منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09 - 10 - 2018, 02:58 PM   رقم المشاركة : ( 11 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,207,419

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: شرح مثل الابن الضال

ومن الملاحظ أنه أذله[3]، لأنه لم يعطيه ليأكل


كصديق أو حتى ليحيا كمجرد عامل عنده بالأُجرة، لأنه اشتهى طعام الخنازير الذي لم يستطع أن يحصل عليه، فالجوع جعله يهبط لهذا المستوى المُريع ولم يجد لهُ مُعين أو سند، فالكل تخلى عنه تماماً وتركه وحيداً ليواجه مصيره.
وبسبب الجوع القاسي


هَبط من مستوى طلب طعام الإنسان الطبيعي لتصير شهوة جوعه تجاه طعام الحيوان نفسه، وليس أي حيوان، لأنه ينبغي أن نفهم لماذا قال الرب الخنازير، لأن اليهودي حينما يسمع كلمة خنزير يشمئز، لأن الخنزير عنده من الحيوانات النجسة جداً[4]، ولا يقبل يهودي أن يقع على ملابسه ظل خنزير، والعمال الذين يعملون في هذه الحظائر يعتبروا مُحتقرون من الناس جداً لأنهم يعملون في الدنس والنجاسة (فاليهودي الأصيل لا يعمل في تلك الأماكن)، فكم يكون حال الذين يشتهون طعام الخنازير، وهذا يوضح حالة الهوان الشديد والهبوط المريع الذي وصل له حال هذا الابن ذو المكانة الرفيعة للغاية، الشريف الأصل، لأنه كان في بيت أبيه مُكرَّم، عنده من يخدمه ويعتني به عناية فائقة، لكنه الآن أصبح بلا كرامة.
+ قَدْ أَخْطَأَتْ أُورُشَلِيمُ خَطِيَّةً مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ صَارَتْ رَجِسَةً. كُلُّ مُكَرِّمِيهَا يَحْتَقِرُونَهَا لأَنَّهُمْ رَأُوا عَوْرَتَهَا وَهِيَ أَيْضاً تَتَنَهَّدُ وَتَرْجِعُ إِلَى الْوَرَاءِ. (مراثي 1: 8)
  رد مع اقتباس
قديم 09 - 10 - 2018, 02:59 PM   رقم المشاركة : ( 12 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,207,419

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: شرح مثل الابن الضال

وهذا بالطبع نتيجة حال من يتعلَّق قلبه بمسرات وملذات هذا العالم
الحاضر الشرير ويترك بيت أبيه السماوي ويذهب يركض وراءه، فأنه يجذبه بشدة حتى يتمكن منه تماماً، ويملك على قلبه، ومن ثمَّ يسحقه سحقاً حتى يجعله يشتهي ما هو دنيء ولا يجده، فيقع تحت سلطانه كسيد يستعبده بالموت، لذلك أتى شخص ربنا يسوع: (لـ) يُعْتِقَ أُولَئِكَ الَّذِينَ خَوْفاً مِنَ الْمَوْتِ كَانُوا جَمِيعاً كُلَّ حَيَاتِهِمْ تَحْتَ الْعُبُودِيَّةِ (عبرانيين 2: 15)، فالخوف من الموت يجعل الإنسان يُذل تحت نير العبودية المُرة، لأنه واقع تحت حركات شهوات الجسد التي تُحارب النفس[5]؛ فالرب قصد يتكلم عن الجوع، لأنه سبب جوهري لضياع النفس، لأن الجوع هو الذي يجعل الإنسان يُذل، لذلك مكتوب: النفس الشبعانة تدوس العسل وللنفس الجائعة كل مُرّ حلو (أمثال 27: 7)، لأن من الجوع يُزل الإنسان، حتى أنه ممكن أن يأكل أي شيء ولو كان من المزبلة، ومن هنا يأتي الصوم لتربية وتهذيب الجسد لكي نخضعه للروح: أُقمع جسدي واستعبده حتى بعدما كرزت للآخرين لا أصير أنا نفسي مرفوضاً؛ أعرف أن اتضع، وأعرف أيضاً أن أستفضل في كل شيء، وفي جميع الأشياء قد تدربت أن أشبع وأن أجوع وأن أستفضل وأن أنقص[6].
(1كورنثوس 9: 27؛ فيلبي 4: 12)
  رد مع اقتباس
قديم 09 - 10 - 2018, 02:59 PM   رقم المشاركة : ( 13 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,207,419

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: شرح مثل الابن الضال

ولتُلاحظ عزيزي القارئ أنه حينما يلتصق الإنسان بآخر غير الله


فأنه يُذل ذُلاً، لأن كل ما يلتصق به الإنسان يصير معه واحداً، يتبعه ويسير وراءه منقاداً تحت تصرفه، لأنه سلَّم نفسه إليه بالتمام، فأصبحت إرادته مُقيده، مثل من ربط حبلاً برقبة البقرة أو الثور ليسحبه لأي مكان يُريد كما شاء، وهو يستنزف قوته في استغلاله في الأعمال الشاقة والحقيرة التي لا يقوى عليها أو يقبل بها أي إنسان، وفي النهاية يذبحه ويأكله أو يبيعه ويتربح منه، لأن متى سُلبت الإرادة بسبب الحاجة والعوز، فأنها لا تُسترد طالما الحاجة هي المسيطر الأول على النفس ومُحركها، لأن بسب احتياجنا تُسلب منا إرادتنا ولا تُسترد، إلا في حالة انتهاء الحاجة وانتفاء الشهوة، والشهوة لا تنتفي إلا بموت الجسد، لذلك مكتوب: الَّذِينَ هُمْ لِلْمَسِيحِ قَدْ صَلَبُوا الْجَسَدَ مَعَ الأَهْوَاءِ وَالشَّهَوَاتِ (غلاطية 5: 24)، ومن هنا لا يوجد سبب لسلب الإرادة وفقدان الحكمة، لأن الإنسان ميت عن الخطايا والذنوب، فلا يوجد حاجة عنده (من جهة الأهواء في داخل قلبه) لتداعبه الخطية وتجذبه منها، لأن الإنسان ينخدع إذا انجذب من شهوته، لأنها الحَبل الذي يُقيده ويسحبه نحو استهلاك طاقاته واستنزاف قدراته الروحية، حتى يفقد التعقل والاتزان فينسى نفسه تماماً، ويسير في الظلمة أعمى مُنساقاً إلى هاوية الموت بكل جهل وطياشة لأن الشهوة تجعل الحكيم جاهل.
+ هذا طريقهم اعتمادهم (أو هذا هو مصير الجُهال الواثقين في أنفسهم) وخلفاؤهم يرتضون بأقوالهم (يستحسنون أقوالهم ويتبعون طرقهم)، مثل الغنم للهاوية يساقون، الموت يرعاهم (أو راعيهم) ويسودهم المستقيمون غداة (يسود المستقيمون عليهم)، صورتهم تبلى، الهاوية (تصير) مسكن لهم. (مزمور 49: 13، 14)
  رد مع اقتباس
قديم 09 - 10 - 2018, 02:59 PM   رقم المشاركة : ( 14 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,207,419

