![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 19211 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() «كَيْفَ يَتَبَرَّرُ الإِنْسَانُ عِنْدَ اللهِ؟» (أي9: 2) ![]() سؤال أزعج أيوب كثيرًا، ولم يجد هو أو أصدقاؤه إجابة عنه، وعلى مدار 4000 سنة فشلت كل الأديان وكل الفلسفات والمعتقدات في أن توجِد إجابة مُقنِعة لهذا السؤال، والذي يمثل أهم احتياج لكل إنسان. ولكن ما أروع الله عندما يُجيب، فلا نشكره فقط لأنه تفضل وأجاب الإنسان - مع أنه الخالق كلي الحكمة والعلم ولا حاجة له لأن يُجيب - بل إن الإجابة نفسها تلزمنا بالسجود شكرًا وتقديرًا له: «مُتَبَرِّرِينَ مَجَّانًا بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ» (رو3: 24). فلقد تبررنا أخيرًا! ومجانًا! حيث كان الرب يسوع هو الفدية! |
||||
|
|||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 19212 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الهاوية ![]() كثيرًا ما تكلَّم قديسو العهد القديم عن الهاوية، باعتبارها حقيقة مؤكدة تنتظرهم، والهاوية باللغة العبرية هي “شاؤل” أي “سؤال” بالعربية. فكانوا يتساءلون عما ينتظرهم، ولكن لم يوجد من استطاع إجابة هذا السؤال، ولكن شكرًا لإلهنا الذي «أَنَارَ الْحَيَاةَ وَالْخُلُودَ بِوَاسِطَةِ الإِنْجِيلِ» (2تي1: 10)، فعرفنا أن بيت الآب ينتظرنا (يو14: 2)، وأننا لن ندخله كعبيد بل كأبناء له (أف1: 5)، وأن كل غنى المسيح الذي لا يستقصى أصبح لنا، إذ صرنا ورثة الله (رو8: 17) ومن ذلك يمكننا أن نرى عطاءً غير محدود من الله مرتبطًا بتضحية غير محدودة منه!! فماذا نقول لهذا؟! وبعد أن تجلَّى الله أمامنا وأدركنا أنه إله كلي السلطان والحكمة نجد أنه لا يحتاج أن يُجَاوِبُ عَنْ كُلَّ أُمُورِهِ، وعندما ندرك أنه كلي الصلاح والمحبة نجد أننا أيضًا لا نحتاج أن يُجيبنا الله عَنْ كُلَّ أُمُورِهِ، بل نثق أن كل ما يفعله من أمور، حتى إن بدت قاسية ولا معنى لها، لا بد وأن تؤدّي لخيرنا، فنقول عن يقين: «وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ، الَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ» (رو8: 28)، فلا يجوز لنا أبدًا أن نخاصم الله أو حتى نستجوبه عن أموره، بل لا يسعنا سوى أن نقول عن يقين مع المرنم: يا حبيبي ساعدني أشكر وأســلــم واستـريـــح وأخضع لك ربي وأصبر وأنت حكمك صحيح |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 19213 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() كل أموره لا يجاوب عنها ![]() «لِمَاذَا تُخَاصِمُهُ؟ لأَنَّ كُلَّ أُمُورِهِ لاَ يُجَاوِبُ عَنْهَا» (أي33: 13) إنها حقيقة متكرِّرة باستمرار مع كل رجال الله، سواء الذين ذُكروا في الكتاب المقدس، أو الذين نقابلهم في حياتنا اليومية، أو معنا نحن شخصيًّا؛ فالله لا يُجيب عن كل أموره. ولعل عدم إجابة الله، وعدم تفسيره لمعاملاته التي قد تكون مُحَيِّرة لنا، يكون أحيانًا أشد إيلامًا من معاملاته نفسها. وهذا أكثر ما آلم أيوب؛ فهو لم يتذمَّر قَطّ من هول المصائب المتلاحقة التي حَلَّت عليه، بل بالعكس نراه يُعاتب زوجته متعجِّبًا: «أَ الْخَيْرَ نَقْبَلُ مِنْ عِنْدِ اللهِ، وَالشَّرَّ لاَ نَقْبَلُ؟» (أي2: 10). ولكن ما جعله يكره حياته (أي10: 1) هو هذا السؤال الذي لم يجد له إجابة: «فَهِّمْنِي لِمَاذَا؟» (أي10: 2). وعندما لم يجد أيوب إجابة شافية عن سؤاله، قاده ذلك لتصوُّر الله بطريقة مشوَّهة فقال: «أَحَسَنٌ عِنْدَكَ أَنْ تَظْلِمَ؟!» (أي10: 3). وأخيرًا بعد أن استنفد أصحابه حججهم، واستنفد أيوب دفاعاته، نقرأ: «فَأَجَابَ الرَّبُّ أَيُّوبَ مِنَ الْعَاصِفَةِ» (أي38: 1)، ولعلنا كنا نتوقع أن إجابة الرب ستكون مليئة بالتفسيرات الشافية والتوضيحات الكافية لأيوب، ولكننا نفاجأ أن إجابة الرب ما هي إلا دُفعات متلاحقة لمزيد من الأسئلة (أي38-41)، التي عجز أيوب عن الإجابة حتى عن واحد فقط منها؟! إلا أن هذه الأسئلة تكشف الفارق الكبير بين الله وبين أيوب، فهي توضِّح من جانب: سلطان الله