منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22 - 03 - 2025, 01:57 PM   رقم المشاركة : ( 191331 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,326,211

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




داود بحكمةٍ يطلب من شاول أن يُراجِع نفسه

يتساءل القديس يوحنا الذهبي الفم: لماذا قال داود لشاول: لماذا تسمع كلام الناس القائلين هوذا داود يطلب أذيتك (حياتك)؟ (1صم 24: 9)، كيف يقول داود هذا وهو يَعْلَمُ أن الكل يحملون محبة وتقديرًا له؟ يرى القديس يوحنا الذهبي الفم أن داود لا يتصوَّر أنه يوجد حول شاول من ينطق بكلمة ضد داود، لأنهم في أعماقهم يحملون مشاعر إعجاب وحُبَّ لداود. إنما قال هذا لكي يراجع شاول نفسه، ويُدرِك أن الذي دفعه لهذه العداوة الحسد والبغضة ليس الناس بل أفكاره الشريرة. لأنه حتى يوناثان بن شاول كان في علاقة محبة شديدة مع داود، وكان رجال الجيش الذين حَوْلَ شاول مُعجَبين بداود. ما يحمله شاول من عداوة وخبث دافعه أعماقه الشريرة.
لم يُرِدْ داود أن يُحَطِّمَ نفسية شاول، بل أظهر له كأن ما يفعله هو من مشورة الأشرار. وكأن داود لا يلوم شاول، بل يعذره على موقفه العدائي. هذا التصرُّف كما يراه القديس يوحنا الذهبي الفم كثيرًا ما يمارسه الوالدان مع طفلهما حينما يخطئ.
v غالبًا ما يستخدم الآباء والأمهات (الوالدان) نفس الأسلوب مع أطفالهم. فالوالد (أو الوالدة) ينفرد بطفله الذي يتمادى في الخطأ، ويرتكب أخطاء كثيرة، فمع اقتناعه أن الطفل مارس الخطأ باختياره، إلا أنه في حالات كثيرة يلقي باللوم على الغير، مستخدمًا نفس الأسلوب، قائلاً: إنني أعلم أن ما تفعله ليس خطأك أنت، بل قادك آخرون إلى الخطأ... فهم الملومون. وإذ يسمع الطفل هذا يسهل عليه تحويل بصره تدريجيًا عن الخطية، والرجوع بسهولة إلى حياة الفضيلة.
على أي الأحوال، فَعَلَ بولس نفس الأمر وهو يكتب إلى أهل غلاطية (غل 1: 7). فبعد حديثٍ طويلٍ واتهاماتٍ لا توصف وجَّهها ضدهم، ففي نحو نهاية الرسالة قال هكذا: "ولكنني أثق بكم في الرب، أنكم لا تفتكرون شيئًا آخر، ولكن الذي يزعجكم سيحمل الدينونة أيَّ من كان" (غل 5: 10)؛ إذ رغب أن يزيل الاتهامات المُوجَّهة ضدهم، حتى يُشفوا تدريجيًا من أخطائهم، وينجحوا في الصعود إلى مركز دفاع.
هذا ما فعله داود بقوله: "لماذا تسمع كلام الناس القائلين هوذا داود يطلب أذيتك (حياتك)؟" بهذا يُظهِر أن آخرين هم الذين دفعوه إلى هذا وأفسدوه. فإن ما يهمه هنا هو أن يُقَدِّم دفاعًا عن الاتهامات المُوجَّهة ضده. عندئذ في دفاعه عن الاتهامات المُوجَّهة ضده، قال: "هوذا قد رأت عيناك اليوم كيف دفعك الرب اليوم ليدي في الكهف، وقيل لي أن أقتلك، ولكنني أشفقتُ عليك، وقلت لا أمد يدي إلى سيدي، لأنه مسيح الرب هو" (1 صم 24: 10).
بمعنى آخر، بينما هؤلاء الآخرون افتروا عليه، يقول إنني أصعد لأُقَدِّمَ دفاعًا بالأعمال، وأُحَطِّم بتصرفاتي الاتهامات. فلا حاجة للكلمات، لأن الأحداث نفسها تنجح في التعليم بأكثر وضوحٍ عن أي كلمة للكشف عن نوع هؤلاء الناس (الذين يدعون شاول للخطأ)، ومن أنا، وأن النقد المُوجَّه ضدِّي هو افتراء باطل. للشهادة عن ذلك لا أستدعي أحدًا، بل أقوم بذلك بنفسي وحدي، فأنا كفيل بهذا.
القديس يوحنا الذهبي الفم
 
