منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22 - 03 - 2025, 02:05 PM   رقم المشاركة : ( 191341 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,326,211

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




بمحبة داود للأعداء فرَّح قلوب البشر وأبهج السمائيين

يُقَدِّم لنا الذهبي الفم مقارنة بين من يقاومنا ويحمل عداوة ضدنا ويُسَبِّب لنا أضرارًا، وبين الشرور التي صبَّها الملك شاول مرارًا وتكرارًا بالرغم من إحسانات داود وحنوِّه عليه. أي عذرٍ نُقَدِّمه لأنفسنا نحن الذين نعيش في عهد النعمة، وليس في ظلِّ الناموس الموسوي مثل داود؟!
يبدو أن القدِّيس قد جذبه منظر بعض مُرَوِّضي الأسود ملوك الغابة، وقد صارت هادئة مثل الحيوانات المستأنسة. هكذا بالكلمات الطيبة وأعمال المحبة نُرَوِّض أعداءنا، فتتغيَّر طبيعتهم من الوحشية (إن صحَ التعبير) إلى الصداقة والأُلفة والوداعة والحب!
بطول أناتنا وحُبِّنا لأعدائنا، لا نفقد شيئًا، ولا نصير في غبنٍ، بل بالأكثر ننعم بسمعة طيبة، ونصير بالأكثر محبوبين لدى الجميع، بل وموضع سرور الله.
ما احتمله داود من متاعب واضطهادات من شاول لم يُسَبِّبْ له مرارة، بل صار بالحق رجل المزامير والتسابيح، لا في عصره فحسب، بل إلى يومنا، مصدر فرح وتعزيات. صار داود مشهورًا حتى لدى الطغمات السماوية التي تُسَرُّ بمحبي أعدائهم والمملوءين فرحًا خلال التسبيح لله.
ازداد داود مجدًا على الأرض وفي السماء، ولا يزال فعَّالاً في حياتنا بمثاله العجيب وتسابيحه. أما شاول المُقاوِم له، ففقد عرشه، وحلَّ به وبابنه موت مُشِين، وهو ينتظر عقوبة أبدية!
v لا يقل أحد: لي عدو شرير وفاسد وعنيد، يثير الاشمئزاز. مهما تقول عنه لا يوجد من هو أشر من شاول الذي أنقذه داود في مواقفٍ كثيرةٍ، دبَّر بشخصه مكائد كثيرة بلا عددٍ، ومع هذا كان داود يُقَدِّم له إحسانات مُقابِل شروره، وكان مُصِرًّا على شرِّه.
أية دعوى تُقَدِّمها بعد ذلك؟ هل اغتصبوا جزءًا من أرضك، هل اقتحموا ممتلكاتك، وتعدُّوا إلى حدود بيتك، وسرقوا عبيدك، وأَضَرُّوك، وكانوا جشعين، ونزلوا بك إلى الفقر؟ مع هذا لم يأخذوا حياتك، الأمر الذي كان ذاك الرجل (شاول) مُصَمِّمًا عليه. وإن كانوا مُصَمِّمين على أخذ حياتك، ربما حاولوا هذا في مناسبة واحدة، وليس مرة تلو المرة مثله. وإن كرَّروا ذلك مرات، مع ذلك لم ينالوا منك منافع هكذا، إذ لم يسقطوا تحت يديك مرة ومرتين وعفوتَ عنهم. وإن حدث هذا، فلا يزال داود أكثر سخاءً.
إنه لأمر مستحيل لإنسانٍ في ظل تدبير العهد القديم أن يبلغ قِيَمًا عميقة، أما الآن بعد مجيء النعمة، فقد أُعطيت مثل هذه المحاسن العجيبة.
لم يسمع داود عن مثل العشرة آلاف وزنة والمئة دينار (مت 18: 23-30). لم يسمع الصلاة التي تقول: "اغفروا لهم ما عليهم، كما يغفر لكم أبوكم السماوي" (راجع مت 6: 14). لم يرَ المسيح المصلوب، ولا الدم الثمين يفيض، ولا سمع الكلمات التي بلا عدد عن القِيَم السليمة. لم ينتفع بالبركات التي بلا عدد من القِيَم السليمة. لم ينتفع ببركات الذبيحة العجيبة، ولا اشترك في دم الرب. عوض هذا تربَّى في ظل الشرائع غير الكاملة التي لم تتطلب هذه الأمور، مع هذا نال ذروة القِيَم السليمة التي لعهد النعمة.
بينما أنتم كثيرًا ما تستاءون من أضرارٍ ماضية، وتتذمَّرون، إذا به على النقيض، فمع الخوف مما سيحدث مُستقبَلاً، ولديه إدراك كامل أنه إن أنقذ حياة الرجل، فالمدينة تفقد حصانتها بالنسبة له، وحياته تهلك، ومع هذا لم يكف عن تقديم رعاية (لعدوِّه). لقد فعل كل ما في استطاعته ليَحمِي ذاك الذي يحمل له عداوة. من استطاع أن يقتني صبرًا أعظم من هذا؟
بالنسبة لكم، فلتتعلموا أيضًا مما حدث في أيامنا. على أي الأحوال، إنه يمكننا أن نتصالح مع كل شخصٍ يحمل عداوة لنا إن أردنا. أي شيء يمكن أن يكون أكثر شراسة من الأسد، ومع هذا فالناس يُرَوِّضونه. فإن التدريب بمهارة يُقَدِّم ما هو أفضل في الطبيعة، والحيوان الأكثر شراسة، ويُحسَب ملكًا، يصير أكثر لطفًا من قطيع الغنم، ويتحرَّك في الأسواق دون أن يُسَبِّبَ رُعْبًا لأحدٍ. فأي عذرٍ لنا؟ أيّة حجة لنا إن كانت الوحوش تُرَوَّض، إن ادَّعينا بأن البشر لا يمكن تهدئتهم أو جذبهم لأخذ موقفٍ ودِّيٍ معنا؟
بالحقيقة الشراسة بالنسبة للحيوانات ترجع إلى الطبيعة، أما بالنسبة للكائن البشري، فهي ضد الطبيعة، فإن كنا نغلب الطبيعة، فأي عذر لنا عندما ندَّعي أن حرية الإرادة لا يمكن إصلاحها؟... ليتنا نُرَكِّز على أمرٍ واحدٍ، لا على عدم معاناتنا من الضرر الذي يصيبنا من أعدائنا، وإنما أن نجعلهم لا يؤذون نفوسنا. فإننا لا نضطرب حتى إن كيَّلوا لنا متاعب بلا حصرٍ. فداود لم يُعانِ من شيءٍ بالرغم من أنه طُرِدَ وصار هائمًا، كان موضع مؤامرات لإنهاء حياته، عوض هذا صار بالأكثر مشهورًا ومهوبًا أكثر من الآخر (شاول)، وصار بالأكثر محبوبًا لدى كل أحدٍ، ليس لدى البشر فقط، بل لدى الله نفسه.
فوق هذا كله أي ضررٍ حلَّ بالقدِّيس من احتماله هذا كله من شاول في ذلك الوقت؟ أليست تسابيحه يُغنَّى بها إلى يومنا هذا؟ ألم يصر مشهورًا على الأرض وبالأكثر في السماء؟ أليست خيرات لا تُوصَف تنتظره، حتى في ملكوت السماوات؟
ومن الجانب الآخر أي خير حصل عليه هذا المسكين الشقي بمكائده الرهيبة هذه؟ ألم يفقد مركزه الملكي، وحلَّ به وبابنه موت يُرثَى له، سقط تحت اتهامات وَجَّهها إليه الكل، وما هو أشر من هذا تنتظره العقوبة الأبدية التي سيلقاها؟
القديس يوحنا الذهبي الفم
 