كالخالق، وحكمته وعلمه اللا متناهيين؛ ومن الجانب الآخر توضح عجز أيوب الكامل عن معرفة أو فهم أي من هذه الأمور. وهنا فقط أخذ أيوب وضعه الصحيح، كإنسان أمام إلهه، فقال: «هَا أَنَا حَقِيرٌ، فَمَاذَا أُجَاوِبُكَ؟» (أي40: 4). فالله لم يُجِب أيوب عن تساؤلاته، لأن ببساطة «كُلَّ أُمُورِهِ لاَ يُجَاوِبُ عَنْهَا»! ولكن دعنا نتأمل قليلاً في هاتين النقطتين اللتين أعلنهما الله عن نفسه. ألا وهما: أولاً: مطلق سلطانه ![]() وهذا نجده واضحًا في ما كتبه بولس، عَمن يعترض على أمور الله متسائلاً: “لِمَاذَا؟” (رو9: 19). فجاء رد بولس: «مَنْ أَنْتَ أَيُّهَا الإِنْسَانُ الَّذِي تُجَاوِبُ اللهَ؟» (رو9: 20)، فلا يليق أن يستجوب الإنسان الله؛ ولهذا أكمل بولس مستنكرًا: «أَ لَعَلَّ الْجِبْلَةَ تَقُولُ لِجَابِلِهَا: لِمَاذَا صَنَعْتَنِي هَكَذَا؟ أَمْ لَيْسَ لِلْخَزَّافِ سُلْطَانٌ عَلَى الطِّينِ، أَنْ يَصْنَعَ مِنْ كُتْلَةٍ وَاحِدَةٍ إِنَاءً لِلْكَرَامَةِ وَآخَرَ لِلْهَوَانِ؟» (رو9: 20، 21). فنحن لا نعترض على حرية الخزَّاف في صناعة ما يشاء من الأواني الخزفية، لأنه جابلها. وكذلك لا نعترض على الله عندما يخلق ذكرًا أو أنثى، لأنه هو الخالق وله الحرية في خلق ما يريد. فعلى ذات القياس يكون له - باعتباره الخالق - مطلق الحرية في تعاملاته مع الذين خلقهم بنفسه ولنفسه. إذ له السلطان على خلائقه. ولهذا قال: «كُلَّ أُمُورِهِ (وليس كل أمورنا) لاَ يُجَاوِبُ عَنْهَا»؛ فهذه الأمور تخصّه هو في المقام الأول، لأنه كالخالق هو الذي يستخدمها بمهارة فائقة لغرضه. ثانيًا: «لَيْسَ عَنْ فَهْمِهِ فَحْصٌ» (إش40: 28) ![]() عندما فهم بولس قصد الله من معاملاته مع شعبه إسرائيل (هذا القصد الذي ظل غامضًا لآلاف السنين) هتف قائلاً: «يَا لَعُمْقِ غِنَى اللهِ وَحِكْمَتِهِ وَعِلْمِهِ . مَا أَبْعَدَ أَحْكَامَهُ عَنِ الْفَحْصِ وَطُرُقَهُ عَنِ الاسْتِقْصَاءِ! لأَنْ مَنْ عَرَفَ فِكْرَ الرَّبِّ أَوْ مَنْ صَارَ لَهُ مُشِيرًا؟ أَوْ مَنْ سَبَقَ فَأَعْطَاهُ فَيُكَافَأَ؟ لأَنَّ مِنْهُ وَبِهِ وَلَهُ كُلَّ الأَشْيَاءِ. لَهُ الْمَجْدُ إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ» (رو11: 33-36). فما أعمق غنى حكمة الله فهو «عِنْدَهُ الْحِكْمَةُ وَالْقُدْرَةُ. لَهُ الْمَشُورَةُ وَالْفِطْنَةُ» (أي12: 13). هذه الحكمة والمشورة مبنيتان على علم تام مطلق، فهو مُلِم بأدق تفاصيل الماضي والحاضر والمستقبل. الأمر الذي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتوفَّر لكائن آخر سواه؛ ولهذا فأحكامه أبعد من أن نقيِّمها؛ لأنه يستحيل لنا بعقولنا المحدودة معرفة أو تخيل فكر الرب غير المحدود. ولهذا يتحتم علينا التوقف فورًا عن إعطاء المشورة له، أو استجوابه بشأن ما يفعل من أمور، بل علينا أن نقنع بأن: «كُلَّ أُمُورِهِ لاَ يُجَاوِبُ عَنْهَا». وهذان الأمران يتوافقان مع إله كليِّ السلطان، وكليِّ الحكمة والعلم، وكافيان لإجابة كل من يعترض على الله في كونه لا يجاوب عن كل أموره. ولكن، هل الله حقًّا لم يُجِب في كلمته عن أي أمر؟ كلا، بل كشف لنا في كلمته - من مطلق صلاحه - عن إجابات لأخطر الأسئلة على الإطلاق التي تحدَّت الجنس البشري بأكمله، حتى يمكننا الآن الاطمئنان لصلاح ومحبة هذا الإله، ونضع كل ثقتنا فيه، فلا نشك في ما يفعله معنا، وبالتالي نتوقف عن استجواب الله عن كل أموره. وسوف نكتفي بذكر سؤالين فقط: السؤال الأول: «كَيْفَ يَتَبَرَّرُ الإِنْسَانُ عِنْدَ اللهِ؟» (أي9: 2) ![]() سؤال أزعج أيوب كثيرًا، ولم يجد هو أو أصدقاؤه إجابة عنه، وعلى مدار 4000 سنة فشلت كل الأديان وكل الفلسفات والمعتقدات في أن توجِد إجابة مُقنِعة لهذا السؤال، والذي يمثل أهم احتياج لكل إنسان. ولكن ما أروع الله عندما يُجيب، فلا نشكره فقط لأنه تفضل وأجاب الإنسان - مع أنه الخالق كلي الحكمة والعلم ولا حاجة له لأن يُجيب - بل إن الإجابة نفسها تلزمنا بالسجود شكرًا وتقديرًا له: «مُتَبَرِّرِينَ مَجَّانًا بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ» (رو3: 