منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 24 - 09 - 2022, 02:58 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,213,285

ردّ كورش ملك فارس آنية بيت الرب الثمينة
موكب العائدين المتهللين




في الأصحاح الأول ردّ كورش ملك فارس آنية بيت الرب الثمينة إلى أورشليم حيث يُبنى هيكل الله. في هذا الأصحاح نرى الآنية البشرية الكثيرة الثمن، التي هي شعب الله الذي يسكن الله في وسطه. هذا هو البيت الإلهي الذي يُسر الله أن يبنيه بنفسه.
إذ صدر الأمر الملكي بإمكانية العودة، وأوصى الملك الشعب بتقديم تبرعات لبناء بيت الرب، كما أخرج الآنية التي كانت مودعة في بيت آلهة نبوخذنصر. استجاب للدعوة حوالي 50 ألفًا، وهو عدد يُعتبر قليلًا جدًا بالنسبة للمسبيين. لكن ما يشغل الله لا العدد بل نقاوة القلوب. إنهم يمثلون القلة القليلة الأمينة التي لم تستطع أرض السبي ولا عشرات السنوات أن تحول أبصارهم عن مدينة الله المحروقة بالنار وهيكله المهدم.
القائمة الخاصة بالراجعين من السبي في الأصحاح الثاني تكررت في نحميا (7: 6-73).
إنها قائمة موكب عجيب، موكب أصحاب القلوب النقية المتهللة بعمل الرب. أما فئاته فكثيرة: وقد بوِّبت القوائم هكذا:
أ. القادة [1-2]: تشمل إثني عشر شخصًا ذكر عزرا أحد عشر منهم، وذكر نحميا نفس الأسماء بالإضافة إلى نحماني (نح 7: 7). وإن كان جميعهم من سبطي يهوذا وبنيامين، لكنهم كانوا يحسبون أنفسهم ممثلي الاثني عشر سبطًا. قدموا اثني عشر ثورًا، محرقة عن كل الأسباط (عز 8: 35).
كان موكب العودة تحت قيادة زرُبابل حفيد الملك يهوياكين، وهو يمثل السلطة المدنية، ويشوع الكاهن يمثل السلطة الدينية. إنه موكب التحرر من إبليس والصعود إلى أورشليم العليا تحت قيادة رب المجد يسوع بكونه ملك الملوك ورئيس الكهنة السماوي في نفس الوقت، يحمل الملوكية والكهنوت في نفس الوقت.
في كل جيل يرسل الله قديسين عظماء متنوعي المواهب.
ب. الشعب [3-35]: تم تصنيف بعضهم حسب عشائرهم وقبائلهم [3-19]. وتصنيف الآخرين حسب أماكن الاستقرار [20-35]. إنه أشبه بسفر الحياة التي يُسجل فيه أسماء المجاهدين في الرب، الذين أحبوا الهيكل السماوي أفضل من كل غنى الأرض ومراكزها. الله ينقش اسمك على كفه (إش 49: 16).
ج. الكهنة [36-39]: عاد منهم 4289 كاهنًا من أربع فرق: بنو يدعيا، وبنو أمير، وبنو فشحور، وبنو حاريم.
د. اللاويون [40-43]: عاد من اللاويين 74 شخصًا، فقد أحب بقيتهم خدمة العالم عن خدمة الهيكل. ومن البوابين 139 شخصًا، الذين يقومون بحراسة الهيكل. ومن الْمُغَنُّينَ بَنُو آسَافَ مِئَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ [41].
لم يكن ممكنًا للكهنة أو اللاويين أو المغنين أو الشعب أن يسبّحوا في أرض السبي: "كيف نسبح تسبحة الرب في أرضٍ غربية" (مز 137: 4). لقد أضفى المغنون على موكب العودة روح التسبيح والفرح والتهليل، مما جعل الرحلة ممتعة، ونسي الكل - الكبار والصغار، الرجال والنساء - مشاق الرحلة. لهم دور أساسي في الموكب، فهو موكب الانطلاق إلى أورشليم العليا، موكب متهلل. بالفرح والتهليل ننسى مشقة رحلة جهادنا وغربتنا!
ه. النثينيم [43-54]: اسم عبري معناه "مكرسون" هم غالبًا أحفاد الجبعونيين والمديانيين الذين قاموا بالعمل في بيت الرب أمام موسى ويشوع. كَّرسهم داود الملك لخدمة الهيكل. مع أنهم ليسوا من شعب الله، لكنهم فضلوا الخدمة في خرائب أورشليم والهيكل المتهدم عن أمجاد بابل.
و. بنو عبيد سليمان [55-58]: من نسل الكنعانيين.جنَّدهم في خدمة الهيكل. بهذا انسلخوا من اللعنة التي حلت عليهم (تك 9: 25)، إذ التصقوا بالرب وتقدسوا فيه.
كان النثينيمومعهم بنو عبيد سليمان أكثر غيرة من اللاويين. كثيرون يأتون من المشارق والمغارب، ويتمتعون بالأحضان الإلهية (مت 8: 11)، بينما يتراخي أبناء الملكوت في التمتع به. هوذا الموكب يسع العالم كله، أبواب الله المفتوحة للجميع!
كان من الضروري أولًا أن يستقر هذا العدد الضخم من الراجعين من السبي [64-70]، لكن أورشليم كانت موضعًا فقيرًا (مراثي 5: 18). لذلك فقد ذهبوا إلى المدن والقرى المحيطة يستقرون فيها.

