منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 11 - 02 - 2014, 03:57 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,207,031

كتاب قايين وهابيل لقداسة البابا شنودة الثالث
هابيل البار و قايين القاتل
هابيل: أول من وصف بأنه بار (عب 11: 4)
وأخوه قايين: أول قاتل على الأرض (تك 4: 8)
لا شك أن قصة قايين وهابيل، هي من القصص المؤثرة، أنها تمثل أول حادث قتل يحدث بين أخين بل بين شقيقين، من أب واحد وأم واحدة، ولم يكن يوجد في الأرض أخوة غيرهما..!
كيف دخلت الخطية؟ وكيف بدأت، وكيف تطورت؟ وماذا كانت نتائجها؟
لقد ولد قايين ميلادًا حسنا، سمى قايين. لأن أمه اعتبرت أنها قد اقتنته من الرب (تك 4: 1)، أي حصلت عليه من الرب.. وكان قايين عاملًا في الأرض، وكان أخوه هابيل راعيًا للغنم.

كتاب قايين وهابيل لقداسة البابا شنودة الثالث
وظل هذان الأخوان يعيشان معًا في هدوء، إلى أن دخل بينهما نوع من التنافس.. لقد قدم كل منهما قربانًا للرب فقبل الرب قربان هابيل، ولم يقبل قربان قايين. فغضب قايين على أخيه هابيل وقتله..
مشكلة هابيل، إنه إنسان مقبول من الرب!
هكذا كانت مشكلة مريم أيضًا، التي اختارت النصيب الصالح، وجلست عند قدمي المسيح، فرضى عنها. واستاءت أختها مرثا ووجهت إليها اللوم وغضبت عليها..!
ما ذنب مريم، إذا جلست عند قدميّ المسيح ورضى عنها، وما ذنبها إذا كان عمل مرثا ليس في مستوى عملها؟!
قايين وجد أن قربانه غير مقبول كأخيه، فدخله الحسد.. وكان هذا الحسد بدء الشر الذي دخل قلبه، وانتهى به إلى قتل أخيه. وربما كان الحسد أيضًا هو الذي دفع الشيطان إلى إسقاط آدم وحواء، إذ رأى أن الله قد أحبهما وباركهما، وأعطاهما سلطانًا ومركزًا، وقد خلقهما على صورته ومثاله، فحسدهما الشيطان،، دبر خطته لإسقاطهما. ولذلك نقول في القداس الإلهي "والموت الذي دخل إلى العالم بحسد إبليس، هدمته.."
مساكين هم الأشخاص الذين يسيرون في طريق الرب، لأن الشر يتضايق من نجاحهم ومحبة الله لهم. فيدبر لهم ما يشاء أن يدبر.. إنه حسد الشياطين وأعوانهم..
سواء في ذلك آدم، الذي حسده الشيطان في الجنة.. أو هابيل البار، الذي قدم لله قربانًا أفضل من أخيه قايين، فحسده أخوه وقتله
أو داود إذ مسحه صموئيل ملكًا، ونجح في حياته، فتضايق أخوته، فتضايق أيضًا شاول الملك، وحسده، ودبر لقتله..
أو يوسف الصديق، إذ كان إنسانًا موهوبًا، محبوبًا عند أبويه، فحسده أخوته، وباعوه كعبد.
أو السيد المسيح نفسه، الذي كان يجول يصنع خيرًا: فإذ رأى الكهنة أن " الكل قد ساروا وراءه"، حسدوه، وجمعوا عليه شهود زور، وإتهموه باطلًا، قدموه للصلب..
رد مع اقتباس
قديم 11 - 02 - 2014, 03:59 PM   رقم المشاركة : ( 2 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,207,031

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب قايين وهابيل لقداسة البابا شنودة الثالث

الأخوة الأوائل
وهكذا كانت مشكلة هابيل، أن قربانه كان مقبولًا أمام الله، فتضايق أخوه، ويقول الكتاب في ذلك:
" فإغتاظ قايين جدًا، وسقط على وجهه" (تك 4: 5).
إذن قايين لم يكن يسعى إلى محبة الله، وإلى إرضاء قلب الله، إنما كان يبحث عن كرامته الشخصية ورضاه عن نفسه وعن مركزه.

