![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 194321 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() ليتنا نعرف: انّه في شكّنا وفي يأسنا، يقدّم يسوع لنا دائما مائدة لا ينقص عنها الخبز أبدا. خبز كلمته، خبز حياة جماعتنا، الخبز الذي يتوجب علينا تناوله ومشاركة الآخرين به. |
||||
|
|||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 194322 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() ليتنا نعرف أن مع يسوع الحاضر معنا يغدو الطريق الطويل الذي لا نهاية له قصيرا، والمملوء بالحُفر ممهّدا. بالإيمان، نفهم أكثر أنّ يسوع هو رفيق الطريق. يرافق كلّ واحد منّا على طريق حياته الشخصية. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 194323 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() يأخذ يسوع إيقاع خطواتنا ويمشي وفق سرعتنا ويحترم إيقاعنا سريعا كان أم بطيئا. انّه يرافقنا إلى أن تنفتح عيوننا، حتى نستنير وتدفأ قلوبنا وتمتلئ حرارة. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 194324 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() ليت كلام يسوع يسكن قلوبنا كما سكن قلبي تلميذي عمّاوس، فنذهب ونُخبر نحن أيضا أنّه قام من بين الأموات. وهنا تبدأ رسالتنا، رسالة الحبّ التي تُترجم بالأفعال لا بالأقوال لأنّ يسوع هو الذي يرسلنا. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 194325 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() لقد قام السيّد منذ ثمانيّة أيّام وانتهت بهجة القيامة لمن لا يفتّش عن القيامة إلاّ في هذا العيد. لقد عبرنا فصح الرّب ودخلنا في حقيقة صعوبات حياتنا المسيحيّة: أن نؤمن بما لا يمكن لعقل أن يفهمه، أن نصدّق أن الرّب قد قام، وأنّه قام من أجلي أنا. صعوباتنا الإيمانيّة هي صعوبة توما نفسه، أحبّ كثيراً فخاف أن يكون كلام الرّسل مجرّد اوهام، خاف من الأمل الخادع، خاف ان يعود الى ألم موت المسيح مرّة أخرى إذا اكتشف ان ما تقوله النسوة والرسل هو مجرّد وهم عابر. هي قصّتنا نحن، قصّة خوفنا من المجهول، نفضّل عدم التصديق، نفضّل أن نعتبر المسيح غائباً عن حياتنا لئلاّ نتألّم من فقده مرّة أخرى. هي قصّة اتّكالنا المبالّغ به على عقلنا وقوانا العاقلة وتفتيشنا عن حقيقة الله من خلال المنطق الإنساني والدلائل العلميّة. هي قصّة قلب خفت حبّه تحت وطأة عقل كثر شكّه. هي قصّة مجتمع لم يعد يؤمن الاّ بما هو ملموس، وبما هو في متطاول يده. لقد حضر الرّب الى العليّة مرّة أخرى، من أجل توما هذه المرّة، فالرّب يرفض ان يخسر واحداً من القطيع ولو كان القطيع كبيراً جدّاً، فالرّب جاء من أجل الجميع، وخلاصه لا ينتهي الاّ بخلاص من لا يزال خارجاً، لذلك أسلمنا أن نكمل الخلاص معه، ان نعلن خلاصه للعالم ونبشّر بقيامته في كلّ لحظة من لحظات حياتنا. وبعد ثمانيّة أيّام: يرتبط هذا التاريخ بالآية 19، "وفي مساء ذلك اليوم، وكان يوم أحد". هو إذا يوم الأحد التالي إذا أخذنا بعين الإعتبار الطريقة اليهوديّة في عدّ الأيّام، إذ يضمّون اليوم الأوّل والأخير الى قائمة الايّام التي يريدون عدّها. في اليوم الثامن تمّ العديد من الأحداث المهمّة والمرتبطة بقيامة الرّب يسوع: رواية تلميذي عمّاوس، لم يتعرّف عليه التلميذان إلاّ من خلال كسر الخبز الإفخارستي، وهنا وتوما لم يؤمن به إلاّ بعد الدعوة الى لمس جسده، وحدث التجلّي في لوقا يتمّ في اليوم الثامن، لأنّه حدثٌ لا يُمكن للتلاميذ فهمه إلاّ من خلال قيامة الرب من بين الأموات، ومن خلال الإفخارستيا داخل الجماعة الكنسية. ما علاقة اليوم الثامن بالقيامة وبالإفخارستيا والكنيسة؟ "بالنسبة الى التقليد الرسولي، الذي يجد مصدره في يوم قيامة الرب ، تحتفل الكنيسة بالسرّ الفصحي كل ثمانية أيّام، في اليوم الذي يُدعى بحقّ يوم الرب أو يوم الأحد (Dies Dominica). إن يوم قيامة المسيح هو في الوقت عينه "اليوم الأوّل من الأسبوع"، تذكار اليوم الأول من الخلق، و"اليوم الثامن" الذي بعد "راحة السبت العظيم" إبتدأ المسيح "اليوم الذي صنعه الرب"، اليوم الذي لا يعرف غروباً، وعشاء الرب هو محوره لأن جماعة المؤمنين كلّها تلتقي فيه بالسيد القائم الذي يدعوها الى مائدته" . إن تسمية يوم القيامة، يوم الأحد، باليوم الأول بعد السبت، أي بعد اليوم السابع (متى 28، 1؛ مر 16، 2؛ لو 24، 1) قد كان سببه رؤية يوم القيامة كيوم أوّل وأخير، يربط الخلق وبالفداء. إنجيل برنابا المنحول يتكلّم أيضاً عن اليوم الثامن كيوم قيامة الرب من بين الأموات وصعوده الى السماء في إطار إحتفال الجماعة الليتورجي: "نحن أيضاً نحتفل بفرح في اليوم الثامن، حين قام أيضاً يسوع من بين الأموات وصعد الى السماء" (بر 15، 9) إن آباء الكنيسة قد حافظوا على هذه النظرة، فنجد يوستينيانوس يقول: "نجتمع كلّنا معاً في يوم الشمس، لأن هذا هو اليوم الأول بعد السبت اليهودي، إنما أيضاً اليوم الأول الذي بعد أن بدّل فيه الله الظلمة والمادة، خلق الكون، وفي هذا اليوم أيضاً قام من الأموات بسوع المسيح فادينا" . والقدّيس أغوسطينوس يقول: "سيكون اليوم الثامن مثل اليوم الأول، والحياة الأولى (أي الخلق) لن تُلغى، بل تتبدل الى حياة أبدية" . "كان التلاميذ في البيت مرّة أخرى". هذه الآية تحمل دلالة كنسيّة وأسراريّة افخارستيّة بغاية الأهميّة: البيت يشير دوماً الى الكنيسة، مكان لقاء الكنيسة الأولى. لن نبالغ فنقول أن التلاميذ كانوا مجتمعين لكسر الخبز في ذلك اليوم، فهم لا يزالوا مجموعة من الفارّين من وجه اليهود، يختبؤون خوفاً من الموت أو من العقاب. إنّما لا ننسى أيضاً أن هذا النّص قد انتقل من المرحلة الشفهيّة المتناقَلة الى حالة النّص المكتوب بعد فترة زمنيّة طويلة نسبيّاً، كان الكنيسة في أثنائها قد أوضحت نظرتها للإفخارستيّا وللقاء الكنسي ولمفهوم البيت- الكنيسة. تاريخيّاً، كان التلاميذ مختبؤون، أمّا من ناحية الجماعة التي تقرأ هذا النّص فاليوم الثامن يعني يوم الرّب، يوم اللّقاء وكسر الخبز، وتأتي كلمة "بيت" لتؤكّد على هذا الأمر. إن مسيحيّي جماعة يوحنّا قد قرأوا النّص من هذا المنظار وفهموا أن معرفة الرّب واللّقاء الحقيقيّ به تكون من خلال كسر الخبز ولمس يسوع بيد الإيمان ومعاينته كسيّد وكإله. وكانَ توما معَهم: لسنا نعرف أين كان توما في لقاء الأسبوع السابق، فلا بدّ أنّه كان مختبئاً يترقّب ما سوف تؤول اليه الأمور في أورشليم. أما اليوم فقد انضمّ الى جماعة الرّسل. من العهد الجديد نعرف أن توما يتميّز بشكّه الدائم ورغبته في الحصول على ضمانات وتأكيدات محسوسة (مر 14، 5)، وبطبعه الحماسيّ غير الخالي من تهكّم (11، 