1. الصاعدون من السبي

وَهَؤُلاَءِ هُمْ بَنُو الْكُورَةِ الصَّاعِدُونَ مِنْ سَبْيِ الْمَسْبِيِّينَ،
الَّذِينَ سَبَاهُمْ نَبُوخَذْنَصَّرُ مَلِكُ بَابِلَ إِلَى بَابِلَ،
وَرَجَعُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ وَيَهُوذَا،
كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَدِينَتِهِ [1].
يقصد بالكورة هنا يهوذا الني كانت قبلًا مملكة عظيمة لها توابع، فقد صارت مجرد كورة، أي مقاطعة تابعة لملك فارس. هذا هو عمل الخطية التي تذل الإنسان كما الأمم والممالك. لقد ارتبط الشر بالعار والخزي وفقدان السلام مع الفشل والهزيمة الداخلية، والبرً بالكرامة الحقيقية. فالشرير لا يحتاج إلى من يردعه ويعاقبه، إنما ما يفعله يقدم له المرارة والموت! يشرب من ذات الكأس التي ملأها لنفسه، اللهم إلا إذا ألقى بالكأس خلال تمتعه بالشركة مع مخلصه، وجهاده الجاد خلال الإرادة المقدسة في الرب.
"البرّ يرفع شأن الأمة، وعار الشعوب الخطية" (أم 14: 34).
"إذا جاء الشرير جاء الاحتقار أيضًا، ومع الهوان عار" (أم 18: 3).
"فكانوا كلما عبدوا غير إلههم أُسلموا للغنيمة والسيف والعار" (يهوديت 5: 18).
"ليخز ويفن مخاصمو نفسي، ليلبس العار والخجل الملتمسون لي شرًا" (مز 71: 13).
"لا سلام قال الرب للأشرار" (إش 48: 22).
"ولا تصر عدوُا بعد أن كنت صديقًا، فإن القبيح السمعة يرث الخزي والعار، وكذلك الخاطئ ذو اللسانين" (سي 6: 1).
"الكذب عار قبيح في الإنسان، وهو لا يزال في أفواه فاقدي الأدب (سي 20: 26).
* إن بقيت فيما يخص التراب، فستتحول إليه في النهاية. يليق بك أن تتغير، يجب أن تتحول، يجب أن تصير سماويًا.
العلامة أوريجينوس
* إذ أنا ملوم بكل غضن خطاياي، أقضي أيامي ولياليَّ في رعبٍ، لكنني إذ أنظر الله يحل القيود، ويسند النفس المتواضعة المرتعبة، يقول لي وأنا منبطح في قبر شري: "چيروم هلم خارجًا"(24).
القديس چيروم
* يتَّجه هؤلاء الأشرار نحو قتل أنفسهم بكل أنواع الشهوات... نعم، فإنَّهم حتى عندما يعيشون يكونون في عارٍ، إذ يحسبون بطونهم آلهتهم، وعندما يموتون يتعذبون .
القديس أثناسيوس الرسولي
الَّذِينَ جَاءُوا مَعَ زَرُبَّابِلَ:
يَشُوعُ نَحَمْيَا سَرَايَا رَعْلاَيَا مُرْدَخَايُ بِلْشَانُ مِسْفَارُ بَغْوَايُ رَحُومُ بَعْنَةَ.
عَدَدُ رِجَالِ شَعْبِ إِسْرَائِيلَ [2].
إذ قبل العائدون إلى أورشليم ترك الكثير واحتمال المتاعب والمخاطر من أجل بناء مدينة الله أورشليم وهيكله، كرَّمهم الله بذكر أسمائهم. "فإني أكرم الذين يكرمونني" (1 صم 2: 30). يحفظ الله أسماء متقيه، إذ "ذكر الصديق للبركة" (أم 10: 7)، ويكرمهم في هذا العالم كما في الدهر الآتي.
تُسجل أسماء للعاملين لحساب ملكوت الله، حتى تُسجل أيضًا في سفر الحياة الأبدية (رؤ 3: 5).
هذا السجل لم يذكر كل الأسماء مكتفيًا أحيانًا بأسماء رؤساء البيوت والعشائر، وأحيانًا بالعدد فقط. أما متقو الرب، فأسماؤهم مُسجلة عند الرب في سفر التذكرة (مل 3: 16-17).
* "ذكر الصدِّيق يُمتدح". لم يقل هذا ليعني أن النفوس المنتقلة يسندها مديحنا. إنما قال هذا لأن الذين يمدحون الراحلين ينالون النفع الأعظم من ذكراهم، لذلك إذ ننال نفعًا كثيرًا من ذكرهم المقدس، ليتنا لا نزدري بكلمات الإنسان الحكيم، بل بالحري نعطي اهتمامًا بها .
القديس يوحنا الذهبي الفم
نحميا هنا غير نحميا قائد الفوج الثالث الذي أعاد بناء السور بعد ذلك بحوالي 80 سنة، كذلك مردخاي هنا غير مردخاي الوارد في سفر أستير.
بَنُو فَرْعُوشَ أَلْفَانِ وَمِئَةٌ وَاثْنَانِ وَسَبْعُونَ [3].
بَنُو شَفَطْيَا ثَلاَثُ مِئَةٍ وَاثْنَانِ وَسَبْعُونَ [4].
بَنُو آرَحَ سَبْعُ مِئَةٍ وَخَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ [5].
بَنُو فَحَثَ مُوآبَ مِنْ بَنِي يَشُوعَ
وَيُوآبَ أَلْفَانِ وَثَمَانُ مِئَةٍ وَاثْنَا عَشَرَ [6].
"فحث موآب"، أي حاكم موآب، ربما كان أبوهم حاكمًا لموآب حين كانت خاضعة لإسرائيل.
بَنُو عِيلاَمَ أَلْفٌ وَمِئَتَانِ وَأَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ [7].
بَنُو زَتُّو تِسْعُ مِئَةٍ وَخَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ [8].
بَنُو زَكَّايَ سَبْعُ مِئَةٍ وَسِتُّونَ [9].
بَنُو بَانِي سِتُّ مِئَةٍ وَاثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ [10].
بَنُو بَابَايَ سِتُّ مِئَةٍ وَثَلاَثَةٌ وَعِشْرُونَ [11].
بَنُو عَرْجَدَ أَلْفٌ وَمِئَتَانِ وَاثْنَانِ وَعِشْرُونَ [12].
بَنُو أَدُونِيقَامَ سِتُّ مِئَةٍ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ [13].
"أدوينقام" تعني "السيد الكبير". ونلاحظ أن رقم 666 هو رقم الوحش (رؤ 13)، أو الشيطان. وكأنه مع كل رجوع إلى الله، نتوقع محاربات من عدو الخير مادمنا لازلنا في الجسد.
بَنُو بَغْوَايَ أَلْفَانِ وَسِتَّةٌ وَخَمْسُونَ [14].
بَنُو عَادِينَ أَرْبَعُ مِئَةٍ وَأَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ [15].
بَنُو آطِيرَ مِنْ يَحَزَقِيَّا ثَمَانِيَةٌ وَتِسْعُونَ [16].
بَنُو بِيصَايَ ثَلاَثُ مِئَةٍ وَثَلاَثَةٌ وَعِشْرُونَ [17].
بَنُو يُورَةَ مِئَةٌ وَاثْنَا عَشَرَ [18].
بَنُو حَشُومَ مِئَتَانِ وَثَلاَثَةٌ وَعِشْرُونَ [19].
بَنُو جِبَّارَ خَمْسَةٌ وَتِسْعُونَ [20].
"جبار"، هي جبعون (نح 7: 25، يش 9).
بَنُو بَيْتِ لَحْمٍ مِئَةٌ وَثَلاَثَةٌ وَعِشْرُونَ [21].
رِجَالُ نَطُوفَةَ سِتَّةٌ وَخَمْسُونَ [22].
رِجَالُ عَنَاثُوثَ مِئَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ [23].
رجال عناثوث [23]: وهم أهل قرية إرميا النبي الذين اتهموه بالخيانة، وتخلوا عنه.
تنبأ إرميا عن العودة من السبي وهو في السجن، حيث حبسه صدقيا الملك بتهمة أنه عميل نبوخذنصر. جاءه ابن عمه حنئيل يشتري منه حقله الذي في عناثوث، ومع علمه أن الكلدانيين سيستولون على الأرض. اشترى الحقل وكتب الصك وأشهد الشهود، وأمر باروخ بأن يضعه في إناء خزفي، شهادة على أنه بعد خراب الأرض ستعود إليها الحياة (إر 32: 43-43). هوذا قد تحقق وعد الله وعاد المسبيون، ورجع رجال عناثوث ليعمروا الأرض.
بَنُو عَزْمُوتَ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ [24].
بَنُو قَرْيَةِ عَارِيمَ كَفِيرَةَ وَبَئِيرُوتَ سَبْعُ مِئَةٍ وَثَلاَثَةٌ وَأَرْبَعُونَ [25].
بَنُو الرَّامَةِ وَجَبَعَ سِتُّ مِئَةٍ وَوَاحِدٌ وَعِشْرُونَ [26].
رِجَالُ مِخْمَاسَ مِئَةٌ وَاثْنَانِ وَعِشْرُونَ [27].
رِجَالُ بَيْتِ إِيلَ وَعَايَ مِئَتَانِ وَثَلاَثَةٌ وَعِشْرُونَ [28].
بَنُو نَبُو اثْنَانِ وَخَمْسُونَ [29].
"نبو": ليس الجبل الذي صعد عليه موسى، بل هي مكان في يهوذا.
بَنُو مَغْبِيشَ مِئَةٌ وَسِتَّةٌ وَخَمْسُونَ [30].
بَنُو عِيلاَمَ الآخَرِ أَلْفٌ وَمِئَتَانِ وَأَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ [31].
"عيلام الآخر" تميزًا له عن عيلام المذكور في آية 7، الأول اسم شخص، أما هنا فاسم مكان.
بَنُو حَارِيمَ ثَلاَثُ مِئَةٍ وَعِشْرُونَ [32].
بَنُو لُودَ بَنُو حَادِيدَ وَأُونُو سَبْعُ مِئَةٍ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ [33].
بَنُو أَرِيحَا ثَلاَثُ مِئَةٍ وَخَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ [34].
بَنُو سَنَاءَةَ ثَلاَثَةُ آلاَفٍ وَسِتُّ مِئَةٍ وَثَلاَثُونَ [35].
أَمَّا الْكَهَنَةُ فَبَنُو يَدْعِيَا مِنْ بَيْتِ يَشُوعَ تِسْعُ مِئَةٍ وَثَلاَثَةٌ وَسَبْعُونَ [36].
كنا نتوقع عودة كل الكهنة، لكن للأسف عادت مجموعات من أربع فرق فقط، والبقية فضلت العمل في أرض السبي والمشروعات عن هيكل الرب.
"يشوع" المذكور هنا غير المذكور في آية 2.
يلاحظ أن مجموع عدد الكهنة حوالي 4200، وهم حوالي عُشر العائدين من أورشليم، وكأن الله أراد أن يحتفظ لنفسه بالعشور.
بَنُو إِمِّيرَ أَلْفٌ وَاثْنَانِ وَخَمْسُونَ [37].
بَنُو فَشْحُورَ أَلْفٌ وَمِئَتَانِ وَسَبْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ [38].
بَنُو حَارِيمَ أَلْفٌ وَسَبْعَةَ عَشَرَ [39].
أَمَّا اللاَّوِيُّون،َ فَبَنُو يَشُوعَ وَقَدْمِيئِيلَ مِنْ بَنِي هُودُويَا أَرْبَعَةٌ وَسَبْعُونَ [40].
يلاحظ أن عدد اللاويين قليل للغاية، ربما لأنهم رفضوا وظيفتهم واستخفوا بها، إذ أرادوا أن تكون لهم أرضٍ وممتلكات، ونسوا أن الرب هو نصيبهم، وهم نصيب الرب.
الْمُغَنُّونَ بَنُو آسَافَ مِئَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ [41].
بَنُو الْبَوَّابِينَ بَنُو شَلُّومَ بَنُو آطِيرَ بَنُو طَلْمُونَ بَنُو عَقُّوبَ
بَنُو حَطِيطَا بَنُو شُوبَايَ الْجَمِيعُ مِئَةٌ وَتِسْعَةٌ وَثَلاَثُونَ [42].
النَّثِينِيمُ بَنُو صِيحَا بَنُو حَسُوفَا بَنُو طَبَاعُوتَ [43].
النثنييم: غالبًا من نسل الجبعونيين، عُينوا في خدمة اللاويين.
بَنُو قِيرُوسَ بَنُو سِيعَهَا بَنُو فَادُونَ [44].
بَنُو لَبَانَةَ بَنُو حَجَابَةَ بَنُو عَقُّوبَ [45].
بَنُو حَاجَابَ بَنُو شَمُلاَيَ بَنُو حَانَانَ [46].
بَنُو جَدِّيلَ بَنُو حَجَرَ بَنُو رَآيَا [47].
بَنُو رَصِينَ بَنُو نَقُودَا بَنُو جَزَّامَ [48].
بَنُو عُزَّا بَنُو فَاسِيحَ بَنُو بِيسَايَ [49].
بَنُو أَسْنَةَ بَنُو مَعُونِيمَ بَنُو نَفُوسِيمَ [50].
بَنُو بَقْبُوقَ بَنُو حَقُوفَا بَنُو حَرْحُورَ [51].
بَنُو بَصْلُوتَ بَنُو مَحِيدَا بَنُو حَرْشَا [52].
بَنُو بَرْقُوسَ بَنُو سِيسَرَا بَنُو ثَامَح [53].
بَنُو نَصِيحَ بَنُو حَطِيفَا [54].
بَنُو عَبِيدِ سُلَيْمَانَ بَنُو سَوْطَايَ بَنُو هَسُّوفَرَثَ بَنُو فَرُودَا [55].
"بنو عبيد سليمان": من نسل الكنعانيين الذين سخرهم سليمان لبناء الهيكل (1 مل 9: 20-21).
بَنُو يَعْلَةَ بَنُو دَرْقُونَ بَنُو جَدِّيل [56].
بَنُو شَفَطْيَا بَنُو حَطِّيلَ بَنُو فُوخَرَةِ الظِّبَاءِ بَنُو آمِي [57].
جَمِيعُ النَّثِينِيمِ وَبَنِي عَبِيدِ سُلَيْمَانَ ثَلاَثُ مِئَةٍ وَاثْنَانِ وَتِسْعُونَ [58].

2. الذين لم تثبت أنسابهم

وَهَؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ صَعِدُوا مِنْ تَلِّ مِلْحٍ وَتَلِّ حَرْشَا كَرُوبُ أَدَّانُ إِمِّيرُ.
وَلَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يُبَيِّنُوا بُيُوتَ آبَائِهِمْ وَنَسْلَهُم.ْ
هَلْ هُمْ مِنْ إِسْرَائِيلَ [59].
كان لجداول الأنساب أهمية كبرى عند العبرانيين، خاصة بالنسبة للكهنة واللاويين. فمن لا يستطيع أن يثبت أنه من نسل إبراهيم يُحرم من بعض الامتيازات الخاصة.
مما يُخجل أن بعض العائدين بسبب محبتهم للمال، فقدوا اهتمامهم بإثبات بيوت آبائهم [59].
"لم يستطيعوا أن يبينوا بيوت آبائهم"، هؤلاء إسرائيليون، لكنهم فقدوا قوائم انتسابهم. وكان من هؤلاء كهنة، ويلزمهم أن يكونوا من نسل هرون.
بَنُو دَلاَيَا بَنُو طُوبِيَّا بَنُو نَقُودَا سِتُّ مِئَةٍ وَاثْنَانِ وَخَمْسُونَ [60].
"دلايا" معناه "من حرره يهوه. "طوبيا" معناه "جودة يهوه". و"نقودا" معناه "شهير". فمع ما تحمله هذه الأسماء من دلالات روحية جميلة، إلا أنهم لم يستطيعوا أن يثبتوا نسبهم إلى شعب الله، ربما لأن اباءهم كانوا قد تزوجوا بوثنيات. حُسب هؤلاء كغرباء مختونين لهم حق العبادة وتقديم الذبائح (عد 15: 14-16) لكن ليس لهم نصيب في الأرض.
وَمِنْ بَنِي الْكَهَنَةِ بَنُو حَبَايَا بَنُو هَقُّوص،َ
بَنُو بَرْزِلاَّيَ الَّذِي أَخْذَ أمْرَأَةً مِنْ بَنَاتِ بَرْزِلاَّيَ الْجِلْعَادِيِّ،
وَتَسَمَّى بِاسْمِهِمْ [61].
غير بعض الكهنة نسبهم إلى برزلاي الجلعادي عوض انتسابهم لسبط هرون [61]، فحُرموا من أكل قدس القداس، إي من أنصبتهم ككهنة، وأُعطي لهم فقط القدس الذي هو أنصبة عائلات الكهنة [61-63]. كثير من الشعب بل ومن كان أصلهم أمميًا سبقوا الكهنة ودخلوا الموكب، وصاروا أبطالًا عند الرب. يسبق بعض الشعب الكهنة في الأمجاد السماوية. "بنو برزلاي": هؤلاء فقدوا الكهنوت، إذ فقدوا الاستحقاق له. لأن أباهم كان كاهنًا، فضّل أن يتسمى باسم رجل مشهور هو برزلاي الجلعادي، وترك نسبة لهرون. لم يدرك كرامة الكهنوت وخدمة الله، فرذل نسبة الكهنوتي. من ينكر ابن الإنسان ينكره ابن الإنسان أيضًا.
هَؤُلاَءِ فَتَّشُوا عَلَى كِتَابَةِ أَنْسَابِهِمْ فَلَمْ تُوجَدْ،
فَرُذِلُوا مِنَ الْكَهَنُوتِ [62].
وَقَالَ لَهُمُ التِّرْشَاثَا أَنْ لاَ يَأْكُلُوا مِنْ قُدْسِ الأَقْدَاسِ،
حَتَّى يَقُومَ كَاهِنٌ لِلأُورِيمِ وَالتُّمِّيمِ [63].
هؤلاء المرفوضون من الكهنوت حرموا أنفسهم من خبز الوجوه والشركة في لحم الذبيحة المقدسة والسكيب، هذه التي لا يأكل منه سوى الكهنة وتُدعى مجازًا قدس الأقداس. أما البكور وتقدمات الشكر والعشور، فيأكلها بيت الكاهن كله، وتُسمى القدس.
الترشاثا: كلمة فارسية تشير إلى الوالي، وقد تعني لقبًا للاحترام مثل "سعادة فلان". الوالي هنا زربابل.
"كاهن للأوريم والتميم":كانا حجرين مسطحين على صدرة رئيس الكهنة التي تُدعى "صدرة القضاء (خر 28: 30، لا 8: 8)"، والتي من خلالهما يجيب الله على أسئلته، فهما يشيران إلى تسليم المشيئة لله، في الأمور الخاصة بالشعب ككلٍ.
كلمة "أوريم" معناها "الأنوار"، و"التميم" معناها "إتمام" أو "الكمالات".
هنا نجد إشارة إلى انتظار الإسرائيليين إلى مجيء رئيس الكهنة الذي فيه كل الأنوار والكمالات، أي السيد المسيح.
على أي الأحوال فإن "الأوريم والتميم" يؤكدان في حياة الكاهن ألاَّ يعتمد في خدمته على الأذرع البشرية والمشورات البشرية، لكنه يلجأ أولًا إلى المذبح، حيث ينسكب أمام الله طالبًا نوره الإلهي يشرق في قلبه ويكمل كل ضعف فيه. فالتزامات الكاهن الكثيرة والخطيرة والمتشابكة، إذ يقوم بإرشاد الناس في أثمن ما لديهم - خلاص نفوسهم - وتعامله مع أنواع مختلفة من الناس، تحت ظروف متباينة، هذا الأمر الذي يجعله محتاجًا أن يكون على صلة مستمرة بالله مرشده حتى لا تهلك نفس بسبب جهله أو عجزه عن القيام بالعمل.
* الرب نفسه هو الذي يعمل وهو الذي يقدم الكل.
القديس يوحنا الذهبي الفم
كُلُّ الْجُمْهُورِ مَعًا اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ أَلْفًا وَثَلاَثُ مِئَةٍ وَسِتُّون [64].َ
فَضْلًا عَنْ عَبِيدِهِمْ وَإِمَائِهِمْ،
فَهَؤُلاَءِ كَانُوا سَبْعَةَ آلاَفٍ وَثَلاَثَ مِئَةٍ وَسَبْعَةً وَثَلاَثِينَ
وَلَهُمْ مِنَ الْمُغَنِّينَ وَالْمُغَنِّيَاتِ مِئَتَانِ [65].
يذكر مجموع الجموع دون العبيد والإماء 42360 كما ورد في سفر نحميا، بينما مجموع الأعداد الواردة هنا 29818، ومجموع الأعداد الواردة في نحميا 31089، فما هو سبب ذلك؟
1. رقم 42360 هو عدد أعيان اليهود الذين أرادوا العودة، وهذا الرقم ثابت في عزرا ونحميا. لكن من ذكرهم عزرا هم الذين تحركوا للعودة وكتبوا أسماءهم وهم في بابل، بينما كتبها نحميا وهو في اليهودية بعد بناء أسوار أورشليم. فحدث اختلاف بسبب المدة الطويلة بينها، فلا بُد أن مات البعض أثناء السفر، والبعض بعد الوصول، قبل تسجيل نحميا الأسماء. هذا وقد عدل البعض عن السفر، فسقطت أسماؤهم من الأصحاح السابع من سفر نحميا.
2. بعد أن سجل عزرا أسماء الذين تحركوا للسفر، سافر آخرون أيضًا، فسجلهم نحميا، لذا زاد كشف نحميا.
أمثلة ذلك:
1. لم يرد ذكر مغبيش في قائمة نحميا لكنه ورد في عزرا 2: 30. فمع أن عزرا في بابل سجل اسمه، بينما أورد نحميا أسماء الذين وصلوا بالفعل إلى أورشليم.
2. بنو عادين عددهم في قائمة عزرا 454، وعددهم في قائمة نحميا 655، لأن الذين سافروا بالفعل أكثر من الذين سجلوا أسماءهم.
3. من عادة اليهود في ذلك الوقت استعمال أكثر من اسم، ولازالت هذه العادة موجودة في صعيد مصر إلى يومنا هذا. فنجد اسم الشخص في شهادة الميلاد مختلف عن اسم شهرته منذ ميلاده، وغالبًا ما لا يعرف الناس اسمه المُسجل في شهادة الميلاد حتى يدخل إلى المدرسة أو عندما يتزوج ويحتاج إلى تقديم شهادة الميلاد. هنا نجد كمثال بنو سيعا (نح 7: 47) هم بنو سيعها في (عزرا 2: 44).
"المغنين والمغنيات" هنا ليسوا من اللاويين الذين يسبحون الله في الهيكل، وإنما الذين يقيمون الحفلات والولائم.
خَيْلُهُمْ سَبْعُ مِئَةٍ وَسِتَّةٌ وَثَلاَثُونَ.
بِغَالُهُمْ مِئَتَانِ وَخَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ [66].
جِمَالُهُمْ أَرْبَعُ مِئَةٍ وَخَمْسَةٌ وَثَلاَثُونَ.
حَمِيرُهُمْ سِتَّةُ آلاَفٍ وَسَبْعُ مِئَةٍ وَعِشْرُونَ [67].
هؤلاء ذهبوا إلى السبي وليس معهم شيء، وعادوا معهم خيل وجمال وعبيد وذهب وفضة، هذه عطايا الله يقدمها للإنسان الذي يقبل التأديب بشكر في جدية ويهتم بخلاص نفسه فلا يتركه مخلصه فارغًا.
3. عطاء حسب الطاقة