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: شرح مثل الابن الضال

عموماً هذا المثل هو قصتي وقصتك منذ حدث السقوط الأول الذي كان لآدم،


بل هي أيضاً قصة الإنسان المسيحي المختبر حياة التبني، حينما يعوَّج قلبه ويسير وفق حاجاته مرتداً عن حياة التقوى ليعود لحماقته الأولى مُشتهياً حياة العالم ومسراته ليحيا مثل باقي الناس، وبكون طبيعته ليست من هذا العالم لذلك يُسلب منه كل شيء سريعاً، التقوى والأخلاق الرفيعة تنهار، ويتعرى من النعمة وكساء مجده في المسيح الرب، لأن العالم مثل الإسفنجة التي تمتص الماء بسرعة مذهلة، هكذا كل من يندمج ويضع قلبه في الشهوات والمسرات والأشياء التي في العالم ويحبها ويحاول أن يكتنزها ويُعطيها شرعية أنها من الله، فأنها سرعان ما تأكله أكلاً وتبتلعه بلعاً، فتمتص منه كل فضيلة، وتسلبه التقوى وكل العطايا الإلهية وطاقاته الروحية، وحتى المحبة الإلهية تُسلب منه والإيمان نفسه يبدأ في الانهيار، ثم يبدأ في الانعزال التام عن الكنيسة وينفصل عن الرأس، ومن ثمَّ يظهر الارتداد عن الله الحي في عدم إيمان.
v كَمَا يَعُودُ الْكَلْبُ إِلَى قَيْئِهِ هَكَذَا الْجَاهِلُ يُعِيدُ حَمَاقَتَهُ؛ قَدْ أَصَابَهُمْ مَا فِي الْمَثَلِ الصَّادِقِ: «كَلْبٌ قَدْ عَادَ إِلَى قَيْئِهِ، وَخِنْزِيرَةٌ مُغْتَسِلَةٌ إِلَى مَرَاغَةِ الْحَمْأَةِ» (أمثال 26: 11؛ 2بطرس 2: 22)
v الْمُعْتَزِلُ يَطْلُبُ شَهْوَتَهُ. بِكُلِّ مَشُورَةٍ يَغْتَاظُ؛ وَلَكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُجَرَّبُ إِذَا انْجَذَبَ وَانْخَدَعَ مِنْ شَهْوَتِهِ؛ لاَ تُحِبُّوا الْعَالَمَ وَلاَ الأَشْيَاءَ الَّتِي فِي الْعَالَمِ. إِنْ أَحَبَّ أَحَدٌ الْعَالَمَ فَلَيْسَتْ فِيهِ مَحَبَّةُ الآبِ؛ وَالْعَالَمُ يَمْضِي وَشَهْوَتُهُ، وَأَمَّا الَّذِي يَصْنَعُ مَشِيئَةَ اللهِ فَيَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ. (أمثال 18: 1؛ يعقوب 1: 14؛ 1يوحنا 2: 15، 17)
v انظروا أيها الإخوة ألا يكون في أحدكم قلب شرير بعدم إيمان في الارتداد عن الله الحي. بل عظوا أنفسكم كل يوم ما دام الوقت يدعى اليوم لكيلا يُقسى أحد منكم بغرور الخطية. لأننا قد صرنا شركاء المسيح أن تمسكنا ببداءة الثقة ثابتة إلى النهاية. إذ قيل اليوم أن سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم كما في الإسخاط. فمن هم الذين إذ سمعوا اسخطوا أليس جميع الذين خرجوا من مصر بواسطة موسى. ومن مقت أربعين سنة أليس الذين أخطأوا الذين جثثهم سقطت في القفر. ولمن أقسم لن يدخلوا راحته إلا للذين لم يطيعوا. فنرى أنهم لم يقدروا أن يدخلوا لعدم الإيمان. (عبرانيين 3: 12 – 19)
  رد مع اقتباس
قديم 09 - 10 - 2018, 02:59 PM   رقم المشاركة : ( 15 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,207,419

