المتنيح الأنبا اثناسيوس ، والمتنيح الأنبا كيرلس مطران البلينا الرفيق الحبيب، والمتنيح الأنبا بنيامين مطران المنوفية. ووصل الموكبمشارف القاهرة عند الغروب، واستقبلته جموع كثيرة برتل من السيارات وسار الموكب حتى الكنيسة المرقسية الكبرى . وكانت الألوف تملاً الشوارع المحيطةبالكنيسة . ولما وصل إلى الكنيسة - التى ازدحمت بالمستقبلين - دخل وسجد أمام الهيكل وقدم صلاة الشكر.
مرت بالكنيسة أحداث كانت غمامة قاتمة شعر فيها المؤمنين بالأسى والحزن العميق. ولكن مراحم الله أدركتها لما رفعت أنظارها إلى فوق حيث المسيح ، الذىسمع صراخها قائلة : خلص يارب، ولا تسلم ميراثك للعار.

جاءت ساعة الخلاص لما استقر الرأى على انتخاب راع يسوس الكنيسة وكان يمسك بدفة السفينة المتنيح الأنبا أثناسيوس قائمقام البطريرك ، الذى أعانه الله علىأن يرسيها سالمة ، ويسلمها للربان الحكيم الذى اختاره الله.
واتفق الرأى على ترشيح رهبان مشهود لهم. فقدمت تزكيات لكل من : القمص دميان (المتنيح الأنبا توماس مطران عطبرة) ، القمص انجيليوس المحرقى (الأنبامكسيموس مطران القليوبية) والقمص تيموثاوس (الأنبا يوساب أسقف البلينا المتنيح) والقمص مينا بديرالشهيدة دميانة.
أما القمص مينا المتوحد فكان بعيداً عن هذا المعترك . ولكن الأنبا أثناسيوس قدم تزكية باسم القمص مينا دون أن يخطره. وانتهى الميعاد ، وقفل باب الترشيح،وطلب القائممقام القمص مينا ليحادثه تليفونياً، وبادره قائلاً:

- لماذا لم تقدم تزكية لترشيح نفسك يا أبونا مينا؟
- يا سيدنا حفظ الله حياتك ، والله يختار الراعى الصالح الذى يرعى شعبه ببر وطهارة قلب.
- كان يجب ألا يفوتك هذا الواجب.
- من أنا الدودة الصغيرة حتى أتطلع لهذه المهمة العظيمة الخطيرة. وأحمل هذه الأمانة العظمى التى تعطى لمن يختاره الله وليس لمن يشاء أو يبغى.
- لكنى ما زلت أنتظر منك الجواب ، لماذا لم تقدم تزكية ، وتترك الله يدبر ما يشاء.
- يا سيدنا أبائى الرهبان كثيرون وقدموا بتزكياتهم ، وكلهم أهل لهذا المنصب الخطير، أما أنا فتكفينى نعمة الله التى معى.

- يا أبونا مينا أنا قدمت تزكية باسمك فى الوقت المناسب.
- حفظ الله حياتك يا سيدنا رايح يروح فين الصعلوك بين الملوك.
- الله يرفع الفقير من المزبلة ويجلسه مع رؤساء شعبه.
- دامت حياتكم يا سيدنا والرب يدبر.
شدد القمص مينا على محبيه وعارفي فضل الله عليه، وحذرهم من عمل دعاية له سواء بالنشر أو بعقد الاجتماعات، ونزل الجميع على رغبته.
وفى الانتخابات التى جرت يوم الجمعة 17 أبريل سنة 1959 فاز ثلاث رهبان هم بالترتيب: القمص دميان المحرقى - القمص انجيليوس المحرقى - القمص ميناالبراموسى المتوحد.