وَالْبَعْضُ مِنْ رُؤُوسِ الآبَاءِ،
عِنْدَ مَجِيئِهِمْ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ الَّذِي فِي أُورُشَلِيمَ،
تَبَرَّعُوا لِبَيْتِ الرَّبِّ لإِقَامَتِهِ فِي مَكَانِهِ [68].
هؤلاء تبرعوا لهيكل الرب، لذلك باركهم الرب.
لم يجسر أحد على تغيير مكان الهيكل، بل أقيم هيكل زربابل في ذات الموقع الذي أقيم فيه هيكل سليمان. لا زال اليهود إلى يومنا هذا يأملون في بناء الهيكل في ذات الموقع، مما يسبب مشاكل مع الفلسطينيين يصعب، بل ربما يستحيل حلها.
أَعْطُوا حَسَبَ طَاقَتِهِمْ لِخِزَانَةِ الْعَمَلِ،
وَاحِدًا وَسِتِّينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنَ الذَّهَبِ،
وَخَمْسَةَ آلاَفِ مَنًا مِنَ الْفِضَّةِ،
وَمِئَةَ قَمِيصٍ لِلْكَهَنَةِ [69].
اشترك الكل في ترك بابل بأمجادها، وجاءوا إلى أورشليم التي صارت خربة، محروقة بالنار. وربما دفع الكل العشور. هذا هو الميل الأول، أما الميل الثاني فهو تقديم هبات وعطايا لبيت الرب، كل واحدٍ حسب طاقاته. وكما يقول الرسول: "لأنهم أعطوا حسب الطاقة، أنا أشهد وفوق الطاقة، من تلقاء أنفسهم" (2 كو 8: 3).
* هذا هو علوّ التسبيح، لأنه في الأحزان يبقون في سلام، وفي أعماق الفقر يعطون بسخاء مما لديهم.
ثيؤدورت أسقف قورش
الدرهم هو قطعة نقود مستعملة في مملكة فارس. هنا أول ذكر للنقود المسكوكة في الكتاب المقدس.
قدم العائدون من السبي أقمصة للكهنة، هذه التي يرتدونها وقت الخدمة، ويخلعونها بعد الانتهاء من الخدمة، حيث يحتفظون بها في خزانة الهيكل (خر 28: 41، 31: 7). قدموها ليحفزوا الكهنة على بدء الخدمة فورًا عقب العودة.
منا: اسم عيار لما يُوزن به، وليس اسم بعض النقود المسكوكة، وتقدر قيمته بحوالي 50 شاقلًا.
فَأَقَامَ الْكَهَنَةُ وَاللاَّوِيُّونَ وَبَعْضُ الشَّعْبِ،
وَالْمُغَنُّونَ وَالْبَوَّابُونَ وَالنَّثِينِيمُ فِي مُدُنِهِمْ،
وَكُلُّ إِسْرَائِيلَ فِي مُدُنِهِمْ [70].
عادوا إلى مساكنهم يسبحون مزاميرهم: "رضيت يا رب على أرضك..." (مز 85: 1-3). هكذا يليق بنا أن نعود إلى مدينتنا السماوية، ولا ترتبط قلوبنا بأرض غربتنا في هذا العالم.
من وحي عزرا 2

ضمني إلى موكبك المفرح!


* إن كانت خطاياي قد دفعتني إلى السبي،
فأنت محرر النفوس من سيي إبليس،
ومنقذها من العبودية.
من يقدر أن يحررني من عدو الخير غيرك؟
من يرد لي كرامة مجد أولاد الله التي وهبتني إياها؟
من يضمني إلى موكبك المتهلل إلا نعمتك!
* اجذبني وكل إخوتي في البشرية وراءك.
فتفرح نفوس الكل بفيض حبك.
فننضم إلى موكب النصرة المتجه إلى أورشليم العليا،
وتتحول حياتنا إلى سماء متهللة.
وتُسجل أسماء الجميع في كتابك،
وتنقشها على كفك الإلهي.
* لتضم الكل: كهنة وشعبًا إليك.
لتضم الأطفال والشيوخ مع الشباب والرجال والنساء.
ليجد الكل له موضعًا في موكبك الفريد.
* هب لنا أن نقدم القليل مما وهبتنا.
نقدم لك ذهبًا وفضة وحجارة كريمة روحية!
اقبلها واشتمها رائحة رضا وسرور!
فإننا نشتهي أن تقيم هيكلك المقدس في داخلنا!
وتكون كل البشرية - إن أمكن - حجارة حية مكَّرمة!
نقدم لك ذبائح الشكر الدائم مع تسابيح الملائكة!
لك المجد يا أيها القائد المحب والعجيب!


ذبيحة وهيكل وأعياد

عاد الفوج الأول إلى أورشليم، لكنهم لم يلتقوا مع الله خلال المذبح والذبيحة. مرّ على عودتهم نحو ثمانية أشهر، واقبل عليهم الشهر العبري السابع، الذي يعتبر شهر الذروة من حيث الأعياد. اجتمعوا معًا كرجلٍ واحدٍ، وأقاموا المذبح وقدموا الذبائح، ثم شرعوا في تأسيس الهيكل.
إذ بلغوا أورشليم شغلتهم ثلاثة أمور.
1. أولًا إقامة المذبح: كانوا خائفين من غير اليهود الذين كانوا قد استقروا في المنطقة المحيطة، والذين كانوا حتمًا يحسدونهم لرجوعهم من السبي. أما العلاج فهو الرجوع إلى الله بالصلاة، والمصالحة معه بدم المسيح الثمين، فليس من ملجأ لنا وحصن سوى صليبه، المذبح العجيب! كانت الأولوية هي لإقامة المذبح لتقديم الذبائح.
2. الاهتمام ببناء هيكل الرب القدوس: كان بناء الهيكل يلي المذبح في الأهمية. لقد استخدموا المنحة التي وهبهم إياها كورش أن يجمعوا المادة اللازمة للبناء [7]. خرائب الهيكل المتهدم كانت مصدرًا للحجارة، أما الأخشاب فكانت كلها قد احترقت (2 مل 25: 9). وكما يقول الرسول: "أما تعلمون أنكم هيكل الله، وروح الله يسكن فيكم" (1 كو 3: 16). كان الله مهتمًا حتى باحتياجاتهم المادية، ولكن كان يليق بالأغنياء أن ينفقوا على الهيكل الذي سمح لهم كورش ببنائه، وذلك قبل أن ينفقوا أموالهم على أمورهم الشخصية.
حقًا شيشبصر كحاكم كان هو الملتزم ببناء المذبح والهيكل (5: 16)، لكنه لم يقم بهذا، إنما كان له رجاله الذين يستخدمهم مثل يهوشع رئيس الكهنة وزربابل الذي من نسل داود.
3. كان الشهر السابع أهم الشهور في الاحتفالات بالأعياد اليهودية (لا 23: 24-36؛ نح 8)، وقد اجتمع الشعب في أورشليم الخربة، بعد غيبة عشرات السنوات في أرض السبي، فانطلقوا يحتفلون بالأعياد. لم تعد قيثاراتهم معلقة على الصفصاف بسبب مرارة نفوسهم، بل صاروا يسبحون للرب في مدينته المقدسة (راجع مز 137: 2). مسيحنا هو عيدنا الذي يهبنا فرحه السماوي!
جاء اليوم العظيم الذي فيه وضعت أساسات الهيكل. كان اللاويون هم المسئولين عن الرقابة على العمل. بدأت الأبواق تضرب كما يليق، ومزامير داود يُسبح بها. العدد [11] يُظهر أن المزمور الرئيسي هو 136، الذي رُنم به عند تدشين هيكل سليمان (2 أي 5: 13؛ 7: 3). عادة يوجد مزمور أو أكثر يناسب كل مناسبة في حياتنا (أف 5: 19؛ يع 5: 13).
لا نخجل من التعبير عن فرحنا بعمل الله خلال عواطفنا بالفرح والتسبيح لله. لقد انتظر الشيوخ خمسين عامًا منذ تهدم الهيكل عام 587 ق.م، هؤلاء بكوا، إما من أجل فرحهم بوضع الأساسات وإعادة بناء الهيكل، أو لأنهم رأوا أن الأساسات التي وضعت لا تُقارن بتلك التي كانت للهيكل القديم (حج 2: 3).
حسنٌ جدًا أن نتطلَّع إلى الماضي ونحزن وَنَتَنَهَّد على ما فقدناه، ولكن ليس بطريقة نفقد فيها رجاءنا والتمتع بما نبدأ به البوم (جا 7: 10؛ في 3: 13-14).

