منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08 - 05 - 2025, 07:47 AM   رقم المشاركة : ( 195701 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,323,338

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


يارب أشكرك لأنك من أجلي أرسلتَ الآباء
والأنبياء، وأعطيتني الناموس عونًا
آمين
 
قديم 08 - 05 - 2025, 07:48 AM   رقم المشاركة : ( 195702 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,323,338

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


يارب أشكرك لأنك من أجلي تجسدت وتأنست،
وشاركتني كل شيء ما عدا الخطية.
أُحصيتَ مع الأثمة، لكي أُحصى مع أبناء الله!
حملتَ عاري على الصليب فأتمتع بشركة أمجادك!

آمين
 
قديم 08 - 05 - 2025, 07:49 AM   رقم المشاركة : ( 195703 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,323,338

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


يارب أشكرك لأنك تعد لي موضع راحة،
لا في بيت مصنوع بالأيادي، بل بذراعك الإلهي

آمين
 
قديم 08 - 05 - 2025, 07:50 AM   رقم المشاركة : ( 195704 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,323,338

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


يارب أشكرك لأنك أقمتَ حراسة مشددة
حتى لا يتسلل عدو الخير إليّ
آمين
 
قديم 08 - 05 - 2025, 07:52 AM   رقم المشاركة : ( 195705 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,323,338

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


يارب أشكرك لأنك جعلتني عضوًا في جسدك
المقدس، فتشتهي الملائكة أن تحرسني
آمين
 
قديم 08 - 05 - 2025, 07:53 AM   رقم المشاركة : ( 195706 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,323,338

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


يارب أشكرك لأن لم يعد لإبليس العامل
أن يقتحم أعماقي
آمين
 
قديم 08 - 05 - 2025, 07:53 AM   رقم المشاركة : ( 195707 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,323,338

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


لتملك يا رب في أعماقي
فتنزع عني روح العبودية
وتهبني فرح الروح.

آمين
 
قديم 08 - 05 - 2025, 08:23 AM   رقم المشاركة : ( 195708 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,323,338

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



يهوآش وترميم الهيكل


ملك يهوآش بن أخزيا على يهوذا لمدة أربعين عامًا (835-796 ق. م.) (2 أي 23: 1؛ 24: 27).
يمكن تقسيم هذه الفترة إلى قسميْن، قبل موت الكاهن يهوياداع وبعد موته. طوال الفترة الأولى كان يهوآش يعمل تحت إرشاد الكاهن بروح التقوى، وقد أمدَّ الله في حياة يهوياداع، فعاش حتى بلغ 130 عامًا (2 أي 24: 15). وهو أطول عمر منذ أيام عمرام والد موسى وهرون الذي عاش 137 عامًا (خر 6: 20).
بلا شك كان ليهوياداع دوره الفعَّال في حياة يهوآش كوصي عليه عمليًا، ومُعَلِّم له، ومُشِير، سواء في مقاومة عبادة البعل أو في الاهتمام بترميم الهيكل وعبادة الله الحي.
حقًا لقد قام سليمان الملك ببناء الهيكل بأفضل المواد جودةً، لكن عامل الزمن وعدم الاعتناء بصيانته والمحافظة عليه، وأيضًا انصراف الشعب عن عبادة الله، وقيام بني عثليا الخبيثة بهدمه ونقل الكثير من أوانيه ومقدساته إلى البعليم (2 أي 24: 7) دمَّر البيت.
يليق بالمؤمن مع اهتمامه ببيت الرب في هذا العالم حيث يجتمع شعب الله معًا ومع ملائكة الله للعبادة الروحية الملتهبة، أن يهتم ببناء بيت الرب الداخلي في قلبه، كما في قلوب إخوته، هذا الذي لا يستطيع الزمن أن يُحَطِّمَه، ولا يحتاج إلى صيانة مادية، ولا يقدر عدو الخير بكل قواته أن يُحَطِّمَه وينقل مقدساته إلى مواضع غير لائقة.
هذا هو البيت الذي من عمل روح الله القدوس، غير المصنوع بالأيدي.
ماذا أدعوه؟ جلجثة ثانية؟ أم مسكن الله مع الناس؟ أم عربون السماء؟ أم فردوس مُثمِر بالروح؟ أم مستشفَى للنفوس، حيث يُمارِسُ الرب فيها عمله بكونه الطبيب السماوي؟ أم ميناء الراحة؟ أم كنزًا سماويًا لا يُسلَب ولا يُنهَب؟ أم سفارة الله؟ أم بيت الحب الإلهي والأخوي؟
v ذاك الفردوس الروحي هو الكنيسة، وتلك الشجرة المملوءة حياة هي الهيكل المقدس.
شجرة المعرفة خارج الباب، ومحبو العالم يقطفون منها الثمار كل يومٍ.
هنا (في الكنيسة) لا تدخل الحية التي أضلت أمنا حواء، لأن مريم واقفة لتسمع الكلمة من جبرائيل.
البتول والمستيقظ (الملاك) ينطقان هنا الحقيقة الجلية، وذاك الذي يتكلم المكر مطرود لئلا يتجاسر بعدُ.
انتهى الزمان الذي فيه تكلمت العجوز (حواء) مع الحية، ودخلت الصبية لتتكلم مع الملاك.
انهزم الكاروب ولا يسمحون له أن يحرس الجنة، والجنة مفتوحة فهلموا أيها الموتى وادخلوا عند القيامة.
لا توجد أبواب ولا حراس لشجرة الحياة، لقد دخل اللص، فمن لا يصير جميلاً (بهيًا) مثل القاتل؟
هلموا أيها الصالحون والطالحون (التائبون) ادخلوا وكلوا من الشجرة التي تنثر ثمارها على البعيدين والقريبين.
قطفت حواء الثمرة التي تقتل، وأعطت آدم، فمات كلاهما بسبب الطعام المملوء موتًا.
v الكنيسة في العالم هي ميناء عظيم مملوء أمانًا، كل من يتعب ليأتِ ويسترح على مائدتها.
أبوابها مفتوحة، وعينها صالحة، وقلبها واسع، ومائدتها زاخرة، ومزجها حلو لمن يستحقه.
ادخلوا يا محبي العالم من تيه العالم الشرير، واستريحوا في المنزل المملوء حنانًا للداخل إليه.
أيها الفاعل المتعب الذي يريد أن يغتني بالعذابات، لماذا تركض وراء غِنَى لا يدوم؟
أيها الغني الذي ضلَّ بسبب غناه، اقتنِ الله، وأبغض الغِنَى الذي سوف لا يصبح مُلكك بعد قليل...
هلم يا من يهرب وراء العالم الذي عذَّبه كثيرًا، هلم واسترح هنا في مقصورة النور في كل الملذات.
فيها الحياة، وفيها التطويبات وكل الملذات، وفيها يعيش المرء غنيًا بلا همّ.
القديس مار يعقوب السروجي



1. يهوآش تحت إرشاد يهوياداع

1 فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ لِيَاهُو، مَلَكَ يَهُوآشُ. مَلَكَ أَرْبَعِينَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ، وَاسْمُ أُمِّهِ ظَبْيَةُ مِنْ بِئْرِ سَبْعٍ. 2 وَعَمِلَ يَهُوآشُ مَا هُوَ مُسْتَقِيمٌ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ كُلَّ أَيَّامِهِ الَّتِي فِيهَا عَلَّمَهُ يَهُويَادَاعُ الْكَاهِنُ، 3 إِلاَّ أَنَّ الْمُرْتَفَعَاتِ لَمْ تُنْتَزَعْ، بَلْ كَانَ الشَّعْبُ لاَ يَزَالُونَ يَذْبَحُونَ وَيُوقِدُونَ عَلَى الْمُرْتَفَعَاتِ.

فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ لِيَاهُو،
مَلَكَ يَهُوآشُ.
مَلَكَ أَرْبَعِينَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ.
وَاسْمُ أُمِّهِ ظَبْيَةُ، مِنْ بِئْرِ سَبْعٍ. [1]
يُذكَر اسم أم الملك، لأنه كان لأم الملك في كثير من الدول الدور العملي في القصر، وتتسم بنوع من السلطة والاحترام (1 مل 15: 13).
وَعَمِلَ يَهُوآشُ مَا هُوَ مُسْتَقِيمٌ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ،
كُلَّ أَيَّامِهِ الَّتِي فِيهَا عَلَّمَهُ يَهُويَادَاعُ الْكَاهِنُ. [2]
كان لرئيس الكهنة يهوياداع تأثيره على يهوآش الملك، فعمل الملك في أيام رئيس الكهنة ما هو مستقيم في عيني الرب تحت إرشاده، وإن كان لم ينزع المرتفعات. من أهم أعماله اهتمامه بترميم هيكل الرب الذي كان في حالة رديئة، لأن القادة والشعب على كل المستويات انشغلوا بالعبادة الوثنية لمدة طويلة وأهملوا عبادة الرب.
أما بعد موت رئيس الكهنة، فجاءه رؤساء يهوذا وسجدوا له، وصار يسمع لهم، بسبب ضعف شخصيته. تركوا بيت الرب وعبدوا السواري والأصنام، فغضب الرب على يهوذا وأورشليم (2 أي 24: 17-19). وعندما حاول زكريا ابن الكاهن يهوياداع أو حفيده أن يرد الشعب إلى عبادة الله، أمر الملك يهوآش برجمه حتى الموت (2 أي 24: 17-18)، وقد أشار إلى ذلك السيد المسيح (مت 23: 35؛ لو 11: 51). مع هذا يعتبر يهواش أحد الملوك القلائل الذين أظهروا نوعًا من البرّ.
إِلاَّ أَنَّ الْمُرْتَفَعَاتِ لَمْ تُنْتَزَعْ،
بَلْ كَانَ الشَّعْبُ لاَ يَزَالُونَ يَذْبَحُونَ وَيُوقِدُونَ عَلَى الْمُرْتَفَعَاتِ. [3]
كان السجود في المرتفعات مخالفًا لشريعة الرب (تث 12: 1-14)، لكنه لم يكن في بشاعة السجود للبعل. فقد اعتاد الشعب حتى في زمن الملوك الأتقياء أن يسجدوا للرب فيها (1 مل 15: 14؛ 22: 43).
واضح هنا أمانة يهوياداع في تعليم الملك يوآش. ويتضح تأثير يهوياداع عليه في أنه بعد أن مات يهوياداع سمع لرؤساء يهوذا وعبدوا السواري والأصنام (2 أي 17:24-19)، ولكن الآية في أخبار الأيام لا تشير أنه هو بنفسه الذي عبد الأصنام، بل سمح لرؤساء يهوذا بذلك، ولكنها مسئوليته بكونه الملك.
مع هذا، فإنه بدون التدمير التام لهذه المرتفعات، لم يكن ممكنًا أن يتم إصلاح جذري. للأسف لم يستخدم يهوياداع تأثيره على الملك الطفل وخضوع الكهنة والقيادات له في إزالة هذه المرتفعات، فمع ترميم الهيكل وغيرة الشعب في المساهمة العملية في ذلك، غير أن هذه المرتفعات لم تنزع عبادة الأصنام من قلوب القادة، الذين استغلوا وفاة يهوياداع للعودة إليها.
من الصعب تقييم الموقف، هل استراح قلب الكاهن للخلاص من عثليا الشريرة، وغيرة الشعب على ترميم الهيكل، ولم يرد أن يضغط عليهم أكثر بإزالة المرتفعات؟ هل خشى من ثورتهم أو غضب القادة عليه، باعتبار إزالة المرتفعات نوعًا من المبالغة في نظرهم؟ أو هل توقع الكاهن أن هذه المرتفعات ستزول تدريجيًا بالاهتمام بالعملي الإيجابي الخاص بالهيكل والعبادة؟ أسئلة يصعب الإجابة عليها. إنما كان يليق بهذا الكاهن العظيم أن ينصت إلى قول موسى النبي: فتذهب مواشينا أيضًا معنا، "لا يبقى ظلف" (خر 10: 26). فقد سمح فرعون لشعب إسرائيل أن يخرجوا بنسائهم وأولادهم، قائلاً: "غير أن غنمكم وبقركم تبقى" (خر 10: 24). وكانت الإجابة "لا يبقى ظلف". هكذا يليق بنا أن نخرج من سلطان إبليس ومملكته جميعنا بنسائنا وأولادنا ومواشينا، مُقدِّمين كل شيء لحساب ملكوت الله، ولا نترك لإبليس موضعًا في حياتنا. لن نترك له ظلفًا في حياتنا، حتى لا يكون له مجال للعمل الشرير في داخلنا.
كان يليق بيهوياداع أن يقول مع المرتل: "يا بنت بابل المخربة، طوبى لمن يجازيكِ جزاءكِ التي جازيتينا. طوبى لمن يمسك أطفالك، ويضرب بهم الصخرة" (مز 137: 8-9). فقد كانت المرتفعات أشبه بالأطفال الشريرة أو الأفكار الدنسة، إن تُركتْ تشب وتنمو وتفتح أبواب الشر من جديد.
لنقتلع بروح الرب الشر من جذوره ونُسَلِّم حياتنا له، ليُشَكِّلنا على صورة الله ومثاله.
v يقصد بأطفال بابل هنا الأفكار الشريرة... هذه التي إن شعرنا أنها صغيرة في البداية يجب علينا أن نمسكها، ونقطعها، ونضرب بها الصخرة، التي هي المسيح (1 كو 10: 4). يجب أن نقتلها حسب أمر الرب، ولا نترك فيها نسمة تتنفَّسها داخلنا[3].
v أناشدكم إذاً، أن تتجددوا (رو 12: 1–2؛ أف 4: 20–24). فلتتعلموا أنه في الإمكان أن تتجددوا، وتلقوا عنكم هيئة (الخنزير) التي هي صفة النفس غير النقية، وهيئة (الكلب)، التي تصف من ينبح ويعوي، ويتحدث بالبذاءات.
في الإمكان التحوُّل، حتى عن هيئة (الأفعى)، حيث يُخاطَب الأشرار بالقول: "أيها الحيات أولاد الأفاعي" (مت 23: 33). فإذا ما اقتنعنا أن في مقدورنا التحوُّل عن شبه الأفاعي والخنازير والكلاب، فدعنا نتعلم من الرسول، كيف يتم هذا التحوُّل، الذي يعتمد علينا. فهو يُعَبِّر عن ذلك في قوله: "وَنَحْنُ جَمِيعًا نَاظِرِينَ مَجْدَ الرَّبِّ بِوَجْهٍ مَكْشُوفٍ... نَتَغَيَّرُ إِلَى تِلْكَ الصُّورَةِ عَيْنِهَا، مِنْ مَجْدٍ إِلَى مَجْدٍ، كَمَا مِنَ الرَّبِّ الرُّوحِ" (2 كو 3: 18). فإن كنتَ قبلاً نابحًا، ثم شكَّلتك الكلمة وغَيَّرَتك، فقد تحوَّلتَ من كلبٍ إلى إنسانٍ. وإن كنتَ قبلاً غير طاهر، ولمستْ الكلمة نفسك، فقدَّمتَ ذاتك لها لتشكلك، فقد تحوَّلتَ من خنزيرٍ إلى إنسانٍ. وإن كنتَ قبلاً وحشًا شرسًا، واستمعت إلى الكلمة التي تستأنس وتروِّض، فحوَّلتك بمشيئتها إلى إنسانٍ، فلن تُخاطَب فيما بعد: "أيها الحيات أولاد الأفاعي" (مت 23: 33).
العلامة أوريجينوس



2. الاهتمام بترميم بيت الرب

4 وَقَالَ يَهُوآشُ لِلْكَهَنَةِ: «جَمِيعُ فِضَّةِ الأَقْدَاسِ الَّتِي أُدْخِلَتْ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ، الْفِضَّةُ الرَّائِجَةُ، فِضَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ حَسَبَ النُّفُوسِ الْمُقَوَّمَةِ، كُلُّ فِضَّةٍ يَخْطُرُ بِبَالِ إِنْسَانٍ أَنْ يُدْخِلَهَا إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ، 5 لِيَأْخُذَهَا الْكَهَنَةُ لأَنْفُسِهِمْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ عِنْدِ صَاحِبِهِ، وَهُمْ يُرَمِّمُونَ مَا تَهَدَّمَ مِنَ الْبَيْتِ، كُلَّ مَا وُجِدَ فِيهِ مُتَهَدِّمًا». 6 وَفِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ وَالْعِشْرِينَ لِلْمَلِكِ يَهُوآشَ لَمْ تَكُنِ الْكَهَنَةُ رَمَّمُوا مَا تَهَدَّمَ مِنَ الْبَيْتِ. 7 فَدَعَا الْمَلِكُ يَهُوآشُ يَهُويَادَاعَ الْكَاهِنَ وَالْكَهَنَةَ وَقَالَ لَهُمْ: «لِمَاذَا لَمْ تُرَمِّمُوا مَا تَهَدَّمَ مِنَ الْبَيْتِ؟ فَالآنَ لاَ تَأْخُذُوا فِضَّةً مِنْ عِنْدِ أَصْحَابِكُمْ، بَلِ اجْعَلُوهَا لِمَا تَهَدَّمَ مِنَ الْبَيْتِ». 8 فَوَافَقَ الْكَهَنَةُ عَلَى أَنْ لاَ يَأْخُذُوا فِضَّةً مِنَ الشَّعْبِ، وَلاَ يُرَمِّمُوا مَا تَهَدَّمَ مِنَ الْبَيْتِ. 9 فَأَخَذَ يَهُويَادَاعُ الْكَاهِنُ صُنْدُوقًا وَثَقَبَ ثَقْبًا فِي غِطَائِهِ، وَجَعَلَهُ بِجَانِبِ الْمَذْبَحِ عَنِ الْيَمِينِ عِنْدَ دُخُولِ الإِنْسَانِ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ. وَالْكَهَنَةُ حَارِسُو الْبَابِ جَعَلُوا فِيهِ كُلَّ الْفِضَّةِ الْمُدْخَلَةِ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ. 10 وَكَانَ لَمَّا رَأَوْا الْفِضَّةَ قَدْ كَثُرَتْ فِي الصُّنْدُوقِ، أَنَّهُ صَعِدَ كَاتِبُ الْمَلِكِ وَالْكَاهِنُ الْعَظِيمُ وَصَرُّوا وَحَسَبُوا الْفِضَّةَ الْمَوْجُودَةَ فِي بَيْتِ الرَّبِّ. 11 وَدَفَعُوا الْفِضَّةَ الْمَحْسُوبَةَ إِلَى أَيْدِي عَامِلِي الشُّغْلِ الْمُوَكَّلِينَ عَلَى بَيْتِ الرَّبِّ، وَأَنْفَقُوهَا لِلنَّجَّارِينَ وَالْبَنَّائِينَ الْعَامِلِينَ فِي بَيْتِ الرَّبِّ، 12 وَلِبَنَّائِي الْحِيطَانِ وَنَحَّاتِي الْحِجَارَةِ، وَلِشِرَاءِ الأَخْشَابِ وَالْحِجَارَةِ الْمَنْحُوتَةِ لِتَرْمِيمِ مَا تَهَدَّمَ مِنْ بَيْتِ الرَّبِّ، وَلِكُلِّ مَا يُنْفَقُ عَلَى الْبَيْتِ لِتَرْمِيمِهِ. 13 إِلاَّ أَنَّهُ لَمْ يُعْمَلْ لِبَيْتِ الرَّبِّ طُسُوسُ فِضَّةٍ وَلاَ مِقَصَّاتٌ وَلاَ مَنَاضِحُ وَلاَ أَبْوَاقٌ، كُلُّ آنِيَةِ الذَّهَبِ وَآنِيَةِ الْفِضَّةِ مِنَ الْفِضَّةِ الدَّاخِلَةِ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ، 14 بَلْ كَانُوا يَدْفَعُونَهَا لِعَامِلِي الشُّغْلِ، فَكَانُوا يُرَمِّمُونَ بِهَا بَيْتَ الرَّبِّ. 15 وَلَمْ يُحَاسِبُوا الرِّجَالَ الَّذِينَ سَلَّمُوهُمُ الْفِضَّةَ بِأَيْدِيهِمْ لِكَيْ يُعْطُوهَا لِعَامِلِي الشُّغْلِ، لأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْمَلُونَ بِأَمَانَةٍ. 16 وَأَمَّا فِضَّةُ ذَبِيحَةِ الإِثْمِ وَفِضَّةُ ذَبِيحَةِ الْخَطِيَّةِ فَلَمْ تُدْخَلْ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ، بَلْ كَانَتْ لِلْكَهَنَةِ.

كانت عثليا وأتباعها قد اعتدوا على الهيكل، وصيَّروا أقداسه للبعل (2 أي 7:24)، فأراد يوآش ترميم الهيكل، ووضع تدبيرًا للكهنة بأن يأخذوا كل الفضة التي تدخل للهيكل، ويستعملوها في الترميم، وكانت مصادر الفضة:
1. ثمن التقدمات التي أراد أصحابها فداءها بفضة (لا 11:27-12).
2. الفضة الرائجة، أي فضة النفوس وهي ½ شاقل لكل نفسٍ، بشاقل القدس، عن كل ذكرٍ من سن 20 فما فوق (خر 30: 11-14).
3. التبرعات، أي المبلغ الذي يود الإنسان أن يقدمه بمحض اختياره كتقدمةٍ للرب.
لكن هذه الطريقة لم تنجح، لأن الكهنة اهتموا بمصالحهم بالأكثر، ولذلك وبعد مضي زمان طويل، لم يحدث تقدُّم في ترميم الهيكل، فمنع الملك الكهنة من أن يأخذوا الفضة من الشعب.
وَقَالَ يَهُوآشُ لِلْكَهَنَةِ:
جَمِيعُ فِضَّةِ الأَقْدَاسِ الَّتِي أُدْخِلَتْ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ،
الْفِضَّةُ الرَّائِجَةُ،
فِضَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ حَسَبَ النُّفُوسِ الْمُقَوَّمَةِ،
كُلُّ فِضَّةٍ يَخْطُرُ بِبَالِ إِنْسَانٍ أَنْ يُدْخِلَهَا إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ، [4]
شعر الملك بمسئوليته في ترميم الهيكل. فمن جانبٍ، لأنه كملكٍ يُسأل أمام الله عن هذا العمل الذي لا يستطيع أحد غيره أن يقوم به، ومن جانب آخر يشعر أن الهيكل هو الحصن الذي اختبأ فيه منذ طفولته المبكرة من وجه عثليا الغادرة.
ربما كان ترميم بيت الرب على نفقة الملوك، وأما يهوآش فقصد أن يجعله على نفقة الشعب، تحت تدبير الكهنة [4-6]، حتى لا يُحرَم أحد من المساهمة بطريقٍ أو آخر من القيام بدورٍ فعالٍ في هذا العمل، ونوال بركته.
إذ لم يتم ذلك جعل كل الفضة الداخلة في بيت الرب في صندوق، يُستخدَم جزء منها لترميم بيت الرب بواسطة رئيس الكهنة وكاتب الملك. هذا كان له أثره على دَخْل الكهنة.
الفضة الرائجة، أو فضة النفوس وهي نصف شاقل عن كل نفسٍ (خر 30: 11-16). لم تكن النقود قد صُكت في ذلك الحين، فكانت تُقدَّم سبائك تُعرَف قيمتها بالوزن (1 مل 20: 39).
لِيَأْخُذَهَا الْكَهَنَةُ لأَنْفُسِهِمْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ عِنْدِ صَاحِبِهِ،
وَهُمْ يُرَمِّمُونَ مَا تَهَدَّمَ مِنَ الْبَيْتِ،
كُلَّ مَا وُجِدَ فِيهِ مُتَهَدِّماً. [5]
كان الهيكل في حاجة إلى ترميم، لأنه تعرَّض للإهمال والتلف من القادة الأشرار السابقين وبخاصة الملكة عثليا (2 أي 7:24، 8). خصَّص الملك صندوقًا لهذا الغرض، فأعلن ترميم الهيكل وإزالة الرجاسات التي تراكمت بداخله على مدى السنوات، كما أزال الأصنام وكل آثار للعبادة الوثنية.
مع ذلك ومما يؤسف له أن الكهنة لم يكونوا أمناء على الأموال التي تُوهَب لغرضٍ غير محدد! ولذلك فإن القانون اليوناني وقتئذ قضى بإمكانية مراجعة حسابات الهيكل بين آن وآخر، بل أن اليهود أنفسهم كثيرًا ما سألوا الكهنة عن حِسابات الهيكل ([15]؛ 2 مل 22: 3-7).


وَفِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ وَالْعِشْرِينَ لِلْمَلِكِ يَهُوآشَ،
لَمْ تَكُنِ الْكَهَنَةُ رَمَّمُوا مَا تَهَدَّمَ مِنَ الْبَيْتِ. [6]
يبدو أنه مضى زمن طويل لم يتحرَّك فيه الكهنة لترميم بيت الرب، ولعل السبب في ذلك أحد العوامل التالية، أو بعضها:
1. كان دخل بيت الرب قليلاً لا يكفي للنفقات الضرورية.
2. كان الكهنة يهتمون بدخلهم الخاص أكثر من ترميم بيت الرب.
3. عدم ثقة الشعب في تدبير الأموال بطريقةٍ لائقة.
4. دفع الشعب بسخاء للترميم، ولكن الكهنة احتفظوا بمبلغ للترميم، دون أن يتحركوا للعمل، فأُصيب الشعب بشيءٍ من الإحباط، وتوقفوا عن الدفع.
فَدَعَا الْمَلِكُ يَهُوآشُ يَهُويَادَاعَ الْكَاهِنَ وَالْكَهَنَةَ وَقَالَ لَهُمْ:
لِمَاذَا لَمْ تُرَمِّمُوا مَا تَهَدَّمَ مِنَ الْبَيْتِ؟
فَالآنَ لاَ تَأْخُذُوا فِضَّةً مِنْ عِنْدِ أَصْحَابِكُمْ،
بَلِ اجْعَلُوهَا لِمَا تَهَدَّمَ مِنَ الْبَيْتِ. [7]
لقد انتظر الملك لسنوات طويلة، ولم يتحرك الكهنة للعمل، فطلب من الكهنة أن يتم جمع المال للترميم بطريقة أخرى، ربما لكسب ثقة الشعب في القيام بالترميم في جديةٍ تحت إشراف رئيس الكهنة مباشرة ونائب عن الملك.
العجيب أن الملك الذي له هذه الغيرة وهذا الحماس لترميم بيت الرب، انحرف إلى عبادة الأوثان بعد موت رئيس الكهنة. فهل كان الملك يهتم بالمبنى دون الإصلاح الداخلي في النفس، أم كان صادقًا في رغبته في الإصلاح من جهة المبنى والحياة التقوية، وأن ما حلَّ به بعد ذلك كان انحرافًا بسبب تأثير بعض القادة عليه بعد موت رئيس الكهنة.
تُرَى هل كانت شخصية الملك ضعيفة، لا يحمل في داخله أعماقًا قوية وأساسًا ثابتًا، يتحرَّك حسبما يمليه الغير عليه. فيسلك تارة بروح التقوى، وأخرى بالشر.
فَوَافَقَ الْكَهَنَةُ عَلَى أَنْ لاَ يَأْخُذُوا فِضَّةً مِنَ الشَّعْبِ،
وَلاَ يُرَمِّمُوا مَا تَهَدَّمَ مِنَ الْبَيْتِ. [8]
فَأَخَذَ يَهُويَادَاعُ الْكَاهِنُ
صُنْدُوقاً وَثَقَبَ ثَقْباً فِي غِطَائِهِ،
وَجَعَلَهُ بِجَانِبِ الْمَذْبَحِ عَنِ الْيَمِينِ عِنْدَ دُخُولِ الإِنْسَانِ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ.
وَالْكَهَنَةُ حَارِسُو الْبَابِ جَعَلُوا فِيهِ كُلَّ الْفِضَّةِ الْمُدْخَلَةِ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ. [9]
استخدم الملك نظام الصندوق المثقوب لتجميع الفضة، لترميم بيت الرب، وكان رئيس الكهنة وكاتب الملك لهما سلطان على فتْح هذا الصندوق.
كان الصندوق في الدار في المدخل عن يمين المذبح، ليراه كل من يدخل البيت. تجاوب الشعب بسخاء في العطاء (2 أي 24: 10). بدأ العمل وتم في فترة وجيزة.
كان حارسو الباب يراقبون الداخلين، فلا يسمحون بدخول عبادة وثنية أو ما يخالف شريعة الرب.
وَكَانَ لَمَّا رَأَوُا الْفِضَّةَ قَدْ كَثُرَتْ فِي الصُّنْدُوقِ،
أَنَّهُ صَعِدَ كَاتِبُ الْمَلِكِ وَالْكَاهِنُ الْعَظِيمُ،
وَصَرُّوا وَحَسَبُوا الْفِضَّةَ الْمَوْجُودَةَ فِي بَيْتِ الرَّبِّ. [10]
ما حدث في ذلك الحين ويتكرر كثيرًا عبر الأجيال، يكشف عن دور القائد. فالشعب بوجهٍ عامٍ متى رأى القائد مملوءًا غيرة، يتفاعل معه ويتجاوب بقوة. فما أظهره يوآش من رغبةٍ جادةٍ للعمل دفع الكثيرين للمساهمة بسخاءٍ عجيبٍ!
هذا ما يجعل القادة في وضعٍ دقيقٍ، لأن تصرفاتهم، متى تمت بروح الغيرة المتقدة تلهب قلوب الكثيرين للعمل والبذل بقوة. وإن سلكوا بفتورٍ في شكلياتٍ بلا روح، انعكس هذا على الرعية.
يليق بالقادة لكي يكون لهم دورهم في حياة الشعب أن ينصتوا لقول السيد المسيح: "يا سمعان بن يونا، أتحبني؟... اِرع غنمي" (يو 21: 16). فبالحب تلتهب قلوب الشعب مع قلب القائد للعمل بغيرةٍ مقدسةٍ!
v"يا سمعان بن يونا أتحبُّني؟... اِرع غنمي" (يو 21).
ليتنا لا نحب ذواتنا، إنَّما نحبُّه هو، وبرعايتنا لغنمه نطلب ما له وليس ما لنا، لأنَّه من يقدر أن يحيا بذاته، يموت بالتأكيد إن أحب ذاته. وهو بهذا لا يكون محبًا لنفسه، إذ بحبُّه لنفسه يفقد حياته.
ليت رعاة القطيع لا يكونون محبِّين لذواتهم، لئلاَّ يرعوا القطيع كما لو كان مِلكًا لهم، وليس قطيع المسيح.
فيطلبون ربحًا ماديًا بكونهم "محبِّين للمال"،
أو يتحكَّمون في الشعب بكونهم "منتفخين"،
أو يطلبون مجدًا من الكرامة المقدَّمة لهم بكونهم "متكبِّرين"،
أو يسقطون في هرطقات "كمجدِّفين"،
ويحتقرون الآباء القدِّيسين "كعصاة على الوالدين"،
ويردُّون الخير بالشر على من يرغبون في إصلاحهم حتى لا يهلكون بكونهم "ناكرين للمعروف"،
ويقتلون أرواحهم وأرواح الغير "كمن هم بلا رحمة"،
ويحاولون تشويه شخصيَّات القدِّيسين "كشهود زور"،
ويطلقون العنان للشهوات الدنيئة "كغير طاهرين"،
ويشتكون دائمًا... "كغير رحماء"،
ولا يعرفون شيئًا عن خدمة الحب "كمن لا عطف فيهم"،
ويقلقلون البشريَّة بمناقشاتهم الغبيَّة "كعنيدين"،
ولا يفهمون ما يقولونه أو ما يصرُّون عليه "كعميان"،
ويفضِّلون المباهج الجسديَّة عن الفرح الروحي "كمحبِّين للذات أكثر من حبُّهم لله".
هذه وغيرها من الرذائل المشابهة سواء كانت كلَّها في مجموعها في شخصٍ واحد، أو أحدها تسيطر على شخصٍ وغيرها على آخر، فإنَّها تظهر بشكلٍ أو آخر من هذا الجذر وهو أن يكونوا "محبِّين لأنفسهم".
هذه الرذيلة التي يلزم أن يتحفَّظ منها من يرعون قطيع المسيح، لئلاَّ يطلبوا ما لذواتهم، وليس ما ليسوع المسيح، ويستخدموا سفك دم المسيح لتحقيق شهواتهم.
هؤلاء الذين يرعون قطيعه، يلزم أن يكون حبُّهم عظيمًا، بغيرةٍ روحيَّةٍ حتى يتغلَّبوا على الخوف من الموت، هذا الذي يجعلنا (الخوف من الموت) لا نرغب في الموت لكي نحيا مع المسيح. فالرسول بولس أيضًا يود أن ينفَق ويكون مع المسيح (في 1: 23).
القديس أغسطينوس
قَّدم رئيس الكهنة وكاتب الملك صورة رائعة ومثلاً حيَّا للعمل المُشترَك، حيث لا يتجاهل الكهنة دور العلمانيين (إن صح التعبير)، ولا يعتزل العلماني عن الكهنة. فكل منهما يحتاج إلى الآخر، لأنه حيث يوجد الحب والتعاون يُعلِن الله عن حضوره، ويفيض ببركته على الجميع.
إن كان رئيس الكهنة مع كاتب الملك استطاعا بالحب أن يعملا لحساب ترميم الهيكل، فإنه يليق بالكهنة مع الشعب العمل لحساب وبنيان ملكوت الله في قلب كل إنسانٍ ما أمكن!
ليس للشعب دور في الكنيسة فحسب، وإنما هو الكنيسة بعينها، يعمل عمل الكنيسة الذي هو "الحب"، مُترجَمًا حسب مواهب كل عضوٍ فيها وإمكانياته ودوره في الجماعة المقدسة. لأن الحب يلزم التعبير عنه عمليًا.
v لا يمكن للحب أن يكون خاملاً. إن استطعت أرني حبًا عاطلاً لا يفعل شيئًا.
v هل نقول لك: "لا تحب شيئًا"؟ حاشا! فإنك إن لم تحب تكون متبلد الحس، ميتًا، مكروهًا، وبائسًا. حبْ؛ لكن اهتم أن تعرف ماذا تحب.
القديس أغسطينوس
vمن أجل هذا جاءنا (الرب) بتعاليمه السماوية العلوية، لكي ينزع عنا أفكارنا ونتمثَّل به بقدر استطاعتنا، ولكن كيف نتمثل بالمسيح؟
عندما نعمل في كل شيءٍ ما هو للصالح العام، ولا نطلب مجرد نفعنا الشخصي. يقول بولس الرسول: "لأن المسيح أيضًا لم يُرضِ نفسه، بل كما هو مكتوب تعييرات معيريك وقعت عليّ" (رو 15: 3؛ مز 69: 6).
إذن لا يطلب كل واحدٍ ما لنفسه (أي لا يكن سلبيًا)، إنما بالحق يطلب ما هو لخير نفسه متى اهتم بما هو لإخوته، فإن ما هو لخيرهم، إنما هو لخيرنا نحن، لأننا جسد واحد وأعضاء بعضنا لبعض...
فإنه وإن لم يكن قريبًا ولا صديقًا، لكنه كإنسانٍ يشاركك نفس طبيعتك، وله نفس الرب، عبد رفيق لك، زميلك في رحلتك، وُلد معك في ذات العالم.
vلا تلقوا كل العبء على مُعلِّميكم، لا تلقوه بأكمله على من يقودكم... إن أردتم تستطيعون أن تُعلِّموا فيما بينكم أكثر منا، فإن لديكم فرصًا أكثر للالتقاء معًا، وتعرفون ظروف بعضكم أكثر منا، ولا تجهلون بعضكم بعضًا، لديكم أيضًا حرية أعظم في الحديث والحب والمودة، هذه الأمور ليست بقليلةٍ في التعليم...
أنتم أقدر منا أن ينتهر الواحد الآخر وينصحه...
أتوسل إليكم ألاَّ تهملوا هذه الموهبة، فإنه لكل واحدٍ منكم زوجته وصديقه وخادمه وقريبه...
إن كان لازمًا أن تذهب إلى جنازةٍ أو وليمةٍ أو تساعد قريبك في أمرٍ ما، فكيف تفعل هذه الأمور بقصد تعليمه الفضيلة؟ أرجوكم ألاَّ يُهمِل أحدكم هذا، فإنه يتقبَّل من الله مكافأة عظيمة...
تقول لي: لستُ بصاحب كلامٍ! لكن لا حاجة إلى الكلام ولا إلى الفصاحة... اسنده لا بكونك إنسانًا تفعل كل شيءٍ كما يليق، أي كمن يسلك بلا خطية، ولا كمُعَلِّمٍ له بل كصديقٍ وأخٍ له...
هذه هي الصداقة: [أخ يعين أخًا، يصير مدينة مُحصَّنة](أم 18: 19).
ليست الصداقة أكْلاً وشُرْبًا، فإن مثل هذه توجد حتى بين اللصوص والقتلة. لكننا إن كنا حقيقة أصدقاء فليعتنِ كل واحدٍ بالآخر...
"احملوا بعضكم أثقال بعض وهكذا تمموا ناموس المسيح" (غل 6: 2).
vكل واحدٍ منكم – إذا أراد – فهو مُعَلِّم...
أنا أعرف عائلات كثيرة نالت نفعًا عظيمًا من فضائل خدمهم.
أُوجِّه حديثي للجميع بصفة عامة، كما لكل فردٍ على وجه الخصوص، ليهتم كل واحدٍ بخلاص أقربائه... فإن في هذا العمل نفعًا عظيمًا، ليس فقط يصير العمل خفيفًا على المُعلِّم، بل يشترك كل تلميذٍ في الآلام ليصير قادرًا أن يكون مُعلِّمًا...
vيمكننا أن نعتبر كل مؤمنٍ راعيًا لبيته وأصدقائه وخدمه وزوجته وأولاده.
vاجعلْ بيتك كنيسة.
vليس كل شيءٍ يجعل الإنسان مثل المسيح كاهتمامه بأقربائه.
vلا أقدر أن أُصَدِّق خلاص إنسانٍ لا يعمل من أجل خلاص أخيه.
vليس شيء تافهًا مثل مسيحي لا يهتم بخلاص الآخرين.
القديس يوحنا الذهبي الفم
وَدَفَعُوا الْفِضَّةَ الْمَحْسُوبَةَ إِلَى أَيْدِي عَامِلِي الشُّغْلِ الْمُوَكَّلِينَ عَلَى بَيْتِ الرَّبِّ،
وَأَنْفَقُوهَا لِلنَّجَّارِينَ وَالْبَنَّائِينَ الْعَامِلِينَ فِي بَيْتِ الرَّبِّ، [11]
عاملو الشغل هم النجارون والبنَّاؤون والنَّحاتون والعاملون في الحديد والنحاس (2 أي 24: 12).
كان العاملون كثيرين، ومن أجناسٍ كثيرةٍ، دليلاً على عظمة العمل، لأن البيت كان متروكًا مُهمَلاً بلا إصلاح زمانًا طويلاً.
وَلِبَنَّائِي الْحِيطَانِ وَنَحَّاتِي الْحِجَارَةِ،
وَلِشِرَاءِ الأَخْشَابِ وَالْحِجَارَةِ الْمَنْحُوتَةِ،
لِتَرْمِيمِ مَا تَهَدَّمَ مِنْ بَيْتِ الرَّبِّ،
وَلِكُلِّ مَا يُنْفَقُ عَلَى الْبَيْتِ لِتَرْمِيمِهِ. [12]
إِلاَّ أَنَّهُ لَمْ يُعْمَلْ لِبَيْتِ الرَّبِّ طُسُوسُ فِضَّةٍ وَلاَ مِقَصَّاتٌ وَلاَ مَنَاضِحُ وَلاَ أَبْوَاقٌ،
كُلُّ آنِيَةِ الذَّهَبِ وَآنِيَةِ الْفِضَّةِ مِنَ الْفِضَّةِ الدَّاخِلَةِ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ، [13]
لم تُعمل آنية لبيت الرب حتى أكملوا ترميمه. وكان البيت فارغًا، لأن الملوك كانوا قد أخذوا آنيته، وأعطوها لمحاربيهم (1 مل 14: 26؛ 15: 18).
بَلْ كَانُوا يَدْفَعُونَهَا لِعَامِلِي الشُّغْلِ،
فَكَانُوا يُرَمِّمُونَ بِهَا بَيْتَ الرَّبِّ. [14]
وَلَمْ يُحَاسِبُوا الرِّجَالَ الَّذِينَ سَلَّمُوهُمُ الْفِضَّةَ بِأَيْدِيهِمْ،
لِكَيْ يُعْطُوهَا لِعَامِلِي الشُّغْلِ،
لأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْمَلُونَ بِأَمَانَةٍ. [15]
كان المشرفون على العمل مملوءين غيرة على بيت الرب، فلم يُطلب منهم حساب عما أنفقوه.
وَأَمَّا فِضَّةُ ذَبِيحَةِ الإِثْمِ وَفِضَّةُ ذَبِيحَةِ الْخَطِيَّةِ،
فَلَمْ تُدْخَلْ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ، بَلْ كَانَتْ لِلْكَهَنَةِ. [16]
في طاعةٍ لكلمة الرب (لا 5: 16؛ عد 5: 8-9)، فضة ذبيحة الإثم وفضة ذبيحة الخطية تُعطَى للكهنة ولا تدخل بيت الرب.

3. يهوآش يُقدِّم لحزائيل ذهب بيت الرب وبيت الملك

17 حِينَئِذٍ صَعِدَ حَزَائِيلُ مَلِكُ أَرَامَ وَحَارَبَ جَتَّ وَأَخَذَهَا، ثُمَّ حَوَّلَ حَزَائِيلُ وَجْهَهُ لِيَصْعَدَ إِلَى أُورُشَلِيمَ. 18 فَأَخَذَ يَهُوآشُ مَلِكُ يَهُوذَا جَمِيعَ الأَقْدَاسِ الَّتِي قَدَّسَهَا يَهُوشَافَاطُ وَيَهُورَامُ وَأَخَزْيَا آبَاؤُهُ مُلُوكُ يَهُوذَا، وَأَقْدَاسَهُ وَكُلَّ الذَّهَبِ الْمَوْجُودِ فِي خَزَائِنِ بَيْتِ الرَّبِّ وَبَيْتِ الْمَلِكِ، وَأَرْسَلَهَا إِلَى حَزَائِيلَ مَلِكِ أَرَامَ فَصَعِدَ عَنْ أُورُشَلِيمَ.

إذ بلغ يهوياداع المئة والثلاثين من عمره مات، وسلك الملك يوآش حسب نصيحة الأمراء، فترك عبادة الله الحيّ التي كان أمينًا لها في حياة يهوياداع، وعادت عبادة الأصنام بواسطة نساء صيدون اللواتي كان قد عاقبهن في أيام رئيس الكهنة.
وعندما حاول زكريا بن يهوياداع أن يمنع هذا العمل الشرير بكل قوته بروح ناري، إذ كان واقفًا بين الهيكل والمذبح رُجِم في أرض الهيكل نفسه.
كثيرون اضطربوا لهذا التصرُّف الذي تم بأمر الملك نفسه، متجاهلاً فضْل يهوياداع عليه.
صرخ زكريا إلى الله كشاهدٍ لهذا العمل الإجرامي، قائلاً: "الرب ينظر ويطالب" (2 أي 24: 22).
v رأى الرجل القدِّيس (زكريا الكاهن) الكوارث التي ستحل سريعًا على الملك ومملكته. بعد عام غزا السريان (الأراميون) يهوذا وسلبوا الأرض واضطر يوآش لكي يُنقِذَ حياته أن يُقدِّم كل خيرات البيت الملكي والهيكل، ومع هذا فقد أُسيئت معاملته من أعدائه، فمرض ولازم الفراش، وسقط فريسة لخطة بعض خدامه وقتلوه (2 أي 24: 17-25).
القديس أفرام السرياني
حِينَئِذٍ صَعِدَ حَزَائِيلُ مَلِكُ أرام وَحَارَبَ جَتَّ وَأَخَذَهَا.
ثُمَّ حَوَّلَ حَزَائِيلُ وَجْهَهُ لِيَصْعَدَ إِلَى أُورُشَلِيمَ. [17]
"جت" كلمة عبرية تعني "معصرة"، وهي إحدى مدن فلسطين الخمس العظمى: أشدود، جت، عقرون، غزة، أشقلون. يرى أغلب الدارسين أن موقعها الحالي "عراك المنشية" يبعد حوالي 7 أميال غرب بيت جبرين. كانت إحدى مدن العناقيين (يش 11: 22)، نشأ فيها العمالقة (2 صم 21: 22؛ 1 أي 20: 6)، أشهرهم جليات الجبار الذي قتله داود النبي (1 صم 17). كانت أحد حصون الفلسطينيين، أخذها داود منهم (2 صم 15: 18؛ 1 أي 18: 1) ثم تناقلت بين أيدي الفلسطينيين (1 مل 2: 39) ويهوذا (2 أي 11: 8) وأرام (2 مل 12: 17) ثم يهوذا (2 مل 13: 25) إلخ.
هجوم أرام الوارد هنا حدث مؤخرًا في أيام يوآش. جاء هذا الهجوم كتأديب إلهي لانحراف الملك بعد موت رئيس الكهنة.
كان صعود حزائيل بتدبير الرب، تأديبًا لخطية الملك والرؤساء بتركهم الرب وقتلهم زكريا.
كان حزائيل قد ضرب جميع أرض جلعاد وباشان (2 مل 10: 32)، فبلغ إلى حدود يهوذا. ولم تكن أرض إسرائيل فاصلة بينه وبين يهوذا كما في الأول. فضرب يهوذا أيضًا إتمامًا لنبوة أليشع (2 مل 8: 12).
حارب حزائيل جت أولاً، وقصد أن يأخذ أورشليم في طريقه، وهو راجع إلى أرام.
فَأَخَذَ يَهُوآشُ مَلِكُ يَهُوذَا جَمِيعَ الأَقْدَاسِ،
الَّتِي قَدَّسَهَا يَهُوشَافَاطُ وَيَهُورَامُ وَأَخَزْيَا آبَاؤُهُ مُلُوكُ يَهُوذَا،
وَأَقْدَاسَهُ وَكُلَّ الذَّهَبِ الْمَوْجُودِ فِي خَزَائِنِ بَيْتِ الرَّبِّ وَبَيْتِ الْمَلِكِ،
وَأَرْسَلَهَا إِلَى حَزَائِيلَ مَلِكِ أرام،
فَصَعِدَ عَنْ أُورُشَلِيمَ. [18]
أرسل يهوآش خزائن بيت الرب إلى حزائيل ليصعد عن أورشليم. قدَّس يهورام وأخزيا أقداسًا لبيت الرب، كما عبدا الأصنام. فكانت عبادتهما عبادة مختلطة.
لم يَذْكُرْ سفر أخبار الأيام أن حزائيل كان حاضرًا. ربما الكلام هنا عن قائد جيش الأراميين الذي ناب عن الملك، وكان كل شيء بأمر حزائيل وتدبيره كأنه كان حاضرًا. يرى البعض أنه أولاً أرسل الجيش، ثم ذهب بعد ذلك بنفسه.
لقد تمردت مملكة إسرائيل العاصية على الرب علانية منذ نُصب عِجْلَا يربعام الذهبيين، حتى لا يشتاق الشعب إلى هيكل الرب في أورشليم، كما أقامت كهنة من غير سبط لاوي (1 مل 12: 28، 31)، وصنعت عيدًا في بيت إيل. لم نجد من ملوكهم من طلب الرب إلا مرة واحدة عندما اشتد الضيق بسبب الغزو الأرامي (2 مل 13: 4-5)، وبالفعل خلصهم الرب، "لكنهم لم يحيدوا عن خطايا بيت يربعام الذي جعل إسرائيل يخطئ، بل ساروا بها ووقفت السارية أيضًا في السامرة"...
أمام هذا العناد العلني والمستمر عبر الأجيال سلَّمهم الرب للسبي الأشوري، فتركوا أرضهم، كما تترك المرأة المطلقة بيتها الزوجي.

4. قتل يهوآش

19 وَبَقِيَّةُ أُمُورِ يُوآشَ وَكُلُّ مَا عَمِلَ، أَمَا هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ لِمُلُوكِ يَهُوذَا؟ 20 وَقَامَ عَبِيدُهُ وَفَتَنُوا فِتْنَةً وَقَتَلُوا يُوآشَ فِي بَيْتِ الْقَلْعَةِ حَيْثُ يَنْزِلُ إِلَى سَلَّى. 21 لأَنَّ يُوزَاكَارَ بْنَ شِمْعَةَ وَيَهُوزَابَادَ بْنَ شُومِيرَ عَبْدَيْهِ ضَرَبَاهُ فَمَاتَ، فَدَفَنُوهُ مَعَ آبَائِهِ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ، وَمَلَكَ أَمَصْيَا ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ.

وَبَقِيَّةُ أُمُورِ يَهُوآشَ وَكُلُّ مَا عَمِلَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ لِمُلُوكِ يَهُوذَا. [19]
جاء في (2 أي 24: 25) أنه عند ذهاب الأراميين تركوه مريضًا بأمراضٍ كثيرة، فلازم الفراش، واغتنم عبداه الفرصة ليقتلاه.
وَقَامَ عَبِيدُهُ وَفَتَنُوا فِتْنَةً،
وَقَتَلُوا يَهُوآشَ فِي بَيْتِ الْقَلْعَةِ حَيْثُ يَنْزِلُ إِلَى سَلَّى. [20]
بيت القلعة: بناها سليمان (1 مل 9: 15، 24)، وكان يوآش قد التجأ إليها وقت الخطر.
جُرِحَ يهوآش جرحًا خطيرًا عندما هاجمه جيش أرام بشرذمة قليلة (2 أي 24: 24-25). تعرَّض للاغتيال بواسطة اثنين من عبيده زاباد بن شمعة ويهوزاباد بن شمريت.
لم يدفنوه في قبور الملوك وإن كانوا قد دفنوه في مدينة داود، وذلك بسبب ارتداده عن عبادة الله وقتل زكريا بن يهوياداع (2 أي 24: 17-22).
أسباب مؤامرة الضباط على يوآش وردت في (2 أي 17:24-26). لقد بدأ يوآش في عبادة الأوثان، وقتل زكريا النبي، وانهزم أمام الأراميين. هكذا انحلت حياته، وصارت مملكته في خطر بسبب رجوعه عن الله.
قتله الضباط ليس لابتعاده عن الله، وإنما لارتباك شئون المملكة؛ وكأن الله سمح بقتله حين انحرف إلى الشر بإصرار، على أيدي أُناس أشرار.
إذ قتل زكريا بن يهوياداع، سمح الله بقتله بواسطة عبديه.
لأَنَّ يُوزَاكَارَ بْنَ شِمْعَةَ وَيَهُوزَابَادَ بْنَ شُومِيرَ عَبْدَيْهِ ضَرَبَاهُ فَمَاتَ،
فَدَفَنُوهُ مَعَ آبَائِهِ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ،
وَمَلَكَ أَمَصْيَا ابْنُهُ عِوَضاً عَنْهُ. [21]
دفنوه في مدينة داود، ولم يدفنوه في قبور الملوك، دليلاً على عدم تمتعه بالإكرام اللائق بالملوك.

من وحي 2 مل 12

من يُقِيم مملكتك فيَّ سواك؟

v اهتم يوآش بترميم هيكلك في أورشليم الأرضية.
والتهبتْ القلوب لجمْعِ الفضة، والاشتراك في الترميم.
والآن، هوذا هيكلك في داخلي قد أهملتُه بإرادتي.
لا يحتاج ترميمه إلى ذهب وفضة وحجارة،
بل قدَّمتَ تكلفته على الصليب.
روحك القدوس يُقِيم منه فردوسًا سماويًا.
لا يحتاج إلى حراسة زمنية،
ولا إلى إمكانيات مادية.
تُقِيم منه فردوسًا سماويًا،
حيث تغرس صليبك المحيي فيه.
تغرس فيه شجرة الحياة،
ولا تجد شجرة معرفة الخير والشر مكانًا لها فيه.
لن تستطيع الحية أن تتسلل إليه في حضورك الإلهي.
ولن تميل أذني للاستماع إليها،
ما دام صوتك يُبهِجُ أعماقي.
v هيكلك في داخلي موضع مسرة أبيك،
ومعمل روحك الناري المحبوب لديه،
أيقونة حية للسماء وعربون للحياة السماوية.
v ماذا أدعو هذا الهيكل الذي أعدته يمينك.
هو مسكن لك، وحضور عجيب لجلالك.
هو مستشفى للنفوس،
حيث بجراحاتك تشفي كل أمراضي.
هو ميناء الراحة،
كل من يتعب يستظل فيه تحت جناحيك.
هو كنز، لا تَقْدِر قوات إبليس أن تسلبه!
هو موضع شهادة حية لك،
وسفارة للسماء على الأرض!
هو موضع لقاء السمائيين مع الإنسان الضعيف.
هو بيت الحب الإلهي والأخوي،
تسند رأسك فيه وتستريح!
v لتُقمْ ملكوتك في أعماقي،
وتقتلع كل جذور الخطية مني.
لتستلم كل كياني وقدراتي ومواهبي،
تُقدِّسها لك، فلا يكون لعدو الخير شيء في داخلي.
لأنسحب تمامًا من مملكته،
ولا أترك في أرضه ظلفًا.
بك أسحقُ الشر،
ولا أترك فكرًا شريرًا يختفي في داخلي.
بك يا صخرة الدهور أضرب كل طفلٍ لإبليس قاطن في أعماقي!
قدَّسني إلى التمام،
فأحملَ أيقونتك المُفرِحة!



عظام أليشع ترد ميتًا إلي الحياة!