24). فلقد تبررنا أخيرًا! ومجانًا! حيث كان الرب يسوع هو الفدية! السؤال الثاني: الهاوية ![]() كثيرًا ما تكلَّم قديسو العهد القديم عن الهاوية، باعتبارها حقيقة مؤكدة تنتظرهم، والهاوية باللغة العبرية هي “شاؤل” أي “سؤال” بالعربية. فكانوا يتساءلون عما ينتظرهم، ولكن لم يوجد من استطاع إجابة هذا السؤال، ولكن شكرًا لإلهنا الذي «أَنَارَ الْحَيَاةَ وَالْخُلُودَ بِوَاسِطَةِ الإِنْجِيلِ» (2تي1: 10)، فعرفنا أن بيت الآب ينتظرنا (يو14: 2)، وأننا لن ندخله كعبيد بل كأبناء له (أف1: 5)، وأن كل غنى المسيح الذي لا يستقصى أصبح لنا، إذ صرنا ورثة الله (رو8: 17) ومن ذلك يمكننا أن نرى عطاءً غير محدود من الله مرتبطًا بتضحية غير محدودة منه!! فماذا نقول لهذا؟! وبعد أن تجلَّى الله أمامنا وأدركنا أنه إله كلي السلطان والحكمة نجد أنه لا يحتاج أن يُجَاوِبُ عَنْ كُلَّ أُمُورِهِ، وعندما ندرك أنه كلي الصلاح والمحبة نجد أننا أيضًا لا نحتاج أن يُجيبنا الله عَنْ كُلَّ أُمُورِهِ، بل نثق أن كل ما يفعله من أمور، حتى إن بدت قاسية ولا معنى لها، لا بد وأن تؤدّي لخيرنا، فنقول عن يقين: «وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ، الَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ» (رو8: 28)، فلا يجوز لنا أبدًا أن نخاصم الله أو حتى نستجوبه عن أموره، بل لا يسعنا سوى أن نقول عن يقين مع المرنم: يا حبيبي ساعدني أشكر وأســلــم واستـريـــح وأخضع لك ربي وأصبر وأنت حكمك صحيح |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 19214 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() النمو الروحي
![]() النمو الروحي (1) إن مقولة النمو لها شأن بالغ الأهمية في المسيحية! فالمسيحي الحق هو كائن حيّ وحياته تلك ليست ذاتية بل هي حياة الرب فيه بالروح القدس. وكل كائن ذي حياة يمتاز في صدر امتيازاته بالنموّ الذي لا بدّ منه لتحقيق غرض الحياة. فإن الرب له غرض متكامل في نموّ المؤمن وهذا الغرض يظهر واضحًا في إعلانات الكتاب المقدس، حيث يفرّق الكتاب بين نوعين من البشر كلاهما ينمو ولكن غاية نموهما مختلفة متضاربة. ونجد هذين النوعين معًا في مزمور 92 مثلاً حيث يقول الوحي: "إِذَا زَهَا الأَشْرَارُ كَالْعُشْبِ، وَأَزْهَرَ كُلُّ فَاعِلِي الإِثْمِ، فَلِكَيْ يُبَادُوا إِلَى الدَّهْرِ" (عدد 7). ثم ينتقل إلى الصورة الأخرى فيقول: "اَلصِّدِّيقُ كَالنَّخْلَةِ يَزْهُو، كَالأَرْزِ فِي لُبْنَانَ يَنْمُو. مَغْرُوسِينَ فِي بَيْتِ الرَّبِّ، فِي دِيَارِ إِلهِنَا يُزْهِرُونَ. أَيْضًا يُثْمِرُونَ فِي الشَّيْبَةِ. يَكُونُونَ دِسَامًا وَخُضْرًا لِيُخْبِرُوا بِأَنَّ الرَّبَّ مُسْتَقِيمٌ. صَخْرَتِي هُوَ وَلاَ ظُلْمَ فِيهِ" (الأعداد 12-15). وإذا أردنا أن نستقرئ الفوارق بين هذين الناميَين فنقول: -1- إن نموّ أهل العالم هو نموّ خارجي مظهري، أما نموّ المؤمن فهو داخلي معنوي. -2- إن نموّ الأشرار يعطي أزهارًا فقط أما نموّ المؤمن فينتج ثمرًا لفائدة المجتمع. -3- إن نهايات الشرير بائسة وبغير رجاء أما أواخر المؤمن فهي مباركة مليئة بالرجاء والشهادة لمجد الرب. -4- إن مصير الأشرار مهما نموا فهو إلى الخراب والفناء في أبدية الشقاء، أما مصير المؤمن فهو البقاء في الأبدية السعيدة مع المسيح. ونجد هذه المقارنة في مواضع أخرى كثيرة في كلمة الرب. ففي المزمور الأول يقول المرنم عن المؤمن: "فَيَكُونُ كَشَجَرَةٍ مَغْرُوسَةٍ عِنْدَ مَجَارِي الْمِيَاهِ، الَّتِي تُعْطِي ثَمَرَهَا فِي أَوَانِهِ، وَوَرَقُهَا لاَ يَذْبُلُ. وَكُلُّ مَا يَصْنَعُهُ يَنْجَحُ" (عدد3). ثم يقول: "لَيْسَ كَذلِكَ الأَشْرَارُ، لكِنَّهُمْ كَالْعُصَافَةِ (القش اليابس) الَّتي تُذَرِّيهَا الرِّيحُ" (عدد 4). * سرت يومًا برفقة أحد الخبراء الزراعيين الذي كان يعمل في تطوير بعض المحاصيل، وجئنا إلى أحد الحقول، وكانت فيه نبتات نامية. ولكني لاحظت بينها نبتات صغيرة جدًا فسألته: لماذا زرعت تلك النبتات الصغيرة في وقت متأخر بين تلك النبتات النامية؟ فأجابني: تلك النبتات مزروعة في وقت واحد، ولكن تلك الصغيرة جدًا مصابة بمرض يسمّى "تقزّم النبات". فليحمنا الرب من مرض التقزّم الروحي، فالبعض رغم السنين الطويلة يظلّ يجترّ على نفس البدائيات التي تعلّمها منذ زمن طويل، أو التي سمعها من أسلافه الأولين!! أو يقلّد ما يراه في محيطه دون تقييم أو تثمين. * فما هي مجالات نموّ المؤمن؟ ينمو المؤمن متقدمًا في دوائر ثلاث: أولاً: دائرة الذهن إن نموّ الذهن الروحي يعني نموّ المؤمن في المعرفة الكتابية واستجلاء الحقائق الروحية. فيتقدّم من الأساسيات إلى التعمّق في الروحيات كما يتقدّم التلميذ في صفوفه الدراسية. يقول الرسول بولس: "لِتَسْلُكُوا كَمَا يَحِقُّ لِلرَّبِّ، فِي كُلِّ رِضىً، مُثْمِرِينَ فِي كُلِّ عَمَل صَالِحٍ، وَنَامِينَ فِي مَعْرِفَةِ اللهِ" (كولوسي 10:1). وعبارة معرفة الرب هنا تعني معرفة أمور يَهْوَهْ وكل ما هو مستقيم في عينيه، ما يرضيه وما يغيظه. وهذا النوع من النموّ كان موضوع صلاة بولس الرسول في رسالته إلى أهل أفسس : "لاَ أَزَالُ... ذَاكِرًا إِيَّاكُمْ فِي صَلَوَاتِي، كَيْ يُعْطِيَكُمْ إِلهُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ... رُوحَ الْحِكْمَةِ وَالإِعْلاَنِ فِي مَعْرِفَتِهِ، مُسْتَنِيرَةً عُيُونُ أَذْهَانِكُمْ، لِتَعْلَمُوا مَا هُوَ رَجَاءُ دَعْوَتِهِ، وَمَا هُوَ غِنَى مَجْدِ مِيرَاثِهِ فِي الْقِدِّيسِينَ..." (أفسس 16:1-18) (ويرجى إكمال القراءة حتى نهاية الأصحاح). ومكتوب عن التلاميذ أن الرب فتح ذهنهم ليفهموا الكتب. وهذا ما يؤكد على ضرورة الصلاة الملحة إلى الرب قبل قراءة الكلمة الإلهية والتأمل فيها إذ أننا بحاجة دائمًا لكي يفتح الرب أذهاننا لكي نفهم. * وهناك حالات سلبية لذلك النموّ - والمفترض أن يتم آليًا للذين يقرأون الكتاب ويطالعون التعاليم الإلهية - وجهلٌ مطلق للذين لا يقرأون الكلمة. وفي هذه الدائرة أيضًا تنشأ البدع والهرطقات والضلالات الكثيرة وهي أمراض تفسد الذهن الروحي وتمنعه من النموّ الصحيح. فيتكلم الكتاب عن: -1- أذهان غليظة: "بَلْ أُغْلِظَتْ أَذْهَانُهُمْ، لأَنَّهُ حَتَّى الْيَوْمِ ذلِكَ الْبُرْقُعُ نَفْسُهُ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْعَهْدِ الْعَتِيقِ بَاق غَيْرُ مُنْكَشِفٍ، الَّذِي يُبْطَلُ فِي الْمَسِيحِ" (2كورنثوس 14:3). وهنا يتكلم الرسول بولس عن ذلك البرقع الذي وضعه بنو إسرائيل على قلوبهم لكي لا يستطيعوا أن يروا مجد المسيح بوجه مكشوف من خلال العهد القديم. فرغم كل الإعلانات الواضحة التي أشارت إلى الرب يسوع لكنهم رفضوا أن يؤمنوا به. -2- أذهان عمياء: "وَلكِنْ إِنْ كَانَ إِنْجِيلُنَا مَكْتُومًا، فَإِنَّمَا هُوَ مَكْتُومٌ فِي الْهَالِكِينَ، الَّذِينَ فِيهِمْ إِلهُ هذَا الدَّهْرِ (الشيطان) قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لِئَلاَّ تُضِيءَ لَهُمْ إِنَارَةُ إِنْجِيلِ مَجْدِ الْمَسِيحِ، الَّذِي هُوَ صُورَةُ يَهْوَهْ" (2كورنثوس 3:4-4). ويقارن بين حالة هؤلاء وحالة المؤمنين بقوله: "لأَنَّ الرَّبَّ الَّذِي قَالَ: أَنْ يُشْرِقَ نُورٌ مِنْ ظُلْمَةٍ، هُوَ الَّذِي أَشْرَقَ فِي قُلُوبِنَا، لإِنَارَةِ مَعْرِفَةِ مَجْدِ يَهْوَهْ فِي وَجْهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ" (2كورنثوس 6:4). -3- أذهان فاسدة: "وَكَمَا قَاوَمَ يَنِّيسُ وَيَمْبِرِيسُ مُوسَى، كَذلِكَ هؤُلاَءِ أَيْضًا يُقَاوِمُونَ الْحَقَّ. أُنَاسٌ فَاسِدَةٌ أَذْهَانُهُمْ، وَمِنْ جِهَةِ الإِيمَانِ مَرْفُوضُونَ" (2تيموثاوس 8:3). وقد ترجم "آرثر واي" عبارة فاسدة أذهانهم بقوله: "إن أذهانهم فاسدة ومهترئة في الأعماق". فهي فاسدة مشوّهة ومنحرفة بقصد مقاومة الحق. -4- أذهان مظلمة: "لأَنَّهُمْ لَمَّا عَرَفُوا الرَّبَّ لَمْ يُمَجِّدُوهُ أَوْ يَشْكُرُوهُ كَإِلهٍ، بَلْ حَمِقُوا فِي أَفْكَارِهِمْ، وَأَظْلَمَ قَلْبُهُمُ الْغَبِيُّ. وَبَيْنَمَا هُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ حُكَمَاءُ صَارُوا جُهَلاَءَ" (رومية 21:1-22). وقد جمع الرسول بولس هنا