![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||
|
|||||||||
|
زوادة اليوم: الغزال المجروح ![]() في صباح هادئ غمره ضباب الغابة، سمعت "دون راسموسن" صوت بكاء غريب قادمًا من بين الأشجار الكثيفة خلف منزلها. لم يكن صوت طائر، ولا صوت حيوان مألوف... كان نحيبًا ضعيفًا. بخطوات مترددة، تبعت الصوت حتى عثرت على مشهد لم تنسه ما حَيِيَت: غزال صغير حديث الولادة، جسده يرتـجف من البرد والخوف، وعيناه تملؤهما الحيرة، يبحث عن أمه التي لم تعد. ​قبل أن تتمكن من الحركة أو النطق، اقترب منها الغزال بخطوات متعثرة، ووضع حافره الصغير برقة على قدم زوجها، كأنه يطلب المساعدة بقول صامت: “ساعداني، لا أملك أحدًا غيركما.” تجمد الزوجان من الدهشة للحظات، ثم حملته "دون" بين ذراعيها كأنه طفل ضائع، وقررت في تلك اللحظة أن تمنحه فرصة للحياة. أطلقت عليه اسم “ثور” — اسم القوة، رغم أنه كان أضعف المخلوقات التي رأتها يومًا. ​بناءً على مشورة الطبيب البيطري، أنشأت له دون حظيرة خشبية صغيرة قرب المنزل، وبدأت رحلة رعايته الشاقة. كانت تستيقظ كل بضع ساعات لإرضاعه بزجاجة الحليب، وتغطيه بالبطانيات في ليالي البرد القار*س. كانت تخاطبه، تغني له، وتطمئنه بصوتها الحنون حتى يهدأ وينام. يومًا بعد يوم، بدأ "ثور" يستعيد قوته المفقودة. تعلم الوقوف بثبات، ثم القفز، ومن ثم الركض حول الفناء بفرح طفولي خالص. ​مع مرور الوقت، قامت دون بتعليمه كيف يرعى ويعتمد على نفسه في الغابة، حتى أصبح مستعدًا للعودة إلى الحياة البرية. تركته ينضم إلى قطيع قريب، ودموعها تختلط بابتسامتها. ظنت حينها أنها فقدته للأبد… لكنه لم ينسها قط. ففي كل مرة كانت تناديه بصوتها، كان يظهر من بين الأشجار، يقترب منها بهدوء، يلمس يدها بأنفه اللطيف، ثم يختفي من جديد في أعماق الغابة. ​وذات يوم، عاد "ثور" وهو مصاب بجرحٍ في ساقه. لم تتردد لحظة، بل عالجته بعناية كما فعلت في المرة الأولى، وبقيت إلى جانبه حتى شُفي تمامًا. بعدها، نظر إليها نظرة طويلة كأنها كلمة شكر عميقة لا يمكن التعبير عنها، ثم انطلق يجري نحو الغابة، حرًا كما خُلق، ولكنه ترك وراءه حبًا لا يُنسى. ​ومنذ ذلك اليوم، كلما نظرت دون نحو حافة الغابة، ترى عينين مألوفتين تراقبانها بصمت من بعيد — تذكير دائم بأن الخير لا يُنسى أبدًا، وأن الرحمة لا تحتاج لغة منطوقة، بل تحتاج قلبًا صادقًا يمنحها. في الختام، أعمق الروابط أحيانًا لا تُبنى بالكلام المنمق، بل بالفعل الصادق؛ فالحب الحقيقي لا يملك، ولا يُقيّد… إنه يحرّر من الأسر — ويعود دومًا إلى من منحه الأمان أول مرة. والله معكن. |
| أدوات الموضوع | |
| انواع عرض الموضوع | |
|