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: شرح مثل الابن الضال

فمن الرغبة والميول الدفينة


يبدأ الإنسان في حالة من الفتور وهو في داخل الكنيسة أو سط إخوته المؤمنين بالمسيح الرب، فهو ليس بارداً ولا حاراً، لكنه يصير في حالة من الميوعة الغير مقبولة لا لنفسه ولا عند الله ولا حتى عند الناس، لأنه سيكون مثل هذا الابن الذي يعيش في بيت أبيه قبل أن يخرج منه، فهو يُطالب بميراثه، ثم يشعر أن ليس له حاجة لأبيه، ولا معنى أن يمكث في نفس ذات البيت إلى الأبد، فلا بُدَّ من أن يخرج، وذلك بكونه صار غنياً وقد استغنى لأنه حصل على العطايا، فانعزل وطلب شهوته، وكل مشورة صالحة رفضها رفضاً لأنه لا يستطيع أن يسمع لآخر سوى نفسه وطالباتها المُلحة، لأن من طلبات النفس وشهوتها يُمسك لجام الإنسان فينساق وراء مشورة نفسه، لذلك مكتوب:
+ أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ، أَنَّكَ لَسْتَ بَارِداً وَلاَ حَارّاً. لَيْتَكَ كُنْتَ بَارِداً أَوْ حَارّاً. هَكَذَا لأَنَّكَ فَاتِرٌ، وَلَسْتَ بَارِداً وَلاَ حَارّاً، أَنَا مُزْمِعٌ أَنْ أَتَقَيَّأَكَ مِنْ فَمِي. لأَنَّكَ تَقُولُ: إِنِّي أَنَا غَنِيٌّ وَقَدِ اسْتَغْنَيْتُ، وَلاَ حَاجَةَ لِي إِلَى شَيْءٍ، وَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ أَنْتَ الشَّقِيُّ وَالْبَائِسُ وَفَقِيرٌ وَأَعْمَى وَعُرْيَانٌ. أُشِيرُ عَلَيْكَ أَنْ تَشْتَرِيَ مِنِّي ذَهَباً مُصَفًّى بِالنَّارِ لِكَيْ تَسْتَغْنِيَ، وَثِيَاباً بِيضاً لِكَيْ تَلْبَسَ، فَلاَ يَظْهَرُ خِزْيُ عُرْيَتِكَ. وَكَحِّلْ عَيْنَيْكَ بِكُحْلٍ لِكَيْ تُبْصِرَ. إِنِّي كُلُّ مَنْ أُحِبُّهُ أُوَبِّخُهُ وَأُؤَدِّبُهُ. فَكُنْ غَيُوراً وَتُبْ. هَئَنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ. إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ الْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي. (رؤيا 3: 16 – 20)
__________________
[1] من يتكل على غناه يسقط اما الصديقون فيزهون كالورق (أمثال 11: 28)
[2] طوبى للرجل الذي جعل الرب متكله ولم يلتفت إلى الغطاريس والمنحرفين إلى الكذب (مزمور 40: 4)
[3] صَارَ مُضَايِقُوهَا رَأْساً. نَجَحَ أَعْدَاؤُهَا لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ أَذَلَّهَا لأَجْلِ كَثْرَةِ ذُنُوبِهَا. ذَهَبَ أَوْلاَدُهَا إِلَى السَّبْيِ قُدَّامَ الْعَدُوِّ (مراثي 1: 5)
[4] والخنزير لأنه يشق الظلف لكنه لا يجتر فهو نجس لكم فمن لحمها لا تأكلوا وجثثها لا تلمسوا (تثنية 14: 8)
[5] أيها الأحباء أطلب إليكم كغرباء ونزلاء أن تمتنعوا عن الشهوات الجسدية التي تُحارب النفس (1بطرس 2: 11)
[6] أَعْرِفُ كَيْفَ أَعِيشُ فِي الْعَوَزِ، وَكَيْفَ أَعِيشُ فِي الْوَفْرَةِ فَإِنِّي، فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَفِي جَمِيعِ الأَحْوَالِ، مُتَدَرِّبٌ عَلَى الشَّبَعِ وَعَلَى الْجُوعِ، وَعَلَى الْعَيْشِ فِي الْوَفْرَةِ أَوْ فِي الْعَوَزِ (فيلبي 4: 12)
  رد مع اقتباس
قديم 09 - 10 - 2018, 03:05 PM   رقم المشاركة : ( 16 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,207,419