كتاب قايين وهابيل لقداسة البابا شنودة الثالث
لو كان يبحث عن محبة الله، لكان في حالة رفض الله لقربانه، يفتش كيف يرضى الرب، ولا مانع من أن يغير قربانه، ويقدم ذبيحة كهابيل، ويحسن تصرفه. ولعل هذا ما قصده الرب بقوله: " إن أحسنت، أفلا رفع" (ع 7) أي أفلا يرتفع وجهك، إن أحسنت التصرف، وإن أحسنت التقدمة، وإن أحسنت التفكير والشعور..
كانت أمامه فرصة لتحسين موقفه، ولكنه لم يستغلها، ولم يستفد من توجيه الرب، الذي تنازل وكلمه
كان أمامه أن يتضع، ويشعر أن قربانه " من ثمار الأرض " ليس هو حسب مشيئة الرب، وإنما مشيئة الرب هي أن يقدم ذبيحة، محرقة سرور للرب، كما فعل أخوه البار هابيل. ولكن قايين لم يشأ أن يعترف بينه وبين نفسه أنه مخطئ في تقدمته، وأنه يجب أن يسلك كأخيه. إنما ركز على كرامته.
كانت ذاته تتعبه. وليته كان يحب ذاته محبة سليمة!
إن الذي يحب ذاته محبة حقيقية طاهرة من الكبرياء والعناد، لا مانع مطلقًا من أن يصحح لهذه الذات أخطاءها، ويعمل على تطهيرها من نجاساتها. أما محبة الذات الممتزجة بالكبرياء، فإن كبرياءها تعميها عن رؤية أخطائها، فتظل كما هي، وتصر على سلوكها..!
وهكذا كان قايين، محبته لذاته، حطمت هذه الذات..
محبة جاهلة، غير حكيمة، لا تعرف النافع لها من الضار.. وقديمًا فكر الشيطان في ذاته، فقال " أصعد إلى السموات، وأرفع كرسي فوق كواكب الله.. أصير مثل العلى" (أش 14: 13، 14) . وبهذه المحبة الخاطئة لنفسه، ضيع نفسه..
وبالمثل أحب الإنسان الأول ذاته محبة خاطئة. وإذ أراد أن يصير مثل الله عارفًا الخير والشر، أضاع هذا الإنسان نفسه، وطرد من الجنة، ودخل في حكم الموت.
قايين أيضًا ركز كل تفكيره في ذاته، كيف يتفوق على أخوه ويحظى برضى الرب؟!.. فرأى أن يتخلص من أخيه..
يتخلص من هذا البار، الذي كلما يراه تصغر نفسه ويشعر أنه أقل.. ورأى أنه إذا تخلص منه، لا يبقى أمامه شخص أفضل، يثير حسده.
كانت كبرياء الذات، أهم عنده من نقاء الذات.
لقد نبهه الرب إلى أن هناك "خطية رابضة". وقال له بكل وضوح " وإن لم تحسن، فعند الباب خطية رابضة، وإليك اشتياقها، أنت تسود عليها". مازال في متناول يدك أن تتخلص منها..
إن الخطية مازالت على باب فكرك، وعلى باب قلبك، وعلى باب إرادتك. ومازالت إرادتك في يدك، وأنت تسود عليها.. فاحذر لنفسك قبل أن تتورط..
  رد مع اقتباس
قديم 11 - 02 - 2014, 04:01 PM   رقم المشاركة : ( 3 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,207,031

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب قايين وهابيل لقداسة البابا شنودة الثالث

تحذيرات الله قبل الخطية
ما أعمق هذا الحنو، في معاملة الله للخطاة..
إنه يظهر لقايين، أول إنسان هلك على الأرض. ويكلمه، ويشرح له التجربة التي أمامه، وينصحه، بل ويناقشه أيضًا: "لهذا سقطت على وجهك؟ ليس السبب راجعًا إلى أخيك، بل يرجع إليك أنت نفسك. إنك لم تحسن التصرف. وإن أحسنت سيرتفع وجهك. علاج مشكلتك في أن تغير مسلكك وتحسن التصرف، وليس في أن تستسلم للخطية.. احترس لنفسك عند باب قلبك وفكرك توجد خطية رابضة. حاول أن تنتصر عليها. فأنت مازلت تسود عليها..
حنو من الله، أن يظهر للخاطئ، ويشرح له، ويحذره قبل أن يسقط، ويريه طريق التخلص من خطيته، ويسنده بنصائحه في وقت تجربته ومحاربة العدو له.