16). إن توما هو صورة الإنسان المفتّش عن الفهم، يبحث عن أجوبة على أسئلته وعن ضمانات. إن التفتيش عن الفهم ليس خطأ، وسوف نرى في تاريخ الكنيسة عظماء مثل أغوسطينوس القائل: "أؤمن لكي أفهم وأفهم لكي أؤمن"، وتوما الأكويني الفيلسوف واللاهوتيّ الغائص في بحور العلوم الشاملة، وأنسلمس القائل بالإيمان الباحث عن الفهم. إنّما الخطأ في التفتيش عن الفهم هو الإنطلاق من نقطة: لا أومن إن لم أفهم. فالقدّيسين إنطلقوا من الإيمان وفتّشوا عن الفهم لكي ينيروا إيمانهم وإيمان الآخرين، وحين وصلوا الى نهاية طريق العقل، إستسلموا بين يديّ الله بعين الإيمان، دون حاجة الى ضمانات. كلمات يسوع لتوما: إلانّك رأيت تؤمن؟ هو توبيخ قاسٍ للتلميذ الّذي عايش معلّمه وسمعه يقول للرجل الّذي جاء يلتمس شفاء فتاه: "أنتُم قوم لا تُؤمنونَ إلاَّ إذا رأيتُمُ الآياتِ والعَجائِبَ" (يو 4، 48). فالتتلمذ يعني الدخول في علاقة حبّ، والحبّ لا يبحث عن ضمانات، الحبّ يثق ويرجو ويعرف الإنتظار ليفهم حين يحين الأوان. هَاتِ إِصبَعَكَ إِلى هُنا فَانظُرْ يَدَيَّ، وهاتِ يَدَكَ فضَعْها في جَنْبي، ولا تكُنْ غَيرَ مُؤمِنٍ بل كُنْ مُؤمِنا. لقد قبل يسوع تحدّي توما حبّاً به، جاء يتمّم مطلبه ليجعله مؤمناً، وفي عمل يسوع هذا استمراريّة لما تمّ على الصليب، فهو جاء يفتّش عن الخروف الضّال، والخروف الضّال هو واحد من تلاميذ الرّاعي المقرّبين، يجتذبه اليه من جديد لكيما من خلال يجتذب الكثيرين الى الأيمان والدخول في صداقة مع السيّد. طلب توما هو تعبير عن رفضه لشكّ الصليب: لقد رأى التلميذ معلّمه يُصلَب، ومع المعلّم رأى وعود الله كلّها تضمحل. بموت يسوع تبدّدت آمال توما وطموحاته، سقط في لحظة الصلب أملَ إعادة المُلك الى إسرائيل. لقد آمن توما كثيراً لذلك كان رفضه قاسياً: آمن بمعلّم على قياسه، بربّ جاء يحقّق مشاريع توما الخاصّة، أو يتمّم إنتظارات جماعة الغيورين السياسيّة. طلب رؤية آثار الرمح والمسامير، لأن الرمح مزّق لا قلب يسوع فحسب، بل أحلام توما أيضاً، والمسامير خرقت، مع يدّي المخلّص، آمال التلميذ ومشاريعه الزمنيّة. قبول يسوع لتحدّي توما كان لإعادة الإبن الى أحضان أبيه. لم يستجب الرّب لتحدّيات الصالبين الصارخين: "إن كان ابن الله فليخلّص نفسه نازلاً عن الصليب" كما لم يستجب لتجارب الشيطان الثلاثة. فتوما يختلف عن الباقين، لقد طلب الضمانة لأنّه أحبّ كثيراً، والرّب جاء يعيده لأنّه حضّر لتوما مشروع حياة، مشروع حمل الإنجيل الى أقاصي المسكونة. إن قيمة إيمانِنا لا تظهر في المحتوى الفكريّ والقدرة على التحليل المنطقيّ لما آمنّا به، إنّما هي تكمن في القدرة على الدخول في علاقة شخصيّة مع يسوع المسيح، الحاضر، القائم في وسط الجماعة، والعامل في حياتنا. أن أومن لا يعني بالضرورة أن أفهم فكر حبيبي وأخضعه لنور المنطق، إن أومن يعني أن أحبّ هذا الشخص الّذي أدخلني الى حياته، أن أثق به وأن أنمو في معرفته. هذا لا يعني أن الإيمان لا علاقة له بالعقل، فالقدرة العقليّة هي أساسيّة في الإنسان، تساعدني على فهم محتوى الإيمان، إنّما حين يفشل العقل في إعطاء أجوبة شافية، عندها استسلم بين يديّ الربّ كابن له، أثق به، أفتّش عنه أن أكون مسيحيّاً لا يعني على الإطلاق أن أكون كائناً يهمّش عقله وذكائه والمواهب الفكريّة التي أعطاني إيّاها الله، بل