هل سمعت عن طائرتين تقابلوا في الهواء
في الأول من يوليو عام 2002، وقع حادث جوّي مأساوي في جنوب ألمانيا قرب الحدود السويسرية، عرف باسم حادث أوبرلينجن. تصادم طائرة ركاب كانت تقل 52 طفلاً ومراهقًا في رحلة عطلة إلى إسبانيا، مع طائرة شحن من نوع بوينغ 757. كل من على متن الطائرتين، أي 71 شخصًا، قضوا في لحظات مأساوية.
أظهرت التحقيقات الألمانية أن السبب الرئيسي للحادث كان قصورًا شديدًا في إدارة مراقبة الحركة الجوية السويسرية. ففي ذلك اليوم، كان بيتر نيلسن (صورته على اليسار)، المراقب الجوي، وحده على العمل بسبب أخذ زميله استراحة، وكانت أنظمة الاتصال الرئيسية والاحتياطية معطلة، مما حال دون تحذير نيلسن من مركز المراقبة الألماني بشأن التصادم الوشيك. وبدلاً من اتباع نظام tcas الخاص بالطائرة الذي أصدر أمرًا بالصعود، أعطى نيلسن أمرًا بالهبوط للطائرة الروسية، لتصطدم مباشرة بطائرة الشحن التي كانت تتبع تعليماتها الخاصة.
لكن الحادث لم ينته بالموت الجماعي، فقد كانت هناك مأساة أخرى تنتظر بعد عامين.
فيتالي كالويف المهندس المعماري الروسي الذي فقد زوجته وطفليه في الكارثة، استولى عليه الحزن العميق ورغبة جامحة في البحث عن العدالة. غاضبًا من عدم معاقبة المسؤولين ومن تعامل السلطات مع القضية، سافر كالويف في 2004 إلى سويسرا لتعقب بيتر نيلسن في منزله بمدينة كلوتن قرب زيورخ.
حين واجه نيلسن، حاول كالويف أن يظهر له صور أسرته الميـتة، لكن نيلسن رد ببرود. اندلع صراع عنـيف، وفي لحظة مأساوية ومرعبة، طـعن كالويف نيلسن حتى الموت أمام زوجته وأطفاله. تم القبض على كالويف وأُدين بالسجن لمدة ثماني سنوات، لكنه خرج بعد حوالي عامين ونصف فقط. عند عودته إلى روسيا، استقبله بعض الناس كبطل، وتم تعيينه لاحقًا في منصب حكومي إقليمي.
لا تزال هذه القصة صادمة وغريبة، تجمع بين مأساة جماعية، فشل بشري وتقني، وحزن شخصي يتحول إلى انتقام. وهي اليوم تُدرس كواحدة من أبرز حالات التفاعل بين البشر والآلات، ومسؤولية المؤسسات، والحدود الأخلاقية للثأر الشخصي.