![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
|
رقم المشاركة : ( 218821 ) | ||||
|
† Admin Woman †
|
![]() 2 «وَكَانَتِ ظ±لأَرْضُ خَرِبَةً وَخَالِيَةً، وَعَلَى وَجْهِ ظ±لْغَمْرِ ظُلْمَةٌ، وَرُوحُ ظ±للهِ يَرِفُّ عَلَى وَجْهِ ظ±لْمِيَاهِ». خَرِبَةً وَخَالِيَةً وفي العبرانية «توهو وبوهو» أي قفراً وتشويشاً. وَعَلَى وَجْهِ ظ±لْغَمْرِ ظُلْمَةٌ إن النور ناشئ عن انضغاط دقائق المادة أو تكاثلها أو تموج ناشئ عن الفعل الكيمي. فذكر «الظلمة» موافق لما يقتضيه الخلق والفراغ قبل تكوين الأرض وتركيبها وترتيبها. و «الغمر» في العبرانية «تهوم» أي العمق وهو من أصل معناه تشويش. ومعنى «الغمر» في قول المرنم «غمر ينادي غمراً» (مزمور ظ¤ظ£: ظ§) موج البحر الدائم ومعناه هنا الخلق ومجموع مواد بلا ترتيب. قال العلامة سَيس في كتابه الذي ألفه في التكوين الكلداني «جاء في الأساطير البابلية إن مروداخ الملك غلب تيامت» وتيامت هو «تهوم» في العبرانية وأبرز الترتيب والجمال من التشويش الأصلي. وَرُوحُ ظ±للهِ يَرِفُّ عَلَى وَجْهِ ظ±لْمِيَاهِ أو ريح الله. وأكثر مفسري اليهود يفسرون الروح هنا بريح عظيمة من الله. واعتاد العبرانيون أن ينسبوا إلى الله ما يريدون تعظيمه ففي سفر التكوين قول بني حث لإبراهيم «أَنْتَ رَئِيسٌ مِنَ ظ±للهِ» أي رئيس عظيم (تكوين ظ¢ظ£: ظ¦). وفيه قول راحيل «قَدْ صَارَعْتُ مُصَارَعَاتِ ظ±للهِ» أي مصارعات شديدة عظيمة (تكوين ظ£ظ : ظ¨). وفي المزامير قوله «عَدْلُكَ مِثْلُ جِبَالِ ظ±للهِ» أي مثل جبال عظيمة (مزمور ظ£ظ¦: ظ¦). وقوله «أغصانها أرز الله» أي أرز عظيم أي كبير الحجم وفي سفر صموئيل الأول «لأَنَّ سُبَاتَ ظ±لرَّبِّ وَقَعَ عَلَيْهِمْ» أي سبات ثقيل عميق (ظ،صموئيل ظ¢ظ¦: ظ،ظ¢). وعلى هذا ذهب جماعة من علماء التفسير إلى أن المقصود «بالروح» هنا ريح عظيمة بدد الله بها ظلمات الغمر والخلو. فدل هبوبها على شروع الروح الأزلي في ترتيب أمور العالمين كما دل عصف الريح يوم الخمسين على حضور ذلك الروح وشروعه في ترتيب أمور العهد الجديد. وجاء في مقالة يهودية اسمها الصوهار إن المقصود بالروح هنا روح المسيح. وكثيراً ما اتخذ المسيحيون هذه الآية رمزاً إلى الروح القدس الأقنوم الثالث في اللاهوت مع تسليمهم إن المقصود بها أصلاً ريح إلهية تدل على شروع ذلك الروح القدير في صنع كل شيء وتشير إلى ظهور الروح القدس في العهد الجديد. وجاء في نبوءة إشعياء «يَبِسَ ظ±لْعُشْبُ، ذَبُلَ ظ±لزَّهْرُ، لأَنَّ نَفْخَةَ ظ±لرَّبِّ هَبَّتْ عَلَيْهِ» (إشعياء ظ¤ظ : ظ§). وفي المزامير «ظ±لصَّانِعُ مَلاَئِكَتَهُ (أو رسله) رِيَاحاً » (مزمور ظ،ظ ظ¤: ظ¤). وفي العهد الجديد «اَلرِّيحُ تَهُبُّ حَيْثُ تَشَاءُ... هظ°كَذَا كُلُّ مَنْ وُلِدَ مِنَ ظ±لرُّوحِ» (يوحنا ظ£: ظ¨). ومعنى العبارة التكوينية أنه «بنفخته السموات مسفرة» وإنه «بِكَلِمَةِ ظ±لرَّبِّ صُنِعَتِ ظ±لسَّمَاوَاتُ وَبِنَسَمَةِ (أي بروح) فَمِهِ كُلُّ جُنُودِهَا» (مزمور ظ£ظ£: ظ¦). ولا نرى بهذه العبارة وغيرها مجرد فعل الروح المادي أي الخلق بل نرى أيضاً القدرة الإلهية قدرة الأقنوم الثالث من الثالوث الأقدس. ولا موضع هنا للدخول في أن نبين اشتمال هذه الآياة القديمة على كل التعاليم الإلهية التي لم تُعلن الإعلان التام إلا في الإنجيل فنقتصر على أن نقول إن في سفر التكوين أصول كل الحقائق الإنجيلية. يَرِفُّ عَلَى وَجْهِ ظ±لْمِيَاهِ «كَمَا يُحَرِّكُ ظ±لنَّسْرُ عُشَّهُ وَعَلَى فِرَاخِهِ يَرِفُّ» (تثنية ظ£ظ¢: ظ،ظ،) و هذا أيضاً يشير إلى ذات عاملة. وهنا أمران (ظ،) إن هذا الرف لم ينشأ عن المخلوقات بل عن مبدع خارج عنها وأعلى منها. (ظ¢) إنه يشير إلى فعل لطيف ينشئ الحياة والنور بالتدريج. وذلك كله قبل بداءة أيام الخلق الستة. ويحسن قبل الشروع في تفسير هذا الأصحاح على ترتيب تلك الأيام إن نذكر بالإيجاز ما أبانته العلوم الطبيعية مما سُطر في مؤلفات العلامة الفاضل الدكتور كَنس اللندني الذي أحكم كل العلوم أحسن إحكام ووقف على تمام الوفاق بين سفر الطبيعة وسفر الوحي. وخلاصة ذلك إن في ما تحقق من المكتشفات في عِلمي الهيئة والجيولوجيا أي علم طبقات الأرض خمس عشرة حادثة علمية مرتبة على نسق لا يتغير ثبتت بالأدلة القاطعة. وقد وجدنا تلك الحوادث على ذلك الترتيب في الأصحاح الأول من سفر التكوين كما سترى. فكيف عرف موسى أن يرتب تلك الحوادث على ما يقتضيه العلم الصحيح ولم يدرس كتب المكتشفات الحديثة في الهيئة والكيمياء والجيولوجيا. وكيف يدرس ما لم يكن وما لم يخطر على بال عالم إلا بعد عصره بثلاثة آلاف وخمس مئة سنة ولم يدركوه إلا بشق الأنفس. وهل من سبيل طبيعي إلى معرفة ما اتفق عليه علماء القرن التاسع عشر قبل خمسة وثلاثين قرناً ذلك من أول صنوف المحال. فبقي أن يُقال إما أنه كتب ذلك بالوحي وهو الحق وإما أنه كتبه اتفاقاً أو حدساً أي ظناً وتخميناً وكلاهما باطل لاستحالته في ترتيب خمس عشرة حادثة بلا أدنة خطإ. قال الدكتور كَنس إذا أخذنا خمسة عشر مفتاحاً مختلفة الصور وأردنا ترتيبها بالحدس والاتفاق لاحتمل ذلك أن نخطئ أكثر من ألف ألف وثلاث مئة ألف مليون مرة. ويظهر لك ذلك من ضرب بعض أعداد السلسلة الطبيعية من الواحد إلى الخامس عشر في بعض هكذا: ظ،×ظ¢×ظ£×ظ¤×ظ¥×ظ¦×ظ§×ظ¨×ظ©×ظ،ظ ×ظ،ظ،×ظ،ظ¢×ظ،ظ£×ظ،ظ¤×ظ،ظ¥ وحاصل ذلك ... ظ£ظ¦ظ¨ ظ¦ظ§ظ¤ ظ£ظ ظ§ ظ، وهذا دليل قاطع على استحالة أن يكون موسى قد أصاب ترتيب الواقع بالحدس والاتفاق وبرهان لامع على أنه كتب بوحي الله. ولنأخذ هنا في سرد تلك الحوادث لبيان الوفاق العجيب بين الوحي والطبيعة وذلك ما تراه في الجدول الآتي. فانظره ذاكراً إن علم الهيئة أثبت إن المادة كانت في أول أمرها أثيراً أي ألطف من الهواء وكانت مظلمة مشوشة. |
||||
|
|
|||||
|
|
رقم المشاركة : ( 218822 ) | ||||
|
† Admin Woman †
|
![]() ولنأخذ هنا في سرد تلك الحوادث لبيان الوفاق العجيب بين الوحي والطبيعة وذلك ما تراه في الجدول الآتي. فانظره ذاكراً إن علم الهيئة أثبت إن المادة كانت في أول أمرها أثيراً أي ألطف من الهواء وكانت مظلمة مشوشة. خمس عشرة حادثة علمية موافقة لكلام موسى |
||||
|
|
رقم المشاركة : ( 218823 ) | ||||
|
† Admin Woman †
|
![]() «وَقَالَ ظ±للهُ: «لِيَكُنْ نُورٌ» فَكَانَ نُورٌ». مزمور ظ£ظ£: ظ¦ وظ© وظ،ظ¤ظ¨: ظ¥ وعبرانيين ظ،ظ،: ظ£ مزمور ظ،ظ ظ¤: ظ¢ وظ¢كورنثوس ظ¤: ظ¦ وَقَالَ ظ±للهُ ليس المقصود إنه تكلم بصوت مسموع ولا إنه كان من يسمع ذلك من الأحياء سوى الأقانيم الثلاثة الذين هم إله واحد ولهم عمل في الخلق بل المقصود إن الله تعالى سن شريعة للكون حينئذ. وكُررت هذه العبارة عشر مرات. فهنا أمر ذي ذات حي لا الاتفاق الخبطي ولا الضرورة غير العاقلة بل أمر ذي يد قادرة على كل شيء وعين بصيرة وقلب محب رحيم. والكلام هنا في أسمى الطبقات وأعلى درجات البلاغة التي هي فوق قدرة البشر. إن الله غني عن الاستعداد وشغل الزمان بإعداد الوسائل وعن كل وسيلة «لأَنَّهُ قَالَ فَكَانَ. هُوَ أَمَرَ فَصَارَ» (مزمور ظ£ظ£: ظ©). فقوله تعالى هو كل ما هو ضروري ليكون ما أراد. و «قال» في العبرانية كأمر في العربية أي طلب أن يكون ما أراد فالله بقوله صنع ما شاء وأجرى العالمين على شرعه العالم في مصنوعاته. وأوامر الله دائمة أبدية. والعلل التي أبدعها لم تزل كما كانت منذ قال «ليكن نور» وبها يكون النور. فلنا هنا أول شرائع الكون وهو قوله الآتي. لِيَكُنْ نُورٌ فَكَانَ نُورٌ لم يقل خلق النور بل قال «ليكن فكان». من المحقق الذي لا يختلف فيه اثنان من العلماء إن النور مستقل عن الشمس وينشأ بتموج الأثير فهو ليس بمادة بل حال من أحوال المادة. وكان في الأصل إما من الكهربائية أو من تكاثف العناصر وانضغاطها لما أخذت في أن تترتب. وذلك نتيجة قوة الجذب العامة. وأكثر النور اليوم من الشمس لكنه كثيراً ما ينشأ عن غيرها. وقد ثبت وجود نور غير ضوء الشمس وإن له كل الخواص التي يتوقف عليها نمو النبات وإن هذا النور وُجد في بدء العالمين. قال العلامة دانا الأميركي «ثبت أن كل ظواهر النور المعروفة نتيجة اهتزاز ذرات المواد على ما تقتضيه خواص المادة باعتبار تركيبها الحاضر وإظ°ن نواميس الحرارة والفعل الكهربائي والكيمي متعلقة كل التعلق بناموس النور وهما من أصل واحد». وقال «جمع ناموس الجاذبية ذرات المواد فظهرت بحكّ بعضها بعضاً وضغط بعضها بعضاً الكهربائية والمغنطسية وبذا كان وتمّ ناموس الجاذبية العظيم الذي نشأ عنه النور». فكون النور قبل الشمس من مقتضيات النواميس الطبيعية. على أن فرض أن هذا النور من الشمس عينها لا ينافي النبأ بعمل اليوم الرابع. لأن قوله «لتكن أنوار» أي الشمس والقمر لا يستلزم إبداعهما إذ لا مانع من أن يكون المقصود به قشع الأبخرة والسحب عنهما وتعيينهما نورين لفصل الأيام والشهور والأوقات. |
||||
|
|
رقم المشاركة : ( 218824 ) | ||||
|
† Admin Woman †
|
![]() «وَرَأَى ظ±للهُ ظ±لنُّورَ أَنَّهُ حَسَنٌ. وَفَصَلَ ظ±للهُ بَيْنَ ظ±لنُّورِ وَظ±لظُّلْمَةِ». وَرَأَى ظ±للهُ ظ±لنُّورَ أَنَّهُ حَسَنٌ أي إنه موافق للغاية منه وإنه ضروري لكل حي من النبات والحيوان وإنه نتيجة ناموس الجاذبية العامة وشرط كل حياة مستقبلة. ونحن نرى كل قوى الطبيعة كالحرارة والكهربائية والنسب الكيمية وأشعة رنتجن والهواء والبخار في غاية الحسن وكل ما صنعه الله كذلك لأنه حلق الحسن البديع. والعبارة الإلهية هنا تؤذن بمرور وقت وتُعلن أن الحكم صدر عن حكمة إلهية ولنا من ذلك ثلاث فوائد: الأولى: رؤيتنا في الخليقة الأدبية «ظ±لنُّورُ ظ±لْحَقِيقِيُّ ظ±لَّذِي يُنِيرُ كُلَّ إِنْسَانٍ آتِياً إِلَى ظ±لْعَالَمِ» (يوحنا ظ،: ظ©). الثانية: إنه كما أن ضوء الشمس لم ينفذ أولاً الظلام الكثيف المحيط بالأرض كذلك النور الروحي «يُضِيءُ فِي ظ±لظُّلْمَةِ، وَظ±لظُّلْمَةُ لَمْ تُدْرِكْهُ» (يوحنا ظ،: ظ¥). الثالثة: إنه كما رُفعت في اليوم الرابع كل الموانع وأضاءت الشمس بلمعانها المجيد هكذا يرفع الله الظلام عن النفس لأنه «ظ±للهَ ظ±لَّذِي قَالَ أَنْ يُشْرِقَ نُورٌ مِنْ ظُلْمَةٍ، هُوَ ظ±لَّذِي أَشْرَقَ فِي قُلُوبِنَا، لإِنَارَةِ مَعْرِفَةِ مَجْدِ ظ±للهِ فِي وَجْهِ يَسُوعَ ظ±لْمَسِيحِ» (ظ¢كورنثوس ظ¤: ظ¦). وَفَصَلَ ظ±للهُ بَيْنَ ظ±لنُّورِ وَظ±لظُّلْمَةِ فصل أولاً ثم عيّن الشمس لذلك. ودُعيت الثلاثة الأيام الأولى أيام الترتيب والتفصيل أي أيام «التقاسيم الثلاثة» ففي هذه الآية فُصل بين النور والظلمة وفي السابعة فُصل بين المياه وفي التاسعة جُمعت المياه التي تحت السماء إلى مكان واحد. ذهب العلامة بِن سمث إلى أنه لم يُخلق في اليومين الأول والثاني شيء جديد بل رُتبت المواد المشوشة وفي اليوم الثالث خُلقت الحياة النباتية. واعلم إن الفصل في اليوم الأول بين النور والظلمة لا يستلزم أن للظلمة وجوداً حقيقياً كالكوائن المستقلة بل إن درجة النور تنوعت حتى كانت مُددٌ ومواضع فيها النور كثر أو قل. وذُكرت نتيجة الخلق في كل يوم أو مدة في نهايته أي إنه حين أخذت ذرات المادة لتحرك شرع الهواء والماء ينفصلان عن الذرات الكثفي أي التي هي أشد كثافة ونتج من ذلك النور. وبعد زمن طويل من ذلك نشأ فراغ حول جرم الأرض. لتقلصها وبعد زمن مثله ظهرت القارات والبحار ولكن بداءة ذلك كله كان حين رف «روح إلوهيم» على المادة وهي «خربة وخالية». فإن قيل كم مضى من الزمان قبل أن أخذ النور والظلمة يتواليان على الترتيب قلنا ذلك لم يستطع العلماء تعيينه ولا الكتاب التفت إليه لأن غاية الكتاب العظمى الدين لا العلم وإن كانا فيه على وفاق. |