أنا مدعو للتعرّف الى خالقي بكلّ أبعاد إنسانيّتي. إنّما الفارق بين الإيمان المفتّش عن الفهم وبين الإيمان الّذي يشترط الفهم ليستمرّ هو أن الأوّل يعرف أن لا إمكانيّة لعقلنا البشريّ أن يدرك سرّ الله بعمقه، إنّما يسعى الى التعرّف اليه أكثر فأكثر، معرفة سوف تستمر مدى الأبد، إنّما حين يدرك المفتّش الحدّ الأقصى لقوّته العقليّة، عندها يرتمي بثقة بين يديّ الله، يؤمن به لأنّه يحبّه ويثق به، ويقدر أن يعرف أسراره بواسطة الحبّ لا بواسطة العقل فقط. أمّا الإيمان الطالب الفهم كشرط لإستمراريّته فهو إيمان وُلد ميتاً، هو إيمان مشروط، ينقصه الحبّ والرّجاء، تنقصه الثقة، هو إيمان مبنيّ على عقليّة تجاريّة، بقدر ما أفهم بقدر ما أؤمن، عندها لا ضرورة للإيمان، لكان الإيمان أضحى يقيناً، ولكان الله أصبح مجرّد ثابتة علميّة لا تحتاج للإيمان. لقد فتّش توما عن الفهم كما نفتّس نحن كلّنا، إنّما علم أن الرّب يطلب الصداقة والثقة، ويقدر أن يعطي الأجوبة والضمانات. ويا لها من ضمانات نالها توما فآمن: جراح وآثار مسامير. هذا هو سرّ إيماننا كلّه، لا يكفي أن نؤمن بإله تجسّد وهو مالك على الكون بأسره، نحن مدعّوون لنؤمن بإله تألّم من أجلنا، إله صار ضعيفاً، متألّماً، لا يعطينا أيّة ضمانة أننّا لن نتألّم، بل بالعكس، يعدنا بالألم والتضحية والصعوبات على هذه الأرض، لنعيش شخصيّاً مسيرة آلامه وصولاً الى القيامة. الضمانة الوحيدة التّي يقدّمها المسيح لنا هي جراحه، هي آلامه وقيامته، لتصبح لنا برنامج حياة، نقبل إلهاً تألّم بسبب الحب، فنقبل نحن بالتضحية بأنفسنا حبّاً به وبالآخرين. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 194326 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() توما هو مثال للكائن المؤمن الموجود في كلّ واحد منّا: "توما، أحد الإثني عشر والملقّب بالتوأم، لم يكن معهم حين جاء يسوع (يو 20، 24). لقد كان الغائب الأوحد، علم بما جرى حين عاد إنّما لم يشأ أن يصدّق بما سمع. لقد عاد السيّد مجدّداً وكشف للتلميذ غير المصدّق جنبّه ليضع الإصبع، أضهر له يديه وآثار المسامير، وشفى جراح عدم إيمانه، شفى جرح خيانته. ماذا تجدون إيّها الإخوة في هذا كلّه؟ هل ظننتم أنّ بالصدفة كان هذا التلميذ غائباً، وحين عاد سمع، وحين سمع شكَّ وحين شكَّ لمسَ وحين لمسَ آمنَ؟. لا، لم يتمّ هذا صدفةً، إنّما بتدبير إلهيّ. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 194327 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() لقد شاءت الرحمة الإلهيّة أن توما التلميذ الغير مصدّق وبواسطة لمس معلّمه، يشفي فينا نحن جراح الخيانة. لقد اتى عدم إيمان توما علينا نحن بفائدة أكبر من إيمان سائر الرسل، لأنّ بلمسه السيّد عاد الى الإيمان، ومن خلاله خلعت نفسنا عنها كلّ شكّ وتثبّتت في الإيمان؟ لقد سمح الربّ أن يشكّ التلميذ بقيامته، إنّما لم يتركه في شكّه. لقد صار التلميذ الّذي يشكّ ويلمس لمس اليد شاهداً لحقيقة القيامة، كما كان خطيّب العذراء الأم حاميّاً للبتوليّة الأكمل" (البابا غريغوريوس الكبير، العظة 26). من خلال شخص توما ندرك كم هي عظيمة الرّحمة الإلهيّة، التي تحتفل الكنيسة الكاثوليكيّة بعيدها أيضاً في هذا الأحد الأوّل بعد القيامة. فالرحمة التي رفضت أن تتركنا في موت الخطيئة، وخلّصتنا بواسطة الآم الفادي، هي نفسها تأتي لتساعدنا في مسيرة إيماننا. نحن بالنعمة الإلهيّة مخلّصون، وبالنعمة الإلهيّة نثبت على إيماننا، وبمعونة الله نحافظ على معموديّتنا. الإيمان نعمة من الله نحافظ عليها بسعينا، بصلاتنا، بالتزامنا، بثقتنا بكلام الله لا سيّما في أكثر الأمور تعقيداً وصعوبة. حين نرفض أن نصدّق أن يسوع قد قام ويقيمنا معه في كلّ مشكلة تصادفنا نكون مثل توما، ويسوع يأتي ليظهر لنا رحمته ومحبّته غير المحدودة. حين تصبح الآلام والصلبان في حياتنا علامة شكّ وسبب رفض، يأتي يسوع ليظهر لنا جراحه وآلامه، يقول لنا أنّنا تلاميذ معلّم تألّم من أجل أحبّائه، ومات ليخلّصهم، وقام ليعلّمهم أن لا موت، ولا ألم ولا مشكلة ولا صعوبة يمكنها أن تكون عائقاً أمام من آمن بموت السيّد وبقيامته، فنحن دُعينا الى الرّجاء والى الإيمان دون أن نرى ونلمس، فنسمع صوت السيّد يقول لنا: "طوبى للّذين آمنوا دون أن يروا"، فعين الجسد لا تنفعنا شيئاً، لقد عايّنا ونعاين الرّب كلّ يوم بعين الحبّ الّتي لا تخطيء. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 194328 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() فلنفرح بعيد الصعود الذي به أجلسنا المسيح معه في السماويات، وأعد لنا المكان السعيد، الذي سبق فتكلَّم عنه، الذي هو جلوسنا معه عن يمين العظمة في الأعالي. لأننا صرنا في المسيح مصالَحين مع الآب إلى الأبد، محفوظين برضا ورحمة القدير؛ وليس كما كان آدم الأول في مجرد فردوس وشجر وثمر، يفتقده الله من حين لآخر، ولكن صرنا في فادينا الحبيب - آدم الثاني - مع الله على الدوام، وإن كنا متغرِّبين الآن عن وطننا السمائي، متألمين يسيراً ليتزكَّى إيماننا ونوجَد أهلاً لهذا النصيب الفاخر، إلا أننا بالإيمان نعيش وكأننا مستوطنون دائماً بالرجاء الذي سكبه المسيح فينا، وبالحب الذي يحوِّل الألم إلى لذة، وغير الموجود يجعله أمامنا موجوداً بالرؤيا القلبية التي بالنور الخفي ترى النور غير المنظور، متوقعين بالصبر والشكر لحظة اللُّقيا التي نحظى فيها بوجه الحبيب،فلا يعود يُنزع منا إلى الأبد. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 194329 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() مسرَّة المسيح قبل أن ينطلق إلى الآب، التي قدمها بصلاة إنجيل يوحنا الأصحاح 17، أن نكون نحن حيث يكون هو على الدوام لنرى مجده ونوجد فيه؛ هذا الذي صار لنا بعد صعوده حقيقة حية رآها اسطفانوس الشهيد بعينيه، والتي لما رآها وتحقق منها سهُل عليه أن يخلع خيمته الأرضية بسرعة، ناظراً بيقين الإيمان والعيان معاً المكان الذي أعده له المسيح والبناء العجيب الذي في السماء غير المصنوع بيدٍ، الأبدي، جسد المسيح الذي يملأ الكل والكل فيه. نحن الآن نأكل جسده ونشرب دمه وعيوننا مقفولة لا نستطيع أن نرى بهاء هذا الجسد وروعة هذا الدم، لئلا نفزع ونرتعب ونسقط على وجوهنا ولا نضبط قوة أن نفتح أفواهنا لتقبُّل جمر اللاهوت المخيف. ولكن ما بالنا لا نرى أنفسنا متحدين اتحاداً بهذا الجسد وهو في ملء نور اللاهوت، ودم المسيح يسري فينا وهو حامل إلينا روح الألوهة يسكبها في كياننا فنصير ملوكاً وكهنة لله أبيه ونملك معه في ميراث بنوية الآب التي لا تُحدُّ؟ لأجل هذا يدعونا القديس بولس الرسول بإلحاح سرِّي لا يفهمه إلا الواصلون بالروح لسرِّ الوجود الإلهي: «إن كنتم قد قمتم مع المسيح فاطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس» (كو 3: 1)، الذي معناه أن القيامة وحدها لا تكفي. فبعد القيامة هناك أمجاد الوجود في الحضرة الإلهية حيث جلس المسيح - بنا - عن يمين الآب رهن طلب الذين أحبوا المسيح ولم يطيقوا أن يبقوا بدونه أبداً. فحيث المسيح يوجد الآن يكون لنا حق الوجود. وطلبنا هذا هو من صميم طلب المسيح نفسه ومسرته التي سبق وأن ألحَّ على الآب أن يمنحها لنا كلما طلبناها، لأنها صارت من حقِّنا بسبب بشريتنا التي اتحد بها بوفاق وحبٍّ وعهد أن لا يخلعها أبداً ولا يهجرها إطلاقاً ولا ينساها لحظة واحدة أو طرفة عين! |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 194330 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() «نطلب ما فوق حيث المسيح جالس»، فهو أن نطلب الوجود الدائم في حضرة الله، الذي صار لنا حقّاً أبدياً في المسيح، نطلبه الآن كطلب بدموع وإلحاح. فإذا ما أخذناه لا يعود يُنزع منا لأنه نصيبنا المحفوظ لنا في السموات، الذي لا يتدنس قط بسبب قصورنا بعد، ولا يضمحل أبداً بسبب اضمحلال كياننا الجسداني. والوجود في حضرة الله، بإحساس الاتحاد بالمسيح الذي أكمله فينا ولنا مجاناً، هو سر السعادة التي وفرها المسيح لنا في وسط أحزان العالم وبرغم كل عجز البشرية وقصورها المحزن والمؤلم. الإحساس بالوجود في حضرة الله بالمسيح كفيل أن يُعطي الإنسان سلاماً قلبياً يفوق العقل بكل اضطراباته وعجزه. ولكن هذه الحضرة ليست مسرة نلهو فيها، بل هي عينها الصلاة، الصلاة في ملء حرارتها وهدوئها ورزانتها، الصلاة الكاملة التي فيها يهدأ الجسد وترتاح النفس وتبتهج الروح بذكر الثالوث وتمجيد الآب وترديد اسم المخلص ونداء الروح القدس بتواتر ورجاء ودالة مستمدة من الصليب والدم المسفوك. وإن كان ينبغي أن نئن كثيراً في أنفسنا من أجل ثقل الجسد، وقد أصبح كالخيمة التي مزقتها الرياح المكروهة ونشتاق في أنفسنا أن نلبس فوقها الذي من السماء، ولكن هذا غير ممكن. لابد أن نخلعها أولاً حتى نستطيع أن نلبس المسيح ونوجد فيه بلا مانع، لأن الفاسد لا يمكن أن يرث عدم الفساد. لذلك سوف تظل صلواتنا ممزوجة بالدموع، وفرحتنا بالوجود في الحضرة الإلهية يشوبها أنين الحسرة من أجل عدم قدرتنا الآن على لبس السمائي. ولكن لنا ثقة أنه كما لبسنا الترابي نلبس السمائي أيضاً ولن نوجد أبداً عراة من نعمة الله، لأن الذي خلقنا هو نفسه أعاد خلقتنا وهيَّأها للتجديد المزمع أن يكون في ملء القداسة وبر الله. لذلك ينبغي، أيها الأحباء، أن نعترف الآن بفقرنا جداً، مع أن غِنَى الميراث كله الذي للابن قد كُتب وتسجَّل لنا نصيباً، ولكن ليس لنا هنا غِنىً أبداً حيث عالم الخديعة والغش. ليس لنا هنا مدينة باقية ولا وطن دائم ولا كرامة ولا صيت ولا اسم ولا راحة حقيقية، بل نطلب العتيد منها الذي ليس فيه غش ولا ظل دوران. لذلك يقول القديس بولس الرسول مُلحّاً: «اطلبوا ما فوق»!! وهل ممكن لإنسان يطلب ما هنا ويسعى وراء ما هو في أفواه الناس أو في أيدي الناس أو في تراب الأرض، ثم يستطيع أن يرى ما فوق أو يطلبه؟ فإما أن نسعى إلى أن نكمل ما هنا ليكون لنا فيه فرحنا وسرورنا وراحتنا ومجدنا، وإما أن نرفض ما هنا لنتفرغ لطلب ما فوق لمجد الله. |
||||