قديم 22 - 03 - 2025, 02:06 PM   رقم المشاركة : ( 191342 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,326,211

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


v لا يقل أحد: لي عدو شرير وفاسد وعنيد، يثير الاشمئزاز. مهما تقول عنه لا يوجد من هو أشر من شاول الذي أنقذه داود في مواقفٍ كثيرةٍ، دبَّر بشخصه مكائد كثيرة بلا عددٍ، ومع هذا كان داود يُقَدِّم له إحسانات مُقابِل شروره، وكان مُصِرًّا على شرِّه.
أية دعوى تُقَدِّمها بعد ذلك؟ هل اغتصبوا جزءًا من أرضك، هل اقتحموا ممتلكاتك، وتعدُّوا إلى حدود بيتك، وسرقوا عبيدك، وأَضَرُّوك، وكانوا جشعين، ونزلوا بك إلى الفقر؟ مع هذا لم يأخذوا حياتك، الأمر الذي كان ذاك الرجل (شاول) مُصَمِّمًا عليه. وإن كانوا مُصَمِّمين على أخذ حياتك، ربما حاولوا هذا في مناسبة واحدة، وليس مرة تلو المرة مثله. وإن كرَّروا ذلك مرات، مع ذلك لم ينالوا منك منافع هكذا، إذ لم يسقطوا تحت يديك مرة ومرتين وعفوتَ عنهم. وإن حدث هذا، فلا يزال داود أكثر سخاءً.
إنه لأمر مستحيل لإنسانٍ في ظل تدبير العهد القديم أن يبلغ قِيَمًا عميقة، أما الآن بعد مجيء النعمة، فقد أُعطيت مثل هذه المحاسن العجيبة.
لم يسمع داود عن مثل العشرة آلاف وزنة والمئة دينار (مت 18: 23-30). لم يسمع الصلاة التي تقول: "اغفروا لهم ما عليهم، كما يغفر لكم أبوكم السماوي" (راجع مت 6: 14). لم يرَ المسيح المصلوب، ولا الدم الثمين يفيض، ولا سمع الكلمات التي بلا عدد عن القِيَم السليمة. لم ينتفع بالبركات التي بلا عدد من القِيَم السليمة. لم ينتفع ببركات الذبيحة العجيبة، ولا اشترك في دم الرب. عوض هذا تربَّى في ظل الشرائع غير الكاملة التي لم تتطلب هذه الأمور، مع هذا نال ذروة القِيَم السليمة التي لعهد النعمة.
بينما أنتم كثيرًا ما تستاءون من أضرارٍ ماضية، وتتذمَّرون، إذا به على النقيض، فمع الخوف مما سيحدث مُستقبَلاً، ولديه إدراك كامل أنه إن أنقذ حياة الرجل، فالمدينة تفقد حصانتها بالنسبة له، وحياته تهلك، ومع هذا لم يكف عن تقديم رعاية (لعدوِّه). لقد فعل كل ما في استطاعته ليَحمِي ذاك الذي يحمل له عداوة. من استطاع أن يقتني صبرًا أعظم من هذا؟
بالنسبة لكم، فلتتعلموا أيضًا مما حدث في أيامنا. على أي الأحوال، إنه يمكننا أن نتصالح مع كل شخصٍ يحمل عداوة لنا إن أردنا. أي شيء يمكن أن يكون أكثر شراسة من الأسد، ومع هذا فالناس يُرَوِّضونه. فإن التدريب بمهارة يُقَدِّم ما هو أفضل في الطبيعة، والحيوان الأكثر شراسة، ويُحسَب ملكًا، يصير أكثر لطفًا من قطيع الغنم، ويتحرَّك في الأسواق دون أن يُسَبِّبَ رُعْبًا لأحدٍ. فأي عذرٍ لنا؟ أيّة حجة لنا إن كانت الوحوش تُرَوَّض، إن ادَّعينا بأن البشر لا يمكن تهدئتهم أو جذبهم لأخذ موقفٍ ودِّيٍ معنا؟
بالحقيقة الشراسة بالنسبة للحيوانات ترجع إلى الطبيعة، أما بالنسبة للكائن البشري، فهي ضد الطبيعة، فإن كنا نغلب الطبيعة، فأي عذر لنا عندما ندَّعي أن حرية الإرادة لا يمكن إصلاحها؟... ليتنا نُرَكِّز على أمرٍ واحدٍ، لا على عدم معاناتنا من الضرر الذي يصيبنا من أعدائنا، وإنما أن نجعلهم لا يؤذون نفوسنا. فإننا لا نضطرب حتى إن كيَّلوا لنا متاعب بلا حصرٍ. فداود لم يُعانِ من شيءٍ بالرغم من أنه طُرِدَ وصار هائمًا، كان موضع مؤامرات لإنهاء حياته، عوض هذا صار بالأكثر مشهورًا ومهوبًا أكثر من الآخر (شاول)، وصار بالأكثر محبوبًا لدى كل أحدٍ، ليس لدى البشر فقط، بل لدى الله نفسه.
فوق هذا كله أي ضررٍ حلَّ بالقدِّيس من احتماله هذا كله من شاول في ذلك الوقت؟ أليست تسابيحه يُغنَّى بها إلى يومنا هذا؟ ألم يصر مشهورًا على الأرض وبالأكثر في السماء؟ أليست خيرات لا تُوصَف تنتظره، حتى في ملكوت السماوات؟
ومن الجانب الآخر أي خير حصل عليه هذا المسكين الشقي بمكائده الرهيبة هذه؟ ألم يفقد مركزه الملكي، وحلَّ به وبابنه موت يُرثَى له، سقط تحت اتهامات وَجَّهها إليه الكل، وما هو أشر من هذا تنتظره العقوبة الأبدية التي سيلقاها؟
القديس يوحنا الذهبي الفم
 