||||
|
|
رقم المشاركة : ( 218825 ) | ||||
|
† Admin Woman †
|
![]() «وَدَعَا ظ±للهُ ظ±لنُّورَ نَهَاراً، وَظ±لظُّلْمَةُ دَعَاهَا لَيْلاً. وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْماً وَاحِداً». وَدَعَا ظ±للهُ ظ±لنُّورَ نَهَاراً، وَظ±لظُّلْمَةُ دَعَاهَا لَيْلاً أي سمى كلا منهما بما يميزه عن الآخر على طريق السمع وفي ذلك إشارة إلى قصد الله أن يخلق مخلوقاً يميز بين المخلوقات بالأصوات ويدعو الأشياء بأسمائها. وكانت الأرض قبل الفصل بين الليل والنهار تحيط بها مادة مضيئة فصفورية أو كهربائية كالكرة الغازية المضيئة المحيطة اليوم بالشمس. ولا بد من أن الأرض أخذت حينئذ تدور على محورها فكان من ذلك تعاقب النور والظلمة والحر والبرد الذي أوجب تقلص قشرة الأرض. وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْماً وَاحِداً المساء في العبرانية «عرب» أي وقت الغروب وقيل معناه مزيج أو خليط كان المقصود به ما بين الغروب والعتمة من ضوء الشفق لأنه وقت اختلاط النور بالظلام. وذُكر هنا المساء قبل الصباح لأن النور كان بعد الظلام. وجاء في زكريا «لاَ نَهَارَ وَلاَ لَيْلَ، بَلْ يَحْدُثُ أَنَّهُ فِي وَقْتِ ظ±لْمَسَاءِ يَكُونُ نُورٌ» (زكريا ظ،ظ¤: ظ§). والصباح بالعبرانية «بقر» (בקר) أصله الشق وفي العربية بَقَرَهُ يبقره بقراً شقّه ويأتي الفعل في العبرانية بمعنى فجر وانفجر. والفجر في العربية شق الشيء شقاً واسعاً ومنه الفجر لأول الصباح. وخلاصة ما ذُكر إن الصباح سُمي بذلك لشق النور جلباب الظلام. ولسبق الظلمة النور والليل النهار. اعتاد أهل المشرق أن يحسبوا بداءة اليوم غروب الشمس ويذكروا المساء قبل الصباح فالعادة على ذلك قديمة جداً على أن الذي في كثير من كتب اللغة العربية إن اليوم من الفجر الأول إلى غروب الشمس ولكنهم يحسبون مساء اليوم من ليلة الغد فيكون أول اليوم الذي هو أربع وعشرون ساعة المساء. يَوْماً وَاحِداً اليوم في العبرانية «يوم» لكن رأى كثيرون من علماء العبرانية أن أصله «يحم» وقُلبت الحاء واواً. ويحم في العبرانية كيحم في العربية. وفي هذه يُقال «حم التنور يحمه حماً سجره أي ملأه وقوداً وأحماه. وحمّ الماء يحم حماً سخن». سمي بذلك لما في النهار من حر الشمس. ولكن اليوم في هذه الآية مدة من مُدد الخلق الست لا أربع وعشرون ساعة واستعمال اليوم بمعنى المدة جاء في قوله «يَوْمَ عَمِلَ ظ±لرَّبُّ ظ±لإِلظ°هُ ظ±لأَرْضَ وَظ±لسَّمَاوَاتِ» (تكوين ظ¢: ظ¤). فاليوم هنا مجموع مُدد الخلق كلها. وجعلها مدة واحدة إذ اعتبر الخلق جملة لا مفصلاً على التوالي. وعلى هذا ذهب أكثر العلماء إلى أن اليوم السابع أي يوم استراحة الله من عمل الخلق هو المدة التي نحن فيها كقول زكريا «وَيَكُونُ يَوْمٌ وَاحِدٌ مَعْرُوفٌ لِلرَّبِّ» (زكريا ظ،ظ¤: ظ§). مشيراً إلى كل مدة النظام المسيحي الإنجيلي. وكقول موسى «أنت اليوم عابر الأردن» مشيراً إلى المدة (انظر تاريخ العهد القديم للدكتور جمس أنس). وحسب الكلدانيون مدة العالمين ظ¤ظ£ظ¢ظ ظ سنة وترتيب الخلق المتوالي لم يُعرف إلا بوحي الله والوفاق بين كلام الوحي ونبإ الطبيعة على غاية الكمال. ولا تزال طبقات الصخور رافعة أعلام الشهادة به. فعلم الجيولوجيا خدم الدين أحسن خدمة بحل المشاكل في هذا التاريخ القديم. |
||||
|
|
رقم المشاركة : ( 218826 ) | ||||