قديم 22 - 03 - 2025, 01:57 PM   رقم المشاركة : ( 191332 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,326,211

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


v غالبًا ما يستخدم الآباء والأمهات (الوالدان) نفس الأسلوب مع أطفالهم. فالوالد (أو الوالدة) ينفرد بطفله الذي يتمادى في الخطأ، ويرتكب أخطاء كثيرة، فمع اقتناعه أن الطفل مارس الخطأ باختياره، إلا أنه في حالات كثيرة يلقي باللوم على الغير، مستخدمًا نفس الأسلوب، قائلاً: إنني أعلم أن ما تفعله ليس خطأك أنت، بل قادك آخرون إلى الخطأ... فهم الملومون. وإذ يسمع الطفل هذا يسهل عليه تحويل بصره تدريجيًا عن الخطية، والرجوع بسهولة إلى حياة الفضيلة.
على أي الأحوال، فَعَلَ بولس نفس الأمر وهو يكتب إلى أهل غلاطية (غل 1: 7). فبعد حديثٍ طويلٍ واتهاماتٍ لا توصف وجَّهها ضدهم، ففي نحو نهاية الرسالة قال هكذا: "ولكنني أثق بكم في الرب، أنكم لا تفتكرون شيئًا آخر، ولكن الذي يزعجكم سيحمل الدينونة أيَّ من كان" (غل 5: 10)؛ إذ رغب أن يزيل الاتهامات المُوجَّهة ضدهم، حتى يُشفوا تدريجيًا من أخطائهم، وينجحوا في الصعود إلى مركز دفاع.
هذا ما فعله داود بقوله: "لماذا تسمع كلام الناس القائلين هوذا داود يطلب أذيتك (حياتك)؟" بهذا يُظهِر أن آخرين هم الذين دفعوه إلى هذا وأفسدوه. فإن ما يهمه هنا هو أن يُقَدِّم دفاعًا عن الاتهامات المُوجَّهة ضده. عندئذ في دفاعه عن الاتهامات المُوجَّهة ضده، قال: "هوذا قد رأت عيناك اليوم كيف دفعك الرب اليوم ليدي في الكهف، وقيل لي أن أقتلك، ولكنني أشفقتُ عليك، وقلت لا أمد يدي إلى سيدي، لأنه مسيح الرب هو" (1 صم 24: 10).
بمعنى آخر، بينما هؤلاء الآخرون افتروا عليه، يقول إنني أصعد لأُقَدِّمَ دفاعًا بالأعمال، وأُحَطِّم بتصرفاتي الاتهامات. فلا حاجة للكلمات، لأن الأحداث نفسها تنجح في التعليم بأكثر وضوحٍ عن أي كلمة للكشف عن نوع هؤلاء الناس (الذين يدعون شاول للخطأ)، ومن أنا، وأن النقد المُوجَّه ضدِّي هو افتراء باطل. للشهادة عن ذلك لا أستدعي أحدًا، بل أقوم بذلك بنفسي وحدي، فأنا كفيل بهذا.
القديس يوحنا الذهبي الفم
 
قديم 22 - 03 - 2025, 01:58 PM   رقم المشاركة : ( 191333 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,326,211

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




مشاعر صادقة بلا مداهنة!