هنا ينتقل بنا الكاتب من أخبار ملوك يهوذا إلى أخبار ملوك إسرائيل.
في هذا الأصحاح ندرك قول السيد المسيح: "أبي يعمل حتى الآن، وأنا أعمل" (يو 5: 17). فإن الله في محبته لا يتوقف عن العمل لحسابنا، لكنه لا يُلزِمنا أن نَقْبَلَ عمله فينا أو لحسابنا. يد الله عاملة خاصة في وقت الضيق (1-13)، عاملة بالقليل كما بالكثير (14-21)، وعاملة حسب أمانته في عهوده (22-25).

1. يهوآحاز يستمر في خطايا أسلافه

1 فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ وَالْعِشْرِينَ لِيُوآشَ بْنِ أَخَزْيَا مَلِكِ يَهُوذَا، مَلَكَ يَهُوأَحَازُ بْنُ يَاهُو عَلَى إِسْرَائِيلَ فِي السَّامِرَةِ سَبْعَ عَشَرَةَ سَنَةً. 2 وَعَمِلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، وَسَارَ وَرَاءَ خَطَايَا يَرُبْعَامَ بْنِ نَبَاطَ الَّذِي جَعَلَ إِسْرَائِيلَ يُخْطِئُ. لَمْ يَحِدْ عَنْهَا. 3 فَحَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى إِسْرَائِيلَ، فَدَفَعَهُمْ لِيَدِ حَزَائِيلَ مَلِكِ أَرَامَ، وَلِيَدِ بَنْهَدَدَ بْنِ حَزَائِيلَ كُلَّ الأَيَّامِ. 4 وَتَضَرَّعَ يَهُوأَحَازُ إِلَى وَجْهِ الرَّبِّ، فَسَمِعَ لَهُ الرَّبُّ لأَنَّهُ رَأَى ضِيقَ إِسْرَائِيلَ، لأَنَّ مَلِكَ أَرَامَ ضَايَقَهُمْ. 5 وَأَعْطَى الرَّبُّ إِسْرَائِيلَ مُخَلِّصًا، فَخَرَجُوا مِنْ تَحْتِ يَدِ الأَرَامِيِّينَ. وَأَقَامَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي خِيَامِهِمْ كَأَمْسِ وَمَا قَبْلَهُ. 6 وَلكِنَّهُمْ لَمْ يَحِيدُوا عَنْ خَطَايَا بَيْتِ يَرُبْعَامَ الَّذِي جَعَلَ إِسْرَائِيلَ يُخْطِئُ، بَلْ سَارُوا بِهَا. وَوَقَفَتِ السَّارِيَةُ أَيْضًا فِي السَّامِرَةِ. 7 لأَنَّهُ لَمْ يُبْقِ لِيَهُوأَحَازَ شَعْبًا إِلاَّ خَمْسِينَ فَارِسًا وَعَشَرَ مَرْكَبَاتٍ وَعَشَرَةَ آلاَفِ رَاجِل، لأَنَّ مَلِكَ أَرَامَ أَفْنَاهُمْ وَوَضَعَهُمْ كَالتُّرَابِ لِلدَّوْسِ. 8 وَبَقِيَّةُ أُمُورِ يَهُوأَحَازَ وَكُلُّ مَا عَمِلَ وَجَبَرُوتُهُ، أَمَا هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ لِمُلُوكِ إِسْرَائِيلَ؟ 9 ثُمَّ اضْطَجَعَ يَهُوأَحَازُ مَعَ آبَائِهِ، فَدَفَنُوهُ فِي السَّامِرَةِ، وَمَلَكَ يُوآشُ ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ.

سلك يهوآحاز في الشر، فجلب لإسرائيل العبودية لملوك غرباء [3]، لكنه في وسط الضيق، إذ تضرع إلى وجه الرب سمع له، وخلَّصهم الرب من يد الأراميين. كما يقول المرتل: "لم يصنع معنا حسب خطايانا، ولم يجازنا حسب آثامنا" (مز 103: 10).
فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ وَالْعِشْرِينَ لِيَهُوآشَ بْنِ أَخَزْيَا مَلِكِ يَهُوذَا،
مَلَكَ يهوآحاز بْنُ يَاهُو عَلَى إِسْرَائِيلَ فِي السَّامِرَةِ سَبْعَ عَشَرَةَ سَنَةً. [1]
ملك يهوآش ملك يهوذا في السنة السابعة لياهو (2 مل 12: 1)، وملك ياهو 28 سنة، فكان جلوس ابنه يهوآحاز بعد جلوس يوآش ملك يهوذا بمدة 21 سنة. وبما أن هذه المدة هي 21 سنة مع عدة أشهر، وإذا حسبنا جزءًا من سنة في الأول، وجزءًا من سنة في الأخير تصير 23 سنة.
"يهوآحاز" معناها "الرب يمسك". بعد قرنين أٌقيم ملك بنفس الاسم على يهوذا بعد موت أبيه الصالح يوشيا (2 مل 23: 31).
اتبع آحاز ملك إسرائيل سياسة أسلافه، من جهة مساندة عبادة العجل. فصار ارتداد إسرائيل عن عبادة الله الحقيقي في تزايد أكثر مما كان عليه الحال في أيام والده ياهو. لذا حلَّ التأديب بالمملكة بأكثر حزمٍ وحدَّةٍ، أما أداة التأديب فكانت حزائيل الأرامي وابنه القائد بنهدد، بينما كان الجيش الإسرائيلي يضعف من جهة العدد والقوة.
وَعَمِلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ،
وَسَارَ وَرَاءَ خَطَايَا يَرُبْعَامَ بْنِ نَبَاطَ الَّذِي جَعَلَ إِسْرَائِيلَ يُخْطِئُ.
لَمْ يَحِدْ عَنْهَا. [2]
خطايا يربعام هي السجود للعجلين في بيت إيل ودان، وإقامة كهنة من غير نسل هرون، وتغيير أوقات الأعياد (1 مل 12: 28-33). لم يُقل إن يهوآحاز ارتكب شيئًا جديدًا من الخطايا، إنما استمر في خطايا أسلافه التي كان يجب تركها.
فَحَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى إِسْرَائِيلَ،
فَدَفَعَهُمْ لِيَدِ حَزَائِيلَ مَلِكِ أرام،
وَلِيَدِ بَنْهَدَدَ بْنِ حَزَائِيلَ كُلَّ الأَيَّامِ. [3]
كان بنهدد الثالث بن حزائيل قائد الجيش في أيام والده، صارت له شهرة في الأيام الأخيرة لوالده [24].
قوله "كل الأيام"، لا يقصد بها أيام الملكين الأراميين حزائيل وابنه بنهدد، لأن بنهدد فقد المدن التي كسبتها أرام من يهوآحاز [25]، إنما يقصد كل أيام يهوآحاز [22] أو كل أيام حزائيل.
وَتَضَرَّعَ يهوآحاز إِلَى وَجْهِ الرَّبِّ،
فَسَمِعَ لَهُ الرَّبُّ، لأَنَّهُ رَأَى ضِيقَ إِسْرَائِيلَ،
لأَنَّ مَلِكَ أرام ضَايَقَهُمْ. [4]
بالرغم من أن يهوآحاز لم يحد عن خطايا بيت يربعام [6]، لكنه إذ سقط في ضيقة شديدة، تضرع إلى وجه الرب، سمع له وأرسل لهم خلاصًا، وذلك من أجل طول أناة الله (1 مل 21: 25-29؛ 2 بط 3: 9). سمع الرب، لكنه لم يُعطِ إسرائيل مخلصًا في أيامه، بل في أيام ابنه يوآش [25] وحفيده يربعام (2 مل 14: 25-27).
لقد رجع الشعب إلى الله لكن إلى حين، ولم تكن قلوبهم مستقيمة، إذ لم يحيدوا عن خطايا بيت يربعام، ولا أزالوا تمثال عشتاروت من السامرة. نحتاج في التوبة أن تكون صادقة، نَقْبَلُ الله واهب الخير، وننتزع بكل قوةٍ كل أثرٍ للخطية.
وَأَعْطَى الرَّبُّ إِسْرَائِيلَ مُخَلِّصًا،
فَخَرَجُوا مِنْ تَحْتِ يَدِ الأراميين.
أَقَامَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي خِيَامِهِمْ كَأَمْسِ وَمَا قَبْلَهُ. [5]
لم يُحَدَّدْ هنا اسم مُخَلِّص إسرائيل، ربما استخدم الملك الأشوري Adad-Nerari III لإنقاذهم، وذلك كما جاء في إشعياء عن كورش الملك الفارسي الذي وضع الله في قلبه أن يسمح لليهود بالعودة إلى أورشليم، وقد دعاه مسيحه (إش 44: 28؛ 45: 1).
كانت أرام في حدود شمال إسرائيل في حرب دائمة مع إسرائيل. إذ كانت تشعر بأن إسرائيل تسد عنها الطريق التجاري العابر نحو الجنوب، وتشعر إسرائيل بأن أرام تسد الطريق الشمالي لتجارتها. كل منهما تحارب الأخرى، لكي تفتح أمامها المجال لازدهار اقتصادها. لكن ما حدث أنهما انشغلتا بالحروب المستمرة، فحطمت كل منهما الأخرى، ولم تدرك إحداهما خطورة أشور، التي كانت تتزايد في القوة حتى دهمتهما (2 مل 9:16؛ 6:17).
وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَحِيدُوا عَنْ خَطَايَا بَيْتِ يَرُبْعَامَ،
الَّذِي جَعَلَ إِسْرَائِيلَ يُخْطِئُ، بَلْ سَارُوا بِهَا،
وَوَقَفَتِ السَّارِيَةُ أَيْضًا فِي السَّامِرَةِ. [6]
عمل أخآب سواري في السامرة (1 مل 16: 32- 33)، وما يتبعها من رجاسات دنسة. كانت السارية عبارة عن شجرة مقدسة أو عمود من الخشب، وهي علامة مُسْتَخْدَمَة في عبادة الإله عشتاروت أو الزُّهَرَة. كان لها دور جنسي، تعتبر عبادة خصوبة كنعان. وكان رفع هذه السارية في قاعدة المملكة شهادة دائمة على خيانة إسرائيل.
الله من جانبه يستخدم كل وسيلة، اللطف كما الحزم، لعل المؤمن أو الشعب يرجع إليه، ويتمتع بالشركة معه. لكن الخطورة مع الشعور بالحاجة إلى الرجوع لله، يبقى قلبنا ملتصقًا بخطية أو خطايا معينة، فيعرّج بين طريقين، طريق الحياة المقدسة في الرب، وطريق الارتباط بلذة معينة باطلة.
الله من أجل حبه الشديد لنا وأمانته في مواعيده يسمح بالضيق إلى حين حتى نطلب نعمته، ونرجع بكل القلب إليه.
يُقَدِّم لنا المرتل خبرته: "عند كثرة همومي في داخلي، تعزياتك تلذذ نفسي" (مز 94: 19). هذه التعزيات تصدر منه لا لرفع الضيق فحسب، وإنما إلى ما هو أعظم؛ أي تحويل الضيقة إلى مصدر بنيان للنفس وخبرة حياة مع الله.
لأَنَّهُ لَمْ يُبْقِ لِيهوآحاز شَعْبًا،
إِلاَّ خَمْسِينَ فَارِسًا وَعَشَرَ مَرْكَبَاتٍ وَعَشَرَةَ آلاَفِ رَاجِلٍ،
لأَنَّ مَلِكَ أرام أَفْنَاهُمْ، وَوَضَعَهُمْ كَالتُّرَابِ لِلدَّوْسِ. [7]
كثيرًا ما يُشبِّه الكتاب المقدس الشعب حين يسقط تحت التأديب، بحِزَمٍ أو سنابل القمح حيث تُدرَس بالدوس عليها بواسطة الحيوانات وهي تدور عليها بالمِدْراس، كما بالشخص الذي يقود الحيوانات (إش 21: 10؛ إر 51: 33؛ مي 4: 12).
حقًا تحتوي سنابل القمح على كمية ضخمة من القش وكمية أقل من الحنطة، فإن كنا أثناء التأديب نصير تحت الأقدام تدوسنا الحيوانات والبشر، لكن التأديب يقطع عيدان القش إلى أجزاء صغيرة، كما تنقطع السنابل، فيسهُل فرز الحنطة من القش. بالتأديب يتحطم الشر فينا، ويعمل روح الله، لكي نحمل ثمر الروح!
هكذا في أيام يهوآحاز سمح الله بتأديبٍ حازمٍ، فصارت مملكة كما بغير جيش يحميها، بل وبدت المملكة كأنها قد تدمّرت وصارت في التراب!
وَبَقِيَّةُ أُمُورِ يهوآحاز وَكُلُّ مَا عَمِلَ وَجَبَرُوتُهُ،
أَمَا هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ لِمُلُوكِ إِسْرَائِيلَ. [8]
إن كانوا قد سقطوا تحت التأديب بهذه الصورة المؤلمة، فإن علة انهيارهم ليست ضعف الملك وعجزه، وإنما فساده، لذلك يؤكد الكاتب بخصوص يهوآحاز: "وكل ما عمل وجبروته". فالملك لا تنقصه الشجاعة، إنما ينقصه برّ الله الذي يسنده.
ثُمَّ اضْطَجَعَ يهوآحاز مَعَ آبَائِهِ،
فَدَفَنُوهُ فِي السَّامِرَةِ،
وَمَلَكَ يُوآشُ ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ. [9]
ربما كانت هناك قبور مخصصة لملوك إسرائيل في السامرة، كما لملوك يهوذا في أورشليم (2 أي 28: 27). وكان دفن الملك في قبور الملوك علامة لها اعتبارها له.

2. يوآش يستمر في خطايا أسلافه

10 فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ وَالثَّلاَثِينَ لِيُوآشَ مَلِكِ يَهُوذَا، مَلَكَ يَهُوآشُ بْنُ يَهُوأَحَازَ عَلَى إِسْرَائِيلَ فِي السَّامِرَةِ سِتَّ عَشَرَةَ سَنَةً. 11 وَعَمِلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، وَلَمْ يَحِدْ عَنْ جَمِيعِ خَطَايَا يَرُبْعَامَ بْنِ نَبَاطَ الَّذِي جَعَلَ إِسْرَائِيلَ يُخْطِئُ، بَلْ سَارَ بِهَا. 12 وَبَقِيَّةُ أُمُورِ يُوآشَ وَكُلُّ مَا عَمِلَ وَجَبَرُوتُهُ وَكَيْفَ حَارَبَ أَمَصْيَا مَلِكَ يَهُوذَا، أَمَا هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ لِمُلُوكِ إِسْرَائِيلَ؟ 13 ثُمَّ اضْطَجَعَ يُوآشُ مَعَ آبَائِهِ، وَجَلَسَ يَرُبْعَامُ عَلَى كُرْسِيِّهِ. وَدُفِنَ يُوآشُ فِي السَّامِرَةِ مَعَ مُلُوكِ إِسْرَائِيلَ.

فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ وَالثَّلاَثِينَ لِيُوآشَ مَلِكِ يَهُوذَا،
مَلَكَ يَهُوآشُ بْنُ يَهُوأَحَازَ عَلَى إِسْرَائِيلَ فِي السَّامِرَةِ سِتَّ عَشَرَةَ سَنَةً. [10]
اشترك يوآش بن يهوآحاز في الحكم لمدة سنتين قبل موت أبيه. هنا يتحدث عن اشتراكه في الحكم قبل نياحة أليشع النبي بمدة قليلة. لقد ملك في السامرة ست عشرة سنة، تضم فيها السنتين لحكمه في شركة مع أبيه.
لعل دعوة حفيد ياهو باسم "يوآش" كان نوعًا من تكريم نسل داود، حيث ملك الطفل يوآش على يهوذا. وكان ذلك في وقت حدث فيه نوع من السلام بين المملكتين.
وَعَمِلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ،
وَلَمْ يَحِدْ عَنْ جَمِيعِ خَطَايَا يَرُبْعَامَ بْنِ نَبَاطَ الَّذِي جَعَلَ إِسْرَائِيلَ يُخْطِئُ،
بَلْ سَارَ بِهَا. [11]
وَبَقِيَّةُ أُمُورِ يُوآشَ وَكُلُّ مَا عَمِلَ وَجَبَرُوتُهُ،
وَكَيْفَ حَارَبَ أَمَصْيَا مَلِكَ يَهُوذَا،
أَمَا هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ لِمُلُوكِ إِسْرَائِيلَ. [12]
في البداية ذَكَرَ الستة عشر عامًا لحكم يهوآش بن يهوآحاز بن ياهو على إسرائيل، ولم يذكر شيئًا بالتفصيل [10-13]، غير أنه ذكر ثلاثة أمور تمت في عهده: موت أليشع النبي [14-22]، وحملات عسكرية ونصراته على أرام [24-25]، وحربه مع أمصيا ملك يهوذا [12؛ 14: 8-14].
في حياة ياهو وُجدتْ لحظات صالحة، وتمتَّع ملوك إسرائيل بمكافآت من قبل الرب، لكن لم يوجد لا في ياهو ولا في نسله الذين حكموا إسرائيل لأربعة أجيال ملك واحد خدم الرب بكل قلبه، إذ لم يحد أحدهم عن خطايا يربعام الذي جعل إسرائيل يخطئ (2 مل 10: 31).
ربما يقصد بجبروت يوآش ملك السامرة نصرته على أمصيا ملك يهوذا (2 مل 14: 12-15؛ 2 أي 25: 20-27).
ثُمَّ اضْطَجَعَ يُوآشُ مَعَ آبَائِهِ،
وَجَلَسَ يَرُبْعَامُ عَلَى كُرْسِيِّهِ.
وَدُفِنَ يُوآشُ فِي السَّامِرَةِ مَعَ مُلُوكِ إِسْرَائِيلَ. [13]



3. مرض أليشع النبي ونياحته

14 وَمَرِضَ أَلِيشَعُ مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ بِهِ، فَنَزَلَ إِلَيْهِ يُوآشُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ، وَبَكَى عَلَى وَجْهِهِ وَقَالَ: «يَا أَبِي، يَا أَبِي، يَا مَرْكَبَةَ إِسْرَائِيلَ وَفُرْسَانَهَا». 15 فَقَالَ لَهُ أَلِيشَعُ: «خُذْ قَوْسًا وَسِهَامًا». فَأَخَذَ لِنَفْسِهِ قَوْسًا وَسِهَامًا. 16 ثُمَّ قَالَ لِمَلِكِ إِسْرَائِيلَ: «رَكِّبْ يَدَكَ عَلَى الْقَوْسِ». فَرَكَّبَ يَدَهُ، ثُمَّ وَضَعَ أَلِيشَعُ يَدَهُ عَلَى يَدَيِ الْمَلِكِ 17 وَقَالَ: «افْتَحِ الْكَوَّةَ لِجِهَةِ الشَّرْقِ». فَفَتَحَهَا. فَقَالَ أَلِيشَعُ: «ارْمِ». فَرَمَى. فَقَالَ: «سَهْمُ خَلاَصٍ لِلرَّبِّ وَسَهْمُ خَلاَصٍ مِنْ أَرَامَ، فَإِنَّكَ تَضْرِبُ أَرَامَ فِي أَفِيقَ إِلَى الْفَنَاءِ». 18 ثُمَّ قَالَ: «خُذِ السِّهَامَ». فَأَخَذَهَا. ثُمَّ قَالَ لِمَلِكِ إِسْرَائِيلَ: «اضْرِبْ عَلَى الأَرْضِ». فَضَرَبَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ وَوَقَفَ. 19 فَغَضِبَ عَلَيْهِ رَجُلُ اللهِ وَقَالَ: «لَوْ ضَرَبْتَ خَمْسَ أَوْ سِتَّ مَرَّاتٍ، حِينَئِذٍ ضَرَبْتَ أَرَامَ إِلَى الْفَنَاءِ. وَأَمَّا الآنَ فَإِنَّكَ إِنَّمَا تَضْرِبُ أَرَامَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ». 20 وَمَاتَ أَلِيشَعُ فَدَفَنُوهُ. وَكَانَ غُزَاةُ مُوآبَ تَدْخُلُ عَلَى الأَرْضِ عِنْدَ دُخُولِ السَّنَةِ.

وسط هذا الفساد على مستوى الملك ورجاله والقادة والشعب وُجِدَ إنسان تقي، هو أليشع النبي، الذي له أيضًا ضعفاته. ولكن من أجل إخلاصه وإيمانه وسلوكه في الرب، قدَّم قوة الله للملك أفضل من كل الجيش، لهذا إذ مرض، بكاه الملك، قائلا: "يا أبي، يا أبي، يا مركبة إسرائيل وفرسانها" [14]. وفي اللحظات الأخيرة قدَّم له فرصة ليقول له: "سهم خلاص للرب، وسهم خلاص من أرام، فإنك تضرب أرام في أفيق إلى الفناء" [17].
مات أليشع ودفنوه، لكن إذ لمس ميت عظامه في القبر قام على رجليه! هكذا يعمل الله بالقلة القليلة المقدسة، ولو كانت شخصًا واحدًا!
وَمَرِضَ أليشع مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ بِهِ،
فَنَزَلَ إِلَيْهِ يُوآشُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ
وَبَكَى عَلَى وَجْهِهِ، وَقَالَ:
يَا أَبِي، يَا أَبِي، يَا مَرْكَبَةَ إِسْرَائِيلَ وَفُرْسَانَهَا. [14]
مرض أليشع في حوالي السنة العاشرة من يوآش، بهذا يكون قد امتدت مدة خدمة أليشع كنبي 65 عامًا. بكى يوآش على أليشع الشيخ، وكرَّر نفس الكلمات التي نطق بها أليشع عند صعود إيليا النبي (2 مل 2: 12). وكأن أليشع قد التصق بمُعَلِّمِه منذ بدء خدمته حتى لحظات موته.
خشى الملك يوآش ملك إسرائيل موت أليشع النبي، وكانت قد مضت 43 سنة على الأقل منذ آخر مرة ذُكِرَ فيها أليشع (2 مل 1:9)، لكنه كان يشعر ببركة وجوده وصلواته.
كان عُمْرُ أليشع نحو ثمانين سنة، ونزول الملك إليه دليل على اعتباره له وللرب الذي كان أليشع يخدمه.
"بكى على وجهه"، أي نزلت دموعه على وجه أليشع وهو مضطجع على سريره. عبَّر الملك عن إيمانه بأن أعظم قوة لإسرائيل هي معونة الرب بواسطة أليشع، لذلك دعاه "يا أبي".
مع ما اتسم به يوآش ملك إسرائيل من الشر، غير أنه أظهر جانبًا طيبًا وإيمانًا أن الله يحفظ شعبه ويسمع لكلمات نبيه من أجلهم.
إن كان الكتاب المقدس قد شهد على يوآش أنه "عمل الشر في عينيّ الرب"، غير أنه يذكر الجانب الصالح الذي فيه. الله لا ينسى كأس ماء بارد يُقدَّم باسمه.
فَقَالَ لَهُ أليشع: خُذْ قَوْسًا وَسِهَامًا.
فَأَخَذَ لِنَفْسِهِ قَوْسًا وَسِهَامًا. [15]
نجح يوآش نسبيًا في طاعة أليشع عند موته لكن لم يستمر. لقد وضع أليشع يده على يدي الملك علامة اشتياقه أن يبارك الرب عمله، وبالفعل انتصر على الجيش الأرامي ثلاث مرات، لكنه لم يتمتع بالنصرة النهائية.
v دعا النبي: "مركبة إسرائيل وفرسانها"، لأن سلام المملكة وانتصارات إسرائيل كانت تتوقف على صلاته وتدبيره.
كافأ النبي الحب الذي لدموعه، وقال له: "خذ قوسًا وسهامًا". ثم وضع أليشع يده على يدي الملك وأمره أن يفتح الكوّة، ويتجه نحو الشرق ويصوِّب السهام. صوَّب سهمًا، فقال له أليشع: [سهم الرب للنصرة، سهم نصرة على أرام].
بالحقيقة كانت الكوّة متجهة نحو أرام، "إنك تضرب أرام في أفيق إلى الفناء" [17].
هذه العبارة تحمل معنيين روحيين:
الأول: أن الله ربط نصرة بني إسرائيل بتلك العلامة التي لم تكن بالأمر الجديد، فقد وُجدت من قرون طويلة... عندما أرسل الله ضربات على مصر وحرَّر الشعب، اعتمد ذلك على عصا موسى (خر 4: 17). وأيضًا اعتمد هلاك عماليق على رفع يديّ موسى أثناء الصلاة (خر 17: 9-13)، ودمار مدينة عاي على مد يشوع للمزراق الذي بيده (يش 8: 18-19).
كان من المناسب للموقف أن يقوم الأمر هكذا حتى يعرف الشعب بكل تأكيد أن معونة الرب قد وُهبت لهم، في لحظة نوال هذه النعمة، وتبقى ذكرى النعمة متغلغلة في قلوبهم. فإن النبي وحده كان يعرف السرّ، بينما كان مخفيًا عن الملك. وإلا ما كان قد توقف عن ضرب الأرض ثلاث مرات، بل جعلها عشرة. وإذ كان مترددًا وانسحب لامه أليشع، ليس لأنه ارتكب خطأ ما، وإنما لأنه حرَّم أبناء شعبه من النصرة والنفع العظيم بإبادة الأراميين وإزالة مملكتهم، الأمر الذي كان يرغبه أليشع بقوة.
صار حزينًا، لأن أمله خاب بواسطة الملك الذي توقف ولم يضاعف الضربات الموصوفة له. أما المانع الحقيقي لتوقف النعمة، فهو ارتداد الملك والشعب، وإرادتهم المتمردة في عبادة الأوثان. هذا هو السبب الذي عاق عطية النعمة التي عنت بها هذه العلامة.
القديس أفرام السرياني
ثُمَّ قَالَ لِمَلِكِ إِسْرَائِيلَ: رَكِّبْ يَدَكَ عَلَى الْقَوْسِ.
فَرَكَّبَ يَدَهُ، ثُمَّ وَضَعَ أليشع يَدَهُ عَلَى يَدَيِ الْمَلِكِ [16]
وضع أليشع يده على يدي الملك، لكي يعلم الملك أن ما سيعمله بيده إنما بمساندة يد الرب، وليس بقدرته هو.
ما هي يدّ أليشع التي حملت قوة ليديّ الملك سوى كنيسة المسيح التي تُقدِّم للمؤمن كملكٍ قوة الله للخلاص، فيضرب بالصليب [سهم الرب للخلاص] من عدو الخير، ولا يتوقف عن ضربه حتى تتم النصرة النهائية على مملكة الظلمة.
تلامست يدا الملك مع يد أليشع رمز المسيح، وذلك كما لمست الكنعانية هُدْب ثوب المسيح، أي كنيسته، فخرجت منه قوة، وتمتعت بالشفاء!
v حقيقة أن أليشع وضع يده على يديّ الملك، تُظهِرُ أن يديّ الملك الضعيفتين تتقويان بالقوة التي في يديّ النبي الذي يقف هنا في موضع سيده. حتى يمكن لتلك اليدين أن تحطما أرام، وأن تفنيه بعد أن حطَّم أرام إسرائيل لإفنائه.
واضح أن بني إسرائيل في أيام يورام ضعفوا جدًا، فلم يكن في المدينة الملوكية سوى خمسة خيول، وفي أيام ابنه لم يكن سوى عشر مركبات في البلاد بأسرها وخمسين فارسًا وعشرة آلاف جنديًا من المشاة، كما يقول الكتاب، لأن ملك أرام أهلكهم وجعلهم كالتراب في درس الغلة [7]. بينما كان للعبرانيين في أيام سليمان 52 ألفًا من الخيول في إسطبلات الملك، وأرسل يربعام 800 ألفًا من الشجعان للحرب الذين تجمعوا من سبطيّ يهوذا وبنيامين.
المعنى الثاني الروحي هو أن العلامة تنقسم إلى رمزين، كل منهما له معناه الخاص به.
القديس أفرام السرياني
وَقَالَ: افْتَحِ الْكُوَّةَ لِجِهَةِ الشَّرْقِ، فَفَتَحَهَا.
فَقَالَ أليشع: ارْمِ، فَرَمَى.
فَقَالَ: سَهْمُ خَلاَصٍ لِلرَّبِّ، وَسَهْمُ خَلاَصٍ مِنْ أرام،
فَإِنَّكَ تَضْرِبُ أرام فِي أَفِيقَ إِلَى الْفَنَاءِ. [17]
طلب منه أن يفتح الكوة لجهة الشرق، لأن أعداء إسرائيل، أي الأراميون، كانوا في الشرق. كان هذا التصرُّف يُستخدَّم كإعلان عن قيام حربٍ. أحيانًا يفعل الشخص هذا الأمر ويكرره دون أن يبدأ بالهجوم حتى يمكن عمل اتفاقيات، فإن لم يحدث استجابة لمدةٍ معينةٍ يبدأ الشخص أو الجيش بالهجوم الفعلي.
v[سهم الرب للخلاص] يعني بوضوح ربنا ومخلصنا الذي عُلِّق على الخشبة يهب روحه. وبروحه ينزل إلى حصن الهاوية ويخلص الأبرار الذين سُجنوا هناك، وبعد قيامته يُخضِع المسكونة كلها برسله القديسين، ويهب حياة جديدة للذين يؤمنون باسمه.
من الجانب الآخر، إن حقيقة السهم الذي صوِّب من الكُوّة المتجهة نحو الشرق تعني إتمام خلاصنا الذي يتحقق بصعود ربنا، ويصعد إلى ما هو أعلى من السماوات الشرقية (مز 68: 34).
بصعوده يرفع الأبواب الدهرية، ويُصعِدنا كطغمة من النسبيين إلى السماء (أف 4: 8).
مرة أخرى فإن السهم الذي صُوِّب نحو الأرض وسُحب أو ترك الأرض، يشير إلى دفن ربنا وقيامته بعد أن نزل وأقام في قلب الهاوية، في أرض الأموات.
أيضًا لاحظوا بتمييز أن أرض إسرائيل تُضرَب بثلاثة سهام، وأما مملكة أرام فتنهزم في ثلاث معارك، وذلك على شبه جسد ربنا المُكرَّم الذي اُبتلي بالشوك والمسامير والحربة ولم يفسد. حُطِّم سلطان إبليس الخاص بالموت ثلاث مرات. بالحق سحق الشيطان وأزال الخطية والموت.
مرة أخرى صُوِّب السهم ثلاث مرات واستقر على الأرض، وأعطاهم رجاء القيامة التي للقديسين.
القديس أفرام السرياني
ثُمَّ قَالَ: خُذِ السِّهَامَ. فَأَخَذَهَا.
ثُمَّ قَالَ لِمَلِكِ إِسْرَائِيلَ: اضْرِبْ عَلَى الأَرْضِ.
فَضَرَبَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ وَوَقَفَ. [18]
أولاد الله لن يتوقفوا أو يتهاونوا في معركتهم مع إبليس، حتى يسحقوا بالمسيح رأس الحيّة، ويعلن رب المجد النصرة في أعماقهم.
فَغَضِبَ عَلَيْهِ رَجُلُ الله، وَقَالَ:
لَوْ ضَرَبْتَ خَمْسَ أَوْ سِتَّ مَرَّاتٍ حِينَئِذٍ ضَرَبْتَ أرام إِلَى الْفَنَاءِ.
وَأَمَّا الآنَ فَإِنَّكَ إِنَّمَا تَضْرِبُ أرام ثَلاَثَ مَرَّاتٍ. [19]
غضب عليه، لأن الملك طلب القليل بينما الرب مستعد أن يعطيه الكثير. لعل تصرُّف الملك دلَّ على ضعف إيمانه.
كان يليق بالملك أن يضرب الأرض بالسهام ولا يتوقف حتى يطلب منه النبي ذلك، محققًا خطة الله العاملة، فينال نصرة على العدو. هكذا يجب ألا نأتمن أفكارنا الجسدية (الأرض)، بل نضرب بسهام الروح القدس المستمرة بلا توقُّف حتى تتقدس أرضنا الداخلية، وتتحوَّل إلى سماء. هكذا تتحقق خطة الله فينا، ونُعلِن طاعتنا له، حيث نصير بالحق وكالة السماء وأيقونة المسيح الحيّة.
وَمَاتَ أليشع فَدَفَنُوهُ.
وَكَانَ غُزَاةُ مُوآبَ تَدْخُلُ عَلَى الأَرْضِ عِنْدَ دُخُولِ السَّنَةِ. [20]
مات أليشع ودُفن جثمانه في قبر، ولم يصعد كمُعَلِّمه في مركبات نارية إلى السماء. لكن كشف الله عن قداسة هذا الجثمان الذي جاهد مع النفس كل هذه السنوات، لذلك سمح الله بإقامة ميت لمجرد لمسه لعظام أليشع.
ذكر دخول هؤلاء الغزاة كأنه أمر عادي يحدث كل سنة، ووصولهم إلى أواسط البلاد دليل على ضعف إسرائيل.
v دفنه تلاميذه بنو الأنبياء. يبدو أن يوآش رافقه حتى القبر، إذ جلس معه وقت مرضه، وأظهر له حبًا عميقًا، وبكى أمامه، ووضع مراثٍ عن موته.
يبدو أن هوشع النبي أخذ مكانه، وقام برئاسة بني الأنبياء، إذ قال هوشع في بدء أقواله إنه تنبأ في أيام يربعام بن يوآش.
القديس أفرام السرياني

