![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 122131 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() حوى القسم الأول من السفر مجموعة من الأحداث المختارة من حياة دانيال النبي ورفقائه الثلاثة، تكشف عن اهتمام الله بالقلَّة القليلة المقدسة، حتى وإن كانت مسبيّة ومحرومة من أرض الموعد ومن المدينة المقدسة "أورشليم" وهيكل الرب. هذه الأحداث تكشف عن اهتمام الله أيضًا بكنيسته حتى في لحظات تأديبها، وتؤكد أن التاريخ كلُّه في قبضة الله ضابط الكل، الذي يعمل بخطته الإلهية الفائقة. أما القسم الثاني فيحوي أربع رؤى تمتع بها دانيال، بدأت من قبل أن تنتهي الأحداث السابقة، تسير جنبًا إلى جنب تاريخيًا مع ما ورد في الأصحاحين 5-6. الرؤيا الأولى: في السنة الأولى من مُلك بيلشاصَّر. الرؤيا الثانية: في السنة الثالثة من مُلك بيلشاصَّر. الرؤيا الثالثة: في السنة الأولى لداريوس المادي. الرؤيا الرابعة: في السنة الثالثة لكورش. في هذه الرؤى يُقدم لنا روح الله تاريخ الخلاص منذ أيام دانيال حتى مجيء السيِّد المسيح الأخير، كما يُقدم مفهوم الخلاص بكونه إقامة ملكوت الله في حياة المؤمنين من كل الأمم، ليدخل بهم إلى المجد السماوي. فتفتح هذه الرؤى قلوب المؤمنين من اليهود لقبول الأمم معهم في الإيمان بالمسيا المخلِّص. يرى Harrisonأن التنظيم العام للسفر يوحي لنا بأن السفر كتبه دانيال نفسه، أو أنه كُتب بعده بفترة قصيرة لا تتعدى منتصف القرن الخامس ق.م. |
||||
|
|||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 122132 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() الرؤى والنقاد الحديثون: أولًا: أثار النقاد مناقشات كثيرة ولسنوات طويلة حول هذه الرؤى. وكما سبق أن تحدثنا في مقدمة السفر، أن أغلب هذه المناقشات دارت حول الإمبراطوريات الأربع المؤقتة، وحسبوا أنها: بابل، ومادي، وفارس، واليونان. اعتمدوا في هذا على الظن بأن كاتب السفر يُشير إلى وجود دولة مادي المستقلَّة، قامت بين سقوط بابل وقيام كورش الفارسي (دا 5: 31). على أي الأحوال فإن تاريخ مملكة مادي لا يترك مجالًا لمثل هذا الافتراض . كما أن القراءة الدقيقة لسفر دانيال تؤكد أنه لم يكن في ذهن الكاتب هذا الافتراض.
ظن كثير من الدارسين أن واضع سفر دانيال تبع ما ورد خطأ في إشعياء (إش 13: 17، 21: 2) وإرميا (إر 51: 11، 28) بأن مادي هي التي تنتصر على بابل دون ذكر "فارس". وكأن واضعو أسفار إشعياء وإرميا ودانيال الثلاثة قد أخطأوا في الظن بأن مملكة مادي وحدها تُحطم الإمبراطورية البابلية. أوضح Rowleyأن كاتب سفر إشعياء وإن كان قد تحدث عن مادي بكونها تهز كيان بابل، لكنه حينما يتحدث عنها إنما يقصد المملكة المشتركة "فارس (عيلام) ومادي"، إذ جاء في السفر: "قد أُعلنت ليّ رؤيا قاسية. الناهب نهبًا، والمخرِّب مخربًا. اصعدي يا عيلام، حاصري يا مادي" (إش 21: 2). وكما يقول Harrison أن الاكتشافات الخاصة بالآثار تظهر أنه يجوز لإشعياء وإرميا أن يُشيرا إلى مادي كغالبة لبابل. كمثالٍ تحدث نابونيدس البابلي عن الأحداث التي تمت في عهده وعن نفيه في جنوب العربية لمدة عشرة سنوات إلى ملك مادي، وذلك في عام 546 ق.