كتاب قايين وهابيل لقداسة البابا شنودة الثالث
قد يخطئ البعض، ويظن أن الله لا يظهر إلا للقديسين!
إن ظهوره لقايين قبل سقوطه في خطية القتل، وتحذيره له، إنما هو مثال عجيب لمحبة الله وطول أناته، في العهد القديم، بل منذ بدء الخليقة..
وكأنه يقول لقايين: تعال يا حبيبي، لماذا أنت مغتاظ، ولماذا يسقط وجهك؟ أنا أريد أن أخلصك من غمك، وأعيد إليك سلامك. إن الخطية هي التي أفقدتك سلامك. تخلص منها، يرجع إليك سلامك..
لا تظن أن هابيل هو سبب متاعبك.. كلا، إن متاعبك سببها الخطية الرابضة. فافحص نفسك جيدًا...
سبب متاعبك، يكمن في طريقة نظرتك إلى الأمور وفي ردود الفعل داخلك إزاء نجاح أخيك
لو كانت في قلبك محبة، لكنت تفرح وتسر، إن رضى الرب على أخيك، فلا تغتم ولا تغتاظ. بالمحبة، تفرح لفرح أخيك، وتفرح لرضى الرب عليه..
لكن قايين لم يفرح لفرح أخيه، ولقبول قربانه..
مثاله كان الابن الأكبر الذي لم يفرح إذ قبل الأب أخاه الأصغر، وألبسه الحلة الأولى، وجعل خاتمًا في أصبعه، وذبح له العجل المسمن. (لو 15: 27، 28)
ذلك الأخ أيضًا اغتاظ، ولم يكن قلبه مستقيمًا تجاه أخيه، وكان يفكر في ذاته وليس في أخيه، ونفس الحسد أتعبه..
حقا، إنها قصة متكررة، تحدث في كل جيل، سببها عدم نقاوة القلب والاستسلام لمشاعر الغيرة.
لماذا يكون نجاح أخيك، له رد فعل خاطئ في قلبك؟! " كان ينبغي أن تفرح وتسر " لأن الله قبل قربان هابيل كان ينبغي أن تفرح أيضًا لأن هابيل قد كشف لك الطريق الصالح الذي يرضى الرب، حتى تسير فيه أنت أيضًا، وتحصل على نفس الرضى والقبول
العجيب أن قايين، بعد أن كلمه الله، لم يستجب لكلمة الله، ولم يفتح لها قلبه، بل فتحه للخطية..
بعد أن نصحه الرب، لم يستفد من النصيحة، إنما تورط في الخطية، وبالأكثر، وقام على أخيه فقتله!
إنه يذكرنا بالشيطان في قصة أيوب الصديق، لما وقف أمام الله، ولم يستفِد من وجوده في حضرة الله شيئًا وخرج من عند الله لكي يتعب أيوب الكامل والمستقيم، ويهدم له بيته، ويقتل أولاده ويضيع كل غناه وبعد أن وقف ثانية أمام الله ازداد في شره، وضرب أيوب بقرح رديء، دون أن يستفيد شيئًا من اللقاء مع الله وسماع كلمته..!
يذكرنا أيضًا بيهوذا الإسخريوطي، الذي لم يستفد من عشرته للسيد المسيح، ولا من أكله معه، وغمسه لقمته في نفس صحفته، ولم يستفد من كلام الرب وتحذيراته، وقام بعد العشاء ليخون سيده ويسلمه!
وسائط النعمة يستفيد منها من يشاء، ويرفضها من يشاء إنها لا ترغم الإنسان على عمل الخير.
الشاب الغنى، تقابل مع السيد الرب، وسمع نصيحة نافعة من فمه الإلهي، ولكنه بعد سماعها مضى حزينًا، ولم يقل الكتاب إنه نفذ شيئًا من تلك النصيحة.
أمر محزن ومخجل، أن يسمع إنسان نصيحة من فم الرب نفسه، ثم يمضى حزينًا، ولا ينفذ هكذا قايين أيضًا.
إذن، فلا يجوز أن يحتج أحد ويقول "مشكلتي الوحيدة هي عدم وجود مرشدين روحيين ولو كان لي مرشد روحي حكيم، لصرت قديسًا".. هوذا أمامنا أمثلة لأشخاص أرشدهم الرب نفسه ولم يستفيدوا، لأن القلب رافض أن يستجيب، مثل الأرض التي ألقى عليها البذار الرب نفسه، فأنتجت شوكًا.. أو سمحت للشوك أن يخنق زرعها، وللطير أن يلتقط بذارها..
لقد تقابل قايين مع الرب، وللأسف لم يستفد. سعى الرب إليه وأراه الطريق، ولكنه رافض أن يسير في طريق الرب، ولم يستجب إلا لفكر قلبه الرديء.
  رد مع اقتباس
قديم 11 - 02 - 2014, 04:02 PM   رقم المشاركة : ( 4 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,207,031

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب قايين وهابيل لقداسة البابا شنودة الثالث

الحسد والغيرة
المشكلة تكمن في عدم وجود استعداد داخلي.
لا تقل "إنني أذهب إلى الكنيسة ولا أستفيد".. لأن غيرك يذهب ويستفيد. لو كنت تريد أن تستفيد لاستفدت. إن لم تستفد من القداس، يمكنك أن تستفيد من العظة وإن لم تستفد من العظة، يمكنك أن تستفيد من مجرد القراءات، بل من مجرد الوجود في الكنيسة في جو روحي.. بل يمكنك أن تستفيد -لو أردت- من منظر الأيقونات، ومن الشموع.. أو على الأقل تخلو إلى نفسك مع الله، ولو لُحيظات..

كتاب قايين وهابيل لقداسة البابا شنودة الثالث
إذا لم تكن له أذنان للسمع، فلم يسمع..
ربما أثناء حديث الرب معه، كان منشغلًا بالغيرة التي في قلبه، وكان الحسد يسد أذنيه، وكان الانفعال الداخلي أعلى صوتًا في القلب، كانت ذاته حائلًا يحجب حكمة الوصية والنصيحة..
"وكلم قايينهابيل" (تك 4 : 8). ترى ماذا قال له؟
أتراه قال له "هيا بنا إلى الحقل، نقضى الوقت بعيدًا عن الأسرة معًا.. بعيدًا عن ملاحظة الأبوين".. على أية الحالات، لم يكن هابيل ينتظر خيانة من أخيه قايين. إنه شقيقه، ويمكن أن ينام إلى جواره ويغمض عينيه، دون أن يخشى شرًا، في ثقة بهذه الأخوة.. لو كان في قلبه أدنى شك من جهته لاحترس منه. ولكن حينما يأتي الشر ممن هم فوق مستوى الشك، حينئذ تكون المأساة أعمق وأكثر تأثيرًا في النفس..
وقام قايين على هابيل أخيه وقتله". وهكذا تطورت به الخطية من سيء إلى أسوأ، وهو مستسلم لها.
تطور من غيره إلى حسد، إلى غيظ، إلى حقد، إلى فكر الشر، إلى تدبيره وتنفيذه، إلى قتل أخيه وبعد أن كانت الخطية رابضة عند الباب، دخلت إلى قلبه، وسيطرت على فكره ومشاعره وأعصابه وانفعالاته.
وبعد أن كان يسود عليها، صارت تسود عليه..
ودفعته الخطية في طريقها، فخضع لها ونفذها.. وحينما نفذ اختفت من أمامه كل المثل: لا محبة، ولا شفقة، ولا إرضاء الله..
وربما ظن قايين، أنه لا يوجد أحد يراه..
وأنه سوف لا يعلم أحد بجريمته، وأنه قد تخلص من هذا المتفوق الذي تصغر نفسه أمامه، إن صوت هابيل قد سكت إلى الأبد وهابيل البار، لم يستطيع أن يدافع عن نفسه.
  رد مع اقتباس
قديم 11 - 02 - 2014, 04:03 PM   رقم المشاركة : ( 5 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,207,031

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب قايين وهابيل لقداسة البابا شنودة الثالث

انتصار الشر على الخير انتصار مؤقت
وهكذا بدا أن الشر قد انتصر على الخير..
وبدا أن الخير لم يستطع أن يدافع، فهزمه الشر..
نعم، إن الشر في الأرض، يبدو دائمًا أكثر جرأة، وأكثر تسلطًا. يعرف أن يضرب، ويعتدي، ويقتل.. والطرق أمامه مفتوحة كلها، بعكس الخير الذي يعف عن كثير من الوسائل يستخدمها الشر.
إن قصة قايين وهابيل، ترينا مدى إمكانيات الشر..

كتاب قايين وهابيل لقداسة البابا شنودة الثالث
الشر يستطيع أن يدبر مؤامرات، وأن يخدع، وأن يتعدى، وأن يقتل، ومع كل ذلك يجرؤ أن يستر فعلته بالأكاذيب. ويقول في جرأة حتى أمام الله "أحارس أنا لأخي"؟!
والشر استطاع بالنسبة إلى السيد المسيح نفسه، أن يقدم تهمًا باطلة، وأن يحضر شهود زور، وأن يتملق قيصر، وأن يثير الشعب كله، وأن يصلب البار.
والشر استطاع أن يغتصب نابوتاليزرعيلى، وفي نفس الوقت يلفق له تهمًا تجعله يستحق الموت..! (1 مل: 21).
نعم إن الشر قد ينتصر على الخير.. ولكن القصة لها تكملة.. وتكملتها إن الله موجود، وإنه يحكم للمظلومين.
ربما لم يحسب قايين حسابًا لوجود الله ولتدخله، وظن أن الموضوع بينه وبين هابيل فقط، وليس من ثالث يتدخل بينهما، لكي يكمل القصة، ويقيم التوازن.
هذا الثالث العادل، تدخل بين الخير والشر..
تدخل ليحاسب ويحاكم، ويعاقب، ويشرح للشر أن الأمر لم ينته بعد، وأن هناك قوة أكبر وأن هناك عينًا ترى، وقضاء يحكم. ولأن الله لا يترك عصا الخطاة تستقر على نصيب الصديقين.
وأثبت هذا الثالث، أن انتصار الشر هو انتصار زائف ومؤقت، وأن العبرة بالنهاية، والنهاية هي انهيار الشر.
أذن، لا تفقد الرجاء أبدًا. إن أصابك شر، وحتى إن قوى الشر عليك، وعلى ظهرك جلدك الخطاة وأطالوا إثمهم، فلا يتزعزع قلبك. ثق أن الله يرى ويسمع، ويكتب أمامه سفر تذكرة (مل 3: 16) وثق أن الرب صديق هو يقطع أعناق الخطاة (مز 128)..
لا تنظر إلى أوائل الأشرار، وإنما إلى نهايتهم.. وأسأل نفسك: من الذي انتصر: قايين أو هابيل؟
هابيل كتب اسمه في سفر الحياة وهو "وإن مات، يتكلم بعد" (عب 11: 4). أما قايين فعاش على الأرض معذبًا طول أيامه، قلقًا، خائفًا، فاقدًا سلامه. وانتظرته عذبات في الأبدية أشد آلامًا.
إن الشر قد يرتفع على الخير، ولكنه يتبدد: كمثال النار والدخان يرتفع إلى فوق وفيما هو يرتفع، تتسع رقعته، وتقل حدته، وينتشر فيندثر ويضعف ويختفي. أما النار، إن ظلت تحته، إلا أنها تستمر بعده في قوتها وفى نقاوتها. إنها أقوى وأشد حرارة ولا تبالي بصعود الدخان إلى فوق، فوقها..
  رد مع اقتباس
قديم 11 - 02 - 2014, 04:04 PM   رقم المشاركة : ( 6 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,207,031