الفكر مع القلب مُكنّيًا بهما عن الذهن البليد الأحمق المغلق عن معرفة يَهْوَهْ الذي تعلن عنه الطبيعة والخليقة بكمالها ونظامها العجيب، ولكنهم لا يستطيعون أن يبصروا أو يدركوا في أذهانهم لأنها مظلمة. -5- أذهان نجسة: "كُلُّ شَيْءٍ طَاهِرٌ لِلطَّاهِرِينَ، وَأَمَّا لِلنَّجِسِينَ وَغَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ فَلَيْسَ شَيْءٌ طَاهِرًا، بَلْ قَدْ تَنَجَّسَ ذِهْنُهُمْ أَيْضًا وَضَمِيرُهُمْ. يَعْتَرِفُونَ بِأَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ يَهْوَهْ، وَلكِنَّهُمْ بِالأَعْمَالِ يُنْكِرُونَهُ، إِذْ هُمْ رَجِسُونَ غَيْرُ طَائِعِينَ، وَمِنْ جِهَةِ كُلِّ عَمَل صَالِحٍ مَرْفُوضُونَ" (تيطس 15:1-16). -6- أذهان مرفوضة: "وَكَمَا لَمْ يَسْتَحْسِنُوا أَنْ يُبْقُوا الرَّبَّ فِي مَعْرِفَتِهِمْ، أَسْلَمَهُمُ الرَّبُّ إِلَى ذِهْنٍ مَرْفُوضٍ لِيَفْعَلُوا مَا لاَ يَلِيقُ" (رومية 28:1). وإذا قرأنا الأعداد اللاحقة حتى نهاية الأصحاح فإننا نتبيّن أن أصحاب هذه الأذهان المرفوضة رفضوا معرفة يَهْوَهْ أولاً ورفضوا كل ما تُعلّم كلمته المقدسة بإرادتهم وتصميمهم، لذلك فقد حصلوا على تلك العاقبة ووصلوا إلى أدنى دركات الانحطاط في الفكر والقناعة وبالتالي السلوك أيضًا. أما تجنّب الوقوع في هذه الأمراض فلا يمكن أن يحصل إلا بواسطة العودة إلى الرب من كل القلب، والتواضع أمامه، وطلب عمل نعمته في القلب، وإنارة روح قدسه للفكر والضمير. وعندها يستطيع الإنسان أن ينمو في الاتجاه الصحيح. * ثانيًا: دائرة العواطف والمشاعر ومركزها بحسب الكتاب المقدس هو ما يسمى "بالقلب" ولا يعني به العضلة اللحمية بل المحرّك المعنوي. وهذه الدائرة تحكم أحاسيس الفرد نحو ذاته وتوجّه علاقاته مع الآخرين. وإن النمو في هذا المجال : "بحسب الفكر الإلهي" هو زيادة قدرة المؤمن للتحكّم في عواطفه ومشاعره. • فمن حيث التحكم بمشاعره بالنسبة لذاته، يصبح المؤمن قابلاً لذاته ويتخلّص من مشاعر الخوف، واليأس، والفشل، ورثاء الذات. • ومن حيث التحكّم بعواطفه تجاه الآخرين، فهو يتقدّم في التحكم عليها بحيث يصبح: -1- محبًا وليس مبغضًا. إن فقرات كثيرة وأشعارًا كاملة في الكتاب المقدس تتحدث عن فضائل المحبة الصادقة التي تنمو في قلب المؤمن فتطرد منه البغضاء الذميمة في نظر الرب. "سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ وَتُبْغِضُ عَدُوَّكَ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ... لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ..." (متى 43:5-45). حيث يحثّ رب المجد في موعظة الجبل على تجنّب البغضاء مهما كانت الظروف. ويقارن الرسول بينها وبين القتل فيقول: "كُلُّ مَنْ يُبْغِضُ أَخَاهُ فَهُوَ قَاتِلُ نَفْسٍ" (1يوحنا 15:3). -2- ويصبح غيريًا لا أنانيًا، كما يقول الرسول بولس : "لاَ تَنْظُرُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَا هُوَ لِنَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَا هُوَ لآخَرِينَ أَيْضًا" (فيلبي 4:2). وهو يطلب من المؤمنين في الأعداد اللاحقة أن يكونوا متمثّلين بالمسيح الذي أخلى نفسه لأجل خلاص البشرية. -3- ويصبح متواضعًا لا مستكبرًا. ويحذّر الكتاب المقدس في عهديه من خطية الكبرياء ويصفها بالكريهة في نظر الرب : "الَّذِي يَغْتَابُ صَاحِبَهُ سِرًّا هذَا أَقْطَعُهُ. مُسْتَكْبِرُ الْعَيْنِ وَمُنْتَفِخُ الْقَلْبِ لاَ أَحْتَمِلُهُ" (مزمور 5:101). فهنا يعلن يَهْوَهْ عن عدم احتماله للكبرياء رغم كل حلمه وسعة صدره ورحمته الواسعة. -4- ويصبح مسامحًا وليس حاقدًا. يقول الرسول بولس: "وَكُونُوا لُطَفَاءَ بَعْضُكُمْ نَحْوَ بَعْضٍ، شَفُوقِينَ مُتَسَامِحِينَ كَمَا سَامَحَكُمُ اللهُ أَيْضًا فِي الْمَسِيحِ" (أفسس 32:4). فجميع هذه العواطف والمشاعر يمكن للإنسان أن يجعلها تنمو إلى الأفضل في حياته مهيّئًا التربة التي تترعرع فيها في داخله بواسطة الصلاة وطلب سكنى الروح القدس في القلب، وهو الذي يمنح المؤمن المعونة والعناية الدائمة لكي يبقى قلبه نقيًا، لأن القلب هو مصدر كل الشرور كما سنرى في الحلقة التالية عن : "دائرة السلوك". فليت الرب يعطينا أن نكون في الحالة الروحية المرضية أمامه لكي نستطيع أن نتقدم في هذه الدوائر الهامة في حياتنا اليومية، وله كل المجد والسلطان إلى الأبد..