م، أي بعد أربع سنوات من ذوبان مادي مع فارس بواسطة كورش، إذ كان الذين من مادي يحتلُّون مركزًا رئيسيًا في هزيمة بابل، لكنهم لم يكونوا جيشًا مستقلًا بل جزءً لا يتجزأ من الجيش الذي تحت قيادة كورش الفارسي. بهذا يتضح أن الأمر لم يكن فيه التباس في ذهن إشعياء أو إرميا ولا في ذهن دانيال بخصوص مملكة مادي وفارس كما ظن كثير من الناقدين المتآخرين لهذه الأسفار. ثانيًا: اعتمد أيضًا بعض النقاد الحديثين على ما ورد في هذه الرؤى بخصوص القرن الصغير في (دا 7: 8؛ 8: 9)، حاسبين أن ما ورد في النص الأول يخص أنطيوخس أبيفانس الذي ارتبط بالوحش الرابع، وكأن المملكة الرابعة هي اليونان لا الإمبراطورية الرومانية. لكنه من الواضح أن سمات القرن الصغير الواردة في (دا 7: 8) تختلف تمامًا عن سمات المذكور في (دا 8: 9)، كما يختلف عملهما عن بعضهما البعض. وكما سنرى فإن ما ورد في (دا 7: 8) يخص ضد المسيح الذي يُحارب قديسي الله قبل المجيء الثاني للسيِّد المسيح، أما ما ورد في (دا 8: 9) فيتحدث عن أنطيوخس أبيفانس قبل ظهور الإمبراطورية الرومانية، وهي رمز لضدّ المسيح. ثالثًا: ما ورد عن الصراع بين البطالسة في مصر والسلوقيِّين في سوريا كما ورد في الأصحاح العاشر بدقةٍ وتفصيلٍ جعل بعض النقاد ينكرون ما ورد هنا كرؤيا، ويحسبونها عرضًا تاريخيًا كُتب بعد حدوثها، وقد سبق لنا الرد على ذلك في مقدمة السفر. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 122133 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() من التاريخ إلى الرؤيا: يبدو سفر دانيال بشقيه الرئيسين: القسم التاريخي والقسم الرؤيوي، كأنه كتابان، لكل منهما أسلوبه وسماته الخاصة به، لكن وحدة السفر واضحة جدًا، ليس فقط في تأكيد أن الله ضابط التاريخ والمؤسس لملكوته الروحي الذي يمتد في العالم كله، ومخلِّص المؤمنين به الذين يعانون وسيعانوا من الضيق الشديد، وإنما يظهر الاتفاق العجيب بينهما في عرض الأحداث المستقبلية منذ أيام دانيال حتى نهاية الدهور. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 122134 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() بين حلم نبوخذنصَّر ورؤيا دانيال: عوض تفسير دانيال لأحلام الملوك وُهب رؤى يفسرها له ملاك؛ والرؤيا التي بين أيدينا في هذا الأصحاح لا تحتاج إلى تفسيرٍ تاريخي حيث قدم للنبي التفسير. بصفة عامة جاءت هذه الرؤيا تحمل نفس أساس حلم نبوخذنصَّر الوارد في الأصحاح الثاني، ولكن بمعانٍ مختلفة مع إضافات. فقد رأى تحول المملكة من أشور إلى بابل (سنة 612 ق.م)، ومن بابل إلى فارس (سنة 539 ق.م)، ومن فارس إلى الإسكندر الأكبر (سنة 331 ق.م)، ومن المقدونيِّين إلى الدولة الرومانية التي بدأت في (سنة 63 ق.