القرعة الهيكلية
وفى يوم الأحد 19 ابريل سنة 1959م وهو اليوم المحدد لإجراء القرعة الهيكلية ، أقيم قداس حضره أحبار الكنيسة برئاسة المتنيح الأنبا أثناسيوس ، وفى مظروفختمه بالشمع الأحمر وضعت ثلاث ورقات تحمل كل منها أسم أحد المرشحين الفائزين فى الانتخاب أمام جميع الشعب وبحضور السيد دكتور رمزى ستينو.ووضع المظروف على المذبح ، وفى نهاية القداس فتح المظروف أمام أحبار الكنيسة والشعب جميعه . وسحب شماس صغير (يدعى "رفيق باسيلى" من طنطا)ورقة منه ، خرجت تحمل اسم ، "القمص مينا البراموسى المتوحد" . وهنا دقت أجراس الكاتدرائية دقات الفرح معلنة الاختيار الإلهى . كما فرح جميع الشعوبورفعوا أصواتهم بالتهليل والحمد لله. وقد أذيع نبأ الاختيار على جميع موجات الإذاعة.

وأبلغ النبأ للقمص مينا المتوحد فبكى كثيراً وهو يصلى ، ورفض أن تدق أجراس كنيسة الدير فرحاً بهذه المناسبة، بل أمر بالانتظار حتى ينهى القداس .وتوافدت على دير مارمينا بمصر القديمة جموع الشعب والأحبار فقل وهو خارج من الهيكل لاستقبالهم: "المجد لك يارب اخترتنى أنا الضعيف لتظهر قوتك فىضعفى من عندك القوة أعنى، لأنى أرتعب من عظمة موهبتك . أنت أمين وعادل لا تترك محبيك. من عندك القوة. من عندك العون يا إلهنا وفادينا".

زيارة الأديرة
تحتم طقوس الرسامة حضور المختار من الله من ديره الذى ترهبن فيه لذلك فقد توجه فى فجر السبت 9 مايو سنة 1959 إلى دير البراموس ومعه عدد كبير منالمطارنة وأعيان الشعب يستقلون عشرات السيارات. دخل الدير بين دقات الأجراس، واستقبله الأباء الرهبان استقبالاً جميلاً ، وهم يلبسون حللهم الكهنوتية ،ويرفعون الصلبان ويحملون المجامر . ودخل كنيسة كلية الظهر العذراء الأثرية بالدير، وسجد سجدات الخشوع من باب الكنيسة حتى حجاب الهيكل. وقبل أيقوناتالقديسين ، وتبارك من جس أنبا موسى الأسود وأنبا ايسوذورس قس القلالى، الموضوعين أمام الهيكل ثم قام بخدمة القداس ، وبعد ذلك أخذ بركة الدير بأن لم يتركفيه مكاناً إلا ودخله، وتأمل صنيع الله فاحص القلوب والكلى ، المحسن إلى المستقيمى القلوب.

وبعد أن استراح قليلاً ، زار أديرة السريان ، والأنبا بيشوى، وأبو مقار. وعاد قاصداً القاهرة فى سيارة وضعها تحت تصرفه الأستاذين ونيس وعياد فلتس، وركبمعه القائم مقام البابوى المتنيح الأنبا اثناسيوس ، والمتنيح الأنبا كيرلس مطران البلينا الرفيق الحبيب، والمتنيح الأنبا بنيامين مطران المنوفية. ووصل الموكب بمشارف القاهرة عند الغروب، واستقبلته جموع كثيرة برتل من السيارات وسار الموكب حتى الكنيسة المرقسية الكبرى . وكانت الألوف تملاً الشوارع المحيطةبالكنيسة . ولما وصل إلى الكنيسة - التى ازدحمت بالمستقبلين - دخل وسجد أمام الهيكل وقدم صلاة الشكر.

موضوع متكامل عن حياة ومعجزات البابا كيرلس السادس بطريرك الكرازة المرقسية الـــــ 116
  رد مع اقتباس
قديم 13 - 05 - 2012, 06:09 AM   رقم المشاركة : ( 10 )
Magdy Monir
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية Magdy Monir

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 12
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 57
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 51,018

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Magdy Monir غير متواجد حالياً

افتراضي

الرسامة


موضوع متكامل عن حياة ومعجزات البابا كيرلس السادس بطريرك الكرازة المرقسية الـــــ 116