قديم 22 - 03 - 2025, 02:06 PM   رقم المشاركة : ( 191343 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,326,211

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




بمحبة داود للأعداء سما إلى مَرْتَبةِ الشهداء

لم نسمع عن داود أنه تذمَّر على الله الذي سمح بوجود شاول مُقاوِمًا له بكل عنفٍ. لقد حسب وجوده إحدى بركات الرب له، إذ مارس الصلاة لأجله، وطلب له الرحمة من الله، فارتفع إلى رُتْبَةِ الشهداء، ونال إكليلاً مُضاعَفًا ثلاث أو أربع مرات. بينما حُسِبَ شاول كمن قتل داود مرات ومرات، حُسِبَ داود كمن استُشهِد مرات ومرات، فهو شهيد الحب والصبر وطول الأناة.
كثيرًا ما نخسر بسبب مُداهنة الأصدقاء لنا بكلمات معسولة، أما الأعداء فيدفعوننا إلى التعرُّف على أخطائنا إن انتقدونا عن حقٍ، أو إلى التمتُّع ببركات الصبر والاستشهاد.
v ألم يُخَطِّطْ ليُحَطِّمَ حياتي، ويسعى نحو قتلي؟
يُحسَب هذا العمل بالنسبة لك استشهاد، بشرط أن تَعتبر من بين البركات التي قُدِّمَت لك هو من يُخَطِّط (مؤامرات) في عداوة ضدّك، وتبقى مُصَلِّيًا لأجله، بل تطلب من الله أن يرحمه. ليت انطباعنا في كل شيءٍ أن الله لم يمنع (شاول) من قتل داود، بل بالحري لنضع في اعتبارنا أن داود نال إكليلاً مُضاعَفًا ثلاث أو أربع مرَّات خلال مكائد شاول.
ها أنتم ترون أن الذي أنقذ حياة العدو الذي ألهب رمحه ليصوبه نحو رأسه (1 صم 19: 9، 10)، والذي كان في وضع يسمح له بطرده، ومع ذلك عفا عنه داود، مع إدراكه أنه بعد العفو عنه سيعود إلى حيله القديمة، وقد قتله مرات بلا عدد، غير أن بقتله مرات بلا حصر، نال داود أكاليل الاستشهاد. يقول الرسول بولس أيضًا: "أموت كل يومٍ لأجل الله" (راجع 1كو 15: 31)...
كثيرون يشعرون أنه إذا أُسيء إلى سمعتهم، وصاروا موضع شك بواسطة أعدائهم، فهذا أكثر من الموت، لا يمكن احتماله أيًّا كان نوعه. هلمّوا نفحص هذا جيدًا. هل تحدَّث أحد عليك بالشر، فدعاك زانيًا وداعرًا؟ إن قالوا هذا عن حق، أَصلِحْ طُرُقَك، أما إن كان كذبًا، فلتضحك عليه ولا تحتقره، بل افرحْ وتهللْ، حافظًا توجيه الرب في هذا الأمر: "طوبى لكم إذا عيَّروكم وطردوكم، وقالوا عليكم كل كلمة شريرة من أجلي كاذبين. افرحوا وتهللوا، لأن أجركم عظيم في السماوات" (مت 5: 11-12). وأيضًا: "افرحوا وتهللوا إذا أخرجوا اسمكم كشريرٍ باطلاً" (راجع لو 6: 32-33).
حتى إن كانوا مُحقّين فيما يقولون، فإن قبلتَ كلماتهم بلطفٍ بدون أن تؤذيهم أو تشتمهم، بل تتنهد بمرارة، وتدين أخطاءك، تحصد مكافأة ليست بأقل من الحالة الأولى (أي قبولك الإهانة والتعيير ظلمًا)...
الأصدقاء غالبًا ما يُداهِنوننا لأجل منفعة، بينما الأعداء يضعون خطايانا أمامنا، إذ لمحبتنا لذواتنا لا نرى سقطاتنا. في مرات كثيرة يقتني الأعداء نظرة دقيقة فينا، وذلك بسبب عداوتهم. وإذ يُوبِّخوننا، يجتذبوننا لإدراك حاجتنا إلى الإصلاح. بهذا فإن عداوتهم لنا تصير مَصْدَرًا لمنفعة عُظْمَى، ليس فقط لأننا نشكرهم على أنه بذكرهم إيَّاها ندرك خطايانا، وإنما لأننا بذلك نتخلَّى عنها. أقصد أنه عندما يُوَبِّخك عدو عن خطية يعرفها ضميرك، فتئن بمرارة وتسأل الله عنها، فإنك للحال تَتَخلَّى عن كل خطية. بالتأكيد، ليس أمر أكثر تطويبًا عن هذا؟ أي طريق أكثر سهولة للتحرُّر من الخطايا مثل هذا؟
القديس يوحنا الذهبي الفم
في مَثَلِ الفرِّيسي والعشَّار (لو 18: 14) يُصَوِّر القديس يوحنا الذهبي الفم الفرِّيسي وقد هاجم العشَّار حتى في صلاته قائلاً إنه ليس مثله يرتكب خطايا كثيرة وخطيرة. وقد انتفع العشَّار من مَوْقِف الفرِّيسي، فلم يُعاتِبه بكلمة، ولا برَّر نفسه، كما يفعل كثيرون، إنما بانسحاق قلب قال: "اللهم ارحمني أنا الخاطي"، فخرج مُبَرَّرًا. يُعَلِّق القديس يوحنا الذهبي الفم، قائلاً:
v أترون اليقظة؟ لقد قَبلَ التوبيخ، وطهَّر نفسه. لقد عرف خطاياه، وتَرَكَها. الاتهام بالخطية أدَّى إلى ترك الخطية، وبغير قصد، صار عدوُّه نافعًا له. أقصد أي مجهود طُلِبَ من العشَّار لكي يسرع وينبطح أرضًا، ويسهر، ويعطي خيراته للمحتاجين، ويجلس طويلاً في التراب، حتى يتخلَّى عن هذه الخطايا؟
قيل إنه بدون أي شيء من هذا النوع ترك كل شرِّه بكلمة، بالتوبيخات وإساءة الأعداء لنا، إن قبلناها بروحٍ صادقة! فإنها نافعة لنا سواء كان ما يقولونه كذبًا أو حقيقيًا، فلماذا ننزعج؟ لماذا نبكي؟ إن لم تؤذِ نفسك، يا من أنت قابل للموت، لا يستطيع صديق أو عدو أو الشيطان نفسه أن يؤذيك.
بالحقيقة حيث أن الذين يُسيئون إلينا وينشرون الإشاعات، هؤلاء الذين تبلغ مؤامراتهم الحياة نفسها (أي يُدَبِّرون لقتلنا)، فإنهم يعملون لصالحنا، ويُضَفِّر بعضهم لنا إكليل الاستشهاد، إن قدَّمنا البرهان (العملي)، بينما يستهجن البعض خطايانا، إذا بهم يجعلوننا أبرارًا كما في حالة العشَّار، فلماذا نثور عليهم؟
ليتنا لا نقول: هذا وذاك أثارني، وفلان قادني للتصرُّف بطريقة مُشِينة. فإننا في كل حالةٍ نحن مسئولون عن ذلك. أقصد، إن كنا قد أعددنا أنفسنا لإظهار القِيَم السليمة، حتى الشيطان لا يقدر أن يدفعنا إلى الغضب. هذا واضح في داود!
القديس يوحنا الذهبي الفم
 