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: شرح مثل الابن الضال

اليقظـــــــــــــــة


شرح مثل الابن الضال




+ وَكَانَ يَشْتَهِي أَنْ يَمْلَأَ بَطْنَهُ مِنَ الْخُرْنُوبِ الَّذِي كَانَتِ الْخَنَازِيرُ تَأْكُلُهُ، فَلَمْ يُعْطِهِ أَحَدٌ، فَرَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ وَقَالَ: كَمْ مِنْ أَجِيرٍ لأَبِي يَفْضُلُ عَنْهُ الْخُبْزُ وَأَنَا أَهْلِكُ جُوعاً!
ومن هنا تبدأ اليقظة،
لأنه حينما احتاج لم يُعطى وعاش في الهوان يشتهي طعام الخنازير، وهذه هي خدعة الخطية وخدعة العالم، لأن الجذب يأتي من الحاجة – كما تم شرحه سابقاً – لأن الإنسان ينجذب وينخدع من شهوته[1]، والشهوة متى كمُلت تلد الموت الناتج من طرد النور وامتصاص الحياة من النفس وسلب قوت حياتها الخاص، لتفتقر جداً وتهبط لبرودة الجحيم فتفقد حرارة المحبة الأولى وغيرتها الصالحة، ومن ثمَّ تحيا في المذلة إذ تفقد كرامتها وعزتها.
فكل ما في العالم شهوة جسد وشهوة عيون وتعظم معيشة،
وهم – بطبعهم – يجذبون الإنسان ويسودون عليه حتى يتملكون منه بالتمام إلى أن يفقد عقله وتعقله واتزانه النفسي [ابكِ على الميت لأنه فقد النور، وابكِ على الأحمق لأنه فقد العقل (سيراخ 22: 10)]، فيتعرى من التقوى ويصير مثل المجنون طاعناً نفسه بأوجاع كثيرة، وذلك بطياشة ركضه وراء كل ما هو غريب عن طبعه السماوي، ثم – في النهاية – يُترك في حالة من خجل العُري لأنه لا يحصل على شيء، بل يصير في فقر عظيم، فيجد أن كل ما ناله قبض الريح ولا منفعة تحت الشمس لأن الكل باطل.
+ وَرَفَضُوا فَرَائِضَهُ وَعَهْدَهُ الَّذِي قَطَعَهُ مَعَ آبَائِهِمْ، وَشَهَادَاتِهِ الَّتِي شَهِدَ بِهَا عَلَيْهِمْ، وَسَارُوا وَرَاءَ الْبَاطِلِ، وَصَارُوا بَاطِلاً وَرَاءَ الأُمَمِ الَّذِينَ حَوْلَهُمُ، الَّذِينَ أَمَرَهُمُ الرَّبُّ أَنْ لاَ يَعْمَلُوا مِثْلَهُمْ؛ «بَاطِلُ الأَبَاطِيلِ» قَالَ الْجَامِعَةُ. «بَاطِلُ الأَبَاطِيلِ الْكُلُّ بَاطِلٌ»؛ رَأَيْتُ كُلَّ الأَعْمَالِ الَّتِي عُمِلَتْ تَحْتَ الشَّمْسِ فَإِذَا الْكُلُّ بَاطِلٌ وَقَبْضُ الرِّيحِ؛ ثُمَّ الْتَفَتُّ أَنَا إِلَى كُلِّ أَعْمَالِي الَّتِي عَمِلَتْهَا يَدَايَ وَإِلَى التَّعَبِ الَّذِي تَعِبْتُهُ فِي عَمَلِهِ، فَإِذَا الْكُلُّ بَاطِلٌ وَقَبْضُ الرِّيحِ وَلاَ مَنْفَعَةَ تَحْتَ الشَّمْسِ؛ مَنْ يُحِبُّ الْفِضَّةَ لاَ يَشْبَعُ مِنَ الْفِضَّةِ، وَمَنْ يُحِبُّ الثَّرْوَةَ لاَ يَشْبَعُ مِنْ دَخْلٍ. هَذَا أَيْضاً بَاطِلٌ. (2ملوك 17: 15؛ جامعة 1: 2، 14؛ جامعة 2: 11؛ جامعة 5: 10)
  رد مع اقتباس
قديم 09 - 10 - 2018, 03:06 PM   رقم المشاركة : ( 17 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,207,419