تكشف تصرُّفات داود النبي عن أعماقه المملوءة لطفًا وحنوًا.
لم يكن في حاجة أن يُدافِعَ عن نفسه أمام شاول ومن معه، إنما ترك تصرُّفاته تشهد له في صمتٍ.
حقًا لقد صرخ في أعماقه إلى الله لكي يهبه نقاوة أكثر، إذ ضربه قلبه عندما قطع طرف جبة شاول، لكن الله استخدم حتى هذا التصرُّف شهادة عملية عن لطف داود. وما كان يمكن لشاول ومن معه أن يقبلوا دفاعًا عن داود بالكلام.
هذا واستمر حنو داود حتى موت شاول وبعد موته. فعندما سمع عن موت شاول وأبنائه الثلاثة وحامل سلاحه في المعركة، لم يشغله خلو الكرسي له، وأنه حان الوقت لاستلام العرش الذي مُسِحَ عليه كملكٍ على يد صموئيل النبي وهو صبي صغير. إنما الْتَهَبَتْ أحشاؤه بالحزن الشديد عليهم، فمزَّق ثيابه هو وجميع الرجال الذين معه وندبوا وبكوا وصاموا إلى المساء على شاول وابنه يوناثان (2 صم 1: 11-12).
فيما يلي تعليقات القديس يوحنا الذهبي الفم على سلوك داود وتصرُّفاته في حياة شاول وبعد موته:
v إذ فسدت إرادة القاضي (شاول) والشهود (المُحيطين به)، فإنه مهما وُجِدَت من شهادات، يسقطون في الشك. لهذا دبَّر وجود براهين تجعلهم صامتين وفي خجلٍ شديدٍ. ما هي هذه البراهين؟ طرف الجبّة التي أخذها، وقال: "انظرْ طرف جُبَّتك بيديّ... وعدم قتلي إياك" (1صم 24: 11). هذه شهادة صامتة، لكنها أكثر وضوحًا من الشهادات التي بالكلام. يقول: لو لم أكن ملاصقًا لك، وواقفًا بالقرب من شخصك، لما استطعت أن أقطع جزءًا من ثوبك.
ألا ترون كيف صدر خير من تحرُّك داود في البداية؟ أقصد، لو لم يتحرك بالاستياء، ما كنا نتعرَّف على قِيَمه السليمة (المستقيمة)، فإن كثيرًا من الناس، لديهم الانطباع أن ذاك العفو لم يكن ثمرة قِيَم مستقيمة، بل بسبب حالة دهشة (مفاجئة). لو كان الأمر كذلك لما قطع ركن من الجُبَّة، إنما كان مزّقها بالكامل... لم يكن لديه دليل آخر يقنع به عدوَّه سوى ما فعله. فإذ حرَّكه الاستياء وتمَّم القطع، صار لديه برهان لا يَقْبَلُ الجدل على رعايته له.
