لعل اكثر امثلة السيد المسيح للتعبير عن العلاقة بين تقبل الغفران و منحه هو مثل " العبد الذي لا يغفر " و لن نستعرض هنا المثل بالتفصيل " يمكن الرجوع لنص المثل متي 18 " و سننتقل مباشرة الي الاستنتاجات .
كان العبد مدين لسيده بمبلغ خيالي (عشرة آلاف وزنة . الوزنة عند العبرانيين اثني عشر الف درهم ذهب ) و قدر ذكر السيد المسيح هذا الرقم اشاره لعجز و استحاله قيام العبد بسداده مهما اعطي من وقت , فهوه دين غير قابل للسداد .
لم يقم السيد باطلاق العبد و اسرته فقط و لكن ايضا اسقط عنه ذلك الدين العظيم . و من هنا نفهم ان الغفران لا يحدث بسبب استحقاق و لكنه عطية مجانية . اكرر الغفران ليس عن استحقاق لكنه عطية مجانية فما استحقه العبد هو البيع من اجل سداد ولو جزء من الدين الغير قابل للسداد و لكن الغفران هو عمل نعمة لا عمل استحقاق .
في الوقت الذي كان العبد يطالب فيه فقط بوقت ليسدد الدين ظانا انه قادر ان يوفيه . غير عالم عجزه فشل في ادراك النعمة و الفغران المجاني الممنوح له . فلو كان قد اردك مقدار الغفران الذي حصل عليه لكان من السهل عليه ان يغفر هو ايضا للعبد الاخر صديقه ( الدين الصغير جدا الذي لم يتجاوز مائة دينار ) و يسقط هو ايضا عنه دينه .
و هذا هو الخطأ الاكبر الذي نقع فيه جميعنا . اننا نعتقد ان بامكاننا سداد الدين و تصحيح اخطائنا و تعويض الاخرين عنها باعمالنا . غير مدركين ان الغفران هو عطية مجانية سواء في قبولنا له او في منحنا اياه . فما نستحقه حقا هو القصاص لكن ما نحصل عليه و نمنحه بالنعمة هو الغفران .
و لكن تبقي المشكلة قائمة لماذا نعجز عن منح الغفران للاخرين او تقبله منهم حتي مع معرفتنا انه عطية مجانية ؟