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: شرح مثل الابن الضال

ونحن الآن علينا أن نعي القانون الذي يحكم العالم الساقط،
لأننا نجد دائماً حينما نضع أقدامنا على قمة هذا العالم، لا نشتهي ولا نُريد منه شيئاً، العالم بشهواته ونزواته يُلاحقنا ويلهث وراءنا محاولاً – باستماته – أن يُغرينا بشتى الطرق لكي يجذبنا إليه ومن ثمَّ يُسقطنا من النعمة التي فيها نحن مُقيمون (رومية 5: 2)، وحينما نلتفت لندائه ونركض وراءه ونسعى إليه بكل شغف وحماسة، يهرب منا ويفلت من بين أيدينا كالماء، لكي نظل مشغولين منغمسين في سعي دائم نحوه لا ينقطع، مثل من يربط جزرة شهية ويعلقها بعصى أمام عين الحصان ليظل يركض وراءها بلا طائل، إذ يظن بسعيه إليها وركضه المُستميت نحوها أنه سينالها سريعاً كمكافأة لمجهوده المُضْنىً، فيستمر في الركض ويُزيد دون أن ينتبه أنهُ مُقيد بعربة يجرها ويخدم سيدها، لأن انشغاله واهتمامه بالحصول على ما يشتهيه جعله لا ينتبه لعبوديته، لذلك ستظل شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة، السلاح الفتاك لهلاك النفس، لأنه يُشغلها حتى تصير في حالة من الإلهاء عن حياتها الحقيقية لتظل تحت نير العالم الموضوع في الشرير، وفي النهاية لن تحصل إلا على الهلاك جوعاً.
  رد مع اقتباس
قديم 09 - 10 - 2018, 03:06 PM   رقم المشاركة : ( 18 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,207,419

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: شرح مثل الابن الضال

وفي أحداث هذا المثل نجد أن التدني والحاجة والعوز،
هما من جعلوا الابن يسترد وعيه ليعود ليفكر في طياشة أفعاله ويستفيق من غفوته، فقد تذكر حاله السابق قبل انعزاله عن أبيه وخروجه من بيته، فهو في كورة بعيدة مُشرداً جائعاً ولا يهتم به أحد ليعطيه ولو طعام الحيوان نفسه، لأن كان له ذكريات غنى لا تُنسى، فالإنسان الذي ذاق الغنى وتربى في بيت أبيه الصالح، هو وحده مَن يشعر بشدة فقره وعوزه والحال المُذري الذي وصل إليه، وهذا يختلف تمام الاختلاف عن من تربى وعاش في الهوان من نعومة أزفاره، فبكونه عاش عبداً فقيراً تحت المذلة منذ البداية، فهو لا يشعر بمثل شعور هذا الابن إطلاقاً، الذي في وقت المحنة والجوع تذكر بيت أبيه الذي فيه حتى الخُدام والأُجراء لا يجوعون، بل يتبقى عنهم الخبز، وهو الآن يهلك من الجوع الشديد ولا يجد من يُعطيه ولو كسرة واحدة من طعام الخنازير، لأن طبيعة النفس الجائعة أنها دائماً تجد كل مُر حلو أمام عينيها، لأنها تُريد أن تشبع بأية طريقة مُمكنه، لذلك كان يشتهي أن يأكل طعام الخنازير التي كانت تعتبر حيوانات حقيرة للغاية لأنها في نظر الجميع نجسة.
  رد مع اقتباس
قديم 09 - 10 - 2018, 03:06 PM   رقم المشاركة : ( 19 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,207,419