لذلك، إذ جلب شهادة صادقة وواضحة، لهذا دعا عدوَّه شخصيًا ليكون قاضيًا وشاهدًا على اهتمامه، قائلاً: "لا تخطئ وأنت تنظر بوضوحٍ اليوم أنه ليس في يديّ شر ولا جرم، وأنت تصيد نفسي لتأخذها" (راجع 1صم 24: 11)... يقول: "إنني لستُ أتحدَّث عن أحداث ماضية، إنما ما حَدَثَ اليوم هو برهان كافٍ لي. أضف إلى ذلك أنه كان يمكنه أن يورد أعمال لطف كثيرة تمَّت سابقًا لو أراد ذلك...
كان (داود) هكذا وديعًا، ومُتحرِّرًا من كل عجرفة، وكانت عيناه تُرَكِّزان على أمرٍ واحدٍ وهو حُكْم الله...
لم يكن هذا الأمر وحده البارز، إنما عند سماعه أن (شاول) قد سقط في المعركة، مزَّق ثيابه، وألقى التراب على نفسه، وقدَّم مرثاة يمكنكم أن تَنْطَقوا بها إن فقدتم ابنًا وحيدًا مُخْلِصًا، ونَظَّم تأبينًا، ونطق بصرخات مُرَّة، وصام حتى المساء، ولعن الموضع نفسه الذي استقبل دم شاول. لقد قال: "يا جبال جلبوع، لا يكن طلّ ومطر عليكن" (2صم 1: 21)، "يا جبال الموت، لأن هناك قد انتزع ملجأ الجبابرة".
هذا غالبًا ما يحدث مع الوالديْن، إذ يغلقان بيتهما، ويترنَّحان بالأسى في الشارع بطولِه الذي يسيران فيه إلى جنازة ابنهما. هكذا سلك هذا الرجل، فلَعنَ الجبال التي فيها تمَّ الذبح. وها هو يكره حتى المكان الذي سقط فيه (شاول). إنه يقول: لا يكون المطر النازل من العلو على الموقع، الذي وُجِدَ فيه مطر دم أصدقائي هناك.
كان يُرَدِّد اسميهما (شاول وابنه يوناثان) مرات ومرات بلا توقُّف، قائلاً: "شاول ويوناثان المحبوبان والحلوان في حياتهما لم يفترقا في موتهما" (2صم 1: 23). إذ لم يكن ممكنًا له تقبيل جسديهما (لعدم وجودهما)، ها هو يُطَوِّقهما بهذيْن الاسميْن، مُهَدِّئًا حزنه قدر المستطاع بذكر اسميهما، مُهَدِّئًا من بشاعة الكارثة...
في رأيه أنه ما كان يمكن ممارسة الحياة مع عزل الواحد عن الآخر.
هل أنتم منزعجون لهذا؟ هل أنتم تبكون؟ هل أفكاركم مُرتبِكة؟ وعيونكم تتحوَّل وتستعد لسكب الدموع؟
أسأل كل واحدٍ منكم أن يتذكَّر ذاك الذي احتمل العداوة والأذية، ومع ذلك هل لا تزال أذهانكم مُنفعِلة بالحزن؟
كان (داود) مُتعلِّقًا بهما وهما أحياء، ويرثيهما عند موتهما، ليس للاستعراض، بل من أعماق الذهن والنفس.
القديس يوحنا الذهبي الفم
 