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب قايين وهابيل لقداسة البابا شنودة الثالث

الله نصيب الصديقين
هابيل لم يدافع عن نفسه، فدافع الله عنه.
لم يرو لنا الكتاب أن هابيل دافع عن نفسه، أو أنه قاوم الشر، أو حتى أنه شكا أو استنجد أو استغاث لقد لاقى مصيره في صمت، ومات بيد أخيه..
ولكن القصة لم تتم فصولها. إذ إن الله واجه قايين وسأله " أين هابيل أخوك؟".
فأجاب " لا أعلم، أحارس أنا لأخي؟!"..

كتاب قايين وهابيل لقداسة البابا شنودة الثالث
وهكذا قادته خطية القتل إلى خطية الكذب، فكذب على الله نفسه، وقال له لا أعلم، وهو أكثر الناس علمًا بمصير أخيه!.. أو كان الوحيد من الشر الذي يعلم بمصير أخيه!!
كان قايين كفأر في مصيدة، يحاول أن يفلت فلا يستطيع. إنه يلتمس طريقًا للهروب من مسئولية جريمته. يدعى عدم المعرفة. يدعى أنه غير مسئول عن أخيه وعن حراسته!! لقد أمسكه العدل الإلهي. فأخذ يكذب على فاحص القلوب والكلى، والعارف بالخفيات والظاهرات، على الله الذي أنذره من قبل ولم يسمع..
حقًا، إن الكذب هو الإبن البكر لكل خطية. هو الغطاء الذي يحاول الخاطئ أن يغطى به على خطيئته فلا تظهر..
إنه أسهل طريقة، وأول طريقة، يحاول بها أن يهرب من المسئولية، من العقوبة، أو من العار والفضيحة.. يندر أن يوجد خاطئ لا يكذب الذي يعترف بخطيئته، هو التائب. أما الخاطئ المستمر في خطيته فإنه يكذب لسترها.. ولكننا نفهم أن يكذب خاطئ على إنسان مثله . أما أن يكذب على الله نفسه، فهذا أمر خطير له دلالته.
إن كذب قايين على الله، يدل على بعده عن الإيمان. إنه لا يعرف من هو الله، وما هي قدرته، وما هو عمله غير المحدود ‍
والعجيب أن الله هنا لم يجرح شعور قايين، ولم يقل له إنه كذاب. بل لم يجادله إطلاقًا في كلامه إنما واجهه بالحقيقة التي تكشف كذبه، فقال له " صوت دم أخيك صارخ إلى من الأرض".. إن هابيل لم يتكلم، ولكن دمه له صوت، صارخ من الأرض..
قد يصمت المظلومون. ولكن صمتهم له صوت صارخ إلى الله.
والله يسمع هذا الصوت، صوت صمتهم الصارخ.. إن يوسف الصديق قد ظلمه أخوته وظلمته امرأة فوطيفار، وصمت.. ولكن صمته كان يصرخ إلى الله، وسمع الله، وتدخل لينقذه من الظلم.
والعمال الذين بخست أجورهم، يقول الكتاب إن هذه الأجرة المبخوسة تصرخ، والصراخ قد دخل إلى أذنيّ الرب (يع 5: 4) .
إن الله يقاتل عنكم وأنتم تصمتون، لأنه يسمع صوت صمتكم.
إذا ظلم إنسان وسكت، فلا تظن أن الأمر قد انتهى عند هذا الحد. فإن صوت سكوته يرن في أذنى الرب، يقول الوحي الإلهي "من أجل شقاء المساكين وتنهد البائسين، الآن أقوم يقول الرب – أصنع الخلاص علانية" (مز 11). نعم قم أيها الرب الإله، وليتبدد جميع أعدائك، وليهرب من قدام وجهك كل مبغضي اسمك القدوس..
  رد مع اقتباس
قديم 11 - 02 - 2014, 04:06 PM   رقم المشاركة : ( 7 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,207,031

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب قايين وهابيل لقداسة البابا شنودة الثالث

اللعنة والعقوبة
"صوت دم أخيك صارخ إلى من الأرض. فالآن ملعون أنت من الأرض التي فتحت فاها لتقبل دم أخيك من يدك".