1. إقامة مذبح الرب

وَلَمَّا اسْتُهِلَّ الشَّهْرُ السَّابِعُ وَبَنُو إِسْرَائِيلَ فِي مُدُنِهِمُ
اجْتَمَعَ الشَّعْبُ كَرَجُلٍ وَاحِدٍ إِلَى أُورُشَلِيمَ [1].
الشهر السابع يوافق نصف سبتمبر الأخير ونصف أكتوبر الأول. غالبًا بدأوا رحلتهم التي تستغرق ما بين ثلاثة وأربعة أشهر في الربيع. كان الشهر السابع هو شهر الأعياد المقدسة الهامة عند اليهود: أعياد هتاف البوق والكفارة وعيد المظال.
أ. في اليوم الأول يُحتفل بعيد الأبواق (عد 29: 1).
ب. في اليوم العاشر يحتفل بعيد الكفارة العظيم (عد 29: 7).
ج. في اليوم الخامس عشر يُحتفل بعيد المظال حيث يستغرق الاحتفال به سبعة أيام، وفي اليوم الثامن اعتكاف للرب (عد 29: 12).
"اجتمع الكل كرجل واحدٍ إلى أورشليم"، حيث تنبه الكل إلى الحاجة إلى مذبح الرب، القادر أن يحميهم ويسندهم من الرعب الذي حلّ عليهم من شعوب الأراضي. ومن جانب آخر فإنهم محتاجون إلى الاحتفال الجماعي بالأعياد الذي يرد لهم فرحهم في الرب.
اجتمع الكل من كهنة ولاويين وشعب كرجلٍ واحدٍ لإقامة مذبح للرب. وفي العهد الجديد "لما حضر يوم الخمسين كان الجميع معًا بنفس واحدة" (أع 2: 1)، حيث حلّ الروح القدس، ووُلدت كنيسة العهد الجديد، بكونها هيكل الرب المقدس.
حيث يوجد روح الحب والوحدة يعلن الله حضوره، ويقيم مسكنه وسط شعبه.
* ينصحنا الله بذلك ليس فقط خشية أن ينفصل الواحد عن الآخر، وإنما لكي نقدم فيضًا من الحب والاتفاق. فإن كان كيان كل إنسان يقوم على سلام قريبه فلا تقل أقل ولا أكثر من هذا، إذ لا يوجد أقل من أن تحبه ولا أكثر. لكي يستمر الجسم ترى الاختلاف أيضًا واضحًا بين الأعضاء، وعندما يهلك لا تجد ذلك. فالدمار حتمًا يحدث ما لم تعمل الأعضاء الأقل.
القديس يوحنا الذهبي الفم
* جميعكم واحد في المسيح يسوع. ليس أن البعض أصحاب معرفة مستنيرون، والآخرين أقل كمالًا في الروحانيات. ليضع كل واحدٍ جانبًا كل الشهوات الجسدية، فتكونوا متساوين وروحيين أمام الرب.
القديس إكليمنضس السكندري
وَقَامَ يَشُوعُ بْنُ يُوصَادَاقَ وَإِخْوَتُهُ الْكَهَنَةُ وَزَرُبَّابِلُ بْنُ شَأَلْتِئِيلَ وَإِخْوَتُهُ،
وَبَنُوا مَذْبَحَ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ،

لِيُصْعِدُوا عَلَيْهِ مُحْرَقَاتٍ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي شَرِيعَةِ مُوسَى رَجُلِ اللهِ [2].
قام يشوع رئيس الكهنة مع إخوته الكهنة وزربابل مع إخوته، أي رجال الدولة إن صح التعبير، لبناء المذبح حتى يقدموا ذبائح ومحرقات للرب ويترنموا له بالتسبيح، بعد أن طالت مدة حرمانهم من تقديم الذبيحة وتعليق قيثاراتهم على الصفصاف.
يشوع هو أول رئيس كهنة بعد السبي. يُذكر اسمه هنا قبل زربابل. لأن العمل هنا خاص بتقديم ذبائح، وهو عمل كهنوتي بحت. بينما في الآية 8 نجد اسم زرُبابل مذكورًا قبل يشوع، لأن العمل خاص ببناء الهيكل، العمل الذي أمر به الملك كورش ويقوم زربابل بتنفيذه.
هنا يظهر التدقيق والالتزام بحفظ الشريعة كما تسلمها موسى رجل الله.
يشير المذبح إلى الحضرة الإلهية، أو بمعنى أدق إلى المصالحة مع الله خلال الذبيحة.
في بناء المذبح اعتراف الشعب بالحاجة إلى التكفير عن الخطايا، وإيمان في مراحم الله غافر الخطايا.
في بناء المذبح رمز للصليب، حيث قدم كلمة الله المتجسد حياته ذبيحة لأجلنا.
يرى القديس أغسطينوس أن الإيمان هو مذبح القلب الداخلي إذ يقول:
[نحن نفهم روحيًا أن الإيمان هو مذبح هيكل الله الداخلي، وإليه يرمز الهيكل المنظور. فكل عطية نقدمها لله سواء نبوة أو تعليم أو صلاة أو تسبحة أو ترنم بالمزامير أو أي عطايا أخرى روحية نابعة عن الذهن لن يقبلها الله إن لم تقدم بإيمان صادق، فتوثق تمامًا وتثبت على هذا المذبح بغير حراك، عندئذ تخرج كلماتنا نقية بلا دنس!]
ويتحدث القديس إكليمنضس السكندري عن المذبح الداخلي، فيراه تكريس الجماعة حياتها للصلاة بروحٍ واحدٍ وفكرٍ واحدٍ، إذ يقول: [المذبح السماوي الذي يقوم بيننا هنا هو اجتماع الذين كرسوا حياتهم للصلاة، فيكون لهم صوت واحد وفكر واحد.]
وَأَقَامُوا الْمَذْبَحَ فِي مَكَانِهِ.
لأَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِمْ رُعْبٌ مِنْ شُعُوبِ الأَرَاضِي
وَاصْعَدُوا عَلَيْهِ مُحْرَقَاتٍ لِلرَّبِّ،
مُحْرَقَاتِ الصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ [3].
"وأقاموا المذبح في مكانه، لأنه كان عليهم رعب" إذ شعروا بخطورة أعدائهم احتموا في مذبح الرب، أي تحت جناحيه، يتكلون على قوته. يلاحظ هنا أنهم بنوا المذبح قبل بناء السور، فهو أهم من السور، وهو السور الخفي الذي يحمي شعب الله. بنوا المذبح قبل الهيكل ليمارسوا شعائرهم، مدركين أن هيكل الرب إنما يقوم على الذبيحة التي تقدس شعب الله، هيكله المقدس.
إن كانت الخطية تربك حياة الإنسان، فيفقد سلامه وأمانه، فإن الله وحده هو ملجأنا وحصننا وسلامنا. "اسم الرب برج حصين، يركض إليه الصديق ويتمنع" (أم 18: 10). وكما يقول المرتل: "إنما هو صخرتي وخلاصي، وملجأي فلا أتزعزع. على الله خلاصي ومجدي، صخرة قوتي، محتماي في الله" (مز 62: 6-7).
اختبر الرسول بولس قوة مذبح العهد الجديد، صليب ربنا يسوع المسيح، فقال: "فإن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة، أما عندنا نحن المخلصين فهي قوة الله" (1 كو 1: 18).
ربما يتساءل البعض: إن كانت الذبائح الحيوانية قد أبطلت بتقديم ذبيحة السيد المسيح الوحيدة على الصليب، فما حاجتنا بعد إلى وجود مذبح؟
جاءت الإجابة صريحة في العهدين القديم والجديد:
1. أكدت نبوات العهد القديم إقامة مذبح العهد الجديد الذي لا يرتبط بأورشليم وحدها ولا يقتصر على شعب معين دون غيره. نذكر منها:
أ. قول ملاخي النبي: "لأنه من مشرق الشمس إلى مغربها اسمي عظيم بين الأمم وفي كل مكان يقرب لاسمي بخور وتقدمة طاهرة..." (ملا 1: 10-11). بالتأكيد لا ينطبق هذا القول على بخور العهد القديم وتقدمته، إذ لا يجوز تقديمها في غير أورشليم وبواسطة الكهنة العبرانيين وحدهم!
ب. أعطى إشعياء النبي اهتمامًا خاصًا بمذبح الرب في مصر بقوله: "في ذلك اليوم يكون مذبح للرب في وسط أرض مصر... فيعرف الرب في مصر، ويعرف المصريون الرب في ذلك اليوم ويقدمون ذبيحة وتقدمة" (إش 9: 19-22).
2. تحدث الرب نفسه في العهد الجديد عن المذبح قائلًا: "متى قدمت قربانك على المذبح" (مت 5: 23-24).
3. إذ قابل القديس بولس بين العبادتين المسيحية والوثنية قال: "لا تقدرون أن تشتركوا في مائدة الرب ومائدة الشياطين" (1 كو 10: 21). فإن كان قد أشار إلى مذبح الوثنيين بمائدة الشياطين فبالتأكيد يشير إلى المذبح المسيحي بمائدة الرب.
* إنها الذبيحة الجامعة، يقدمها الكاهن الأعظم لله.
هذا الذي قدم نفسه بالآلام من أجلنا لكي يجعل منا جسدًا لرأسٍ عظيمٍ كهذا.
هذه هي ذبيحة المسيحيين، حيث يصير الكل في المسيح يسوع جسدًا واحدًا فريدًا!
هذا ما تقدمه الكنيسة خلال سرّ المذبح!
فإنها وهي ترفع القرابين لله تقدم نفسها قربانًا له!
* أنتم فوق المائدة! أنتم داخل الكأس!
* إن سر سلامنا ووحدتنا ينشأ فوق مذبحه.
القديس أغسطينوس
2. الاحتفال بالأعياد

وَحَفِظُوا عِيدَ الْمَظَالِّ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ،
وَمُحْرَقَةَ يَوْمٍ فَيَوْمٍ بِالْعَدَدِ كَالْمَرْسُومِ أَمْرَ الْيَوْمِ بِيَوْمِهِ [4].
ربما تعرض الشعب للسخرية عندما بدأوا في جمع بقايا المذبح، وقد التفوا حوله لبنائه، فسخرت بهم الشعوب الأخرى. أما هم فلم يبالوا بالسخرية، مدركين أن سّر قوتهم في الذبيحة المقدمة لله.
عيد المظال: حفظوه ليذكروا أنهم كانوا غرباء، فيحيوا بروح الغربة. كان يليق بهم أن يبنوا المذبح ويحتفلوا بعيد المظال، حيث يتقدسون بدم المسيح، مدركين أنهم غرباء في هذا العالم. ويوافق عيد المظال ذكرى تدشين هيكل سليمان وحلول مجد الله فيه (1 مل 8: 2). اهتموا بتقديم محرقات (3: 3-6)، إذ هي محرقة وقود ورائحة سرور للرب" (لا 1: 13).
جاء العائدون من أرض السبي ليجدوا المدينة خرابًا والهيكل كأن لا وجود له، وقد حطَّم رعب الشعوب نفسية شعب الله. ليس من ملجأ لهم سوى الله نفسه.
أخذ زرُبابال التصريح من ملك فارس ببناء الهيكل بما فيه المذبح، لكن عند البناء كان لرئيس الكهنة أن يتقدمه.
محرقة يوم فَيَوْمٍ بالعدد: كان عيد المظال 7 أيام ثم يوم العيد الكبير، وكان لكل يوم عدد معين من الذبائح (عد 29: 13، 17).
وَبَعْدَ ذَلِكَ الْمُحْرَقَةُ الدَّائِمَةُ وَلِلأَهِلَّةِ وَلِجَمِيعِ مَوَاسِمِ الرّبِّ الْمُقَدَّسَة،ِ
وَلِكُلِّ مَن تبرَّعَ بِمُتَبَرَّعٍ لِلرَّبِّ [5].
"وبعد ذلك": من ذلك اليوم فصاعدًا كانوا يقدمون الذبائح يوميًا وفي رأس كل شهر.
"الأهلة ولجميع مواسم الرب": أي الأعياد المحددة.
ابْتَدَأُوا مِنَ الْيَوْمِ الأَوَّلِ مِنَ الشَّهْرِ السَّابِع،ِ
يُصْعِدُونَ مُحْرَقَاتٍ لِلرَّبِّ،
وَهَيْكَلُ الرَّبِّ لَمْ يَكُنْ قَدْ تَأَسَّسَ [6].
3. تأسيس الهيكل