قديم 22 - 03 - 2025, 01:59 PM   رقم المشاركة : ( 191334 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,326,211

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

تعليقات القديس يوحنا الذهبي الفم على سلوك داود وتصرُّفاته في حياة شاول وبعد موته:
v إذ فسدت إرادة القاضي (شاول) والشهود (المُحيطين به)، فإنه مهما وُجِدَت من شهادات، يسقطون في الشك. لهذا دبَّر وجود براهين تجعلهم صامتين وفي خجلٍ شديدٍ. ما هي هذه البراهين؟ طرف الجبّة التي أخذها، وقال: "انظرْ طرف جُبَّتك بيديّ... وعدم قتلي إياك" (1صم 24: 11). هذه شهادة صامتة، لكنها أكثر وضوحًا من الشهادات التي بالكلام. يقول: لو لم أكن ملاصقًا لك، وواقفًا بالقرب من شخصك، لما استطعت أن أقطع جزءًا من ثوبك.
ألا ترون كيف صدر خير من تحرُّك داود في البداية؟ أقصد، لو لم يتحرك بالاستياء، ما كنا نتعرَّف على قِيَمه السليمة (المستقيمة)، فإن كثيرًا من الناس، لديهم الانطباع أن ذاك العفو لم يكن ثمرة قِيَم مستقيمة، بل بسبب حالة دهشة (مفاجئة). لو كان الأمر كذلك لما قطع ركن من الجُبَّة، إنما كان مزّقها بالكامل... لم يكن لديه دليل آخر يقنع به عدوَّه سوى ما فعله. فإذ حرَّكه الاستياء وتمَّم القطع، صار لديه برهان لا يَقْبَلُ الجدل على رعايته له.
لذلك، إذ جلب شهادة صادقة وواضحة، لهذا دعا عدوَّه شخصيًا ليكون قاضيًا وشاهدًا على اهتمامه، قائلاً: "لا تخطئ وأنت تنظر بوضوحٍ اليوم أنه ليس في يديّ شر ولا جرم، وأنت تصيد نفسي لتأخذها" (راجع 1صم 24: 11)... يقول: "إنني لستُ أتحدَّث عن أحداث ماضية، إنما ما حَدَثَ اليوم هو برهان كافٍ لي. أضف إلى ذلك أنه كان يمكنه أن يورد أعمال لطف كثيرة تمَّت سابقًا لو أراد ذلك...
كان (داود) هكذا وديعًا، ومُتحرِّرًا من كل عجرفة، وكانت عيناه تُرَكِّزان على أمرٍ واحدٍ وهو حُكْم الله...
لم يكن هذا الأمر وحده البارز، إنما عند سماعه أن (شاول) قد سقط في المعركة، مزَّق ثيابه، وألقى التراب على نفسه، وقدَّم مرثاة يمكنكم أن تَنْطَقوا بها إن فقدتم ابنًا وحيدًا مُخْلِصًا، ونَظَّم تأبينًا، ونطق بصرخات مُرَّة، وصام حتى المساء، ولعن الموضع نفسه الذي استقبل دم شاول. لقد قال: "يا جبال جلبوع، لا يكن طلّ ومطر عليكن" (2صم 1: 21)، "يا جبال الموت، لأن هناك قد انتزع ملجأ الجبابرة".
هذا غالبًا ما يحدث مع الوالديْن، إذ يغلقان بيتهما، ويترنَّحان بالأسى في الشارع بطولِه الذي يسيران فيه إلى جنازة ابنهما. هكذا سلك هذا الرجل، فلَعنَ الجبال التي فيها تمَّ الذبح. وها هو يكره حتى المكان الذي سقط فيه (شاول). إنه يقول: لا يكون المطر النازل من العلو على الموقع، الذي وُجِدَ فيه مطر دم أصدقائي هناك.
كان يُرَدِّد اسميهما (شاول وابنه يوناثان) مرات ومرات بلا توقُّف، قائلاً: "شاول ويوناثان المحبوبان والحلوان في حياتهما لم يفترقا في موتهما" (2صم 1: 23). إذ لم يكن ممكنًا له تقبيل جسديهما (لعدم وجودهما)، ها هو يُطَوِّقهما بهذيْن الاسميْن، مُهَدِّئًا حزنه قدر المستطاع بذكر اسميهما، مُهَدِّئًا من بشاعة الكارثة...
في رأيه أنه ما كان يمكن ممارسة الحياة مع عزل الواحد عن الآخر.
هل أنتم منزعجون لهذا؟ هل أنتم تبكون؟ هل أفكاركم مُرتبِكة؟ وعيونكم تتحوَّل وتستعد لسكب الدموع؟
أسأل كل واحدٍ منكم أن يتذكَّر ذاك الذي احتمل العداوة والأذية، ومع ذلك هل لا تزال أذهانكم مُنفعِلة بالحزن؟
كان (داود) مُتعلِّقًا بهما وهما أحياء، ويرثيهما عند موتهما، ليس للاستعراض، بل من أعماق الذهن والنفس.
القديس يوحنا الذهبي الفم
 
قديم 22 - 03 - 2025, 02:00 PM   رقم المشاركة : ( 191335 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,326,211