قديم 22 - 03 - 2025, 02:07 PM   رقم المشاركة : ( 191344 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,326,211

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


v ألم يُخَطِّطْ ليُحَطِّمَ حياتي، ويسعى نحو قتلي؟
يُحسَب هذا العمل بالنسبة لك استشهاد، بشرط أن تَعتبر من بين البركات التي قُدِّمَت لك هو من يُخَطِّط (مؤامرات) في عداوة ضدّك، وتبقى مُصَلِّيًا لأجله، بل تطلب من الله أن يرحمه. ليت انطباعنا في كل شيءٍ أن الله لم يمنع (شاول) من قتل داود، بل بالحري لنضع في اعتبارنا أن داود نال إكليلاً مُضاعَفًا ثلاث أو أربع مرَّات خلال مكائد شاول.
ها أنتم ترون أن الذي أنقذ حياة العدو الذي ألهب رمحه ليصوبه نحو رأسه (1 صم 19: 9، 10)، والذي كان في وضع يسمح له بطرده، ومع ذلك عفا عنه داود، مع إدراكه أنه بعد العفو عنه سيعود إلى حيله القديمة، وقد قتله مرات بلا عدد، غير أن بقتله مرات بلا حصر، نال داود أكاليل الاستشهاد. يقول الرسول بولس أيضًا: "أموت كل يومٍ لأجل الله" (راجع 1كو 15: 31)...
كثيرون يشعرون أنه إذا أُسيء إلى سمعتهم، وصاروا موضع شك بواسطة أعدائهم، فهذا أكثر من الموت، لا يمكن احتماله أيًّا كان نوعه. هلمّوا نفحص هذا جيدًا. هل تحدَّث أحد عليك بالشر، فدعاك زانيًا وداعرًا؟ إن قالوا هذا عن حق، أَصلِحْ طُرُقَك، أما إن كان كذبًا، فلتضحك عليه ولا تحتقره، بل افرحْ وتهللْ، حافظًا توجيه الرب في هذا الأمر: "طوبى لكم إذا عيَّروكم وطردوكم، وقالوا عليكم كل كلمة شريرة من أجلي كاذبين. افرحوا وتهللوا، لأن أجركم عظيم في السماوات" (مت 5: 11-12). وأيضًا: "افرحوا وتهللوا إذا أخرجوا اسمكم كشريرٍ باطلاً" (راجع لو 6: 32-33).
حتى إن كانوا مُحقّين فيما يقولون، فإن قبلتَ كلماتهم بلطفٍ بدون أن تؤذيهم أو تشتمهم، بل تتنهد بمرارة، وتدين أخطاءك، تحصد مكافأة ليست بأقل من الحالة الأولى (أي قبولك الإهانة والتعيير ظلمًا)...
الأصدقاء غالبًا ما يُداهِنوننا لأجل منفعة، بينما الأعداء يضعون خطايانا أمامنا، إذ لمحبتنا لذواتنا لا نرى سقطاتنا. في مرات كثيرة يقتني الأعداء نظرة دقيقة فينا، وذلك بسبب عداوتهم. وإذ يُوبِّخوننا، يجتذبوننا لإدراك حاجتنا إلى الإصلاح. بهذا فإن عداوتهم لنا تصير مَصْدَرًا لمنفعة عُظْمَى، ليس فقط لأننا نشكرهم على أنه بذكرهم إيَّاها ندرك خطايانا، وإنما لأننا بذلك نتخلَّى عنها. أقصد أنه عندما يُوَبِّخك عدو عن خطية يعرفها ضميرك، فتئن بمرارة وتسأل الله عنها، فإنك للحال تَتَخلَّى عن كل خطية. بالتأكيد، ليس أمر أكثر تطويبًا عن هذا؟ أي طريق أكثر سهولة للتحرُّر من الخطايا مثل هذا؟
القديس يوحنا الذهبي الفم
 
قديم 22 - 03 - 2025, 02:08 PM   رقم المشاركة : ( 191345 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,326,211