4. عظام أليشع ترد ميتًا إلي الحياة

21 وَفِيمَا كَانُوا يَدْفِنُونَ رَجُلًا إِذَا بِهِمْ قَدْ رَأَوْا الْغُزَاةَ، فَطَرَحُوا الرَّجُلَ فِي قَبْرِ أَلِيشَعَ، فَلَمَّا نَزَلَ الرَّجُلُ وَمَسَّ عِظَامَ أَلِيشَعَ عَاشَ وَقَامَ عَلَى رِجْلَيْهِ.

مات أليشع النبي ودُفن في القبر، وتحلل جسمه، ولم يبقَ سوى مجموعة عظام جافة. لكن هذه العظام تشهد لروح القوة التي عاشها النبي، ولم يستطع الموت أن يُحَطِّمها.
وَفِيمَا كَانُوا يَدْفِنُونَ رَجُلاً، إِذَا بِهِمْ قَدْ رَأَوُا الْغُزَاةَ،
فَطَرَحُوا الرَّجُلَ فِي قَبْرِ أليشع.
فَلَمَّا نَزَلَ الرَّجُلُ،
وَمَسَّ عِظَامَ أليشع،
عَاشَ وَقَامَ عَلَى رِجْلَيْهِ. [21]
إذ كان بعض الإسرائيليين يدفنون إسرائيليًا ورأوا الغزاة، لم يُكَمِّلوا العمل، بل طرحوا الميت في أقرب قبرٍ لهم، وكان قبر أليشع. أراد الله إعلان قداسة خدامه والمؤمنين المخلصين، إنه يقدس حتى عظامهم بعد موتهم.
بعد موت أليشع النبي، إذ طرح غزاة موآب رجلاً في قبره، ومس الجثمان عظام أليشع عاش، وقام على رجليه [21]. هكذا حملت ذكراه قوة ظهرت من عظامه! وقال السيد المسيح عن المرأة التي كسرت قارورة طيب، وسكبته على رأسه: "الحق أقول لكم حيثما يُكرَز بهذا الإنجيل في كل العالم يُخبَر أيضًا بما فعلته هذه تذكارًا لها" (مر 14: 9). وقالت القديسة مريم: "هوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبني" (لو 1: 48).
تبقى ذكرى الأبرار تحمل رائحة المسيح الذكية، وتُقدِّم بركات عبر الأجيال، فلا نعجب إن رأينا القديس غريغوريوس النزينزييرثي أخاه القديس قيصريوس ولا ينكر المشاعر البشرية، لكن يطلب أن تكون باعتدال. يقول: [إنه حتى في دموعي وإعجابي يلزمني أن احترم القانون الذي يُنَظِّم هذه الأمور، فإن هذا ليس غريبًا عن فلسفتنا. يقول: "ذكر الصدِّيق تصحبه البركات". وأيضًا لتنهمر الدموع من عيوننا وتبدأ بالرثاء، كمن أُصبتم بضرر عظيم (بموته)، فتنزع عنا عدم الإحساس والمبالغة.]
v "ذكر الصدِّيق يُمتدَح". لم يقل هذا ليعني أن النفوس المنتقلة يعنيها مديحنا. إنما قال هذا، لأن الذين يمدحون الراحلين ينالون النفع الأعظم من ذكراهم، لذلك إذ ننال نفعًا كثيرًا من ذكرهم المقدس، ليتنا لا نزدري بكلمات الإنسان الحكيم، بل بالحري نعطي اهتمامًا بها.
v ليس فقط الأجساد، وإنما مقابر القديسين نفسها مملوءة نعمة روحية. لأنه إن كان في حالة أليشع حدث أن جثمانًا لمس القبر، فتفجَّرت قيود الموت، وعاد إلى الحياة، بالأكثر الآن إذ صارت النعمة في أكثر فيض، وصارت طاقة الروح أعظم، يمكن بلمس القبر بإيمان ننال قوة عظيمة، لهذا سمح الله لنا الاهتمام برفات القديسين، مشتاقًا أن يقودنا إلى الاقتداء بهم، مُقدِّمًا لنا نوعًا من الملجأ، وتعزية آمنة من الشرور التي تحدق بنا.
v عندما لم يؤمن أحد، قام رجل ميت. فبالنسبة للذين طرحوه، لم يكن من أجل الإيمان، وإنما عن جبنٍ طرحوه، عن غير قصد ومصادفة، من أجل الخوف من فرقة لصوص. أما الشخص نفسه الذي كان ميتًا وطُرِحَ، فلأن جسم الميت (أليشع) كان مقدسًا قام الميت.
v في مثال أليشع لمس إنسان الجسد فقام، أما هنا فبالصوت أقامهم (الموتى)، بينما كان جسده (أي جسد المسيح المصلوب) لا يزال هنا على الصليب. أنهم ليسوا فقط قاموا، بل والصخور تشققت، والأرض اهتزت، لكي يتعلموا أنه كان قادرًا أن يضرب (صالبيه) بالعمى ويمزقهم أربا... لكنه لا يريد ذلك، فإنه سكب غضبه على العناصر، أما هم فيريد أن يُخلِّصهم بمراحمه.
القدِّيس يوحنا الذهبيّ الفم
v ليس أحد من الأنبياء بعد موته أقام إنسانًا. لهذا نرى أن روح إيليا استقر مضاعفًا على أليشع.
في الواقع، السلطان الذي وهبه الرب لعظام أليشع هو رمز القيامة وبذرتها. والكرامة التي أُعطيت لها تُظهر المجد الذي سيكون لأجساد القديسين تلتحف به في يوم قيامة كل الأموات.
القديس أفرام السرياني
v الذين يعيشون مع الله، حتى رفاتهم ليست بدون كرامة. فإن أليشع النبي بعد رقاده، أقام ميتًا... هذا ما كان يمكن أن يحدث لو لم يكن جسد أليشع مقدسًا.
قوانين الرسل القديسين
v هل قام إنسان ميت بلمسه عظام أليشع؟ أليس من الأسهل أن يقوم خالق البشرية بقوة الآب؟ حسنًا إنه قام حقًا، وبعد قيامته رآه تلاميذه ثانية... ومع هذا لا تزال توجد شكوك من جهة قيامته؟
القديس كيرلس الكبير
v أتكلم عن إيليا وعن ابن الأرملة الذي أقامه، وعن أليشع الذي أقام ميتًا مرتين: مرة في حياته وأخرى بعد موته.
لأنه في حياته أتم القيامة بنفسه his soul (2 مل 4: 34). لكن لكي تُكرم ليس فقط نفوس الأتقياء، بل ولكي يُصَدَّق أنه في أجساد الأتقياء تكمن قوة، فالجثة التي أُلقيت في قبر أليشع عندما لمست جسد النبي قامت [21]. فصنع جسد النبي الميت فعل النفس. الذي مات ودُفن أعاد الحياة للميت، ولو أن الذي أعطى حياة (أليشع) استمر وسط الأموات. لماذا؟ لئلا إن قام مرة أخرى يُعزى العمل لـ"نفسه" فقط، وإنما ليظهر أنه حتى في غياب "النفس" تسكن فضيلة في أجساد القديسين بسبب النفس التقية التي سكنت به عدة سنين واستعملتها لخدمتها.
فلا تدعونا نكذب بجهلٍ، كأن هذه الأشياء لم تحدث. لأنه إن كانت المناديل والعصائب التي من الخارج تلمس أجساد المرضى فيشفون، فما بالك بجسد النبي نفسه يقيم الموتى؟
v أقام أليشع ميتًا مرتين، مرة وهو حيّ (2 مل 4: 34)، وأخرى وهو ميت [21]. فهل تُصدِّق أن أليشع وهو ميت أقام الميت الذي ألقي عليه ولمسه، ولا تصدق أن المسيح قام؟!
لكن في تلك الحالة حين لمس الميت أليشع قام بينما بقيَ أليشع ميتًا... وأمّا هنا، فقد قام الميت الذي نتحدث عنه، وأقام معه كثيرين من الموتى دون أن يلمسوه. لأنه "قام كثير من أجساد القديسين الراقدين، وخرجوا من القبور بعد قيامته، ودخلوا المدينة المقدسة (واضح أنها ذات المدينة التي نحن فيها الآن) وظهروا لكثيرين" (مت 27: 52، 53).
أقام أليشع ميتًا، لكنه لم يهزم العالم.
أقام إيليا ميتًا، لكن الشياطين لا تخرج باسم إيليا.
إننا لا نقول شرًا في الأنبياء، لكننا نُعظِّم سيدهم بالأكثر جدًا، فإننا لا نكرم عجائبنا بامتهاننا عجائبهم، بل نحن نكسب ثقة أكثر بما حدث معهم.
القديس كيرلس الأورشليمي
v ماذا إن كان الجثمان خاص بأب بطريرك، أو كان خاصًا بإبراهيم نفسه؟ ماذا إن لمس العظام، هل يُحسب دنسًا؟ ماذا إن لمس عظام أليشع التي أقامت شخصًا ميتًا؟ هل يُحسَب دنسًا من لمس عظام للأنبياء، وبالتالي هل يحسبون من أقامتهم العظام دنسًا؟ انظر كيف أن التفسير اليهودي غير لائق! لننظر أولاً ما الذي نلمسه، أية لمسة تجعل الإنسان دنسًا، وأية لمسة تجعله طاهرًا... يقول الرب في الإنجيل: "إن كل من ينظر إلى امرأة ليشتهيها، فقد زنى بها في قلبه" (مت 28:5). لأن قلبه لمس رذيلة الشهوة، وصارت نفسه دنسة. لذلك فإنه إن كان أحد يلمس شيئًا بطريقة ما، سواء كان خلال اشتهاء امرأة أو اشتهاء مال، أو أي نوع آخر من شهوة الخطية، فإنه يلمس ما هو دنس، فيتنجس.
العلامة أوريجينوس
v لماذا ندهش أن النفس تُشفَى بكلمة الله، والجسد يرجع إلى العظام، إن كنا نذكر أن الميت قام بلمسه جسم النبي (2 مل 4: 34؛ 13: 21)؟ صلى إيليا، وقام الصبي الميت (1 مل 17: 22). وبطرس باسم المسيح أمر طابيثا أن تقوم وتتحرك (أع 9: 40). والفقراء بفرحٍ آمنوا من أجل خدمتها لهم. لقد اشتروا القيامة لآخر (طابيثا) بدموعهم، فهل لا نؤمن نحن أن نشتري قيامتنا بآلام المسيح؟!
القديس أمبروسيوس
vإن كان جثمان أليشع أقام ميتًا، كم بالأكثر يفعل الله عندما يحيي أجساد الموتى، ويحضرهم للدينونة؟!
القديس إيريناؤس
يصور لنا القديس مار يعقوب السروجي في ميمره الرائع عن عظام أليشع النبي، إمكانيات النعمة الإلهية التي تهب عظام الأبرار المدفونة في القبور قوة وقدرة وكرامة. ماذا يرى مار يعقوب السروجي إلا ما نختبره نحن بسُكنَى روح الله القدوس فينا:
1. لم تتسلل الشهوات إلى جسد أليشع بعظامه، لهذا صارت عظامه كنزًا مملوء حبًا وحنانًا. هذه هي عطية الروح القدس لنا الذي يقدسنا، فننعم بالحب عوض الشهوات، ونمتلئ حنانًا لمن يقترب إلينا، حتى وإن كان ميتًا بالخطايا!
2. قبر أليشع تسكنه قوة فائقة. وكما قال السيد المسيح لتلاميذه ألا يبرحوا أورشليم حتى يُلبَسوا قوة من الأعالي (أع 1: 4-8).
3. تفيض أجسادهم كما عظامهم بأشفيةٍ روحيةٍ، هي عطية الصليب (شجرة الحياة).
4. يُشَبِّه مار يعقوب جسد الأبرار بنهرٍ أو ينبوعٍ في جنة عدن، خلاله يحمل المؤمن ثمار الروح المُفرِحة.
5. يقول أن أليشع مات عن العالم ببهجة وجه، أي وهو متهلل؛ إنها عطية الفرح التي لا تفارقه. جاءت وصية السيد المسيح: [اغسل وجهك، لئلا يظهر للناس صيامك]، أي ليكون لك وجه مبتسم وناضر، لأن الثلاثة فتية كان وجههم أفضل من آكلي الملذات.
6. عظام أليشع النبي جعلت الموت أضحوكة، نسخر به!
v تراب الأبرار الذي تَبَدَّد في الهاوية على الغبار، هو ذهب مختار، وينبوع مملوء بكل الخيرات.
الجسد الطاهر، الذي لم يتدنس بالشهوات، هو تراب الأبرار، وهو كنز الذخيرة الموجود فيه الحنان لمن يقترب منه.
في رميم عبيد الرب تسكن القوة، ومثل جبابرة يفتقدون الموضع القريب منهم.
تفوح روحيًا كل يومٍ رائحة ذكية من عظامهم، لا يشبهها الدهن الطيب...
يجري من أجسادهم جيحون (تك 2: 13) من أجل كل الأشفية، التي كانت تنمو في جوار شجرة الحياة.
كل موت البشر هو موت، موت الصالحين هو شيء آخر بالنسبة لمن يذوقه.
مات الأثيم واستقبلته الحفرة المملوءة رعبًا، ومات البار فعبر قافزًا فوق فخاخ الشرير.
من الخاطي تفوح رائحة كريهة بموته، أما الصديق فهو مبخرة اللاهوت المختارة.
ما أن يبعده الموت من العالم إلى العالم الكبير، حتى يدخل ويقوم في موضعه، ويشرع يهتم برفاقه.
جسد الأبرار يحمل كل يومٍ كل معونةٍ لمن يقترب منه، كينبوع عدن المبارك.
بالموت يقترب الإنسان الإلهي من الله، ومثل وكيلٍ يُوَزِّع الغِنَى على المحتاجين.
لقد عرق في الجهاد، ونال الإكليل في المعركة، وصعد من محاربة البرّ بالنصرة.
رقد في الله وها هي الحياة مستيقظة فيه كل يومٍ، مات عن العالمٍ وصار حيًا لربّه بيهجة الوجه[17].
v مات أليشع الذي أحيا ابن المؤمنة (الشونمية)، وبعد موته بعثت رفاته أيضًا الحياة.
لم يكن النبي ميتًا بموته، بل كان حيًا، حتى أعطى الحياة للآخرين.
نفس القوة التي كانت موجودة فيه قبل أن يموت، لبثت فيه حين مات، (وفي موته) كان حيًا، وصنع كل خيرٍ.
وُضعت جثة الرجل الإلهي في القبر، وفيه ظهرت حياة الموتى بعجبٍ عظيمٍ.
كان النبي مصفوفًا بين الموتى بعجبٍ عظيمٍ، وفيه كانت قوته التي سكنت فيه أثناء حياته.
دُفِنَ أليشع، وفيه دُفنتْ الحياة الجديدة، ليعطيها أيضًا لآخر إن اقترب منه.
الرب هو الحيّ، والقديسون هم أيضًا أحياء معه، وإذ يموتون فيه يُدفَنون وهم أحياء له.
هلموا نتعجب برجلٍ أحيا ميتًا وهو ميتٍ، وإذ كان راقدًا بسط الحياة لذاك الذي دنا منه.
كان جبَّارًا حين كان حيًا، وأيضًا وهو ميت. قوته لم تضعف في العمل حتى أثناء الموت.
حين كان حيًا أحيا ابن المُمجَّدة، وحين كان ميتًا أحيًا آخر، وتضاعف العجب.
قيامة الميت عظيمة جدًا لمن يتأمل فيها، ولكن إن أحيا ميتٌ ميتًا، فكم يعجب المرء؟
يوم كان أليشع حيًا أحيا ميتًا، وحين مات اهتم أيضًا بحياة الموتى.
لم يستطع الموت أن يأخذ منه قوته، فكانت قوته الفاعلة قوية كما لو كان أثناء حياته.
عندما كان حيًا طمر فيه روحًا محييًا، وعندما مات لم ينطفئ من الاضطرام فيه.
عندما كان في العالم استنار بالله كالمصباح، لهذا لم يجعله الموت مُظلِمًا في القبر.
ذاك اللهيب الباعث اضطرم فيه، وبعد موته أظهر قوته المستيقظة فيه.
طمر في جسده البتولية والقداسة، فأنبتت عظامه حياة الموتى إلهيًا.
يا له من قول عجيب: حُبس الميت في القبر وصمت، ونبعت منه قوة تُحيي الميت في الهاوية.
القديس مار يعقوب السروجي

5. تحقيق نبوة أليشع مع يوآش

22 وَأَمَّا حَزَائِيلُ مَلِكُ أَرَامَ فَضَايَقَ إِسْرَائِيلَ كُلَّ أَيَّامِ يَهُوأَحَازَ، 23 فَحَنَّ الرَّبُّ عَلَيْهِمْ وَرَحِمَهُمْ وَالْتَفَتَ إِلَيْهِمْ لأَجْلِ عَهْدِهِ مَعَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ، وَلَمْ يَشَأْ أَنْ يَسْتَأْصِلَهُمْ، وَلَمْ يَطْرَحْهُمْ عَنْ وَجْهِهِ حَتَّى الآنَ. 24 ثُمَّ مَاتَ حَزَائِيلُ مَلِكُ أَرَامَ، وَمَلَكَ بَنْهَدَدُ ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ. 25 فَعَادَ يَهُوآشُ بْنُ يَهُوأَحَازَ وَأَخَذَ الْمُدُنَ مِنْ يَدِ بَنْهَدَدَ بْنِ حَزَائِيلَ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ يَدِ يَهُوأَحَازَ أَبِيهِ بِالْحَرْبِ. ضَرَبَهُ يُوآشُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ وَاسْتَرَدَّ مُدُنَ إِسْرَائِيلَ.

بسبب شرور إسرائيل ضايقهم حزائيل ملك أرام كل أيام يهوآحاز، لكن "حّن الرب عليهم ورحمهم والتفت إليهم، لأجل عهده مع إبراهيم وإسحق ويعقوب، ولم يشأ أن يستأصلهم، ولم يطرحهم عن وجهه" [23]. يبقى الله أمينًا بالرغم من عدم أمانتنا!
وَأَمَّا حَزَائِيلُ مَلِكُ أرام،
فَضَايَقَ إِسْرَائِيلَ كُلَّ أَيَّامِ يهوآحاز، [22]
فَحَنَّ الرَّبُّ عَلَيْهِمْ وَرَحِمَهُمْ وَالْتَفَتَ إِلَيْهِمْ،
لأَجْلِ عَهْدِهِ مَعَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ،
وَلَمْ يَشَأْ أَنْ يَسْتَأْصِلَهُمْ،
وَلَمْ يَطْرَحْهُمْ عَنْ وَجْهِهِ حَتَّى الآنَ. [23]
سمح الله لحزائيل ملك أرام أن يضايق إسرائيل لتأديبه، لكن وسط هذا الضيق، "حنّ الرب عليهم ورحمهم والتفت إليهم، لأجل عهده مع إبراهيم وإسحق ويعقوب، ولم يشأ أن يستأصلهم، ولم يطرحهم عن وجهه حتى الآن" [23].
ثُمَّ مَاتَ حَزَائِيلُ مَلِكُ أرام،
وَمَلَكَ بَنْهَدَدُ ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ. [24]
إذ مات حزائيل، ملك ابنه بنهدد الثالث (802-780 ق. م).
المدن التي استرجعها يوآش ليست مذكورة سابقًا، وربما كانت شرقي الأردن. وكان بنهدد قد أخذها من يهوآحاز حينما كان قائدًا عند أبيه حزائيل.
فَعَادَ يَهُوآشُ بْنُ يَهُوأَحَازَ،
وَأَخَذَ الْمُدُنَ مِنْ يَدِ بَنْهَدَدَ بْنِ حَزَائِيلَ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ يَدِ يهوآحاز أَبِيهِ بِالْحَرْبِ.
ضَرَبَهُ يُوآشُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ،
وَاسْتَرَدَّ مُدُنَ إِسْرَائِيلَ. [25]
كما تنبأ أليشع ضرب يوآش أرام ثلاث مرات، واسترد مدن إسرائيل، أما النصرة الكاملة على أرام، فتحققت في أيام ابنه يربعام الثاني.