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




انطلق داود النبي في سموٍ يَعْبُر فوق كل أشكال الصبر

في وسط هذه الضيقة المُرَّة وُجِدَتْ مجموعة ظنُّوا أن تعزيتهم تتحقَّق بالتمتُّع بالمسارح الخليعة عوض الالتجاء إلى الله الذي يهب الصبر مع الفرح والسلام، كما ينقذ مؤمنيه من الحزن المُهلِك المصحوب باليأس.
لهذا افتتح القدِّيس عظته الثالثة مُوضِّحًا خطورة الذهاب إلى المسارح التي تُثِير الشهوات، وتُفْسِد طهارة الفكر، فتُوَلِّد اليأس مع روح الانشقاق حتى داخل الأسرة.
بينما انطلق داود النبي في سموٍ يَعْبُر فوق كل أشكال الصبر في تعامله مع الملك شاول الذي لم يتوقَّف عن مُقاوَمة داود طالبًا رأسه.
 
قديم 22 - 03 - 2025, 02:02 PM   رقم المشاركة : ( 191336 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,326,211

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




التردد على المسارح المنحلّة

عُرِفَتْ المسارح المُنحلَّة بارتباطها بالإغراء على الرجاسات خلال الأغاني المثيرة للشهوة، والحركات غير اللائقة، والملابس المُعثِرة التي تنصب الشباك للسقوط في الزنا والانحلال، فلا يجد الإنسان سعادته في الحياة الأسرية. فيَحرِم المترددون عليها أنفسهم من الجو الكنسي الملائكي، بل وترفض الكنيسة أن يُعَرِّجوا بين الحياتين، فتحرمهم من الشركة في الأسرار المقدسة.
هنا يستعرض القدِّيس اشتياق الكنيسة إلى توبتهم، فيرجعون إلى الحياة المُقَدَّسة في الرب. يرفض القدِّيس عنف أتباع نوفاتيان Novatian الذين ينكرون إمكانية المغفرة للخطايا بعد العماد.
افتتح العظة بقوله: [أميل إلى التفكير في أن كثيرين من الذين هجرونا قبلاً، وتركونا لأجل المسارح المحظورة هم حاضرون اليوم. أود أن أوضح أن الذين هم وراء الأبواب المقدسة، لا يبقون هناك خارجًا على الدوام، بل يرجعون ثانية عندما يُصلَح أمرهم... فالرعاة يفرزون الحملان المُصابَة بالجرب بعيدًا عن الحملان السليمة، حتى يتخلَّصوا من المرض الخطير، ويعودوا مرة أخرى إلى الحملان السليمة بسلامٍ، حتى لا ينقل المرضى هذا الوباء إلى كل القطيع.
لتتأكدوا من هذا، إننا نريد أن نعرف هؤلاء الناس... هؤلاء الذين حُرِموا من حفظ شرائع لله وبقوا في الخارج لهم في نفس الوقت رجاء صالح. إن أرادوا إصلاح خطاياهم التي من أجلها صاروا خارج الكنيسة، يستطيعون أن يعودوا ثانية بضميرٍ صالحٍ.]
يدعو القدِّيس أهل أنطاكية إلى الصبر، وعوض انتقاد الإمبراطور على فرضه ضرائب ثقيلة، أن يتزيَّنوا بطول الأناة واحتمال من يُسِيئون إليهم.
كما يسألهم عوض كلمات النقد اللاذعة، أن ينطقوا بكلماتٍ رقيقةٍ نافعةٍ لهم وللمُستمِعين إليهم. لاحظ القدِّيس أن البعض لجأوا إلى المسارح بحجة أنهم يُنفِّسون عن شعورهم بالضيق بسبب تصرُّفات الإمبراطور.
إنه يدعوهم إلى طلب التعزيات الإلهية خلال التوبة، والاقتداء بطول أناة داود النبي، عوض البحث عن الملذَّات الجسدية.