|
† Admin Woman †
|
![]() «وَقَالَ ظ±للهُ: لِيَكُنْ جَلَدٌ فِي وَسَطِ ظ±لْمِيَاهِ. وَلْيَكُنْ فَاصِلاً بَيْنَ مِيَاهٍ وَمِيَاهٍ». أيوب ظ£ظ§: ظ،ظ¨ ومزمور ظ،ظ ظ¤: ظ¢ وإشعياء ظ¤ظ : ظ¢ظ¢ لِيَكُنْ جَلَدٌ فِي وَسَطِ ظ±لْمِيَاهِ الجَلد على ما يظهر من مصطلحات النصرانية وهو في العبرانية «رقيع» ومعناه فيها شيء مبسوط. وجاء في سفر إشعياء «ظ±لَّذِي يَنْشُرُ ظ±لسَّمَاوَاتِ كَسَرَادِقَ، وَيَبْسُطُهَا كَخَيْمَةٍ لِلسَّكَنِ» (إشعياء ظ¤ظ : ظ¢ظ¢). وفي سفر أيوب «هَلْ صَفَّحْتَ مَعَهُ ظ±لْجَلَدَ ظ±لْمُمَكَّنَ كَظ±لْمِرْآةِ ظ±لْمَسْبُوكَةِ» (أيوب ظ£ظ§: ظ،ظ¨). والرقيع في العربية السماء الأولى وقد يطلق على كل سماء. والجَلَد في المعروف من كتب اللغة العربية اليوم إصابة الأرض الجليد والقوة والشدة والأرض المستوية ولغة في الجِلد. واستعمالها بمعنى الرقيع قديم في كتب الدين المسيحي العربية ولعلها عربية الأصل في هذا المعنى فقلّ استعمالها عند غير النصارى من أهل اللغة العربية فيه حتى نُسي. ونص كتب اللغة على أن الجلد لغة في الجِلد يحملنا على ظن أنه وُضع أولاً للطراف وهو بيت من الجِلد ربما كان على هيئة القبة. وكثيراً ما عبر الكتبة الملهمون عن الرقيع بأنه خيمة وقبة كالعرب وتصوروا لها كوى ونوافذ وأبواب. فجاء في هذا السفر «َظ±نْفَتَحَتْ طَاقَاتُ ظ±لسَّمَاءِ» (تكوين ظ§: ظ،ظ،). وفي سفر المزامير «أَمَرَ ظ±لسَّحَابَ مِنْ فَوْقُ، وَفَتَحَ مَصَارِيعَ ظ±لسَّمَاوَاتِ» (مزمور ظ§ظ¨: ظ¢ظ£). وفي سفر ملاخي «إِنْ كُنْتُ لاَ أَفْتَحُ لَكُمْ كُوى ظ±لسَّمَاوَاتِ» (ملاخي ظ£: ظ،ظ ). وإذا سلمنا برأي علماء الجيولوجيا إن الأرض في هذه المدة كانت كتلة ملتهبة منيرة لزم أن يكون الرقيع حلقة اعتدال بين حرارة الأرض تحته والأثير فوقه وهذه الحلقة هي أصل الجو ويُسمى أيضاً اللوح والسكاك وهو بقية ما كان من الكتلة الغازية متوسطاً عند استواء قوتي الدفع والجذب واتزانها. |
||||
|
|
رقم المشاركة : ( 218827 ) | ||||
|
† Admin Woman †
|
![]() «فَعَمِلَ ظ±للهُ ظ±لْجَلَدَ، وَفَصَلَ بَيْنَ ظ±لْمِيَاهِ ظ±لَّتِي تَحْتَ ظ±لْجَلَدِ وَظ±لْمِيَاهِ ظ±لَّتِي فَوْقَ ظ±لْجَلَدِ. وَكَانَ كَذظ°لِكَ». ص ظ§: ظ،ظ، وأيوب ظ¢ظ¦: ظ¨ ومزمور ظ،ظ ظ¤: ظ،ظ£ وظ،ظ¤ظ¨: ظ¤ وأمثال ظ¨: ظ¢ظ¨ وَفَصَلَ بَيْنَ ظ±لْمِيَاهِ ظ±لَّتِي تَحْتَ ظ±لْجَلَدِ وَظ±لْمِيَاهِ ظ±لَّتِي فَوْقَ ظ±لْجَلَدِ هذا وصف بسيط لما نراه كل يوم وهو أن المياه تجري وتجتمع على وجه الأرض وفوقها رقيع السحب والغيوم وإنها تقع قطرات من الأبخرة المائية المنتشرة في الجو. وهذا على وفق تعبير العامة وما قررته مبادئ العلم الطبيعي لأن المياه التي تصعد من الأرض والبحر إلى الجو بخاراً تجتمع سحباً بانفصال بعض كريات الماء عن بعض بقوة كهربائية وتحملها الرياح وتبسطها في رحاب الجو إلى أن تقع على الأرض مطراً. والكتاب المقدس لا يفتأ يورد قوانين إنشاء المطر ووقوعه وسقيه الأرض أعظم برهان طبيعي على حكمة الله وجودته مثل أنه تعالى «لَمْ يَتْرُكْ نَفْسَهُ بِلاَ شَاهِدٍ وَهُوَ يَفْعَلُ خَيْراً، يُعْطِينَا مِنَ ظ±لسَّمَاءِ أَمْطَاراً وَأَزْمِنَةً مُثْمِرَةً» (أعمال ظ،ظ¤: ظ،ظ§). فلو لم يكن من رقيع أو منطقة فضاء صافية حول الأرض لالتفّت الأرض بضباب كثيف دائم لا ينفذه ضوء الشمس واستمرت الحال المذكورة في قوله «كُلُّ عُشْبِ ظ±لْبَرِّيَّةِ لَمْ يَنْبُتْ بَعْدُ، لأَنَّ ظ±لرَّبَّ ظ±لإِلظ°هَ لَمْ يَكُنْ قَدْ أَمْطَرَ عَلَى ظ±لأَرْضِ» (تكوين ظ¢: ظ¥). واستعمال موسى تعبير العامة في أمر الجلد لا ينفي أنه كتب بالوحي لأن ذلك اصطلاح كل الكتبة الملهمين. فجاء في الإنجيل «غربت الشمس» (مرقس ظ،: ظ£ظ¢) ونحن نعلم إن الشمس ثابتة بالنظر إلينا إنما تغرب بحسب الظاهر. والحقيقة أنّ محدّب سطح الأرض يحجبها بدورانها على محورها ولكن هذا لا ينفي أن الإنجيلي كتب بشارته بالوحي لأن أفضل علماء الفلك اليوم يعبّرون عن حجب الأرض للشمس بغروب الشمس. |