من وحي 2 مل 13

قدِّسني واسندني بنعمتك!

v ها أنا بين يديك أعترف بخطاياي وضعفاتي.
من يقدّسني غيرك، يا أيها القدوس.
ليعمل روحك القدوس فيّ،
وليجعل الخطية مُرَّة في حلقي،
فلا أترك لها موضعًا في داخلي.
لأقتنيك أيها القدوس،
فيهرب الشر من أعماقي.
في لطفك بي كما في تأديباتك، لا تتركني إلى الغاية.
لتكن عيناك عليّ، فتقيمني من التراب.
v عدو الخير يترقب أن يطأني بقدميه،
فأصير تحته كالتراب، لكن يعجز عن أن يحطّمني!
تحوِّل ضرباته لي إلى فرصٍ للتوبة الصادقة.
ليُحطِّم العدو القش الذي ملأ أعماقي.
أما الحنطة وثمر الروح فلا يقترب إليهما.
v وضع نبيّك أليشع يده على يديّ الملك الماسك القوس.
ألقى الملك بالسهم،
فإذا به سهم خلاص الرب من أرام.
أي قوس أحمله سوى وعودك الإلهية.
لتمتد يدّ الكنيسة، وتضعها على يديّ،
فأتمتع بقوتك الفائقة.
لألمس مع الكنعانية هُدْبَ ثوبك، أي ألتصق بكنيستك المقدسة،
فأنعم بقوتك الشافية واهبة الخلاص.
هبْ لي ألا أتوقف عن الجهاد بنعمتك،
حتى تملك في قلبي وكل كياني.
v خاف حاملو النعش من الغزاة،
فألقوا بالميت في قبرٍ بجوارهم.
لمس الميّت عظام أليشع، فقام الميت للحال.
أُعلنتْ قوتك المحيية خلال عظام النبي،
دفعتنا أيها القدوس أن نختبر قوة قيامتك فينا.
v لنعش معك، فنحيا بك، ونحمل قوة قداستك.
دعاه ملك إسرائيل أباه الذي يحميه:
"يا أبي، يا أبي، مركبة إسرائيل وفرسانها!"
وها هي عظامه الجافة في داخل القبر،
تحنو على ميِّت وتُعلِن حبها له،
وتهبه هو وأسرته فرحًا فائقًا!
أبوّته تصدر من نفسه كما من جسده وعظامه!
v سمحتَ لأليشع النبي أن يُقِيمَ صبيًا في حياته،
ويُقِيم رجلاً في موته بلمس عظامه!
لتُعلِنَ أن نفسه مُقدَّسة بك، موضع سرورك،
حتى عظامه بعد مفارقة نفسه لجسده مُقَدَّسة!
أنت تكرِّم نفوس قديسيك، وأيضًا أجسادهم!
تكرِّم عظامهم، والخِرَق التي على أجسادهم!
تكرِّم رفاتهم وظلّهم، كما فعلت مع بطرس رسولك!
v لك المجد يا أيها القائم من الأموات،
أقمتَ الموتى من القبور دون أن تلمسهم،
وأخرجتَ الذين في الجحيم، وعَبَرتَ بهم إلى فردوسك.
أقمتَ الموتى، ولم تَبقَ في القبر ميتًا كأليشع.
وستقيم كل الأموات عند مجيئك على السحاب!
أمصيا ملك يهوذا ويربعام الثاني ملك إسرائيل


ينتقل بنا السفر من الحديث عن يهوآحاز ويوآش ملكيّ إسرائيل إلى الحديث عن أمصيا ملك يهوذا [1-22]، ثم عن يربعام الثاني ملك إسرائيل [23-29].
تكشف قصة أمصيا ملك يهوذا عن ضرورة الاهتمام بالمثابرة حتى النَفَسِ الأخير، فكثيرون بدأوا بالروح، وبسبب تراخيهم وتسيبهم لم يكملوا الطريق في الرب، إنما أكملوا بالجسد (غل 3: 3). لهذا قيل: [من يصبر إلى المنتهى يخلص] (مت 10: 22؛ 24: 13؛ مر 13: 13).
بدأ أمصيا بداية صالحة، وكان مثلاً عمليًا لتثبيت العدالة في الأرض، والطاعة لوصية الله (تث 24: 16)، لكنه لم يصبر إلى المنتهى، فإنه إذ نال نصرة عظيمة على أدوم، أعطى القفا لله لا الوجه، تشامخ وعبد آلهة غريبة، فسقط.
يوصينا الرسول بولس: "فإني أقول بالنعمة المعطاة لي لكل من هو بينكم أن لا يرتئي فوق ما ينبغي أن يرتئي، بل يرتئي إلى التعقل، كما قسَمَ الله لكل واحدٍ مقدارًا من الإيمان" (رو 12: 3). عندما يُثَبِّت المؤمن عينيه على الله، تُقدِّم له نصرته تواضعًا أكثر، فيتمجد الله فيه. وعندما يسحب عينيه عن مخلصه، تُقدِّم له نصراته تشامخًا، فتقوده إلى تحطيمه.
v يليق بنا أن نصبر مثابرين أيها الإخوة الأحباء، حتى إذ ننعم بالرجاء في الحق والحرّية ننال الحق والحرّية ذاتها.
v أيّا كان ما قبل النهاية فهي خطوة بها نصعد إلى قمة الخلاص.
القديس كبريانوس

1. أمصيا يقتل قاتلي أبيه

1 فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لِيُوآشَ بْنِ يَهُوأَحَازَ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ، مَلَكَ أَمَصْيَا بْنُ يُوآشَ مَلِكِ يَهُوذَا. 2 كَانَ ابْنَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ، وَمَلَكَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ، وَاسْمُ أُمِّهِ يَهُوعَدَّانُ مِنْ أُورُشَلِيمَ. 3 وَعَمِلَ مَا هُوَ مُسْتَقِيمٌ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، وَلكِنْ لَيْسَ كَدَاوُدَ أَبِيهِ، عَمِلَ حَسَبَ كُلِّ مَا عَمِلَ يُوآشُ أَبُوهُ. 4 إِلاَّ أَنَّ الْمُرْتَفَعَاتِ لَمْ تُنْتَزَعْ، بَلْ كَانَ الشَّعْبُ لاَ يَزَالُونَ يَذْبَحُونَ وَيُوقِدُونَ عَلَى الْمُرْتَفَعَاتِ. 5 وَلَمَّا تَثَبَّتَتِ الْمَمْلَكَةُ بِيَدِهِ، قَتَلَ عَبِيدَهُ الَّذِينَ قَتَلُوا الْمَلِكَ أَبَاهُ. 6 وَلكِنَّهُ لَمْ يَقْتُلْ أَبْنَاءَ الْقَاتِلِينَ حَسَبَ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي سِفْرِ شَرِيعَةِ مُوسَى، حَيْثُ أَمَرَ الرَّبُّ قَائِلًا: «لاَ يُقْتَلُ الآبَاءُ مِنْ أَجْلِ الْبَنِينَ، وَالْبَنُونَ لاَ يُقْتَلُونَ مِنْ أَجْلِ الآبَاءِ. إِنَّمَا كُلُّ إِنْسَانٍ يُقْتَلُ بِخَطِيَّتِهِ».

فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لِيُوآشَ بْنِ يهوآحاز مَلِكِ إِسْرَائِيلَ،
مَلَكَ أَمَصْيَا بْنُ يُوآشَ مَلِكِ يَهُوذَا. [1]
"أمصيا" معناها "الرب قدير". وهو أحد ملوك يهوذا الأتقياء القلة القليلة. وكان أفضلهم حزقيا (2 مل 18: 1) ويوشيا (2 مل 22: 1). جاء عنه في أخبار الأيام الثاني: "وعمل المستقيم في عينيّ الرب، ولكن ليس بقلبٍ كاملٍ" (2 أخ 25: 2).
كَانَ ابْنَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ.
وَمَلَكَ تِسْعاً وَعِشْرِينَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ.
وَاسْمُ أُمِّهِ يَهُوعَدَّانُ مِنْ أُورُشَلِيمَ. [2]
وَعَمِلَ مَا هُوَ مُسْتَقِيمٌ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ،
وَلَكِنْ لَيْسَ كَدَاوُدَ أَبِيهِ.
عَمِلَ حَسَبَ كُلِّ مَا عَمِلَ يُوآشُ أَبُوهُ. [3]
يهتم الكتاب المقدس أن يذكر إن كان الملك قد عمل ما هو مستقيم في عيني الرب، أم كان شريرًا، فإن هذا الأمر يُعتبَر أهم سمة في حياة الملك، بل وفي حياة كل إنسانٍ.
عمل أمصيا ما هو مستقيم في عينيّ الرب، ولكن ليس كداود أبيه. لم يُذكَر عن أحدٍ من الملوك عمل ما هو مستقيم في عيني الرب كداود سوى آسا (1 مل 15: 11).
من خطايا أمصيا، سجوده لآلهة أدوم بعد أن انتصر عليهم، ورفضه إنذار رجل الله وكبرياؤه (2 أي 25: 14-16، 19).
إِلاَّ أَنَّ الْمُرْتَفَعَاتِ لَمْ تُنْتَزَعْ،
بَلْ كَانَ الشَّعْبُ لاَ يَزَالُونَ يَذْبَحُونَ وَيُوقِدُونَ عَلَى الْمُرْتَفَعَاتِ. [4]
للأسف سمح أمصيا بالعبادة في المرتفعات، هذه التي فتحت الطريق لعبادة الأوثان في حياته كما أثناء الملوك الذين خلفوه (2 مل 16: 4؛ 21: 3).
وَلَمَّا تَثَبَّتَت الْمَمْلَكَةُ بِيَدِهِ قَتَلَ عَبِيدَهُ الَّذِينَ قَتَلُوا الْمَلِكَ أَبَاهُ. [5]
قتل عبيده الذين اغتالوا والده، لأنهم يُمثِّلون خطرًا على حياته وعلى المملكة أيضًا.
وَلَكِنَّهُ لَمْ يَقْتُلْ أَبْنَاءَ الْقَاتِلِينَ حَسَبَ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي سِفْرِ شَرِيعَةِ مُوسَى،
حَيْثُ أَمَرَ الرَّبُّ:
لاَ يُقْتَلُ الآبَاءُ مِنْ أَجْلِ الْبَنِينَ،
وَالْبَنُونَ لاَ يُقْتَلُونَ مِنْ أَجْلِ الآبَاءِ.
إِنَّمَا كُلُّ إِنْسَانٍ يُقْتَلُ بِخَطِيَّتِهِ. [6]
لم يمد يده على أبنائهم، أي لم يقتل أبناء القاتلين، بهذا نفذ ما ورد في شريعة موسى (تث 24: 16)، وليس حسب العادات القديمة (يش 7: 24؛ 2 مل 9: 26). قال أحد شعراء اليونانيين: من قتل إنسانًا ولم يقتل أولاده فهو غبي؛ إذ كان يجب أن يعرف أن أولاده سينتقمون لأبيهم.
اهتم حزقيال النبي بالحديث عن المسئوليَّة الشخصيَّة في شيءٍ من التفصيل في الأصحاح الثامن عشر. ليس لدى الله محاباة، نفْس الأب كنفْس الابن، أوكما يقول: "هَا كُلُّ النُّفُوسِ هِيَ لِي. نَفْسُ الأَبِ كَنَفْسِ الابْنِ، كِلاَهُمَا لِي. اَلنَّفْسُ الَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ" (حز 18: 4).
v النفس التيلا تسكن في الله هي مصدر شرورها، فتخطئ، والنفس التي تخطئهي نفسها تموت.
القديس أمبروسيوس

2. إخضاع أدوم

هُوَ قَتَلَ مِنْ أدوم فِي وَادِي الْمِلْحِ عَشَرَةَ آلاَفٍ،
وَأَخَذَ سَالِعَ بِالْحَرْبِ،
وَدَعَا اسْمَهَا يَقْتَئِيلَ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ. [7]

جاء الحديث عن نصرته على أدوم بأكثر تفصيل في (2 أي 25: 5-15).
لماذا قال الكتاب المقدس أن أمصيا "عمل ما هو مستقيم في عيني الرب" [3]، بينما "قتل من أدوم في وادي الملح عشرة ألاف" [7]، بالرغم من أن الناموس يدين ذلك: "لا تكره أدوميًا، لأنه أخوك" (تث 23: 7)؟ لم يشر النص أنه قتل الأدوميين لكرهه إياهم، فربما جاء هذا من باب المعاملة بالمثل. كما أن عقابه لهم كان وفقًا للناموس، فلم يقتل البنين من أجل ذنوب الآباء[4].
سالع: يدعوها الرومانيون بترا، هي حصن البتراء القديم، وهي مدينة حُفرتْ في شق صخري، في منتصف المسافة بين أريحا وجبل سيناء، وتُدعَى حاليًا وادي موسى. لم تكن حصنًا لأدوم فحسب، بل كانت مركزًا للتجارة مع الهند.
لقد قام بخطة منظمة ودقيقة، فعمل إحصائية عامة للرجال القادرين على الدخول في المعركة، من سن 20 عامًا فأكثر (2 أي 25: 5). لكنه أخطأ إذ لم يطلب مشورة الله، وإنما التجأ إلى إسرائيل، واستأجر منه ألف جبّار بأس بمئة وزنة من الفضة. لذلك جاء إليه رجل الله يحذّره بأن الله لن يأتِ معه، لأنه ليس مع إسرائيل (2 أي 25: 6-8).
غير أن نصرة أمصيا على أدوم وسبيه عشرة آلاف منهم لم يكن نجاحًا حقيقيًا. لأنه عند عودته من ضرب الأدوميين أتى بآلهتهم، وأقامهم له آلهة، وسجد أمامهم، وأوقد لهم (2 أي 25: 14).
فمع سماعه لصوت رجل الله، وإطلاقه لرجال البأس الإسرائيليين إلى بلدهم، عندما غلب أدوم، ظن أنه غير محتاج إلى الله، وعبد آلهة أدوم؛ كما سقط في التشامخ، وطلب النزول في معركة مع إسرائيل، انتهت بهزيمة بلده ودماره.



3. هزيمته أمام يوآش

8 حِينَئِذٍ أَرْسَلَ أَمَصْيَا رُسُلًا إِلَى يَهُوآشَ بْنِ يَهُوأَحَازَ بْنِ يَاهُو مَلِكِ إِسْرَائِيلَ قَائِلًا: «هَلُمَّ نَتَرَاءَ مُواجَهَةً». 9 فَأَرْسَلَ يَهُوآشُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ إِلَى أَمَصْيَا مَلِكِ يَهُوذَا قَائِلًا: «اَلْعَوْسَجُ الَّذِي فِي لُبْنَانَ أَرْسَلَ إِلَى الأَرْزِ الَّذِي فِي لُبْنَانَ يَقُولُ: أَعْطِ ابْنَتَكَ لابْنِي امْرَأَةً. فَعَبَرَ حَيَوَانٌ بَرِّيٌّ كَانَ فِي لُبْنَانَ وَدَاسَ الْعَوْسَجَ. 10 إِنَّكَ قَدْ ضَرَبْتَ أَدُومَ فَرَفَعَكَ قَلْبُكَ. تَمَجَّدْ وَأَقِمْ فِي بَيْتِكَ. وَلِمَاذَا تَهْجُمُ عَلَى الشَّرِّ فَتَسْقُطَ أَنْتَ وَيَهُوذَا مَعَكَ؟». 11 فَلَمْ يَسْمَعْ أَمَصْيَا، فَصَعِدَ يَهُوآشُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ وَتَرَاءَيَا مُواجَهَةً، هُوَ وَأَمَصْيَا مَلِكُ يَهُوذَا فِي بَيْتِ شَمْسٍ الَّتِي لِيَهُوذَا. 12 فَانْهَزَمَ يَهُوذَا أَمَامَ إِسْرَائِيلَ وَهَرَبُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى خَيْمَتِهِ. 13 وَأَمَّا أَمَصْيَا مَلِكُ يَهُوذَا ابْنُ يَهُوآشَ بْنِ أَخَزْيَا فَأَمْسَكَهُ يَهُوآشُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ فِي بَيْتِ شَمْسٍ، وَجَاءَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَهَدَمَ سُورَ أُورُشَلِيمَ مِنْ بَابِ أَفْرَايِمَ إِلَى بَابِ الزَّاوِيَةِ، أَرْبَعَ مِئَةِ ذِرَاعٍ. 14 وَأَخَذَ كُلَّ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَجَمِيعَ الآنِيَةِ الْمَوْجُودَةِ فِي بَيْتِ الرَّبِّ وَفِي خَزَائِنِ بَيْتِ الْمَلِكِ وَالرُّهَنَاءَ وَرَجَعَ إِلَى السَّامِرَةِ.

حِينَئِذٍ أَرْسَلَ أَمَصْيَا رُسُلاً إِلَى يَهُوآشَ بْنِ يهوآحاز بْنِ يَاهُو مَلِكِ إِسْرَائِيلَ قَائِلاً:
هَلُمَّ نَتَرَاءَ مُواجَهَةً. [8]
"هلمَّ نتراء مواجهة"، تعبير يشير إلى الدعوة للدخول معًا في معركة كما يظهر من [11-12].
يبدو أن هناك أكثر من عامل دفعه أن يطلب الدخول في مواجهة عسكرية مع ملك إسرائيل. العامل الأول أن أمصيا كان قد استأجر بعض جباري البائس من إسرائيل لمساندة جيشه ضد أدوم. وإذ حذَّره رجل الله منهم، لأن الله تخلَّى عن إسرائيل، ردهم إلى أماكنهم. اغتاظوا للموقف، فقاموا باقتحام بعض مدن يهوذا (2 أي 25: 13). أما العامل الثاني فهو أن أمصيا بنصرته على أدوم تشامخ وتكبَّر، مع أنه بعد أن انتصر عليهم سجد لآلهتهم وأوقد لهم (2 أي 25: 4).
بالرجوع لسفر أخبار الأيام الثاني (2 أخ 25: 13) نجد أن إسرائيل اقتحمت عدة مدن، ويبدو أن أمصيا أراد استردادها، فرفض ملك إسرائيل. طلب ملك يهوذا أمصيا الحرب وكان كل من ملك يهوذا وملك إسرائيل متشامخين، فهذا قد ضرب أدوم قبلها، وذاك قد ضرب أرام قبل ذلك.
كان يليق بأمصيا أن ينصت إلى قول الحكيم: "قبل الكسر الكبرياء، وقبل السقوط تشامخ الروح" (أم 16: 18)، وأيضًا قوله: "كمُمسِكٍ أذنيّ كلب، هكذا من يعبُر ويتعرض لمشاجرة لا تعنيه" (أم 26: 17). فقد سقط أمصيا في الكبرياء، كما في إثارة معركة مع أخيه ملك إسرائيل كان في غِنَى عنها.
v سُئِل أنبا مقار: "أيما أعظم الفضائل؟" فأجاب: "إن كانت الكبرياء هي أشرّ الرذائل كلها حتى أنها طرحت طائفةً من الملائكة من علو السماء، فبلا شك يكون التواضع هو أعظم الفضائل كلها لأنه قادر أن يَرفعَ المتمسِّك به من الأعماق إلى السماء ولو كان خاطئًا. ولذلك أعطى الرب الطوبى للمساكين بالروح."
v قال أنبا إيسيذورس: "إذا صُمتَ بانتظام فلا تنتفخ بالكبرياء، ولكن إذا ارتفعتَ بفكرك بسبب ذلك، فمن الأفضل لك أن تأكل لحمًا، لأنه خيرٌ للإنسان أن يأكل لحمًا من أن ينتفخ بالكبرياء ويُمجِّد نفسه".
vقال القديس بفنوتيوس: "عندما يغمر الكبرياء إنسانًا، ويتباهى بجمال أحاديثه، وينسب هذا الجمال أو فيض معرفته ليس لله بل لنسكياته أو معرفته الخاصة به؛ حينئذٍ يُبعِد الله عنه ملاك العناية الإلهية. وعندما يُبعَد هذا الملاك يُبتلَى الإنسان من العدو، ويتباهى بقدرته الطبيعية، ثم يسقط في النجاسة بسبب إعجابه بنفسه المملوءة بالكبرياء. وهكذا تُنزَع منه حكمته، وحينئذٍ فإن كلامه لا يؤهِّله للثقة فيه. ففي الحقيقة إنّ الأتقياء يهربون من التعاليم الخارجة من فم مثل هذا الإنسان وكأنه ينبوع للطفيليات."
v قال الأب إيليا: "ماذا يمكن أن تفعله الخطية حيث توجد توبة؟ وما هي منفعة المحبة حيث يوجد كبرياء؟!"
vسُئِل أنبا لنجينوس: "ما هي أعظم الفضائل كلها أيها الأب؟" فقال الشيخ: "أعتقد كما أن الكبرياء هي أسوأ الشرور كلها، حتى طرحت البعض من السماء ذاتها؛ هكذا التواضع بالتأكيد أعظم الفضائل، لأنه يستطيع أن يرفع الإنسان من الهاوية ذاتها، رغم أنّ الخاطئ نفسه يكون قد صار مثل الشيطان، وأيضًا طوَّب الرب المساكين بالروح قبل جميع المطوَّبين الآخرين."
v قالت الأم ثيئودورا: "على المُعلِّم أن يكون غريبًا عن شهوة التسلُّط والمجد الباطل والكبرياء، ولا يجب أن يخدعه أحدٌ بالتملُّق ولا أن يُعميه بالهدايا، ولا أن يتغلّب عليه بواسطة شهوة البطن، ولا أن يتسلّط عليه بالغضب. بل عليه أن يكون صبورًا لطيفًا متواضعًا بقدر ما يستطيع، ويجب أن يختبر بدون عصبية أو تحزُّب، وأن يكون مملوءًا بمحبة النفوس والاهتمام بها."
فردوس الآباء
v فلنهرب من المجد الباطل والكبرياء، ولنذكر كل حين كرامة ومجد العالم العتيد. وكما أظن، فإن المجد الباطل يتغلّب على معرفة الله، لأنّ الذي يسقط في هذا الوجع الخبيث يكون غريبًا عن السلام قاسي القلب، وهو يقاتل القديسين.
الأنبا إشعياء
v “كيف نهبط إلى التواضع الملائم بالتخلّي عن عجرفة الكبرياء المُهلِكة؟ ذلك إذا مارسناه (أو تدرّبنا عليه) بدون توقف، وإذا تحققنا أنّ لا شيء مضرّ لنا جدًا مثل الكبرياء. فالنفس تصير مشابهة لما تنشغل به (أو تكرِّس نفسها له)، وهي تلتزم بما تفعله، وتتبنّى المواقف المناسبة.
القديس غريغوريوس الثيؤلوغوس
v الذين يعترفون بخزيهم يدوسون الشيطان تحت أقدامهم. وكما يقول الآباء القديسون: إذا هبط التواضع حتى الجحيم يرتفع إلى السماء، وإذا ارتفعت الكبرياء إلى السماء تهبط إلى الجحيم.
القديس زوسيما
العجيب أن أمصيا تجاهل عمل الله معه بمجرد نواله النصرة، فلم يسقط في الكبرياء فحسب، بل وأُعجب بالأصنام التي عجزت عن الدفاع عن عابديها وسجد لها. لقد دفع أمصيا وكل مملكته ثمنًا للعناد والتشامخ وتَرْك الله الحيّ، والثقة في عبادة الأوثان أو الآلهة الغريبة (2 أي 25: 14-16، 19).
يُحذِّر الحكيم من السقوط في عبادة الأصنام وممارسة رجاساتها، إذ يربط عبادة الأوثان بالزنا، قائلاً: [إن فكرة صناعة الأصنام هي أصلُ الزنا، واختراعها فساد للحياة] (حك 14: 12). أما سرّ ارتباط العبادة الوثنية بالزنا، فهو أن علاقة المؤمنين بالله كعلاقة العروس بعريسها، فإن أعطوا ظهورهم له ليرتبطوا بآلهة وثنية، يكونوا قد سقطوا في خيانة زوجية. لذلك قيل عن إسرائيل الخائنة: "أين كتاب طلاق أمكم؟" (إش 50: 1)، كما قيل: "احترز من أن تقطع عهدًا مع سكان الأرض، فيزنون وراء آلهتهم، ويذبحون لآلهتهم، فتُدعى وتأكل من ذبيحتهم، وتأخذ من بناتهم لبنيك. فتزني بناتهم وراء آلهتهن، ويجعلن بنيك يزنون وراء آلهتهن" (خر 15:34-16).
أصل الوثنية هو فساد فكر الإنسان والخيانة لله الخالق، والذي يُحسَب زنا للنفس التي تتخلى عن اتحادها بخالقها لترتبط بأوثانٍ ملعونة.
v اكتشفت (عبادة الأصنام) بين البشر لا لسبب سوى وجود الشهوات بين الذين تخيلوها.
v إذ اختبرت النفس البشرية شتى الملذات، وتناست الإلهيات، وسُرت بالأكثر بملذات الجسد التي وضعتها نصب عينيها، ولم تحفل بشيءٍ سوى بالأشياء الحاضرة والتأمل فيها، لم تعد تفكر أنه يوجد خير سوى الأشياء الوقتية والجسدية. لذلك فإنها، وقد تحولت وتناست أنها كانت على صورة الله الصالح، لم تعد بالقوة التي بها ترى الله الكلمة الذي خُلقت على مثاله. لكنها إذ ابتعدت عن نفسها، صارت تتوهم وتتخيل ما ليس له وجود.
v إذ فقد أناس العصر السابق عقولهم، وغرقوا في الشهوات وأوهام الأشياء الجسدية، ونسوا معرفة الله ومجده لبلادة عقولهم، أو بالأحرى لانعدام عقولهم، فإنهم جعلوا لأنفسهم آلهة من الأشياء المنظورة، ممجدين المخلوق دون الخالق الإله، ومؤلهين المصنوعات دون السيد علتها وخالقها].
البابا أثناسيوس الرسولي
v من يخدم آلهة باطلة هو دون شك زانٍ من وراء الحق، لأن كل بطلان هو زنا. هكذا يغطس في الزنا.
العلامة ترتليان
v سعيدة هي راحيل التي اخفت أصنام الأمم الباطلة، وأعلنت أن صورهم مملوءة عدم طهارة. ولا يعتقد أحد أنها قد أساءت إلى تكريم والدها ووقارها له كأبٍ، لأنها جلست بينما كان هو واقفًا (تك 35:31). إذ مكتوب: "من أحب أبًا أو أمًا أكثر مني فلا يستحقني" (مت 37:10).
المرأة التي تزني لا تلتصق برجلها، لا تكون جسدًا واحدًا معه (1 كو15:6-16)، بل تعزل نفسها وتفصل نفسها عنه بزناها. هكذا كل نفسٍ لا تلتصق بالله بل تسلك في الزنا بخضوعها لعبادة الأصنام الباطلة تنفصل عن الرب بدنس المقدسات المُفجع، بينما كان يلزم أن تلتصق به. ومن يعتزل الرب يهلك.
القديس أمبروسيوس
فَأَرْسَلَ يَهُوآشُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ إِلَى أَمَصْيَا مَلِكِ يَهُوذَا قَائِلاً:
الْعَوْسَجُ الَّذِي فِي لُبْنَانَ أَرْسَلَ إِلَى الأَرْزِ الَّذِي فِي لُبْنَانَ، يَقُولُ:
أَعْطِ ابْنَتَكَ لاِبْنِي امْرَأَةً.
فَعَبَرَ حَيَوَانٌ بَرِّيٌّ كَانَ فِي لُبْنَانَ وَدَاسَ الْعَوْسَجَ. [9]
جاءت إجابة يوآش على أمصيا في شكل قصة رمزية، مُشبِّهًا أمصيا بالعوسج كما شبَّه نفسه بأرز لبنان. أراد يوآش أن يعيد أمصيا النظر في تصرفاته ليكون واقعيًا. نُصرته على أدوم لم تُغيِّر من واقعه بكونه كالعوسج الذي لا وجه للمقارنة بينه وبين أرز لبنان. وهو يشبه إنسانًا محتقرًا يطلب من أحد الأشراف أن يعطي ابنته زوجة لابنه.
يُشَبِّه يوآش أمصيا بالعوسج، وهو من أدنى الأشجار، التي يطأها أي حيوان برّي فيُحطِّمها. ويُشبِّه نفسه بالأرز في لبنان الذي لا يُقارَن بالعوسج، فالأرز من أعظمها وأشرفها. وكأن يوآش يرى في أمصيا الشخص المُحتقَر، إذ يطلب الدخول في معركة مع يوآش، يظن أنه على قدم المساواة، ويخطئ التقدير لنفسه كما ليوآش.
إِنَّكَ قَدْ ضَرَبْتَ أدوم فَرَفَعَكَ قَلْبُكَ.
تَمَجَّدْ وَأَقِمْ فِي بَيْتِكَ.
وَلِمَاذَا تَهْجِمُ عَلَى الشَّرِّ، فَتَسْقُطَ أَنْتَ وَيَهُوذَا مَعَكَ؟ [10]
لقد حذَّره من كبريائه؛ إذ أراد ملك يهوذا الدخول في حرب مع إسرائيل. لقد بالغ أمصيا في تقدير قوته بعد هزيمته للأدوميين، فكان يطمع في الاستيلاء على إسرائيل فانهزم، وانهدم سور مدينة أورشليم على امتداد حوالي مائتي مترٍ، وفقد ذهب الهيكل وفضته.
فَلَمْ يَسْمَعْ أَمَصْيَا.
فَصَعِدَ يَهُوآشُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ وَتَرَاءَيَا مُواجَهَةً،
هُوَ وَأَمَصْيَا مَلِكُ يَهُوذَا فِي بَيْتِ شَمْسٍ الَّتِي لِيَهُوذَا. [11]
بسبب كبرياء أمصيا انطلق يهوآش ليحارب أمصيا في داخل مملكته. اسم المدينة التي ألقى فيها يهوآش القبض على أمصيا "بيت شمس". يشير الاسم إلى أنه كان يوجد فيها معبد للإله شمس في أيام الكنعانيين. كانت في وادي سورق Sorek على بُعْد 15 ميلاً غرب أورشليم. وهي المدينة التي وُضِعَ فيها تابوت العهد عندما ردَّه الفلسطينيون (1 صم 6: 10 - 7: 2).
بيت شمس هي عين شمس الحالية، التي تبعد عن أورشليم نحو 20 ميلاً إلى جهة الغرب. واضح أن يوآش أخذ طريق السواحل في أرض الفلسطينيين، ثم صعد إلى أورشليم عن طريق بيت شمس.
فَانْهَزَمَ يَهُوذَا أَمَامَ إِسْرَائِيلَ،
وَهَرَبُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى خَيْمَتِهِ. [12]
"هربوا كل واحدٍ إلى خيمته": عبارة أو اصطلاح يعني الطرد الكامل للمحاربين وتراجعهم عن أرض المعركة.
وَأَمَّا أَمَصْيَا مَلِكُ يَهُوذَا ابْنُ يَهُوآشَ بْنِ أَخَزْيَا،
فَأَمْسَكَهُ يَهُوآشَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ فِي بَيْتِ شَمْسٍ،
وَجَاءَ إِلَى أُورُشَلِيمَ،
وَهَدَمَ سُورَ أُورُشَلِيمَ مِنْ بَابِ أَفْرَايِمَ إِلَى بَابِ الزَّاوِيَةِ،
أَرْبَعَ مِئَةِ ذِرَاعٍ. [13]
هدْم 400 ذراعٍ (حوالي 600 قدمٍ) من السور يُعتبَر عمل خطير، إذ يُمكن للجيش الذي يهجم على أورشليم الدخول بسهولة.
لم يهدم سور المدينة ليدخلها، إنما لكي ينزع عنها كل وسيلة للحماية.
وَأَخَذَ كُلَّ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَجَمِيعَ الآنِيَةِ الْمَوْجُودَةِ فِي بَيْتِ الرَّبِّ،
وَفِي خَزَائِنِ بَيْتِ الْمَلِكِ،
وَالرُّهَنَاءَ، وَرَجَعَ إِلَى السَّامِرَةِ. [14]
لم يكن هدف يهوآش إلى قتل أمصيا والاستيلاء على يهوذا، إنما اكتفى بأخذ رهائن، وسلب كل خزينة الهيكل والقصر الملكي.
لم يكن الذهب كثيرًا، لأن أباه يوآش كان قد أرسل كل الذهب الموجود في خزائن بيت الرب وبيت الملك إلى حزائيل ملك أرام (2 مل 12: 18).
الرهناء: هم أناس من عظماء يهوذا أخذهم يوآش ليكونوا عنده رهينة في السامرة، يُقتَلون إن لم يقم أمصيا بتنفيذ ما تعهَّد به.
رجع بجيشه إلى السامرة، ليستخدمه في محاربة الأراميين.