كتاب قايين وهابيل لقداسة البابا شنودة الثالث
هنا بدأت العقوبة. هنا يجد الشر من يقف في طريقه، ويقاومه "لي النقمة، أنا أجازى يقول الرب" (رو 12: 19)
إن لم يجد الشر رادعًا على الأرض، فهناك رادع من السماء.
ولأول مرة هنا يلعن الرب إنسانًا.. عندما أخطأ آدم قال له ملعونة الأرض بسببك، ولكن لم يلعنه شخصيًا.
لعنت الحية، والأرض، ولأول مرة هنا يلعن الإنسان.
كان قايين قد فقد الصورة الإلهية نهائيًا، الصورة التي كانت للإنسان حينما خلق على شِبه الله ومثاله.. إن قايين لم تغره الحية كحواء، ولكنه سقط من الداخل. رداءة قلبه قد أسقطته..
أين الحية في سقطة قايين؟
وبلعنته، لُعِنَ كل نسله أيضًا، وأصبحوا يدعون أولاد الناس، بينما دعى أولاد شيث "أبناء الله" (تك 6: 2). واستمرت هذه اللعنة، حتى أفنى الله كل أبناء قايين بالطوفان.
"ملعون أنت من الأرض، التي فتحت فاها لتقبل دم أخيك من يدك " هذه الأرض التي تنجست بجريمة القتل، وقبلت الدم المسفوك:
"متى عملت الأرض، لا تعود تعطيك قوتها" (ع 12)
الأرض تتمرد عليك، ولا تعطيك الخير الذي تقدر عليه.. بدلًا من أن تعطيك عشرين أردبًا، تعطيك اثنين أو ثلاثة. لا تجد بركة في عمل يديك، ولا بركة من خير الأرض وثمارها.. بالنسبة إلى البار قال الرب " مبارك تكون ثمرة أرضك" (تث 48: 4). وبالنسبة إلى الخاطئ. لعن الله ثمرة الأرض (تث 28: 18).. فلا تعود تعطيك قوتها..
إن ثمار الأرض في يد الله، يباركها حينما يشاء، مثلما بارك غلة العام السادس، فكان يكفى ثلاثة أعوام..
أما إذا سلك الإنسان في الخطية، فقد يعاقبه الله بتمرد الأرض عليه، فلا تعطيه قوتها، لا تعطيه خيرها كما تمردت من قبل على آدم، وصارت تنبت له شوكًا وحسكًا. المسألة إذن لا تنحصر فقط في خبرة الإنسان بالزراعة، ومدى إتقانه لعمله فيها وخدمته لها، إنما يحتاج أيضًا إلى بركة. وتتبارك الأرض متى أرضى قلب الله، وإلا فإنه متى عمل الأرض لا تعود تعطيه قوتها. لهذا نحن نصلى من أجل ثمار الأرض، لكيما يصعدها الله كمقدارها. ويفرح وجه الأرض، فتكثر أثمارها.
لقد لعن الرب قايين، أمر الأرض أن تتمرد عليه، وماذا أيضا عن باقي عقوباته؟ قال له الرب:
"تائها وهاربًا تكون في الأرض"..
تفقد سلامك الداخلى. تحيا في قلق واضطراب وخوف تجرى وليس من مطارد. تشعر أن كل من وجدك سيقتلك. وهكذا بدأت الأمراض النفسية تعمق جذورها في الإنسان.
في خطية آدم، دخله الخوف، الخوف من الله وعقوبته. أما في خطية قايين، فقد دخله الخوف من الناس، أو الرعب بمعنى أصح " يكون كل من وجدني يقتلني".. (ع 14).
لا سلام، قال الرب، للأشرار..
الخاطئ يعيش منزعجًا باستمرار. يخاف أن تنكشف خطيئته ويعرفها الناس. يخاف من الفضيحة والعار والسمعة السيئة. يخاف من العقوبة، سواء عقوبة القانون، أو انتقام من أساء إليه. ويرتعب من نتائج أخرى كثيرة ستحدث.. وأعداء كثيرين يطاردونه.
داخله يزعجه أكثر من أي إزعاج خارجي..
  رد مع اقتباس
قديم 11 - 02 - 2014, 04:47 PM   رقم المشاركة : ( 8 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,207,031

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب قايين وهابيل لقداسة البابا شنودة الثالث

ذنبي أعظم من أن يُحتمَل
أيهما لاقى العذاب أكثر: قايين أم هابيل.
هابيل قاسى الألم ربما لحظة أو لحظات. ضربة قاتلة أصابته فمات. أما قايين فإنه عاش العمر كله يتألم ويتعذب ويحطمه القلق والخوف والرعب والاضطراب. هابيل تألم بالجسد قليلًا. أما قايين فإن نفسه تعذبت من الداخل، ولا شك أن عذاب نفسه كانت له نتائجه على الجسد أيضًا..
هذه إحدى عقوبات الخطية التي تطارد الإنسان.