وَأَعْطُوا فِضَّةً لِلنَّحَّاتِينَ وَالنَّجَّارِين،َ
وَمَأْكَلًا وَمَشْرَبًا وَزَيْتًا لِلصَّيْدُونِيِّينَ وَالصُّورِيِّينَ،
لِيَأْتُوا بِخَشَبِ أَرْزٍ مِنْ لُبْنَانَ إِلَى بَحْرِ يَافَا،
حَسَبَ إِذْنِ كُورَشَ مَلِكِ فَارِسَ لَهُمْ [7].
"حسب إذن كورش": لم يتسلط كورش على لبنان، لكنه أذن للإسرائيليين أن يتفاوضوا معهم للحصول على الأخشاب.
وَفِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ مَجِيئِهِمْ إِلَى بَيْتِ اللهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي،
شَرَعَ زَرُبَّابِلُ بْنُ شَأَلْتِئِيلَ وَيَشُوعُ بْنُ يُوصَادَاقَ
وَبَقِيَّةُ إِخْوَتِهِمِ الْكَهَنَةِ وَاللاَّوِيِّينَ وَجَمِيعُ الْقَادِمِينَ مِنَ السَّبْيِ إِلَى أُورُشَلِيمَ،
وَأَقَامُوا اللاَّوِيِّينَ مِنِ ابْنِ عِشْرِينَ سَنَةً فَمَا فَوْقُ،
لِلإِشْرَافِ عَلَى عَمَلِ بَيْتِ الرَّبِّ [8].
حسب ما ورد في (سفر العدد 4: 3، 23، 30، 35، 39، 43، 47) يلزم أن يكون اللاوي ليس بأقل من 30 سنة ولا أكثر من 50 سنة، وجاء في (عدد 8: 24-25) أن السن المطلوب هو 25 سنة حتى الخمسين، وفي 1 أي 23: 24، 27؛ 2 أي 31: 17؛ عز 3: 8 يبدأ بالعشرين عامًا دون وضع حد أقصى.
هذا الاختلاف نابع عن الظروف المحيطة، فمتى كانت هناك حاجة إلى لاويين والعدد غير كافٍ يُقبل السن الأصغر، ويُسمح بالعمل لمن هم فوق الخمسين القادرين على ممارسته.
وَوَقَفَ يَشُوعُ مَعَ بَنِيهِ وَإِخْوَتِهِ قَدْمِيئِيلَ وَبَنِيهِ بَنِي يَهُوذَا مَعًا،
للمناظرة على عَامِلِي الشُّغْلِ فِي بَيْتِ اللهِ،
وَبَنِي حِينَادَادَ مَعَ بَنِيهِمْ وَإِخْوَتِهِمِ اللاَّوِيِّينَ [9].
يلاحظ في توزيع العمل هنا حسن التخطيط، وتحديد المسئولين عن العمل والعائلات المسئولة عن الأشراف على العمل [9].
"للمناظرة"، أي عينوا اللاويين كمسئولين عن البناء والإشراف على العمال.
"في بيت الله" أي المكان المزمع أن يقام عليه بيت الله.
حيناداد لم يذكر في ص 2 ربما جاء من مكان آخر غير بابل أو كان مقيمًا في إسرائيل ولم يذهب إلى السبي.
4. احتفالات التأسيس

اجتمع النحاتون والبناؤن والنجارون مع الشعب في موقع العمل، وارتدى الكهنة ملابسهم الكهنوتية، وصاروا يبوقون علامة البهجة والتهليل. كان الاحتفال مهيبًا، وعّم الفرح بوضع أساسات البيت.
وَلَمَّا أَسَّسَ الْبَانُونَ هَيْكَلَ الرَّبِّ،
أَقَأمُوا الْكَهَنَةَ بِمَلاَبِسِهِمْ بِأَبْوَاق،ٍ
وَاللاَّوِيِّينَ بَنِي آسَافَ بِالصُّنُوجِ،
لِتَسْبِيحِ الرَّبِّ عَلَى تَرْتِيبِ دَاوُدَ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ [10].
كان البناء في الهيكل يتم وسط التسابيح والترانيم، والكل بملابسهم الكهنوتية، والكهنة بأبواقهم. ود قام داود بوضع نظام دقيق لهذه الأمور.
وَغَنُّوا بِالتَّسْبِيحِ وَالْحَمْدِ لِلرَّبِّ،
لأَنَّهُ صَالِحٌ لأَنَّ إِلَى الأَبَدِ رَحْمَتَهُ عَلَى إِسْرَائِيلَ.
وَكُلُّ الشَّعْبِ هَتَفُوا هُتَافًا عَظِيمًا بِالتَّسْبِيحِ لِلرَّبِّ
لأَجْلِ تَأْسِيسِ بَيْتِ الرَّبِّ [11].
كان البناء يتم وسط تسابيح الشكر والرجاء حتى يبارك الله العمل ويتممه.
5. دموع الرجاء مع دموع الحسرة

وَكَثِيرُونَ مِنَ الْكَهَنَةِ وَاللاَّوِيِّينَ وَرُؤُوسِ الآبَاءِ الشُّيُوخِ
الَّذِينَ رَأَوُا الْبَيْتَ الأَوَّلَ
بَكُوا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ عِنْدَ تَأْسِيسِ هَذَا الْبَيْتِ أَمَامَ أَعْيُنِهِمْ.
وَكَثِيرُونَ كَانُوا يَرْفَعُونَ أَصْوَاتَهُمْ بِالْهُتَافِ بِفَرَحٍ [12].
بين خراب الهيكل بيد البابليين وتجديده الآن حوالي 50 سنة؛ فمن المؤكد أن كبار السن يذكرون الهيكل القديم، وحينما رأوا الهيكل الجديد، وأنه ليس فخمًا مثل الهيكل السابق بكوا على مجدهم القديم الذي ضاع، وعلى يأسهم من أن يُبنى هيكل عظيم مثل السابق إلا أن هذا ليس مقبولًا. فالله الذي أسس الهيكل السابق قادر أن يعين في بناء الهيكل الجديد. ونحن ليس من المقبول أن نيأس مهما كان حجم العمل أمامنا ضخمًا، فالله هو الذي يعين وما علينا إلا أن نبدأ، والله يفرح ببداياتنا مهما كانت صغيرة (زك 6:4). يجب علينا أن نفرح ونسبح ونشكر الله على بدايات أعماله معنا. فإذا بدأ الله فسيكمل وإن كان هناك حزن وبكاء فليكن على خطايانا وإذا بكينا على خطايانا يتحول هذا إلى فرح (مز 30: 5).
كان أولى بهؤلاء الباكين أن يبكوا على خطاياهم التي سببت خراب الهيكل الأول.
وَلَمْ يَكُنِ الشَّعْبُ يُمَيِّزُ هُتَافَ الْفَرَحِ مِنْ صَوْتِ بُكَاءِ الشَّعْبِ،
لأَنَّ الشَّعْبَ كَانَ يَهْتِفُ هُتَافًا عَظِيمًا،
حَتَّى أَنَّ الصَّوْتَ سُمِعَ مِنْ بُعْدٍ [13].
* يا رب لن أتوقف عن تسبيحك، حتى بعد وفاتي.
من يحيا لك وبك لا يموت؛ ولا يقوَ صمت الموت على إسكاته.
إذن، فليتكلم بفمي، ليُكررّ بعد موتي في المستقبل.
القديس مار يعقوب السروجي
* التسابيح الهادئة تدخل بالفكر إلى حالة من الفرح والهدوء.
* إن التسبيح لله هو عمل خاص بالملائكة.
القديس باسيليوس الكبير
* أن تسبح معناه تقدم صلاة مضاعفة.
القديس أغسطينوس
* كن كالجندي واجعل الليلة موسيقية... ترنم بالروح وترنم بالفهم أيضا. اجعل ترنيمتك من وضع المرتل.
القديس جيروم
من وحي عزرا 3

لتسمر صليبك في داخلي!


* احملني معك إلى جبل الجلجثة.
هناك أجتمع مع كل إخوتي بروح واحدة.
نلتف حولك يا رئيس الكهنة الأعظم والذبيحة الفريدة.
تشفع فينا لدى أبيك،
وتقتنينا بدمك الثمين!
* لسنا بعد في حاجة إلى ذبائحٍ حيوانيةٍ،
فصليبك هو قوة الله للخلاص،
صليبك ينزع عنا روح العداوة،
ويقدمنا لله أبيك أبناء له.
* لتغرس صليبك في قلوبنا،
فنصير بالحق هيكلًا مقدسًا لك.
تسكن فيه مع أبيك القدوس وروحك القدوس.
لن يقدر عدو ما أن يرعبنا،
ولا فخ أن يصطادنا،
فإننا مختفون فيك، وأنت ساكن فينا.
* مع كل نسمة نذكر أننا غرباء،
لكن غربتنا تدفعنا للاحتفال بعيد لا ينقطع.
نغترب عن محبة العالم،
فتتعلق نفوسنا بسماواتك.
حياتنا عيد لا ينقطع،
فأنت هو عيدنا الدائم.
ملحق عزرا 3
مقارنة بين هيكل سليمان وهيكل زربابل

ردّ كورش ملك فارس آنية بيت الرب الثمينة





مقاومة عنيفة



لم يكن ممكنًا للشيطان أن يقف أمام هذا المنظر الرائع! مذبح الرب يُبنى، والكهنة مع الحكام والشعب يتهللون، حتى وإن امتزج بدموع المتحسرين على الهيكل القديم، أثار العدو أهل السامرة لمقاومتهم بأكثر من وسيلة.
الآن يد الله الصالحة التي استخدمت الكثير من الوسائل لعودتهم، سمحت بوجود هذه المقاومة، لأن بدونها لن نكتشف فسادنا الداخلي، فنرجع ونتمتع بالنصرات والأكاليل السماوية.
1. قاومهم السامريون وهم خليط من اليهود والأمم، لكي يطالبوا بالشركة في العمل، فإنهم يعبدون إله إسرائيل، لكنه كأحد الآلهة. كانت غايتهم لا الشركة في العمل بل تحطيم العمل من الداخل.
2. دُعي السامريون المقاومون "شعب الأرض" [4]، لا شعب الله، إذ ارتبطوا بالأرضيات لا الإلهيات. هكذا لا يطيق شعب الأرض الذي يضع قلبه في الأمور الزمنية شعب الله الذي يكرس قلبه لله.
3. قدم المقاومون شكاوى لدى قمبيز بن كورش، تحمل افتراءات كاذبة.
4. أخيرًا باستخدام بعض المشيرين للملك نال المقاومون القرار بوقف البناء.
يليق بنا ألا نخاف من المقاومة الخارجية، مهما بلغ خداعها أو عنفها، وإنما نحسبها دعوة لمراجعة نفوسنا، ونخاف من خطايانا التي هي العلة الحقيقية للفشل.