4. يربعام الثاني يملك على إسرائيل

وَبَقِيَّةُ أُمُورِ يَهُوآشَ الَّتِي عَمِلَ وَجَبَرُوتُهُ،
وَكَيْفَ حَارَبَ أَمَصْيَا مَلِكَ يَهُوذَا،
مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ لِمُلُوكِ إِسْرَائِيلَ. [15]
ثُمَّ اضْطَجَعَ يَهُوآشَ مَعَ آبَائِهِ،
وَدُفِنَ فِي السَّامِرَةِ مَعَ مُلُوكِ إِسْرَائِيلَ.
وَمَلَكَ يَرُبْعَامُ ابْنُهُ عِوَضاً عَنْهُ. [16]

5. اغتيال أمصيا

17 وَعَاشَ أَمَصْيَا بْنُ يُوآشَ مَلِكُ يَهُوذَا بَعْدَ وَفَاةِ يَهُوآشَ بْنِ يَهُوأَحَازَ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ خَمْسَ عَشَرَةَ سَنَةً. 18 وَبَقِيَّةُ أُمُورِ أَمَصْيَا، أَمَا هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ لِمُلُوكِ يَهُوذَا؟ 19 وَفَتَنُوا عَلَيْهِ فِتْنَةً فِي أُورُشَلِيمَ، فَهَرَبَ إِلَى لَخِيشَ، فَأَرْسَلُوا وَرَاءَهُ إِلَى لَخِيشَ وَقَتَلُوهُ هُنَاكَ. 20 وَحَمَلُوهُ عَلَى الْخَيْلِ فَدُفِنَ فِي أُورُشَلِيمَ مَعَ آبَائِهِ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ. 21 وَأَخَذَ كُلُّ شَعْبِ يَهُوذَا عَزَرْيَا، وَهُوَ ابْنُ سِتَّ عَشَرَةَ سَنَةً، وَمَلَّكُوهُ عِوَضًا عَنْ أَبِيهِ أَمَصْيَا. 22 هُوَ بَنَى أَيْلَةَ وَاسْتَرَدَّهَا لِيَهُوذَا بَعْدَ اضْطِجَاعِ الْمَلِكِ مَعَ آبَائِهِ.

وَعَاشَ أَمَصْيَا بْنُ يُوآشَ مَلِكُ يَهُوذَا بَعْدَ وَفَاةِ يَهُوآشَ بْنِ يهوآحاز مَلِكِ إِسْرَائِيلَ خَمْسَ عَشَرَةَ سَنَةً. [17]
فقد أمصيا مركزه كملك يهوذا، هل بسبيه إلى السامرة أم تحديد أقامته في موضع ما في أورشليم أو غيرها، هذا ما لم يخبرنا به الكتاب المقدس. إنما بعد وفاة يهوآش عاش 15 سنة، بلا كرامة ولا سلطان يُذكَر. يرى البعض أنه رجع إلى عرشه، وبقى ملكًا على يهوذا لمدة خمس عشرة سنة، ولكن في ضعفٍ، كانت هذه السنوات الخمس عشرة مملوءة بالمتاعب والكوارث.
وَبَقِيَّةُ أُمُورِ أَمَصْيَا مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ لِمُلُوكِ يَهُوذَا. [18]
وَفَتَنُوا عَلَيْهِ فِتْنَةً فِي أُورُشَلِيمَ،
فَهَرَبَ إِلَى لَخِيشَ،
فَأَرْسَلُوا وَرَاءَهُ إِلَى لَخِيشَ،
وَقَتَلُوهُ هُنَاكَ. [19]
أُغتيل أمصيا كما سبق أن أُغتيل والده (2 مل 12: 20-21).
لخيش[13] (تل الدوير): ذات موقع استراتيجي في غاية الأهمية، إذ كانت تُهَيْمن على الطريق القديم من المرتفعات الفلسطينية إلى وادي النيل. كانت آهلة بالسكان قبل أيام إبراهيم. وهي مدينة حصينة في سهل يهوذا (يش 15: 33، 39) على بعد 35 ميلاً جنوب غربي أورشليم، يُظَن أنها تل الحصى الحالية. أُشير إليها في رسائل تل العمارنة، تبعد حوالي 30 ميلاً جنوب غربي أورشليم، وخمسة أميال جنوب غربي بيت جبرين، من أكبر مدن يهوذا القديمة.
سقطت في يد يشوع الذي قتل ملكها يافيع (يش 10: 3). حصَّنها الملك رحبعام (2 أي 11: 5، 9)، وبنى حولها سورًا مزدوجًا تسنده أبراج منيعة. وإليها هرب أمصيا ملك يهوذا من وجه الثائرين ضده من أورشليم، وهناك قتله الثائرون (2 مل 14: 19؛ 2 أي 25: 27).
حَمَلُوهُ عَلَى الْخَيْلِ،
فَدُفِنَ فِي أُورُشَلِيمَ مَعَ آبَائِهِ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ. [20]
أحضر أصدقاؤه جثمانه إلى أورشليم على خيل في هدوءٍ دون الاحتفال بجنازته أو السير في موكبٍ، وقاموا بدفنه مع آبائه. لقد سار في الباطل، ففقد كل شيءٍ، حتى اهتمام الشعب بجنازته ودفنه!
وَأَخَذَ كُلُّ شَعْبِ يَهُوذَا عَزَرْيَا وَهُوَ ابْنُ سِتَّ عَشَرَةَ سَنَةً،
وَمَلَّكُوهُ عِوَضاً عَنْ أَبِيهِ أَمَصْيَا. [21]
استلم عزريا أو عزيا المُلك (2 مل 15: 30؛ 2 أي 26: 1)، فبالرغم من المعارضة الشعبية لأمصيا بكونه هو مصدر النكبات التي حلَّتْ على الشعب، لكن لم تمتد هذه الثورة إلى أسرته أو الوارث للمملكة.
يرى البعض أن عزريا كان طفلاً حينما مات أبوه، وبقيت يهوذا بلا ملك لمدة 11 سنة. ويُرَجِّح البعض أن عزريا مَلَكَ مع أبيه عندما انهزم يهوذا أمام إسرائيل [12]، وهو ابن 16 سنة.
هُوَ بَنَى أَيْلَةَ، وَاسْتَرَدَّهَا لِيَهُوذَا، بَعْدَ اضْطِجَاعِ الْمَلِكِ مَعَ آبَائِهِ. [22]
أيلة أو أيلات: اسم عبري معناه "أشجار". لا تزال منطقة العقبة غنية بأشجار النخيل. وهي بلدة في الطرف الشمالي من خليج العقبة (الذراع الشرقي من البحر الأحمر)، بالقرب من عصيون جابر. وكانت ميناءً بحريًا هامًا، ومركزًا للقوافل. يُرَجَّح أن داود الملك أخذ هذه البلدة من الأدوميين (2 صم 8: 14)، واستخدمها سليمان كميناء لأسطوله التجاري. استعادها الأدوميون، ثم عاد فاستولى عليها عزيا ملك يهوذا، وأعاد بناءها وتحصينها (2 مل 14: 22)، ثم أخذها رصين ملك أرام، ورجع إليها الأدوميون (2 مل 16: 6).
6. شر يربعام وعظمته

23 فِي السَّنَةِ الْخَامِسَةَ عَشَرَةَ لأَمَصْيَا بْنِ يُوآشَ مَلِكِ يَهُوذَا، مَلَكَ يَرُبْعَامُ بْنُ يُوآشَ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ فِي السَّامِرَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ سَنَةً. 24 وَعَمِلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ. لَمْ يَحِدْ عَنْ شَيْءٍ مِنْ خَطَايَا يَرُبْعَامَ بْنِ نَبَاطَ الَّذِي جَعَلَ إِسْرَائِيلَ يُخْطِئُ. 25 هُوَ رَدَّ تُخُمَ إِسْرَائِيلَ مِنْ مَدْخَلِ حَمَاةَ إِلَى بَحْرِ الْعَرَبَةِ، حَسَبَ كَلاَمِ الرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ عَنْ يَدِ عَبْدِهِ يُونَانَ بْنِ أَمِتَّايَ النَّبِيِّ الَّذِي مِنْ جَتَّ حَافِرَ. 26 لأَنَّ الرَّبَّ رَأَى ضِيقَ إِسْرَائِيلَ مُرًّا جِدًّا، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَحْجُوزٌ وَلاَ مُطْلَقٌ وَلَيْسَ مُعِينٌ لإِسْرَائِيلَ.

فِي السَّنَةِ الْخَامِسَةَ عَشَرَةَ لأَمَصْيَا بْنِ يُوآشَ مَلِكِ يَهُوذَا،
مَلَكَ يَرُبْعَامُ بْنُ يُوآشَ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ فِي السَّامِرَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ سَنَةً. [23]
يربعام: هذا هو الملك الثاني لإسرائيل الذي يحمل نفس الاسم. يربعام الأول هو الذي نادى بإقامة المملكة الشمالية بعد موت سليمان حوالي سنة 930 ق. م. (1 مل 11: 11-12).
حكم إسرائيل لمدة 41 عامًا وهي مدة طويلة (793-752 ق.م)؛ من هذه المدة كان شريكًا مع والده يوآش لمدة عشرة سنوات.
كان يربعام بن يوآش أعظم ملوك إسرائيل، وكان مُلكه أطول من مُلك غيره. ويُعتبَر عصره كما ورد في هوشع ويوئيل وعاموس مزدهرًا اقتصاديًا مع انحطاط أخلاقي وظلم للفقراء وفساد، وعبادة للأصنام، وترك عبادة الرب.
وَعَمِلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ.
لَمْ يَحِدْ عَنْ شَيْءٍ مِنْ خَطَايَا يَرُبْعَامَ بْنِ نَبَاطَ الَّذِي جَعَلَ إِسْرَائِيلَ يُخْطِئُ. [24]
هُوَ رَدَّ تُخُمَ إِسْرَائِيلَ مِنْ مَدْخَلِ حَمَاةَ إِلَى بَحْرِ الْعَرَبَةِ،
حَسَبَ كَلاَمِ الرَّبِّ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ،
الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ عَنْ يَدِ عَبْدِهِ يُونَانَ بْنِ أَمِتَّايَ النَّبِيِّ الَّذِي مِنْ جَتَّ حَافَرَ. [25]
في هذه الفترة –القرن الثامن ق. م.– كان شعب الله المنقسم إلى مملكتين إسرائيل ويهوذا قد انحل روحيًا، وانغمس في الخطايا، فكانت مملكة الشمال تمارس العبادة الوثنية ورجاساتها علانية بلا حياء، ومملكة الجنوب ساقطة في شكليات باطلة. في نفس الوقت بعث الله أنبياء أوحي لهم روحه بالكتابة.
اتَّسم يربعام الثاني بقدرته الفائقة في إدارة شئون الدولة وفي الجانب العسكري مع عدم مبالاته بالحياة الروحية (1 أي 5: 11-17؛ هو 4: 6-5: 7؛ 7: 5).
حَقَّق يربعام مكاسب خارجية وتَمَكَّنَ من استرداد حدود إسرائيل بالكامل، فامتدت مملكته من مدخل حماة إلى البحر الميِّت. تظهر قوته في خضوع حماة ودمشق لسلطانه.
أعلن الله عن أمانته في وعوده لشعبه رغم عدم أمانتهم (هو 2: 2 - 3: 5؛ 11: 10 - 14: 6؛ 3: 1- 15)[14].
من مدخل حماة: الأرض حول مدينة حمص، وهي سهل مفتوح إلى الشمال نحو حماة، وإلى الشرق نحو برَّية سوريا، وإلى الجنوب نحو ربلة والبقاع، وإلى الغرب نحو بلاد الحصن والبحر.
بحر العربة وهو بحر لوط.
يونان بن أمتاي: ذكره هنا يوضح أن قصته الواردة في سفر يونان قصة تاريخية حقيقية، وليس كما يظن البعض أنها رمزية.
لم تُسجّل نبوات يونان النبي الخاصة بإسرائيل، إنما ما ورد في سفر يونان كله خاص بنينوى عاصمة أشور.
لأَنَّ الرَّبَّ رَأَى ضِيقَ إِسْرَائِيلَ مُرّاً جِدّاً.
لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَحْجُوزٌ وَلاَ مُطْلَقٌ
وَلَيْسَ مُعِينٌ لإِسْرَائِيلَ. [26]
رأى الله أن إسرائيل بلا مُعِين، فتدخَّل ليُخلِّص الشعب بيد يربعام، ووهب إسرائيل فترة مجيدة من جهة الانتصارات.
وَلَمْ يَتَكَلَّمِ الرَّبُّ بِمَحْوِ اسْمِ إِسْرَائِيلَ مِنْ تَحْتِ السَّمَاءِ،
فَخَلَّصَهُمْ بِيَدِ يَرُبْعَامَ ابْنِ يُوآشَ. [27]
كانت إسرائيل تتمادى في خطاياها، وكان الرب يُحذِّرهم من الدينونة الأكيدة إن لم يرجعوا إليه، لكن الملوك الخمسة الذين جاءوا بعد ذلك لم يتجاوبوا مع دعوة الله، بل كانوا أشرارًا، فسمح الله بالسبي الأشوري لإسرائيل.
بالرغم من أن إسرائيل قد انحرف عن الرب، وصار في مرارة، غير أن الله حفظ وعده أنه لا يمحو اسمهم من تحت السماء. هكذا يعد الرب كنيسته: "أنا معكم كل الأيام" (مت 28: 20).

7. هزيمة سوريا أمامه

وَبَقِيَّةُ أُمُورِ يَرُبْعَامَ وَكُلُّ مَا عَمِلَ،
وَجَبَرُوتُهُ كَيْفَ حَارَبَ،
وَكَيْفَ اسْتَرْجَعَ إِلَى إِسْرَائِيلَ دِمَشْقَ وَحَمَاةَ الَّتِي لِيَهُوذَا،
مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ لِمُلُوكِ إِسْرَائِيلَ. [28]

جاء في (1 أي 18: 3-11) أن داود النبي والملك انتصر على سوريا، واحتل مواقع عسكرية بدمشق ومناطق أخرى، جعل سوريا كلها تحت الجزية. لكن تمكنت سوريا من أن تتخلص من هذا النير، بل واستطاعت أن تغتصب مناطق حيوية بإسرائيل ضمتها إلى سوريا. استطاع يربعام أن يسترد هذه المواقع.
حماة التي ليهوذا ربما يشير إلى أن توعي ملك حماة أرسل هدايا إلى داود وسأل عن سلامته وباركه (2 صم 8: 9) فكانت خاضعة إلى حد ما لداود الملك الذي كان من سبط يهوذا.
تمتَّعتْ مملكة الشمال بالقوة والنجاح المادي في أيام يربعام بسبب سياسته الحربية ومهارته الإدارية. لكن ساد البلاد روح الظلم، فازداد الأغنياء غِنَى، والفقراء فقرًا. وقد حدَّثنا النبيان عاموس وهوشع (هو 4:13-8؛ عا 11:6-13)، كيف اتكَّل الأغنياء على ممتلكاتهم لا على الله.
وجبروته: كشفت الحفريات في السامرة عن عظمة عاصمة يربعام الثاني. فقد قام بتحصين المدينة بسورٍ مزدوج. كما أن القصر الجميل الذي اُكتشف خاص بالملك يربعام الثاني وليس بالملك أخآب. ويكشف ختم "شيما خادم يربعام" الذي من اليشب، والنحت الذي عليه لأسدٍ، عن إبداع الفن في تلك الفترة.
قام كثير من أغنياء تلك الفترة بتقليد قصر أخآب العاجي، كما يظهر من العاج الذي وُجد في مجدو Megiddo ومناطق أخرى.

8. موته

ثُمَّ اضْطَجَعَ يَرُبْعَامُ مَعَ آبَائِهِ مَعَ مُلُوكِ إِسْرَائِيلَ،
وَمَلَكَ زَكَرِيَّا ابْنُهُ عِوَضاً عَنْهُ. [29]

كانت فترة حُكْمِ زكريا الذي يعتبر الجيل الرابع لياهو قصيرة (2 مل 15: 8-12). وهو آخر ملك من نسل ياهو، به تمّ تحقيق الوعد الإلهي لياهو (2 مل 10: 30).
في أثناء هذه الفترة ظهر كثير من الأنبياء مثل هوشع وعاموس ويونان وميخا وإشعياء، وكأن الله يهيئ أذهان المؤمنين إلى الكرازة في العالم، وكيف يستخدم انحلال إسرائيل لإعداد الطريق لمجيء المسيّا مُخلِّص العالم.
اضطجع: يتساءل البعض: هل الأموات نيام أم واعين؟
يتكلم الكتاب المقدس أحيانًا عن الموت - كما ورد هنا – باعتباره وقت يضطجع فيه الرجل مع آبائه (1 مل 2: 10؛ 11: 21، 43؛ 14: 20). وقال رب المجد: "لعازر... نام" (يو 11: 11) عندما مات (يو 11: 14). ويتكلم القديس بولس الرسول عن الذين "رقدوا في الرب" (1 كو 15: 51؛ 1 تس 4: 13). وفي مواضع أخرى يتكلم الكتاب المقدس عن أشخاص في وعي وهم في حضرة الله بعد أن ماتوا (انظر 2 كو 5: 8؛ في 1: 23؛ رؤ 6: 9).
تشير أول مجموعة من الآيات إلى الجسد، والمجموعة الثانية إلى النفس. "النوم" كلمة مناسبة للتعبير عن موت الجسد، لأن الموت هو وضع مؤقت في انتظار القيامة عندما يقوم الجسد من نومه. بالإضافة إلى ذلك، فإن كلا من النوم والموت يشتركان من جهة وضع الجسد متمددًا.
تعليم الكتاب المقدس واضح من جهة بقاء النفس (الروح) بعد الموت (لو 12: 40) وأنها تكون بوعيها في حضرة الله (2 كو 5: 8) في مكان أفضل (في 1: 23)، بينما أنفس أخرى تتكلم (مت 17: 3) وتصلي (رؤ 6: 9-10). كذلك النفس الغير مؤمِنة تكون مُعذَّبة (مت 25: 41؛ لو 16: 22-26؛ رؤ 19: 20-20: 15).

من وحي 2 مل 14

أنت هو الأول والآخر في حياتي

v من لي سواك يا أيها المخلص محب البشر؟!
أنت هو بداية الطريق ونهايته، بل والطريق ذاته.
أنت هو السُلم بكليته الذي يحملنا إلى السماء!
v ليحملني روحك القدوس ويقودني.
يحملني من أول درجة ليصعد بي حتى النهاية.
لأنسى ما هو وراء، وأمتد إلى قدام،
فلا أنحرف عن الطريق يمينًا أو يسارًا.
لن تسمح لي بصِغَرِ نفْس، مادمتَ حالاً في أعماقي.
لن يحل بي روح الفشل،
مادمتُ في أحضانك!
v بنعمتك أصعد، وبنعمتك أثبت فيما نلته،
بل وبها أرتفع إلى درجات أعلى.
كلما رفعتني أحتاج بالأكثر إلى مساندتك،
مع تقديم شكري وحمدي لك.
مع كل صعودٍ بك، أسندني بروح التواضع.
فمن يمسك بك وتمسك أنت به،
لن يتسلل إليه روح المجد الباطل المُدمِّر.





عزيا ملك يهوذا وابنه يوثام | زكريا ملك إسرائيل حتى فقح


كان عزيا ملك يهوذا (791-740 ق.م) مثل يربعام الثاني ملك إسرائيل، مَلَكَ الاثنان لمدة طويلة، واتسمت حياتهما بالازدهار السياسي والاقتصادي. حاول عزيا ممارسة العمل الكهنوتي، مستخدمًا سلطانه الملوكي، فأُصيب بالبرص، واستلم ابنه يوثام العرش. وُجد نقش على حجر الكلس في أورشليم، يرجع إلى القرن الأول الميلادي، جاء فيه: "هنا أُحضرت عظام عزيا، ملك يهوذا، لا يجوز فتحه".
وحكم يوثام (من حوالي سنة 750 إلى 736 ق.م.)
جاء في يوميات تغلث فلاسر الثالث إشارة إلى عزيا ملك يهوذا وتحالفه مع ملوك الغرب.
أما زكريا بن يربعام الثاني فملك على إسرائيل لمدة 6 أشهر (753-752 ق.م.)، اغتاله شالوم، وبهذا انتهت أسرة ياهو في الحكم.
اُغتيل شالوم مُغتصِب الحُكْم بعد شهرٍ واحدٍ من استلامه العرش، حيث قتله منحيم الذي ملك (من سنة 752-742 ق.م.)
هكذا تفاقم شر الملوك بشكلٍ خطيرٍ، خاصة مملكة الشمال، وكان العلاج الوحيد للمملكتين هو سقوطهما تحت السبي لتأديبهما.

1. عزريا ملك يهوذا

1 فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ وَالْعِشْرِينَ لِيَرُبْعَامَ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ، مَلَكَ عَزَرْيَا بْنُ أَمَصْيَا مَلِكِ يَهُوذَا. 2 كَانَ ابْنَ سِتَّ عَشَرَةَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ، وَمَلَكَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ، وَاسْمُ أُمِّهِ يَكُلْيَا مِنْ أُورُشَلِيمَ. 3 وَعَمِلَ مَا هُوَ مُسْتَقِيمٌ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ حَسَبَ كُلِّ مَا عَمِلَ أَمَصْيَا أَبُوهُ، 4 وَلكِنِ الْمُرْتَفَعَاتُ لَمْ تُنْتَزَعْ، بَلْ كَانَ الشَّعْبُ لاَ يَزَالُونَ يَذْبَحُونَ وَيُوقِدُونَ عَلَى الْمُرْتَفَعَاتِ.

فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ وَالْعِشْرِينَ لِيَرُبْعَامَ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ،
مَلَكَ عَزَرْيَا بْنُ أَمَصْيَا مَلِكِ يَهُوذَا. [1]
"عزريا" مَلِك يهوذا العاشر (بعد انقسام المملكة)، معنى اسمه "الرب يُعِين"، وأما دعوته "عزيا"، فمعناها "الرب قوتي"، لعله دُعي بالاسم الأخير عندما استقل بالحكم.
نجد قصة عزريا أو عزيا ملك يهوذا في (2 أي26؛ إش 1:1؛ 1:6). أعاد بناء السور الذي هدمه يهوآش ملك إسرائيل، كما قام بإعادة تحصين المدينة بالأسلحة، واستقل عن إسرائيل. في عهده تمتَّع يهوذا بالسلام والازدهار بصورة لم تختبرها منذ أيام الملك سليمان. في ذلك الوقت انحدرت إسرائيل انحدارًا شديدًا، وأصبح سقوطها وشيكًا.
عزريا أو عزّيا (2 أي 26: 1؛ إش 1: 1) ملك لمدة 52 عامًا، تحوي عشرة سنوات كان فيها قائما بالحكم عوض والده أمصيا الذي كان مسبيًا (792-782 ق.م). و15 سنة كان فيها شريكًا في الحكم مع أمصيا والده بعد إطلاقه من السبي (782-767 ق. م)، و25 سنة منفردًا بالحكم (767-740 ق. م). تلطخت الفترة الأخيرة من حكم عزريا (عزيا)، إذ تشامخ قلبه بجيشه العظيم الذي أعدَّه، فدخل هيكل الرب ليوقد على مذبح البخور. فقاومه الكهنة، وإذ غضب عليهم ظهر برص على جبهته، فطُرد من الهيكل. لازمه البرص إلى يوم وفاته، واستلم يوثام إدارة شئون المملكة عوضًا عن أبيه المعزول (2 أي 26: 16-21).
يُظَن أن عزريا أو عزيا ملكَ مع أبيه في السنة الرابعة من ملك يربعام (2 مل 14: 23؛ 15: 8)، وهو ابن 16 سنة. وكان ذلك بعدما فتح أورشليم يوآش ملك إسرائيل بمدة قليلة. وقُتِل أمصيا في السنة الخامسة عشر من مُلك يربعام. وكانت مملكة يهوذا تحت سلطة مملكة إسرائيل زمانًا، ولكن في السنة السابعة والعشرين من مُلك يربعام تقوَّى عزريا واستقل عن إسرائيل.
كَانَ ابْنَ سِتَّ عَشَرَةَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ،
وَمَلَكَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ،
وَاسْمُ أُمِّهِ يَكُلْيَا مِنْ أُورُشَلِيمَ. [2]
وَعَمِلَ مَا هُوَ مُسْتَقِيمٌ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ،
حَسَبَ كُلِّ مَا عَمِلَ أَمَصْيَا أَبُوهُ. [3]
مع مرور الزمن ازداد ملوك إسرائيل فسادًا وعنفًا، فنلاحظ تكرار عمليات الغدر واغتيال الملوك، أما ملوك يهوذا فمع ظهور بعض الملوك الصالحين مثل أمصيا وابنه عزريا، إلا إنهم كثيرًا ما كانوا لا ينزعون المرتفعات، الأمر الذي دفع الشعب لعبادة الأوثان، ومن جانب آخر كثيرًا ما بدأوا بالاستقامة وانحرفوا بعد ذلك. وذلك كما رأينا في أمصيا الذي سقط في الكبرياء بسبب نصرته على أدوم، كما جاء بآلهتهم معه وسجد أمامهم وأوقد لهم (2 أي 25: 14). أما ابنه عزريا فعمل ما هو مستقيم في عيني الرب في بداية حكمه، ثم انحرف عندما استخدم سلطانه الملوكي ليقتحم الهيكل ويمارس العمل الكهنوتي بالعنف.
هذا وقد منح الله المملكتين نوعًا من الغِنَى والخيرات، فعوض تقديم ذبائح شكر لله، انحرفوا نحو تجاهل الله وممارسة الشر في عصيان لله.
مع هذا، لم يتجاهل الكتاب المقدس الجانب الطيِّب لعزريا بن أمصيا، فقال: "وعمل ما هو مستقيم في عيني الرب حسب كل ما عمل أمصيا أبوه، ولكن المرتفعات لم تُنزَع الخ" [3-4]. لقد عمل ما هو مستقيم في عيني الرب، لكنه في سلبيته ترك المرتفعات والعبادة الوثنية يمارسها الشعب دون أخذ موقف إيجابي لعودة الشعب لله، لذلك جلب غضب الرب عليه.
وَلَكِنِ الْمُرْتَفَعَاتُ لَمْ تُنْتَزَعْ،
بَلْ كَانَ الشَّعْبُ لاَ يَزَالُونَ يَذْبَحُونَ وَيُوقِدُونَ عَلَى الْمُرْتَفَعَاتِ. [4]
لقد أنجز عزريا الكثير، لكنه لم يهدم المرتفعات الوثنية في يهوذا، وهو في هذا مثل أبيه أمصيا وجده يوآش.

2. ضرب عزريا بالبرص

5 وَضَرَبَ الرَّبُّ الْمَلِكَ فَكَانَ أَبْرَصَ إِلَى يَوْمِ وَفَاتِهِ، وَأَقَامَ فِي بَيْتِ الْمَرَضِ، وَكَانَ يُوثَامُ ابْنُ الْمَلِكِ عَلَى الْبَيْتِ يَحْكُمُ عَلَى شَعْبِ الأَرْضِ. 6 وَبَقِيَّةُ أُمُورِ عَزَرْيَا وَكُلُّ مَا عَمِلَ، أَمَا هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ لِمُلُوكِ يَهُوذَا؟

وَضَرَبَ الرَّبُّ الْمَلِكَ،
فَكَانَ أَبْرَصَ إِلَى يَوْمِ وَفَاتِهِ،
وَأَقَامَ فِي بَيْتِ الْمَرَضِ.
وَكَانَ يُوثَامُ ابْنُ الْمَلِكِ عَلَى الْبَيْتِ يَحْكُمُ عَلَى شَعْبِ الأَرْضِ. [5]
تشامخ عزريا بنجاحه ونصرته على أدوم، فدخل هيكل الرب ليوقد على مذبح البخور، وقاومه الكهنة، وحنق عزريا، فخرج وإذا بالبرص في جبهته.
غالبًا ما أقام في بيت خصوصي لكونه أبرص ولا يقدر أن يخالط الشعب (لا 13: 46)، وكان ذلك في السنة السابعة والثلاثين من مُلْكِه، وبقى في بيت المرض 15 سنة.
ملك يوثام مع أبيه عزريا لمدة عشر سنوات، ربما لأن الأب كان قد شاخ جدًا وشعر بالحاجة إلى من يساعده، أو لأنه كان مريضًا (مُصابًا بالبرص) أو لتدريب ابنه على العمل الملوكي وقيادة الدولة.
سبق أن رأينا أن هذه العادة كان يمارسها كثير من الملوك. فقد شارك يهوشافاط أباه آسا، ويهورام أباه يهوشافاط، ويوثام أباه عزريا، ويربعام أباه يهوآش، ومنسى أباه حزقيا. وفي دراستنا لسفر دانيال رأينا أن بيلشاصر شارك أباه نابونيدس في الحكم[1].
بعد ذلك ملك آحاز حفيده الذي كان شريرًا وضعيفًا. أعطى ملك أشور الخزائن التي كان قد جمعها جده، وصار عبدًا لملك أشور، هكذا زال المجد العالمي.
يعرف عدو الخير أن ينصب الشباك المهلكة على كل فئة من البشر بما يجتذبهم. فلا يهدأ عن وضع الفخاخ للأطفال الصغار كما للصبيان والشباب والرجال والنساء، وللكهنة والملوك والعظماء. فالعدو له خبرته عبْر هذه الآلاف من السنين لاصطياد كل إنسانٍ ما أمكن. أما الحذر من فخاخه، فيتطلب الاختفاء في مُخَلِّص العالم، وتسليم روحه القدوس قيادة كل من النفس والجسد، فالروح القدس هو واهب الحكمة ومعطي القوة والقدرة على تحويل الفخاخ لنصرتنا وتكليلنا.
بالنسبة للقادة بوجه عام، سواء كانوا مدنيين أو عسكريين أو رجال دين أو أصحاب مراكز قيادة في المجتمع أو الكنيسة، فإن أخطر ضربة تصيبهم هي اعتزاز الإنسان بذاته، وإساءة استغلال عمل الله معه فيتعدّى حدوده.
ضربة عدو الخير للقادة هي السقوط في صغر النفس وما يتبع ذلك من الشعور بالفشل والعجز عن تحقيق رسالته واليأس، مما يجعلهم يحاولون الهروب من العمل. هؤلاء يليق بهم أن يسمعوا الصوت الإلهي: "لا تقل إني ولد" (إر 1: 7)، فيعملوا كأناس الله، بروح القوة لا الفشل.
وإن فشلت هذه الفخاخ ينصب عدو الخير لهم فخاخًا مضادة، وهي الاعتداد بسلطانه وإمكانياته وخبراته وحكمته البشرية ودراساته في تشامخ وعجرفة، معطيًا لله القفا لا الوجه، عوض أن يُسَلِّمَ كل هذه الإمكانيات في يد الله ليُقدِّسها وينميها، فتتحول حياته إلى تسبحة مُفرِحة شاكرة لواهب العطايا. عمل العدو بهذه الفخاخ هو المبالغة، فلا يدرك القائد حدوده، بل يرتئي فوق ما يرتئي كقول الرسول بولس (رو 12: 3). يليق بالقائد أن يدرك أن ما وُهب من سلطان مدني أو عسكري أو ديني، إنما هو عطية من الله، فيمارس سلطانه بروح التواضع مع القوة في الرب.
لقد أدرك داود النبي والملك أن الله يقيم شعبه عجبًا، إذ يُقدِّم لهم إمكانيات على مستوى عجيب وفائق، فيعتز كل مؤمنٍ بما ناله ويناله من يديّ إلهه، لكنه يلتزم بروح التواضع كسيده. لهذا يُرَنِّم، قائلاً: "يا رب لم يرتفع قلبي، ولم تستعلِ عيناي، ولم أسلك في العظائم ولا في عجائب فوقي" (مز 131: 1).
يُقدِّم لنا الكتاب الكثير من الأمثلة لقادة أساءوا استخدام سلطانهم أو تعدُّوا حدوده. نذكر على سبيل المثال:
1. اغتصاب قورح وداثان وأبيرام وجماعتهم العمل الكهنوتي، فانشقت الأرض وابتلعتهم (عد 16: 31-32).
2. شاول الملك الذي لما لم يأتِ صموئيل النبي إلى الجلجال، أصعد المحرقة (1 صم 13: 9). ولعله استغل تأخير صموئيل لكي يغتصب الحقوق الكهنوتية الدينية بجانب سلطانه كملكٍ، ففقد هو وأسرته السلطان الملوكي.
3. ما فعله هنا عزيا (عزريا)، فأُبتلي بالبرص، وفقد مركزه كملكٍ.
v يُعلِّمنا الكتاب المقدس – كما أظن – إنه إذ يرفع الإنسان نفسه بعجرفةٍ ينتهي بسقوطه أسفل الأرض! لهذا فليس بدون سبب تُعرَّف الكبرياء أنها صعود إلى أسفل.
v إن كان الذين يرفعون أنفسهم فوق الآخرين بطريقة ما ينحطون إلى أسفل، إذ فتحت الأرض هوتها لتبتلعهم، فإنه ليس لأحد أن يناقش تعريف الكبرياء أنه سقوط دنيء.
القديس غريغوريوس أسقف نيصص
v الآن نسألكم نحن جميعًا أن يلتزم كل أحد برتبته التي عُيِّنَ لها، ولا يتخطى حدوده اللائقة، فإنها (الرتب) ليست لنا بل لله. يقول الرب: [الذي يسمع منكم يسمع مني، (والذي يسمع مني، يسمع من الذي أرسلني)، والذي يرذلكم يرذلني، والذي يرذلني يرذل الذي أرسلني] (لو 10: 16؛ مت 10: 40؛ يو 13: 20).
قوانين الرسل القديسين
v "وأما من افتخر فليفتخر بالرب" (2 كو 10: 17؛ راجع إر 9: 24). من لا يفتخر بالصليب، يكون غبيًا تمامًا ومخالفًا للناموس (المسيحي). من لا يفتخر بالإيمان، يكون أكثر بؤسًا من الجميع. من لا يفتخر ويتكلم علانية عن هذه الأمور، يكون في طريق الدمار. لهذا كان الرسول واثقًا بما فيه الكفاية، ليقول: "وأما من جهتي، فحاشا لي أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح" (غل 6: 14). وبطريقةٍ مماثلةٍ: [لا يفتخر الغني بثروته، ولا الحكيم بحكمته، وإنما ليفتخر بفهمه ومعرفته للرب] (راجع إر 9: 23-24).
الآن، رفضه للتشامخ وبغضه للمظاهر الطنانة، وتجنُّبه لهذا وبغضه لها، إنجاز ليس بقليل. إنه الأمان القوي للغاية للفضيلة، والحماية العظيمة للتواضع.
القديس يوحنا الذهبي الفم
وَبَقِيَّةُ أُمُورِ عَزَرْيَا وَكُلُّ مَا عَمِلَ،
مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ لِمُلُوكِ يَهُوذَا. [6]

3. يوثام ملك يهوذا

ثُمَّ اضْطَجَعَ عَزَرْيَا مَعَ آبَائِهِ،
فَدَفَنُوهُ مَعَ آبَائِهِ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ،
وَمَلَكَ يُوثَامُ ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ. [7]

v بعد نواله السلطة في تلك السنة، قام يوثام بتدبير حكومة (يهوذا) لمدة ست عشرة سنة، فتأهَّل لمدح عظيم. وقد أشار سفر أخبار الأيام الثاني إلى كل الأعمال البطولية التي تممها بنفسه، ولم يوبِّخه الكتاب في تلك العبارة (2 أي 27: 1-9) عن أي خطأ، إلا في تركه المرتفعات (1 مل 12: 31-32؛ 2 مل 12: 3 إلخ.) وهو خطأ كان شائعًا غالبًا لدى ملوك يهوذا الصالحين.
أولاً قام بتقوية أورشليم بحصون جديدة وبناء أبراج وقلاع في البراري. غلب العمونيين الحاملين عداوة دائمة ضد اليهود، وفرض عليهم دفع جزية لملوك يهوذا.
القديس أفرام السرياني

4. زكريا ملك إسرائيل

8 فِي السَّنَةِ الثَّامِنَةِ وَالثَّلاَثِينَ لِعَزَرْيَا مَلِكِ يَهُوذَا، مَلَكَ زَكَرِيَّا بْنُ يَرُبْعَامَ عَلَى إِسْرَائِيلَ فِي السَّامِرَةِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ. 9 وَعَمِلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ كَمَا عَمِلَ آبَاؤُهُ. لَمْ يَحِدْ عَنْ خَطَايَا يَرُبْعَامَ بْنِ نَبَاطَ الَّذِي جَعَلَ إِسْرَائِيلَ يُخْطِئُ. 10 فَفَتَنَ عَلَيْهِ شَلُّومُ بْنُ يَابِيشَ وَضَرَبَهُ أَمَامَ الشَّعْبِ فَقَتَلَهُ، وَمَلَكَ عِوَضًا عَنْهُ. 11 وَبَقِيَّةُ أُمُورِ زَكَرِيَّا هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ لِمُلُوكِ إِسْرَائِيلَ. 12 ذلِكَ كَلاَمُ الرَّبِّ الَّذِي كَلَّمَ بِهِ يَاهُوَ قَائِلًا: «بَنُو الْجِيلِ الرَّابعِ يَجْلِسُونَ لَكَ عَلَى كُرْسِيِّ إِسْرَائِيلَ». وَهكَذَا كَانَ.

فِي السَّنَةِ الثَّامِنَةِ وَالثَّلاَثِينَ لِعَزَرْيَا مَلِكِ يَهُوذَا،
مَلَكَ زَكَرِيَّا بْنُ يَرُبْعَامَ عَلَى إِسْرَائِيلَ فِي السَّامِرَةِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ. [8]
ما كُتِبَ عن حُكْمِ زكريا قليل جدًا، فقد اكتفى الكاتب بتسجيل أنه ارتد عن عبادة الله إلى عبادة الوثنية.
ملك زكريا ستة أشهر، لم يشتهر إلا بشروره. ضربه شلوم أمام الشعب، كما ضرب ياهو يورام (2 مل 9: 24)، وتم فيه وعد الرب لياهو، أن أبناءه إلى الجيل الرابع يجلسون على كرسي إسرائيل وهم يهوآحاز ويوآش ويربعام وزكريا (2 مل 10: 3).
لعل الله سمح بقِصَر مدة حُكْمِ زكريا وأيضًا قاتله شلوم وحدوث حالات الاغتيالات المتكررة لكي تُراجِعَ مملكة إسرائيل حساباتها، وتَرْجع إلى الحق الإلهي.
وَعَمِلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ كَمَا عَمِلَ آبَاؤُهُ.
لَمْ يَحِدْ عَنْ خَطَايَا يَرُبْعَامَ بْنِ نَبَاطَ الَّذِي جَعَلَ إِسْرَائِيلَ يُخْطِئُ. [9]
كانت خطية الملك زكريا مزدوجة، فإنه لم يخطئ فقط، وإنما شجع الإسرائيليين على الخطأ.
فَفَتَنَ عَلَيْهِ شَلُّومُ بْنُ يَابِيشَ،
وَضَرَبَهُ أَمَامَ الشَّعْبِ فَقَتَلَهُ،
وَمَلَكَ عِوَضًا عَنْهُ. [10]
حذَّر عاموس النبي الملك زكريا من موته الوشيك، ومن ثَمَّ القضاء على أسرة يربعام (عا 9:7، 11).
وَبَقِيَّةُ أُمُورِ زَكَرِيَّا مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ لِمُلُوكِ إِسْرَائِيلَ. [11]
ذَلِكَ كَلاَمُ الرَّبِّ الَّذِي كَلَّمَ بِهِ يَاهُوَ قَائِلاً:
بَنُو الْجِيلِ الرَّابِعِ يَجْلِسُونَ لَكَ عَلَى كُرْسِيِّ إِسْرَائِيلَ.
وَهَكَذَا كَانَ. [12]

5. شلوم ملك إسرائيل

شَلُّومُ بْنُ يَابِيشَ مَلَكَ فِي السَّنَةِ التَّاسِعَةِ وَالثَّلاَثِينَ لِعُزِّيَّا مَلِكِ يَهُوذَا،
وَمَلَكَ شَهْرَ أَيَّامٍ فِي السَّامِرَةِ. [13]

لم يملك شلُّوم على إسرائيل سوى شهر واحد. واغتاله منحيم. هذا يكشف عن انهيار المملكة واضطراب الشعب.
مَلكَ شهر أيام، أي شهرًا كاملاً أو 30 يومًا.
غالبًا ما كان في إسرائيل حِزْبان، وهما حزب شلوم في السامرة، وحزب منحيم في ترصة. وكانت ترصة قاعدة إسرائيل من أيام يربعام.
إذ رفضتْ إسرائيل بيت داود، وملكَ عليها ملوك من تسع سلالات، وكانت الفتن والحروب الأهلية كثيرة ومُهلكة.


6. منحيم ملك إسرائيل

14 وَصَعِدَ مَنَحِيمُ بْنُ جَادِي مِنْ تِرْصَةَ وَجَاءَ إِلَى السَّامِرَةِ، وَضَرَبَ شَلُّومَ بْنَ يَابِيشَ فِي السَّامِرَةِ فَقَتَلَهُ، وَمَلَكَ عِوَضًا عَنْهُ. 15 وَبَقِيَّةُ أُمُورِ شَلُّومَ وَفِتْنَتُهُ الَّتِي فَتَنَهَا هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ لِمُلُوكِ إِسْرَائِيلَ. 16 حِينَئِذٍ ضَرَبَ مَنَحِيمُ تَفْصَحَ وَكُلَّ مَا بِهَا وَتُخُومَهَا مِنْ تِرْصَةَ، لأَنَّهُمْ لَمْ يَفْتَحُوا لَهُ. ضَرَبَهَا وَشَقَّ جَمِيعَ حَوَامِلِهَا. 17 فِي السَّنَةِ التَّاسِعَةِ وَالثَّلاَثِينَ لِعَزَرْيَا مَلِكِ يَهُوذَا، مَلَكَ مَنَحِيمُ بْنُ جَادِي عَلَى إِسْرَائِيلَ فِي السَّامِرَةِ عَشَرَ سِنِينَ. 18 وَعَمِلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ. لَمْ يَحِدْ عَنْ خَطَايَا يَرُبْعَامَ بْنِ نَبَاطَ الَّذِي جَعَلَ إِسْرَائِيلَ يُخْطِئُ كُلَّ أَيَّامِهِ.

وَصَعِدَ مَنَحِيمُ بْنُ جَادِي مِنْ تِرْصَةَ، وَجَاءَ إِلَى السَّامِرَةِ،
وَضَرَبَ شَلُّومَ بْنَ يَابِيشَ فِي السَّامِرَةِ فَقَتَلَهُ،
وَمَلَكَ عِوَضًا عَنْهُ. [14]
تَذْكُر الوثائق القديمة أن منحيم كان القائد العام لجيش يربعام الثاني (2 مل 23:14-29). بعد اغتيال ابن يربعام (2 مل 8:15-10). رأى منحيم، على الأرجح، أنه أولى من شلوم بتولي عرش المملكة، كالخليفة الشرعي لزكريا.
وَبَقِيَّةُ أُمُورِ شَلُّومَ وَفِتْنَتُهُ الَّتِي فَتَنَهَا،
هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ لِمُلُوكِ إِسْرَائِيلَ. [15]
بالرغم من أن مدة حكم شلُّوم لم تزد عن شهر غير أن أخباره لم يتجاهلها الكتاب المقدس.
حِينَئِذٍ ضَرَبَ مَنَحِيمُ تَفْصَحَ وَكُلَّ مَا بِهَا وَتُخُومَهَا مِنْ تِرْصَةَ.
لأَنَّهُمْ لَمْ يَفْتَحُوا لَهُ.
ضَرَبَهَا وَشَقَّ جَمِيعَ حَوَامِلِهَا. [16]
ترصة: مدينة كنعانية قديمة، لها أهميتها، اتسمت بالجمال الفائق، وكانت مكان خلوة ملكي (1 مل 14: 17) وعاصمة للأمة (1 مل 16: 8-10)، لها أهميتها التجارية بسبب موقعها الاستراتيجي، وقد بقيت مدينة لها أهميتها.
قام منحيم بمعركة غاية في الوحشية، حيث شقَّ بطون جميع الحوامل في ترصة، لأنها لم تفتح له.
كانت ترصة مدينة استجمام للملوك، وذلك لجمالها (نش 6: 4)، كما كانت عاصمة إسرائيل خلال الأسرتين الأولى والثانية. من ترصة افتتح منحيم تفصح التي رفضت أن تفتح أبوابها لاستقباله. ضرب تفصح ونكَّل بشعبها حيث فتح بطون الحوامل. مثل هذا العمل البشع كان يُمارَس في الحروب في ذلك الحين (2 مل 8: 12؛ عا 1: 13).