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

في مَثَلِ الفرِّيسي والعشَّار (لو 18: 14) يُصَوِّر القديس يوحنا الذهبي الفم الفرِّيسي وقد هاجم العشَّار حتى في صلاته قائلاً إنه ليس مثله يرتكب خطايا كثيرة وخطيرة. وقد انتفع العشَّار من مَوْقِف الفرِّيسي، فلم يُعاتِبه بكلمة، ولا برَّر نفسه، كما يفعل كثيرون، إنما بانسحاق قلب قال: "اللهم ارحمني أنا الخاطي"، فخرج مُبَرَّرًا. يُعَلِّق القديس يوحنا الذهبي الفم، قائلاً:
v أترون اليقظة؟ لقد قَبلَ التوبيخ، وطهَّر نفسه. لقد عرف خطاياه، وتَرَكَها. الاتهام بالخطية أدَّى إلى ترك الخطية، وبغير قصد، صار عدوُّه نافعًا له. أقصد أي مجهود طُلِبَ من العشَّار لكي يسرع وينبطح أرضًا، ويسهر، ويعطي خيراته للمحتاجين، ويجلس طويلاً في التراب، حتى يتخلَّى عن هذه الخطايا؟
قيل إنه بدون أي شيء من هذا النوع ترك كل شرِّه بكلمة، بالتوبيخات وإساءة الأعداء لنا، إن قبلناها بروحٍ صادقة! فإنها نافعة لنا سواء كان ما يقولونه كذبًا أو حقيقيًا، فلماذا ننزعج؟ لماذا نبكي؟ إن لم تؤذِ نفسك، يا من أنت قابل للموت، لا يستطيع صديق أو عدو أو الشيطان نفسه أن يؤذيك.
بالحقيقة حيث أن الذين يُسيئون إلينا وينشرون الإشاعات، هؤلاء الذين تبلغ مؤامراتهم الحياة نفسها (أي يُدَبِّرون لقتلنا)، فإنهم يعملون لصالحنا، ويُضَفِّر بعضهم لنا إكليل الاستشهاد، إن قدَّمنا البرهان (العملي)، بينما يستهجن البعض خطايانا، إذا بهم يجعلوننا أبرارًا كما في حالة العشَّار، فلماذا نثور عليهم؟
ليتنا لا نقول: هذا وذاك أثارني، وفلان قادني للتصرُّف بطريقة مُشِينة. فإننا في كل حالةٍ نحن مسئولون عن ذلك. أقصد، إن كنا قد أعددنا أنفسنا لإظهار القِيَم السليمة، حتى الشيطان لا يقدر أن يدفعنا إلى الغضب. هذا واضح في داود!
القديس يوحنا الذهبي الفم
 
قديم 22 - 03 - 2025, 02:09 PM   رقم المشاركة : ( 191346 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,326,211