1. رفض شركة غير المخلصين

وَلَمَّا سَمِعَ أَعْدَاءُ يَهُوذَا وَبِنْيَامِينَ
أَنَّ بَنِي السَّبْيِ يَبْنُونَ هَيْكَلًا لِلرَّبِّ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ [1].
"أعداء يهوذا" السامريون وهم خليط من الأسباط العشرة ومن الشعوب الذين أتى بهم ملوك أشور وأسكنوهم في إسرائيل.
صارت عبادة أهل السامرة مزيجًا بين عبادة الله الحيّ والأصنام. وهم يمثلون خطرًا أكثر من الوثنيين، كما كانوا يحملون عداوة ضد يهوذا وأورشليم والهيكل أكثر منهم.
هذا الخلط بين الحق والباطل، يفسد القلب، ويحطم الإيمان بنوعٍ من الميوعة وعدم الجدية. وكما يقول الرسول بولس: "لا تكونوا تحت نيرٍ مع غير المؤمنين، لأنه أية خلطة للبرّ والإثم؟ وأية شركة للنور مع الظلمة، وأي اتفاق للمسيح مع بليعال؟ وأي نصب للمؤمن مع غير المؤمن؟ وأية موافقة لهيكل الله مع الأوثان؟ (2 كو 6: 14-16).
* ألا ترى أن "المعاشرات الرديئة تفسد الأخلاق الجيدة؟" بها لا تقدر أن تنطق بالإنجيل، وإنما تسمع كلمات الأوثان. بها تفقد الحق أن المسيح هو الله، وما تشربه هناك تتقيأه في الكنيسة.
القديس أغسطينوس
* شاب يصاحب شابًا للشر، فليبكِ عليهما المفرزون.
* أيها المحب لله، حين ترى المنافقين يتراشقون بألفاظ الغش والتدليس اهرب من هناك، لئلا يتعلق بأذنيك ألفاظهم القاتلة.
الشيخ الروحاني
* يقول الرسول: "أية شركة بين النور والظلمة"؟ حيث يوجد تناقض فاصل، ولا يمكن المصالحة بين النور والظلمة. فالشخص الذي يشترك في الاثنين معًا لا يساهم في شيءٍ، لأجل تعارضهما، وتناقض الواحد للآخر في نفس الوقت في حياته المشتركة. إيمانه يمد الجانب المنير، لكن عاداته المظلمة تطفئ مصباح العقل.
حيث أنه من الاستحالة ومن غير المعقول أن يتوافق النور والظلمة، فالشخص الذي يضم الاثنين معًا يصير عدوًا لنفسه، إذ ينقسم إلى طريقين بين الفضيلة والشر.
إنه يقيم معركة معادية في داخله. وذلك أنه إذ يوجد عدوان غير ممكن أن ينتصر الاثنان كل على الآخر (لأن نصرة أحدهما تسبب موتًا للثاني)، هكذا أيضًا تحدث الحرب الداخلية بالارتباك في حياته، ليس ممكنًا للعنصر القوي أن يغلب دون أن يتحطم الطرف الآخر تمامًا. كيف يمكن للجيش الموقر أن يكون أقوى من الشر، عندما تهاجمه كتيبة الشر المقاومة؟
إن كان يليق بالأقوى في طريق للنصرة أن يقتل العدو تمامًا، هكذا فإن الفضيلة سيكون لها النصرة على الشر فقط عندما يفسح لها العدو كله الطريق خلال اتحاد العناصر المعقولة ضد العناصر غير السليمة... إذ لا يمكن للصالح أن يوجد فيَّ ما لم يحيا خلال موت عدوّي.
يستحيل علينا أن نحتفظ بالمضادات التي نمسك بها بكلتا اليدين، إذ لا توجد شركة بين كلا العنصرين في ذات الكائن. إن كنا نقتني الشر نفقد القوة لاقتناء الفضيلة.
القديس غريغوريوس أسقف نيصص
"يهوذا وبنيامين": هم أغلبية العائدين الذين استطاعوا معرفة نسبتهم لآبائهم.
"بنى السبي يبنون هيكلًا:" صاروا يُدعون بني السبي، لأنهم أهملوا الهيكل سابقًا.
تَقَدَّمُوا إِلَى زربابل وَرُؤُوسِ الآبَاءِ وَقَالُوا لَهُمْ:
نَبْنِي مَعَكُمْ لأَنَّنَا نَظِيرَكُمْ،
نَطْلُبُ إِلَهَكُمْ، وَلَهُ قَدْ ذَبَحْنَا مِنْ أَيَّامِ أَسَرْحَدُّونَ مَلِكِ أَشُّورَ،
الَّذِي أَصْعَدَنَا إِلَى هُنَا [2].
جاءوا بكلمات معسولة تحمل سمًا قاتلًا، تعلن عن اشتهائهم في الشركة في بناء بيت الرب، لا لهدفٍ إلا تعطيل العمل، وإدخال العبادات الوثنية فيه.
"لأننا نظيركم"، لأنهم يتصورون أنهم يعبدون الله، لكن ديانتهم كان فيها القليل من عبادة الله والكثير من العبادة الوثنية.
لماذا رُفض طلب هؤلاء الذين سبق فذبحوا للرب في أيام أسرحدون ملك أشور أن يشتركوا في بناء بيت الرب؟
هؤلاء من منطقة السامرة الذين يكنون كل عداوة ليهوذا وبنيامين، هم من سلالة الشعوب التي استقرت في مملكة الشمال، بعث بهم ملوك أشور من مناطق مختلفة بعد ترحيل عدد كبير من الإسرائيليين إلى العاصمة سنة 722 ق.م. واختلطوا باليهود، فمزجوا بين عبادة الله الحي والعبادة الوثنية. جاء في سفر الملوك الثاني: "وأتى ملك أشور بقومٍ من بابل وكوث وعوَّا وحماة وسفروايم وأسكنهم في مدن السامرة عوضًا عن بني إسرائيل، فامتلكوا السامرة، وسكنوا في مدنها. وكان في ابتداء سكنهم هناك أنهم لم يتقوا الرب، فأرسل الرب عليهم السباع فكانت تقتل منهم...فأمر ملك أشور قائلًا ابعثوا إلى هناك واحدًا من الكهنة الذين سبيتموهم من هناك فيذهب ويسكن هناك ويعلمهم قضاء إله الأرض. فأتى واحد من الكهنة الذين سبوهم من السامرة، وسكن في بيت إيل وعلمهم كيف يتقون الرب. فكانت كل امة تعمل آلهتها ووضعوها في بيوت المرتفعات التي عملها السامريون كل أمة في مدنها التي سكنت فيها" (2 مل 17: 24-29).
فطلبهم بالشركة في البناء يبدو في الظاهر أن فيه إخلاص ومشاركة في العمل، لكنهم لم يحملوا ذات القناعة، ولا الولاء للكتاب المقدس كله، ولا الارتباط بيهوه وحده. أرادوا الشركة في العمل مع بقائهم يعبدون الأوثان ويرفضون الأسفار الأخرى غير أسفار موسى الخمسة. لقد شك زربابل في إخلاص السامريين من جهة إقامة عبادة الله الحي في نقاوة، وأن تقدمهم بالطلب يحمل نوايا سياسية خفية.

لقد أرادوا أن يساعدوا في البناء، بكونه مقدسًا لأحد الآلهة التي يتعبدون لها. لكن هذا المزج بين عبادة الله والعبادة الوثنية قد سبب خرابًا قبل السبي، ولم يرد يشوع وزرُبابل أن تتكرر هذه المأساة. كثيرًا ما تكون مساعدة العالم للكنيسة ثمنها باهظٌ للغاية (رؤ 2: 20). وفي نفس الوقت رفض قبول هذه المساعدة يولد روح مقاومة قاسية ضد الكنيسة.
كان هؤلاء من نسل الذين أصعدهم أسرحدون (آية 2) وأسنفر (آية 10)، وهؤلاء كان دينهم مزيجًا فيه شيء من تقوى الرب، ولكن أكثره أباطيل وثنية، ولذلك محا هؤلاء هوية إسرائيل (إش 8:7) والعداوة لشعب الله هي عداوة تقليدية نشأت منذ صارت هناك عداوة بين نسل المرأة ونسل الحية. وإبليس قطعًا سيقاوم بناء الهيكل وسيقاوم أي بناء لجسد المسيح.
فَقَالَ لَهُمْ زَرُبَّابِلُ وَيَشُوعُ وَبَقِيَّةُ رُؤُوسِ آبَاءِ إِسْرَائِيلَ:
لَيْسَ لَكُمْ وَلَنَا أَنْ نَبْنِيَ بَيْتًا لإِلَهِنَا،
وَلَكِنَّنَا نَحْنُ وَحْدَنَا نَبْنِي لِلرَّبِّ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ،
كَمَا أَمَرَنَا الْمَلِكُ كُورَشُ مَلِكُ فَارِسَ [3].
كان الردّ حازمًا، فإن الأمر بالبناء صدر من ملك فارس إلى الشعب اليهودي وحده. فإن أراد السامريون وغيرهم أن يشتركوا في العمل، فليرجعوا إلى ملك فارس. لا يمكن القول بأن هذا الردّ أدى إلى نوعٍ من العداوة بين الفريقين، إنما كشف عن الحقيقة الخفية، في قلوب الأعداء.
لم يكن ممكنًا قبول هذه الشركة التي لا تحمل روح القداسة ولا الإخلاص. "لأنه أية خلطة للبّر والإثم، وأية شركة للنور مع الظلمة، وأي اتفاق للمسيح مع بليعال، وأي نصيب للمؤمن مع غير المؤمن، وأية موافقة لهيكل الله مع الأوثان" (2 كو 6: 14-16). وكما قال القديس بطرس لسيمون الساحر: "ليس لك نصيب ولا قرعة في هذا الأمر، لأن قلبك ليس مستقيمًا أمام الله" (أع 8: 21).
"ليس لكم ولنا" رفض اليهود الاتحاد معهم، لأنهم عرفوا غايتهم.
ولكن اليهود لم يستطيعوا أن يقولوا السبب الحقيقي للرفض بسبب الخوف منهم، واكتفوا بقولهم إن الأمر ببناء الهيكل كان من الملك كورش لليهود فقط وليس لآخرين، فعليهم أن يلتزموا بالبناء وحدهم.
وَكَانَ شَعْبُ الأَرْضِ يُرْخُونَ أَيْدِيَ شَعْبِ يَهُوذَا،
وَيُذْعِرُونَهُمْ عَنِ الْبِنَاءِ [4].
"يرخون" ابتدأوا المقاومة، فظهرت حقيقة نواياهم، وأنهم لا يطلبون الرب ولا بناء بيته.
إذ كشفت إجابة زربابل ويشوع ما في قلب هذا الشعب المقاوم من خداع، صار هذا الشعب، "شعب الأرض"، مقاومًا لهم، تارة بالاستخفاف والتعطيل، وتارة بالتخويف. إن كان المؤمنون يُدعون "شعب الله"، فإن الأشرار بدورهم يُدعون "شعب الأرض" إذ ترتبط قلوبهم وأفكارهم بالأرضيات، وليس من موضع للسماويات في حياتهم.
وَاسْتَأْجَرُوا ضِدَّهُمْ مُشِيرِينَ
لِيُبْطِلُوا مَشُورَتَهُمْ كُلَّ أَيَّامِ كُورَشَ مَلِكِ فَارِسَ
وَحَتَّى مُلْكِ دَارِيُوسَ مَلِكِ فَارِسَ [5].
"استأجروا ضدهم مشيرين" في ديوان الملك وقصره ومن مشيريه. استطاع هؤلاء المشيرون المرتشون في أيام قمبيز بن كورش أن يقنعوه بإصدار أمر بوقف البناء، وتوقف فعلًا حتى ملك داريوس.
لو كان هؤلاء يريدون البناء فعلًا لما كانوا دفعوا رشاوى لوقف البناء.
"داريوس" هو داريوس هستاسب الذي أمر بإعادة البناء، ملك بعد أرتحشستا.
2. شكاوى باطلة