||||
|
|
رقم المشاركة : ( 218828 ) | ||||
|
† Admin Woman †
|
![]() «وَدَعَا ظ±للهُ ظ±لْجَلَدَ سَمَاءً. وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْماً ثَانِياً». ع ظ¥ وَدَعَا ظ±للهُ ظ±لْجَلَدَ سَمَاءً من سما أي علا وارتفع فمعنى السموات العاليات أو المرتفعات كقوله «مُدُنٌ عَظِيمَةٌ مُحَصَّنَةٌ إِلَى ظ±لسَّمَاءِ» (تثنية ظ،: ظ¢ظ¨). و «السموات» في الآية الأولى أقسام الفضاء غير المتناهي. وفي الآية الثامنة «الجو» وهو كرة الهواء المحيطة بالأرض ولم يُعرف علوها تماماً إنما عُلم أن العلو الذي عنده ينكسر النور المحدث للشفق نحو خمسة وأربعين ميلاً ووراءها الأثير الذي لا ثقل له. ومما يحسن الانتباه له هنا أنه لم يُقل على أثر عمل اليوم الثاني «إنه حسن» ولعل علة ذلك إن عمل اليومين الثاني والثالث كعمل واحد إذ في الأثنين «فصل المياه». وإذ كانت منطقة البخار المائي لم تزل بعيدة عن وجه الأرض بقيت في صورة السحاب والبخار ولكن لما صارت قطرات نزلت على وجه الأرض بفيضان عظيم. ولما بردت قشرة الأرض فتقلصت وتشنجت نشأت أودية ولخافيق (أي شقوق) هبطتها المياه وحينئذ رأى الله تقدماً جديداً وحكم بأنه حسن. |
||||
|
|
رقم المشاركة : ( 218829 ) | ||||
|
† Admin Woman †
|
![]() «ظ© وَقَالَ ظ±للهُ: لِتَجْتَمِعِ ظ±لْمِيَاهُ تَحْتَ ظ±لسَّمَاءِ إِلَى مَكَانٍ وَاحِدٍ، وَلْتَظْهَرِ ظ±لْيَابِسَةُ. وَكَانَ كَذظ°لِكَ. ظ،ظ وَدَعَا ظ±للهُ ظ±لْيَابِسَةَ أَرْضاً، وَمُجْتَمَعَ ظ±لْمِيَاهِ دَعَاهُ بِحَاراً. وَرَأَى ظ±للهُ ذظ°لِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ». أيوب ظ¢ظ¦: ظ،ظ وظ£ظ¨: ظ¨ ومزمور ظ£ظ£: ظ§ وظ،ظ ظ¤: ظ§ إلى ظ© وأمثال ظ¨: ظ¢ظ© وإرميا ظ¥: ظ¢ظ¢ لِتَجْتَمِعِ ظ±لْمِيَاهُ قال غسينيوس اللغوي المشهور الأصل في العبراني يفيد معنى القطران أكثر مما يفيد معنى الاجتماع إلى مكان واحد وهذا القطران لم يمكن إلا بعد أن برد سطح الأرض بإشعاع الحرارة إلى الفضاء. قلنا والكلمة العبرانية «يقرو» من «قرأ» ولها عدة معان جمع كقرى في العربية. ففي القاموس «قرى الماء في الحوض يقريه قرياً وقرى جمعه». وأضاف وهو كقرى في العربية أيضاً واستخرج وهذا يوافق ما قاله ذلك اللغوي على تقدير إن القطر خرج مما كان فيه بخاراً على أن الاجتماع إلى مكان واحد لا يمنع من أن يكون الماء المجتمع وقع قطراً وأي مانع من أن نقول اجتمع القطر إلى مكان واحد. إِلَى مَكَانٍ وَاحِدٍ أي قرار البحر. من تأمل في عمق البحر وعلو أعلى الجبال عرف شدة القوة الجارفة التي غيّرت سطح الأرض في اليوم الثالث. واتساع البحر بالنسبة إلى البر عظيم جداً والسرّ في ذلك أنه لو كان اتساعه أقل من اتساع البر أو كاتساعه ما نشأ عنه المطر الكافي لنمو النبات وحياة الحيوان. لْتَظْهَرِ ظ±لْيَابِسَةُ يظهر إن هذا العمل كان بسيطاً جداً والواقع إنه اقتضى تدبيراً خاصاً من تدابير الخالق القدير لأنه لو بقيت طبقات الصخور على وضع أفقي مستوٍ أو كانت مرتبة كقشر البصلة لغطى الماء كل وجه الأرض على عمق واحد تحت كرة الهواء. والذي يظهر لنا من علم الجيولوجيا ومن المشاهد الطبيعية إن تلك الطبقات تكسرت وتشققت ودُفعت إلى وجه الأرض ورُكم بعضها على بعض بهيجان البراكين الناشئة عن النيران التي في جوف الأرض ثم جرفت السيول بعضها وفتّتته على توالي السنين والحقب. وهذا كان عمل اليوم الثالث. ولنا من هذا العمل آيات على حكمة