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




الصوت اللطيف هزَّ كيان المتكلم والسامع

في مقارنة القديس يوحنا الذهبي الفم لشخصية داود بشخصية الملك شاول، يبرز قوة صوت داود، فيرى في صوته قاهرًا لكل مشاعر استياء أو بغضة في قلبه، كما يراه قاهرًا لروح العداوة التي في قلب شاول وفكره.
يُعَلِّق القدِّيس على كلمات شاول: "أهذا صوتك يا ابني داود" (1 صم 24: 16)، فإنه لم يقل: "أهذه كلماتك"، بل "أهذا صوتك؟!" فقد ينطق الإنسان بكلمات لينة ولطيفة، لكن صوته لا يحمل روح الحب والحنو، فلا يكون لهذه الكلمات فاعليتها، لا في حياة المتكلم ولا في حياة المُستمِع. صوت داود أصلح أعماق داود نفسه، فضربه قلبه حين قطع طرف جبة شاول صارخًا إلى الله أن يهبه روح الحُبِّ والقوة، كما أصلح أعماق شاول الذي لم يكن قادرًا أن ينطق اسم داود ببنت شفتيه، الآن بانسحاق يقول له: "يا ابني داود".
صوت داود فتح بابًا للمنافسة بين قلبي داود وشاول، كل منهما يود أن يُكْرِمَ الآخر. فداود الذي رفض الانتقام من شاول حين كان بين يديه نائمًا يقول له "أنا عبدك، يا سيدي الملك"، حاسبًا نفسه عبدًا لمن أنعم عليه بالعفو عوض الانتقام لنفسه. وفي انسحاق، قال شاول له: "أنت أبرَّ منيّ".
إن كان الجواب الليِّن يصرف روح الغضب، فإن الصوت اللطيف يدعونا أن نَتَمَتَّع بقوة الصوت المقدس:
موسى بصوته المُتفاعِل مع الصليب (عصا الرب)، شق البحر لتقف المياه من هنا وهناك عاجزة عن الحركة، وبصوته أعاد للمياه طبيعتها.
وتلميذه يشوع بن نون بصوته أمر الشمس والقمر أن يتوقفا فأطاعاه.
وإيليا النبي بصوته توقفت السماء عن أن تُمطر، وبصوته أنزلت مطرًا. طلب من السماء أكثر من مرة نارًا فسمعت له.
والتلاميذ والرسل بأصواتهم باسم يسوع المسيح أخرجوا الشياطين وطردوا الأمراض.
ما أحوجنا أن نحمل صوت ابن داود في داخلنا، العامل في قلوبنا فتصير أيقونة لقلب ربِّنا يسوع مُحِب البشرية، والعامل في قلوب من نلتقي بهم، فيتمتَّعون بملكوت الله في أعماقهم معنا!
يُمَيِّز الذهبي الفم بين كلمات داود الرقيقة، وصوته الذي يعلن بنبرته عن روح التواضع وحب السلام. لم يقل شاول: "أهذه كلماتك يا ابني داود"، إنما قال: أهذا صوتك يا ابني داود؟" (1 صم 24: 16)،
وقد علَّق القديس يوحنا الذهبي الفم كثيرًا عن فاعلية صوت داود.
يرى القديس يوحنا الذهبي الفم أن داود وهو أصغر سنًّا من شاول الملك، بصبره وطول أناته تعامل مع الملك كأبٍ نحو ابنه، فلم يَقْبَلْ أن ينتقم منه، حتى وإن بذل الملك جهده لمرات كثيرة أن يتخلَّص منه. كان من ثمرة هذا العمل التقوي الوديع، أن شاول عند سماعه صوت داود انجذب إليه بروح التوبة في دموعٍ لتثور في أحشائه مشاعر أُبوَّة نحو داود، فدعاه ابنه.
v عندما تخلَّلَتْ كلمات داود (قلب شاول) نزعت عنه العداوة، وتعرَّف عليه كقدِّيس، واستبعد عن نفسه الألم (الغضب) الذي وُجِدَ فيه تحت تأثير الآخرين...
كما أنه في الليل لا نتعرَّف حتى على الأصدقاء، وعندما يطلع النهار، نعرفهم متى تَطَلَّعنا إليهم من بعيدٍ، هذا هو أيضًا الطريق الطبيعي بالنسبة للعداوة. مادمنا في خصامٍ مع آخرين، نسمع أصواتهم بطريقة مختلفة، ونَتَطَلَّع إلى وجوههم باشمئزاز، لكن عندما نترك الغيظ، فإن صوتهم الذي كان قبلاً يبدو فيه عداء، ونحسبه معاديًا، يضربنا باللطف والمَسَرَّة، ونظرتنا لهم التي كانت قبلاً فيها عداء وغير مُحَبَّبَة تَحْمِلُ اشتياقًا ونعمة.
هذا ما يحدث عند هبوب عاصفة أيضًا، فإن السحاب الكثيف لا يسمح بظهور جَمَالَ السماء. فإنه حتى إن كانت لنا نظرة ثاقبة فائقة، لا نستطيع أن نخترق السحب لنرى البهاء السماوي... لكن عندما يَحِلُّ دفء الشمس إلى لحظات، ويُبَدِّد الغيمة، تَظْهَرُ الشمس وتكشف عن جَمَالِ السماء.
هذا أيضًا ما يحدث عند شعورنا بالغيظ، فإن العداوة تعمل كغيمةٍ أمام أعيننا وفي آذاننا، وتجعل الصوت والرؤية بشكلٍ مختلفٍ. أما متى استخدم إحدى القِيَم السليمة، ينزع جانبًا العداوة، ويُبَدِّد غيمة الوصمات، عندئذ تصير الرؤية والسمع صادقيْن.
هكذا كانت خبرة شاول، عندما اخترق غيمة العداوة، تعرَّف على صوت داود، قائلاً: "أهذا صوتك يا ابني داود؟" أي نوع من الصوت كان هذا؟ إنه الصوت الذي طرح جليات، واختطف المدينة من الخطر، وأعاد كل شخصٍ كان في خطر العبودية والموت إلى السلام والحرية، وقمع جنون الإنسان، وكسب لحسابه منافع كثيرة عجيبة.
في الواقع، هذا هو الصوت الذي طرح المُتَوَحِّش المُرعِب (جليات)؛ فقوة الصلاة قهرته أمام الحَجَرِ. لم يطلق الحَجَرَ فحسب، إنما قال أولاً: "أنت تأتي إليَّ بآلهتك، وأما أنا فآتي إليك باسم رب الجنود هذا الذي أنت تَسِبُّه اليوم"، وبعد ذلك صوَّب الحَجَرَ. وجَّه الصوت الحَجَرَ، فأصاب المُتَوَحِّش، فقتل وقاحة العدو.
لماذا تتعجَّب، إن كان صوت الشخص البار يُقمِعُ السخط ويُحَطِّم الأعداء، إن كان يطرد حتى الشياطين؟
يشوع بن نون كمثال مُجَرَّد، قال: "لتقف الشمس والقمر"، ففعلا ذلك (يش 10: 12-13). بنفس الطريقة جعل (موسى) البحر يتوقَّف، وردَّه مرة أخرى (خر 14: 21، 26). هكذا الثلاثة فتية أطفأوا قوة النار، بتسابيحهم وصوتهم (دا 3: 24، 50) LXX.
هكذا تشجَّع شاول عند سماعه هذا الصوت، وقال: "أهذا صوتك يا ابني داود؟!" بماذا أجابه داود؟ "أنا عبدك يا سيدي الملك". عندئذ حدثت منافسة ومباراة، من الذي يُقَدِّم كرامة أعظم للآخر. واحد جعل من الآخر قريبًا له (ابنه)، والثاني دعاه سيده.
ما يقصده هو مثل هذا: إني مهتم بأمرٍ واحدٍ فقط؛ سعادتك وتَقَدُّمك في الفضيلة. أنت تدعوني ابنك، وأنا أُحِبُّك ومُغرَم بك، إن قبلتني كعبدٍ لك، بشرط أن تنزع عنك استياءك مني. فلا تشك فيَّ من جهة أي شر، ولا تظن إني أتآمر ضدك، وأُحارِب ضدك. بهذا تَمَّمَ الوصية الرسولية التي تأمرنا أن نتفوَّق في تكريم بعضنا البعض (رو 12: 10)، على عكس ما يجري عامة بين البشر الذين هم أشر من الوحوش، والذين لا يحتملون أن يبدأوا هم بمديح إخوتهم، مُعْتَقِدِين أنه من العار والإهانة أن يمدحوا أحدًا. أي شيء يحمل سخرية أكثر من هذه الغباوة؟ أي شيء مُخْجِل أكثر من هذا الغرور وهذا الجهل؟... إن كنتَ تبدأ بالمديح، فالله يَمْدَحك، وهو أعظم من الكل...
ليتنا لا ننتظر أن ننال الكرامة أولاً، بل نسرع لنكرِّم القريب، ودائمًا نبادر نحن بالمديح، ولا نظن أن هذه الفضيلة تافهة وقليلة، إن كنا لطفاء ومُحِبِّين في مديحنا للغير. إن أهملنا هذا، نُحَطِّم الكثير من الصداقات ونخلق عداوات كثيرة...
ليتنا لا نوجد ناقصين أيها الأحباء الأعزاء، بل نفعل هذا في غيرة. إن أمكن لنكون نحن المُبادِرين بالاهتمام بالذين نلتقي بهم، أيّا كانوا هم، وذلك بمدحهم، والاهتمام بهم في كل شيءٍ.
وإن بادر أحد فرد له التكريم بطريقة أعظم. هذا ما يحثنا عليه بولس بقوله: "حاسبين بعضكم البعض أفضل من أنفسهم" (في 2: 3)
القديس يوحنا الذهبي الفم
 
قديم 22 - 03 - 2025, 02:10 PM   رقم المشاركة : ( 191347 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,326,211

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

يُمَيِّز الذهبي الفم بين كلمات داود الرقيقة، وصوته الذي يعلن بنبرته عن روح التواضع وحب السلام. لم يقل شاول: "أهذه كلماتك يا ابني داود"، إنما قال: أهذا صوتك يا ابني داود؟" (1 صم 24: 16)،
وقد علَّق القديس يوحنا الذهبي الفم كثيرًا عن فاعلية صوت داود.
يرى القديس يوحنا الذهبي الفم أن داود وهو أصغر سنًّا من شاول الملك، بصبره وطول أناته تعامل مع الملك كأبٍ نحو ابنه، فلم يَقْبَلْ أن ينتقم منه، حتى وإن بذل الملك جهده لمرات كثيرة أن يتخلَّص منه. كان من ثمرة هذا العمل التقوي الوديع، أن شاول عند سماعه صوت داود انجذب إليه بروح التوبة في دموعٍ لتثور في أحشائه مشاعر أُبوَّة نحو داود، فدعاه ابنه.



