فَالآنَ إِنْ كُنْتُمْ قَدْ عَمِلْتُمْ بِالْحَقِّ وَالصِّحَّةِ إِذْ جَعَلْتُمْ أَبِيمَالِكَ مَلِكًا، وَإِنْ كُنْتُمْ قَدْ فَعَلْتُمْ خَيْرًا مَعَ يَرُبَّعْلَ وَمَعَ بَيْتِهِ، وَإِنْ كُنْتُمْ قَدْ فَعَلْتُمْ لَهُ حَسَبَ عَمَلِ يَدَيْهِ، 17 لأَنَّ أَبِي قَدْ حَارَبَ عَنْكُمْ وَخَاطَرَ بِنَفْسِهِ وَأَنْقَذَكُمْ مِنْ يَدِ مِدْيَانَ. 18 وَأَنْتُمْ قَدْ قُمْتُمُ الْيَوْمَ عَلَى بَيْتِ أَبِي وَقَتَلْتُمْ بَنِيهِ، سَبْعِينَ رَجُلًا عَلَى حَجَرٍ وَاحِدٍ، وَمَلَّكْتُمْ أَبِيمَالِكَ ابْنَ أَمَتِهِ عَلَى أَهْلِ شَكِيمَ لأَنَّهُ أَخُوكُمْ. 19 فَإِنْ كُنْتُمْ قَدْ عَمِلْتُمْ بِالْحَقِّ وَالصِّحَّةِ مَعَ يَرُبَّعْلَ وَمَعَ بَيْتِهِ فِي هذَا الْيَوْمِ، فَافْرَحُوا أَنْتُمْ بِأَبِيمَالِكَ، وَلِيَفْرَحْ هُوَ أَيْضًا بِكُمْ. 20 وَإِلأَّ فَتَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَبِيمَالِكَ وَتَأْكُلَ أَهْلَ شَكِيمَ وَسُكَّانَ الْقَلْعَةِ، وَتَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أَهْلِ شَكِيمَ وَمِنْ سُكَّانِ الْقَلْعَةِ وَتَأْكُلَ أَبِيمَالِكَ». 21 ثُمَّ هَرَبَ يُوثَامُ وَفَرَّ وَذَهَبَ إِلَى بِئْرَ، وَأَقَامَ هُنَاكَ مِنْ وَجْهِ أَبِيمَالِكَ أَخِيهِ.
قال يوثام "مرة ذهبت الأشجار لتمسح عليها ملكًا" [8]. إنها قصة خيالية يظهر فيها الأشجار تتحرك معًا، وتفكر وتطلب أن تقيم لها ملكًا، وهو بهذا يجتذبهم للاستماع خلال التمثيل الخيالي، ومن ناحية أخرى يستطيع أن يعلن ما في داخله من مرارة نفس دون تجريح بأسماء معينة.
"فقالت للزيتونة: أملكي علينا. فقالت لها الزيتونة: أأترك دهني الذي به يكرمون بيّ الله والناس وأذهب لكيّ أملك على الأشجار؟!" [8-9]. ما هذه الزيتونة إلاَّ الكنيسة الحية أو بمعنى أدق المؤمن المرتبط بالكنيسة والمغروس فيها كزيتونة خضراء، وكما يقول المرتل: "أما أنا فمثل زيتونة خضراء في بيت الله" (مز 52: 8)، ويقول النبي: "زيتونة خضراء ذات ثمر جميل الصورة دعا الرب اسمكِ" (إر 11: 16).
فالمؤمن المثمر بالروح إذ هو ممتلئ في الداخل لا يسعى نحو السلطة، وحتى حينما يُطلب ليملك يشتهي إن أمكن أن يخدم الله والناس بزيت النعمة الداخلي ولا ينشغل بالمظاهر الخارجية مهما تكن كرامتها. إنه يقول مع الزيتونة صاحبة الثمر: "أأترك دهني (زيت الزيتون) الذي به يكرمون بيّ الله والناس وأذهب لأملك على الأشجار؟!". فما يبهج قلبها أن تقدم زيتها في المنارة الذهبية لتحترق أمام مذبح الله، وتهب بزيتها شفاءً للناس (يستخدم كدواء) وشبعًا لهم (يستخدم في الطعام)، يُستهلك زيتها في بيت الله وفي حياة الناس أفضل من أن تنشغل بكرامات بين إخوتها الأشجار.
"ثم قالت الأشجار للتينة تعالي أنت أملكي علينا. فقالت لها التينة: أأترك حلاوتي وثمري الطيب لكي أملك على الأشجار؟!" [10-11]. التينة أيضًا كالزيتونة تُشير إلى الكنيسة الحية التي تضم أعضاءها في داخلها كالبذر الرفيع تحتضنه بغلاف روح الحب والوحدة الحلو