م). رأى نبوخذنصَّر، الذي يمثل الإنسان الطبيعي، ممالك العالم العظيمة ممثلة في تمثالٍ لرجلٍ عظيمٍ، وكان التمثال معدنيًا برأسٍ ذهبيٍ. أما دانيال، الإنسان الروحي، فرآها ممثلة في أربعة حيوانات مفترسة قاتلة وجائعة، تتحدث عن الجانب الأخلاقي لإمبراطوريات العالم. ما رآه نبوخذنصَّر يمثل النظرة البشرية للممالك الأربع، إذ تركز على الغنَى والعظمة والسلطة، أما ما رآه دانيال فيُمثل نظرة الله إلى هذه الممالك عينها حيث يراها وحوشًا مفترسة تخرج كل منها لتفترس سابقتها. الأول رآها من الزاوية السياسية كملكٍ ممتص بكل تفكيره في السلطة، أما دانيال فيشغله انتصار مملكة الحق وزوال الشرّ بكل جبروته. رأى نبوخذنصَّر السيِّد المسيح كحجرٍ صغيرٍ ينمو فيملأ الأرض كلها، أما دانيال فرآه بطريقة مباشرة ابن الإنسان الممجد (13-14)، جاء ليقيم مملكته الروحية الأبدية في حياة البشرية. لم يرَ نبوخذنصَّر ضد المسيح، أما دانيال فرآه بكونه الملك الشرير يظهر في الأيام الأخيرة في شيء من التفاصيل. كلًا من حلم نبوخذنصَّر ورؤية دانيال قد سُجلا لنفع الشعب اليهودي المسبي والبابليِّين، كما لنفع الأجيال المقبلة. في هذه الرؤيا تختلف كل إمبراطورية عن الأخرى، لكن الكل يشترك معًا في العُنف والوحشية (وحوش أربعة) وعدم التعقل. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 122135 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() تاريخ الرؤيا: "في السنة الأولى لبيلشاصَّر ملك بابل رأى دانيال حُلمًا ورؤى رأسه على فراشه. حينئذ كتب الحلم، وأخبر رأس الكلام" [1]. وُهب دانيال هذه الرؤيا خلال السنة الأولى من ملك بيلشاصَّر آخر ملوك بابل (556-539 ق.م.)، فمن الجانب التاريخي يأتي هذا الأصحاح قبل الأصحاحين [5-6]؛ أي أن زمن هذه الرؤيا عام 555 ق.م. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 122136 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() البحر الكبير: "أجاب دانيال وقال: كنت أرى في رؤياي ليلًا، وإذا بأربع رياح السماء هجمت على البحر الكبير" [2]. في الليل، أي في هذا العالم قبل أن يُشرق عليه شمس البرّ، في ظلام الفساد الذي لا نور له، رأى البحر الكبير الذي ندعوه حاليًا البحر الأبيض المتوسط. 1. كانت حدود الأربع ممالك العظيمة هو البحر الأبيض المتوسط، وجاءت عاصمة المملكة الأخيرة "روما" على ساحله، لذا فمن المناسب أن تظهر الحيوانات الأربعة صاعدة منه. 2. يُشير البحر في الكتاب المقدس رمزيًا إلى شعوبٍ وجماهيرٍ وأممٍ وألسنةٍ (رؤ 17: 15؛ لو 21: 25؛ إش 57: 20). 3. يرمز البحر العظيم بأمواجه إلى حالة الاضطراب الدائم أو عدم الاستقرار... هذه سمة اشتركت فيها الممالك الأربع. يرى البعض أن البحر الكبير هنا ليس هو البحر الأبيض المتوسط كما في (يش 9: 1)، وإنما هو الهاوية مسكن إبليس، الذي في كل جيل يبعث بخدامه للعمل لحساب ملكوته، ومقاومة ملكوت الله. والبحر أيضًا يمثل الاضطراب، فإن عدو الخير تقوم مملكته على بث روح الاضطراب والقلق، لذا في السماء الجديدة والأرض الجديدة لا يكون بحر بعد (رؤ 21: 1). يرى اليهود أن التنِّين، رمز إبليس، يسكن