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: شرح مثل الابن الضال

فمن المستحيل يوجد إنسان يبحث عن الشبع وهو لا يشعر بالجوع، كما أنه من المستحيل أن يذهب للطبيب وهو لا يشعر بالمرض، فالنفس الواعية التي تفتقر للغنى السماوي هي وحدها التي تطلبه وتسعى إليه، لذلك حينما جاع الابن فكر في بيت أبيه وعادت إليه ذكرياته التي أثارت وحركت أشواقه كلها، بل وقد ألهبت قلبه وأشعلته، فقرر ترك هذه الحالة ليرجع مرة أخرى لأبيه.
ومن الضرورة أن نعي أن القرار هنا ليس بالكلام ولا بمجرد أفكار وتوارد خواطر وهياج عاطفي وأحلام وتمنيات،
بل كان بالعمل والحركة الفعلية وقطع الرحلة مهما ما كلف الأمر، لأن الموضوع خطير لأنه يخص حياته على المستوى الشخصي، وذلك بكونه يهلك جوعاً ولا يوجد ما يُشبع نفسه أو يوجد أحد يُعطيه شيئاً في المكان الذي يعيش فيه، وقد شارف على الموت، فالإنسان حينما يواجه الخطر ويوضع على محك الموت فأنه يحاول أن يجد المخرج بشكل غريزي تلقائي، لذلك حينما تواجه الابن مع محنة الهلاك جوعاً، ظهر نور في ذاكرته جعله يتخذ قرار العودة بشكل جاد بلا أدنى تأخير.
  رد مع اقتباس
قديم 09 - 10 - 2018, 03:06 PM   رقم المشاركة : ( 20 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,207,419

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: شرح مثل الابن الضال

ويلزمنا هنا أن نعي تعبير "فرجع إلى نفسه"
لأن الإشارة هنا تدل على أنه عاد أو رجع بعد ذلك مباشرة، وهذا يعني أنه وجد نفسه الضائعة لأنه استفاق من غفوته، فالمعنى هنا القصد منه الوصول، أو انفتاح البصيرة، أو نور تخلل الظلمة، والنور هنا بمثابة العودة للرشد، بمعنى أنه عاد إلى رشده، أي رجع إليه عقله، أو استنار عقله، لأنه استيقظ من غفوته واسترد وعيه، رجَع إلى طبيعته وعاد إلى صوابه، لأنه مكتوب: فاحترزوا لأنفسكم لئلا تثقل قلوبكم في خمار وسكر وهموم الحياة فيصادفكم ذلك اليوم بغتة (لوقا 21: 34)، لأن من المعروف أن الإنسان حينما ينشغل بمشاكل الحياة وهمومها، فأنه ينغمس ويغرق فيها، فينسى حياته تماماً ويفقد أبديته، مثل من يشرب الخمر الكثير فيسكر ويغفو غفواً فينام نوماً ثقيلاً، ولا يستيقظ منه بسهولة إطلاقاً.
+ إذ الجسد الفاسد يثقل النفس والمسكن الأرضي يخفض العقل الكثير الهموم؛ وهموم هذا العالم وغرور الغنى وشهوات سائر الأشياء تدخل وتخنق الكلمة فتصير بلا ثمر؛ والذي سقط بين الشوك هم الذين يسمعون ثم يذهبون فيختنقون من هموم الحياة وغناها ولذاتها ولا ينضجون ثمراً. (الحكمة 9: 15؛ مرقس 4: 19؛ لوقا 8: 14)
  رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
يصوِّر مثل الابن الضال مشاعر الله الذي يريد أن يردَّ الضال
هذا اللطف نراه في معاملة الأب مع الابن الضال، وأخيه الضال الأكبر
الصوم الكبير† انجيل الابن الضال بصوت معزى الانبا رافائيل † احد الابن الضال
من هو الابن الضال في قصة الابن الضال ؟ الاصغر ام الاكبر ولماذا ( دعوة عامة للحوار)
فرحة التوبة - الابن الضال (الابن الشاطر أو الابن المحب)


الساعة الآن 02:31 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024