 
قديم 22 - 03 - 2025, 02:02 PM   رقم المشاركة : ( 191337 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,326,211

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

[أميل إلى التفكير في أن كثيرين من الذين هجرونا قبلاً، وتركونا لأجل المسارح المحظورة هم حاضرون اليوم. أود أن أوضح أن الذين هم وراء الأبواب المقدسة، لا يبقون هناك خارجًا على الدوام، بل يرجعون ثانية عندما يُصلَح أمرهم... فالرعاة يفرزون الحملان المُصابَة بالجرب بعيدًا عن الحملان السليمة، حتى يتخلَّصوا من المرض الخطير، ويعودوا مرة أخرى إلى الحملان السليمة بسلامٍ، حتى لا ينقل المرضى هذا الوباء إلى كل القطيع.
لتتأكدوا من هذا، إننا نريد أن نعرف هؤلاء الناس... هؤلاء الذين حُرِموا من حفظ شرائع لله وبقوا في الخارج لهم في نفس الوقت رجاء صالح. إن أرادوا إصلاح خطاياهم التي من أجلها صاروا خارج الكنيسة، يستطيعون أن يعودوا ثانية بضميرٍ صالحٍ.]

القديس يوحنا الذهبي الفم
 
قديم 22 - 03 - 2025, 02:03 PM   رقم المشاركة : ( 191338 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,326,211

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




دعوة للاقتراب من داود النبي

من أهم ملامح كتابات القديس يوحنا الذهبي الفم، ارتباطه ببعض شخصيات من الكتاب المُقَدَّس بل وتعلُّقه بهم، خاصة مُعَلَّمنا بولس الرسول وأيوب البار. فمن كلماته:
[ماذا يحدث لي؟ لنهرب سريعًا، فإن بولس يستولي عليَّ، ويبعد بي خارج الموضوع!
أنتم تعلمون أنني كثيرًا ما أطارد فكرة معينة، وإذا بي أسقط فجأة على بولس، فيحتجزني بقوة عن كلامي، ولا أقدر أن أنفصل عنه حتى النهاية.]
[إني أحرص على قراءة رسائل الطوباوي بولس مرتيْن أسبوعيًا، وغالبًا ثلاث دفعات أو أربع كل أسبوع عند الاحتفال بذكرى الشهداء والقدِّيسين. أنعم بالبوق الروحي بسرور، أنهض متقدًا بالرغبة في التعرُّف على الصوت العزيز عليَّ. يخيل لي أني أهواه تمامًا، بل كأنه حاضر أمام بصيرتي. أمسك به، وأتحدَّث معه.]
ولقد قال إنيانوس من Celeda في القرن الخامس، إن القدِّيس يوحنا لم يصف الرسول العظيم بولس، بل كان كمن يُقِيمه من الأموات، ليجعل منه مثلاً حيًا للكمال المسيحي.
أما في الفترة الأخيرة من حياة القدِّيس يوحنا، حيث دخل في لُجَّة التجارب، فقد وجد في أيوب البار صديقًا. تعلَّقَت نفسه به كشريك معه في الآلام، متى كتب عنه ينسى نفسه. كتب: "يبدو لي أن حُبِّي للبطل قد جرفني بعيدًا عن الموضوع الماثل أمامي".
v اذكروا أنه من المعتاد بالنسبة للرسَّامين الذين يعزمون على تقديم صورة لشخصٍ ما أن يقتربوا منه ويمكثوا بجواره يومًا أو يومين أو ثلاثة لكي يتأكدوا أنهم يُقَدِّمون الصورة بدقةٍ بدون خطأ بالجلوس المُتكرِّر معه. ولما كان هدفنا أن نقدم مشهدًا لا للخطوط العريضة لجسد (داود) بل للجمال والكمال الروحي لنفسه. نزمع أن يجلس داود ملتصقًا بكم اليوم حتى يمكنكم جميعًا أن تتطلعوا إليه، وينطبع كمال البار على نفوسكم شخصًا شخصًا، وأيضًا وداعته ولطفه وكل فضيلةٍ له.
وفي النهاية إن كانت الصور الجسدية تُعطِي نوعًا من الراحة لمشاهديها، بالأكثر يتحقَّق ذلك بصور النفس. بينما لا يمكن رؤية الأولى في كل وضع، ويلزم الجلوس في مكان مُعَيَّن معه، فإنه لا يوجد ما يمنعكم بالنسبة لرؤية الثانية، ترونها أينما وُجِدْتم. وذلك بوضعها في أعماق الذهن أينما كنتم، فتنظرونها على الدوام، وتنالون منها منافع كثيرة... إن وضعتم صورة داود على الدوام أمام أعينكم، وتحملقون فيها، فإنه مع الوقت مرة فأخرى بالتطلع إلى صورة الفضيلة تنالون شفاءً كاملاً، وتتمتَّعون بالقِيَم السليمة النقية.
القديس يوحنا الذهبي الفم
 