القديس يوحنا الذهبي الفم
 
قديم 22 - 03 - 2025, 02:12 PM   رقم المشاركة : ( 191348 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,326,211

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


v عندما تخلَّلَتْ كلمات داود (قلب شاول) نزعت عنه العداوة، وتعرَّف عليه كقدِّيس، واستبعد عن نفسه الألم (الغضب) الذي وُجِدَ فيه تحت تأثير الآخرين...
كما أنه في الليل لا نتعرَّف حتى على الأصدقاء، وعندما يطلع النهار، نعرفهم متى تَطَلَّعنا إليهم من بعيدٍ، هذا هو أيضًا الطريق الطبيعي بالنسبة للعداوة. مادمنا في خصامٍ مع آخرين، نسمع أصواتهم بطريقة مختلفة، ونَتَطَلَّع إلى وجوههم باشمئزاز، لكن عندما نترك الغيظ، فإن صوتهم الذي كان قبلاً يبدو فيه عداء، ونحسبه معاديًا، يضربنا باللطف والمَسَرَّة، ونظرتنا لهم التي كانت قبلاً فيها عداء وغير مُحَبَّبَة تَحْمِلُ اشتياقًا ونعمة.
هذا ما يحدث عند هبوب عاصفة أيضًا، فإن السحاب الكثيف لا يسمح بظهور جَمَالَ السماء. فإنه حتى إن كانت لنا نظرة ثاقبة فائقة، لا نستطيع أن نخترق السحب لنرى البهاء السماوي... لكن عندما يَحِلُّ دفء الشمس إلى لحظات، ويُبَدِّد الغيمة، تَظْهَرُ الشمس وتكشف عن جَمَالِ السماء.
هذا أيضًا ما يحدث عند شعورنا بالغيظ، فإن العداوة تعمل كغيمةٍ أمام أعيننا وفي آذاننا، وتجعل الصوت والرؤية بشكلٍ مختلفٍ. أما متى استخدم إحدى القِيَم السليمة، ينزع جانبًا العداوة، ويُبَدِّد غيمة الوصمات، عندئذ تصير الرؤية والسمع صادقيْن.
هكذا كانت خبرة شاول، عندما اخترق غيمة العداوة، تعرَّف على صوت داود، قائلاً: "أهذا صوتك يا ابني داود؟" أي نوع من الصوت كان هذا؟ إنه الصوت الذي طرح جليات، واختطف المدينة من الخطر، وأعاد كل شخصٍ كان في خطر العبودية والموت إلى السلام والحرية، وقمع جنون الإنسان، وكسب لحسابه منافع كثيرة عجيبة.
في الواقع، هذا هو الصوت الذي طرح المُتَوَحِّش المُرعِب (جليات)؛ فقوة الصلاة قهرته أمام الحَجَرِ. لم يطلق الحَجَرَ فحسب، إنما قال أولاً: "أنت تأتي إليَّ بآلهتك، وأما أنا فآتي إليك باسم رب الجنود هذا الذي أنت تَسِبُّه اليوم"، وبعد ذلك صوَّب الحَجَرَ. وجَّه الصوت الحَجَرَ، فأصاب المُتَوَحِّش، فقتل وقاحة العدو.
لماذا تتعجَّب، إن كان صوت الشخص البار يُقمِعُ السخط ويُحَطِّم الأعداء، إن كان يطرد حتى الشياطين؟
يشوع بن نون كمثال مُجَرَّد، قال: "لتقف الشمس والقمر"، ففعلا ذلك (يش 10: 12-13). بنفس الطريقة جعل (موسى) البحر يتوقَّف، وردَّه مرة أخرى (خر 14: 21، 26). هكذا الثلاثة فتية أطفأوا قوة النار، بتسابيحهم وصوتهم (دا 3: 24، 50) LXX.
هكذا تشجَّع شاول عند سماعه هذا الصوت، وقال: "أهذا صوتك يا ابني داود؟!" بماذا أجابه داود؟ "أنا عبدك يا سيدي الملك". عندئذ حدثت منافسة ومباراة، من الذي يُقَدِّم كرامة أعظم للآخر. واحد جعل من الآخر قريبًا له (ابنه)، والثاني دعاه سيده.
ما يقصده هو مثل هذا: إني مهتم بأمرٍ واحدٍ فقط؛ سعادتك وتَقَدُّمك في الفضيلة. أنت تدعوني ابنك، وأنا أُحِبُّك ومُغرَم بك، إن قبلتني كعبدٍ لك، بشرط أن تنزع عنك استياءك مني. فلا تشك فيَّ من جهة أي شر، ولا تظن إني أتآمر ضدك، وأُحارِب ضدك. بهذا تَمَّمَ الوصية الرسولية التي تأمرنا أن نتفوَّق في تكريم بعضنا البعض (رو 12: 10)، على عكس ما يجري عامة بين البشر الذين هم أشر من الوحوش، والذين لا يحتملون أن يبدأوا هم بمديح إخوتهم، مُعْتَقِدِين أنه من العار والإهانة أن يمدحوا أحدًا. أي شيء يحمل سخرية أكثر من هذه الغباوة؟ أي شيء مُخْجِل أكثر من هذا الغرور وهذا الجهل؟... إن كنتَ تبدأ بالمديح، فالله يَمْدَحك، وهو أعظم من الكل...
ليتنا لا ننتظر أن ننال الكرامة أولاً، بل نسرع لنكرِّم القريب، ودائمًا نبادر نحن بالمديح، ولا نظن أن هذه الفضيلة تافهة وقليلة، إن كنا لطفاء ومُحِبِّين في مديحنا للغير. إن أهملنا هذا، نُحَطِّم الكثير من الصداقات ونخلق عداوات كثيرة...
ليتنا لا نوجد ناقصين أيها الأحباء الأعزاء، بل نفعل هذا في غيرة. إن أمكن لنكون نحن المُبادِرين بالاهتمام بالذين نلتقي بهم، أيّا كانوا هم، وذلك بمدحهم، والاهتمام بهم في كل شيءٍ.
وإن بادر أحد فرد له التكريم بطريقة أعظم. هذا ما يحثنا عليه بولس بقوله: "حاسبين بعضكم البعض أفضل من أنفسهم" (في 2: 3)