الخالق بيّنات. الأولى: تنوّع حاصلات الأرض النباتية بارتفاع التلال والجبال لتذخر عليها الثلوج وينبت عليها ما لا ينبت في السهول والأودية. الثانية: الوصول إلى المعادن الضرورية للإنسان كالحديد والذهب والفضة والنحاس والفحم والملح والزيت المعدني. فإن الله أعدّ ذلك كله للإنسان قبل أن يخلقه لينتفع به عند وجوده ولولا انقلاب الصخور كذلك امتنع وصوله إليها. الثالثة: نشوء الأودية فإنه لو لم تكن ما جرت المياه وتفرّقت على وجه الأرض بل ركدت في منافع عظيمة فأفسدت الهواء فامتنعت حياة الإنسان والبهائم. الرابعة: نشوء الأتربة المختلفة بانحلال الصخور وتفتتها وانتشارها على وجه الأرض فموافقتها لكل أنواع النبات والحيوان. الخامسة: وفرة الينابيع والأنهر والخلجان والبحور والبحيرات من العذب والمالح التي كانت راحة وبركة للإنسان وتسهيلاً لأعماله وأسفاره. |
||||
|
|
رقم المشاركة : ( 218830 ) | ||||
|
† Admin Woman †
|
![]() «ظ،ظ، وَقَالَ ظ±للهُ: لِتُنْبِتِ ظ±لأَرْضُ عُشْباً وَبَقْلاً يُبْزِرُ بِزْراً، وَشَجَراً ذَا ثَمَرٍ يَعْمَلُ ثَمَراً كَجِنْسِهِ، بِزْرُهُ فِيهِ عَلَى ظ±لأَرْضِ. وَكَانَ كَذظ°لِكَ. ظ،ظ¢ فَأَخْرَجَتِ ظ±لأَرْضُ عُشْباً وَبَقْلاً يُبْزِرُ بِزْراً كَجِنْسِهِ وَشَجَراً يَعْمَلُ ثَمَراً بِزْرُهُ فِيهِ كَجِنْسِهِ. وَرَأَى ظ±للهُ ذظ°لِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ. ظ،ظ£ وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْماً ثَالِثاً». ع ظ¢ظ© وتثنية ظ£ظ¢: ظ¢ وإشعياء ظ£ظ§: ظ¢ظ§ وعبرانيين ظ¦: ظ§ ص ظ¢: ظ© متّى ظ§: ظ،ظ¦ وظ،ظ§ ولوقا ظ¦: ظ¤ظ¤ ويعقوب ظ£: ظ،ظ¢ لِتُنْبِتِ ظ±لأَرْضُ عُشْباً وَبَقْلاً يُبْزِرُ بِزْراً، وَشَجَراً الخ هذا مما ذكرناه في جدول الحوادث الخمس عشرة وهو الحادثة الخامسة منها. أي إن أقدم أنواع النبات الذي آثاره في الصخور هو النبات المائي كبهق الحجر أو حزاز الصخر والفطر والطحلب والخنشار مما لا بزور له فيتولد من الجراثيم والطحلب. وفي هذه الآية المخلوق الثاني وكان المخلوق الأول المادة التي رُتبت في نطام الكون بما عيّنه الله من النواميس الآلية والكيمية. وهذه النواميس لا تزال عاملة لكنها لا يمكنها أن تزيد ذرة على ما أبدعه الحياة النباتية ثم الحياة الحيوانية ولا يقدر على ذلك سوى الأزلي الذي هو على كل شيء قدير. وفي هذا العمل ثلاثة مخلوقات. العشب و هو الأصل العبراني «دشا» أي ما يعلو وجه الأرض من الخضرة النباتية غير مرتفع بالنمو. وفي العربية «دسا نقيض زكا» أي نقيض نما فإذاً المقصود به الطحلب على أنواعه كبهق الحجر وأمثاله وهو ما نشاهده اليوم على وجه الصخر ويظهر لنا بالمجهر أي المنظر المكبر عشباً دقيقاً ومن هذه الرتبة كل ا نباتات النامية من داخل. البقل وهو في الأصل العبراني «عشب» والمقصود به ما نما وحمل بزراً من الأعشاب كالحنطة وأشكالها من ذوات الحبوب أي القطاني. الشجر وهو النبات البالغ أعلى درجات الارتقاء مما قام على ساق خشبية وغشى بزره لحم وأكثره صالح للأكل كالأثمار التي يتناولها الناس. فهذه ثلاث رتب للنبات. الرتبة الأولى نشأت إلى نهاية المدة الفحمية. وهذه لم تثبت بالمشاهدة لآثارها في طبقات الصخور لكن حكمنا بها التزاماً لأن الأشجار المثمرة لا تنبت إلا بعد ظهور الشمس بحرّها والحبوب لم تظهر إلا قبيل خلق الإنسان فكانت له طعاماً. وعلى هذا يتبين أن النبات لم يكمل إلا في اليوم السادس وهو المدة التي خلق فيها الحيوان المحتاج إلى أنواع النبات العالية. فالنبأ الإلهي بخلق النبات في هاتين الآيتين يُثبت أنه كان على سبيل التدريج. وهذا مما أثبتته الآثار في طبقات الصخور لأنه لما خلق الله «الدشا» اي الأنواع الطحلبية