وَفِي مُلْكِ أَحْشَوِيرُوشَ فِي ابْتِدَاءِ مُلْكِه،ِ
كَتَبُوا شَكْوَى عَلَى سُكَّانِ يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ [6].
الآن يشرح الكاتب في شيءٍ من التفصيل ما ورد في الآية 5، حيث أبرز المقاومة.
يرى البعض أن كلمة أحشويرش وأيضًا أرتحششتا هما لقبان لملوك فارس، كما يُقال عن ملوك مصر "فراعنة". وان أحشويرش المذكور هنا هو قمبيز بن كورش (529-522 ق.م).
كلمة "شكوى": في العبرية سطنة أو شطنة، مشتقة من كلمة شيطان أو المشتكي.
واضح أن الآية 6 اعتراضية وسط الكلام، وضعها عزرا كمثالٍ آخر لمقاومة الأعداء الدائمة لعمل الله. غالبًا ما تشير إلى محاولة الأعداء لوقف بناء الأسوار، ويبدو أنهم نجحوا في مسعاهم هذا، وتوقف بناء الأسوار حتى حصل نحميا على إذن بالبناء من خليفة أحشويرش وهو أرتحششتا لونجيمانوس.
وَفِي أَيَّامِ أَرْتَحْشَسْتَا
كَتَبَ بِشْلاَمُ وَمِثْرَدَاثُ وَطَبْئِيلُ وَسَائِرُ رُفَقَائِهِمْ إِلَى أَرْتَحْششْتَا مَلِكِ فَارِسَ.
وَكِتَابَةُ الرِّسَالَةِ مَكْتُوبَةٌ بِالأراميَّةِ وَمُتَرْجَمَةٌ بِالأراميَّةِ [7].
استغل الأشرار موت كورش فاستأجروا ضدهم مشيرين من ديوان الملك لإيقاف العمل. وبالفعل أمر قمبيز بن كورش بإيقاف العمل.
معظم الأسماء مثل بشلام ومثردات أسماء أجنبية، وليست يهودية، فهم من الأمم الذين سكنوا في إسرائيل.
أرتحششتا المذكور هنا يُقصد به الملك المنتحل الذي اغتصب العرش وهو غومانا أو سمردس (522-521 ق.م). وقد نجحت مساعي الأعداء في إقناعه بأن يصدر مرسومًا بوقف البناء في الهيكل.
غالبًا كان هناك رسالتان في أيام أرتحششتا، الأولى من بشلام ورفقائه وهذه لم تسجل، والثانية من رحوم ورفقائه.
"طبئيل"، ربما يكون طوبيا العبد العموني الذي قاوم بناء السور على يد نحميا.
مكتوب بالأرامية ومترجم بالأرامية، أي بأحرف أرامية وباللغة الأرامية وليست بالفارسية، وابتداء من آية 8 وحتى (عز 6: 18) باللغة الأرامية. واللغة الأرامية هي لغة الحكومة ولغة التجارة الأجنبية وهي لغة الترجوم. استخدم عزرا الأرامية هنا لأنه يورد رسائل استحسن أن ينقلها كما كتبت بدون ترجمة.
رَحُومُ صَاحِبُ الْقَضَاءِ وَشِمْشَايُ الْكَاتِبُ،
كَتَبَا رِسَالَةً ضِدَّ أُورُشَلِيمَ إِلَى أَرْتَحْشَشتَا الْمَلِكِ هَكَذَا: [8]
هذه شكوى ثالثة كتبها رحوم صاحب القضاء وأمين سّر شمشاي، أرسلها باسم المستوطنين الذين أتى بهم ملك أشور للسكنى في مدن السامرة.
ورحوم صاحب القضاء تعني رئيس المراسيم أو حاكم البلاد ، وشمشاي كاتبه.
كَتَبَ حِينَئِذٍ رَحُومُ صَاحِبُ الْقَضَاءِ وَشِمْشَايُ الْكَاتِبُ وَسَائِرُ رُفَقَائِهِمَا الدِّينِيِّينَ
وَالأَفَرَسْتِكِيِّينَ وَالطَّرْفِلِيِّينَ وَالأَفْرَسِيِّينَ وَالأَرَكْوِيِّينَ وَالْبَابَلِيِّين،َ
وَالشُّوشَنِيِّينَ وَالدَّهْوِيِّينَ وَالْعِيلاَمِيِّين َ[9].
هم قبائل مختلفة من الشعوب التي أصعدها الآشوريون ليعيشوا في إسرائيل. لاحظ كثرة الأجناس التي تكون منها شعب السامرة.
الدينيونDinaites : ورد هذا الاسم في الترجمة العربية المتداولة بين أيدينا لقبيلة كانت تقطن في السامرة بدلًا من الإسرائيليين الذين ذهبوا إلى السبي. لكن جاءت معظم الترجمات الحديثة تتفق مع الترجمة السبعينية على أنها تعني "قضاة" أو الذين يدينون أو يحكمون في القضايا.
يرى البعض أنهم مستوطنون من Dayen، وهي بلد كثيرًا ما أُشير إليها في النقوش الأشورية على أنها على حدود كيليكيا وكبادوكيا.
يرى آخرون أنهم شعب أرسله الملك آشوربانيبال Osnappar الذي يُدعى أيضًا أسنفر Ashurbanipal لاستعمار مدن السامرة.
يرى آخرون أنهم ربما يكونون من الشعوب الأرمنية حيث عرفهم الأشوريون بأنهم Dayani.
الأفرستكيون - أفرسكيون: اختلفت الآراء حول هذا الشعب .
ا. يرى البعض أنهم قبيلة أو شعب جبلي يسكن ما بين مديان وفارس.
ب. يرى آخرون أنهم سكان إحدى مدينتين في مديان، أُشير إليهما في نقوش آسرحدون، تدعيان بارتاكا Partakka وبارتوكا Partukka.
ج. يرى آخرون أنهم ليسوا قبيلة معينة، وإنما جماعة من المواطنين تحت قيادة داريون
د. يرى آخرون أنها كلمة إيرانية قديمة aparasarka معناها "حاكم أقل".
الطرفليون Tarpelites: مستعمرون أقامهم ملك أشور في السامرة، يُظن أنهم قبيلة مديانية تُدعى Tapyri، في شرق عيلام Elymais.
يرى Rawlinson أنها قبيلة Tuplai التي وردت في النقوش لتعادل الكلمة اليونانية Tibarenoi، وهي قبيلة على ساحل بنتس. ويرى Hitzig أنها في طرابلس Tripolis في شمال فينيقية.
يرى آخرون أن الكلمة لا تحمل معنى عرقيًا (للأجناس)، وإنما هو اسم خاص ببعض الضباط الفارسيين في السامرة. كما يرى البعض أن الكلمة الأشورية معناها "كتبة الألواح"، أي تشير إلى فئة تمارس وظيفة معينة.
الأفرسيون Aphorsites: يظن البعض أنهم قبيلة ميدية، ورد ذكرها في نقوش سنحاريب باعتبارهم سكان إقليم بارستو. ويرى البعض أنه يُقصد بهم الفارسيون.
العيلاميون Elamites: سكان إقليم عيلام (تك 10: 22).
أركيون Archevites: هم سكان أرك (تك 10:10).
الشوشنيون Susanchites: شعب من شوشن، عاصمة عيلام. تقع جنوب غربي بلاد فارس بالقرب من نهر أولاي، ويدعى حاليًا نهر قارون.
الدهويون Dehavites: من الجماعات التي سباها أسنفر (أشور بانيبال) ملك أشور، وأسكنهم في مدن السامرة.
وَسَائِرِ الأُمَمِ الَّذِينَ سَبَاهُمْ أُسْنَفَّرُ الْعَظِيمُ الشَّرِيفُ،
وَأَسْكَنَهُمْ مُدُنَ السَّامِرَةِ،
وَسَائِرِ الَّذِينَ فِي عَبْرِ النَّهْرِ وَإِلَى آخِرِهِ [10].
أسنفر: غالبًا ما يُقصد به أشوربانيبال الذي ملك في أشور سنة 668 - سنة 626 ق.م. وكان هذا ملكًا عظيمًا، عُرف بطغيانه، حارب أخاه والي بابل الذي كان قد عصاه وحارب عيلام فلعله الملك الذي نفي بعض البابليين والشوشنيين (سكان شوشن) أسكنهم مدن السامرة، وقد يكون هو أسرحدون نفسه أو قائدًا أنابوه لهذه العملية.
3. افتراءات كاذبة

هَذِهِ صُورَةُ الرِّسَالَةِ الَّتِي أَرْسَلُوهَا إِلَيْهِ إِلَى أَرْتَحْشَشتَا الْمَلِكِْ:
عَبِيدُكَ الْقَوْمُ الَّذِينَ فِي عَبْرِ النَّهْرِ إِلَى آخِرِهِ [11].
في عبر النهر، أي ما غرب نهر الفرات.
لِيُعْلَمِ الْمَلِكُ أَنَّ الْيَهُودَ الَّذِينَ صَعِدُوا مِنْ عِنْدِكَ إِلَيْنَا،
قَدْ أَتُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ،
وَيَبْنُونَ الْمَدِينَةَ الْعَاصِيَةَ الرَّدِيئَةَ،
وَقَدْ أَكْمَلُوا أَسْوَارَهَا،
وَرَمَّمُوا أُسُسَهَا [12].
اليهود: أطلق هذا الاسم أولًا على أهل المملكة الجنوبية أي يهوذا وبنيامين وبعد العودة من السبي صار اسمًا لكل اليهود من كل الأسباط.
اليهود الذين صعدوا من عندك، أي الذين عادوا من السبي.
يُعتبر أول افتراء هو تغافلهم في شكواهم أمر كورش ببناء بيت الرب، وحسبوا أن العائدين من السبي عصاة ومتمردين، جاءوا ليبنوا المدينة العاصية الشريرة.
الافتراء الثاني: ادعاؤهم أن القادمين من السبي قد أكملوا أسوارها ورمموا أسسها، مع أنهم لم يفعلوا شيئًا سوى وضع أساسات الهيكل.
العاصمة الرديئة إشارة إلى تاريخ أورشليم التي عصت ملوك أشور وبابل قديمًا.
أَنَّهُ إِذَا بُنِيَتْ هَذِهِ الْمَدِينَةُ،
وَأُكْمِلَتْ أَسْوَارُهَا،
لاَ يُؤَدُّونَ جِزْيَةً وَلاَ خَرَاجًا وَلاَ خِفَارَةً،
فَأَخِيرًا تَضُرُّ الْمُلُوكَ [13].
الافتراء الثالث: نجد هنا أن أعداء اليهود يصورون للملك أن اليهود يبنون الأسوار ليمتنعوا عن دفع الجزية، بينما هم يبنون الهيكل الآن وليس الأسوار. ادعاؤهم أنهم لا يؤدون الجزية ولا الخراج ولا الخفارة [13]، مع أنهم لم يمتنعوا عن هذا كله. الجزية ما يدفع للملك، والخراج هو الرسوم على التجارة وغلة الأرض للإنفاق على المحاكم المحلية. والخفارة هي الرسوم على عابري الطرق لأجل إصلاحها ودفع مرتبات رجال أمن الطرق.
لاحظ أن أعداء اليهود في رسالتهم يهولون الأمور، ويبالغون حتى يثيروا الملك ضدهم، فقد اشتهر الفرس بأنهم مولعون بتحصيل الضرائب والجزية لينفقوا على جيوشهم الجرارة.
لقد اعتاد الأعداء على ترديد الأكاذيب ضد المؤمنين، وإثارة الملوك ضد الكنيسة وضد شعب الله. إنها حيلة دائمة، وقد فعل اليهود ذلك ضد المسيح حين اتهموه بأنه عدو لقيصر.
4. مداهنة السلطات

وَالآنَ بِمَا إِنَّنَا نَأْكُلُ مِلْحَ دَارِ الْمَلِكِ،
وَلاَ يَلِيقُ بِنَا أَنْ نَرَى ضَرَرَ الْمَلِكِ،
لِذَلِكَ أَرْسَلْنَا، فَأَعْلَمْنَا الْمَلِك [14].
إنهم يثنون على الملك، ليس مديحًا فيه، وإنما لتحقيق هدفهم من المقاومة، ووقف بناء الهيكل.
"نأكل ملح دار الملك" تعبير أنهم في خدمة الملك، وأنهم يتقاضون مرتباتهم من دار الملك، فلا يليق بهم أن يروا ضرر الملك ولا يخطروه، إنما يلزمهم أن يكونوا أمناء من نحو من يرعى حياتهم. هكذا حاولوا أن يستروا غايتهم الحقيقية.
في نفس الوقت يقدمون تفسيرًا خاطئًا لتصرفات الراجعين من بابل أنهم يسببون ضررًا للملك، الأمر الذي لا يُسكت عليه. العجيب أن هذا الاتهام قائم عبر العصور، حيث تُتهتم الكنيسة في اهتمامها بالعبادة لله أنها تسبب ضررًا للدولة، وأنه تمرد على الحكام. هذا ما نادت به السلطات اليهودية حين قدمت السيد المسيح لمحاكمته: "إن أطلقت هذا، فلست محبًا لقيصر" (يو 19: 12).
لنلاحظ أن من يأكل ملح دار الملك يجد نفسه ملزمًا بهذا، فكم وكم نحن الذين نلنا كل خيراتنا من الله، يكون مجد الله هو هدفنا.
5. بلد متمرد منذ القدم