في البحر (إش 27: 1). وأن الكنيسة المستيقظة اللآبسة القوة التي تعمل بذراع الرب تجفف البحر وتطعن التنِّين: "استيقظي، استيقظي، ألبسي قوة يا ذراع الرب... ألستِ أنتِ القاطعة رهب، الطاعنة التنِّين؟!" (إش 51: 9، 10). لذا تترنم قائلة: "أنت شققت البحر بقوتك، كسرت رؤوس التنانين على المياه. أنت رضضت رؤوس لوياثان" (مز 74: 13-14). رياح السماء الأربع: تُشير إلى وكالات الله الخفية العاملة. هذا وتُشير الريح إلى الروح القدس الذي يعمل في الخفاء (يو 3: 8)، إذ "ريح" و"روح" في العبرية كما في اليونانية كلمة واحدة. وكأن ما يراه النبي هنا صادر من السماء بسماحٍ إلهيٍّ، حيث يعمل روح الله لحساب ملكوته السماوي حتى وإن بدت الأحداث مُرّة أو مقاومة لعمل الله. * أظن أن الأربع رياح السماء هي قوات ملائكية عُهدت إليها الرئاسات، وذلك في توافق مع ما جاء في سفر التثنية: "حين قسَّم العليّ للأمم، حين فرق بني آدم نصب تُخومًا لشعوب حسب عدد الملائكة؛ إن قسم الرب هو شعبه؛ يعقوب حَبْلُ نصيبه (ميراثه)" (تث 32: 8LXX ). لكن البحر يعني هذا العالم والزمن الحاضر، وقد غطّته الأمواج المالحة المُرّة، وذلك كتفسير الرب عن الشبكة المُلقاة في البحر (مت 13). هكذا أيضًا يُوصف ملك كل الخلائق القاطنة في المياه كتنِّينٍ، تُضرب رؤوسه في البحر كقول داود (مز 73). ونقرأ في عاموس: "وإن اختفى في قعر البحر فمن هناك آمر التنِّين فيعُضه" (عا 9: 3 LXX)... أما عن الرياح الأربع التي تهب على البحر العظيم، فتُدعى "رياح السماء" لأن كل ملاك يمارس في حدود اختصاصه ما هو ملتزم به . القديس جيروم ولعله يقصد برياح السماء الأربع أن ما سيحدث بخصوص الإمبراطوريات الأربع إنما هو في مهب الريح، لا تحمل الممالك استقرارًا، وليس في يد إنسان أن يُغيِّر الأحداث التي يعلنها الله له. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 122137 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() الوحش الأول: بابل: "وصعد من البحر أربعة حيوانات عظيمة هذا مخالف ذاك. الأول كالأسد وله جناحا نسرٍ. وكنت أنظر حتى أنتتف جناحاه، وانتصب على الأرض، وأوقف على رجلين كإنسان، وأُعطي قلب إنسان" [3-4]. في [17] تُشير الحيوانات الأربعة إلى أربعة ملوك بينما في [23] يُشير الحيوان الرابع إلى المملكة الرابعة. واضح أن كل مملكة من الممالك عُرفت بملك خاص له دوره الرئيسي في المملكة ككلٍ. فنبوخذنصَّر يمثل مملكة بابل، بينما كورش يمثل مملكة فارس، والإسكندر الأكبر يمثل المملكة اليونانية (المقدونية)، أما المملكة الرومانية فأُشير إليها في سفر الرؤيا بالوحش (رؤ 13). يُشار إلى مملكة بابل بأسدٍ مجنحٍ، أي يمتاز بالقوة والافتراس مع سرعة الحركة، إذ كادت الدولة البابلية أن تستولي على العالم كلُّه في فترة وجيزة. في حزقيال 17 أُشير إلى بابل بالنسر الطائر، حيث تلتقط فريستها بسرعة، ولا يستطيع أحد اللحاق بها. يقول القديس جيروم: [أما عن حقيقة أن لها جناحا نسر، فهذا يُشير إلى كبرياء المملكة الكلية