باكر الأحد 10 مايو 1959 (2 بشنس) نزل القمص مينا البراموسى من المقر البابوى وأمامه الشمامسة حاملين الصلبان ، والمطارنة والكهنة بملابسهم الكهنوتيهوهتافات الشعب، وأصوات الفرح تعلو إلى عنان السماء.
وقف المختار من الله أمام باب الكنيسة الذى أغلق، وسلموه المفتاح ، ففتحه وهو يقول : "افتحوا لى أبواب البر لكى أدخل وأشكر الرب، لأن هذا هو باب الرب وفيهيدخل الأبرار. أشكرك يارب لأنك استجبت لى وكنت لى منقذاً ومخلصاً". ودخل الكنيسة وسجد أمام باب الهيكل. وتقدم كبير المطارنة الأنبا أثناسيوس - وكان هو آخرمطران حى، وضع البابا كيرلس الخامس اليد عليه- للصلاة ، ودعى أخوته الأساقفة للصلاة. فوضعوا البشائر الأربع على رأسه . ثم وضع اليد عليه ومن بعده الأباءالمطارنة، ونادى: ها باركوا يا اخوتى أبانا وراعينا المقام من لدن الله، ورضا شعبه، ثم البسوه الثياب الكهنوتية ، ووضعوا على رأسه التاج. وتقدم إلى المذبح وقبله ،وتسلم عصا الرعاية من فوقه. ثم أجلسوه على الكرسى الرسولى، كرسى مارمرقص الإنجيلى. ووقف ليقرأ الإنجيل، فلم يشأ أن يقول "أنا هو الراعى الصالح" بل قال:"قال المسيح أنا هو الراعى الصالح" . وبعدها فاضت عيناه بالدموع الغزيرة.. دموع الإحساس بعظم المسئولية وجسامتها، والتذلل أمام الله لطلب المعونة.

انتهى الحفل الذى نقلته الإذاعة على الهواء مباشرة - على اجمل صورة من الروعة والنظام. وقد حضره السيد/ أنور السادات مندوباً عن السيد الرئيس جمال عبدالناصر . كما حضره ممثلون عن الهيئات والطوائف.
ثم تزاحم أفراد الشعب لنوال البركة ، وكم كان وديعاً طويل الأناة ، لم يكل وهو واقف ساعات طويلة. أشفق عليه الأباء المطارنة والأساقفة ، وطلبوا منه أن يستريحإذ كان عرقه يتصبب، ولكنه أصر ألا يرد أحداً. وان يدخل السرور إلى قلب كل قاصد: الكبار والأطفال الصغار. وعاد كل إلى بيته وهو يمجد الله على ما رأى وسمع.
لم تغير البابوية منه شيئاً ، فقد لازم كل الطقوس التى كان يقوم بها من يوم أن كان راهباً. فواظب على رفع بخور عشية وباكر وإقامة القداسات اليومية. وحمل الأمانةكاملة . أعانه الله أن يدبر شئون الكنيسة كبيرها وصغيرها. وإحياء الطقوس بدقائقها. وتمجد الله فى أعماله، وجهاده ، وتقبل منه ابتهالاته وضمه إلى أحضان القديسينمكللاً بعد ان سجل له التاريخ أسمى وأعظم الأعمال . وكتب عنه محبوه، وعارفو فضله الكثير بتدقيق، كما فى كتاب عشر سنوات مجيدة الذى كتبه الدكتور أمين حكيم(القس غبريال) ، والدكتور يوسف منصور.

وسيكون ما جمعه الابن المبارك المحب لأبيه القس رافائيل مسك ختام، تتنسمها روحه الطاهرة، وهو واقف أمام عرش النعمة فى الكنيسة المنتصرة، يسأل للكنيسة السلام الدائم، ولنفوسنا تعزيات السماء.




موضوع متكامل عن حياة ومعجزات البابا كيرلس السادس بطريرك الكرازة المرقسية الـــــ 116
  رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
شريط البابا كيرلس حبيب الطلبه - من سلسلة حياة ومعجزات البابا كيرلس السادس
✝القديس البابا كيرلس السادس✝ بابا الإسكندرية و بطريرك الكرازة المرقسية الـ116
موضوع متكامل عن البابا كيرلس السادس البطريرك 116
موضوع متكامل عن قداسة البابا كيرلس السادس
عظة عن حياة ومعجزات قداسة البابا كيرلس السادس


الساعة الآن 10:38 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024