القديس يوحنا الذهبي الفم
 
قديم 22 - 03 - 2025, 02:13 PM   رقم المشاركة : ( 191349 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,326,211

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




الصوت اللطيف فجَّر دموعًا من قلب شاول الصخري

نقف جميعًا بإجلال أمام موسى النبي وهو يضرب الصخرة في البرية بالعصا، فيتفجَّر ينبوع مياه يروي الشعب. وكما يقول الرسول بولس إن الصخرة كانت تتبعهم، والصخرة هي المسيح (1 كو 10: 4)، الذي بصليبه فجَّر ينابيع مياه النعمة الإلهية واهبة الحياة.
يرى القديس يوحنا الذهبي الفم أن داود تشبَّه بموسى، أما عصاه فهي مَحَبَّته وحنوّه وكلماته اللطيفة التي ضرب بها قلب شاول الصخري أو المُتَحَجِّر، ففَجَّرَ دموعًا.
يليق بنا ألا ندهش إن رأينا البشر قد تَحَجَّرَتْ قلوبهم، فبروح الحب والتواضع والوداعة مع اللطف في المسيح يسوع تَلِين هذه القلوب، وتُقَدِّم توبة لله بدموعٍ وانسحاق قلبٍ.
v هذا ما فعله داود بكونه بادر بإظهار التكريم، وعندما قُدِّم لهم تكريم، ردَّه بتكريم أعظم، قائلاً: عبدك يا سيدي الملك". انظروا أية منفعة عظيمة اقتناها عندما قال داود ذلك؛ إذ لم يعد شاول يحتمل أن يسمع صوته دون أن يبكي. لقد بكى بمرارة مُعْلِنًا بدموعه استقامة روح داود وقِيَمه السليمة التي غرسها داود. أي شيء أكثر طوباوية من إصلاح النبي عدوَّه في وقتٍ قصيرٍ، رابحًا نفسًا عطشى للدم والقتل، وفجأة نزل به إلى النوح والتنهدات؟
إني أُعجَب به أكثر من موسى عندما أفاض مجاري ماء من صخرة صمَّاء، كما أدهش بالأكثر من داود الذي أفاض مجاري دموع من عينيْن حجريتيْن.
الأولى غلبت الطبيعة، والأخيرة غلبت الإرادة الحُرَّة.
الأولى حَدَثَتْ بضرب الصخرة بعصا، والأخيرة بضرب القلب بكلمته، لا لتُسَبِّب تلفًا، إنما لتهبه نقاوة ووداعة. الأمر الذي أحدثه في الواقع بتقدِّيم شهادة أعظم للطف أكثر من الأول.
إذ استحق داود المديح والإعجاب العظيم، لأنه لم يُلَطِّخْ سيفه بقطع رأس ذاك العدو، إلا أنه إذ قام بتغيير إرادة ذلك الإنسان، وجعله في حالة أفضل وجذبه إلى طرقه الرقيقة، استحق أكاليل أعظم.
إحسانه الأخير أعظم من الإحسان السابق. مَنْحه عطية الحياة لا تُعادِل قيادته له إلى القِيَم السليمة، سحبه من الغيظ واللهث نحو القتل الظالم، ومنعه من ارتكاب جريمة القتل، ساحبًا إيَّاه من الخبل الذي يقود إلى الخطأ الرهيب.
القديس يوحنا الذهبي الفم
 
قديم 22 - 03 - 2025, 02:14 PM   رقم المشاركة : ( 191350 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,326,211

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




باللطف غلب داود وحشية العدو

يقول الرسول بولس إنه حَارَبَ وحوشًا في أفسس (1 كو 15: 32). وقام داود النبي بترويض الملك شاول بلطفه وحنوِّه، فنزع عنه روح الوحشية والقسوة والعناد.
v عندما يكون عدوّك تحت سلطانك، لا يكن ما يشغلك هو أن تنتقم لنفسك، وبعد أن تُخضِعَه لإساءات لا حصر لها تتخلَّص منه، إنما ما يشغلك أن تهتم به، كيف تجتذبه للّطف، ولا تمتنع عن أن تعمل وتتكلم بكل وسيلة حتى تغلب باللطف وحشيته.
في النهاية ليس شيء أكثر فاعلية من اللطف. يقول أحدهم: "اللسان اللَيِّن يكسر العظام". أي شيء أكثر صلابة من العظام، ومع ذلك إن وُجِدَ أحد جامدًا وعنيدًا، فإن استخدام اللطف معه يغلبه. وقيل أيضًا: "الجواب اللين يصرف الغضب" (أم 25: 15؛ 15: 1). بهذا فإنه من الواضح أنك أنت لا عدوّك الذي تجعل الآخر هائجًا أو في مصالحة معك...
عندما ترى عدوَّك، أو يخطر على فكرك، فلتَنْسَ كل الأعمال المؤذية التي عانيت منها منه، أو ما قيل لك عنها، فإن وردت على عقلك ألقها للشيطان. بالحري اجمعْ ما سبق أن قاله أو فعله معك وكان نافعًا، فإن قُمْتَ بتغيير هذه الأمور في فكرك للحال تُحَلُّ عداوتك له...
عندما نكون في غضبٍ لن ننجح في أن نقول أو نخبر عن شيءٍ بنَّاء، ولكن عندما نتخلَّص من هذا الشعور، فإننا لن ننطق بكلمة جارحة أو نسمع آخرين ينطقون بألفاظ نابية عنه.
هذا الأمر ليس صعبًا، ففي الحقيقة طبيعة ما يُقَال تُضايقنا بسبب مشاعر العداوة التي فينا، فعندما نسمع نفس الكلمات من أصدقائنا الذين يَمْزَحون معنا، أو من أطفالٍ صغار، لا نعترض عليهم، ولا نغضب عليهم، بل أحيانًا نضحك، أو نتحوَّل عنها، فلا نسمعها بمفهومٍ ملتوٍ ولا بذهنٍ مملوءٍ غضبًا مُسبَّقًا. هكذا في حالة الأعداء أيضًا إن كنتم تطفئون روح الغيظ، وتهجرون العداوة، لا يُصيبكم ضرر من أي شيء يُقَال.
القديس يوحنا الذهبي الفم
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 09:26 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025