القوة، والحاكم الذي أُشير إليه في إشعياء: "أرفع كرسيّ فوق كواكب السماء، أصير مثل العليّ" (إش 14: 14). لذلك قيل: "إن كنت ترتفع كالنسر... فمن هناك أُحدِرك" (عد 4). علاوة على هذا، كما يحتل الأسد رتبة ملوكية بين الوحوش، هكذا يحتل النسر بين الطيور ]. نظر دانيال النبي المملكة البابلية وقد اُنتُتف جناحاها وانتصب على الأرض، أي بدأت تنهار، حيث صارت عاجزة عن الطيران. حينما يُعرف إنسان بشجاعته يقال عنه "صاحب قلب الأسد Lion-hearted"، مثل الملك ريتشارد، أما هنا فنجد أسدًا صاحب قلب إنسان. من الخارج يبدو أسدًا شجاعًا وسط الوحوش، وفي الداخل مملوء خوفًا كإنسان أعزل وسط وحوش مفترسة. هذا ما حدث مع بابل في أيام بيلشاصَّر. يترجم القديس جيروم الكلمة الأرامية aryeh لبوة بالمؤنث. ويقول: [لم تُدع مملكة البابليِّين أسدًا بل "لبؤة"، وذلك بسبب وحشيتها وقسوتها، أو بالأحرى بسبب ترفها واتسام حياتها بالانغماس في الشهوات]. كما يقول: [يؤكد كتَّاب التاريخ الطبيعي أن اللبؤات أكثر شراسة من الأسود، خاصة متى كن يُرضعن فهودًا، وهن شهوانيات على الدوام في العلاقات الجنسية]. يقول القديس هيبوليتس الروماني: [عند الحديث عن لبؤة صاعدة من البحر يعني صعود مملكة بابل، وهي بعينها رأس التمثال الذهبي. وأما الحديث عن جناحي نسر فيعني الملك نبوخذنصَّر الذي تعالى وتشامخ بمجده ضد الله. عندئذ قيل "اُنتُتف جناحاه"، أي تحطم مجده، إذ طُرد من مملكته. أما الكلمات "وأُعطيَ قلب إنسان وأوقف على رجلين كإنسان" فيعني أنه رجع إلى نفسه وعرف أنه مُجرَّد إنسان، مُعطيًا المجد لله]. يقول القديس جيروم: [إن فهمنا ذلك عن نبوخذنصَّر، واضح جدًا أنه بعد أن فقد مملكته اُنتزعت عنه قوته، ثم أعيد إلى حاله الأصلي وتعلَّم ليس فقط أن يكون إنسانًا بدلًا من لبؤة، بل ويسترد قلبه الذي فقده. من جانب آخر يمكن فهم ذلك وتطبيقه على مملكة الكلدانيِّين بوجه عام، فيعني هذا أنه بعد قتل بيلشاصَّر حيث احتل مادي وفارس السلطة الإمبريالية تحقق رجال بابل أن طبيعتهم واهية ووضيعة أكثر من الكل]. مملكة بابل: أ. أسَّسها نابوبلاسر الأول بعد أن تمرد على مملكة أشور في الشمال واستقل عنها وكوَّن مملكة بابل الجديدة. وفي عام 612 ق.م دمرَّ نينوى وحرقها. ب. نبوخذنصَّر (606-562)، قام بفتوحات كثيرة، وأسَّس مدينة بابل ومعابد مردوخ، وغزا أورشليم على ثلاث مرات (606، 599، 587 ق.م). وفي المرة الأخيرة هدم الهيكل وأحرقه وخرَّب أورشليم، فأُوقفت المحرقة الدائمة طوال مدة الأسر. ج. وآبل مردوخ (562-560 ق.م)، عفي عن يهوياكين ملك يهوذا. د. نرجال شالاسر (560-556 ق.م)، وهو زوج أخت الملك السابق. ه. نابونيدس والد بيلشاصَّر (556-539 ق.م)، حيث انتهت دولة بابل في أيامه. تنازل عن المُلك لابنه، وعندما غزا كورش بابل قتل بيلشاصَّر واستبقى والده الذي كان غالبًا خارج مدينة بابل، وبقي معتزلًا العمل السياسي إلى يوم وفاته. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 122138 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() الوحش الثاني: مادي وفارس: "وإذا بحيوان آخر ثانٍ شبيه بالدب، فارتفع على جنبٍ واحدٍ، وفي فمه ثلاث أضلعٍ بين أسنانه، فقالوا له هكذا: قمْ كُلْ لحمًا كثيرًا" [5]. أهم سمات الدب قوته وشراسته مع جبنه. وقد عرف عن مملكة فارس ومادي أنها لم تغلب أعداءها خلال المهارة العسكرية وسرعة التحرك، وإنما خلال اقتحام البلاد بأعداد ضخمة من المقاتلين، ففي حرب أحشويرش ضد اليونان حارب حوالي 2.5 مليون مقاتلًا، بجانب 2.5 مليونًا من الحلفاء التابعين له، فكان معسكره يضم حوالي 5 مليونًا، فمتى دخلوا مدينة يسببون لها دمارًا بسبب كثرة العدد، يسببون مجاعات لاستيلائهم على المواد الغذائية لاحتياجات الجيش. ارتفع على جنب واحد، لأن المملكة تتكون من أمتين هما مادي الأقدم وبعدها فارس، لكن بعد فترة بسيطة سيطرت فارس على مادي. ويرى القديس جيرومأن ارتفاع الدب على جنب واحد يُشير إلى أن مملكة فارس وإن كانت شرسة مع الشعوب لكنها كانت مُترفقة مع اليهود. تعامل الشعوب الأخرى بطريقة واليهود بطريقة أخرى، أي تقف على جانب واحد. الثلاثة أضلع التي بين أسنانه هي المدن البابلية الرئيسية بابل وإكباتانا Ecbatana وبورسيبا Borsippa. هذه المدن افتتحتها جيوش كورش. وربما تُشير إلى الممالك التي التهمتها: ليديا وبابل ومصر . ويرى القديس هيبوليتس الروماني أنها تُشير إلى ثلاث أمم: "مادي وفارس وبابل" حيث التقت معًا تحت لواء الإمبراطورية الفارسية. أما ملوك فارس فهم: أ. كورش الثاني Cyrus II (559-530 ق.م)، دعاه إشعياء النبي "كورش مسيح الرب"، لأنه عفي عن اليهود وأصدر أمرًا بالرجوع الأول من سبي بابل في عهد زربابل وتصريحه له بإعادة بناء الهيكل في أورشليم، وأعاد إليهم كل آنية الهيكل التي كان قد نهبها نبوخذنصَّر. وكورش هذا كان قد بدأ ملكه في الجزء الشمالي عام 559 ق.م. لكنه تمكن من ضم بابل، وهي الجزء الجنوبي في عام 539 ق.م. بعد أن هزم بيلشاصَّر آخر ملوك بابل الذي كان يقوم في ذلك الوقت بفتوحات جديدة في الجزيرة العربية. ب. قمبيز Cambyses (530-522 ق.م). ج. المدعو أسميردس Smerdis-Pseudo (522 ق.م). د. داريوس الأول Darius I (522-486 ق.م). ه. أحشويرش الأول Xerxes I (486-465 ق.م) سفر إستير. و. أرتحشتا الأول Artaxerxes I (465-424 ق.م). سفر نحميا. ز. أحشويرش الثاني Xerxes II (424-423 ق.م). ح. داريوس الثاني Darius II (423-404 ق.م). ط. أرتحشتا الثاني Artaxerxes II (404-8/359 ق.م). ي. أرتحشتا الثالث Artaxerxes III (8/359-7/338 ق.م). ك. أرسيس Arses (7/338-5/336 ق.م). ل. داريوس الثالث Darius III (6/337-5/336 ق.م). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 122139 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() الوحش الثالث: الإمبراطورية اليونانية: "وبعد هذا كنت أرى وإذا بآخر مثل النمر، وله على ظهره أربعة أجنحة طائرة. وكان للحيوان أربعة رؤوس، وأُعطيَ سلطان" [6]. مع أنه أصغر من الأسد في حجمه لكن له أربعة أجنحة وأربعة رؤوس. إن كانت إمبراطورية اليونان أقل من إمبراطورية بابل كما أن النمر أصغر من الأسد لكن إسكندر الأكبر كان أكثر حركة وأسرع من الأباطرة البابليِّين، لذا ظهر في النمر 4 أجنحة؛ كمن يطير في كل جهات العالم الأربع. الأجنحة الأربعة تُشير إلى سرعة مضاعفة في التحرك والنصرة، ففي حوالي عشرة سنوات هزم الإسكندر الأكبر مؤسس الإمبراطورية اليونانية عام 333 ق.م. قوات فارس، وأخضع كل العالم الممتد في ذلك الحين ومنها مصر وفلسطين(177)، والأربعة رؤوس تُشير إلى تقسيم المملكة إلى أربعة أقسام بعد موت الإسكندر الأكبر في الرابعة والثلاثين من عمره مباشرة على قواده الأربعة: سلوقس الذي صار ملكًا على سوريا وبطليموس الذي ملك على مصر وإسرائيل وفلسطين. والثالث ملك على مقدونية، والرابع على تراثيا Thrace. وكما يقول القديس جيروم: [لم تحدث أية نصرة أسرع من تلك التي للإسكندر، فقد عبر كل الطريق من الليرقيوم Illyricum والبحر الأدرياتيكي إلى المحيط الهندي ونهر جانجز Ganges، ليس مجرد يدخل في معرك بل ينال نصرات مصيرية قوية، وفي ست سنوات أخضع لحكمه نصيبًا من أوروبا وكل أسيا]. مع ذكائه الحاد وقدراته العسكرية لكن ما حققه إنما لأنه أُعطي سلطان من قبل الله. وكما يقول القديس جيروم:[بالقول "فأُعطى سلطانًا" يظهر أن الإمبراطورية لم تقم ثمرة شجاعة الإسكندر وإنما بإرادة الله]. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 122140 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() الوحش الرابع: الإمبراطورية الرومانية: احتل الحديث عن الإمبراطورية الرومانية النصيب الأكبر من الأصحاح. على خلاف الحيوانات السابقة، رُمز إليها بحيوان لم يَر له دانيال النبي شبيهًا، ولم يسمع عنه، فإنه لا يوجد في عالم الوحوش المفترسة ما يحمل سمة الشراسة والعنف مثل هذه الإمبراطورية. يقول القديس جيروم: [رأينا في الحيوانات السابقة رموزًا متنوعة للرعب، لكن تركزت هذه كلها في هذا الحيوان الواحد]. ويقول أيضًا: [ربما كان ذلك ليظهر الحيوان بشكلٍ مرعبٍ؛ بالحقيقة لم يعطِه اسمًا، حتى نفهم من ذلك أن الرومان قد شاركوا في أبشع السمات شراسة يمكن أن نفكر فيها بالنسبة للوحوش... إنهم كحيوانٍ يفترس ويسحق ويدوس كل الباقين بقدميه. هذا يعني أن الرومان إما يذبحون الأمم، أو يخضعونهم للجزية والعبودية]. بدأت مملكة الرومان من سنة 63 ق.م. وامتدت فتوحاتها حتى احتلت أراضي مملكتيّ بابل وفارس القديمة ومصر سنة 47 ق.م. "بعد هذا كنت أرى في رؤى الليل، وإذا بحيوانٍ رابعٍ هائلٍ وقويٍّ وشديدٍ جدًا، وله أسنان من حديدٍ كبيرة. أكل وسحق وداس الباقي برجليه. وكان مخالفًا لكل الحيوانات الذين قبله. وله عشرة قرون" [7]. هذا الحيوان أكثر قوة من الحيوانات السابقة: "هائل وقوي وشديد جدًا، وله أسنان من حديدٍ ومخالب من نحاسٍ" (الترجمة السبعينية). يُقابل قدميّ التمثال الذي رآه نبوخذنصَّر "بعضهما من حديد والبعض من خزف" (دا 2: 33). يقول القديس هيبوليتس الروماني أن أصابع القدمين العشرة التي بعضها من