قديم 22 - 03 - 2025, 02:04 PM   رقم المشاركة : ( 191339 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,326,211

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

ارتباطه ببعض شخصيات من الكتاب المُقَدَّس بل وتعلُّقه بهم،
خاصة مُعَلَّمنا بولس الرسول وأيوب البار. فمن كلماته:
[ماذا يحدث لي؟ لنهرب سريعًا، فإن بولس يستولي عليَّ، ويبعد بي خارج الموضوع!
أنتم تعلمون أنني كثيرًا ما أطارد فكرة معينة، وإذا بي أسقط فجأة على بولس، فيحتجزني بقوة عن كلامي، ولا أقدر أن أنفصل عنه حتى النهاية.]
[إني أحرص على قراءة رسائل الطوباوي بولس مرتيْن أسبوعيًا، وغالبًا ثلاث دفعات أو أربع كل أسبوع عند الاحتفال بذكرى الشهداء والقدِّيسين. أنعم بالبوق الروحي بسرور، أنهض متقدًا بالرغبة في التعرُّف على الصوت العزيز عليَّ. يخيل لي أني أهواه تمامًا، بل كأنه حاضر أمام بصيرتي. أمسك به، وأتحدَّث معه.]

القديس يوحنا الذهبي الفم
 
قديم 22 - 03 - 2025, 02:04 PM   رقم المشاركة : ( 191340 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,326,211

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


v اذكروا أنه من المعتاد بالنسبة للرسَّامين الذين يعزمون على تقديم صورة لشخصٍ ما أن يقتربوا منه ويمكثوا بجواره يومًا أو يومين أو ثلاثة لكي يتأكدوا أنهم يُقَدِّمون الصورة بدقةٍ بدون خطأ بالجلوس المُتكرِّر معه. ولما كان هدفنا أن نقدم مشهدًا لا للخطوط العريضة لجسد (داود) بل للجمال والكمال الروحي لنفسه. نزمع أن يجلس داود ملتصقًا بكم اليوم حتى يمكنكم جميعًا أن تتطلعوا إليه، وينطبع كمال البار على نفوسكم شخصًا شخصًا، وأيضًا وداعته ولطفه وكل فضيلةٍ له.
وفي النهاية إن كانت الصور الجسدية تُعطِي نوعًا من الراحة لمشاهديها، بالأكثر يتحقَّق ذلك بصور النفس. بينما لا يمكن رؤية الأولى في كل وضع، ويلزم الجلوس في مكان مُعَيَّن معه، فإنه لا يوجد ما يمنعكم بالنسبة لرؤية الثانية، ترونها أينما وُجِدْتم. وذلك بوضعها في أعماق الذهن أينما كنتم، فتنظرونها على الدوام، وتنالون منها منافع كثيرة... إن وضعتم صورة داود على الدوام أمام أعينكم، وتحملقون فيها، فإنه مع الوقت مرة فأخرى بالتطلع إلى صورة الفضيلة تنالون شفاءً كاملاً، وتتمتَّعون بالقِيَم السليمة النقية.

القديس يوحنا الذهبي الفم
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 09:40 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025