أبدع ناموس العالم النباتي وهذا العمل الأول يتضمن كل ما وليه من درجات الارتقاء في المملكة النباتية. والقانون الكتابي الصحيح في ذلك إن النبأ بعمل يستلزم كل أموره ومتعلقاته في الحال والمستقبل. وإنا أخبرنا في كل يوم من أيام الخلق بمخلوق جديد فيعتبر باقياً وهو وكل نواميسه متدرجاً في الكمال. فاليابسة التي وُجدت في اليوم الثالث لم تجف دفعة فتصلح لسكن الحيوانات البرية وتأصل النبات حتى اليوم السادس. ونستدل من علم الجيولوجيا أن الهواء الذي خُلق في اليوم الثاني لم يخلص من الغازات السامة ليصلح لتنفس الحيوان إلا بعد أزمنة طويلة تحولت فيها تلك الغازات فحماً بنمو النبات الكثيف الذي امتص تلك الغازات. فإذاً لما قال الله في اليوم الثالث «لتنبت الأرض عشباً وبقلاً... وشجراً» أمر بأن يكون ذلك جارياً على سنن الكمال متدرجاً إليه على ما تقتضيه أحوال الأرض والحيوان الذي خُلق عليها. ففي عمل الله الترتيب فلم يخلق شيئاً قبل وقته فصنع كل شيء حسناً على سنن حكمته الأزلية. أيوب ظ¢ظ¦: ظ،ظ وظ£ظ¨: ظ¨ ومزمور ظ£ظ£: ظ§ وظ،ظ ظ¤: ظ§ إلى ظ© وأمثال ظ¨: ظ¢ظ© وإرميا ظ¥: ظ¢ظ¢ لِتَجْتَمِعِ ظ±لْمِيَاهُ قال غسينيوس اللغوي المشهور الأصل في العبراني يفيد معنى القطران أكثر مما يفيد معنى الاجتماع إلى مكان واحد وهذا القطران لم يمكن إلا بعد أن برد سطح الأرض بإشعاع الحرارة إلى الفضاء. قلنا والكلمة العبرانية «يقرو» من «قرأ» ولها عدة معان جمع كقرى في العربية. ففي القاموس «قرى الماء في الحوض يقريه قرياً وقرى جمعه». وأضاف وهو كقرى في العربية أيضاً واستخرج وهذا يوافق ما قاله ذلك اللغوي على تقدير إن القطر خرج مما كان فيه بخاراً على أن الاجتماع إلى مكان واحد لا يمنع من أن يكون الماء المجتمع وقع قطراً وأي مانع من أن نقول اجتمع القطر إلى مكان واحد. إِلَى مَكَانٍ وَاحِدٍ أي قرار البحر. من تأمل في عمق البحر وعلو أعلى الجبال عرف شدة القوة الجارفة التي غيّرت سطح الأرض في اليوم الثالث. واتساع البحر بالنسبة إلى البر عظيم جداً والسرّ في ذلك أنه لو كان اتساعه أقل من اتساع البر أو كاتساعه ما نشأ عنه المطر الكافي لنمو النبات وحياة الحيوان. لْتَظْهَرِ ظ±لْيَابِسَةُ يظهر إن هذا العمل كان بسيطاً جداً والواقع إنه اقتضى تدبيراً خاصاً من تدابير الخالق القدير لأنه لو بقيت طبقات الصخور على وضع أفقي مستوٍ أو كانت مرتبة كقشر البصلة لغطى الماء كل وجه الأرض على عمق واحد تحت كرة الهواء. والذي يظهر لنا من علم الجيولوجيا ومن المشاهد الطبيعية إن تلك الطبقات تكسرت وتشققت ودُفعت إلى وجه الأرض ورُكم بعضها على بعض بهيجان البراكين الناشئة عن النيران التي في جوف الأرض ثم جرفت السيول بعضها وفتّتته على توالي السنين والحقب. وهذا كان عمل اليوم الثالث. ولنا من هذا العمل آيات على حكمة الخالق بيّنات. الأولى: تنوّع حاصلات الأرض النباتية بارتفاع التلال والجبال لتذخر عليها الثلوج وينبت عليها ما لا ينبت في السهول والأودية. الثانية: الوصول إلى المعادن الضرورية للإنسان كالحديد والذهب والفضة والنحاس والفحم والملح والزيت المعدني. فإن الله أعدّ ذلك كله للإنسان قبل أن يخلقه لينتفع به عند وجوده ولولا انقلاب الصخور كذلك امتنع وصوله إليها. الثالثة: نشوء الأودية فإنه لو لم تكن ما جرت المياه وتفرّقت على وجه الأرض بل ركدت في منافع عظيمة فأفسدت الهواء فامتنعت حياة الإنسان والبهائم. الرابعة: نشوء الأتربة المختلفة بانحلال الصخور وتفتتها وانتشارها على وجه الأرض فموافقتها لكل أنواع النبات والحيوان. الخامسة: وفرة الينابيع والأنهر والخلجان والبحور والبحيرات من العذب والمالح التي كانت راحة وبركة للإنسان وتسهيلاً لأعماله وأسفاره. |
||||