آمين . البقية في العدد القادم إن يتأنى الرب في المجيء إلينا .. * * * أشكرك أحبك كثيراً... بركة الرب لكل قارئ .. آمين . وكل يوم وأنت في ملء بركة إنجيل المسيح... آمين يسوع يحبك ... |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 19215 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الشر يميت الشرير، ومبغض والصديق يعاقبون مزامير 21:34 ![]() وعد الله بوقت للحساب حيث لن تستطيع قوة الانسان أن تفعل شيئا حيث سيواجه كل واحد نتيجة أفعاله. الشر سيلحق بالأشرار الذين يكرهون الصديقين و سيتم محاكمتهم. لن يعيق شيء عدل الله و بره و حقه. أيها الآب أشكرك من أجل تنقيتي عن طريق روحك القدوس. علمني أن أكون بار. ساعدني لكي أشمئز من كل ما هو خاطىء و شرير. استخدمني لأساعد شخص واقع تحت الخطية لأساعده للخلاص. باسم يسوع أصلي. آمين. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 19216 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الشونمية وموت ابنها ![]() كانت الشونمية - رغم جرحها الدفين من عدم إنجابها - “امرأة عظيمة” من جوانب متعدِّدة. وكم تبدَّل الحال معها تمامًا بعد وعد رجل الله أليشع لها بأنه سيكون لها ابن! أ ليس من علامات رضا الرب أن تنجب بنين؟ أ ليس أمرًا مبهجًا ومُسرًّا للنفس أن تحتضن أخيرًا ابنًا تبثّه مشاعرها وعواطفها، التي كانت مكتومة فيها طوال سنوات الحرمان هذه؟ كم أدخل هذا الابن السرور والبهجة في أرجاء بيتها. ما أروع أن تراه ينمو ويترعرع، وها قد كَبر وصار غلامًا، وخرج مع أبيه إلى الحقل. لكن فجأة وبلا مقدمات، إذ به ميت في حضنها!! ماذا؟ وكيف؟ ولماذا؟! بل يمكن أن نتخيلها تتساءل: إنني لم أطلب ابنًا، ولا شكوت من حرماني من البنين. لقد كانت مبادرة كاملة من رجل الله أليشع. ولقد أمَّن الرب على هذا الوعد، وأُعطيت الابن. هل ليكون سبب بهجة لي أم سبب حزن مذيب؟! هل الله يعاقبني على خطإٍ اقترفته وأنا لا أعلم؟ إن كان يريد الله أن يأخذه مني، فلماذا أعطاه لي. أيمكن أن لا يبالي الله بمشاعري وأحاسيسي إلى هذه الدرجة؟ إنها لم تسأل هذه الأسئلة. ويا للعظمة الروحية والأدبية!! كيف استطاعت أن تتحكم في مشاعرها بهذه الكيفية العجيبة؟! كيف لم يخرج من فمها كلمة تذمر أو احتجاج، أو حتى أنين، بل على العكس لم يخرج من فمها سوى كلمة “سلام”؟ لا شك كان لها إيمان راسخ بالرب، وإنها ستستعيد ابنها (عب11: 35)، لكن هل موت ابنها أمام عينيها أمر بسيط وطبيعي؟ أ يُخطف ابنها من بين يديها في لحظة ولا تعتبره كارثة بكل معنى الكلمة؟ إن ما نراه في هذه المرأة العظيمة إنما يُعبِّر عن حالة نفس تثق بلا حدود في صلاح الله، حتى وإن لم يكن عندها تفسير واضح لما تجتاز فيه من محنة قاسية ومذيبة. إنها تعرف الله، ولها شركة حقيقية معه لذلك لا نجدها ترتبك أو تكتئب، لقد كانت تتمتع فعليًّا بما لاحقًا منحه الرب لنا «سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ» (يو14: 27)، فاستطاعت أن تُظهر هذا السلام عند محنتها!! |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 19217 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() أيوب وتجاربه ![]() أن يُصاب المرء بكارثة، أمر مؤلم. وأن تتلاحق عليه الكوارث، أمر أكثر إيلامًا. وأن تلحق الكوارث ليس فقط بجزء من ممتلكاته، بل بكل ممتلكاته، أمر يزيد الألم ألمًا. أن تمتد الكوارث لتصيب ليس فقط كل الممتلكات، بل الأبناء، أمر يجعل الألم أعنف وأقسى. أن تعصف الكوارث ليس فقط ببعض الأبناء، بل بكل الأبناء، أمر يجعل الألم محرقًا. أن يُضرب هو نفسه بقُرح رديء من باطن قدمه إلى هامته، أمر يجعل الألم مضاعفًا. أن تكون أقرب الناس إليه؛ شريكة حياته، والتي رتبها الله أن تكون معينة نظيره، تدفعه لأن يُجدف على الرب (أي2: 