![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() وأخَذَ النَّهارُ يَميل، فدَنا إِلَيهِ الِاثنا عَشَر وقالوا لَه: ((اِصرِفِ الجَمعَ لِيَذهَبوا إلى القُرى والمَزارِعِ المُجاوِرَة، فيَبيتوا فيها ويَجِدوا لَهم طَعاماً، لِأَنَّنا هُنا في مَكانٍ قَفْر)) تَشِيرُ عِبَارَةُ "أَخَذَ النَّهَارُ يَمِيلُ" إِلَى الْمَسَاءِ، وَلَيْسَ إِلَى الْعَصْرِ (متى 14:15). وَالْمَسَاءُ فِي الرُّمُوزِ الْكِتَابِيَّةِ يُشِيرُ إِلَى مَا يُوَاجِهُهُ الْعَالَمُ مِنْ ضِيقَاتٍ وَجُوعٍ نَفْسِيٍّ وَرُوحِيٍّ قَبْلَ مَجِيءِ الْمَسِيحِ. لَكِنَّ الْمَسِيحَ جَاءَ لِيُقَدِّمَ لِلْعَالَمِ الشِّبَعَ الرُّوحِيَّ وَالْجَسَدِيَّ، مُقَدِّمًا جَسَدَهُ طَعَامًا، كَمَا قَالَ فِي الْعَشَاءِ الأَخِيرِ:"خُذُوا فَكُلُوا، هٰذَا هُوَ جَسَدِي" (متى 26:26). أَمَّا عِبَارَةُ "اِصْرِفِ الْجَمْعَ"، فَفِي الأَصْلِ اليُونَانِيِّ: Ἀπόλυσον، وَمَعْنَاهَا: حَلُّ الرِّبَاطِ الَّذِي يَجْمَعُهُمْ (مَتَّى ١٨: ٢٧)، وَكَأَنَّ الْخِيَارَ الْوَحِيدَ هُوَ: حَلُّ الرِّبَاطِ، وَنَقْضُ الْعَهْدِ، وَالِاعْتِرَافُ بِالْعَجْزِ عَنْ مَنْحِ الْحَيَاةِ لِلْجَمِيعِ. وَ"حَلُّ الرِّبَاطِ" تُعَبِّرُ بِشَكْلٍ رَمْزِيٍّ عَنِ الِانْفِصَالِ الرُّوحِيِّ وَالْوُجُودِيِّ، وَهُوَ مَا يَتَنَاقَضُ مَعَ دَعْوَةِ يَسُوعَ إِلَى الْبَقَاءِ مَعًا، وَالشَّرَاكَةِ فِي الْخُبْزِ وَالْحَيَاةِ. يُشِيرُ رد فعل التلاميذ ِإلَى عَاطِفَةِ التَّلَامِيذِ الْبَشَرِيَّةِ، وَغِيَابُ رُّؤْيَتهم الإِيمَانِيَّةِ ومَنْطِقَهم الْبَشَريِ، وَإِلَى حِسَابَاتِهِمُ الْعَقْلِيَّةِ فِي طَلَبِهِمْ مِنَ الْمَسِيحِ أَنْ يَصْرِفَ الْجُمُوعَ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ الظَّلَامُ. إِذْ ظَنُّوا أَنَّ الْأَمْرَ يَحْتَاجُ إِلَى مَالٍ كَثِيرٍ لِشِرَاءِ طَعَامٍ لِهٰذَا الْجَمْعِ، فَكَانَ الحَلُّ الْوَحِيدُ فِي نَظَرِهِمْ هُوَ صَرْفُ الْجَمْعِ لِيُدَبِّرَ كُلُّ وَاحِدٍ أَمْرَهُ. فَفَضَّلُوا تَجَنُّبَ الْمَسْؤُولِيَّةِ عَلَى أَنْ يَأْخُذُوهَا عَلَى عَاتِقِهِمْ. وَفِي الْحَقِيقَةِ، فَإِنَّ خَوَاطِرَهُمْ لَمْ تَكُنْ خَاطِئَةً بِذَاتِهَا، وَلٰكِنَّهَا لَيْسَتْ خَوَاطِرَ يَسُوعَ الْمُسْتَوْحَاةَ مِنِ اتِّحَادِهِ مَعَ الآبِ، وَمِنْ رَحْمَتِهِ وَرَأْفَتِهِ تُجَاهَ الْجَمِيعِ. وَيُعَلِّقُ القِدِّيسُ أَمْبْرُوسْيُوس قَائِلًا "لَمْ يَكُنِ التَّلَامِيذُ بَعْدُ قَدْ فَهِمُوا أَنَّ غِذَاءَ الْمُؤْمِنِينَ لَا يُبَاعُ، أَمَّا الْمَسِيحُ فَيَعْلَمُ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُتِمَّمَ لَنَا الْفِدَاءَ، وَأَنَّ وَلِيمَتَهُ مَجَّانِيَّةٌ." |
![]() |
| أدوات الموضوع | |
| انواع عرض الموضوع | |
|