حديد والأخرى من خزف تُقابل العشرة قرون التي لهذا الحيوان، وهي تُشير رمزيًا للملوك العشرة الذين قاموا من هذه المملكة . وُصف هذا الحيوان بأنه هائل وقوي وشديد جدًا، لأنه لا يُقارن بالنسبة للمالك السابقة. حقًا لقد أخضع الإسكندر الأكبر أغلب دول العالم، لكنه كان يطلب الشهرة لا السيطرة، وإذ تحققت أحلامه وهب الدول الخاضعة له الكثير من الحرية. أما الرومان فأخضعوا العالم وصاروا سادته العنفاء. أخضعوا آسيا الصغرى وسوريا وكيليكية واليونان ومقدونية وأسبانيا وبلاد الغال وجزء من ألمانيا. خضعت كل دول البحر الأبيض المتوسط لها. حقًا كان لمصر ملوكها، لكنهم خضعوا للجزية؛ وكل قانون يصدره الرومان يُطبق فورًا في مصر. لقد تركوا ولاة في آسيا الصغرى، لكنهم كانوا جواسيس لحساب الرومان. يوليوس قيصر هو أول من دخل بريطانيا بعد إخضاع الغال إلخ. لهذا كله دعاها دانيال بالوحش الهائل والقوي والشديد جدًا. "وله أسنان من حديد كبيرة" [7]، إشارة إلى افتراسها العنيف مع طمعها الشديد. كانت أفضل محاصيل العالم وموارده تُنقل إلى روما، دون أن تشبع. لم تكن الإمبراطورية تهتم باحتياجات الدول المستعمرة بل تسحقها وتدوسها بأقدامها. كان الأباطرة يبعثون سفراءهم إلى الدول بحجة الحفاظ على أمن الدولة وسلامها، وكان همّهم الأول التجسُّس لحساب الأباطرة، ونقل كل ما هو ثمين إليهم. يظن بعض النقاد الحديثين أن هذا الحيوان يُشير إلى السلوقيِّين، ورؤوسه العشرة هم الملوك: سلوقس الأول، أنطيوخس سوتير، أنطيوخس الثاني، سلوقس الثاني، سلوقس الثالث، أنطيوخس الثالث، سلوقوس الرابع، هليودورس، بطليموس السادس، ديمتريوس، والقرن القوي هو أنطيوخس أبيفانيوس الذي داس الثلاثة ملوك الأخيرين. لكن الرأي الأرجح هو أن الحيوان الرابع يُشير إلى الإمبراطورية الرومانية. وهو حيوان غريب لا شبيه له، لأن الدولة الرومانية لم تفرض ثقافتها على الدول التي استعمرتها. كان كل ما يشغلها هو السلطة العسكرية وجمع الجزية. امتازت بالإدارة والتنظيم ولم تُبالِ بفكر ثقافي معين، لذا صارت الدولة تحمل ثقافات متنوعة، كل بلد حسب رغبته. يرى البعض في القرون العشرة إشارة إلى الاضطهادات العشر التي مارسها الرومان ضد الكنيسة، ويرى آخرون أنها تمثل ممالك سوف تبرز إلى الوجود خلال المرحلة الثانية من تاريخ الحيوان. ولا يستتبع ذلك بالضرورة أن هذه الممالك يجب أن تقوم بعد ضعف روما. إذ جل ما يستنتج من ذلك كون هذه الممالك يمكن رد أصلها إلى روما، وهي متعاصرة فقط بمعنى وجودها في حقبة معينة، فليس من الضروري أن تكون متعاصرة بالفعل. ظن بعض اليهود أنه يعني هنا قيام عشرة ملوك يحكمون معًا في روما، لكن واضح أن رقم 10 في الكتاب المقدس يعني الكثرة، فقد أقام الأباطرة الرومان ولاة كثيرين على مستعمراتهم، واليًا على سوريا وآخر على مقدونية وثالث على أسبانيا إلخ. وكان لهم حقوق أشبه بحقوق الملوك، يفعلون ما يريدون، لكنهم يخضعون للإمبراطور، ويُطيعون قوانينه التي يصدرها، الذي كان يحسب نفسه ملك الملوك أو أشبه بإله. |
||||