9)، أمر يزيد الألم لدرجة لا نستطيع تصوّره. لكن هذا حقًّا ما حدث لأيوب. وكم نتعجب كثيرًا من رد فعله وإجابته الرائعة لزوجته: «أَ الْخَيْرَ نَقْبَلُ مِنْ عِنْدِ اللهِ، وَالشَّرَّ لاَ نَقْبَلُ؟» (أي2: 11). نعم إن موقف أيوب يثير العجب والاندهاش! ولكن بعد كل ما اجتاز فيه أيوب، كانت هناك جرعة ألم ما زال عليه أن يتجرعها من أصحابه الثلاثة بكلامهم القاسي، واتهامهم له بأنه حتمًا قد أخطأ في حق الله، وأن الله القدوس والعادل يقتصّ منه بأقل مما يستحق. ومع أنه لم يكن يعلم كيف ستنتهي به الأمور، لكنه استطاع، رغم شدة حيرته، وكلمات أصحابه القاسية، أن ينطق بما في قلبه تجاه الرب: «هُوَذَا يَقْتُلُنِي. لاَ أَنْتَظِرُ شَيْئًا. فَقَطْ أُزَكِّي طَرِيقِي قُدَّامَهُ» (أي13: 15)! وما نجح فيه أيوب أنه لم تتغير نظرته للرب، وتمسَّك بالرب حتى النهاية، وإن لم يستطع أن يُفسِّر لأصحابه ماذا يحدث معه. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 19218 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() لماذا أنا بالذات؟ إرميا ورفضه ![]() لقد حظي بإعداد وتجهيز إلهي خاص، لقد تعيَّن من الرب نبيًّا من بكور حياته، وهو ما زال صبيًّا صغيرًا، وعندما تردَّد في قبول دعوة الرب لكونه لا يعرف أن يتكلم لأنه ولد، جاءه تشجيع قوي من الرب: «لاَ تَقُلْ إِنِّي وَلَدٌ... لاَ تَخَفْ... أَنَا مَعَكَ» (إر1: 7، 8). وأتخيل إرميا الشاب الغضّ بدأ خدمته بحماسة كبيرة، ومشاعر متأججة، وتوقعات رائعة، ولِِمَ لا؟ أَ لم يُرِه الرب قضيب لوز، مؤكدًا له أنه ساهر على كلمته ليجريها، وإن كان سيذهب للشعب برسالة تحذير وقضاء، أليس ليجنِّبهم ويلات كثيرة ستنصب عليهم إن لم يسمعوا لأقوال الرب على فمه؟ فحتمًا سيصغون له وسيرحبون به وسيستجيبون لرسالته، إنه يُحب شعبه، وبالتأكيد سيلاقي صدى لمحبّته. وإذ بنبينا يُفاجَأ بجفاء وصدود، ويتعرض لسلسلة من الاضطهادات العنيفة، والعداء من الكل: عائلته وأهل بلده (11: 18-23)، الشعب (18: 18، 19)، فشحور بن إمِّير الكاهن (20: 1، 2)، الكهنة والأنبياء (26: 8، 9)، وأخيرًا الرؤساء (37: 11-16؛ 38: 1-4). وأمام عنف وقسوة ما تعرَّض له، اكتنف إرميا كثير من الحيرة والارتباك. وتزاحمت الأسئلة في ذهنه: أ لم يرسله الرب؟ أوَ لم يشجِّعه ليذهب إلى الشعب؟ أكان الرب يقصد له كل هذا الهوان والمذلة؟ ثم لماذا أنا بالذات الذي يحدث معي كل هذا؟ لقد شعر أنه يجتاز فيما لم يجتز فيه أحد من قبل، وأن الرب جعله هدفًا له، فانهالت عليه كل أنواع المصائب والمتاعب، ولقد عبَّر عن هذا في مراثيه بالقول: «أنا هو الرجل الذي رأى مذلَّة بقضيب سخطه» (مرا3: 1-18). لكن عندما تحوَّل عن نفسه، وكفَّ عن رثائها، وتأمَّل صلاح الرب يقول: «أُرَدِّدُ هَذَا فِي قَلْبِي مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَرْجُو». لقد ردَّد في قلبه أمرين عن الرب يُعبِّران عن صلاحه غير المحدود والذي لا يتغيَّر على الإطلاق، وهما: “إحسانات الرب، ومراحم الرب”. فرأى في إحسانات الرب كم الخيرات والبركات التي تغمره دون استحقاق فيه، ورأى في مراحم الرب كيف أنه لم يُعامله بما يستحق. وإذ أدرك أن ما يناله من الرب من إحسان ومراحم يطغي على ما يتحمله من اضطهاد وضيق، نسمعه يقول: «طَيِّبٌ هُوَ الرَّبُّ لِلَّذِينَ يَتَرَجُّونَهُ لِلنَّفْسِ الَّتِي تَطْلُبُهُ. جَيِّدٌ أَنْ يَنْتَظِرَ الإِنْسَانُ وَيَتَوَقَّعَ بِسُكُوتٍ خَلاَصَ الرَّبِّ» (رجاء قراءة مراثي 3: 1-38). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 19219 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() طلبة بإلحاح لا تُستجاب! بولس وشوكته ![]() رسول مميَّز، صاحبت قصة تغيُّره ظهورًا خاصًا من الرب له، وكان يكرز ليس فقط بإنجيل الله، بل أيضًا بإنجيل مجد الله (1تي1: 11). كما حظي بأنه اختُطف إلى السماء الثالثة؛ إلى الفردوس، حيث سمع كلمات لا يُنطق بها، ولا يسوغ لإنسان أن يتكلم بها (2كو12: 4). ولقد أفرد له سفر الأعمال تفاصيل رحلاته التبشيرية الثلاث، والتي فيها نشر المسيحية في أرجاء المسكونة، وإن كان في سبيل ذلك تكبَّد مشاقًا لم يتعرَّض أحد من الرسل لمثلها (2كو11: 23-27). كما تميز كإناء للوحي بأن كتب هو وحده 14 رسالة! نعم لقد كان حقًّا: «إناء مختار» (أع9: 15)، ولكنه كان يُعاني من شوكة في الجسد! والعبرة ليس في طبيعة الشوكة، بل كونها أمرًا يُزعج الرسول، لدرجة أنه طلب من الرب ثلاث مرَّات أن يُخلّصه منها. أيمكن أن يسمح الرب لرسول مثل هذا بشوكة؟! أليست خدمته ستكون أكثر قوة وفاعلية بدون هذه الشوكة؟ أليس صحته الجيدة تكون مُصَادَقة من الرب لخدمته؟ أ لم يَشفِ هو نفسه أناسًا كثيرين، فكيف لم يستطع أن يشفي نفسه؟ ثمَّ لقد طلب من الرب بالتحديد أن يرفع عنه هذه الشوكة، أ لم يَعِدَ الرب بالاستجابة لمن يطلبه (مت7: 7)؟ هل الرب لا يبالي بطِلبة رسوله المُلِحة والتي طلبها ثلاث مرَّات؟ بل إنَّ حيرَتِنَا تزداد عندما تأتي إجابة من الرب غير متوقعة، مفادها: إنه لن يرفع الشوكة!! وإن أعطاه وعدًا عجيبًا: «تَكْفِيكَ نِعْمَتِي، لأَنَّ قُوَّتِي فِي الضُّعْفِ تُكْمَلُ». وكم نُبهر ونُعجب برد فعل رسولنا المغبوط، إذ نسمعه يقول بعد ذلك مباشرة: «فَبِكُلِّ سُرُورٍ أَفْتَخِرُ بِالْحَرِيِّ فِي ضَعَفَاتِي، لِكَيْ تَحِلَّ عَلَيَّ قُوَّةُ الْمَسِيحِ»، وإذ يُدرك أبعاد وقوة كلمات الرب يستطرد قائلاً: «لِذَلِكَ أُسَرُّ بِالضَّعَفَاتِ وَالشَّتَائِمِ وَالضَّرُورَاتِ وَالاِضْطِهَادَاتِ وَالضِّيقَاتِ لأَجْلِ الْمَسِيحِ. لأَنِّي حِينَمَا أَنَا ضَعِيفٌ فَحِينَئِذٍ أَنَا قَوِيٌّ» (2كو12: 1-10). إن الرسول الذي كان منزعجًا من الشوكة، نجده يرحب بالمزيد من الضعفات والضرورات والضيقات وغيرها؟! كيف حدث ذلك؟ وكيف انتفى كل تساؤل وحيرة؟ بل كيف صار هناك ترحيب بمزيد من المتاعب والمصاعب؟ الإجابة هي كلمات الرب اليقينية: «تَكْفِيكَ نِعْمَتِي». نعم، في نعمة الرب الكفاية والتعويض عن كل ما نتعرَّض له. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 19220 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() يوسف ومآسيه ![]() نشأ متميزًا محبوبًا من أبيه، ومفضَلاً على إخوته، وها الرب يؤكِّد هذا الأمر، لقد جعله الرب يحلم حلمين يؤكدان على تميُّزه الواضح ليس على إخوته فحسب بل حتى على أبيه! لكن كم نندهش من مجريات الأمور بعد ذلك، فقميصه الملون خُلع عنه، وطُرح في جب، وإخوته بدلاً أن يُظهروا احترامًا وتقديرًا له سمعوه يبكي ويسترحمهم فلم يبالوا به، وإذ به يجد نفسه يُباع عبدًا لقافلة من الإسماعيليين، والذين بدورهم باعوه لرئيس الشرط في مصر! وعندما رضي بواقعه، وعمل باجتهاد وأمانة في بيت فوطيفار، إذ بامرأته الماجنة والشريرة تتعرَّض له، وعندما رفض أن يتجاوب معها، اتهمته جورًا عند زوجها، والذي طرحه في السجن!! كيف تسير الأمور هكذا؟ إن كل ما يحدث معه عكس المتوقع تمامًا؟! أين أحلامه؟ إنه ليس فقط لم يُبصر أحلامه تتحقق، بل لم يعش حتى حياة عادية كباقي البشر، إذ صارت حياته سلسلة من المآسي. لكن هل ارتبك يوسف وتحيَّر؟ هل شك في صدق أحلامه وما تعنيه؟ هل فقد ثقته في الرب؟ هل انهارت آماله وباد رجاؤه؟ الإجابة لا، لم يرتبك يوسف ولم ينزعج رغم كل الأحداث المعاكسة لتوقعاته، حتى إنه ذات يومٍ وهو في السجن، رأى ساقي الملك وخبازه مغتمين، وأعلماه أنهما حلما حلمين، ولا يعرفان تفسيرهما، فلم يقل لهما: ما قيمة الأحلام؟ لقد سبق وحلمت لا حلمًا واحدًا بل حلمين، وكان تفسيرهما واضحًا، ولكن لم يتحقق شيء منهما، وها قد أمسيت عبدًا في السجن! إنه لم يقل ذلك ولم يشُك في أنه لا بد سيأتي الوقت الذي فيه يتحقق الحلمان، ولذلك نسمعه يقول لهما: «أليس لله التعبير. قُصَّا عليَّ» (تك40: 8)!! أَمَا زلت يا يوسف تثق في الله ووعوده لك؟ أ بعد كل ما حدث معك ما زلت تثق في أن الله يتكلم إلينا من خلال الأحلام؟ نعم، وكأننا نسمعه يردد: «ليس الله إنسانًا فيكذب، أو ابن إنسان فيندم! هل يقول ولا يفعل؟ أو يتكلم ولا يفي؟» (عد23: 19). ليتنا يكون لنا ذات ثقة يوسف، فندرك يقينًا أن «هبات الله ودعوته هي بلا ندامة» (رو11: 29). |
||||