لِيُفَتَّشَ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ آبَائِكَ،
فَتَجِدَ فِي سِفْرِ الأَخْبَارِ،
وَتَعْلَمَ أَنَّ هَذِهِ الْمَدِينَةَ مَدِينَةٌ عَاصِيَةٌ وَمُضِرَّةٌ لِلْمُلُوكِ وَالْبِلاَدِ،
وَقَدْ عَمِلُوا عِصْيَانًا فِي وَسَطِهَا مُنْذُ الأَيَّامِ الْقَدِيمَةِ،
لِذَلِكَ أُخْرِبَتْ هَذِهِ الْمَدِينَةُ [15].
استغل الأعداء بعض الأحداث القديمة، مثل تمرد يهوياقيم على نبوخذنصر، فصعد عليه وقيده بسلاسل وقادة إلى بابل. من مثل هذا الحادث صّور الأعداء الموقف في أورشليم موقف تمرد على فارس، يُفهم منه الرغبة في إقامة مملكة لإسرائيل يمكنها أن تسيطر على المنطقة، فلا يكون لفارس سلطان على كل الأمم التي في نهر النهر. كأن نية الذين يبنون بيت الله، هي التمتع بالسلطة، وسحب سلطة فارس من المنطقة.
سفر الأخبار، أي سجلات الحكومة.
للملوك والبلاد، أي الملوك وغيرهم من حكام البلاد الذين كانوا تحت سلطة الملك أرتحششتا.
وَنَحْنُ نُعْلِمُ الْمَلِكَ ،
أَنَّهُ إِذَا بُنِيَتْ هَذِهِ الْمَدِينَةُ وَأُكْمِلَتْ أَسْوَارُهَا،
لاَ يَكُونُ لَكَ عِنْدَ ذَلِكَ نَصِيبٌ فِي عَبْرِ النَّهْرِ [16].
هنا مكر الحية، فلو فُرِض أن اليهود بنوا أسوار أورشليم، فهل يمنع هذا كل البلاد غرب نهر الفرات من دفع الجزية، هذا لن يتم إلا بتكوين دولة يهودية كبيرة تسيطر على كل ما في غرب النهر، وهذا هو التهويل لإثارة الملك.
6. الأمر بوقف البناء

فَأَرْسَلَ الْمَلِكُ جَوَابًا:
إِلَى رَحُومَ صَاحِبِ الْقَضَاءِ وَشَمْشَايَ الْكَاتِبِ،
وَسَائِرِ رُفَقَائِهِمَا السَّاكِنِينَ فِي السَّامِرَةِ،
وَبَاقِي الَّذِينَ فِي عَبْرِ النَّهْرِ.
سَلاَمٌ إِلَى آخِرِهِ [17].
بعث الملك الشرير رسالة إلى رحوم وشمشاي ورفقائهما لبحث الأمر، والتأكد مما جاء في رسالتهم له، مع إعطائهم سلطة لإيقاف العمل.
وثق الملك في خدامه غير الأمناء، وجعل من الخصوم حكامًا وقضاة ومنفذين للحكم. وكما يقول الحكيم: "الحاكم المٌصغي إلى كلام كذب كل خدامه أشرار" (أم 29: 12).
الحاكم أو القائد الشرير في أية جماعة يمثل بؤرة تضم أشرارًا يشاركونه شره، وبمشورتهم الشريرة يدفعونه بالأكثر إلى الشر.
فعندما طلب يربعام وكل إسرائيل من رحبعام بن سليمان أن يخفف النير عنهم، استشار أحداثًا غير حكماء، وأجاب: "إن خنصري أغلظ من مَتُنَي أبي... أبي أدَّبكم بالسياط، وأما أنا فبالعقارب" (2 أي 10:10-11) فانقسمت المملكة، واعتزله عشرة أسباط.
* المشير الأحمق حارس أعمى، والمشير الحكيم حصن للثقة.
القدِّيس مار اسحق السرياني
الرِّسَالَةُ الَّتِي أَرْسَلْتُمُوهَا إِلَيْنَا،
قَدْ قُرِئَتْ بِوُضُوحٍ أَمَامِي [18].
وَقَدْ خَرَجَ مِنْ عِنْدِي أَمْرٌ،
فَفَتَّشُوا وَوُجِدَ أَنَّ هَذِهِ الْمَدِينَةَ مُنْذُ الأَيَّامِ الْقَدِيمَةِ تَقُومُ عَلَى الْمُلُوكِ،
وَقَدْ جَرَى فِيهَا تَمَرُّدٌ وَعِصْيَانٌ [19].
وَقَدْ كَانَ مُلُوكٌ مُقْتَدِرُونَ عَلَى أُورُشَلِيمَ،
وَتَسَلَّطُوا عَلَى جَمِيعِ عَبْرِ النَّهْر،ِ
وَقَدْ أُعْطُوا جِزْيَةً وَخَرَاجًا وَخِفَارَةً [20].
فَالآنَ أَخْرِجُوا أَمْرًا بِتَوْقِيفِ أُولَئِكَ الرِّجَالِ،
فَلاَ تُبْنَى هَذِهِ الْمَدِينَةُ،
حَتَّى يَصْدُرَ مِنِّي أَمْرٌ [21].
لا نستطيع أن ننكر الجوانب الطيبة في الرسالة، والتي بلا شك هي عطية من يد الله الصالحة على شعبه. فالأمر صدر بوقف البناء وليس هدم مبني، وهو وقف مؤقت، وفي نفس الوقت لم يأمر برجوع العائدين من بابل إلى بلاد السبي كما كانوا عليه قبلًا.
"حتى يصدر مني أمر" إذا لم يغلق الباب نهائيًا فجاء من بعده وأعطى الأمر وها هي يد الله تعمل.
لقد خالف هذا الملك شريعة مادي وفارس التي لا تُنسخ (دا 6: 8). لم يحترم منشور الملك كورش، ولا التزم بشريعة الإمبراطورية.
ربما كان هذا الوقف تأديبًا من الله بسبب عدم قداسة الشعب، أو اهتمامهم ببيوتهم أكثر من الاهتمام ببيت الرب، كما يظهر في الأصحاح التالي.
* دُعي الشيطان قويًا ليس لأنه بالطبيعة هو هكذا، إنما بالإشارة إلى سلطانه الذي صار له بسبب ضعفنا.
القديس يوحنا الذهبي الفم
فَاحْذَرُوا مِنْ أَنْ تَتَهَاوَنُوا عَنْ عَمَلِ ذَلِكَ.
لِمَاذَا يَكْثُرُ الضَّرَرُ لِخَسَارَةِ الْمُلُوكِ؟ [22]
الملك أرتحششتا كممثل لإبليس عدو المؤمنين يطلب من خدامه ألا يتهاونوا في مقاومتهم، حاسبًا أن كل تهاون معهم هو خسارة خطيرة لمملكته. حرب عدو الخير ضد الإنسان لن تتوقف.
* كما إن الرب يلقي الشبكة ويصطاد عددًا ضخمًا من السمك، وتلاميذه كصيَّادي سمك يجمعون الذين يَقبلون الإيمان به خلالهم ويحضرونهم إليه، هكذا أيضًا إبليس له شيَّاطينه الخاضعة له الذين ينصبون الشباك للناس ويقتادونهم إليه.
القديس جيروم
* تحسدنا الأرواح الشريرة منذ أن عرفت أننا حاولنا أن نرى عارنا وخزينا، وقد بحثنا عن طريقة للهروب من أعمالهم التي يعملونها معنا، ولم نحاول فقط أن نرفض مشورتهم الشريرة التي يزرعونها فينا، بل أن كثيرين منا يهزأون بحيلهم. والشياطين تعرف إحسان خالقها في هذا العالم، وقد حُكم عليهم بالموت، وأعد لهم جهنم ليرثوها بسبب غفلتهم وكثرة خبثهم.
القديس أنبا أنطونيوس الكبير
حِينَئِذٍ لَمَّا قُرِئَتْ رِسَالَةُ أَرْتَحْشَشْتَا الْمَلِكِ،
أَمَامَ رَحُومَ وَشِمْشَايَ الْكَاتِبِ وَرُفَقَائِهِمَا،
ذَهَبُوا بِسُرْعَةٍ إِلَى أُورُشَلِيمَ إِلَى الْيَهُود،ِ
وَأَوْقَفُوهُمْ بِذِرَاعٍ وَقُوَّةٍ [23].
"بذراع وقوة" يقف الشيطان بكل قوته لمنع العمل.
لماذا توقف البناء؟ هل هذا يرجع لقوة المقاومة؟ بالحري لتراخي من يبني، إذ لم يصلوا ولا صاموا، وظلوا في حالة تراخٍ إلى أن قام حجي النبي وزكريا ابن عدو النبيان وكلماهم بعنفٍ.
وقف المرتل في دهشة أمام عمل الله العجيب، وسط المعركة التي بين الله وإبليس. رأى نفسه عصفورًا لا حول له ولا قوة. لا يقدر أن يفلت من فخ الصيادين، أي إبليس وملائكته، لكن القدير أعانه، فكسر له الفخ وأطلقه حرًا. ترنم المرتل، قائلًا:"انفلتت أنفسنا مثل العصفور من فخ الصيَّادين، الفخ انكسر ونحن انفلتنا، عوننا باسم الرب الصانع السماوات والأرض" (مز 123: 7).
* ما هو الفخ الذي انكسر؟ يقول الرسول:" (الرب) سيسحق الشيطان تحت أرجلكم سريعًا" (رو 16: 20)، "فتستفيقوا من فخ إبليس" (2 تي 2: 26). ها أنتم ترون الشيطان هو الصيَّاد، يشتاق أن يصطاد نفوسنا للهلاك. الشيطان هو سيِّد فخاخ كثيرة، وخداعات من كل نوع... متى كنَّا في حالة النعمة تكون نفوسنا في أمان. لكن ما أن نلهو بالخطيَّة، حتى تضطرب نفوسنا وتصير كسفينة تلطمها الأمواج.
القديس جيروم
حِينَئِذٍ تَوَقَّفَ عَمَلُ بَيْتِ اللهِ الَّذِي فِي أُورُشَلِيم،َ
وَكَانَ مُتَوَقِّفًا إِلَى السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ مُلْكِ دَارِيُوسَ مَلِكِ فَارِسَ [24].
توقف العمل ولكن إلى حين، فإن كانت العلة الحقيقية هي الفساد الداخلي، فإن الله واهب النصرة يسمح بالجراحات والهزيمة المؤقتة حتى يرجع أولاده إليه فيقدم لهم النصرة.
* في اللحظة التي فيها لا نزال وسط المعركة نُحارب ونُجرح، نسأل أنفسنا: من الذي يغلب؟
الغالب أيها الإخوة هو ذاك الذي يعتمد على الله الذي يسنده وهو يحارب، ولا يعتمد على قوته. للشيطان خبرته في الحرب، لكن إن كان الله معنا فسنغلبه. يحارب الشيطان بذاته، فإن حاولنا أن نفعل ذات الأمر، فسيغلبنا. إنه مُحارب مُختبر، لهذا يليق بنا أن نستدعي القدير ليقف ضده.
ليقطن فيك ذاك الذي لا يُغلب، فستغلب ذاك الذي اعتاد أن ينتصر. من هم الذين يغلبهم؟ أولئك الذين قلوبهم فارغة من الله.
* يعرف الله سعيكم وإرادتكم الصالحة، وينتظر جهادكم، ويسند ضعفكم، ويكلل نصرتكم.
القديس أغسطينوس
من وحي عزرا 4

لتتبدد الغيمة ويشرق نورك علينا!


* إبليس عدونا لن يتوقف عن مقاومتنا.
يصب علينا اتهامات لا حصر لها.
يبث ضدنا افتراءات لا أساس لها.
يستخدم كل وسيلة لتحطيم عملنا في ملكوتك.
عنفه لا يوصف، وقسوته لا تُقدر!
* في وسط هذه المعركة وإن ظن العدو أنه قد غلب،
فسرّ نصرته ضعفنا وليس قوته.
خطيتنا هي طريق نجاحه.
لتعمل نعمتك فينا،
وليشرق نورك علينا.
تقدسنا، فنتمتع بقوتك.
نختفي فيك، فننال النصرة!
* لك المجد يا من تسمح لنا بالهزيمة إلى حين،
لك المجد يا من تدعونا للنصرة الأبدية!
صالح أنت يا أيها القدوس!
أنت هو سرّ نصرتنا ونجاحنا.
_____


رد مع اقتباس
قديم 09 - 10 - 2022, 11:36 PM   رقم المشاركة : ( 2 )
الوردة الذهبية Female
سراج مضئ | الفرح المسيحى

الصورة الرمزية الوردة الذهبية

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 125192
تـاريخ التسجيـل : Sep 2022
العــــــــمـــــــــر : 40
الـــــدولـــــــــــة : سوريا
المشاركـــــــات : 711

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

الوردة الذهبية غير متواجد حالياً

افتراضي رد: ردّ كورش ملك فارس آنية بيت الرب الثمينة

يعطيكم العافية
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
دانيال النبي | الثلاثة ملوك الذين كانوا يحكمون في فارس بعد كورش
كورش رجل وثني، ملك على فارس 20 سنة
سفر عزرا 1: 2 هكذا قال كورش ملك فارس جميع ممالك الارض
عزرا 1 :2 هكذا قال كورش ملك فارس جميع ممالك
2اخبار 36 :23 هكذا قال كورش ملك فارس ان الرب اله السماء


الساعة الآن 05:48 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024