كتاب قايين وهابيل لقداسة البابا شنودة الثالث
"فقال قايين للرب: ذنبي أعظم من أن يحتمل. أنك قد طردتني اليوم عن وجه الأرض، ومن وجهك أختفي. وأكون تائهًا وهاربًا في الأرض، فيكون كل من وجدني يقتلني.
نلاحظ هنا أن عبارة "ذنبي أعظم من أن يحتمل" لم تكن عبارة توبة، إنما خوف من العقوبة.
أي أن العقوبة أعظم من احتماله، عقوبة أن يكون تائها وهاربًا في الأرض، ومهددًا من كل أحد بالقتل.. لذلك فإن الله الرحوم، الذي يشفق حتى على القلوب القاسية إذا ما تذللت أمامه، طمأن قايين الخائف " وجعل له علامة لكي لا يقتله كل من وجده" (ع 15). بل قال له أيضا " كل من قتل قايين، فسبعة أضعاف ينتقم منه".
ونلاحظ أن قايين لم يطلب مغفرة لخطيئته، بل أنه لم يقل عبارة أخطأت. كل ما أتعبه هو العقوبة..
وإذ جعل الرب علامة لكي لا يقتله كل من وجده، "خرج قايين من لدن الرب، وسكن في أرض نود". وسكن معه الخوف والرعب كل أيام حياته. لقد قتل أخاه في لحظات. ولكن الخوف ظل يقتله كل يوم وكل ساعة وكل لحظة.. وظلت خطيئته أمامه كل حين، لا تقوده إلى التوبة إنما تحطمه بالخوف. فمن أخذ بالسيف يؤخذ..
هناك مجرمون يتمنون العقوبة، هربًا من الانزعاج الداخلي. وقد يسلمون أنفسهم للعدالة ويعترفون غير محتملين عذاب الضمير أو عذاب النفس.
داود، قد غفر له الله خطيئته، ونقلها عنه (1 صم 12) وسامحة من جهة العقوبة الأبدية. ولكن بشاعة الخطيئة ظلت أمامه في كل حين (مز 50)، وبسببها كان يبلل فراشه بدموعه (مز 60)، ويمزج شرابه بالدموع..
وظل قايين يطارده الخوف، وترن في أذنيه كلمات الرب " تائهًا وهاربًا تكون في الأرض".
وأصعب من طرده من وجه الأرض، أنه طرد من وجه الله أيضًا، فمن وجه الله يختفي..
فالخطية هي انفصال عن الله..
والخاطئ الذي ينفصل بخطيئته عن الله. يختفي الله من حياته، ويختفي هو من أمام وجه الله. يوجد حاجز كبير بينه وبين الله. ويشعر بهذا الفاصل، وبفقد الدالة ومشاعر الحب..
ولا ينكسر هذا الحاجز إلا بالتوبة، فيصرخ الإنسان قائلًا للرب: إلى متى تحجب وجهك عنى (مز 12)
ولكن الكتاب لم يقل إن قايين قد تاب، ولم يقل إنه عاد فاصطلح مع الله. ولم يقل إن اللعنة زالت عنه، أو أن الرب عاد فرضى عليه. لقد كان أول ابن لآدم وحواء بعد خطيئتهما، وللأسف كان ابنًا للهلاك. كان أول قاتل، وأول إنسان ملعون، وأول إنسان استحق العقوبة الأبدية، إلى جوار عقوبته على الأرض.
إنه لم يقتل هابيل، إنما في الواقع قد قتل نفسه.. وهابيل لم يمت، بينما قايين هو أول إنسان مات، موتًا أبديًا.
هل تظنون أن هيرودس قد قتل يوحنا المعمدان؟ أم الواقع أن هيرودس قد قتل نفسه. قتل روحه وحياته وأبديته. أما يوحنا فهو حي في الفردوس يتنعم..
إن الإنسان الذي يخطئ إلى غيره، إنما يخطئ إلى نفسه.
وما أقل الخطاة، الذين يشعرون أنهم يحطمون أنفسهم..
  رد مع اقتباس
قديم 11 - 02 - 2014, 04:48 PM   رقم المشاركة : ( 9 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,207,031

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب قايين وهابيل لقداسة البابا شنودة الثالث