فِي السَّنَةِ التَّاسِعَةِ وَالثَّلاَثِينَ لِعَزَرْيَا مَلِكِ يَهُوذَا،
مَلَكَ مَنَحِيمُ بْنُ جَادِي عَلَى إِسْرَائِيلَ فِي السَّامِرَةِ عَشَرَ سِنِينَ. [17]
الأمر الذي يدعو للتهكم أن اسم "منحيم" يعني "المُعَزِّي"، بينما تصرفاته وحشية. قام باغتيال شلُّوم في السامرة، وأمر بفتح بطون الأمهات الحوامل في تفصح.
وَعَمِلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ.
لَمْ يَحِدْ عَنْ خَطَايَا يَرُبْعَامَ بْنِ نَبَاطَ الَّذِي جَعَلَ إِسْرَائِيلَ يُخْطِئُ كُلَّ أَيَّامِهِ. [18]

7. منحيم يرشي ملك أشور

19 فَجَاءَ فُولُ مَلِكُ أَشُّورَ عَلَى الأَرْضِ، فَأَعْطَى مَنَحِيمُ لِفُولَ أَلْفَ وَزْنَةٍ مِنَ الْفِضَّةِ لِتَكُونَ يَدَاهُ مَعَهُ لِيُثَبِّتَ الْمَمْلَكَةَ فِي يَدِهِ. 20 وَوَضَعَ مَنَحِيمُ الْفِضَّةَ عَلَى إِسْرَائِيلَ عَلَى جَمِيعِ جَبَابِرَةِ الْبَأْسِ لِيَدْفَعَ لِمَلِكِ أَشُّورَ خَمْسِينَ شَاقِلَ فِضَّةٍ عَلَى كُلِّ رَجُل، فَرَجَعَ مَلِكُ أَشُّورَ وَلَمْ يُقِمْ هُنَاكَ فِي الأَرْضِ. 21 وَبَقِيَّةُ أُمُورِ مَنَحِيمَ وَكُلُّ مَا عَمِلَ، أَمَا هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ لِمُلُوكِ إِسْرَائِيلَ؟

فَجَاءَ فُولُ مَلِكُ أَشُّورَ عَلَى الأَرْضِ،
فَأَعْطَى مَنَحِيمُ لِفُولَ أَلْفَ وَزْنَةٍ مِنَ الْفِضَّةِ
لِتَكُونَ يَدَاهُ مَعَهُ
لِيُثَبِّتَ الْمَمْلَكَةَ فِي يَدِهِ. [19]
فول Pul اسم بابلي آخر للملك الأشوري تغلث فلاسر الثالث (745-727 ق.م) (29؛ 1 أي 5: 26). جاء إلى العرش كمغتصبٍ له، إذ كان قائدًا في الجيش، وأراد أن يبرهن أنه منافس للملك. في عهد تلغث فلاسر وخلفائه صارت أشور هي القوة المُهَيْمِنة على الشرق الأوسط لمدة تقرب من القرن (747-612 ق.م). في هذه الفترة تدخلت أشور في شئون إسرائيل ويهوذا. كمثال في عام 743 ق. م بعث تغلث فلاسر الثالث بغزو أدى إلى قبول سوريا وفلسطين الخضوع لأشور بشروط سخية لحساب أشور. ورد في سجلات هذا الملك الأشوري أن منحيم ملك إسرائيل كان يدفع جزية له، وذلك كما جاء هنا [19-20].
تؤكد الكتابات الأشورية أن فول هو تغلث فلاسر [29]، أخذ هذا الاسم عندما تبوَّأ المُلك.
واضح أن منحيم وجد مقاومين له في المملكة، فلجأ إلى ملك أشور ليعضده مقابل تأدية جزية له.
ظن منحيم أنه قادر أن يثبت عل كرسيه بتقديم رشوة لأشور، ولم يدرك أن من ظن أنه يحميه قد عاد ليسبي مملكة إسرائيل. وثق في الحماية البشرية عوض الرجوع إلى الله، فحصد ثمار شره المهلك.
v يقول التاريخ المُقدَّس أن فول Pul في عهد منحيم ملك إسرائيل، هو أول ملك للأشوريين سلب الأسباط العشرة (2 مل 15: 17-21).
الثاني تغلث فلاسر جاء إلى السامرة في أيام فقح بن رملة (2 مل 15: 29).
بعد ذلك الثالث شلمنأسر الذي استولى على كل السامرة (2 مل 17: 3-6).
الرابع سرجون الذي حارب أشدود (إش 20: 1).
الخامس آسرحدون الذي أسر السامريين في أرض اليهودية.
سنحاريب هو السادس الذي حاصر أورشليم في أيام حزقيا ملك إسرائيل بعد أن استولى على لاخيش ومدن أخرى في اليهودية (2 مل 18-19).
يظن البعض أن هذه الأسماء كلها خاصة بشخصٍ واحد.
القديس جيروم
وَوَضَعَ مَنَحِيمُ الْفِضَّةَ عَلَى إِسْرَائِيلَ عَلَى جَمِيعِ جَبَابِرَةِ الْبَأْسِ،
لِيَدْفَعَ لِمَلِكِ أَشُّورَ خَمْسِينَ شَاقِلَ فِضَّةٍ عَلَى كُلِّ رَجُلٍ.
فَرَجَعَ مَلِكُ أَشُّورَ، وَلَمْ يُقِمْ هُنَاكَ فِي الأَرْضِ. [20]
وضع منحيم الفضة على جبابرة البأس، أي على الأغنياء.
رجع ملك أشور إلى بلاده، لكنه جاء بعد ذلك وأخذ كثيرًا من الأرض، وسبى أهلها إلى أشور [29].
عندما اعتلى الملك فول (تغلث فلاسر الثالث ع 29) عرش أشور، كانت الإمبراطورية الأشورية توشك أن تصبح قوة عالمية بينما كانت أرام وإسرائيل ويهوذا في انحدار.
هذا هو أول ذِكْر لأشور في سفر ملوك الثاني. وقد حدثت غزوة الملك فول في عام 743 ق. م، وجعلت أشور من إسرائيل دولة تابعة لها، واضطر منحيم إلى دفع الجزية لأشور. كانت هذه الغزوة هي الأولى من ثلاث غزوات أشورية، وقد وردت الغزوتان التاليتان في (2 مل 29:15؛ 6:17).
كان منحيم ملكًا شريرًا استخدم المال كوسيلة لمنع العدو من ضربه، لكن كان خراب إسرائيل على وشك الحدوث. أما ربنا يسوع فعلى العكس هو الملك القدوس الذي سلَّم نفسه فدية ليُخلِّص البشرية (مت 20: 28) لذلك سحق رأس عدوه، إبليس.
وَبَقِيَّةُ أُمُورِ مَنَحِيمَ وَكُلُّ مَا عَمِلَ،
أَمَا هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْ أَخْبَارِ الأَيَّامِ لِمُلُوكِ إِسْرَائِيلَ؟ [21]

8. فقحيا ملك إسرائيل

22 ثُمَّ اضْطَجَعَ مَنَحِيمُ مَعَ آبَائِهِ، وَمَلَكَ فَقَحْيَا ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ. 23 فِي السَّنَةِ الْخَمْسِينَ لِعَزَرْيَا مَلِكِ يَهُوذَا، مَلَكَ فَقَحْيَا بْنُ مَنَحِيمَ عَلَى إِسْرَائِيلَ فِي السَّامِرَةِ سَنَتَيْنِ. 24 وَعَمِلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ. لَمْ يَحِدْ عَنْ خَطَايَا يَرُبْعَامَ بْنِ نَبَاطَ الَّذِي جَعَلَ إِسْرَائِيلَ يُخْطِئُ. 25 فَفَتَنَ عَلَيْهِ فَقْحُ بْنُ رَمَلْيَا ثَالِثُهُ، وَضَرَبَهُ فِي السَّامِرَةِ فِي قَصْرِ بَيْتِ الْمَلِكِ مَعَ أَرْجُوبَ وَمَعَ أَرْيَةَ وَمَعَهُ خَمْسُونَ رَجُلًا مِنْ بَنِي الْجِلْعَادِيِّينَ. قَتَلَهُ وَمَلَكَ عِوَضًا عَنْهُ. 26 وَبَقِيَّةُ أُمُورِ فَقَحْيَا وَكُلُّ مَا عَمِلَ هَا هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ لِمُلُوكِ إِسْرَائِيلَ.

ثُمَّ اضْطَجَعَ مَنَحِيمُ مَعَ آبَائِهِ،
وَمَلَكَ فَقَحْيَا ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ. [22]
فِي السَّنَةِ الْخَمْسِينَ لِعَزَرْيَا مَلِكِ يَهُوذَا مَلَكَ فَقَحْيَا بْنُ مَنَحِيمَ عَلَى إِسْرَائِيلَ فِي السَّامِرَةِ سَنَتَيْنِ. [23]
"فقحيا" معناها "الرب يفتح الأعين".
وَعَمِلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ.
لَمْ يَحِدْ عَنْ خَطَايَا يَرُبْعَامَ بْنِ نَبَاطَ الَّذِي جَعَلَ إِسْرَائِيلَ يُخْطِئُ. [24]
فَفَتَنَ عَلَيْهِ فَقْحُ بْنُ رَمَلْيَا ثَالِثُهُ،
وَضَرَبَهُ فِي السَّامِرَةِ فِي قَصْرِ بَيْتِ الْمَلِكِ مَعَ أَرْجُوبَ وَمَعَ أَرْيَةَ،
وَمَعَهُ خَمْسُونَ رَجُلاً مِنْ بَنِي الْجِلْعَادِيِّينَ.
قَتَلَهُ وَمَلَكَ عِوَضًا عَنْهُ. [25]
ثالثهُ: وهو قائد على قسم من الجيش، وربما معنى الاسم الأصلي هو أحد المحاربين الثلاثة الذين كانوا يركبون معًا في مركبة واحدة.
كان منحيم وابنه فقحيا خاضعيْن لملك أشور، وربما كان فقح من المقاومين لأشور وطالبي الاستقلال. واتحد فقح مع رصين ملك أرام وصعدا إلى أورشليم ليُجبرا آحاز على الاتحاد معهما، وأما آحاز فاستغاث بملك أشور.
وَبَقِيَّةُ أُمُورِ فَقَحْيَا وَكُلُّ مَا عَمِلَ هَا هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ لِمُلُوكِ إِسْرَائِيلَ. [26]


9. فقح ملك إسرائيل

27 فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَالْخَمْسِينَ لِعَزَرْيَا مَلِكِ يَهُوذَا، مَلَكَ فَقْحُ بْنُ رَمَلْيَا عَلَى إِسْرَائِيلَ فِي السَّامِرَةِ عِشْرِينَ سَنَةً. 28 وَعَمِلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ. لَمْ يَحِدْ عَنْ خَطَايَا يَرُبْعَامَ بْنِ نَبَاطَ الَّذِي جَعَلَ إِسْرَائِيلَ يُخْطِئُ. 29 فِي أَيَّامِ فَقْحٍ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ، جَاءَ تَغْلَثَ فَلاَسِرُ مَلِكُ أَشُّورَ وَأَخَذَ عُيُونَ وَآبَلَ بَيْتِ مَعْكَةَ وَيَانُوحَ وَقَادَشَ وَحَاصُورَ وَجِلْعَادَ وَالْجَلِيلَ وَكُلَّ أَرْضِ نَفْتَالِي، وَسَبَاهُمْ إِلَى أَشُّورَ. 30 وَفَتَنَ هُوشَعُ بْنُ أَيْلَةَ عَلَى فَقْحَ بْنِ رَمَلْيَا وَضَرَبَهُ فَقَتَلَهُ، وَمَلَكَ عِوَضًا عَنْهُ فِي السَّنَةِ الْعِشْرِينَ لِيُوثَامَ بْنِ عُزِّيَّا. 31 وَبَقِيَّةُ أُمُورِ فَقْحٍ وَكُلُّ مَا عَمِلَ هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ لِمُلُوكِ إِسْرَائِيلَ.

فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَالْخَمْسِينَ لِعَزَرْيَا مَلِكِ يَهُوذَا،
مَلَكَ فَقْحُ بْنُ رَمَلْيَا عَلَى إِسْرَائِيلَ فِي السَّامِرَةِ عِشْرِينَ سَنَةً. [27]
جلس فقح على العرش خلال الاغتيال وسفك الدم، كما سبق ففعل شلُّوم ومنحيم.
إذ ملك هوشع بن ايلة في السامرة على إسرائيل تسع سنين بدأت عام 732 ق. م، فإن فقح الذي ملك لمدة عشرين عامًا، شملت هذه المدة جزءًا من الأيام غير المستقرة في عصر شلُّوم ومنحيم وفقح (740-752 ق. م.). قاد فقح قمة المشاعر المقاومة للأشوريين، وهذا أدى إلى سقوطه خلال الحملة الثانية لتغلث فلاسر الثالث (734-732 ق.م). وقد أشار إشعياء إلى هذه الحملة (إش 9: 1).
بعد مرور سنة على تولِّي فقح العرش مات عُزيّا ملك يهوذا، ورأى إشعياء النبي في رؤياه تدمير إسرائيل القادم (إش 6).
بحسب ما ورد هنا، ملك فقح على إسرائيل في السامرة لمدة 20 سنة، ومع ذلك قتل هوشع بن إيلة فقح بعد 8 سنوات فقط من أخذ فقح للسامرة من منحنيم. كيف حكم السامرة لمدة 20 سنة مع أنه أخذ السامرة 8 سنين قبل نهاية حكمه؟
الإجابة: مع أن فقح لم يحكم مدينة السامرة، إلا إنه اعتُبِر الملك الشرعي لإسرائيل، لذلك فإن حكمه على إسرائيل وعاصمتها السامرة يُحسَب منذ أخذ العرش بعد موت زكريا عام 752 ق.م. وبالفعل أخذ فقح مسكنًا في السامرة سنة 740 ق.م، تقريبًا بعد سنتين من موت منحنيم. ومع ذلك بعد 8 سنوات، في 739 ق.م دبَّر هوشع مؤامرة ضد فقح وقتله[9].
وَعَمِلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ.
لَمْ يَحِدْ عَنْ خَطَايَا يَرُبْعَامَ بْنِ نَبَاطَ الَّذِي جَعَلَ إِسْرَائِيلَ يُخْطِئُ. [28]
فِي أَيَّامِ فَقْحٍ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ،
جَاءَ تَغْلَثَ فَلاَسِرُ مَلِكُ أَشُّور،َ
وَأَخَذَ عُيُونَ وَآبَلَ بَيْتِ مَعْكَةَ وَيَانُوحَ وَقَادِشَ وَحَاصُورَ وَجِلْعَادَ وَالْجَلِيلَ وَكُلَّ أَرْضِ نَفْتَالِي،
وَسَبَاهُمْ إِلَى أَشُّورَ. [29]
جاء تغلث فلاسر، لأن فقح لم يخضع له كسلفه منحيم وفقحيا، بل اتحد مع رصين ملك أرام، فحاربا يهوذا لِيَعْزِلَا آحاز ويُمَلِّكا ابن طبئيل. فضرب ملك أرام يهوذا وسبى منهم سبيًا عظيمًا، وأتى بهم إلى دمشق. وضربهم فقح أيضًا، وقتل في يهوذا مئة وعشرين ألفًا في يومٍ واحدٍ، وسبى مئتي ألف، ونهب منهم غنيمة وافرة، غير أن رجال إسرائيل ردوا المسبيين اعتبارًا لقول النبي عوبيد (2 أي 28: 5-15؛ إش 7: 1-9). وجاء ملك أشور حينما استغاث به آحاز وضرب عيون وآبل بيت معكة... وسباهم إلى أشور.
وَفَتَنَ هُوشَعُ بْنُ أَيْلَةَ عَلَى فَقْحَ بْنِ رَمَلْيَا وَضَرَبَهُ فَقَتَلَهُ،
وَمَلَكَ عِوَضًا عَنْهُ فِي السَّنَةِ الْعِشْرِينَ لِيُوثَامَ بْنِ عُزِّيَّا. [30]
بلا شك أن حملة تغلث فلاسر الثالث سببَّت رد فعل، إذ وُجد مَن يؤيد أشور داخل إسرائيل، هذا الاتجاه أدَّى إلى قتل فقح وصعود هوشع إلى العرش.
سجلت وثائق تغلث فلاسر الثالث الجزية الثقيلة على هوشع، ودعوى ملك أشور أنه هو بنفسه الذي دفع الملك الجديد للحكم.
بالتآمر والقتل حَقَّق هوشع رغبته أن يصير ملكًا على إسرائيل (2 مل 9: 14؛ 11: 1، 14؛ 12: 21؛ 14: 19؛ 15: 10، 25)، فصار آخر ملك يحكم في إسرائيل.
حسب الكتابات الأشورية كان هوشع في البداية خاضعًا لملك أشور الذي كان قد ساعده على قتله الملك فقح.
وَبَقِيَّةُ أُمُورِ فَقْحٍ وَكُلُّ مَا عَمِلَ هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ لِمُلُوكِ إِسْرَائِيلَ. [31]
ملك يوثام مع أبيه نحو 15 سنة، وملك وحده في السنة الثانية لفقح الذي كان قد ملك في السنة الثانية والخمسين لعزريا، أي السنة الأخيرة من حياته، وملك يوثام وحده نحو سنة فقط.

10. عودة إلى يوثام ملك يهوذا

32 فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لِفَقْحَ بْنِ رَمَلْيَا مَلِكِ إِسْرَائِيلَ، مَلَكَ يُوثَامُ بْنُ عُزِّيَّا مَلِكِ يَهُوذَا. 33 كَانَ ابْنَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ، وَمَلَكَ سِتَّ عَشَرَةَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ، وَاسْمُ أُمِّهِ يَرُوشَا ابْنَةُ صَادُوقَ. 34 وَعَمِلَ مَا هُوَ مُسْتَقِيمٌ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ. عَمِلَ حَسَبَ كُلِّ مَا عَمِلَ عُزِّيَّا أَبُوهُ. 35 إِلاَّ أَنَّ الْمُرْتَفَعَاتِ لَمْ تُنْتَزَعْ، بَلْ كَانَ الشَّعْبُ لاَ يَزَالُونَ يَذْبَحُونَ وَيُوقِدُونَ عَلَى الْمُرْتَفَعَاتِ. هُوَ بَنَى الْبَابَ الأَعْلَى لِبَيْتِ الرَّبِّ. 36 وَبَقِيَّةُ أُمُورِ يُوثَامَ وَكُلُّ مَا عَمِلَ، أَمَا هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ لِمُلُوكِ يَهُوذَا؟ 37 فِي تِلْكَ الأَيَّامِ ابْتَدَأَ الرَّبُّ يُرْسِلُ عَلَى يَهُوذَا رَصِينَ مَلِكَ أَرَامَ وَفَقْحَ بْنَ رَمَلْيَا. 38 وَاضْطَجَعَ يُوثَامُ مَعَ آبَائِهِ وَدُفِنَ مَعَ آبَائِهِ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ أَبِيهِ، وَمَلَكَ آحَازُ ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ.

فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لِفَقْحَ بْنِ رَمَلْيَا مَلِكِ إِسْرَائِيلَ مَلَكَ يُوثَامُ بْنُ عُزِّيَّا مَلِكِ يَهُوذَا. [32]
"يوثام" معناها "الرب كامل". حكم يوثام لمدة ست عشرة سنة (752-736 ق.م).
v نجد بالحقيقة في الأسفار المقدسة بعض الأشخاص لهم اسمان أو حتى ثلاثة أسماء مختلفة. مثل سليمان إذ يُدعى أيضًا يديديا (2 صم 12: 25)، وصدقيا يُدعى متَّينا (2 مل 24: 17)، وعزيا أيضًا يُدعى عزريا (2 مل 15: 32). وأيضًا كثيرون في أسفار القضاة وصموئيل والملوك لهم أسماء مضاعفة. حتى الأناجيل لم تترك هذه العادة، فمتى كان يُدعَى لاويًا (لو 5: 27)... وتدّاوس أحيانًا لباؤس (مت 10: 3).
العلامة أوريجينوس
كَانَ ابْنَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ،
وَمَلَكَ سِتَّ عَشَرَةَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ.
وَاسْمُ أُمِّهِ يَرُوشَا ابْنَةُ صَادُوقَ. [33]
وَعَمِلَ مَا هُوَ مُسْتَقِيمٌ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ.
عَمِلَ حَسَبَ كُلِّ مَا عَمِلَ عُزِّيَّا أَبُوهُ. [34]
كان حكم يوثام جزئيًا صالحًا. بعد التخلُّص من أخزيا وعثاليا (2 مل 9: 27-29؛ 11: 13-16) ملوك يهوذا الذين كانوا صالحين نسبيًا هم يوآش أو يهوآش (2 مل 12: 2-3)، وأمصيا (2 مل 14: 1، 3)، وعزيا أو عزريا (2 مل 15: 1-4). أما الذي كان بارًا وله دوره الفعال فهو حزقيا (2 مل 18: 1-6)، وأيضًا يوشيا (2 مل 22: 1-2).
إِلاَّ أَنَّ الْمُرْتَفَعَاتِ لَمْ تُنْتَزَعْ،
بَلْ كَانَ الشَّعْبُ لاَ يَزَالُونَ يَذْبَحُونَ وَيُوقِدُونَ عَلَى الْمُرْتَفَعَاتِ.
هُوَ بَنَى الْبَابَ الأَعْلَى لِبَيْتِ الرَّبِّ. [35]
الباب الأعلى لبيت الرب: في (إر 20: 2): ذكر باب بنيامين الأعلى الذي عند بيت الرب، وربما هو الباب الذي بناه يوثام إلى جهة الشمال لأجل الدفاع عند هجوم الأشوريين.
وفي (2 أي 27) ذكر بعض أعمال يوثام بالتفصيل: بنى الكثير على سور الأكمة، وبنى مدنًا في جبل يهوذا، وقلعًا في الغابات وأبراجًا، أي استعد استعدادًا عظيمًا ليدافع عن يهوذا، لأنه في تلك الأيام ابتدأ الرب يرسل على يهوذا رصين ملك أرام وفقح ملك إسرائيل. ولعله أدرك أن مملكة إسرائيل على وشك السقوط، فلا يبقى ما يمنع أشور عن الهجوم على يهوذا.
هذه الاستعدادات الضخمة لم ينتفع بها يهوذا كثيرًا، لأن ابنه آحاز ترك الرب، فسلَّمه الرب إلى رصين وفقح، ولم يخلصوا من الأشوريين إلا بمعجزة حيث استجاب الرب لصلاة حزقيا.
وَبَقِيَّةُ أُمُورِ يُوثَامَ وَكُلُّ مَا عَمِلَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ لِمُلُوكِ يَهُوذَا. [36]
يُسجِّل لنا سفر أخبار الأيام عن يوثام أنه قام بإنشاء مبانٍ باهظة التكلفة في أورشليم واليهودية (2 أي 27: 1-3) كما انشغل بالحرب ضد العمونيين (2 أي 27: 5)، هذا أفقد يهوذا إمكانياتها وقوتها التي تمتعت بها في أيام أبيه عزريا.
فِي تِلْكَ الأَيَّامِ ابْتَدَأَ الرَّبُّ يُرْسِلُ عَلَى يَهُوذَا رَصِينَ مَلِكَ أرام وَفَقْحَ بْنَ رَمَلْيَا. [37]
"رصين... وفقح": كان لهذين الخصمين شهرتهما في أيام آحاز (2 مل 16؛ إش 7).
وَاضْطَجَعَ يُوثَامُ مَعَ آبَائِهِ وَدُفِنَ مَعَ آبَائِهِ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ أَبِيهِ،
وَمَلَكَ آحَازُ ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ. [38]

من وحي 2 مل 15

احفظني يا رب من صغر النفس كما من التشامخ!

v كم تشتاق يا رب أن تُقِيمَ من البشر جميعًا سفراء لك!
خلقتَ البشرية لكي تشهد لحبك وقدرتك على الأرض.
لم تخلق إنسانًا ما ليعيش في مذلة العبيد.
ولم تقم إنسانًا للعمل بتشامخ إبليس وكبريائه!
بل بالحق يتمثَّل بك، يا أيها العجيب في تواضعه وقدراته!
v بتواضعك نزلتَ إلى أرضنا،
وشكَّلتَ من التراب أيقونة لك!
وبقدرتك جدَّدتَ طبيعتنا التي أفسدناها،
وهيَّأتَ لنا الأبدية مسكنًا مجيدًا لنا.
v هبْ لي ألا أنحدر إلى صِغَرِ النفس بروح الفشل،
ولا أن أتشامخ، فأرتئي فوق ما ينبغي أن أرتئي.
بل بالحق تتحوَّل حياتي كلها إلى تسبحة شكر.
أُقدِّم لك مع كل نسمة ذبيحة حمد مقبولة لديك.
v احفظني من كل ضربة شمالية أو يمينية،
فلا أنحرف عن الطريق الحق.
أنت هو الطريق والحق، من يسلك فيك يعيش في أمان!
فيك وبك تحملني، فأصعد من مجدٍ إلى مجدٍ!
أعمل بروح القوة لا الفشل.
أعمل معك وبك حتى أستقر في أحضانك.
v حضورك الدائم في أعماقي يرفعني كما إلى السماء.
تتحوَّل حياتي إلى عُرسٍ دائمٍ وعيدٍ لا ينقطع!
أختبر عربون السماء، وأترقب اللقاء معك.
نعم لتأتِ أيها الرب يسوع سريعًا،
أو لتسرع وتنطلق بي إليك وجهًا لوجهٍ.

 
قديم 08 - 05 - 2025, 08:32 AM   رقم المشاركة : ( 195709 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,323,338

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


كاتب أول وأصغر الأناجيل مارمرقس كاروز الديار المصرية



"الأسد واللوح والريش" علامات ثلاث يظهرنّ في أيقونة القديس مارمرقس الرسولي كاروز الديار المصرية وإن اختلفت ألوانها وجنسية راسمها، فالقديس الذي تحتفل بعيد استشهاده الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، اليوم الموافق 8 مايو، له قصة مع الأسد، كما يعد كاتب أقدم وأصغر الأناجيل الأربعة؛ كتب إنجليه في وقت مبكر، ومختصراً، فهو مكون من 16 إصحاحاً فقط، كما أنه يطلق عليه "إنجيل المعجزات" لأنّه اهتم بسرد وتسجيل معجزات السيد المسيح.


"مطرقة" هكذا يعني اسمه وهو اسم روماني، أما "كاروز الديار المصرية" هو لقبه ويعني المُبشر، أي أول من بشر بالمسيحية، في مصر وذلك عام 60 ميلادياً تقريباً، وحسب كتاب "تاريخ البطاركة" لساويرس بن المقفع أسقف الشمونين، فيقول "لذلك ظهر له الروح القدس وقال له قم أمض إلى مدينة الإسكندرية لتزرع فيها الزرع الجيد الذي هو كلام الله، فقام تلميذ المسيح ونهض وتقوّى بالروح القدس كمثل مقاتل في الحرب، وسلّم على الأخوة وودعهم قائلاً: السيد المسيح يسهل طريقي لأمضي إلى الإسكندرية وأبشر فيها بإنجيله المقدس، ثم عاد وقال: يا رب ثبت الأخوة الذين عرفوا اسمك المقدس، وأعود إليهم فرحًا بهم.. فشيّعه الأخوة وتوجه إلى مدينة الإسكندرية".

وُلد "مارمرقس" في مدينة القيروان في ليبيا وهاجرت أسرته إلى فلسطين، وهو يهودي من "سبط لاوي" وأبوه يدعى أرسطوبولس ابن عم أو عمة "القديس بطرس الرسول"، وكان من أسرة ميسورة الحال، وتعلّم اللغات اليونانية واللاتينية والعبرية؛ فأتقنها جميعا، كما سافر إلى قارات العالم القديم للكرازة بالأنجيل.

"الأسد" هو رمز مارمرقس، ويظهر معه في الصور،

"إما يرجع إلى أولى معجزاته حينما قتل أسدًا ولبؤة باسم الرب، وإما أنه يرجع إلى إنجيله الذي يبدأ بصراخ الأسد: (صوت صارخ في البرية)؛ أو لأن إنجيله يمثل السيد المسيح في جلاله وملكه؛ على اعتبار أنه: (الأسد الخارج من سبط يهوذا)".

وفي عام 61 ميلادياً تقريبا جاء إلى مصر بعد أن كتب إنجيله في روما، وحين جاء إلى مصر عاش واستقر وأسس المدرسة اللاهوتية في الإسكندرية، وكان يدرس فيها إلى جانب اللاهوت الفلسفة والمنطق والطب والهندسة والموسيقى.

استشهد عام 68 ميلادياً على يد الوثنيين في الإسكندرية، وفي عام 827 سرق بعض التجار في ميناء البندقية بإيطاليا جسده، وبنوا عليه كنيسة في مدينتهم، وفي عهد البابا كيرلس السادس؛ عادت رفات القديس إلى مصر حيث وضعت في الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، أما رأسه فلا تزال في الإسكندرية حتى اليوم حيث بنيت عليها الكنيسة المرقسية بالإسكندرية.
 
قديم 08 - 05 - 2025, 08:35 AM   رقم المشاركة : ( 195710 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,323,338

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


مارمرقس كاروز الديار المصرية


أتيتَ وأنرتَ علينا بواسطة إنجيلك الثمين ووضعت صورة إيمان الكنيسة في القرن الأولظ¬ وأخرجتنا من الظلمة إلى النور الحقيقي... بددت الأوثان وشهدت لآلام المخلص بشهادة دمكظ¬ بعد أن تعذبت في شوارع مدينة الأسكندرية. صحيح أنهم عذبوك لكن بعد أن حطمت آلهتهم وأدخلت كثيرين منهم إلى حظيرة الإيمان...

هم أطفأوا شعلة حياتك الأرضية ولكنك أشعلت نور شعلة الخلاص في المدينة العظمى الأسكندرية المُحبة للمسيح وفي كل الديار المصرية... حقًا لقد أتيت إلينا بنور المعرفة الحقيقيةظ¬ وقد بدأت إنجيلك كأسد وصوت صارخ في البرية.

 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 04:19 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025