بركة هابيل البار
فليعطنا الرب بركة هابيل البار، أول من ذكر له الكتاب أنه قدم محرقة الرب، وذبيحة مقبولة، نذكرها باستمرار في كل قداساتنا. فنقول في مقدمة أوشية بخور باكر "يا الله، الذي قبل إليه قرابين هابيل الصديق.. اقبل إليك هذا البخور من أيدينا نحن الخطاة"..
وذبيحة هابيل الصديق تعطينا فكرة عن أهمية التقليد في الكنيسة. لأن هابيل في تقدمته لم ينفذ وصية مكتوبة، و لم تكن هناك شريعة مكتوبة في أيامه، ولا وصية مكتوبة تأمر بتقديم المحرقات.. إنما أخذها هابيل عن أبيه، الذي أخذها من الله

كتاب قايين وهابيل لقداسة البابا شنودة الثالث
لم تكن هناك وصايا مكتوبة أيام هابيل. ولكن كان هناك التقليد أو التسليم. وجيل يسلم جيلًا وصايا
الرب. وظل الأمر هكذا في كل ذبائح نوح وإبراهيم وإسحق ويعقوب وأيوب، إلى أن وصلت إلينا الشريعة المكتوبة على يد موسى النبي، بعد آلاف من السنين عاشتها البشرية بالتقليد والتسليم من الآباء.. وجميل جدًا هو قول الكتاب عن تقدمة هابيل البار: "وقدم هابيل أيضًا من أبكار غنمه ومن سمانها" (ع 4)
لقد قدم البار أفضل ما عنده للرب. بل أنه نفذ وصية البكور، قبل أن يقول الرب على يد موسى النبي " قدس لي كل بكر، كل فاتح رحم.. إنه لي" (خر 13: 2).
أتراه قدم البكور، بروح النبوة، قبل الوصية المكتوبة؟ أم تراه فعل ذلك عن طريق التقليد والتسليم أيضًا؟ أم هو القلب البار الحساس الذي يدرك مشيئة الرب ورغبته، دون أن يتلقنها من معلم..؟
إنه هابيل الذي شهد له أنه بار، وشهد الله لقرابينه. "وبه وإن مات يتكلم بعد" (عب 11: 4) ولقد ذكره بولس الرسول في مقدمة رجال الإيمان: فقال " بالإيمان، قدم هابيل لله ذبيحة أفضل من قايين" (عب 11: 4). إذن لم تكن هذه الذبيحة مجرد أمر تعوده هابيل، أو تسلمه بلا فهم. وإنما كان عملًا من أعمال الإيمان"، "به شهد له أنه بار"..
إن هابيل يمثل الإيمان وهو بكر، في بداية معرفته. إنه أول إنسان في العالم، وصف بكلمة الإيمان.
ترى ماذا كان الإيمان في أيام هابيل؟
إنه على أية الحالات كان بداية لذلك المبدأ اللاهوتي القائل "بدون سفك دم لا تحصل مغفرة" (عب 9: 22). الخطية كشفت عرى الإنسان آدم، والذبيحة غطته، حينما صنع له الله أقمصة من الجلد (تك 3: 21)، ورفض أن يغطى بورق التين، وبشيء من ثمار الأرض.
وعرف هابيل هذه الحقيقة: الله يريد الدم لا ثمار الأرض. فقدم الدم من أبكار غنمه ومن سِمانها. بينما قدم قايين من ثمار الأرض. وكأنه لا يؤمن بما حدث لأبويه..
وكانت ذبيحة هابيل رمزًا لذبيحة السيد المسيح. وكان هابيل في ذبيحته كاهنًا للرب. ولم يكن قايين كذلك..
ولم يذكر الكتاب خطية ارتكبها هابيل، بل شهد له السيد المسيح نفسه أنه بار (مت 23: 35). ويذكرنا بالبر الذي يناله كل من يقدم ذبيحة للرب.
أنستطيع أيضًا أن نقول إن هابيل كان أول شهيد:
لقد قتل لأجل بره، وبسبب ذبيحته التي قبلها الرب، ورضى عنها إنه أول دم بشرى يتقبله الرب.
إنه باكورة الدماء الذكية المقدسة التي تقبلتها السماء، عبر الأجيال الطويلة..
إنه الباكورة التي قدمت بكورها للرب.
وحسنًا إنه انتقل إلى السماء بعد تقديمه الذبيحة.
انتقل وهو في حالة بر، مقدس بالذبيحة التي قدمها.
وعزيز عند الرب موت أتقيائه..
  رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
كتاب الكهنوت لقداسة البابا شنودة الثالث
كتاب آدم وحواء لقداسة البابا شنودة الثالث
من كتاب انطلاق الروح لقداسة البابا شنودة الثالث
الغضب كتاب لقداسة البابا شنودة الثالث
بدع حديثة كتاب لقداسة البابا شنودة الثالث


الساعة الآن 12:58 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024